علل الحديث لابن أبي حاتم
عِلَلُ (1) أَخْبَارٍ رُوِيَتْ (2) فِي دَلاَلاَتِ النُّبُوَّةِ
2682 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يعقوبُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثير، عَنِ ابْنِ حَلْحَلة (4) ، عن طلحة ابن عُبَيدالله (5) بْنِ كَرِيز: أَنَّهُ سَمِعَ أمَّ سَلَمة تَقُولُ: إنَّا لنَجِدُ صفةَ رسول الله (ص) فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: اسمُهُ المُتَوَكِّلُ، لَيْس بِفَظٍّ، وَلا غَليظٍ، وَلا سَخَّابٍ بالأَسواق، وَلا يأخُذُ بِالسَّيِّئَةِ إِذا سَمِعَها، ولَكِنْ يُطْفيهَا، بعَثْتُهُ (6) أَعطَيتُهُ مَفَاتيحَ ليَفتَحَ عُيونًا عُورًا، وليُسْمِعَ آذَانًا وُقْرًا، وليُحْيِيَ قُلوبًا غُلْفًا، ولِيُقيمَ أَلْسِنَةً مُعْوَجَّةً (7) ، حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ عِنْدي غيرُ مَحْفُوظٍ، وَلا أَحسَبُ سَمِعَ طَلْحَةُ مِنْ أُمِّ سَلَمة، ويشبهُ أَنْ يكونَ هَذَا مِنْ كَلامِ كَعْب (8) .
_________
(1) المثبت من (ف) و (ك) ، وفي بقية النسخ: «باب علل» .
(2) في (ت) : «الأخبار المروية» .
(3) روايته أخرجها الحربي في "غريب الحديث" (3/1132) .
(4) هو: محمد بن عمرو.
(5) في (ف) : «عبيد» بدل: «عبيد الله» .
(6) كذا في (ف) و (ك) ، ولم تنقط في (أ) و (ش) ، ولم تتضح في (ت) .
(7) في (ك) : «معرجة» .
(8) يعني: كعب الأحبار. وحديثه أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/360) ، والإمام أحمد في "المسند" (2/174 رقم 6622) ، والدارمي في "مسنده" (5-8) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/376 و377) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/174 رقم 6622) ، والبخاري في "صحيحه" (2125 و4838) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(6/476)
2683- وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ محمَّد بْنُ الْقَاسِمِ الأَسَدي (2) ، عَنْ شُعبة، عن عبد العزيز (3) بْنِ صُهَيب، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ص) جُمَّةٌ (4) جَعْدَةٌ (5) ؟
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، لَمْ يَرْوِهِ غيرُ محمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ (6) .
2684 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو كُدَيْنَة (7) ،
وعِمرانُ بنُ عُيَينة، وشُعَيب بْنُ صَفْوان، عَنْ عَطاء بْنِ السَّائب، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ جدِّه؛ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النبيِّ (ص) ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ شَيْءٍ لا يعلمُه إِلا نبيٌّ؛ أَخْبِرْنِي عَنْ ماءِ الرَّجُل، وماءِ الْمَرْأَةِ ... ، وَذَكَرَ الحديثَ؟
_________
(1) هذه المسألة بتمامها سقطت من (أ) و (ش) .
(2) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (2390/كشف الأستار) ، والبغوي في "الجعديات" (1440) ، والطبراني في "الأوسط" (2/344 و2177) ، وابن عدي في "الكامل" (6/249) .
(3) في (ف) : «عبد الله» .
(4) الجُمَّةُ: ما سقَط من شعر الرأس على المَنْكِبَين. انظر "النهاية" (1/300) .
(5) الشَّعرُ الجَعْدُ: خِلافُ المُستَرسِل، أي: الذي فيه التِواءٌ وتقَبُّض. انظر "المصباح المنير" (ج ع د 1/102) .
(6) قال البزار في الموضع السابق: «تفرَّد به محمد بن القاسم، وقد حدَّث بأحاديثَ لم يُتابع عليها» .
وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ شعبة إلا محمد بن القاسم» .
وقال ابن عدي: «لا أعلم يرويه عن شعبة بهذا الإسناد غير محمد» .
ومحمد بن القاسم كذَّاب؛ كذبه الإمام أحمد والدارقطني. انظر "ميزان الاعتدال" (4/11 رقم 8066) .
(7) هو: يحيى بن المهلب. وروايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (1/465 رقم 4438) ، والبزار في "مسنده" (2000) ، والنسائي في "الكبرى" (9075) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/1628-1629 رقم 1072) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10/172 رقم 10360) من طريق حمزة الزيات، عن عطاء بن السائب، به.
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الله إلا عطاء بن السائب، ولا نحفظ أن أحدًا رواه عن عطاء إلا أبو كُدَينة» .
(6/477)
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة، عن عَطاء ابن السَّائب، عَنِ الْقَاسِمِ؛ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إلى النبيِّ (ص) .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما أصحُّ؛ مِنْ حديث عَطاء ابن السَّائب؟
قَالَ: اتَّفقَ ثلاثةُ أنفُسٍ (1) عَلَى التَّوصيل (2) .
2685 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وَذَكَرَ حَدِيثًا حدَّثنا بِهِ عَنْ محمَّد بن عبد الله بْنِ نُمَير (3) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكير، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (4) ، عَنْ أَبِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسار؛ قَالَ: حدَّثني رجلٌ مِنْ بَنِي مازِن، عَنْ أَبِي واقِدٍ اللَّيثي؛ قَالَ: إِنِّي لأَتْبَعُ يَوْمَ بَدْر رَجُلا من المشركين لأضربَه (5) ،
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «ثلاثُ أنفُسٍ» ؛ لأن «النفس» مؤنَّثة، والعدد هنا يخالف المعدود في نوعه، ولكن يخرَّج ما في النسخ على الحمل على المعنى بتذكير المؤنث، كأنه قال: «ثلاثة أشخاص» ، أو «ثلاثة رواةٍ ذكور» ونحو ذلك. وانظر التعليق على المسألة رقم (270) ، و"الإنصاف" لابن الأنباري (2/771) .
(2) قوله: «التوصيل» مصدرُ «وصَّل الحديثَ يوصِّله» ، وهو في معنى: الوَصْل. انظر التعليق على ذلك في المسألة رقم (163) .
(3) في (ف) : «عن محمد بن محمد بن عبد الله بن نمير» . ورواية محمد بن عبد الله بن نمير لم نقف عليها، وقد أخرج الحديثَ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (67/277) من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، به.
(4) هو: محمد.
(5) في (ت) و (ف) و (ك) : «لأضرب» .
(6/478)
فَوَقَعَ (1) رأسُه قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي، فعرفتُ أنَّ غَيْرِي قَتَلَهُ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا عِنْدِي خطأٌ؛ والصَّحيحُ مَا حدَّثنا يوسفُ بنُ بُهْلول، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ (2) ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ بَنِي مازِن، عَنْ أَبِي دَاوُدَ المازِني - وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا - قَالَ: إِنِّي (3) لأتبعُ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ...
قَالَ (4) : وحدَّثنا عبد الرحيم بْنُ مُطَرِّف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَزِيع، عَنْ محمَّد بْنِ (5) إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رجالٍ مِنْ بَنِي مازِنٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ المازِني (6) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ: «أَبِي (7) دَاوُدَ المازِني» ، وَالَّذِي قَالَ:
_________
(1) في (ك) : «فرفع» .
(2) هو: عبد الله.
(3) في (ك) : «أبي» .
(4) أي: أبو زرعة.
(5) قوله: «محمد بن» مكرر في (أ) .
(6) الحديث أخرجه ابن هشام في "السيرة" (2/633) من طريق زياد بن البكاء، والإمام أحمد في "المسند" (5/450 رقم 23778) ، والدولابي في "الكنى" (1/69) من طريق يزيد، وابن جرير في "تفسيره" (7/175-176) من طريق سلمة بن الفضل، ثلاثتهم عن محمد ابن إسحاق، به.
وأخرجه الإمام أحمد (5/450 رقم 23778) من طريق يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن إسحاق، عن أبيه قال: قال أبو داود.
(7) كذا في جميع النسخ، وكأنَّه غيَّرها في (ت) إلى «أبو» ، لكن يخرَّج ما في النسخ على وجهين: الأوَّل: على تقدير حرف الجرِّ «عن» ، أي: عن أبي داود، لكن حُذِفَ الحرفُ وبقي الاسم مجرورًا، وقد علَّقنا على ذلك في المسألة رقم (440) .
والثاني: على حكاية اللفظ المتقدم في الإسناد السابق. وانظر لـ «الحكاية» التعليق على المسألة رقم (22) .
(6/479)
«عَنْ أَبِي واقِد» فقد أخطأ.
2686 - وسمعتُ أَبِي (1) وَذَكَرَ حديثَ أُمِّ مَعْبَد - فِي الصِّفَةِ (2) - الَّذِي رَوَاهُ بِشْر بْنُ محمَّد السُّكَّرِي (3) ، عَنْ عبد الملك بْنِ وَهْب المَذْحِجي، عَنِ الحُرِّ بن (4) الصَّيَّاح (5) .
فَقَالَ: قِيلَ لِي (6) : إنَّه يُشْبِهُ أَنْ يكونَ مِنْ حَدِيثِ سُلَيمان بْنِ عَمْرٍو النَّخَعي؛ لأَنَّ سُلَيمان ابن عمرو هو: ابن (7) عبد الله بْنِ وَهْب النَّخَعي، فتُركَ «سُلَيمان» ، وجُعِلَ «عبد الملك» ؛ لأنَّ (8) الناسَ كلَّهم عَبيدُ اللهِ، ونُسِبَ إِلَى جدِّه وَهْب، والْمَذْحِجُ (9) قبيلةٌ من نَخَع.
_________
(1) في (ت) و (ك) : «قال أبو زرعة: سمعت أبي» .
(2) أي: صفة النبيِّ (ص) ؛ فقد أخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/230-231) ، عن أم معبد أنها وصفت النبي (ص) لزوجها، فقالت: «رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، متبلِّج الوجه، حسَنَ الخَلْق، لم تَعِبْهُ ثُجْلَة، ولم تُزرِبه صَلْعة، وَسِيم قَسيم، في عينيه دَعج ... » الحديث.
(3) روايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (1/230) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2/84) ، وابن عدي في "الكامل" (2/18) ، والحاكم في "المستدرك" = = (3/11) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/3019 رقم 7001) .
(4) في (ف) : «الحرير بن» دون نقط الباء.
(5) في (أ) و (ش) و (ف) و (ك) : «الصباح» بالباء الموحَّدة، ولم تنقط في (ت) ، والمثبت من "الجرح والتعديل" (3/277 رقم1236) ، و"توضيح المشتبه" (5/399) .
(6) قوله: «لي» ليس في (ف) .
(7) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(8) في (ك) : «لا» بدل: «لأن» .
(9) في (أ) : «والمرحج» بالراء.
(6/480)
قَالَ أَبِي: يَحتمِلُ أَنْ يكونَ هكذا؛ لأن الحُرَّ بن الصَّيَّاح (1) ثِقَةٌ (2) ، رَوَى عَنْهُ شُعبة، والثَّوري، والحسن بن عُبَيدالله النَّخَعي، وشَريك، فَلَوْ أنَّ هَذَا الحديثَ عَنِ الحُرِّ؛ كَانَ أولَ مَا يُسأل عَنْهُ؛ فَأَيْنَ كَانَ هَؤُلاءِ الحفَّاظ عَنْهُ (3) ؟!!
2687 - وسمعتُ أَبِي ح ذَكَرَ (4) حَدِيثًا رَوَاهُ ابْنُ فُضَيل (5) ، عَنْ أَبِي حيَّان (6) ، عَنْ عَطاء (7) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: كُنَّا مع النبيِّ (ص) فِي سَفَر، فَأَقْبَلَ أعرابيٌّ، فَقَالَ له النبيُّ (ص) : هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ مِنَ
_________
(1) في (أ) و (ش) و (ك) : «الصباح» ، ولم تنقط في (ت) ، والمثبت من (ف) ، وانظر التعليق أول المسألة.
(2) قال ابن حجر في "الإصابة" (3/37 رقم1360) : «الحُرُّ الخَثْعَمي: تابعيٌّ أرسل حديثًا، فذكره بعضُهم في الصَّحابة؛ أخرجه البَلاذُري من طريق عبد الملك بن وَهْب، عن الحُرِّ الخَثْعَمي: أن النبي (ص) لما خرج مهاجرًا؛ مرَّ بامرأة يقال لها: عاتِكَة بنت خالد، وهي أم معبد ... ، فذكر حديثها» . اهـ.
(3) وذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/373 رقم1744) عن أبيه أنه قال: قال بعضُ أصحابنا: إن عبد الملك بن وَهْب هذا معمول [كذا] ! عن اسمه، وهو سليمان بن عمرو بن عبد الله بن وَهْب النخعي؛ نَسَبَهُ إلى جدِّه وَهْب، وسَمَّاه عبد الملك، والناس مُعَبَّدون: عَبِيد الله» . وانظر"الجرح والتعديل" أيضًا (2/349-350 رقم1327) .
(4) في (ف) : «وسمعت أبي وذكر» .
(5) هو: محمد. وروايته أخرجها الدارمي في "مسنده" (16) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (4/29 رقم 2328) ، والبزار في "مسنده" (2411/كشف الأستار) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5662) ، وابن حبان في "صحيحه" (6505) ، والطبراني في "الكبير" (12/330 رقم 13582) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/14-15) .
(6) هو: يحيى بن سعيد بن حيَّان.
(7) هو: ابن أبي رَباح.
(6/481)
الذَّهَابِ (1) ؟ ، قَالَ: نَعَمْ؛ قَالَ: تَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَنِّي رَسُولُ اللهِ، قَالَ الأَعْرَابِيُّ: فمَن يشهدُ لَكَ؟ قَالَ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتي عَلَى دَارِي ... ، الْحَدِيثَ.
قَالَ أَبِي: وَقَدْ (2) حدَّثنا عليٌّ الطَّنافِسي (3) ، وعبد المؤمن بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ فُضَيل هَكَذَا، وَأَنَا أنكرُ هَذَا؛ لأنَّ أَبَا حيَّان (4) لَمْ يَسمَع مِنْ عَطاء، وَلَمْ يَروِ عَنْهُ، وَلَيْسَ هَذَا الحديثُ مِنْ حَدِيثِ عَطاء (5) .
قلتُ: مَنْ تَرَاهُ؟
قَالَ: بِحَدِيثِ أبي جَنابٍ (6) أشبهُ.
2688 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ (7) حمَّاد بْنُ سَلَمة، عن ثابتٍ (8) ، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى: أنَّ أَبَا طلحة صنع
_________
(1) يعني: خير من الذهاب إلى أهله؛ كما في مصادر التخريج، ولفظه: كنا مع النبيِّ (ص) في سفر، فأقبل أعرابيٌّ، فلما دنا منه؛ قال رسول الله (ص) : «أينَ تريدُ؟» ، قال: إلى أهلي؛ قال: «هل لك إلى خَيرٍ؟» ... إلخ.
(2) قوله: «قد» سقط من (ش) .
(3) هو: علي بن محمد.
(4) في (ف) : «حبان» بالموحَّدة.
(5) قال البزار في الموضع السابق: «لا نعلم رواه عن ابن عمر بهذا اللفظ وهذا الإسناد إلا محمد بن فضيل، ولا نعلم أسند أبو حيان عن عطاء إلا هذا الحديث» .
وقال الدارقطني في "الأفراد" (182/أ/أطراف الغرائب) : «تفرَّد به محمد بن فضيل، عن أبي حيان التيمي يحيى بن سعيد بن حيان، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَباح، عنه» .
(6) في (ت) و (ش) و (ف) و (ك) : «أبي جناد» ، والمثبت من (أ) ، وأبو جَنابٍ هذا هو: يحيى بن أبي حَيَّة. انظر "تهذيب الكمال" (31/284-285) .
(7) قوله: «رواه» ليس في (ف) .
(8) هو: ابن أسلم البُناني.
(6/482)
طَعَامًا ... ، وَذَكَرَ القصَّةَ.
قلتُ: وَرَوَاهُ مُبارَكُ بْن فَضالَة (1) ، عَن ثابت، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ أَبَا طَلْحَةَ ... ؟
قَالَ أَبِي: ثابتٌ لا يَقُولُ فِي هَذَا: عَنْ أَنَسٍ. وَرَوَاهُ عبدُالملك بنُ عُمَير (2) ، وحُصَين (3) ؛ فَقَالا: عَنْ عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَنَسٍ ... ، القصَّة.
قال أبي: وعبد الملك وحُصَين أعلمُ بعبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ ثَابِتٍ؛ زادَ (4) رجلا (5) .
2689 - وسألتُ (6) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ جَرير بْنُ حَازِمٍ (7) ، عَنْ قَتادة، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كَانَ ضَخمَ الكَفَّين والقَدَمين؟
_________
(1) روايته أخرجها أبو بكر الفريابي في "دلائل النبوة" (11) ، وأبو يعلى في "مسنده" (4151) من طريق المبارك بن فضالة، عن بكر بن عبد الله وثابت، عن أنس.
ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5285) .
(2) روايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (2040) .
(3) هو: ابن عبد الرحمن السُّلَمي.
(4) كذا في جميع النسخ: «زاد» ، والفاعل: عبد الملك وحصين، فالجادة أن يقول: «زادا» بألف المثنى، ويخرَّج ما في النسخ على أنه من باب إنابة الحركة عن الحرف، أي: نابت فتحةُ الدال عن ألف الاثنين. وانظر في الاجتزاء بالحركات عن الحروف في التعليق على المسألة رقم (679) .
(5) وقد أخرجه البخاري في"صحيحه" (422) ، ومسلم (2040) من طرق أخرى عن أنس.
(6) نقل ابن حجر في "النكت الظراف" (1/302 رقم 1149) بعضَ هذه المسألة بتصرف.
(7) سيأتي تخريج روايته آخر المسألة.
(6/483)
فَقَالَ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ على مَا رَوَاهُ همَّام (1) ، عَنْ قَتادة، عَنْ رجُل حدَّثه، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ (ص) (2) .
_________
(1) هو: ابن يحيى. وسيأتي تخريج روايته.
(2) هذا الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" من هذين الوجهين، فأخرجه أولاً (5906 و5907) من طريق جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عن أنس، ثم أخرجه (5908 و5909) من طريق معاذ بن هانئ، عن هَمَّام بْن يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عن أنس، أو عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثم علَّقه البخاري عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَن أنس، ثم قال: «وقال أبو هلال: حدثنا قتادة، عن أنس، أو جابر بن عبد الله ... » ، فذكره.
وذكر ابن حجر في "فتح الباري" (10/358-359) طريق همام التي فيها زيادة: أو عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ» ، ثم قال: «وهذه الزيادة لا تأثير لها في صحَّة الحديث؛ لأن الذين جزموا بكون الحديث عن قتادة عن أنس أضبطُ وأتقنُ من معاذ بن هانئ، وهم: حبان ابن هلال، وموسى بن إسماعيل كما هنا، وكذا جرير ابن حازم كما مضى، ومعمر كما سيأتي حيثُ جزما به عن قتادة عن أنس، ويحتمل أن يكونَ عند قتادة من الوجهين، والرجل المبهم يحتمل أن يكونَ هو سعيد بن المسيب، فقد أخرج ابن سعد من روايته عن أبي هريرة نحوه، وقتادة معروف بالرواية عن سعيد بن المسيب، وجوَّز الكرماني أن يكونَ الحديث من مسند أبي هريرة، وإنما وقع التردُّد في الراوي؛ هل هو أنس أو رجل مبهم؟ ثم رجَّح كون التردُّد في كونه من مسند أنس أو من مسند أبي هريرة بأن أنسًا خادم النبي (ص) وهو أعرف بوصفه من غيره، فبَعُدَ أن يروي عن رجل عن صحابي آخرَ هو أقل ملازمة له منه. اهـ. وكلامه الأخيرُ لا يحتمله السياق أصلاً؛ وإنما الاحتمالُ البعيد ما ذكره أولاً، والحق: أن التردُّد فيه من معاذ بن هانئ؛ هل حدثه به همام عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أو: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَن أبي هريرة، وبهذا جزم أبو مسعود، والحميدي، والمزي، وغيرهم من الحفاظ» . ثم أعلَّ ابن حجر مخالفةَ أبي هلال، فقال: «وأبو هلال اسمه: محمد بن سليم الرَّاسبي - بكسر المهملة والموحّدة -، بصري صدوق، وقد [ضُعِّف] من قِبَل حفظه، فلا تأثير لشكِّه أيضًا، وقد بيَّنَت إحدى روايات جرير بن حازم صحَّة الحديث بتصريح قتادة بسماعه له من أنس، = = وكأن المصنف أراد بسياق هذه الطرق بيان الاختلاف فيه على قتادة، وأنه لا تأثير له، ولا يقدح في صحة الحديث» . اهـ.
(6/484)
2690 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إبراهيمُ بنُ محمَّد الفِرْيابي (1) ، عَنْ محمَّد بن عبد الرحمن - مِنْ (2) وَلَدِ شدَّاد بْنِ أَوْس- عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّه شدَّادِ بنِ أَوْس؛ قَالَ: لمَّا دَنَت وفاةُ رسول الله (ص) ؛ قَامَ شدَّاد بْنُ أَوْس (3) ، ثُمَّ جلَسَ، فَقَالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ (ص) : مَا تَلَقَّاكَ (4) يَا شدَّادُ؟ ، فقال (5) : يَا رسولَ اللَّهِ (6) ، ضَاقَتْ بِيَ الأرضُ، قَالَ: لا، إِنَّ الشَّامَ سَتُفْتَحُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وبَيْتُ المَقْدِسِ سَتُفْتَحُ (7) إِنْ شَاءَ اللهُ، وتَكُونُ أَنْتَ ووَلَدُكَ ... (8) كَذَا، وَذَكَرَ الحديثَ؟
_________
(1) روايته أخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (22/408) ، والضياء المقدسي في "فضائل بيت المقدس" (39) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7/289 رقم 7162) من طريق مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن وارَة، عن محمد ابن عبد الرحمن بن شداد بن محمد بن شداد قال: سمعت أبي يذكر عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه، عَنِ شدَّاد بن أوس. كذا جاء عند الطبراني وأخرجه من طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (22/408-409) بالإسناد نفسه.
(2) قوله: «من» سقط من (ك) .
(3) من قوله: «قال: لما دنت ... » إلى هنا سقط من (ك) ؛ لانتقال النظر.
(4) كذا في جميع النسخ: «ما تلقاك» ، غير أنَّ التاءَ لم تنقَط في (ف) . وفي "تاريخ دمشق" و"فضائل بيت المقدس": «ما قَلَّقَكَ» ، وفي"معجم الطبراني": «ما لَكَ» .
(5) في (ف) : «قال» .
(6) كأن ناسخ (ف) ضبَّب على قوله: «يا رسول الله» .
(7) كذا في (ت) ، وفي (ك) : «سيفتح» بالمثناة التحتية، وهو الجادَّة، ولم تنقط في بقية النسخ، ويخرَّج ما أثبتناه على أنه حمل «بيت المقدس» على معنى «بقعة بيت المقدس» فأنث، وانظر في ذلك التعليق على المسألة (81) ، أو على تقدير مضاف؛ أي: ومدينة بيت المقدس ستفتح. وانظر في ذلك التعليق على المسألة رقم (2) .
(8) تَتمَّةُ الحديث: «وتَكُونُ أنتَ ووَلَدُكَ من بعدِكَ أئمةً بها إنْ شاءَ الله» .
(6/485)
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، ومحمد بن عبد الرحمن وَأَبُوهُ لا يُعرَفان.
2691 - وسمعتُ أَبِي وحدَّثنا عَنْ أَبِي عُمَير بْنِ النَّحَّاس (1) ، عَنْ أيُّوب بْنِ سُويد، عَنْ سُفْيَانَ (2) ، عَنِ ابْنِ المُنكَدِر (3) ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: مَا رأيتُ أَحَدًا أحسنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِي حُلَّةٍ حَمراءَ.
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا يَرْوِيهِ الثَّوري (4) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (5) ، عَنِ الْبَرَاءِ (6) .
2692 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الزُّبَيدي (7) ، عَنِ الزُّهري،
_________
(1) هو: عيسى بن محمد. وروايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (1/210-211 رقم 680) ، وابن عدي في "الكامل" (1/362) .
(2) في (ك) : «عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ سويد عن سفيان» ، وسفيان هو: الثوري.
(3) هو: محمد.
(4) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (4/290 و300 رقم 18558 و18666) ، ومسلم في "صحيحه" (2337) . وأخرجه أحمد (4/281 و295 و303 رقم 18473 و18613 و18700) ، والبخاري في "صحيحه" (3551 و5848 و5901) ، ومسلم (2337) من طرق عن أبي إسحاق، به.
(5) هو: عمرو بن عبد الله السبيعي.
(6) قال ابن عدي في الموضع السابق: «وهذا الحديث أخطأ أيوب بن سويد على الثوري، حيث قال: عن محمد بن المنكدر، وإنما رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أبي إسحاق، عن البراء» .
(7) هو: محمد بن الوليد. وروايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (1/124) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/361-362) ، والنسائي في "الكبرى" (6743) ، وابن صاعد في "زوائده على الزهد لابن المبارك" (766) ، والطبراني في "الكبير" (10/288 رقم 10686) . ووقع في إسناد الطبراني: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. ومن طريق الفسوي أخرجه البيهقي في "الكبرى" (7/49) ، ومن طريق ابن صاعد أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/71) ، ومن طريق الطبراني أخرجه المزي في "تهذيب الكمال" (25/491) .
(6/486)
عن محمَّد بن عبد الله بْن عباس (1) ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قال: أتى النبيَّ (ص) مَلَكٌ فخيَّره؛ فَقَالَ: إِنْ شئتَ نَبِيًّا مَلِكًا، وَإِنْ شئتَ نَبِيًّا (2) عَبْدًا ... الْحَدِيثَ.
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عيَّاش، عَنْ مُبَشِّر، عَنِ الزُّهري، عَنِ ابن عباس، عن النبيِّ (ص) .
قلتُ لأبي: المتصلُ محفوظٌ (3) ؟
_________
(1) ذكر المزي في "تحفة الأشراف" (5/232 رقم 6441) أن أبا القاسم ابن عساكر ذكر هذا الحديث في ترجمة = = محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن جده. وأنه قال في آخره: «كذا قال: "محمد بن عبد الله " وإنما هُوَ: " مُحَمَّدُ بْنُ عَليّ بْن عبد الله "» ، ثم تعقب المزيُّ ابن عساكر بقوله: «كذا قال أبو القاسم! والصَّواب: "محمد بن عبد الله" كما جاء في الرواية، وكذلك ذكره البخاري في "التاريخ" فيمن اسمه: "محمد بن عبد الله"، وروى حديثه هذا عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ بقية، وكذلك ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فيمن اسمه "محمد بن عبد الله"» .
وتعقب ابنُ حجر في "النكت الظراف" (5/232) المزيَّ بقوله: «ذكره الذهلي في "علل حديث الزهري" عن يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ بقية؛ في ترجمة محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ووقع في السند: «محمد بن عبد الله بن عباس» ، فالذهلي سلف ابن عساكر في دعوى أن «عليًّا» سقط بين محمد وعبد الله. وذكر شيخي [يعني: العراقي] في "شرح الترمذي" أن أبا الشيخ أخرجه من الوجه الذي أخرجه منه النسائي فوقع عنده في السَّند: «محمد بن علي بن عبد الله بن عباس» . وكذلك رُوِّيناه في "فوائد أبي محمد بن صاعد" من طريق عبد الله بن سالم، عن الزبيدي» . اهـ كلام الحافظ ابن حجر، وفيما ذكره عن ابن صاعد نظر، فقد تقدم أنه روى الحديث في "زوائده على الزهد لابن المبارك" كما في رواية الجماعة؛ لم يذكر عليًّا، والله أعلم.
(2) قوله: «ملكًا وإن شئت نبيًّا» سقط من (ك) .
(3) يعني بالمتصل: رواية الزبيدي التي فيها زيادة محمد بن عبد الله بن عباس في إسناده.
(6/487)
قَالَ: نَعَمْ.
قلتُ (1) : مَنْ مُبَشِّرٌ هَذَا؟ السَّعِيديُّ (2) ؟
قَالَ: هُوَ أُمَوِيٌّ عِنْدِي، وَأَرَى حَدِيثَهُ مُسْتَقِيمًا، يُكثرُ الروايةَ عَنِ الزُّهري (3) .
2693 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يَحْيَى الحِمَّاني (4) ، عَنْ قَيْس بْنِ الرَّبيع، عَنْ الأعمَش، عَنْ عِبَايَة بْنِ (5) رِبْعِيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : إِنَّ اللهَ قَسَمَ الخَلْقَ قِسْمَيْنِ،
_________
(1) قوله: «قلت» سقط من (ف) .
(2) السَّعيدي: من ولد سعيد بن العاص، كوفيٌّ ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8/342 رقم 1570) ، وذكر عن أبيه أنه يروي عن الزهري، ويروي عنه أبو بكر بن عياش، وقال: «لا أعلم روى عنه غير أبي بكر بن عياش» ، ثم ذكر "مبشِّرًا الشامي"، وذكر عن أبيه أنه قال: «روى عن الزهري، روى عنه الأوزاعي» ، وقال: «جمع البخاري بينهما، وهما مفترقان، أحدهما كوفيٌّ، والآخر: شاميٌّ» .
(3) اختُلف على الزهري في هذا الحديث اختلافًا آخر؛ فأخرجه معمر في "جامعه" (19551/مصنف عبد الرزاق) عن الزهري قال: جاء النبيَّ (ص) مَلكٌ ... فذكره. ومن طريق معمر أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (764) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (5247) ، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/380-381) . وجاء عند ابن المبارك وابن سعد عن الزهري قال: بلغنا أنه أتى النبيَّ (ص) مَلَكٌ ... فذكره.
قال ابن حجر في "النكت الظراف" (5/233) : «ورواه مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أن النبيَّ (ص) جاءه ... فذكر الحديث. وقيل: إن هذا أرجحُ طرقه، والله أعلم.
(4) هو: يحيى بن عبد الحميد. وروايته أخرجها الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/498) ، والطبراني في "الكبير" (3/56-57 و12/81-82 رقم 2674 و12604) . ومن طريق الفسوي أخرجه البيهقي في دلائل النبوة" (1/170-171) .
(5) في (ش) : «عن» بدل: «بن» .
(6/488)
فَجَعَلَنِي في خَيْرِهَا (1) قِسْمًا؛ وذلك قَوْلُهُ: { (2) الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} (3) ، فَأَنَا مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ (4) . ثُمَّ قَسَمَ القِسْمَيْنِ أَثْلاثًا، فَجَعَلَني فِي خَيْرِهِمَا (5) ثُلُثًا؛ وذَلِكَ قَوْلُهُ: { (6) الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} (7) ، {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ *} (8) ، فَأَنَا مِنَ السَّابقِينَ، وأَنَا خَيْرُ السَّابقِينَ. ثُمَّ جَعَلَ الأَثْلاَثَ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي في خَيْرِها (9)
قَبِيلَةً؛ وذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} (10) ، فَأَنَا أَتْقَى وَلَدِ آدَمَ، وأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللهِ، ولاَ فَخْرَ. ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتًا، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتًا؛ وذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ (11) : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (12) ، فَأَنَا وَأَهْلُ
_________
(1) كذا، ومثله في "المعجم الكبير" (2674) ، وفي "المعرفة والتاريخ"، و"المعجمم الكبير" (12604) : «خيرهما» ، وهو الجادَّة، لكن يخرَّج ما في النسخ على الحمل على المعنى، أي: خير الأقسام، المذكورة، والله أعلم.
(2) في جميع النسخ: «أصحاب» بلا واو.
(3) الآية (27) من سورة الواقعة.
(4) قوله: «فأنا من أصحاب اليمين» سقط من (ك) ؛ لانتقال النظر.
(5) في (ك) : «خيرها» ، ومثله في "المعرفة والتاريخ"، و"دلائل النبوة"، وهو الجادَّة، أي: خير الأثلاث، = = وما أثبتناه من بقية النسخ، ووقع مثله في بقية مصادر التخريج، ويخرَّج على أن المراد: خير القسمين، والله أعلم.
(6) في (أ) و (ش) : «أصحاب» ، وفي (ت) و (ف) و (ك) : «وأصحاب» .
(7) الآية (8) من سورة الواقعة.
(8) الآية (10) من سورة الواقعة.
(9) في (ت) و (ك) : «خيرهم» ، وفي (ف) : «خيرهما» ..
(10) الآية (13) من سورة الحجرات.
(11) في (أ) و (ش) : «وذلك قوله تعالى» .
(12) الآية (33) من سورة الأحزاب.
(6/489)
بَيْتِي مُطَهَّرُونَ مِنَ (1) الذُّنُوبِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطِلٌ، وَكَانَ عِنْدَ الحِمَّانيِّ أحاديثُ عَنْ قَيْس، عَنِ الأعمَش، عَنْ عِبايَة، بعضُها عَنْ أَبِي أيُّوب (2) ، وبعضُها عَنْ عليٍّ.
2694 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ اختُلِفَ عَنِ الدَّراوَرْدي فِيهِ: فَرَوَى سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عبد العزيز الدَّراوَرْدي، عن عُمَارة ابن غَزِيَّة، عَنْ عبَّاد بْنِ تَميم، عن عبد الله بن زيد، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وحُجْرَتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ.
وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الدَّراوَرْدي، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ (3) عبَّاد بن تَميم، عن عبد الله بن زيد، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ؟
قَالَ أبو زرعة: حديثُ (4) عبد العزيز، عَنْ عُمارَة بْنِ غَزِيَّة أصَحُّ عندي (5) .
_________
(1) المثبت من (أ) ، وهو الجادَّة، ولم يتضح في (ش) ، وفي بقية النسخ: «عن» ، وهو صحيحٌ، ويخرَّج على التضمين؛ ضمَّن «مطهَّرون» معنى «منزَّهون» فعدَّاه بـ «عن» ؛ كأنَّه قال: منزَّهون عن الذنوب، والتضمينُ بابٌ واسعٌ في العربية.
(2) في (أ) و (ش) : «عن أيوب أبي أيوب» .
(3) في (ف) و (ك) : «بن» بدل: «عن» .
(4) في (ك) : «بحديث» .
(5) الحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/197) عن عبد الله بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بن تميم، به. ومن طريق مالك أخرجه أحمد في "المسند" (4/40 رقم 16453) ، والبخاري في "صحيحه" (1195) ، ومسلم (1390) . وأخرجه الإمام أحمد (4/41 رقم 16461) ، ومسلم (1390) من طريق يزيد بن الهاد، عن أبي بكر ابن محمد بن عمر، عن عباد بن تميم، به.
(6/490)
2695 - وسُئِلَ (1) أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه عبد الرحمن بْنُ زِيَادٍ الرَّصاصِيُّ، عَنِ المَسعودي (2) ،
عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ ابْنِ يَعْلى بْنِ مُرَّة، عَنْ يَعْلى بن
_________
(1) انظر المسألة رقم (183) .
(2) هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. ولم نقف على رواية الرصاصي هذه عنه، ولكن لعلها التي أشار إليها أبو حاتم في المسألة رقم (183) حين سئل عن حديث داود بن عبد الحميد، عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنْ طاوس، عن ابن عباس؛ بذكر قصَّة النَّخلتين اللتين استتر النبيُّ (ص) بهما؟ فقال أبو حاتم: «هَذَا حديثٌ منكرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، إِنَّمَا رَوَى يُونُسُ بْنُ خبَّاب، واختُلِفَ عَلَيْهِ: فَرَوَى الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنِ ابْنِ يَعْلَى بْنِ مرَّة، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) . وروى عبد الله بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّة، عن النبيِّ (ص) . وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنِ المِنهال بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ يَعْلَى، عَنْ أبيه، عن النبيِّ (ص) » .
وأخرجه قوام السنة الأصبهاني في "دلائل النبوة" (340) من طريق حجاج بن محمد، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنِ ابْنِ يَعْلَى بْنِ مرة الثقفي، عن أبيه، به بقصة الشَّجرتين، والغلام، والبعير. وهذه متابعة تامة للرصاصي. ورواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (633) من طريق محمد بن المصفى، عن يحيى ابن سعيد، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خباب، به بذكر = = قصة الغلام فقط، لكن تصحَّف منه «ابن يعلى بن مرة» إلى: «ابن ليلي بن مرة» . وللحديث طرق أخرى عن يعلى، منها: ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (19928 و23555 و23579 و31744) ، والإمام أحمد في "المسند" (4/170-171 رقم 17548) ، كلاهما من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن يعلى ابن مرة، به بذكر قصة الصبي، والشَّجرتين، والبعير.
وأخرجه أحمد أيضًا (4/173 رقم 17565) ، وعبد بن حميد (405) من طريق معمر، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عبيد الله بْنِ حَفْصٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مرة، به مثل سابقه، غير أنه جعل قصة الشجرتين شجرة واحدة سلَّمت على رسول الله (ص) .
وأخرجه البخاري تعليقًا في "التاريخ الكبير" (6/357) عن إسحاق بن أبي إسرائيل؛ حدثنا عبد الواحد الحداد؛ حدثنا خلف بن مهران العدوي؛ حدثني عمرو ابن عثمان بن يعلى؛ حدثني أبي، عن جدي ... ، فذكر قصة البعير فقط.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (22/261 رقم 672) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن عمر بن عبد الله بن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده، به بذكر قصة الصَّبي، والشَّجرتين، والبعير.
وأخرجه وكيع في "الزهد" (508) عن الأعمش، عَن المنهال بْن عَمْرٍو، عَنْ يعلى بن مرة، به مثل سابقه.
ومن طريق وكيع أخرجه الإمام أحمد (4/172 رقم 17563) ، وابن ماجه (339) ، لكن بذكر الشَّجرتين فقط.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (4/172 رقم 17563) من طريق وكيع بذكر قصة الغلام فقط، ثم قال الإمام أحمد: «وقال وكيع مرة: عن أبيه، ولم يقل: يا يعلى» ، ثم أخرجه برقم (17549 و17564) عن وكيع، وقال فيه: «عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنِ أبيه» ، وذكر قصة الغلام، والشَّجرتين.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1611) من طريق يحيى بن عيسى، والحاكم في "المستدرك" (2/617) من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن الأعمش، عن المنهال، عن يعلى، عن أبيه، به بذكر قصة الغلام، والبعير، والشَّجرتين.
وأخرجه الإمام أحمد (4/173 رقم17567) من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَن حبيب بن أبي عمرة، عن المنهال، عن يعلى، به كسابقه، إلا أنه لم يذكر: «عن أبيه» .
(6/491)
مُرَّة (1) ؛ قَالَ: رأيتُ فِي رَسُولِ الله (ص) ثلاثَ خِصالٍ مَا رأيتُ مِثلَهُنَّ، وَذَكَرَ قِصَّةَ النَّاضِح (2) ، وَمَا شَكاه إلى رسول الله (ص) (3) .
_________
(1) قوله: «عن يعلى بن مرة» سقط من (أ) و (ش) ؛ لانتقال النظر.
(2) هو: الجَمَل. انظر "المصباح المنير" (ن ض ح) .
(3) هذه خصلة واحدة، والأخرى: أنه (ص) أراد أن يقضيَ حاجته، فلم يجد شيئًا يستُره، فأمر شجرتين، فانضمَّت إحداهما إلى الأخرى، وأما الخصلة الثالثة فاختُلف فيها، ففي بعض الروايات ذكر قصَّة صاحب القبر الذي قال عنه: «إنه يعذَّب في غير كبير» ، فأمر بجريدة، فوُضِعَت على قبره، فقال: «عسى أن يُخفَّفَ عنه ما دامتْ رَطْبَة» ، وفي بعض الروايات ذكر قصَّة الصبي الذي أصابه بلاء، ورقاه النبيُّ (ص) ففَغَر فمه، فنفث فيه ثلاثًا وقال: «باسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدوَّ الله» . انظر روايات هذا الحديث - إن شئت - في "مسند أحمد" (4/170 و172 رقم 17548 و17559) .
(6/492)
وَرَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة (1) ، عَن عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة، عَنْ حَبيب بْنِ أَبِي جَبِيرَة، عَنْ يَعْلى بن سِيابَة، عن النبيِّ (ص) .
ورواه أَبانُ العَطَّار (2) ،
عن عاصم، عن محمَّد بْنِ أَبِي جَبِيرَة، عَنْ يَعْلى بن سِيَابَة، عن النبيِّ (ص) (3) .
_________
(1) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (12043) ، والإمام أحمد في "المسند" (4/172 رقم 17559 و17560) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (404) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/221) ، والطبراني في "الكبير" (22/275 رقم 705) ، و"الأوسط" (2413) ، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (126) ، والخطيب في "الموضح" (1/282) .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1603) .
وقد ذكر بعضهم الحديث بتمامه، وذكر بعضهم بعض أجزائه.
(2) أشار لروايته البخاري في "التاريخ الكبير" (2/314 رقم 2595) ، فقال: «حَبِيبِ بْنِ أَبِي جُبَيْرَةَ: عَنْ يعلى ابن سيابة؛ قاله حمَّاد بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ. وقال أبان: عن عاصم، عن محمد بْنِ أَبِي جُبَيْرَةَ، عَنْ يَعْلَى» .
وذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/97 رقم 457) نحو عبارة البخاري. وقال البيهقي في "إثبات عذاب القبر" (ص 89) - بعد أن رواه من طريق حمَّاد بن سلمة-: «هكذا رواه حماد. وقال أبان بن يزيد: عن عاصم، عن محمد بْنِ أَبِي جُبَيْرَةَ، عَنْ يَعْلَى» .
(3) من قوله: «ورواه أبان ... » إلى هنا من (ف) فقط؛ وسقط من بقية النسخ؛ لانتقال النظر.
(6/493)
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: أيُّهما (1) أصحُّ؟
قَالَ: كَيْفَمَا كَانَ يَرْجِعُ إِلَى يَعْلَى بْنِ مُرَّة (2) ؛ وَهُوَ أصَحُّ.
قلتُ لَهُ: فحَبِيبُ بْنُ أَبِي جَبِيرَة أصَحُّ، أَوْ محمَّد بْنُ أَبِي جَبِيرَة؟
قَالَ: حمَّاد عِنْدِي أحفظُ وأكبرُ مِنْ أَبَان، وَقَالَ: حَبيب.
قِيلَ لَهُ: فَأَبُو جَبِيرَة سُمِّيَ؟
قَالَ: لا.
2696 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مِنْجاب بْنُ الْحَارِثِ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَريك (3) ، عَنْ سِماك (4) ، عَنْ أَبِي الضُّحى (5) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: جَاءَ أعرابيٌّ إلى النبيِّ (ص) فَقَالَ: بِمَ تَكُونُ لَهُمْ رسولَ اللَّهِ (6) ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَنَا دَعَوْتُ ذَلِكَ العِذْقَ، فَجَاءَنِي، أَتُؤْمِنُ بِي؟ ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا العِذْقَ، فَجَاءَ، فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ، فرجَعَ، فآمن الأعرابيُّ؟
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والصواب: «أيها» ؛ لأنها ثلاثُ روايات ولعلَّه توهَّم أنَّ المذكور روايتان، والله أعلم.
(2) أي: أنَّ يعلى بن مُرَّة، ويعلى بن سِيابة واحد، فأمه: سِيابة، نُسِبَ إليها مَرَّةً، وإلى أبيه أخرى، فلا منافاة بين التسميتين. وقد قيل: إنه يعلى بن أمية، وهو وهم نبَّه عليه الخطيب البغدادي في "الموضح" (1/281-287) ، وزاده وضوحًا الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في تعليقه على كلام الخطيب البغدادي.
(3) هو: ابن عبد الله النخعي، القاضي.
(4) هو: ابن حرب.
(5) هو: مسلم بن صُبَيْح.
(6) لفظ الجلالة ليس في (ك) .
(6/494)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي ظَبْيان (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (2) .
2697 - وسألتُ (3) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش (4) ، عن عبد الملك بْنِ عُمَير، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: لَتَخْرُجَنَّ الظَّاعِنَةُ - أَوِ الظَّعِينَةُ (5) - مِنَ المَدِينَةِ إِلَى الحِيرَةِ، لا تَخَافُ أَحَدًا (6) ؟
_________
(1) هو: حصين بن جُنْدُب.
(2) أي: غير منجاب يرويه عَنْ شَرِيكٍ، عَن سماك، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به.
والحديث رواه ابن سعد في "الطبقات" (1/182) ، والبيهقي في "الشعب" (82) من طريق فضيل بن عبد الوهَّاب الغطفاني، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/3) تعليقًا، والترمذي في "جامعه" (3628) ، والطبراني في "الكبير" (12/86 رقم 12622) ، والحاكم في "المستدرك" (2/620) وعنه البيهقي في "الاعتقاد" ص (42) ، وفي "الدلائل" (6/15) من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني، كلاهما عَنْ شَرِيكٍ، عَن سماك، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به.
ورواه أحمد في "مسنده" (1/223 رقم 1954) ، والدارمي في "مسنده" (24) ، وبحشل في "تاريخ واسط" ص (212) ، والبيهقي في "الدلائل" (6/15 و16) من طريق الأعمش، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عباس، به.
(3) نقل ابن الملقن في "البدر المنير" (4/303/ مخطوط) عبارة أبي حاتم بتصرف.
(4) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (2429/ كشف الأستار) ، والطبراني في "الكبير" (2/215 رقم 1880) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/309) .
(5) أي: المرأة. ويقال للمرأة: «ظَعينَة» فَعيلَة، بمعنى: مفعولة؛ لأن زوجَها يَظْعَنُ بها، أي: يرتَحِل. ويقال: «الظَّعِينَة» في الأصل: وَصْفٌ للمرأة في هودَجِها، ثم سُمِّيت بهذا الاسم وإن كانت في بيتها. انظر "المصباح المنير" (2/385/ظعن) ، و"النهاية" (3/157) .
(6) المثبت من (ف) ، وهو الجادَّة، وفي بقية النسخ: «أحد» بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(6/495)
قَالَ أَبِي: لا أعلمُ أحدًا تابع أبا بكرٍ على رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وبعضُهم يَرْوونه عن عبد الملك (1) ،
عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِم، عن النبيِّ (ص) ، كأنَّه أَشْبَهُ (2) .
2698 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه سعيد ابن منصور (3) ،
عن
_________
(1) روايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (1132) ، والطبراني في "الكبير" (17/101 رقم 239) من طريق أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن غير واحد، أن عدي ابن حاتم حدثهم، به.
ورواه الطبراني في "الكبير" (17/100 رقم 238) من طريق أبي إسماعيل المؤدب، عن عبد الملك بن عمير، عن عدي بن حاتم، به. ورواه الدارقطني في = = "الأفراد" (236/ب/أطراف الغرائب) من طريق حبان بن علي، عن رقبة، عن رجل من إياد، عن رجل من طيِّئ، عن عدي، به. قال الدارقطني: «تفرَّد به حبان بن علي، عن رقبة، عن رجل من إياد، عن رجل من طيِّئ» .
(2) ذكر المصنف في "المراسيل" (ص132-133 رقم 476) أن ابن معين سئل عن هذا الحديث من رواية عبد الملك بن عمير، عن عدي بن حاتم، فقيل له: عبد الملك بن عمير سمع من عدي بن حاتم؟ قال: «لا، هو مرسل» .
(3) روايته أخرجها في التفسير من "سننه" (1257) .
ومن طريقه ابن قانع في "معجم الصحابة" (2/165) ، والطبراني في "الأوسط" (3742) ، وفي "الدعاء" (1747) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/7-8) ، وفي "معرفة الصحابة" (4658) ، وفي "تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور" (4) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (35/341) .
قال الطبراني: «لا يروى عن النبي (ص) إلا بهذا الإسناد تفرَّد به سعيد بن منصور» . وقال أبو نعيم في "تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد": «هذا حديث صحيح غريب، لم يروه عن عروة بن رويم غير مسكين بن ميمون فيما قالوا، وعبد الرحمن بن قرط يعدُّ في الصحابة، وتفرَّد بهذا الحديث عن النبي (ص) في ذكر التسبيح، ومسكين بن ميمون هو الرملي، وروى عنه هشام بن عمار وغيره هذا الحديث» .
(6/496)
مِسْكينٍ - مؤذِّن مَسْجِدِ الرَّمْلَة - عَنْ عُروَة بن رُوَيْم، عن عبد الرحمن ابن قُرْط؛ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بالنبيِّ (ص) : سَمِعْتُ (1) فِي السَّمَوَاتِ تَسْبِيحًا ... ، فَذَكَرَ الحديثَ؟
قال أبي: ورواه هِشَامُ بْنُ عمَّار، وَأَبُو هَارُونَ البَكَّاء، عَنْ مِسْكِين، عَنْ عُروَة؛ قال: لمَّا عُرِجَ بالنبيِّ (ص) ، ولم يذكرا عبد الرحمن ابن قُرْط.
قلتُ لأَبِي: مَا هَذَا؟
قَالَ: سعيدٌ ثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَ شيءٌ فمِنْ مِسْكين، هَذَا كَانَ (2) شَيخً (3) .
_________
(1) كذا السِّياق في جميع النسخ! فيُفهَم من ظاهره أن قائل: «سمعت» هو: عبد الرحمن بن قرط، وليس كذلك، ولفظ سعيد بن منصور في "سننه": نا مِسْكين ابن ميمون - مؤذن مسجد الرَّمْلَة - قال: حدثني عروة ابن رُوَيْم، عن عبد الرحمن بن قُرْط: أنَّ رسول الله (ص) ليلة أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فلمَّا رجع فكان بين زمزم والمقام، وجبريلُ _ج عن يمينه، وميكائيلُ عن شِماله، فطارا به حتى بلغ السموات العُلى، فلما رجع قال: «سَمِعْتُ تَسْبِيحًا في السَّمواتِ العُلَى مع تسبيحٍ كثيرٍ، سَبَّحتِ السَّمواتُ العُلَى من ذي المهابَةِ، مُشْفِقاتٍ من ذي العُلى لما علا، سبحان العليِّ الأعلى! سبحانه وتعالى!» .
(2) قوله: «كان» ليس في (ك) .
(3) كذا في جميع النسخ وهي منصوبة، وتخرَّج على حذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
ومسكين بن ميمون ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/101) وقال: «لا أعرفه، وخبره منكر» ثم ساق له هذا الحديث. وانظر "الإصابة" (6/317) .
(6/497)
2699 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد العزيز الماجِشُون (1) ، عَنِ ابْنِ المُنكَدِر (2) ، عَنْ جابر، عن النبيِّ (ص) قَالَ: دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ الرُّمَيْصَاءَ (3) ... : ما حالُ هَذَا الحديث؟
فَقَالَ: رَوَى هَذَا الحديثَ سعيدُ بنُ سَلَمة ابن (4) أَبِي الحُسام المَديني، عَنِ ابْنِ المُنكَدِر، عَنْ بُسْر (5) بْنِ سَعِيدٍ، عن النبيِّ (ص) ، مُرسَلً (6) ، وَقَالَ: هُوَ الصَّحيحُ.
2700 - وسألتُ (7) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُلَيمان بْن كَثير، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد، عن سعيد ابن المسيّب، عن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ (ص) : أنَّه خطَبَ، فاستَنَدَ إِلَى خَشَبة، فلمَّا اتخَذَ المِنْبَرَ، حَنَّتِ الخَشَبةُ ... وَذَكَرَ الحديثَ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ سُلَيمان بْنُ بِلالٍ وسُوَيد بْنُ عبد العزيز، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَفْص بن عُبَيدالله بْنِ أَنَسٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
_________
(1) هو: عبد العزيز بن عبد الله. وروايته أخرجها أحمد في "مسنده" (3/372 رقم 15002) ، والبخاري في "صحيحه" (3679) ، ومسلم (2457) .
(2) هو: محمد.
(3) في (ف) : «الرميضاء» ، وهو موافق لبعض الروايات، وهي: أم سُلَيم بنت مِلْحان زوجة أبي طلحة، وأم أنس ابن مالك. والرَّمَصُ: وَسَخُ العَين. انظر "المصباح المنير" (ر م ص) .
(4) في (أ) و (ش) : «عن» ، وانظر "الجرح والتعديل" (4/29 رقم117) .
(5) في (ت) و (ش) و (ك) : «بشر» بالشين.
(6) كذا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وانظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(7) تقدمت هذه المسألة برقم (566) و (573) .
(6/498)
قَالَ أَبِي: هَذَا أشبهُ، وَلَيْسَ لسعيد بن المسيّب هاهنا مَعْنًى.
2701 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ العَدَني (2) ، عَنِ ابْنِ عُيَينة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْس بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَدِي بْنِ حاتِم؛ قَالَ: قَالَ لِي رسولُ الله (ص) : مُثِّلَتْ لِيَ الحِيرَةُ (3) كَأَنْيَابِ الكِلاَبِ، وإِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، هَبْ لِي ابْنَتَ (4) بُقَيْلَةَ؛ قَالَ: هِيَ لَكَ، قَالَ: فأعطَوْهَا إيَّاه (5) ... وذكر الحديثَ؟
_________
(1) نقل ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2286) حكم أبي حاتم على الحديث.
(2) هو: محمد بن يحيى، وروايته أخرجها ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2490) ، وابن حبان في "صحيحه" (6674) ، والطبراني في "الكبير" (17/81 رقم 183) ، وعبد الغني الأزدي في "الغوامض والمبهمات" ص (181) ، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (397) ، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص (448) ، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" ص (413) .
ومن طريق الإسماعيلي رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/136) ، و"الدلائل" (6/326) .
قال البيهقي في "السنن": «تفرَّد به ابن أبي عمر، عن سفيان هكذا، وقال غيره: عنه، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعان، والمشهور هذا الحديث عن خريم بن أوس، وهو الذي جعل له رسول الله (ص) هذه المرأة» .
(3) في (ك) : «الخيرة» .
(4) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «ابنة» ، أو «بنت» ، لكنَّ ما في النسخ صحيح فصيح، ويوجَّه على لغة لبعض العرب. تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (6) .
(5) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «فأَعْطَوْهُ إيَّاها» كما في مصادر التخريج.
وتتمة الحديث: «فجاء أبوها، فقال: تبيعها؟ قال: نعم. قال: بكم؟ قال: احكُم ما شئت. قال: ألف درهم. قال: قد أخذتها به، فقالوا له: لو قلت ثلاثين ألفًا. قال: هل عددٌ أكثر من ألف؟!» .
(6/499)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطِلٌ.
2702 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه عبد الله بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيم، واختُلِفَ عَلَيْهِ:
فَرَوَى يَحْيَى بْنُ سُلَيم الطَّائِفي (1) ، عَنِ ابْنِ خُثَيم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ (2) عباس، عن النبيِّ (ص) .
وَرَوَى (3) هشامُ بنُ يُوسُفَ (4) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ ابْنِ خُثَيم، عَنْ أَبِي الطُّفَيل (5) ، عَنِ ابْنِ عبَّاس؛ قَالَ: اجتمعَ الملأُ مِنْ قريشٍ فِي الحِجْر، فتعاهَدُوا بِمَحْلُوفِهِمْ؛ باللاَّت، والعُزَّى، ومَنَاةَ الثالثةِ الأُخرى،
_________
(1) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (1/303 رقم 2762) ، والحاكم في "المستدرك" (1/163) ، والضياء في "المختارة" (10/218-219 رقم230) .
ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2913) من طريق إسماعيل بن عياش، وابن حبان في "صحيحه" (6502) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (139) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/240) من طريق أبي بكر بن عياش، ثلاثتهم عن ابن خثيم، به.
ورواه الدينوري في "المجالسة" (2521) ، والحاكم في "المستدرك" (3/157) من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَن ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ فاطمة بنت النبي (ص) ، به.
(2) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(3) في (ش) و (ك) : «ورواه» .
(4) لم نقف على روايته من هذا الوجه، والحديث رواه أحمد في "مسنده" (1/368 رقم 3485) من طريق عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به.
(5) هو: عامر بن واثلة.
(6/500)
ونائِلَةَ (1) ، وإِسافٍ: لَوْ قَدْ رَأَيْنَا محمَّدًا؛ لَقَدْ قُمنا إِلَيْهِ مقامَ رجلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ نُفارِقْه حَتَّى نقتلَه، فسمعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، وَأَقْبَلَتْ فاطمةُ تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى النبيِّ (ص) ، فَقَالَتْ (2) : هؤلاءِ الملأُ مِنْ قَوْمِكَ قد تعاقَدوا عَلَيْكَ: لَوْ قَدْ رَأَوْكَ؛ لَقَدْ قَامُوا فقتلوكَ (3) ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رجلٌ إِلا قَدْ عرَفَ نَصِيبهُ مِنْ دَمِكَ! قَالَ: يَا بُنَيَّةُ! ائْتِنِي (4) بِوَضُوءٍ (5) ، فتوضَّأ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فلمَّا رَأَوْهُ؛ قَالُوا: هَا هُوَ ذَا (6) ، هَا هُوَ ذَا (7) ، وخَفَضوا أَبْصَارَهُمْ، وعَقِرُوا (8)
فِي مَجَالِسِهِمْ، وَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ أبصارَهُمْ، وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ رجلٌ، فأقبلَ النبيُّ (ص) حتى قام على (9) رؤوسهم، وأخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، وَقَالَ: شَاهَتِ
_________
(1) في (ت) و (ك) : «ونائلته» .
(2) في (ك) : «فقال» .
(3) في (أ) و (ش) : «يقتلوك» ، وفي (ك) : «قتلوك» .
(4) كذا في جميع النسخ ومصادر التخريج، عدا "صحيح ابن حبان"، ففيه: «ائتيني» على الجادَّة، لكن يخرَّج ما في النسخ ومصادر التخريج على أنه من الاجتزاءِ بالحركات عن حروف المدِّ، وهنا اجتزَأ بكسرة التاء عن الياء؛ ولهذا نظائر في كلام العرب، وتقدم التعليق على نحوه في المسألة رقم (679) .
(5) في (ت) و (ك) : «وضوءًا» ، وفي (ف) : «بوضوءا» .
(6) ضبَّب ناسخا (أ) و (ف) على قوله: «ذا» .
(7) قوله: «ها هو ذا» الثانية سقط من (ت) و (ك) ، وضبَّب عليها في (أ) و (ف) ، ورسمت «ذا» في (ش) فقط بالألف، وفي بقية النسخ «ذى» . وانظر التعليق على المسألة (124) .
(8) المثبت من (ف) وفي بقية النسخ: «وعفروا» بالفاء، والمثبت موافق لرواية الإمام أحمد السابقة..وكذا ذكره ابن الأثير في "النهاية" (3/273) : «وعَقِرُوا في مجالسهم» ، وفسَّره بقوله: العَقَرُ - بفتحتَين -: أن تُسْلِمَ الرَّجُلَ قوائمُهُ من الخوف. وقيل: هو أن يفجأَهُ الرَّوْعُ، فيَدْهشَ، ولا يستطيعَ أن يتقدَّم أو يتأخَّر» . اهـ.
(9) في (أ) و (ت) و (ف) : «عنى» .
(6/501)
الوُجُوهُ (1) ، ثُمَّ حَصَبَهُم بِهَا، فَمَا أَصَابَ رَجُلا (2) مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الحَصا حصاةٌ إِلا قُتل يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: ابْنُ خُثَيم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النبيِّ (ص) ، وَهِمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْمَر (3) .
2703 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رُوي عَنِ الزُّهري، فاختُلِف فِي الرِّوَايَةِ عَنِ الزُّهري:
فَرَوَى إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ (4) ، عَنِ الزُّهري، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَسِيد بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفي - حليفًا (5) لِبَنِي زُهْرَة - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: بعث رسول الله (ص) عشَرةَ رَهْطٍ، وأمَّر عَلَيْهِمْ عاصمَ ابنَ ثابت الأنصاريَّ، فخلفَهُم مِئَةُ نَفَر مِنْ بَنِي لِحْيان، فقُتِلَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي سبعةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَبَعَثَ ناسٌ مِنْ قُرَيْشٍ ليُؤْتى بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِه، فبعث الله على
_________
(1) أي: قَبُحَت الوجوه. وهو دعاءٌ عليهم؛ يقال: شاهَ وَجهُهُ يَشُوهُ شَوْهًا وشَوْهَةً، والاسم: الشُّوهَهُ، فهو أَشْوَهُ، وهي شَوْهاء، والجمع: شُوهٌ. انظر "المصباح المنير"، و"النهاية"، و"لسان العرب" (ش وهـ) .
(2) في (ك) : «رجلً» .
(3) تقدم أن الإمام أحمد أخرجه من طريق عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس، به.
(4) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (2/294 رقم 7928) ، والبخاري في "صحيحه" (3989) .
ورواه البخاري (3045 و7402) من طريق شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَة، عَنْ الزهري، به.
(5) كذا في جميع النسخ، وهو على تقدير: وكان حليفًا.
(6/502)
عَاصِمٍ مثلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ (1) فَحَمَتْهُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يقطَعوا مِنْهُ شَيْئًا.
وَرَوَى ابْنُ المُبارك (2) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: بَعَثَ رسول الله (ص) ... .
فَقِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: أيُّهما أصحُّ؟
_________
(1) الدَّبْرُ: - بسكون الباء -: جماعةُ النَّحْلِ والزَّنابير. "القاموس المحيط" (د ب ر) .
(2) هو: عبد الله. وقد توبع على روايته، فرواه عبد الرزاق في "المصنف" (9730) عن معمر، به. ومن طريق عبد الرزاق رواه أحمد في "مسنده" (2/310 رقم 8096) ، وابن حبان في "صحيحه" (7039) .
ورواه البخاري (4086) من طريق هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، به.
= ... ورواه البخاري (3045) من طريق شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَة، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سفيان بن أسيد ابن جارية الثقفي، وهو حليف لبني زهرة، وكان من أصحاب أبي هريرة، عن أبي هريرة، به.
(6/503)
فَقَالَ (1) : عُمَرُ بْنُ أَسِيد أصحُّ (2) .
2704- وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وحدَّثنا عَنِ عُبَيد ابن يَعيش، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَير، عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الأَوْدي، عن أبيه يزيد بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ... (3) .
_________
(1) في (ك) : «قال» .
(2) رجَّح أبو زرعة هنا رواية من قال: «عمر بن أسيد» ، وخالفه في ذلك البخاري وغيره، وقد فصَّل القول فيه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/310) فقال: «قوله أخبرني: "عمرو بن جارية": بالجيم، وفي رواية الكُشْمَيْهَني: "عمرو بن أبي أَسِيد بن جارية "، وكذا للأَصِيلي، وهو نَسبٌ إلى جَدِّه، بل هو جَدُّ أبيه؛ لأنه ابن أَسِيد بن العلاء بن جارية، ووقع في غزوة الرجيع - كما سيأتي -: " عمرو بن أبي سفيان "، وهي كنية أبيه أَسِيد، والله أعلم. وأَسِيد: بفتح الهمزة للجميع. وأكثر أصحاب الزهري قالوا فيه: عَمْرو - بفتح العين -، وقال بعضهم: عُمر - بضم العين -، ورجَّح البخاري أنه: عَمرو، وكذا وقع في الجهاد - في باب: هل يستأسر الرجل - للأكثر: عَمرو، أما النسفي وأبو زيد المروزي فلم يُسمِّياه؛ قالا: أخبرنا ابن أَسِيد، وقال ابن السَّكَن في روايته: "عُمَير" -بالتصغير-، والراجح: عَمرو -بفتح العين-، وسيأتي مزيد لذلك في غزوة الرجيع» . اهـ.
وقال أيضًا (7/380) : «قوله: " عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ " هكذا يقول معمر، ووافقه شعيبٌ وآخرون، وقد تقدم مستوفًى في الجهاد بأتَمَّ من هذا، وإبراهيم بن سعد يقول: "عن الزهري، عن عُمر" بضم العين، كذا أخرجه ابن سعد عن معن بن عيسى، عنه، وكذا قال الطيالسي عن إبراهيم، وبذلك جزم الذُّهلي في "الزهريات"، لكن وقع في غزوة بدر [يعني عند البخاري] : عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إبراهيم بن سعد: "عَمرو " بفتح العين، وأخرجه أبو داود عن موسى المذكور، فقال: " عُمر "» . اهـ.
كذا قال الحافظ! وهذا الذي ذكره جاء في بعض روايات البخاري، وفي بعضها الآخر: " عُمر " على الصواب؛ كما في النسخة السلطانية (5/100) ، حيث أوضح في هامشها أن في رواية الهروي والأصيلي وابن عساكر: " عَمرو بن أسيد "، ثم قال: «وعَمرو - بفتح العين -: هكذا يرويه أكثر أصحاب الزهري. ورواه إبراهيم بن سعد عنه: عُمر بضم العين، وذكره البخاري في عَمرو، وبيَّن الخلاف فيه عن الزهري، والأول - أي بفتح العين - أصح» .
وقال علي بن المديني في "العلل" (127) : «حديث أبي هريرة: بعث رسول الله (ص) سريَّةً عينًا، وأمَّر عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ: رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمرو ابن أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي هريرة. ورواه يونس عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمرو بْنِ أسيد بن جارية الثقفي، عن أبي هريرة، فخالف معمرًا في إسناده. والحديث عندي: حديث يونس؛ لأنه تابعه غيرُه على عمرو بن أسيد، وهو الصَّواب» . اهـ.
وذكر المزي في "تهذيب الكمال" (22/44-45) عمرو بن أبي سفيان بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيِّ المدني، وبيَّن أنه قد يُنسب إلى جدِّه؛ فيقال: عمرو بن أسيد، وأنه يقال في اسمه: «عُمر» بضم العين، ثم قال المزي: «وعَمرو أصح» .
(3) هنا انتهت المسألة، وسقط آخرها، وفيه كلام أبي زرعة عن الحديث، وتقدمت بتمامها برقم (2643) .
(6/504)
2705- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ اختُلِفَ في الرواية على عبد الله ابن محمَّد بْنِ عَقِيل:
فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ سَلَمة بْنِ أَبِي الحُسام (1) ، عن عبد الله بْنِ محمَّد بْنِ عَقِيل، عَنْ محمَّد بْنِ عَقِيل بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ (2) ، وسُمِّيتُ أَحْمَدَ (3) ، وجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا، وجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيرَ الأُمَمِ.
وَرَوَاهُ زُهَير بن محمَّد (4) ، عن عبد الله بْنِ محمَّد بْنِ عَقِيل، عَنْ محمَّد بْنِ عليٍّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عليًّ (5) ... ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ سَلَمة عِنْدِي خطأٌ، وَهَذَا عندي الصَّحيحُ.
_________
(1) لم نقف على روايته من هذا الوجه، والحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (1/158 رقم 1361) من طريق سعيد بن أبي الحسام، حدثنا عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ محمد بن الحنفية، عن أبيه علي بن أبي طالب، به.
(2) في (ف) : «مفاتيح خزائن الأرض» .
(3) من قوله: «من الأنبياء ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) ؛ لانتقال النظر.
(4) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (31638) ، وأحمد في "مسنده" (1/98 رقم 763) ، والبزار في "مسنده" (656) ، والآجري في "الشريعة" (1043) ، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1447) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/213-214) ، و"دلائل النبوة" (5/472) .
ومن طريق ابن أبي شيبة رواه ابن عبد البر في "التمهيد" (19/291) .
(5) كذا في جميع النسخ، وهو علم مصروف، وحذفت منه ألفُ تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(6/505)
2706 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ حدَّثنا به كُرْدُوس بن أبي عبد الله الواسِطي (1) ، عن المُعَلَّى بن عبد الرحمن، عن عبد الحَمِيد بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: مَا أخرج (2) رسولُ الله (ص) ركبتَه بَيْنَ جليسٍ لَهُ قَطُّ، وَلا ناولَ يدَه أَحَدًا فَتَرَكَهَا، حَتَّى يكونَ الرجلُ (3) هُوَ يَتْرُكُهَا، وَمَا جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) أحدٌ قَطُّ فَقَامَ، حَتَّى يقومَ، وَمَا وجدتُّ ريحَ شيءٍ قَطُّ (4) أطيبَ رِيحًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا حديثٌ باطلٌ، والمُعَلَّى متروكُ الحديث.
_________
(1) روايته أخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/55) .
ورواه ابن البختري في "المنتقى من الجزء السادس عشر من حديثه" (ص442/ مجموع فيه مصنفات ابن البختري) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (1230) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي (ص) " (38) ، وابن عدي في "الكامل" (5/318) و (6/373) من طرق عن المعلى، به.
قال ابن عدي: «وهذا لا يرويه عن يحيى بن سعيد غيرُ عبد الحميد بن جعفر، ولا عن عبد الحميد غير معلَّى بن عبد الرحمن، ولعلَّ البلاء من معلَّى لا منه؛ فإن معلَّى ليِّن» .
ورواه ابن المبارك في "الزهد" (392) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/378) ، والترمذي في "جامعه" (2490) ، وابن ماجه في "سننه" (3716) ، والبغوي في "الجعديات" (3443) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/289) من طريق زيد العمي، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي (ص) " (39) من طريق محمد بن المنتشر، كلاهما عن أنس به نحوه.
وروى بعضه البخاري في "صحيحه" (1973) من طريق حميد، والبخاري (3561) ومسلم (2330) من طريق ثابت، كلاهما عن أنس، به.
(2) في (ت) و (ك) : «ما خرج» .
(3) قوله: «الرجل» ليس في (ف) .
(4) قوله: «قط» سقط من (ك) .
(6/506)
2707 - أخبرنا أبو محمد؛ قال (1) : وحدَّث (2) أَبُو زُرْعَةَ عَنْ شيخٍ بَصْرِيٍّ يُسَمَّى: بِشْر بْنُ سَيْحان (3) ؛ قَالَ: حدَّثنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ الأَبَحُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَروبة (4) ، عَنْ قَتادة، عَن أنس؛ قَالَ: مَا مَسِسْتُ خَزًّا، وَلا قَزًّا (5) ، [ولا شيئًا] (6) أَليَنَ مِنْ جِلدِ رسولِ اللهِ (ص) .
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ مِنْ حَدِيثِ قَتادة (7) .
وسُئل عَنْ بِشْر بْنِ سَيْحان؟
فَقَالَ: شيخٌ بصريٌّ صَالِحٌ (8) .
2708 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رُويَ عَنْ الشَّعبي (9) ، واختَلَفَ الرواةُ عنه:
_________
(1) قوله: «أخبرنا أبو محمد قال» ليس في (ف) ، وجاء بدلاً منه في (أ) و (ش) : «قال أبو محمد» .
(2) في (ت) و (ك) : «حدث» بلا واو.
(3) في (ك) : «شيحان» بالشين المعجمة. ورواية بشر بن سيحان أخرجها الطبراني في "الأوسط" (2751 و2752) ، وابن عدي في "الكامل" (5/48) .
(4) هو: سعيد.
(5) الخَزُّ من الثِّياب: ما يُنسَجُ من صوفٍ وإبْرَيسَم (هو: أجوَدُ الحَرير) . وما يُنسَجُ من إبْرَيسَم خالص. انظر "النهاية" (2/28) . والمعنى الثاني هو المُراد هنا، والله أعلم.
والقَزُّ: الإبْرَيسَم، أو ما يسوَّى منه الإبْرَيسَم. "متن اللغة" (ق ز ز/4/557) .
(6) ما بين المعقوفين سقط من (ك) ، وفي بقية النسخ: «وشيئًا» بإسقاط «لا» ، والمثبت من الموضع السابق من "الأوسط" للطبراني.
(7) الظاهر: أنه لأجل تفرُّد عمر بن سعيد الأَبَحّ به، فقد قال عنه أبو حاتم: «ليس بقوي» . "الجرح والتعديل" (6/111 رقم588) .
(8) وكذا حكى عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/358 رقم1364) .
(9) هو: عامر بن شَراحيل.
(6/507)
فروى زكريَّا بنُ أبي زائدة (1) ، عَنِ الشَّعبي، عَنْ خارِجَةَ بْنِ (2) الصَّلْت، عَنْ عَمٍّ لَهُ: أَنَّهُ أتى (3) النبيَّ (ص) فَأَسْلَمَ، فلمَّا رَجَعَ، مرَّ عَلَى أعرابيٍّ مَجْنُونٍ (4) مُوثَقٍ بِحَدِيدٍ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: أعندَكَ شيءٌ تُدَاوِيه؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فرقَيتُه بأمِّ الْكِتَابِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، كلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، وأَتْفُلُ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّمَا نَشِطَ من عِقالٍ (5) ، فأعطَوني مِئَةَ شاةٍ، فَلَمْ آخُذها حَتَّى أتيتُ النبيَّ (ص) ، فَقَالَ: أقُلْتَ غَيرَ هَذا؟ ، قلتُ: لا؛ قَالَ: كُلْهَا؛ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ.
وَرَوَاهُ شُعبة (6) ، عَنْ عبد الله بن أبي السَّفَر، عن الشَّعبي، عن
_________
(1) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (23933 -اللحيدان) ، و"المسند" (631 و632) ، وأحمد في "مسنده" (5/210- 211 رقم 21835) ، وأبو داود في "سننه" (3896) ، وابن ماجه في "سننه" (6111) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/126) ، وابن حبان في "صحيحه" (6110 و6111) ، والطبراني في "الكبير" (17/190 رقم 509) ، والدارقطني في "سننه" (4/296- 297) ، والحاكم في "المستدرك" (1/559- 560) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2502 و5598 و7116) ، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء" (2/812) .
(2) في (أ) : «عن» بدل: «ابن» .
(3) في (ك) : «أنه كان أتى» .
(4) في (أ) و (ف) : «محبور» ، ويبدو أنها كانت في (ش) : «مجنون» ، ثم أصلحت لتكون: «محبور» ، إلا أن إصلاحها كان على الأصل فأصبحت غيرَ واضحة.
(5) ذهب ابن الأثير في "النهاية" (5/56 - نشط) إلى تخطئة ما جاء في الروايات بلفظ: «نَشِطَ من عقال» بمعنى حُلَّ، وأشار إلى أنَّ الصواب: «أُنْشِطَ» كما في حديث السِّحر، لكنَّه متعقَّب بما ذكره ابن الأثير نفسُهُ من كثرة ورود هذه الرواية في الأحاديث، وبما ذكره أهل اللغة من أنَّه يقال: نَشِطَ من عقال، وأُنْشِطَ» بمعنى حُلَّ. انظر "تاج العروس" (نشط) .
(6) لم نقف على روايته من هذا الوجه. والحديث رواه الطيالسي في "مسنده" (1459) ، وأحمد في "مسنده" (5/211 رقم 21836) ، وأبو داود في "سننه" (3420 و3897 و3901) ، والنسائي في "الكبرى" (7534 و10871) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/126) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (631) ، والدارقطني في "سننه" (4/297) ، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (522) ، و"شعب الإيمان" (2365) من طريق شعبة، عن عبد الله بن أبي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بن الصلت، عن عمه، به. وليس فيه: «عن أنس» .
(6/508)
خارِجَة بْنِ الصَّلْت، عَنْ عمِّه، عَنْ أَنَسٍ هَكَذَا.
وَرَوَى إسماعيلُ بنُ مُجالِد، عَنِ الشَّعبي (1) ، عَنْ جابر بن عبد الله، عن النبيِّ (ص) بِهَذَا الْمَتْنِ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حديثُ ابْنِ أَبِي السَّفَر وَزَكَرِيَّا أصحُّ.
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: عمُّ خارِجَة يُسمَّى؟
قَالَ: لا (2) .
2709 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يَحْيَى بن عَبْدَك القَزْويني (3) ،
_________
(1) كذا في جميع النسخ! وليس لإسماعيل بن مجالد رواية عن الشعبي، وإنما المعروف بالرواية عنه: والده مجالد ابن سعيد، فقد يكون قوله: «ابن مجالد» متصحفًا عن قوله: «عن مجالد» .
(2) وقيل: اسمه: علاقة، وقيل غير ذلك.
(3) روايته أخرجها ابن جُمَيع الصَّيداوي في "معجم شيوخه" ص (237) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/185) ، والخطيب في "الموضح" (2/468) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (42/276- 277) ، والرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" (2/280- 281) و (3/18) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/509) .
قال الرافعي: «غريبٌ من حديث شعبة، عن عدي، لم يروه إلا حسان، ورواه الخلق عن عدي» أي: عن الأعمش، عن عدي.
= ... وقال الذهبي: «غريب عن شعبة، والمشهور حديث الأعمش عن عدي» .
(6/509)
عَنْ حَسَّان بْنِ حَسَّان الْبَصْرِيِّ - نَزِيلِ مكَّة - عَنْ شُعبة، عَنْ عَدِي بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيش، عَنْ عَلِيٍّ؛ أَنَّهُ قال: إنه (1) لَعَهْدُ النبيِّ (ص) إليَّ: لا يُحِبُّكَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلا يُبْغِضُكَ إِلاَّ مُنَافِقٌ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الأعمَش (2) ، عَنْ عَدِي (3) ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيش، عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَدْ رَوَى (4) عَنِ الأعمَش الخلقُ، والحديثُ معروفٌ بالأعمَش، وَمِنْ حَدِيثِ شُعبة غَلَطٌ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ شُعبة؛ كَانَ أولَ مَا يُسأل عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ (5) .
2710 - وسألتُ أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ وَهْب (6) ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّناد (7) ، عن عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي الحَكَم؛ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عند آبائي ورقةٌ يَتَوَارَثُونَهَا (8) ، فلمَّا كَانَ رسولُ الله (ص) ؛ جاؤوا بها إليه (9) ، فقرؤوها عليه، فإذا فيها: باسم اللَّهِ، وقولُه الحقُّ، وقولُ الظَّالِمِينَ في تَباب (10) ، هذا الذِّكْر لأُمَّةٍ تَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمان،
_________
(1) قوله: «إنه» سقط من (ك) .
(2) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (1/84 و95 و128 رقم642 و731 و1062) ، ومسلم في "صحيحه" (78) .
(3) في (أ) و (ش) : «عدي بن حاتم» .
(4) أي: هذا الحديثَ.
(5) انظر "العلل" للدارقطني (363) .
(6) هو: عبد الله.
(7) في (ش) : «عن أبي الزناد» ، وابن أبي الزناد هو: عبد الرحمن.
(8) في (ش) : «يتوارثها» ، وفي (ك) : «يتوارثوها» .
(9) في (ف) : «إليها» .
(10) في (ك) : «بيان» . والتَّبابُ: الخُسْران. "المصباح المنير" (ت ب ب/1/72) .
(6/510)
يَغسلون أطرافَهم، ويَأْتَزِرون عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، ويَخوضون البحورَ إِلَى أَعْدَائِهِمْ، وَفِيهِمْ صلاةٌ لَوْ كَانَتْ فِي قَوم نُوح مَا أُهلِكُوا بالطُّوفان (1) ، أَوْ فِي قَوْمِ عادٍ مَا أُهلِكُوا بالرِّيح، أَوْ فِي (2) ثَمُودَ مَا أُهلِكُوا (3) بالصَّيحة؟
قَالَ أَبِي: هُوَ عُمَرُ بْنُ الحَكَم بْنِ ثَوْبان (4) .
قَالَ أَبُو محمَّد: بَيْنَ عُمَرَ بن الحَكَم (5) وبين النبيِّ (ص) رجلٌ (6) ، وَهُوَ مُرسَلٌ، وَهُوَ حديثٌ مُنكَرٌ.
2711 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ محمَّد بْنِ المُنكَدِر (7) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قال: بينا رسولُ الله (ص) مارًّا (8) في
_________
(1) في (ك) : «في الطوفان» .
(2) قوله: «في» سقط من (أ) و (ش) .
(3) في (ف) : «هلكوا» .
(4) الحديث رواه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (211) من طريق ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ أبي الزناد، عن عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحكم، به.
ورواه الدينوري في "المجالسة" (1298) من طريق الأصمعي، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حفص - وكان من خيار الناس - به.
(5) من قوله: «بن ثوب ... » مكرَّر في (ك) ؛ لانتقال النظر.
(6) الحديث رواه البيهقي في "الدلائل" (1/382) من طريق سعد بن عبد الحميد، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحكم قال: حدثني بعض عمومتي وآبائي أنهم كانت عندهم ورقة ... فذكره.
(7) روايته أخرجها أبو يعلى في "مسنده" (1868) . ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" (7/156) .
(8) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «مارٌّ» بالرفع على أنَّه خبر المبتدأ، لكنَّ ما في النسخ صحيحٌ على أنَّه حالٌ منصوب سدَّ مسدَّ الخبر، وقد تقدم التعليق على نحوه في المسألة رقم (827) .
(6/511)
السُّوق؛ إِذَا امرأةٌ تَهتِفُ: يَا رسولَ اللَّهِ (1) ، إنَّ لِي زَوْجًا يُجْفيني (2) وَلا يُدْنيني؛ ففَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. فبعث رسولُ الله (ص) إِلَى زَوْجِهَا، فَسَأَلَهُ؟ فَقَالَ: إِنِّي لأُكرمُها وأُدنيها، قَالَ: فأَرْخَتْ دموعَها بشَهيقٍ، فَقَالَتْ: لا خيرَ فِي الْكَذِبِ، مَا فِي الأَرْضِ أبغضُ إليَّ مِنْهُ (3) . فتبسَّم رَسُولُ اللَّهِ (ص) ، وأخَذَ بطرَف قِناعها وَبِرَأْسِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَرِّي (4)
كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ (5) ، قَالَ: ثُمَّ ذهبَتْ (6) فلبثَتْ شَهْرًا (7) ، فَبَيْنَا النبيُّ (ص)
_________
(1) زاد بعده في النسخ عدا (ت) : «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
(2) فِي (ت) و (ك) : «يخفيني» ، ولم تنقط الجيم في (أ) و (ش) . ومعنى «يُجْفيني» : يُبعِدُني، من أجفاه: إذا أبعدَه. انظر "اللسان" (ج ف و/14/148) .
(3) قوله: «منه» مكرر في (ش) .
(4) كذا في جميع النسخ: «أَرِّي» بإثبات الياء في آخره، وهو فعلُ أمر معتلُّ الآخر، فحقُّه أن يُبنى على حذف الياء: «أرِّ» ، على لغة جمهور العرب، وما في النسخ لغةٌ تخرَّج تخريجين، وقد تقدَّم التعليق على مثلها في المسألة رقم (1112) . قال ابن الأثير في "النهاية" (1/42) : «اللهم أرِّ بينهما» ، أي: أَلِّف وأَثْبِت الودَّ بينهما؛ من قولهم: الدابةُ تَأْري الدابةَ: إذا انضمَّت إليها، وألِفَت معها مَعْلَفًا واحدًا، وآرَيْتُها أنا..ورواه ابن الأنباري: «اللهم أرِّ كلَّ واحد منهما صاحبَه» ، أي: احْبِس كلَّ واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرفَ قلبُه إلى غيره، من قولهم: تأرَّيتُ في المكان: إذا احتبَسْتَ فيه، وبه سُمِّيت الآخِيَّةُ آرِيًّا؛ لأنها تمنعُ الدوابَّ عن الانفِلات. وسُمِّيَ المَعْلَفُ آرِيًّا مجازًا، والصَّوابُ في هذه الرواية أن يقال: «اللهمَّ أرِّ كُلَّ واحد منهما على صاحبه» ، فإن صحَّت الرواية بحذف «على» فيكون كقولهم: تعلَّقتُ بفلان، وتعلَّقتُ فلانًا» اهـ.
وانظر «غريب الحديث» لأبي عبيد (3/51-52) .
(5) اللفظُ في رواية أبي يعلى السابقة: «اللَّهُمَّ، أَدْنِ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا مِنْ صاحبه» .
(6) في (أ) و (ش) : «ثم فذهبت» .
(7) في (ت) و (ك) : «شهدا» .
(6/512)
مارًّا (1) فِي السُّوق؛ إِذَا هِيَ قَدْ أقبلَتْ على رأسها أُدُمٌ، فألقَتْ، فَقَالَتْ: أشهدُ أَنَّكَ رسولُ اللَّهِ (ص) ، وَاللَّهِ مَا فِي الأَرْضِ أحبُّ إليَّ مِنْهُ؟
قَالَ أَبِي: هُوَ حديثٌ مُنكَرٌ.
2712 - وسُئِلَ (2) أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ المَوْصِلي (3) ، عَنِ الحَكَم بْنِ ظُهَير، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن عبد الرحمن السُّدِّي، عن عبد الرحمن بن سَابِط، عن جابر ابن عبد الله؛ قال: أتى النبيَّ (ص) رجلٌ مِنَ الْيَهُودِ، يُقَالُ لَهُ: بُسْتاني اليهودي، فقال: يامحمد، أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَآهَا يوسُف ... ، وَذَكَرَ الحديثَ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا حديثٌ مُنكَر، لَيْسَ بشيء (4) .
_________
(1) كذا في جميع النسخ، وتقدم التعليق عليه في أول المسألة.
(2) نقل الزيلعي في "تخريج الكشاف" (2/161) حكم أبي زرعة على هذا الحديث.
(3) روايته أخرجها أبو يعلى في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (3635) .
وروى الحديثَ سعيد بن منصور في التفسير من "سننه" (1111) عن الحكم بن ظهير، به.
ومن طريق سعيد رواه العقيلي في "الضعفاء" (1/259) ، والبيهقي في "الدلائل" (6/277) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/216) .
ورواه البزار في "مسنده" (2220/ كشف الأستار) ، وأبو يعلى في "مسنده" - كما في "المطالب العالية" (3635) - وابن جرير الطبري في "تفسيره" (15/555) ، وابن أبي حاتم في "التفسير" (11332) تعليقًا، والدارقطني في "الأفراد" (107/ب/ أطراف الغرائب) من طرق عن الحكم بن ظهير، به.
ومن طريق أبي يعلى رواه ابن حبان في "المجروحين" (1/250-251) .
ورواه الحاكم في "المستدرك" (4/396) من طريق أسباط بن نصر، عن السدي، به.
(4) قال البزار: «لا نعلمه يُروى عن النبيِّ (ص) إلا بهذا الإسناد، والحكم فليس بالقوي، وقد روى عنه جماعة» .
وذكر العقيلي هذا الحديث وبعض الأحاديث المنتقدة على الحكم بن ظهير، ثم قال: «ولا يصحُّ من هذه المتون عن النبيِّ _ج شيءٌ من وجه ثابت» .
وقال ابن حبان: «وهذا لا أصلَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ رسول الله (ص) » .
وقال الدارقطني: «تفرَّد به الْحَكَمِ بْنِ ظَهِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ إسماعيل، عنه» .
وقال ابن الجوزي: «هذا حديث موضوع على رسول الله (ص) ، وكأن واضعه قصد شَيْن الإسلام بمثل هذا» .
(6/513)
2713 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيد أَبُو قُدامَة (1) ، عَنْ أَبِي عِمران الجَوْني (2) ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: بَيْنَمَا النبيُّ (ص) جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ؛ إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ، فنَكَتَ فِي ظَهْرِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا مثلُ وَكْرَي الطَّير ... ثُمَّ ذكرتُ لَهُمَا الحديث بطوله؟
_________
(1) روايته أخرجها سعيد بن منصور في التفسير من = = "سننه" (1256) .
ومن طريق سعيد رواه البزار في "مسنده" (58/ كشف الأستار) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (2/520) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (302 و360) ، والطبراني في "الأوسط" (6214) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/316) . قال البزار: «وهذا لا نعلم رواه إلا أنس، ولا رواه عن أبي عمران إلا الحارث، وكان بصريًّا مشهورًا» .
فتعقَّبه الحافظ ابن حجر بقوله: «قلت: أخرج له الشيخان، وهو مع ذاك له مناكير؛ هذا منها» . وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ أبي عمران الجوني إلا الحارث» . وقال أبو نعيم: «غريب، لم نكتبه إلا من حديث أبي عمران، عن أنس، تفرَّد به عنه الحارث» .
وعزا الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/198) الحديث لسعيد بن منصور والبزار، ثم قال: «ورجاله لا بأس بهم، إلا أن الدارقطني ذكر له علَّة تقتضي إرساله» .
(2) هو: عبد الملك بن حبيب.
(6/514)
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ كما رواه حمَّاد ابن سَلَمة (1) ، عَنْ أَبِي عِمران، عَنْ محمَّد بْنِ عُمَير بْنِ عُطارِد بْنِ حاجِبٍ الدَّارِيّ؛ قَالَ: بَيْنَمَا النبيُّ (ص) ... مُرسَلً (2) ، وذكَرَ الحديثَ.
فَقَالَ (3) : هَذَا الحديثُ هُوَ (4) الصَّحيحُ.
2714 - وسألتُ (5) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يونس، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عن النبيِّ (ص) ؛ في المِعْراج.
_________
(1) روايته أخرجها ابن المبارك في"الزهد" (220) .
ومن طريقه رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (55/38) .
وأخرجه أيضًا في (55/39) من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ حَمَّادِ، به.
قال ابن عساكر: «هذا هو المحفوظ، وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حماد، فقال: عن محمد، عن أبيه» .
ونص البخاري في "التاريخ الكبير" (1/194 رقم597) على أن الرواية مرسلة، وتقدم ذكر ابن حجر لإعلال الدارقطني للحديث بالإرسال.
وقال أبو الشيخ في الموضع السابق من "العظمة": «ورواه ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عطارد بن حاجب ح، عن النبيِّ (ص) بمثل معناه، وهو الصَّحيح» .
وانظر "الإصابة" (10/73-74) .
(2) كذا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وانظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(3) كذا في جميع النسخ، والظاهر: أنَّ المراد: أبو حاتم وأبو زرعة، كما في السؤال والجواب السابقين لكن يخرَّج ما وقع هنا على الاجتزاء، والأصل: «فقالا» بألف المثنَّى، غير أن هذه الألف حذفت اكتفاءً بالفتحة على اللام قبلها، والاجتزاء لغة هوازن وعُلْيا قيس. انظر بيانها في التعليق على المسألة رقم (679) .
(4) المثبت من (ك) ، وفي بقية النسخ: «وهو» بالواو.
(5) تقدمت هذه المسألة برقم (315) و (316) .
(6/515)
وَرَوَاهُ قَتادة، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعة، عَنِ النبيِّ (ص) .
فَقِيلَ لأَبِي: أيُّهما أشبهُ؟
قَالَ: أَنَا لا أعدِلُ بالزُّهري أحدًا مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ.
قَالَ أَبِي: أرجو أن يكونا جَميعًا صحيحَين.
وَقَالَ مرَّة: حديثُ الزُّهري أصحُّ.
قلتُ: وَقَدِ اخْتَلَفُوا عَلَى الزُّهري؟
قَالَ: نعم، منهم من يَقُولُ: عَنِ الزُّهري، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب.
والزُّهريُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أصحُّ.
2715 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وحدَّثنا عَنِ عبد الجبَّار بْنِ سَعِيدٍ المُساحِقي، عَنْ يَحْيَى بْنِ محمَّد بْنِ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ محمَّد بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مُعاذ بْنِ جَبَلٍ؛ قَالَ: كَانَ وَشَلٌ (2)
بالطَّريق يخرُجُ مِنْهُ الماءُ، فيجتمعُ تحتَ ذَلِكَ الوَشَل
_________
(1) هو: محمد.
(2) في (ك) : «وشك» . والوَشَلُ: ماءٌ قليلٌ يَتَحَلَّبُ من جبلٍ أو صخرة يقطُر منه قليلاً قليلاً. "اللسان" (11/725) .
ولعل المرادَ بقوله: «كَانَ وَشَلٌ بِالطَّرِيقِ يَخْرُجُ مِنْهُ الماء» : جبلٌ أو صخرةٌ، وقد سماها باسم = = ما يخرُجُ منها من ماء، وهذا من باب إطلاق الشيء على ما يتعلَّق به، وهي جادَّة في العربية مسلوكة.
(6/516)
ما يُرْوي الراكبَ والراكبين والثلاثة، يقال لها: وادي الشَّفيق (1) ، فقال رسولُ الله (ص) : مَنْ سَبَقَنَا إِلَى المَاءِ، فَلاَ يَقْرَبَنَّهُ، فسبقَهُ إِلَيْهِ ناسٌ مِنَ المنافقين، فاستَقَوا مِنْهُ، فلمَّا أَتَاهُ رسولُ اللَّهِ (ص) وَقَفَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يرَ فِيهِ شَيْئًا، فَقَالَ: مَنْ سَبَقَنَا إِلَى هَذَا المَاءِ؟ ، قَالُوا: فلانٌ وفلانٌ وفلان، فقال: أَوَ لَمْ نَنْهاكُمْ (2) أنْ لا يَقْرَبَنَّهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ حتَّى آتِيَهُ؟! ، فلعنهُم رسولُ الله، وَدَعَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ نَزَلَ رسولُ الله (ص) فَوَضَعَ يدَه تَحْتَ ذَلِكَ الوَشَلِ حَتَّى انصَبَّ فِي يَدِهِ مِنْهُ، ثُمَّ نَضَحَ فمَهُ ومَسَحَه، وَدَعَا اللَّهَ عزَّ وجلَّ فِيهِ بِمَا شَاءَ أَنْ يدعوَ، فانخَرَقَ مِنَ الْمَاءِ مَا يقولُ مَنْ سمعَه: إنَّ لَهُ لَحِسًّا مثلَ حِسِّ الصَّواعق، فشربَ النَّاسُ واستَقَوا.
فسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: رَوَى هَذَا الحديثَ مالكٌ (3) ، عَنْ أَبِي الزُّبَير، عَنْ أَبِي الطُّفَيل، عَن مُعاذ بن جبل، عن النبيِّ (ص) ، وَهُوَ الصَّحيحُ عِنْدِي، ومحمدُ بنُ مُسْلِمٍ هُوَ عِنْدِي: أَبُو الزُّبَير.
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والحديث في "سيرة ابن إسحاق" (4/527/ابن هشام) هكذا: «يقال له: وادي المُشَقَّق» ، وكذا رواه ابن جرير الطبري في "تاريخه" (3/350) عن ابن إسحاق، وبهذا الاسم ذكره ياقوت في "معجم البلدان" (5/135) نقلاً عن ابن إسحاق. وانظر "الثقات" لابن حبان (2/98) .
(2) كذا في جميع النسخ، ويخرَّج على لغة من يثبت حرف العلة مع الجازم، وهي لغة لبعض العرب، ووجِّهت توجيهين، ذكرناهما في التعليق على المسألة رقم (228) .
(3) في "الموطأ" (1/143 رقم328) . ومن طريقه أخرجه مسلم في "صحيحه" (706) عقب الحديث رقم (2281) . وانظر المسألة رقم (245) .
(6/517)
عِلَلُ (1) أَخْبَارٍ رُوِيَتْ (2) فِي دَلاَلاَتِ النُّبُوَّةِ
2682 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يعقوبُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثير، عَنِ ابْنِ حَلْحَلة (4) ، عن طلحة ابن عُبَيدالله (5) بْنِ كَرِيز: أَنَّهُ سَمِعَ أمَّ سَلَمة تَقُولُ: إنَّا لنَجِدُ صفةَ رسول الله (ص) فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: اسمُهُ المُتَوَكِّلُ، لَيْس بِفَظٍّ، وَلا غَليظٍ، وَلا سَخَّابٍ بالأَسواق، وَلا يأخُذُ بِالسَّيِّئَةِ إِذا سَمِعَها، ولَكِنْ يُطْفيهَا، بعَثْتُهُ (6) أَعطَيتُهُ مَفَاتيحَ ليَفتَحَ عُيونًا عُورًا، وليُسْمِعَ آذَانًا وُقْرًا، وليُحْيِيَ قُلوبًا غُلْفًا، ولِيُقيمَ أَلْسِنَةً مُعْوَجَّةً (7) ، حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ عِنْدي غيرُ مَحْفُوظٍ، وَلا أَحسَبُ سَمِعَ طَلْحَةُ مِنْ أُمِّ سَلَمة، ويشبهُ أَنْ يكونَ هَذَا مِنْ كَلامِ كَعْب (8) .
_________
(1) المثبت من (ف) و (ك) ، وفي بقية النسخ: «باب علل» .
(2) في (ت) : «الأخبار المروية» .
(3) روايته أخرجها الحربي في "غريب الحديث" (3/1132) .
(4) هو: محمد بن عمرو.
(5) في (ف) : «عبيد» بدل: «عبيد الله» .
(6) كذا في (ف) و (ك) ، ولم تنقط في (أ) و (ش) ، ولم تتضح في (ت) .
(7) في (ك) : «معرجة» .
(8) يعني: كعب الأحبار. وحديثه أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/360) ، والإمام أحمد في "المسند" (2/174 رقم 6622) ، والدارمي في "مسنده" (5-8) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/376 و377) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/174 رقم 6622) ، والبخاري في "صحيحه" (2125 و4838) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(6/476)
2683- وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ محمَّد بْنُ الْقَاسِمِ الأَسَدي (2) ، عَنْ شُعبة، عن عبد العزيز (3) بْنِ صُهَيب، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ص) جُمَّةٌ (4) جَعْدَةٌ (5) ؟
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، لَمْ يَرْوِهِ غيرُ محمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ (6) .
2684 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو كُدَيْنَة (7) ،
وعِمرانُ بنُ عُيَينة، وشُعَيب بْنُ صَفْوان، عَنْ عَطاء بْنِ السَّائب، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ جدِّه؛ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النبيِّ (ص) ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ شَيْءٍ لا يعلمُه إِلا نبيٌّ؛ أَخْبِرْنِي عَنْ ماءِ الرَّجُل، وماءِ الْمَرْأَةِ ... ، وَذَكَرَ الحديثَ؟
_________
(1) هذه المسألة بتمامها سقطت من (أ) و (ش) .
(2) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (2390/كشف الأستار) ، والبغوي في "الجعديات" (1440) ، والطبراني في "الأوسط" (2/344 و2177) ، وابن عدي في "الكامل" (6/249) .
(3) في (ف) : «عبد الله» .
(4) الجُمَّةُ: ما سقَط من شعر الرأس على المَنْكِبَين. انظر "النهاية" (1/300) .
(5) الشَّعرُ الجَعْدُ: خِلافُ المُستَرسِل، أي: الذي فيه التِواءٌ وتقَبُّض. انظر "المصباح المنير" (ج ع د 1/102) .
(6) قال البزار في الموضع السابق: «تفرَّد به محمد بن القاسم، وقد حدَّث بأحاديثَ لم يُتابع عليها» .
وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ شعبة إلا محمد بن القاسم» .
وقال ابن عدي: «لا أعلم يرويه عن شعبة بهذا الإسناد غير محمد» .
ومحمد بن القاسم كذَّاب؛ كذبه الإمام أحمد والدارقطني. انظر "ميزان الاعتدال" (4/11 رقم 8066) .
(7) هو: يحيى بن المهلب. وروايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (1/465 رقم 4438) ، والبزار في "مسنده" (2000) ، والنسائي في "الكبرى" (9075) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/1628-1629 رقم 1072) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10/172 رقم 10360) من طريق حمزة الزيات، عن عطاء بن السائب، به.
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الله إلا عطاء بن السائب، ولا نحفظ أن أحدًا رواه عن عطاء إلا أبو كُدَينة» .
(6/477)
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة، عن عَطاء ابن السَّائب، عَنِ الْقَاسِمِ؛ قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إلى النبيِّ (ص) .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما أصحُّ؛ مِنْ حديث عَطاء ابن السَّائب؟
قَالَ: اتَّفقَ ثلاثةُ أنفُسٍ (1) عَلَى التَّوصيل (2) .
2685 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وَذَكَرَ حَدِيثًا حدَّثنا بِهِ عَنْ محمَّد بن عبد الله بْنِ نُمَير (3) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكير، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (4) ، عَنْ أَبِيهِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسار؛ قَالَ: حدَّثني رجلٌ مِنْ بَنِي مازِن، عَنْ أَبِي واقِدٍ اللَّيثي؛ قَالَ: إِنِّي لأَتْبَعُ يَوْمَ بَدْر رَجُلا من المشركين لأضربَه (5) ،
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «ثلاثُ أنفُسٍ» ؛ لأن «النفس» مؤنَّثة، والعدد هنا يخالف المعدود في نوعه، ولكن يخرَّج ما في النسخ على الحمل على المعنى بتذكير المؤنث، كأنه قال: «ثلاثة أشخاص» ، أو «ثلاثة رواةٍ ذكور» ونحو ذلك. وانظر التعليق على المسألة رقم (270) ، و"الإنصاف" لابن الأنباري (2/771) .
(2) قوله: «التوصيل» مصدرُ «وصَّل الحديثَ يوصِّله» ، وهو في معنى: الوَصْل. انظر التعليق على ذلك في المسألة رقم (163) .
(3) في (ف) : «عن محمد بن محمد بن عبد الله بن نمير» . ورواية محمد بن عبد الله بن نمير لم نقف عليها، وقد أخرج الحديثَ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (67/277) من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، به.
(4) هو: محمد.
(5) في (ت) و (ف) و (ك) : «لأضرب» .
(6/478)
فَوَقَعَ (1) رأسُه قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي، فعرفتُ أنَّ غَيْرِي قَتَلَهُ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا عِنْدِي خطأٌ؛ والصَّحيحُ مَا حدَّثنا يوسفُ بنُ بُهْلول، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ (2) ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ بَنِي مازِن، عَنْ أَبِي دَاوُدَ المازِني - وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا - قَالَ: إِنِّي (3) لأتبعُ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ...
قَالَ (4) : وحدَّثنا عبد الرحيم بْنُ مُطَرِّف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَزِيع، عَنْ محمَّد بْنِ (5) إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رجالٍ مِنْ بَنِي مازِنٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ المازِني (6) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ: «أَبِي (7) دَاوُدَ المازِني» ، وَالَّذِي قَالَ:
_________
(1) في (ك) : «فرفع» .
(2) هو: عبد الله.
(3) في (ك) : «أبي» .
(4) أي: أبو زرعة.
(5) قوله: «محمد بن» مكرر في (أ) .
(6) الحديث أخرجه ابن هشام في "السيرة" (2/633) من طريق زياد بن البكاء، والإمام أحمد في "المسند" (5/450 رقم 23778) ، والدولابي في "الكنى" (1/69) من طريق يزيد، وابن جرير في "تفسيره" (7/175-176) من طريق سلمة بن الفضل، ثلاثتهم عن محمد ابن إسحاق، به.
وأخرجه الإمام أحمد (5/450 رقم 23778) من طريق يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن إسحاق، عن أبيه قال: قال أبو داود.
(7) كذا في جميع النسخ، وكأنَّه غيَّرها في (ت) إلى «أبو» ، لكن يخرَّج ما في النسخ على وجهين: الأوَّل: على تقدير حرف الجرِّ «عن» ، أي: عن أبي داود، لكن حُذِفَ الحرفُ وبقي الاسم مجرورًا، وقد علَّقنا على ذلك في المسألة رقم (440) .
والثاني: على حكاية اللفظ المتقدم في الإسناد السابق. وانظر لـ «الحكاية» التعليق على المسألة رقم (22) .
(6/479)
«عَنْ أَبِي واقِد» فقد أخطأ.
2686 - وسمعتُ أَبِي (1) وَذَكَرَ حديثَ أُمِّ مَعْبَد - فِي الصِّفَةِ (2) - الَّذِي رَوَاهُ بِشْر بْنُ محمَّد السُّكَّرِي (3) ، عَنْ عبد الملك بْنِ وَهْب المَذْحِجي، عَنِ الحُرِّ بن (4) الصَّيَّاح (5) .
فَقَالَ: قِيلَ لِي (6) : إنَّه يُشْبِهُ أَنْ يكونَ مِنْ حَدِيثِ سُلَيمان بْنِ عَمْرٍو النَّخَعي؛ لأَنَّ سُلَيمان ابن عمرو هو: ابن (7) عبد الله بْنِ وَهْب النَّخَعي، فتُركَ «سُلَيمان» ، وجُعِلَ «عبد الملك» ؛ لأنَّ (8) الناسَ كلَّهم عَبيدُ اللهِ، ونُسِبَ إِلَى جدِّه وَهْب، والْمَذْحِجُ (9) قبيلةٌ من نَخَع.
_________
(1) في (ت) و (ك) : «قال أبو زرعة: سمعت أبي» .
(2) أي: صفة النبيِّ (ص) ؛ فقد أخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/230-231) ، عن أم معبد أنها وصفت النبي (ص) لزوجها، فقالت: «رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، متبلِّج الوجه، حسَنَ الخَلْق، لم تَعِبْهُ ثُجْلَة، ولم تُزرِبه صَلْعة، وَسِيم قَسيم، في عينيه دَعج ... » الحديث.
(3) روايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (1/230) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2/84) ، وابن عدي في "الكامل" (2/18) ، والحاكم في "المستدرك" = = (3/11) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/3019 رقم 7001) .
(4) في (ف) : «الحرير بن» دون نقط الباء.
(5) في (أ) و (ش) و (ف) و (ك) : «الصباح» بالباء الموحَّدة، ولم تنقط في (ت) ، والمثبت من "الجرح والتعديل" (3/277 رقم1236) ، و"توضيح المشتبه" (5/399) .
(6) قوله: «لي» ليس في (ف) .
(7) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(8) في (ك) : «لا» بدل: «لأن» .
(9) في (أ) : «والمرحج» بالراء.
(6/480)
قَالَ أَبِي: يَحتمِلُ أَنْ يكونَ هكذا؛ لأن الحُرَّ بن الصَّيَّاح (1) ثِقَةٌ (2) ، رَوَى عَنْهُ شُعبة، والثَّوري، والحسن بن عُبَيدالله النَّخَعي، وشَريك، فَلَوْ أنَّ هَذَا الحديثَ عَنِ الحُرِّ؛ كَانَ أولَ مَا يُسأل عَنْهُ؛ فَأَيْنَ كَانَ هَؤُلاءِ الحفَّاظ عَنْهُ (3) ؟!!
2687 - وسمعتُ أَبِي ح ذَكَرَ (4) حَدِيثًا رَوَاهُ ابْنُ فُضَيل (5) ، عَنْ أَبِي حيَّان (6) ، عَنْ عَطاء (7) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: كُنَّا مع النبيِّ (ص) فِي سَفَر، فَأَقْبَلَ أعرابيٌّ، فَقَالَ له النبيُّ (ص) : هَلْ لَكَ إِلَى خَيْرٍ مِنَ
_________
(1) في (أ) و (ش) و (ك) : «الصباح» ، ولم تنقط في (ت) ، والمثبت من (ف) ، وانظر التعليق أول المسألة.
(2) قال ابن حجر في "الإصابة" (3/37 رقم1360) : «الحُرُّ الخَثْعَمي: تابعيٌّ أرسل حديثًا، فذكره بعضُهم في الصَّحابة؛ أخرجه البَلاذُري من طريق عبد الملك بن وَهْب، عن الحُرِّ الخَثْعَمي: أن النبي (ص) لما خرج مهاجرًا؛ مرَّ بامرأة يقال لها: عاتِكَة بنت خالد، وهي أم معبد ... ، فذكر حديثها» . اهـ.
(3) وذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/373 رقم1744) عن أبيه أنه قال: قال بعضُ أصحابنا: إن عبد الملك بن وَهْب هذا معمول [كذا] ! عن اسمه، وهو سليمان بن عمرو بن عبد الله بن وَهْب النخعي؛ نَسَبَهُ إلى جدِّه وَهْب، وسَمَّاه عبد الملك، والناس مُعَبَّدون: عَبِيد الله» . وانظر"الجرح والتعديل" أيضًا (2/349-350 رقم1327) .
(4) في (ف) : «وسمعت أبي وذكر» .
(5) هو: محمد. وروايته أخرجها الدارمي في "مسنده" (16) ، والفاكهي في "أخبار مكة" (4/29 رقم 2328) ، والبزار في "مسنده" (2411/كشف الأستار) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5662) ، وابن حبان في "صحيحه" (6505) ، والطبراني في "الكبير" (12/330 رقم 13582) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/14-15) .
(6) هو: يحيى بن سعيد بن حيَّان.
(7) هو: ابن أبي رَباح.
(6/481)
الذَّهَابِ (1) ؟ ، قَالَ: نَعَمْ؛ قَالَ: تَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَنِّي رَسُولُ اللهِ، قَالَ الأَعْرَابِيُّ: فمَن يشهدُ لَكَ؟ قَالَ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتي عَلَى دَارِي ... ، الْحَدِيثَ.
قَالَ أَبِي: وَقَدْ (2) حدَّثنا عليٌّ الطَّنافِسي (3) ، وعبد المؤمن بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ فُضَيل هَكَذَا، وَأَنَا أنكرُ هَذَا؛ لأنَّ أَبَا حيَّان (4) لَمْ يَسمَع مِنْ عَطاء، وَلَمْ يَروِ عَنْهُ، وَلَيْسَ هَذَا الحديثُ مِنْ حَدِيثِ عَطاء (5) .
قلتُ: مَنْ تَرَاهُ؟
قَالَ: بِحَدِيثِ أبي جَنابٍ (6) أشبهُ.
2688 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ (7) حمَّاد بْنُ سَلَمة، عن ثابتٍ (8) ، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى: أنَّ أَبَا طلحة صنع
_________
(1) يعني: خير من الذهاب إلى أهله؛ كما في مصادر التخريج، ولفظه: كنا مع النبيِّ (ص) في سفر، فأقبل أعرابيٌّ، فلما دنا منه؛ قال رسول الله (ص) : «أينَ تريدُ؟» ، قال: إلى أهلي؛ قال: «هل لك إلى خَيرٍ؟» ... إلخ.
(2) قوله: «قد» سقط من (ش) .
(3) هو: علي بن محمد.
(4) في (ف) : «حبان» بالموحَّدة.
(5) قال البزار في الموضع السابق: «لا نعلم رواه عن ابن عمر بهذا اللفظ وهذا الإسناد إلا محمد بن فضيل، ولا نعلم أسند أبو حيان عن عطاء إلا هذا الحديث» .
وقال الدارقطني في "الأفراد" (182/أ/أطراف الغرائب) : «تفرَّد به محمد بن فضيل، عن أبي حيان التيمي يحيى بن سعيد بن حيان، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَباح، عنه» .
(6) في (ت) و (ش) و (ف) و (ك) : «أبي جناد» ، والمثبت من (أ) ، وأبو جَنابٍ هذا هو: يحيى بن أبي حَيَّة. انظر "تهذيب الكمال" (31/284-285) .
(7) قوله: «رواه» ليس في (ف) .
(8) هو: ابن أسلم البُناني.
(6/482)
طَعَامًا ... ، وَذَكَرَ القصَّةَ.
قلتُ: وَرَوَاهُ مُبارَكُ بْن فَضالَة (1) ، عَن ثابت، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ أَبَا طَلْحَةَ ... ؟
قَالَ أَبِي: ثابتٌ لا يَقُولُ فِي هَذَا: عَنْ أَنَسٍ. وَرَوَاهُ عبدُالملك بنُ عُمَير (2) ، وحُصَين (3) ؛ فَقَالا: عَنْ عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَنَسٍ ... ، القصَّة.
قال أبي: وعبد الملك وحُصَين أعلمُ بعبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ ثَابِتٍ؛ زادَ (4) رجلا (5) .
2689 - وسألتُ (6) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ جَرير بْنُ حَازِمٍ (7) ، عَنْ قَتادة، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كَانَ ضَخمَ الكَفَّين والقَدَمين؟
_________
(1) روايته أخرجها أبو بكر الفريابي في "دلائل النبوة" (11) ، وأبو يعلى في "مسنده" (4151) من طريق المبارك بن فضالة، عن بكر بن عبد الله وثابت، عن أنس.
ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5285) .
(2) روايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (2040) .
(3) هو: ابن عبد الرحمن السُّلَمي.
(4) كذا في جميع النسخ: «زاد» ، والفاعل: عبد الملك وحصين، فالجادة أن يقول: «زادا» بألف المثنى، ويخرَّج ما في النسخ على أنه من باب إنابة الحركة عن الحرف، أي: نابت فتحةُ الدال عن ألف الاثنين. وانظر في الاجتزاء بالحركات عن الحروف في التعليق على المسألة رقم (679) .
(5) وقد أخرجه البخاري في"صحيحه" (422) ، ومسلم (2040) من طرق أخرى عن أنس.
(6) نقل ابن حجر في "النكت الظراف" (1/302 رقم 1149) بعضَ هذه المسألة بتصرف.
(7) سيأتي تخريج روايته آخر المسألة.
(6/483)
فَقَالَ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ على مَا رَوَاهُ همَّام (1) ، عَنْ قَتادة، عَنْ رجُل حدَّثه، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ (ص) (2) .
_________
(1) هو: ابن يحيى. وسيأتي تخريج روايته.
(2) هذا الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" من هذين الوجهين، فأخرجه أولاً (5906 و5907) من طريق جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عن أنس، ثم أخرجه (5908 و5909) من طريق معاذ بن هانئ، عن هَمَّام بْن يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عن أنس، أو عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثم علَّقه البخاري عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَن أنس، ثم قال: «وقال أبو هلال: حدثنا قتادة، عن أنس، أو جابر بن عبد الله ... » ، فذكره.
وذكر ابن حجر في "فتح الباري" (10/358-359) طريق همام التي فيها زيادة: أو عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ» ، ثم قال: «وهذه الزيادة لا تأثير لها في صحَّة الحديث؛ لأن الذين جزموا بكون الحديث عن قتادة عن أنس أضبطُ وأتقنُ من معاذ بن هانئ، وهم: حبان ابن هلال، وموسى بن إسماعيل كما هنا، وكذا جرير ابن حازم كما مضى، ومعمر كما سيأتي حيثُ جزما به عن قتادة عن أنس، ويحتمل أن يكونَ عند قتادة من الوجهين، والرجل المبهم يحتمل أن يكونَ هو سعيد بن المسيب، فقد أخرج ابن سعد من روايته عن أبي هريرة نحوه، وقتادة معروف بالرواية عن سعيد بن المسيب، وجوَّز الكرماني أن يكونَ الحديث من مسند أبي هريرة، وإنما وقع التردُّد في الراوي؛ هل هو أنس أو رجل مبهم؟ ثم رجَّح كون التردُّد في كونه من مسند أنس أو من مسند أبي هريرة بأن أنسًا خادم النبي (ص) وهو أعرف بوصفه من غيره، فبَعُدَ أن يروي عن رجل عن صحابي آخرَ هو أقل ملازمة له منه. اهـ. وكلامه الأخيرُ لا يحتمله السياق أصلاً؛ وإنما الاحتمالُ البعيد ما ذكره أولاً، والحق: أن التردُّد فيه من معاذ بن هانئ؛ هل حدثه به همام عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أو: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَن أبي هريرة، وبهذا جزم أبو مسعود، والحميدي، والمزي، وغيرهم من الحفاظ» . ثم أعلَّ ابن حجر مخالفةَ أبي هلال، فقال: «وأبو هلال اسمه: محمد بن سليم الرَّاسبي - بكسر المهملة والموحّدة -، بصري صدوق، وقد [ضُعِّف] من قِبَل حفظه، فلا تأثير لشكِّه أيضًا، وقد بيَّنَت إحدى روايات جرير بن حازم صحَّة الحديث بتصريح قتادة بسماعه له من أنس، = = وكأن المصنف أراد بسياق هذه الطرق بيان الاختلاف فيه على قتادة، وأنه لا تأثير له، ولا يقدح في صحة الحديث» . اهـ.
(6/484)
2690 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إبراهيمُ بنُ محمَّد الفِرْيابي (1) ، عَنْ محمَّد بن عبد الرحمن - مِنْ (2) وَلَدِ شدَّاد بْنِ أَوْس- عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّه شدَّادِ بنِ أَوْس؛ قَالَ: لمَّا دَنَت وفاةُ رسول الله (ص) ؛ قَامَ شدَّاد بْنُ أَوْس (3) ، ثُمَّ جلَسَ، فَقَالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ (ص) : مَا تَلَقَّاكَ (4) يَا شدَّادُ؟ ، فقال (5) : يَا رسولَ اللَّهِ (6) ، ضَاقَتْ بِيَ الأرضُ، قَالَ: لا، إِنَّ الشَّامَ سَتُفْتَحُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وبَيْتُ المَقْدِسِ سَتُفْتَحُ (7) إِنْ شَاءَ اللهُ، وتَكُونُ أَنْتَ ووَلَدُكَ ... (8) كَذَا، وَذَكَرَ الحديثَ؟
_________
(1) روايته أخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (22/408) ، والضياء المقدسي في "فضائل بيت المقدس" (39) . وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7/289 رقم 7162) من طريق مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن وارَة، عن محمد ابن عبد الرحمن بن شداد بن محمد بن شداد قال: سمعت أبي يذكر عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه، عَنِ شدَّاد بن أوس. كذا جاء عند الطبراني وأخرجه من طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (22/408-409) بالإسناد نفسه.
(2) قوله: «من» سقط من (ك) .
(3) من قوله: «قال: لما دنت ... » إلى هنا سقط من (ك) ؛ لانتقال النظر.
(4) كذا في جميع النسخ: «ما تلقاك» ، غير أنَّ التاءَ لم تنقَط في (ف) . وفي "تاريخ دمشق" و"فضائل بيت المقدس": «ما قَلَّقَكَ» ، وفي"معجم الطبراني": «ما لَكَ» .
(5) في (ف) : «قال» .
(6) كأن ناسخ (ف) ضبَّب على قوله: «يا رسول الله» .
(7) كذا في (ت) ، وفي (ك) : «سيفتح» بالمثناة التحتية، وهو الجادَّة، ولم تنقط في بقية النسخ، ويخرَّج ما أثبتناه على أنه حمل «بيت المقدس» على معنى «بقعة بيت المقدس» فأنث، وانظر في ذلك التعليق على المسألة (81) ، أو على تقدير مضاف؛ أي: ومدينة بيت المقدس ستفتح. وانظر في ذلك التعليق على المسألة رقم (2) .
(8) تَتمَّةُ الحديث: «وتَكُونُ أنتَ ووَلَدُكَ من بعدِكَ أئمةً بها إنْ شاءَ الله» .
(6/485)
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، ومحمد بن عبد الرحمن وَأَبُوهُ لا يُعرَفان.
2691 - وسمعتُ أَبِي وحدَّثنا عَنْ أَبِي عُمَير بْنِ النَّحَّاس (1) ، عَنْ أيُّوب بْنِ سُويد، عَنْ سُفْيَانَ (2) ، عَنِ ابْنِ المُنكَدِر (3) ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: مَا رأيتُ أَحَدًا أحسنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِي حُلَّةٍ حَمراءَ.
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا يَرْوِيهِ الثَّوري (4) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (5) ، عَنِ الْبَرَاءِ (6) .
2692 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الزُّبَيدي (7) ، عَنِ الزُّهري،
_________
(1) هو: عيسى بن محمد. وروايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (1/210-211 رقم 680) ، وابن عدي في "الكامل" (1/362) .
(2) في (ك) : «عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ سويد عن سفيان» ، وسفيان هو: الثوري.
(3) هو: محمد.
(4) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (4/290 و300 رقم 18558 و18666) ، ومسلم في "صحيحه" (2337) . وأخرجه أحمد (4/281 و295 و303 رقم 18473 و18613 و18700) ، والبخاري في "صحيحه" (3551 و5848 و5901) ، ومسلم (2337) من طرق عن أبي إسحاق، به.
(5) هو: عمرو بن عبد الله السبيعي.
(6) قال ابن عدي في الموضع السابق: «وهذا الحديث أخطأ أيوب بن سويد على الثوري، حيث قال: عن محمد بن المنكدر، وإنما رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أبي إسحاق، عن البراء» .
(7) هو: محمد بن الوليد. وروايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (1/124) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/361-362) ، والنسائي في "الكبرى" (6743) ، وابن صاعد في "زوائده على الزهد لابن المبارك" (766) ، والطبراني في "الكبير" (10/288 رقم 10686) . ووقع في إسناد الطبراني: محمد بن علي بن عبد الله بن عباس. ومن طريق الفسوي أخرجه البيهقي في "الكبرى" (7/49) ، ومن طريق ابن صاعد أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/71) ، ومن طريق الطبراني أخرجه المزي في "تهذيب الكمال" (25/491) .
(6/486)
عن محمَّد بن عبد الله بْن عباس (1) ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قال: أتى النبيَّ (ص) مَلَكٌ فخيَّره؛ فَقَالَ: إِنْ شئتَ نَبِيًّا مَلِكًا، وَإِنْ شئتَ نَبِيًّا (2) عَبْدًا ... الْحَدِيثَ.
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عيَّاش، عَنْ مُبَشِّر، عَنِ الزُّهري، عَنِ ابن عباس، عن النبيِّ (ص) .
قلتُ لأبي: المتصلُ محفوظٌ (3) ؟
_________
(1) ذكر المزي في "تحفة الأشراف" (5/232 رقم 6441) أن أبا القاسم ابن عساكر ذكر هذا الحديث في ترجمة = = محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن جده. وأنه قال في آخره: «كذا قال: "محمد بن عبد الله " وإنما هُوَ: " مُحَمَّدُ بْنُ عَليّ بْن عبد الله "» ، ثم تعقب المزيُّ ابن عساكر بقوله: «كذا قال أبو القاسم! والصَّواب: "محمد بن عبد الله" كما جاء في الرواية، وكذلك ذكره البخاري في "التاريخ" فيمن اسمه: "محمد بن عبد الله"، وروى حديثه هذا عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ بقية، وكذلك ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فيمن اسمه "محمد بن عبد الله"» .
وتعقب ابنُ حجر في "النكت الظراف" (5/232) المزيَّ بقوله: «ذكره الذهلي في "علل حديث الزهري" عن يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ بقية؛ في ترجمة محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ووقع في السند: «محمد بن عبد الله بن عباس» ، فالذهلي سلف ابن عساكر في دعوى أن «عليًّا» سقط بين محمد وعبد الله. وذكر شيخي [يعني: العراقي] في "شرح الترمذي" أن أبا الشيخ أخرجه من الوجه الذي أخرجه منه النسائي فوقع عنده في السَّند: «محمد بن علي بن عبد الله بن عباس» . وكذلك رُوِّيناه في "فوائد أبي محمد بن صاعد" من طريق عبد الله بن سالم، عن الزبيدي» . اهـ كلام الحافظ ابن حجر، وفيما ذكره عن ابن صاعد نظر، فقد تقدم أنه روى الحديث في "زوائده على الزهد لابن المبارك" كما في رواية الجماعة؛ لم يذكر عليًّا، والله أعلم.
(2) قوله: «ملكًا وإن شئت نبيًّا» سقط من (ك) .
(3) يعني بالمتصل: رواية الزبيدي التي فيها زيادة محمد بن عبد الله بن عباس في إسناده.
(6/487)
قَالَ: نَعَمْ.
قلتُ (1) : مَنْ مُبَشِّرٌ هَذَا؟ السَّعِيديُّ (2) ؟
قَالَ: هُوَ أُمَوِيٌّ عِنْدِي، وَأَرَى حَدِيثَهُ مُسْتَقِيمًا، يُكثرُ الروايةَ عَنِ الزُّهري (3) .
2693 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يَحْيَى الحِمَّاني (4) ، عَنْ قَيْس بْنِ الرَّبيع، عَنْ الأعمَش، عَنْ عِبَايَة بْنِ (5) رِبْعِيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : إِنَّ اللهَ قَسَمَ الخَلْقَ قِسْمَيْنِ،
_________
(1) قوله: «قلت» سقط من (ف) .
(2) السَّعيدي: من ولد سعيد بن العاص، كوفيٌّ ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8/342 رقم 1570) ، وذكر عن أبيه أنه يروي عن الزهري، ويروي عنه أبو بكر بن عياش، وقال: «لا أعلم روى عنه غير أبي بكر بن عياش» ، ثم ذكر "مبشِّرًا الشامي"، وذكر عن أبيه أنه قال: «روى عن الزهري، روى عنه الأوزاعي» ، وقال: «جمع البخاري بينهما، وهما مفترقان، أحدهما كوفيٌّ، والآخر: شاميٌّ» .
(3) اختُلف على الزهري في هذا الحديث اختلافًا آخر؛ فأخرجه معمر في "جامعه" (19551/مصنف عبد الرزاق) عن الزهري قال: جاء النبيَّ (ص) مَلكٌ ... فذكره. ومن طريق معمر أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (764) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (5247) ، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/380-381) . وجاء عند ابن المبارك وابن سعد عن الزهري قال: بلغنا أنه أتى النبيَّ (ص) مَلَكٌ ... فذكره.
قال ابن حجر في "النكت الظراف" (5/233) : «ورواه مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أن النبيَّ (ص) جاءه ... فذكر الحديث. وقيل: إن هذا أرجحُ طرقه، والله أعلم.
(4) هو: يحيى بن عبد الحميد. وروايته أخرجها الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/498) ، والطبراني في "الكبير" (3/56-57 و12/81-82 رقم 2674 و12604) . ومن طريق الفسوي أخرجه البيهقي في دلائل النبوة" (1/170-171) .
(5) في (ش) : «عن» بدل: «بن» .
(6/488)
فَجَعَلَنِي في خَيْرِهَا (1) قِسْمًا؛ وذلك قَوْلُهُ: { (2) الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} (3) ، فَأَنَا مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ (4) . ثُمَّ قَسَمَ القِسْمَيْنِ أَثْلاثًا، فَجَعَلَني فِي خَيْرِهِمَا (5) ثُلُثًا؛ وذَلِكَ قَوْلُهُ: { (6) الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} (7) ، {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ *} (8) ، فَأَنَا مِنَ السَّابقِينَ، وأَنَا خَيْرُ السَّابقِينَ. ثُمَّ جَعَلَ الأَثْلاَثَ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي في خَيْرِها (9)
قَبِيلَةً؛ وذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} (10) ، فَأَنَا أَتْقَى وَلَدِ آدَمَ، وأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللهِ، ولاَ فَخْرَ. ثُمَّ جَعَلَ القَبَائِلَ بُيُوتًا، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتًا؛ وذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ (11) : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (12) ، فَأَنَا وَأَهْلُ
_________
(1) كذا، ومثله في "المعجم الكبير" (2674) ، وفي "المعرفة والتاريخ"، و"المعجمم الكبير" (12604) : «خيرهما» ، وهو الجادَّة، لكن يخرَّج ما في النسخ على الحمل على المعنى، أي: خير الأقسام، المذكورة، والله أعلم.
(2) في جميع النسخ: «أصحاب» بلا واو.
(3) الآية (27) من سورة الواقعة.
(4) قوله: «فأنا من أصحاب اليمين» سقط من (ك) ؛ لانتقال النظر.
(5) في (ك) : «خيرها» ، ومثله في "المعرفة والتاريخ"، و"دلائل النبوة"، وهو الجادَّة، أي: خير الأثلاث، = = وما أثبتناه من بقية النسخ، ووقع مثله في بقية مصادر التخريج، ويخرَّج على أن المراد: خير القسمين، والله أعلم.
(6) في (أ) و (ش) : «أصحاب» ، وفي (ت) و (ف) و (ك) : «وأصحاب» .
(7) الآية (8) من سورة الواقعة.
(8) الآية (10) من سورة الواقعة.
(9) في (ت) و (ك) : «خيرهم» ، وفي (ف) : «خيرهما» ..
(10) الآية (13) من سورة الحجرات.
(11) في (أ) و (ش) : «وذلك قوله تعالى» .
(12) الآية (33) من سورة الأحزاب.
(6/489)
بَيْتِي مُطَهَّرُونَ مِنَ (1) الذُّنُوبِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطِلٌ، وَكَانَ عِنْدَ الحِمَّانيِّ أحاديثُ عَنْ قَيْس، عَنِ الأعمَش، عَنْ عِبايَة، بعضُها عَنْ أَبِي أيُّوب (2) ، وبعضُها عَنْ عليٍّ.
2694 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ اختُلِفَ عَنِ الدَّراوَرْدي فِيهِ: فَرَوَى سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عبد العزيز الدَّراوَرْدي، عن عُمَارة ابن غَزِيَّة، عَنْ عبَّاد بْنِ تَميم، عن عبد الله بن زيد، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وحُجْرَتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ.
وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الدَّراوَرْدي، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ (3) عبَّاد بن تَميم، عن عبد الله بن زيد، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ؟
قَالَ أبو زرعة: حديثُ (4) عبد العزيز، عَنْ عُمارَة بْنِ غَزِيَّة أصَحُّ عندي (5) .
_________
(1) المثبت من (أ) ، وهو الجادَّة، ولم يتضح في (ش) ، وفي بقية النسخ: «عن» ، وهو صحيحٌ، ويخرَّج على التضمين؛ ضمَّن «مطهَّرون» معنى «منزَّهون» فعدَّاه بـ «عن» ؛ كأنَّه قال: منزَّهون عن الذنوب، والتضمينُ بابٌ واسعٌ في العربية.
(2) في (أ) و (ش) : «عن أيوب أبي أيوب» .
(3) في (ف) و (ك) : «بن» بدل: «عن» .
(4) في (ك) : «بحديث» .
(5) الحديث أخرجه مالك في "الموطأ" (1/197) عن عبد الله بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بن تميم، به. ومن طريق مالك أخرجه أحمد في "المسند" (4/40 رقم 16453) ، والبخاري في "صحيحه" (1195) ، ومسلم (1390) . وأخرجه الإمام أحمد (4/41 رقم 16461) ، ومسلم (1390) من طريق يزيد بن الهاد، عن أبي بكر ابن محمد بن عمر، عن عباد بن تميم، به.
(6/490)
2695 - وسُئِلَ (1) أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه عبد الرحمن بْنُ زِيَادٍ الرَّصاصِيُّ، عَنِ المَسعودي (2) ،
عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ ابْنِ يَعْلى بْنِ مُرَّة، عَنْ يَعْلى بن
_________
(1) انظر المسألة رقم (183) .
(2) هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. ولم نقف على رواية الرصاصي هذه عنه، ولكن لعلها التي أشار إليها أبو حاتم في المسألة رقم (183) حين سئل عن حديث داود بن عبد الحميد، عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنْ طاوس، عن ابن عباس؛ بذكر قصَّة النَّخلتين اللتين استتر النبيُّ (ص) بهما؟ فقال أبو حاتم: «هَذَا حديثٌ منكرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، إِنَّمَا رَوَى يُونُسُ بْنُ خبَّاب، واختُلِفَ عَلَيْهِ: فَرَوَى الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنِ ابْنِ يَعْلَى بْنِ مرَّة، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) . وروى عبد الله بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّة، عن النبيِّ (ص) . وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي عَنْ يُونُسَ بْنِ خبَّاب، عَنِ المِنهال بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ يَعْلَى، عَنْ أبيه، عن النبيِّ (ص) » .
وأخرجه قوام السنة الأصبهاني في "دلائل النبوة" (340) من طريق حجاج بن محمد، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنِ ابْنِ يَعْلَى بْنِ مرة الثقفي، عن أبيه، به بقصة الشَّجرتين، والغلام، والبعير. وهذه متابعة تامة للرصاصي. ورواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (633) من طريق محمد بن المصفى، عن يحيى ابن سعيد، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خباب، به بذكر = = قصة الغلام فقط، لكن تصحَّف منه «ابن يعلى بن مرة» إلى: «ابن ليلي بن مرة» . وللحديث طرق أخرى عن يعلى، منها: ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (19928 و23555 و23579 و31744) ، والإمام أحمد في "المسند" (4/170-171 رقم 17548) ، كلاهما من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن يعلى ابن مرة، به بذكر قصة الصبي، والشَّجرتين، والبعير.
وأخرجه أحمد أيضًا (4/173 رقم 17565) ، وعبد بن حميد (405) من طريق معمر، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عبيد الله بْنِ حَفْصٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مرة، به مثل سابقه، غير أنه جعل قصة الشجرتين شجرة واحدة سلَّمت على رسول الله (ص) .
وأخرجه البخاري تعليقًا في "التاريخ الكبير" (6/357) عن إسحاق بن أبي إسرائيل؛ حدثنا عبد الواحد الحداد؛ حدثنا خلف بن مهران العدوي؛ حدثني عمرو ابن عثمان بن يعلى؛ حدثني أبي، عن جدي ... ، فذكر قصة البعير فقط.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (22/261 رقم 672) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن عمر بن عبد الله بن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده، به بذكر قصة الصَّبي، والشَّجرتين، والبعير.
وأخرجه وكيع في "الزهد" (508) عن الأعمش، عَن المنهال بْن عَمْرٍو، عَنْ يعلى بن مرة، به مثل سابقه.
ومن طريق وكيع أخرجه الإمام أحمد (4/172 رقم 17563) ، وابن ماجه (339) ، لكن بذكر الشَّجرتين فقط.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (4/172 رقم 17563) من طريق وكيع بذكر قصة الغلام فقط، ثم قال الإمام أحمد: «وقال وكيع مرة: عن أبيه، ولم يقل: يا يعلى» ، ثم أخرجه برقم (17549 و17564) عن وكيع، وقال فيه: «عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنِ أبيه» ، وذكر قصة الغلام، والشَّجرتين.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1611) من طريق يحيى بن عيسى، والحاكم في "المستدرك" (2/617) من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن الأعمش، عن المنهال، عن يعلى، عن أبيه، به بذكر قصة الغلام، والبعير، والشَّجرتين.
وأخرجه الإمام أحمد (4/173 رقم17567) من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَن حبيب بن أبي عمرة، عن المنهال، عن يعلى، به كسابقه، إلا أنه لم يذكر: «عن أبيه» .
(6/491)
مُرَّة (1) ؛ قَالَ: رأيتُ فِي رَسُولِ الله (ص) ثلاثَ خِصالٍ مَا رأيتُ مِثلَهُنَّ، وَذَكَرَ قِصَّةَ النَّاضِح (2) ، وَمَا شَكاه إلى رسول الله (ص) (3) .
_________
(1) قوله: «عن يعلى بن مرة» سقط من (أ) و (ش) ؛ لانتقال النظر.
(2) هو: الجَمَل. انظر "المصباح المنير" (ن ض ح) .
(3) هذه خصلة واحدة، والأخرى: أنه (ص) أراد أن يقضيَ حاجته، فلم يجد شيئًا يستُره، فأمر شجرتين، فانضمَّت إحداهما إلى الأخرى، وأما الخصلة الثالثة فاختُلف فيها، ففي بعض الروايات ذكر قصَّة صاحب القبر الذي قال عنه: «إنه يعذَّب في غير كبير» ، فأمر بجريدة، فوُضِعَت على قبره، فقال: «عسى أن يُخفَّفَ عنه ما دامتْ رَطْبَة» ، وفي بعض الروايات ذكر قصَّة الصبي الذي أصابه بلاء، ورقاه النبيُّ (ص) ففَغَر فمه، فنفث فيه ثلاثًا وقال: «باسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدوَّ الله» . انظر روايات هذا الحديث - إن شئت - في "مسند أحمد" (4/170 و172 رقم 17548 و17559) .
(6/492)
وَرَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة (1) ، عَن عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَة، عَنْ حَبيب بْنِ أَبِي جَبِيرَة، عَنْ يَعْلى بن سِيابَة، عن النبيِّ (ص) .
ورواه أَبانُ العَطَّار (2) ،
عن عاصم، عن محمَّد بْنِ أَبِي جَبِيرَة، عَنْ يَعْلى بن سِيَابَة، عن النبيِّ (ص) (3) .
_________
(1) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (12043) ، والإمام أحمد في "المسند" (4/172 رقم 17559 و17560) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (404) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/221) ، والطبراني في "الكبير" (22/275 رقم 705) ، و"الأوسط" (2413) ، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (126) ، والخطيب في "الموضح" (1/282) .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1603) .
وقد ذكر بعضهم الحديث بتمامه، وذكر بعضهم بعض أجزائه.
(2) أشار لروايته البخاري في "التاريخ الكبير" (2/314 رقم 2595) ، فقال: «حَبِيبِ بْنِ أَبِي جُبَيْرَةَ: عَنْ يعلى ابن سيابة؛ قاله حمَّاد بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ. وقال أبان: عن عاصم، عن محمد بْنِ أَبِي جُبَيْرَةَ، عَنْ يَعْلَى» .
وذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/97 رقم 457) نحو عبارة البخاري. وقال البيهقي في "إثبات عذاب القبر" (ص 89) - بعد أن رواه من طريق حمَّاد بن سلمة-: «هكذا رواه حماد. وقال أبان بن يزيد: عن عاصم، عن محمد بْنِ أَبِي جُبَيْرَةَ، عَنْ يَعْلَى» .
(3) من قوله: «ورواه أبان ... » إلى هنا من (ف) فقط؛ وسقط من بقية النسخ؛ لانتقال النظر.
(6/493)
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: أيُّهما (1) أصحُّ؟
قَالَ: كَيْفَمَا كَانَ يَرْجِعُ إِلَى يَعْلَى بْنِ مُرَّة (2) ؛ وَهُوَ أصَحُّ.
قلتُ لَهُ: فحَبِيبُ بْنُ أَبِي جَبِيرَة أصَحُّ، أَوْ محمَّد بْنُ أَبِي جَبِيرَة؟
قَالَ: حمَّاد عِنْدِي أحفظُ وأكبرُ مِنْ أَبَان، وَقَالَ: حَبيب.
قِيلَ لَهُ: فَأَبُو جَبِيرَة سُمِّيَ؟
قَالَ: لا.
2696 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مِنْجاب بْنُ الْحَارِثِ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَريك (3) ، عَنْ سِماك (4) ، عَنْ أَبِي الضُّحى (5) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: جَاءَ أعرابيٌّ إلى النبيِّ (ص) فَقَالَ: بِمَ تَكُونُ لَهُمْ رسولَ اللَّهِ (6) ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَنَا دَعَوْتُ ذَلِكَ العِذْقَ، فَجَاءَنِي، أَتُؤْمِنُ بِي؟ ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا العِذْقَ، فَجَاءَ، فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ، فرجَعَ، فآمن الأعرابيُّ؟
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والصواب: «أيها» ؛ لأنها ثلاثُ روايات ولعلَّه توهَّم أنَّ المذكور روايتان، والله أعلم.
(2) أي: أنَّ يعلى بن مُرَّة، ويعلى بن سِيابة واحد، فأمه: سِيابة، نُسِبَ إليها مَرَّةً، وإلى أبيه أخرى، فلا منافاة بين التسميتين. وقد قيل: إنه يعلى بن أمية، وهو وهم نبَّه عليه الخطيب البغدادي في "الموضح" (1/281-287) ، وزاده وضوحًا الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في تعليقه على كلام الخطيب البغدادي.
(3) هو: ابن عبد الله النخعي، القاضي.
(4) هو: ابن حرب.
(5) هو: مسلم بن صُبَيْح.
(6) لفظ الجلالة ليس في (ك) .
(6/494)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي ظَبْيان (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (2) .
2697 - وسألتُ (3) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش (4) ، عن عبد الملك بْنِ عُمَير، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: لَتَخْرُجَنَّ الظَّاعِنَةُ - أَوِ الظَّعِينَةُ (5) - مِنَ المَدِينَةِ إِلَى الحِيرَةِ، لا تَخَافُ أَحَدًا (6) ؟
_________
(1) هو: حصين بن جُنْدُب.
(2) أي: غير منجاب يرويه عَنْ شَرِيكٍ، عَن سماك، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به.
والحديث رواه ابن سعد في "الطبقات" (1/182) ، والبيهقي في "الشعب" (82) من طريق فضيل بن عبد الوهَّاب الغطفاني، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/3) تعليقًا، والترمذي في "جامعه" (3628) ، والطبراني في "الكبير" (12/86 رقم 12622) ، والحاكم في "المستدرك" (2/620) وعنه البيهقي في "الاعتقاد" ص (42) ، وفي "الدلائل" (6/15) من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني، كلاهما عَنْ شَرِيكٍ، عَن سماك، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به.
ورواه أحمد في "مسنده" (1/223 رقم 1954) ، والدارمي في "مسنده" (24) ، وبحشل في "تاريخ واسط" ص (212) ، والبيهقي في "الدلائل" (6/15 و16) من طريق الأعمش، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عباس، به.
(3) نقل ابن الملقن في "البدر المنير" (4/303/ مخطوط) عبارة أبي حاتم بتصرف.
(4) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (2429/ كشف الأستار) ، والطبراني في "الكبير" (2/215 رقم 1880) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/309) .
(5) أي: المرأة. ويقال للمرأة: «ظَعينَة» فَعيلَة، بمعنى: مفعولة؛ لأن زوجَها يَظْعَنُ بها، أي: يرتَحِل. ويقال: «الظَّعِينَة» في الأصل: وَصْفٌ للمرأة في هودَجِها، ثم سُمِّيت بهذا الاسم وإن كانت في بيتها. انظر "المصباح المنير" (2/385/ظعن) ، و"النهاية" (3/157) .
(6) المثبت من (ف) ، وهو الجادَّة، وفي بقية النسخ: «أحد» بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(6/495)
قَالَ أَبِي: لا أعلمُ أحدًا تابع أبا بكرٍ على رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وبعضُهم يَرْوونه عن عبد الملك (1) ،
عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِم، عن النبيِّ (ص) ، كأنَّه أَشْبَهُ (2) .
2698 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه سعيد ابن منصور (3) ،
عن
_________
(1) روايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (1132) ، والطبراني في "الكبير" (17/101 رقم 239) من طريق أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن غير واحد، أن عدي ابن حاتم حدثهم، به.
ورواه الطبراني في "الكبير" (17/100 رقم 238) من طريق أبي إسماعيل المؤدب، عن عبد الملك بن عمير، عن عدي بن حاتم، به. ورواه الدارقطني في = = "الأفراد" (236/ب/أطراف الغرائب) من طريق حبان بن علي، عن رقبة، عن رجل من إياد، عن رجل من طيِّئ، عن عدي، به. قال الدارقطني: «تفرَّد به حبان بن علي، عن رقبة، عن رجل من إياد، عن رجل من طيِّئ» .
(2) ذكر المصنف في "المراسيل" (ص132-133 رقم 476) أن ابن معين سئل عن هذا الحديث من رواية عبد الملك بن عمير، عن عدي بن حاتم، فقيل له: عبد الملك بن عمير سمع من عدي بن حاتم؟ قال: «لا، هو مرسل» .
(3) روايته أخرجها في التفسير من "سننه" (1257) .
ومن طريقه ابن قانع في "معجم الصحابة" (2/165) ، والطبراني في "الأوسط" (3742) ، وفي "الدعاء" (1747) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/7-8) ، وفي "معرفة الصحابة" (4658) ، وفي "تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور" (4) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (35/341) .
قال الطبراني: «لا يروى عن النبي (ص) إلا بهذا الإسناد تفرَّد به سعيد بن منصور» . وقال أبو نعيم في "تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد": «هذا حديث صحيح غريب، لم يروه عن عروة بن رويم غير مسكين بن ميمون فيما قالوا، وعبد الرحمن بن قرط يعدُّ في الصحابة، وتفرَّد بهذا الحديث عن النبي (ص) في ذكر التسبيح، ومسكين بن ميمون هو الرملي، وروى عنه هشام بن عمار وغيره هذا الحديث» .
(6/496)
مِسْكينٍ - مؤذِّن مَسْجِدِ الرَّمْلَة - عَنْ عُروَة بن رُوَيْم، عن عبد الرحمن ابن قُرْط؛ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بالنبيِّ (ص) : سَمِعْتُ (1) فِي السَّمَوَاتِ تَسْبِيحًا ... ، فَذَكَرَ الحديثَ؟
قال أبي: ورواه هِشَامُ بْنُ عمَّار، وَأَبُو هَارُونَ البَكَّاء، عَنْ مِسْكِين، عَنْ عُروَة؛ قال: لمَّا عُرِجَ بالنبيِّ (ص) ، ولم يذكرا عبد الرحمن ابن قُرْط.
قلتُ لأَبِي: مَا هَذَا؟
قَالَ: سعيدٌ ثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَ شيءٌ فمِنْ مِسْكين، هَذَا كَانَ (2) شَيخً (3) .
_________
(1) كذا السِّياق في جميع النسخ! فيُفهَم من ظاهره أن قائل: «سمعت» هو: عبد الرحمن بن قرط، وليس كذلك، ولفظ سعيد بن منصور في "سننه": نا مِسْكين ابن ميمون - مؤذن مسجد الرَّمْلَة - قال: حدثني عروة ابن رُوَيْم، عن عبد الرحمن بن قُرْط: أنَّ رسول الله (ص) ليلة أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فلمَّا رجع فكان بين زمزم والمقام، وجبريلُ _ج عن يمينه، وميكائيلُ عن شِماله، فطارا به حتى بلغ السموات العُلى، فلما رجع قال: «سَمِعْتُ تَسْبِيحًا في السَّمواتِ العُلَى مع تسبيحٍ كثيرٍ، سَبَّحتِ السَّمواتُ العُلَى من ذي المهابَةِ، مُشْفِقاتٍ من ذي العُلى لما علا، سبحان العليِّ الأعلى! سبحانه وتعالى!» .
(2) قوله: «كان» ليس في (ك) .
(3) كذا في جميع النسخ وهي منصوبة، وتخرَّج على حذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
ومسكين بن ميمون ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/101) وقال: «لا أعرفه، وخبره منكر» ثم ساق له هذا الحديث. وانظر "الإصابة" (6/317) .
(6/497)
2699 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد العزيز الماجِشُون (1) ، عَنِ ابْنِ المُنكَدِر (2) ، عَنْ جابر، عن النبيِّ (ص) قَالَ: دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ الرُّمَيْصَاءَ (3) ... : ما حالُ هَذَا الحديث؟
فَقَالَ: رَوَى هَذَا الحديثَ سعيدُ بنُ سَلَمة ابن (4) أَبِي الحُسام المَديني، عَنِ ابْنِ المُنكَدِر، عَنْ بُسْر (5) بْنِ سَعِيدٍ، عن النبيِّ (ص) ، مُرسَلً (6) ، وَقَالَ: هُوَ الصَّحيحُ.
2700 - وسألتُ (7) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُلَيمان بْن كَثير، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد، عن سعيد ابن المسيّب، عن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ (ص) : أنَّه خطَبَ، فاستَنَدَ إِلَى خَشَبة، فلمَّا اتخَذَ المِنْبَرَ، حَنَّتِ الخَشَبةُ ... وَذَكَرَ الحديثَ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ سُلَيمان بْنُ بِلالٍ وسُوَيد بْنُ عبد العزيز، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَفْص بن عُبَيدالله بْنِ أَنَسٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
_________
(1) هو: عبد العزيز بن عبد الله. وروايته أخرجها أحمد في "مسنده" (3/372 رقم 15002) ، والبخاري في "صحيحه" (3679) ، ومسلم (2457) .
(2) هو: محمد.
(3) في (ف) : «الرميضاء» ، وهو موافق لبعض الروايات، وهي: أم سُلَيم بنت مِلْحان زوجة أبي طلحة، وأم أنس ابن مالك. والرَّمَصُ: وَسَخُ العَين. انظر "المصباح المنير" (ر م ص) .
(4) في (أ) و (ش) : «عن» ، وانظر "الجرح والتعديل" (4/29 رقم117) .
(5) في (ت) و (ش) و (ك) : «بشر» بالشين.
(6) كذا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وانظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(7) تقدمت هذه المسألة برقم (566) و (573) .
(6/498)
قَالَ أَبِي: هَذَا أشبهُ، وَلَيْسَ لسعيد بن المسيّب هاهنا مَعْنًى.
2701 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ العَدَني (2) ، عَنِ ابْنِ عُيَينة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْس بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَدِي بْنِ حاتِم؛ قَالَ: قَالَ لِي رسولُ الله (ص) : مُثِّلَتْ لِيَ الحِيرَةُ (3) كَأَنْيَابِ الكِلاَبِ، وإِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، هَبْ لِي ابْنَتَ (4) بُقَيْلَةَ؛ قَالَ: هِيَ لَكَ، قَالَ: فأعطَوْهَا إيَّاه (5) ... وذكر الحديثَ؟
_________
(1) نقل ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2286) حكم أبي حاتم على الحديث.
(2) هو: محمد بن يحيى، وروايته أخرجها ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2490) ، وابن حبان في "صحيحه" (6674) ، والطبراني في "الكبير" (17/81 رقم 183) ، وعبد الغني الأزدي في "الغوامض والمبهمات" ص (181) ، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (397) ، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص (448) ، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" ص (413) .
ومن طريق الإسماعيلي رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/136) ، و"الدلائل" (6/326) .
قال البيهقي في "السنن": «تفرَّد به ابن أبي عمر، عن سفيان هكذا، وقال غيره: عنه، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعان، والمشهور هذا الحديث عن خريم بن أوس، وهو الذي جعل له رسول الله (ص) هذه المرأة» .
(3) في (ك) : «الخيرة» .
(4) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «ابنة» ، أو «بنت» ، لكنَّ ما في النسخ صحيح فصيح، ويوجَّه على لغة لبعض العرب. تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (6) .
(5) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «فأَعْطَوْهُ إيَّاها» كما في مصادر التخريج.
وتتمة الحديث: «فجاء أبوها، فقال: تبيعها؟ قال: نعم. قال: بكم؟ قال: احكُم ما شئت. قال: ألف درهم. قال: قد أخذتها به، فقالوا له: لو قلت ثلاثين ألفًا. قال: هل عددٌ أكثر من ألف؟!» .
(6/499)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطِلٌ.
2702 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه عبد الله بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيم، واختُلِفَ عَلَيْهِ:
فَرَوَى يَحْيَى بْنُ سُلَيم الطَّائِفي (1) ، عَنِ ابْنِ خُثَيم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ (2) عباس، عن النبيِّ (ص) .
وَرَوَى (3) هشامُ بنُ يُوسُفَ (4) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ ابْنِ خُثَيم، عَنْ أَبِي الطُّفَيل (5) ، عَنِ ابْنِ عبَّاس؛ قَالَ: اجتمعَ الملأُ مِنْ قريشٍ فِي الحِجْر، فتعاهَدُوا بِمَحْلُوفِهِمْ؛ باللاَّت، والعُزَّى، ومَنَاةَ الثالثةِ الأُخرى،
_________
(1) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (1/303 رقم 2762) ، والحاكم في "المستدرك" (1/163) ، والضياء في "المختارة" (10/218-219 رقم230) .
ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2913) من طريق إسماعيل بن عياش، وابن حبان في "صحيحه" (6502) ، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (139) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، والبيهقي في "دلائل النبوة" (6/240) من طريق أبي بكر بن عياش، ثلاثتهم عن ابن خثيم، به.
ورواه الدينوري في "المجالسة" (2521) ، والحاكم في "المستدرك" (3/157) من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَن ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ فاطمة بنت النبي (ص) ، به.
(2) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(3) في (ش) و (ك) : «ورواه» .
(4) لم نقف على روايته من هذا الوجه، والحديث رواه أحمد في "مسنده" (1/368 رقم 3485) من طريق عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به.
(5) هو: عامر بن واثلة.
(6/500)
ونائِلَةَ (1) ، وإِسافٍ: لَوْ قَدْ رَأَيْنَا محمَّدًا؛ لَقَدْ قُمنا إِلَيْهِ مقامَ رجلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ نُفارِقْه حَتَّى نقتلَه، فسمعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ، وَأَقْبَلَتْ فاطمةُ تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى النبيِّ (ص) ، فَقَالَتْ (2) : هؤلاءِ الملأُ مِنْ قَوْمِكَ قد تعاقَدوا عَلَيْكَ: لَوْ قَدْ رَأَوْكَ؛ لَقَدْ قَامُوا فقتلوكَ (3) ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رجلٌ إِلا قَدْ عرَفَ نَصِيبهُ مِنْ دَمِكَ! قَالَ: يَا بُنَيَّةُ! ائْتِنِي (4) بِوَضُوءٍ (5) ، فتوضَّأ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فلمَّا رَأَوْهُ؛ قَالُوا: هَا هُوَ ذَا (6) ، هَا هُوَ ذَا (7) ، وخَفَضوا أَبْصَارَهُمْ، وعَقِرُوا (8)
فِي مَجَالِسِهِمْ، وَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ أبصارَهُمْ، وَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ مِنْهُمْ رجلٌ، فأقبلَ النبيُّ (ص) حتى قام على (9) رؤوسهم، وأخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، وَقَالَ: شَاهَتِ
_________
(1) في (ت) و (ك) : «ونائلته» .
(2) في (ك) : «فقال» .
(3) في (أ) و (ش) : «يقتلوك» ، وفي (ك) : «قتلوك» .
(4) كذا في جميع النسخ ومصادر التخريج، عدا "صحيح ابن حبان"، ففيه: «ائتيني» على الجادَّة، لكن يخرَّج ما في النسخ ومصادر التخريج على أنه من الاجتزاءِ بالحركات عن حروف المدِّ، وهنا اجتزَأ بكسرة التاء عن الياء؛ ولهذا نظائر في كلام العرب، وتقدم التعليق على نحوه في المسألة رقم (679) .
(5) في (ت) و (ك) : «وضوءًا» ، وفي (ف) : «بوضوءا» .
(6) ضبَّب ناسخا (أ) و (ف) على قوله: «ذا» .
(7) قوله: «ها هو ذا» الثانية سقط من (ت) و (ك) ، وضبَّب عليها في (أ) و (ف) ، ورسمت «ذا» في (ش) فقط بالألف، وفي بقية النسخ «ذى» . وانظر التعليق على المسألة (124) .
(8) المثبت من (ف) وفي بقية النسخ: «وعفروا» بالفاء، والمثبت موافق لرواية الإمام أحمد السابقة..وكذا ذكره ابن الأثير في "النهاية" (3/273) : «وعَقِرُوا في مجالسهم» ، وفسَّره بقوله: العَقَرُ - بفتحتَين -: أن تُسْلِمَ الرَّجُلَ قوائمُهُ من الخوف. وقيل: هو أن يفجأَهُ الرَّوْعُ، فيَدْهشَ، ولا يستطيعَ أن يتقدَّم أو يتأخَّر» . اهـ.
(9) في (أ) و (ت) و (ف) : «عنى» .
(6/501)
الوُجُوهُ (1) ، ثُمَّ حَصَبَهُم بِهَا، فَمَا أَصَابَ رَجُلا (2) مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الحَصا حصاةٌ إِلا قُتل يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: ابْنُ خُثَيم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النبيِّ (ص) ، وَهِمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْمَر (3) .
2703 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رُوي عَنِ الزُّهري، فاختُلِف فِي الرِّوَايَةِ عَنِ الزُّهري:
فَرَوَى إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ (4) ، عَنِ الزُّهري، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَسِيد بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفي - حليفًا (5) لِبَنِي زُهْرَة - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: بعث رسول الله (ص) عشَرةَ رَهْطٍ، وأمَّر عَلَيْهِمْ عاصمَ ابنَ ثابت الأنصاريَّ، فخلفَهُم مِئَةُ نَفَر مِنْ بَنِي لِحْيان، فقُتِلَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي سبعةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَبَعَثَ ناسٌ مِنْ قُرَيْشٍ ليُؤْتى بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِه، فبعث الله على
_________
(1) أي: قَبُحَت الوجوه. وهو دعاءٌ عليهم؛ يقال: شاهَ وَجهُهُ يَشُوهُ شَوْهًا وشَوْهَةً، والاسم: الشُّوهَهُ، فهو أَشْوَهُ، وهي شَوْهاء، والجمع: شُوهٌ. انظر "المصباح المنير"، و"النهاية"، و"لسان العرب" (ش وهـ) .
(2) في (ك) : «رجلً» .
(3) تقدم أن الإمام أحمد أخرجه من طريق عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس، به.
(4) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (2/294 رقم 7928) ، والبخاري في "صحيحه" (3989) .
ورواه البخاري (3045 و7402) من طريق شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَة، عَنْ الزهري، به.
(5) كذا في جميع النسخ، وهو على تقدير: وكان حليفًا.
(6/502)
عَاصِمٍ مثلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ (1) فَحَمَتْهُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يقطَعوا مِنْهُ شَيْئًا.
وَرَوَى ابْنُ المُبارك (2) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: بَعَثَ رسول الله (ص) ... .
فَقِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: أيُّهما أصحُّ؟
_________
(1) الدَّبْرُ: - بسكون الباء -: جماعةُ النَّحْلِ والزَّنابير. "القاموس المحيط" (د ب ر) .
(2) هو: عبد الله. وقد توبع على روايته، فرواه عبد الرزاق في "المصنف" (9730) عن معمر، به. ومن طريق عبد الرزاق رواه أحمد في "مسنده" (2/310 رقم 8096) ، وابن حبان في "صحيحه" (7039) .
ورواه البخاري (4086) من طريق هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، به.
= ... ورواه البخاري (3045) من طريق شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَة، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سفيان بن أسيد ابن جارية الثقفي، وهو حليف لبني زهرة، وكان من أصحاب أبي هريرة، عن أبي هريرة، به.
(6/503)
فَقَالَ (1) : عُمَرُ بْنُ أَسِيد أصحُّ (2) .
2704- وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وحدَّثنا عَنِ عُبَيد ابن يَعيش، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَير، عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الأَوْدي، عن أبيه يزيد بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ... (3) .
_________
(1) في (ك) : «قال» .
(2) رجَّح أبو زرعة هنا رواية من قال: «عمر بن أسيد» ، وخالفه في ذلك البخاري وغيره، وقد فصَّل القول فيه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/310) فقال: «قوله أخبرني: "عمرو بن جارية": بالجيم، وفي رواية الكُشْمَيْهَني: "عمرو بن أبي أَسِيد بن جارية "، وكذا للأَصِيلي، وهو نَسبٌ إلى جَدِّه، بل هو جَدُّ أبيه؛ لأنه ابن أَسِيد بن العلاء بن جارية، ووقع في غزوة الرجيع - كما سيأتي -: " عمرو بن أبي سفيان "، وهي كنية أبيه أَسِيد، والله أعلم. وأَسِيد: بفتح الهمزة للجميع. وأكثر أصحاب الزهري قالوا فيه: عَمْرو - بفتح العين -، وقال بعضهم: عُمر - بضم العين -، ورجَّح البخاري أنه: عَمرو، وكذا وقع في الجهاد - في باب: هل يستأسر الرجل - للأكثر: عَمرو، أما النسفي وأبو زيد المروزي فلم يُسمِّياه؛ قالا: أخبرنا ابن أَسِيد، وقال ابن السَّكَن في روايته: "عُمَير" -بالتصغير-، والراجح: عَمرو -بفتح العين-، وسيأتي مزيد لذلك في غزوة الرجيع» . اهـ.
وقال أيضًا (7/380) : «قوله: " عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ " هكذا يقول معمر، ووافقه شعيبٌ وآخرون، وقد تقدم مستوفًى في الجهاد بأتَمَّ من هذا، وإبراهيم بن سعد يقول: "عن الزهري، عن عُمر" بضم العين، كذا أخرجه ابن سعد عن معن بن عيسى، عنه، وكذا قال الطيالسي عن إبراهيم، وبذلك جزم الذُّهلي في "الزهريات"، لكن وقع في غزوة بدر [يعني عند البخاري] : عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إبراهيم بن سعد: "عَمرو " بفتح العين، وأخرجه أبو داود عن موسى المذكور، فقال: " عُمر "» . اهـ.
كذا قال الحافظ! وهذا الذي ذكره جاء في بعض روايات البخاري، وفي بعضها الآخر: " عُمر " على الصواب؛ كما في النسخة السلطانية (5/100) ، حيث أوضح في هامشها أن في رواية الهروي والأصيلي وابن عساكر: " عَمرو بن أسيد "، ثم قال: «وعَمرو - بفتح العين -: هكذا يرويه أكثر أصحاب الزهري. ورواه إبراهيم بن سعد عنه: عُمر بضم العين، وذكره البخاري في عَمرو، وبيَّن الخلاف فيه عن الزهري، والأول - أي بفتح العين - أصح» .
وقال علي بن المديني في "العلل" (127) : «حديث أبي هريرة: بعث رسول الله (ص) سريَّةً عينًا، وأمَّر عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ: رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمرو ابن أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي هريرة. ورواه يونس عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمرو بْنِ أسيد بن جارية الثقفي، عن أبي هريرة، فخالف معمرًا في إسناده. والحديث عندي: حديث يونس؛ لأنه تابعه غيرُه على عمرو بن أسيد، وهو الصَّواب» . اهـ.
وذكر المزي في "تهذيب الكمال" (22/44-45) عمرو بن أبي سفيان بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيِّ المدني، وبيَّن أنه قد يُنسب إلى جدِّه؛ فيقال: عمرو بن أسيد، وأنه يقال في اسمه: «عُمر» بضم العين، ثم قال المزي: «وعَمرو أصح» .
(3) هنا انتهت المسألة، وسقط آخرها، وفيه كلام أبي زرعة عن الحديث، وتقدمت بتمامها برقم (2643) .
(6/504)
2705- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ اختُلِفَ في الرواية على عبد الله ابن محمَّد بْنِ عَقِيل:
فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ سَلَمة بْنِ أَبِي الحُسام (1) ، عن عبد الله بْنِ محمَّد بْنِ عَقِيل، عَنْ محمَّد بْنِ عَقِيل بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ (2) ، وسُمِّيتُ أَحْمَدَ (3) ، وجُعِلَ التُّرَابُ لِي طَهُورًا، وجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيرَ الأُمَمِ.
وَرَوَاهُ زُهَير بن محمَّد (4) ، عن عبد الله بْنِ محمَّد بْنِ عَقِيل، عَنْ محمَّد بْنِ عليٍّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عليًّ (5) ... ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ سَلَمة عِنْدِي خطأٌ، وَهَذَا عندي الصَّحيحُ.
_________
(1) لم نقف على روايته من هذا الوجه، والحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (1/158 رقم 1361) من طريق سعيد بن أبي الحسام، حدثنا عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ محمد بن الحنفية، عن أبيه علي بن أبي طالب، به.
(2) في (ف) : «مفاتيح خزائن الأرض» .
(3) من قوله: «من الأنبياء ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) ؛ لانتقال النظر.
(4) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (31638) ، وأحمد في "مسنده" (1/98 رقم 763) ، والبزار في "مسنده" (656) ، والآجري في "الشريعة" (1043) ، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1447) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/213-214) ، و"دلائل النبوة" (5/472) .
ومن طريق ابن أبي شيبة رواه ابن عبد البر في "التمهيد" (19/291) .
(5) كذا في جميع النسخ، وهو علم مصروف، وحذفت منه ألفُ تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(6/505)
2706 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ حدَّثنا به كُرْدُوس بن أبي عبد الله الواسِطي (1) ، عن المُعَلَّى بن عبد الرحمن، عن عبد الحَمِيد بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: مَا أخرج (2) رسولُ الله (ص) ركبتَه بَيْنَ جليسٍ لَهُ قَطُّ، وَلا ناولَ يدَه أَحَدًا فَتَرَكَهَا، حَتَّى يكونَ الرجلُ (3) هُوَ يَتْرُكُهَا، وَمَا جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) أحدٌ قَطُّ فَقَامَ، حَتَّى يقومَ، وَمَا وجدتُّ ريحَ شيءٍ قَطُّ (4) أطيبَ رِيحًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا حديثٌ باطلٌ، والمُعَلَّى متروكُ الحديث.
_________
(1) روايته أخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/55) .
ورواه ابن البختري في "المنتقى من الجزء السادس عشر من حديثه" (ص442/ مجموع فيه مصنفات ابن البختري) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (1230) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي (ص) " (38) ، وابن عدي في "الكامل" (5/318) و (6/373) من طرق عن المعلى، به.
قال ابن عدي: «وهذا لا يرويه عن يحيى بن سعيد غيرُ عبد الحميد بن جعفر، ولا عن عبد الحميد غير معلَّى بن عبد الرحمن، ولعلَّ البلاء من معلَّى لا منه؛ فإن معلَّى ليِّن» .
ورواه ابن المبارك في "الزهد" (392) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/378) ، والترمذي في "جامعه" (2490) ، وابن ماجه في "سننه" (3716) ، والبغوي في "الجعديات" (3443) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/289) من طريق زيد العمي، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي (ص) " (39) من طريق محمد بن المنتشر، كلاهما عن أنس به نحوه.
وروى بعضه البخاري في "صحيحه" (1973) من طريق حميد، والبخاري (3561) ومسلم (2330) من طريق ثابت، كلاهما عن أنس، به.
(2) في (ت) و (ك) : «ما خرج» .
(3) قوله: «الرجل» ليس في (ف) .
(4) قوله: «قط» سقط من (ك) .
(6/506)
2707 - أخبرنا أبو محمد؛ قال (1) : وحدَّث (2) أَبُو زُرْعَةَ عَنْ شيخٍ بَصْرِيٍّ يُسَمَّى: بِشْر بْنُ سَيْحان (3) ؛ قَالَ: حدَّثنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ الأَبَحُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَروبة (4) ، عَنْ قَتادة، عَن أنس؛ قَالَ: مَا مَسِسْتُ خَزًّا، وَلا قَزًّا (5) ، [ولا شيئًا] (6) أَليَنَ مِنْ جِلدِ رسولِ اللهِ (ص) .
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ مِنْ حَدِيثِ قَتادة (7) .
وسُئل عَنْ بِشْر بْنِ سَيْحان؟
فَقَالَ: شيخٌ بصريٌّ صَالِحٌ (8) .
2708 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رُويَ عَنْ الشَّعبي (9) ، واختَلَفَ الرواةُ عنه:
_________
(1) قوله: «أخبرنا أبو محمد قال» ليس في (ف) ، وجاء بدلاً منه في (أ) و (ش) : «قال أبو محمد» .
(2) في (ت) و (ك) : «حدث» بلا واو.
(3) في (ك) : «شيحان» بالشين المعجمة. ورواية بشر بن سيحان أخرجها الطبراني في "الأوسط" (2751 و2752) ، وابن عدي في "الكامل" (5/48) .
(4) هو: سعيد.
(5) الخَزُّ من الثِّياب: ما يُنسَجُ من صوفٍ وإبْرَيسَم (هو: أجوَدُ الحَرير) . وما يُنسَجُ من إبْرَيسَم خالص. انظر "النهاية" (2/28) . والمعنى الثاني هو المُراد هنا، والله أعلم.
والقَزُّ: الإبْرَيسَم، أو ما يسوَّى منه الإبْرَيسَم. "متن اللغة" (ق ز ز/4/557) .
(6) ما بين المعقوفين سقط من (ك) ، وفي بقية النسخ: «وشيئًا» بإسقاط «لا» ، والمثبت من الموضع السابق من "الأوسط" للطبراني.
(7) الظاهر: أنه لأجل تفرُّد عمر بن سعيد الأَبَحّ به، فقد قال عنه أبو حاتم: «ليس بقوي» . "الجرح والتعديل" (6/111 رقم588) .
(8) وكذا حكى عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/358 رقم1364) .
(9) هو: عامر بن شَراحيل.
(6/507)
فروى زكريَّا بنُ أبي زائدة (1) ، عَنِ الشَّعبي، عَنْ خارِجَةَ بْنِ (2) الصَّلْت، عَنْ عَمٍّ لَهُ: أَنَّهُ أتى (3) النبيَّ (ص) فَأَسْلَمَ، فلمَّا رَجَعَ، مرَّ عَلَى أعرابيٍّ مَجْنُونٍ (4) مُوثَقٍ بِحَدِيدٍ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: أعندَكَ شيءٌ تُدَاوِيه؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فرقَيتُه بأمِّ الْكِتَابِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، كلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، وأَتْفُلُ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّمَا نَشِطَ من عِقالٍ (5) ، فأعطَوني مِئَةَ شاةٍ، فَلَمْ آخُذها حَتَّى أتيتُ النبيَّ (ص) ، فَقَالَ: أقُلْتَ غَيرَ هَذا؟ ، قلتُ: لا؛ قَالَ: كُلْهَا؛ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ.
وَرَوَاهُ شُعبة (6) ، عَنْ عبد الله بن أبي السَّفَر، عن الشَّعبي، عن
_________
(1) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (23933 -اللحيدان) ، و"المسند" (631 و632) ، وأحمد في "مسنده" (5/210- 211 رقم 21835) ، وأبو داود في "سننه" (3896) ، وابن ماجه في "سننه" (6111) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/126) ، وابن حبان في "صحيحه" (6110 و6111) ، والطبراني في "الكبير" (17/190 رقم 509) ، والدارقطني في "سننه" (4/296- 297) ، والحاكم في "المستدرك" (1/559- 560) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2502 و5598 و7116) ، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء" (2/812) .
(2) في (أ) : «عن» بدل: «ابن» .
(3) في (ك) : «أنه كان أتى» .
(4) في (أ) و (ف) : «محبور» ، ويبدو أنها كانت في (ش) : «مجنون» ، ثم أصلحت لتكون: «محبور» ، إلا أن إصلاحها كان على الأصل فأصبحت غيرَ واضحة.
(5) ذهب ابن الأثير في "النهاية" (5/56 - نشط) إلى تخطئة ما جاء في الروايات بلفظ: «نَشِطَ من عقال» بمعنى حُلَّ، وأشار إلى أنَّ الصواب: «أُنْشِطَ» كما في حديث السِّحر، لكنَّه متعقَّب بما ذكره ابن الأثير نفسُهُ من كثرة ورود هذه الرواية في الأحاديث، وبما ذكره أهل اللغة من أنَّه يقال: نَشِطَ من عقال، وأُنْشِطَ» بمعنى حُلَّ. انظر "تاج العروس" (نشط) .
(6) لم نقف على روايته من هذا الوجه. والحديث رواه الطيالسي في "مسنده" (1459) ، وأحمد في "مسنده" (5/211 رقم 21836) ، وأبو داود في "سننه" (3420 و3897 و3901) ، والنسائي في "الكبرى" (7534 و10871) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/126) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (631) ، والدارقطني في "سننه" (4/297) ، والبيهقي في "الدعوات الكبير" (522) ، و"شعب الإيمان" (2365) من طريق شعبة، عن عبد الله بن أبي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بن الصلت، عن عمه، به. وليس فيه: «عن أنس» .
(6/508)
خارِجَة بْنِ الصَّلْت، عَنْ عمِّه، عَنْ أَنَسٍ هَكَذَا.
وَرَوَى إسماعيلُ بنُ مُجالِد، عَنِ الشَّعبي (1) ، عَنْ جابر بن عبد الله، عن النبيِّ (ص) بِهَذَا الْمَتْنِ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حديثُ ابْنِ أَبِي السَّفَر وَزَكَرِيَّا أصحُّ.
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: عمُّ خارِجَة يُسمَّى؟
قَالَ: لا (2) .
2709 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يَحْيَى بن عَبْدَك القَزْويني (3) ،
_________
(1) كذا في جميع النسخ! وليس لإسماعيل بن مجالد رواية عن الشعبي، وإنما المعروف بالرواية عنه: والده مجالد ابن سعيد، فقد يكون قوله: «ابن مجالد» متصحفًا عن قوله: «عن مجالد» .
(2) وقيل: اسمه: علاقة، وقيل غير ذلك.
(3) روايته أخرجها ابن جُمَيع الصَّيداوي في "معجم شيوخه" ص (237) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/185) ، والخطيب في "الموضح" (2/468) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (42/276- 277) ، والرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" (2/280- 281) و (3/18) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/509) .
قال الرافعي: «غريبٌ من حديث شعبة، عن عدي، لم يروه إلا حسان، ورواه الخلق عن عدي» أي: عن الأعمش، عن عدي.
= ... وقال الذهبي: «غريب عن شعبة، والمشهور حديث الأعمش عن عدي» .
(6/509)
عَنْ حَسَّان بْنِ حَسَّان الْبَصْرِيِّ - نَزِيلِ مكَّة - عَنْ شُعبة، عَنْ عَدِي بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيش، عَنْ عَلِيٍّ؛ أَنَّهُ قال: إنه (1) لَعَهْدُ النبيِّ (ص) إليَّ: لا يُحِبُّكَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلا يُبْغِضُكَ إِلاَّ مُنَافِقٌ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الأعمَش (2) ، عَنْ عَدِي (3) ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيش، عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَدْ رَوَى (4) عَنِ الأعمَش الخلقُ، والحديثُ معروفٌ بالأعمَش، وَمِنْ حَدِيثِ شُعبة غَلَطٌ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ شُعبة؛ كَانَ أولَ مَا يُسأل عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ (5) .
2710 - وسألتُ أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ وَهْب (6) ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّناد (7) ، عن عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي الحَكَم؛ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عند آبائي ورقةٌ يَتَوَارَثُونَهَا (8) ، فلمَّا كَانَ رسولُ الله (ص) ؛ جاؤوا بها إليه (9) ، فقرؤوها عليه، فإذا فيها: باسم اللَّهِ، وقولُه الحقُّ، وقولُ الظَّالِمِينَ في تَباب (10) ، هذا الذِّكْر لأُمَّةٍ تَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمان،
_________
(1) قوله: «إنه» سقط من (ك) .
(2) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (1/84 و95 و128 رقم642 و731 و1062) ، ومسلم في "صحيحه" (78) .
(3) في (أ) و (ش) : «عدي بن حاتم» .
(4) أي: هذا الحديثَ.
(5) انظر "العلل" للدارقطني (363) .
(6) هو: عبد الله.
(7) في (ش) : «عن أبي الزناد» ، وابن أبي الزناد هو: عبد الرحمن.
(8) في (ش) : «يتوارثها» ، وفي (ك) : «يتوارثوها» .
(9) في (ف) : «إليها» .
(10) في (ك) : «بيان» . والتَّبابُ: الخُسْران. "المصباح المنير" (ت ب ب/1/72) .
(6/510)
يَغسلون أطرافَهم، ويَأْتَزِرون عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، ويَخوضون البحورَ إِلَى أَعْدَائِهِمْ، وَفِيهِمْ صلاةٌ لَوْ كَانَتْ فِي قَوم نُوح مَا أُهلِكُوا بالطُّوفان (1) ، أَوْ فِي قَوْمِ عادٍ مَا أُهلِكُوا بالرِّيح، أَوْ فِي (2) ثَمُودَ مَا أُهلِكُوا (3) بالصَّيحة؟
قَالَ أَبِي: هُوَ عُمَرُ بْنُ الحَكَم بْنِ ثَوْبان (4) .
قَالَ أَبُو محمَّد: بَيْنَ عُمَرَ بن الحَكَم (5) وبين النبيِّ (ص) رجلٌ (6) ، وَهُوَ مُرسَلٌ، وَهُوَ حديثٌ مُنكَرٌ.
2711 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ محمَّد بْنِ المُنكَدِر (7) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قال: بينا رسولُ الله (ص) مارًّا (8) في
_________
(1) في (ك) : «في الطوفان» .
(2) قوله: «في» سقط من (أ) و (ش) .
(3) في (ف) : «هلكوا» .
(4) الحديث رواه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (211) من طريق ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ ابْنِ أبي الزناد، عن عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحكم، به.
ورواه الدينوري في "المجالسة" (1298) من طريق الأصمعي، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حفص - وكان من خيار الناس - به.
(5) من قوله: «بن ثوب ... » مكرَّر في (ك) ؛ لانتقال النظر.
(6) الحديث رواه البيهقي في "الدلائل" (1/382) من طريق سعد بن عبد الحميد، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحكم قال: حدثني بعض عمومتي وآبائي أنهم كانت عندهم ورقة ... فذكره.
(7) روايته أخرجها أبو يعلى في "مسنده" (1868) . ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" (7/156) .
(8) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «مارٌّ» بالرفع على أنَّه خبر المبتدأ، لكنَّ ما في النسخ صحيحٌ على أنَّه حالٌ منصوب سدَّ مسدَّ الخبر، وقد تقدم التعليق على نحوه في المسألة رقم (827) .
(6/511)
السُّوق؛ إِذَا امرأةٌ تَهتِفُ: يَا رسولَ اللَّهِ (1) ، إنَّ لِي زَوْجًا يُجْفيني (2) وَلا يُدْنيني؛ ففَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. فبعث رسولُ الله (ص) إِلَى زَوْجِهَا، فَسَأَلَهُ؟ فَقَالَ: إِنِّي لأُكرمُها وأُدنيها، قَالَ: فأَرْخَتْ دموعَها بشَهيقٍ، فَقَالَتْ: لا خيرَ فِي الْكَذِبِ، مَا فِي الأَرْضِ أبغضُ إليَّ مِنْهُ (3) . فتبسَّم رَسُولُ اللَّهِ (ص) ، وأخَذَ بطرَف قِناعها وَبِرَأْسِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَرِّي (4)
كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ (5) ، قَالَ: ثُمَّ ذهبَتْ (6) فلبثَتْ شَهْرًا (7) ، فَبَيْنَا النبيُّ (ص)
_________
(1) زاد بعده في النسخ عدا (ت) : «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .
(2) فِي (ت) و (ك) : «يخفيني» ، ولم تنقط الجيم في (أ) و (ش) . ومعنى «يُجْفيني» : يُبعِدُني، من أجفاه: إذا أبعدَه. انظر "اللسان" (ج ف و/14/148) .
(3) قوله: «منه» مكرر في (ش) .
(4) كذا في جميع النسخ: «أَرِّي» بإثبات الياء في آخره، وهو فعلُ أمر معتلُّ الآخر، فحقُّه أن يُبنى على حذف الياء: «أرِّ» ، على لغة جمهور العرب، وما في النسخ لغةٌ تخرَّج تخريجين، وقد تقدَّم التعليق على مثلها في المسألة رقم (1112) . قال ابن الأثير في "النهاية" (1/42) : «اللهم أرِّ بينهما» ، أي: أَلِّف وأَثْبِت الودَّ بينهما؛ من قولهم: الدابةُ تَأْري الدابةَ: إذا انضمَّت إليها، وألِفَت معها مَعْلَفًا واحدًا، وآرَيْتُها أنا..ورواه ابن الأنباري: «اللهم أرِّ كلَّ واحد منهما صاحبَه» ، أي: احْبِس كلَّ واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرفَ قلبُه إلى غيره، من قولهم: تأرَّيتُ في المكان: إذا احتبَسْتَ فيه، وبه سُمِّيت الآخِيَّةُ آرِيًّا؛ لأنها تمنعُ الدوابَّ عن الانفِلات. وسُمِّيَ المَعْلَفُ آرِيًّا مجازًا، والصَّوابُ في هذه الرواية أن يقال: «اللهمَّ أرِّ كُلَّ واحد منهما على صاحبه» ، فإن صحَّت الرواية بحذف «على» فيكون كقولهم: تعلَّقتُ بفلان، وتعلَّقتُ فلانًا» اهـ.
وانظر «غريب الحديث» لأبي عبيد (3/51-52) .
(5) اللفظُ في رواية أبي يعلى السابقة: «اللَّهُمَّ، أَدْنِ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا مِنْ صاحبه» .
(6) في (أ) و (ش) : «ثم فذهبت» .
(7) في (ت) و (ك) : «شهدا» .
(6/512)
مارًّا (1) فِي السُّوق؛ إِذَا هِيَ قَدْ أقبلَتْ على رأسها أُدُمٌ، فألقَتْ، فَقَالَتْ: أشهدُ أَنَّكَ رسولُ اللَّهِ (ص) ، وَاللَّهِ مَا فِي الأَرْضِ أحبُّ إليَّ مِنْهُ؟
قَالَ أَبِي: هُوَ حديثٌ مُنكَرٌ.
2712 - وسُئِلَ (2) أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ المَوْصِلي (3) ، عَنِ الحَكَم بْنِ ظُهَير، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن عبد الرحمن السُّدِّي، عن عبد الرحمن بن سَابِط، عن جابر ابن عبد الله؛ قال: أتى النبيَّ (ص) رجلٌ مِنَ الْيَهُودِ، يُقَالُ لَهُ: بُسْتاني اليهودي، فقال: يامحمد، أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَآهَا يوسُف ... ، وَذَكَرَ الحديثَ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا حديثٌ مُنكَر، لَيْسَ بشيء (4) .
_________
(1) كذا في جميع النسخ، وتقدم التعليق عليه في أول المسألة.
(2) نقل الزيلعي في "تخريج الكشاف" (2/161) حكم أبي زرعة على هذا الحديث.
(3) روايته أخرجها أبو يعلى في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (3635) .
وروى الحديثَ سعيد بن منصور في التفسير من "سننه" (1111) عن الحكم بن ظهير، به.
ومن طريق سعيد رواه العقيلي في "الضعفاء" (1/259) ، والبيهقي في "الدلائل" (6/277) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/216) .
ورواه البزار في "مسنده" (2220/ كشف الأستار) ، وأبو يعلى في "مسنده" - كما في "المطالب العالية" (3635) - وابن جرير الطبري في "تفسيره" (15/555) ، وابن أبي حاتم في "التفسير" (11332) تعليقًا، والدارقطني في "الأفراد" (107/ب/ أطراف الغرائب) من طرق عن الحكم بن ظهير، به.
ومن طريق أبي يعلى رواه ابن حبان في "المجروحين" (1/250-251) .
ورواه الحاكم في "المستدرك" (4/396) من طريق أسباط بن نصر، عن السدي، به.
(4) قال البزار: «لا نعلمه يُروى عن النبيِّ (ص) إلا بهذا الإسناد، والحكم فليس بالقوي، وقد روى عنه جماعة» .
وذكر العقيلي هذا الحديث وبعض الأحاديث المنتقدة على الحكم بن ظهير، ثم قال: «ولا يصحُّ من هذه المتون عن النبيِّ _ج شيءٌ من وجه ثابت» .
وقال ابن حبان: «وهذا لا أصلَ لَهُ مِنْ حَدِيثِ رسول الله (ص) » .
وقال الدارقطني: «تفرَّد به الْحَكَمِ بْنِ ظَهِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ إسماعيل، عنه» .
وقال ابن الجوزي: «هذا حديث موضوع على رسول الله (ص) ، وكأن واضعه قصد شَيْن الإسلام بمثل هذا» .
(6/513)
2713 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيد أَبُو قُدامَة (1) ، عَنْ أَبِي عِمران الجَوْني (2) ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: بَيْنَمَا النبيُّ (ص) جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ؛ إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ، فنَكَتَ فِي ظَهْرِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا مثلُ وَكْرَي الطَّير ... ثُمَّ ذكرتُ لَهُمَا الحديث بطوله؟
_________
(1) روايته أخرجها سعيد بن منصور في التفسير من = = "سننه" (1256) .
ومن طريق سعيد رواه البزار في "مسنده" (58/ كشف الأستار) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (2/520) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (302 و360) ، والطبراني في "الأوسط" (6214) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/316) . قال البزار: «وهذا لا نعلم رواه إلا أنس، ولا رواه عن أبي عمران إلا الحارث، وكان بصريًّا مشهورًا» .
فتعقَّبه الحافظ ابن حجر بقوله: «قلت: أخرج له الشيخان، وهو مع ذاك له مناكير؛ هذا منها» . وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ أبي عمران الجوني إلا الحارث» . وقال أبو نعيم: «غريب، لم نكتبه إلا من حديث أبي عمران، عن أنس، تفرَّد به عنه الحارث» .
وعزا الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/198) الحديث لسعيد بن منصور والبزار، ثم قال: «ورجاله لا بأس بهم، إلا أن الدارقطني ذكر له علَّة تقتضي إرساله» .
(2) هو: عبد الملك بن حبيب.
(6/514)
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ كما رواه حمَّاد ابن سَلَمة (1) ، عَنْ أَبِي عِمران، عَنْ محمَّد بْنِ عُمَير بْنِ عُطارِد بْنِ حاجِبٍ الدَّارِيّ؛ قَالَ: بَيْنَمَا النبيُّ (ص) ... مُرسَلً (2) ، وذكَرَ الحديثَ.
فَقَالَ (3) : هَذَا الحديثُ هُوَ (4) الصَّحيحُ.
2714 - وسألتُ (5) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يونس، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عن النبيِّ (ص) ؛ في المِعْراج.
_________
(1) روايته أخرجها ابن المبارك في"الزهد" (220) .
ومن طريقه رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (55/38) .
وأخرجه أيضًا في (55/39) من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ حَمَّادِ، به.
قال ابن عساكر: «هذا هو المحفوظ، وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حماد، فقال: عن محمد، عن أبيه» .
ونص البخاري في "التاريخ الكبير" (1/194 رقم597) على أن الرواية مرسلة، وتقدم ذكر ابن حجر لإعلال الدارقطني للحديث بالإرسال.
وقال أبو الشيخ في الموضع السابق من "العظمة": «ورواه ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عطارد بن حاجب ح، عن النبيِّ (ص) بمثل معناه، وهو الصَّحيح» .
وانظر "الإصابة" (10/73-74) .
(2) كذا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وانظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(3) كذا في جميع النسخ، والظاهر: أنَّ المراد: أبو حاتم وأبو زرعة، كما في السؤال والجواب السابقين لكن يخرَّج ما وقع هنا على الاجتزاء، والأصل: «فقالا» بألف المثنَّى، غير أن هذه الألف حذفت اكتفاءً بالفتحة على اللام قبلها، والاجتزاء لغة هوازن وعُلْيا قيس. انظر بيانها في التعليق على المسألة رقم (679) .
(4) المثبت من (ك) ، وفي بقية النسخ: «وهو» بالواو.
(5) تقدمت هذه المسألة برقم (315) و (316) .
(6/515)
وَرَوَاهُ قَتادة، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعة، عَنِ النبيِّ (ص) .
فَقِيلَ لأَبِي: أيُّهما أشبهُ؟
قَالَ: أَنَا لا أعدِلُ بالزُّهري أحدًا مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ.
قَالَ أَبِي: أرجو أن يكونا جَميعًا صحيحَين.
وَقَالَ مرَّة: حديثُ الزُّهري أصحُّ.
قلتُ: وَقَدِ اخْتَلَفُوا عَلَى الزُّهري؟
قَالَ: نعم، منهم من يَقُولُ: عَنِ الزُّهري، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب.
والزُّهريُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أصحُّ.
2715 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وحدَّثنا عَنِ عبد الجبَّار بْنِ سَعِيدٍ المُساحِقي، عَنْ يَحْيَى بْنِ محمَّد بْنِ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ محمَّد بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مُعاذ بْنِ جَبَلٍ؛ قَالَ: كَانَ وَشَلٌ (2)
بالطَّريق يخرُجُ مِنْهُ الماءُ، فيجتمعُ تحتَ ذَلِكَ الوَشَل
_________
(1) هو: محمد.
(2) في (ك) : «وشك» . والوَشَلُ: ماءٌ قليلٌ يَتَحَلَّبُ من جبلٍ أو صخرة يقطُر منه قليلاً قليلاً. "اللسان" (11/725) .
ولعل المرادَ بقوله: «كَانَ وَشَلٌ بِالطَّرِيقِ يَخْرُجُ مِنْهُ الماء» : جبلٌ أو صخرةٌ، وقد سماها باسم = = ما يخرُجُ منها من ماء، وهذا من باب إطلاق الشيء على ما يتعلَّق به، وهي جادَّة في العربية مسلوكة.
(6/516)
ما يُرْوي الراكبَ والراكبين والثلاثة، يقال لها: وادي الشَّفيق (1) ، فقال رسولُ الله (ص) : مَنْ سَبَقَنَا إِلَى المَاءِ، فَلاَ يَقْرَبَنَّهُ، فسبقَهُ إِلَيْهِ ناسٌ مِنَ المنافقين، فاستَقَوا مِنْهُ، فلمَّا أَتَاهُ رسولُ اللَّهِ (ص) وَقَفَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يرَ فِيهِ شَيْئًا، فَقَالَ: مَنْ سَبَقَنَا إِلَى هَذَا المَاءِ؟ ، قَالُوا: فلانٌ وفلانٌ وفلان، فقال: أَوَ لَمْ نَنْهاكُمْ (2) أنْ لا يَقْرَبَنَّهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ حتَّى آتِيَهُ؟! ، فلعنهُم رسولُ الله، وَدَعَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ نَزَلَ رسولُ الله (ص) فَوَضَعَ يدَه تَحْتَ ذَلِكَ الوَشَلِ حَتَّى انصَبَّ فِي يَدِهِ مِنْهُ، ثُمَّ نَضَحَ فمَهُ ومَسَحَه، وَدَعَا اللَّهَ عزَّ وجلَّ فِيهِ بِمَا شَاءَ أَنْ يدعوَ، فانخَرَقَ مِنَ الْمَاءِ مَا يقولُ مَنْ سمعَه: إنَّ لَهُ لَحِسًّا مثلَ حِسِّ الصَّواعق، فشربَ النَّاسُ واستَقَوا.
فسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: رَوَى هَذَا الحديثَ مالكٌ (3) ، عَنْ أَبِي الزُّبَير، عَنْ أَبِي الطُّفَيل، عَن مُعاذ بن جبل، عن النبيِّ (ص) ، وَهُوَ الصَّحيحُ عِنْدِي، ومحمدُ بنُ مُسْلِمٍ هُوَ عِنْدِي: أَبُو الزُّبَير.
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والحديث في "سيرة ابن إسحاق" (4/527/ابن هشام) هكذا: «يقال له: وادي المُشَقَّق» ، وكذا رواه ابن جرير الطبري في "تاريخه" (3/350) عن ابن إسحاق، وبهذا الاسم ذكره ياقوت في "معجم البلدان" (5/135) نقلاً عن ابن إسحاق. وانظر "الثقات" لابن حبان (2/98) .
(2) كذا في جميع النسخ، ويخرَّج على لغة من يثبت حرف العلة مع الجازم، وهي لغة لبعض العرب، ووجِّهت توجيهين، ذكرناهما في التعليق على المسألة رقم (228) .
(3) في "الموطأ" (1/143 رقم328) . ومن طريقه أخرجه مسلم في "صحيحه" (706) عقب الحديث رقم (2281) . وانظر المسألة رقم (245) .
(6/517)
-------------