الجمعة، 7 يناير 2022

12.- ج 4.علل الحديث لابن أبي حاتم عِلَلُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الْغَزْوِ وَالسِّيَرِ


علل الحديث لابن أبي حاتم
عِلَلُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الْغَزْوِ وَالسِّيَرِ
902 - سألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مَرْوان الفَزَاريُّ (2) ، عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيْمي (3) ، عَنْ أَبِي زُرْعَة (4) ، عَنْ أبي هريرة: أنَّ النبيَّ (ص) سمَّى الأُنثى مِنَ الخَيْل: الفَرَسَ؟
فَقَالَ: هَذَا حديثٌ مشهورٌ، رَوَاهُ جماعةٌ عَنْ أَبِي (5) حَيَّان، عَنْ أَبِي زُرْعَة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ ذكَرَ الغُلُولَ (6) ، فَقَالَ: لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى عُنُقِهِ فَرَسٌ (7) .
فاختَصَر مَرْوانُ هَذَا الحديثَ لمَّا قَالَ: يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ؛ أَيْ: جعلَ الفَرَسَ أُنثى حِينَ قَالَ: يحملُها (8) ، وَلَمْ يقل: يَحْمِلُه.
_________
(1) في (أ) و (ش) : «وسألت» بالواو.
(2) هو: ابن معاوية. وروايته أخرجها أبو داود (2546) ، وابن حبان في "صحيحه" (4680) .
(3) هو: يحيى بن سعيد بن حيان.
(4) هو: ابن عمرو بن جرير، مشهور بكنيته، ومُختَلَف في اسمه، فقيل: هَرِم، وقيل غير ذلك.
(5) في (ش) : «عن ابن» .
(6) الغُلول: هو الخيانةُ في المَغْنَم، والسَّرِقةُ من الغَنيمة قبل القِسْمة. انظر "النهاية" لابن الأثير (3/380) .
(7) الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (3073) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ومسلم (1831) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، وعبد الرحيم بن سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وأيوب السّختياني، جميعهم عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زرعة، عن أبي هريرة، به بلفظ: «لا أُلفِينَّ أحدَكم يوم القيامة على رَقَبَته شاةٌ لها ثُغاء، على رقبته فرسٌ له حَمْحَمَة ... » . ورواه أبو عوانة في "المستخرج" (4/438-439) من طريق أبي أسامة، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زرعة، عن أبي هريرة، به بلفظ: «لا أُلفِينَّ يجيءُ أحدُكم يوم القيامة على رَقَبَته فرسٌ لها حَمْحَمَة ... » .
(8) في (ك) : «حملها» .
(3/322)
903 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ عُيَينة، عَنْ عُمرَ بنِ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ أخي أنس (1) ،
عن عمِّه أنس (2) : أنَّ النبيَّ (ص) بعثَ عَلِيًّا إِلَى قومٍ يقاتلُهم، ووَجَّهَ خلفَهُ رَجُلً (3) ، فَقَالَ: لاَ تَدْعُهُ مِنْ خَلْفِهِ؟
قَالَ أَبِي وأَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ؛ أخطأَ فِيهِ ابنُ عُيَينة، وَلَيْسَ هُوَ بِابْنِ أَخِي أَنَسٍ؛ إِنَّمَا هُوَ: يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عمِّه (4) . وعمُّه لَيْسَ هُوَ أنسَ بْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ مُرسَلٌ.
قلتُ لأَبِي زُرْعَةَ: مَنْ عمُّه؟
قَالَ: لا أَدْرِي مَنْ عَنَى (5) .
_________
(1) هو: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة كما جاء مصرَّحَا به في رواية الطبراني في "الأوسط" (8265) من طريق عثمان بن يحيى القرقساني، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ عمر بن ذر، عن إسحاق بن عبد الله بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ بن مالك، به.
وكذا ذكره الدارقطني في"العلل" كما سيأتي في التعليق آخر المسألة. وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: ابن أخي أنس بن مالك لأُمِّه.
(2) قوله: «عن عمه أنس» سقط من (ف) .
(3) كذا، والجادَّة: رجلاً، بالألف، لكنَّها حذفت هنا على لغة ربيعة. وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(4) ذكر المزي في "تهذيب الكمال" (31/194) يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بن أبي طلحة الأنصاري، وذكر أنه يروي عن عمِّه عُمَرَ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي طلحة، ويروي عنه عمر بن ذر، فالظاهر أنه هذا، والله أعلم. وانظر التعليق التالي.
(5) أي: من قصد بقوله: «عمه» .
وهذا الحديث ذكره الدارقطني في "العلل" (948) ، فقال: «رواه عمر بن ذر، واختُلِف عنه: فرواه أحمد بن عبد المؤمن المصري، عن إسماعيل بن إسحاق الأنصاري، عن عمر بن ذر، فقال: عن يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رجل، عن أبي طلحة؛ قال: بعث النبي (ص) عليًّا. وقد وقع في هذا الإسناد وهم في مواضع: في قوله: يحيى بن أبي إسحاق، وإنما هو: يحيى بن إسحاق. وفي قوله: عن رجل، عن أبي طلحة، وإنما روى هذا الحديث عمر بن ذر، عن يحيى بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي طلحة: أن النبي (ص) بعث عليًّا. وقيل: عن وكيع، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، عَنِ يحيى بن إسحاق، عن علي. وقيل: عن ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذر، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، ولا يصحُّ، والمرسل أصحُّ» اهـ.
(3/323)
904 - وسمعتُ (1) أَبِي (2) وَذَكَرَ حديثَ صَفْوان (3) ، عَنِ الْوَلِيدِ (4) ، عَنْ شَيْبان (5) ، عَنِ الأعمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (6) ، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ (7) ، وَإذَا (8) اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ.
قَالَ أَبِي: كَانَ صَفْوان ربَّما يَرْويه فَيَقُولُ: عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النبيِّ (ص) . ويَرْويه شَيْبان فيَضْطَرِبُ فِيهِ، مَرَّةً يَقُولُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (9) (10) ، وَأَحْيَانًا يَقُولُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) .
_________
(1) ستأتي هذه المسألة برقم (953) .
(2) قوله: «أبي» سقط من (ك) .
(3) هو: ابن صالح المؤذِّن.
(4) هو: ابن مسلم.
(5) هو: ابن عبد الرحمن النَّحوي.
(6) هو: ذَكْوان السَّمَّان.
(7) في (ت) : «وفيه» ، وفي (ك) : «وثية» ، ولم تُعجَم الياء.
(8) في (ت) و (ف) و (ك) : «وإن» بدل: «وإذا» .
(9) من قوله: «عن النبي (ص) ويرويه شيبان ... » إلى هنا سقط من (أ) و (ش) .
(10) أما روايته له عن أبي هريرة: فهي التي ذكرها المؤلف في صدر المسألة عن صفوان، عن الوليد، عنه. وأما روايته له عن ابن عباس: فأخرجها أبو يعلى في "معجمه" (79) من طريق أبي الوليد أحمد بن عبد الرحمن، وأخرجها ابن حبان في "صحيحه" (4592) من طريق هشام بن خالد الأزرق، كلاهما عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ شَيْبَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صالح، عن ابن عباس، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10/339 رقم 10844) من طريق صَفْوَانَ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن ابن عباس، به. وهذا يدلُّ على أن الاختلاف من صفوان، وليس من شيبان، إلا أن يكون هناك من رواه عن شيبان بذكر أبي هريرة غير الوليد بن مسلم، من رواية صفوان، عنه.
(3/324)
والصَّحيحُ إِنَّمَا هُوَ: الأعمَشُ (1) ، عَنْ مُجاهِد، عَنْ (2) طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عباس، عن النبيِّ (ص) (3) .
قَالَ أَبِي: ويَظُنُّ قومٌ أنَّ حديثَ الْوَلِيدِ غريبٌ.
905 - وسألتُ (4) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُوَيد بن عبد العزيز (5) ، عَنِ ابْنِ عَجْلان (6) ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ شَيءٍ مِنْ لَهْوِ الدُّنْيَا بَاطِلٌ، إلاَّ ثَلاَثًا: تَأديبُكَ فَرَسَكَ، وَرَمْيُكَ عَنْ قَوْسِكَ، وَمُلاَعَبَتُكَ أَهْلَكَ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنَ الحَقِّ. فقال رسولُ الله (ص) : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ الجَنَّةَ (7) بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ الثَّلاَثَةَ ... ، فذكرتُ (8) لهما الحديثَ؟
_________
(1) في (ك) : «عن الأعمش» .
(2) قوله: «عن» تصحَّف في (ت) إلى «بن» .
(3) وقد رواه البخاري (1834) ، ومسلم (1353) من طريق منصور، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابن عباس، به.
(4) نقل هذه المسألة بتمامها الزيلعي في "نصب الراية" (4/274) ، وستأتي برقم (997) ، وانظر المسألة رقم (955) .
(5) روايته عند الطبراني في "الأوسط" (5309) ، والحاكم في "المستدرك" (2/95) . قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم» ، فتعقَّبه الذهبي بقوله: «كذا قال، وسويد متروك» .
(6) هو: محمد.
(7) قوله: «الجنة» سقط من (ف) .
(8) من قوله: «إن الله عز وجل ... » إلى هنا سقط من (أ) و (ش) .
(3/325)
فَقَالا: هَذَا خطأٌ، وَهِمَ فِيهِ سُوَيد؛ إِنَّمَا هُوَ: عَنِ ابْنِ عَجْلان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي حُسَين؛ قَالَ: قَالَ (1) : بلغني أنَّ رسولَ الله (ص) قَالَ ... (2) .
كَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ (3) ، وحاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وجماعةٌ - وَهُوَ الصَّحيحُ - مُرسَلً (4) .
قال أبي (5) : ورواه ابن عُيَينة، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَين، عَنْ رجُلٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثاء (6) ، عن النبيِّ (ص) ، وَهُوَ أَيْضًا مُرسَلٌ (7) .
906 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ حَكَّام، عَنْ شُعْبَة، عَنْ عليِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعان، عَنْ أَبِي المُتَوكِّل النَّاجي (8) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري؛ قَالَ: أَهْدَى مَلِكُ الرُّومِ (9) إِلَى النبيِّ (ص)
_________
(1) كذا في جميع النسخ! وفي الموضع السابق من "نصب الراية": «قال» مرة واحدة.
(2) في "نصب الراية": «قال: فذكره» .
(3) في (ش) : «روي الليث» ، وهو: ابن سعد.
(4) كذا، وهو حالٌ منصوب، وقد ورد على الجادَّة: مرسلاً، في "نصب الراية"، لكنَّه جاء هنا بحذفها على لغة ربيعة. وانظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(5) قوله: «أبي» سقط من (ك) .
(6) في (ك) : «أبي شعثاء» . وأبو الشعثاء هو: جابر بن زيد.
(7) الحديث رواه الترمذي (1637) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين: أن رسول الله (ص) قال ... فذكره هكذا مرسلاً، ولم يتكلم عليه بشيء.
(8) هو: عليُّ بن داود.
(9) في رواية الحاكم الآتية: «أهدى ملك الهند» ، وفي "الجرح والتعديل" (6/228) : «أن النجاشي أهدى» .
(3/326)
هَدَايَا، فَكَانَ فِيمَا أهدَى إِلَيْهِ جَرَّةٌ فِيهَا زَنْجَبِيل (1) ؟
فَقَالا: لا نَعْرفُه مِنْ حَدِيثِ شُعْبَة! رَوَاهُ (2) يَزِيدُ (3) بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيان بْنِ حُسَين، عَنْ عليِّ بْنِ زَيْدٍ (4) ، عَنْ أَنَسٍ (5) .
قلتُ: فَهَذَا صَحيحٌ؟
_________
(1) الحديث رواه العقيلي في "الضعفاء" (3/267) ، والطبراني في "الأوسط" (2416) ، وابن عدي في "الكامل" (5/137) ، والحاكم في "المستدرك" (4/135) من طريق عَمْرُو بْنُ حكَّام، عَنْ شُعْبَةَ، به. قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ شعبة إلا عمرو» .
وقال الحاكم: «لم أخرج من أول هذا الكتاب إلى هنا لعلي بن زيد بن جُدعان القرشي- رحمه الله تعالى- حرفًا واحدًا، ولم أحفظ في أكل رسول الله (ص) الزَّنجبيل سواه، فخرجته» . فتعقَّبه الذهبي بقوله: «هذا مما ضَعَّفوا به عمرًا؛ تركه أحمد» .
وأما قول الحاكم: «لم أخرج من أول هذا الكتاب إلى هنا لعلي بن زيد بن جُدعان القرشي رحمه الله تعالى حرفًا واحدًا» : ففيه نظر! فقد أخرج له في (2/556) محتجًّا به، ومصححًا لحديثه. انظر "مختصر المستدرك" لابن الملقن (5/2655) .
(2) في (أ) و (ش) : «روى» .
(3) في (ت) و (ك) : «ابن زيد» بدل: «يزيد» .
(4) في (أ) و (ش) : «يزيد» .
(5) الحديث رواه ابن عدي في "الكامل" (5/137-138) من طريق يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ، به. ثم قال ابن عدي: «وهذا لا يرويه عن شعبة غير عَمرو بن حكَّام، فَقَالَ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سعيد، ورواه سفيان بن حسين من رواية يزيد عنه، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أنس كما ذكرت، وتكلَّم الناس في عمرو بن حكَّام؛ حيث روى عن شعبة هذا الحديث، وقد رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ أنس، فكان الاختلاف من علي بن زيد فإذا كان بهذه الصورة؛ لأن علي بن زيد يحتمل أن يخلِّط، ويبرأ عمرو بن حكَّام من العُهدة، ويبقى عليه أنه لم يروه عن شعبة غيره» .
وكذا جاءت عبارة ابن عدي في المطبوع! وكذا هي في مخطوط "الكامل".
(3/327)
قَالا: هَذَا أشبهُ. وَأَمَّا حديثُ عَمْرو بْنِ حَكَّام: فَإِنَّهُ حديثٌٌ مُنكَرٌ (1) ؛ لا نعلَمُه أَنَّهُ رَوَاهُ أحدٌ سِوَى عَمْرو بْنِ حَكَّام (2) .
قَالَ: قلتُ (3) : فَمَا حالُ عَمْرِو بنِ حَكَّام (4) ؟
قالا: لَيْسَ بقَويٍّ (5) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَانَ قَدِمَ الرَّيَّ، فكَتَبَ عَنْهُ أخي أبو بَكْر (6) .
_________
(1) قال الذهبي في "الميزان" (3/254) : «هذا منكر من وجوه [كذا!] : أحدهما: أنه لا يعرف أن ملك الروم أهدى شيئًا إلى النبي (ص) ، وثانيهما: أن هدية الزَّنجبيل من الروم إلى الحجاز شيء ينكره العقل! فهو نظير هدية التمر من الروم إلى المدينة النبوية، ورواه غيرُ واحد عن عمرو بن حكَّام» .
(2) وكذا قال الطبراني وابن عدي - كما سبق -. وقال العقيلي في "الضعفاء" (3/267) : «ولا يعرف إلا بعمرو» ، وكذا قال الذهبي في "الميزان" (3/486) . وقال الخليلي في "الإرشاد" (2/490) : «لم يتابعه عليه أحد» .
(3) قوله: «قلت» سقط من (ت) .
(4) من قوله: «فإنه حديث منكر ... » إلى هنا سقط من (ك) .
(5) قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/228) : «سألت أبي عن عمرو بن حكام؟ فقال: خرج إلى خراسان، ورجع، فأخرج حديثًا كثيرًا عن شعبة، فلم يُنكرَ عليه إلا حديثُ الزنجبيل: إن النجاشيَّ أهدى إلى النبي (ص) الزَّنجبيل. قال أبي: فلا أبعد، فإن الحديث له أصل. قلت: ما تقول فيه؟ قال: هو شيخ ليس بالقوي، لين، يكتب حديثه» .
(6) في "الجرح والتعديل" (6/228) : «قدم الرَّيَّ، وكتب عنه أخي أبو بكر، وليس بالقوي» . ... وقد توبع عمرو بن حكَّام عليه من أوجه لا تثبت، فرواه العقيلي في "الضعفاء" (3/267) من طريق أحمد بن عمر الوادي؛ قال: حدثنا النضر بن محمد الجرشي، ثنا شعبة ... به فذكره. قال العقيلي: قال الصَّائغ: هذا حديث عمرو بن حكَّام، وكان عند أحمد بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حكَّام، وعن النضر بن محمد، فانهدمت دارُه، وتقطَّعت الكتب، فاختلط عليه حديث عمرو بن حكَّام في حديث النضر، ولا يعرف إلا بعمرو، وهذا لأنهما جميعًا يحدثان عن شعبة، فحدث بهذا عن النضر بن محمد» .
ورواه الذهبي في "الميزان" (3/485) من طريق محمد ابن أشرس - وهو متهم في الحديث- عن الحسين بن الوليد، عن شعبة، به. قال الذهبي: «هذا إنما يعرف بعمرو ابن حكَّام، عن شعبة، فالحسين بن الوليد من ثقات الخراسانيين، لا يحتمل هذا» .
(3/328)
907 - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (1) : سألتُ (2) أَبِي عن حديثٍ رواه عبد الرزَّاق (3) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عَطاء بن يزيد، عن عُبَيدالله بْنِ عَدِيّ (4) بْن الخِيَار، عَنْ عبد الله بْنِ عَدِيٍّ الأنصاريِّ، عَنِ النبيِّ (ص) : أنَّ رجلاً أتى النبيَّ (ص) ليستَأذِنَهُ فِي قَتْلِ رجلٍ مِنَ المنافقينَ ... الحديثَ (5) ؟
_________
(1) قوله: «قال أبو محمد» من (ت) و (ك) فقط.
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «وسألت» بالواو. وفي هامش النسخة (أ) عند هذه المسألة حاشية غير واضحة.
(3) في "المصنف" (18688) . ومن طريق عبد الرزاق رواه أحمد (5/433 رقم 23671) ، وابن حبان (5971) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (10/166-167) . قال ابن عبد البر (10/161) : «وأما طرق حديث ابن شهاب، عن عبيد الله بن عدي ابن الخيار: فقد ذكرها إسماعيل بن إسحاق القاضي مستقصاةً مجوَّدة، ونحن نذكرها عنه» ثم شرع في ذكرها. ونقل عن إسماعيل القاضي قوله بعد ذكره طرقَ الحديث: «وليس فيهم أجودُ من رواية معمر إن كان عبد الرزاق ضبط عن معمر..» .
وذكر ابن حجر الحديث في "الإصابة" (6/164) وقال: «إسناده صحيح، وقد جوَّده معمر، عن الزهري. ورواه مالك والليث وابن عيينة، عن الزهري فقالوا: عن رجل من الأنصار، ولم يسمُّوه»
(4) في (أ) : «غدي» .
(5) قوله: «الحديث» سقط من (ك) .
(3/329)
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هو: عن عُبَيدالله ابن عَدِيٍّ، عن النبيِّ (ص) ، مُرسَلً (1) .
قلتُ لأَبِي: الخطأُ ممَّن هو (2) ؟
قال: مِنْ عبد الرزَّاق.
908 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليدُ ابن مسلم، عن عبد الله بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَبْر (3) ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سلاَّمٍ الأسْوَدَ (4) ؛ قَالَ: سمعتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَة؛ قَالَ: صلَّى بنا النبيُّ (ص) إِلَى بَعيرٍ مِنَ المَغْنَم، فلمَّا سَلَّم أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ البَعِير فَقَالَ: وَلاَ يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ هَذِهِ إلاَّ الخُمُسُ، وَالخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ؟
قَالَ أَبِي (5) : ما أدري ما هَذَا (6) ؟! لَمْ يسمَعْ أَبُو سلاَّم من عمرو
_________
(1) رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ" (1/171) عَنِ الزهري، عن عطاء، عن عبيد الله بن عدي، عن النبي (ص) مرسلاً. قال ابن عبد البر في "التمهيد" (10/150) : «هكذا رواه سائرُ رواة "الموطأ" عن مالك، إلا روحَ بن عبادة؛ فإنه رواه عن مالك متصلاً مسندًا» .
ورواه أحمد في "المسند" (5/432-433 رقم 23670) عن عبد الرزاق؛ أخبرنا ابن جريج؛ أخبرني ابن شهاب، عن عطاء، عن عبيد الله بن عدي: أن رجلاً من الأنصار حدَّثه ... فذكره.
وقوله: «مرسل» : يجوز فيه الرفع والنصب. انظر التعليق على المسألة رقم (85) .
(2) قوله: «هو» من (ت) و (ك) فقط.
(3) في (ك) : «زيد» .
(4) هو: مَمْطور الحَبَشي.
(5) في (ك) : «إني» .
(6) في (ت) : «يا هذا» .
(3/330)
بْنِ عَبَسَة شَيْئًا؛ إِنَّمَا يَروي عَنْ أَبِي أُمامَة، عَنْهُ (1) .
909 - وسمعتُ أبي وذكَرَ حديثًا رواه عُبَيدالله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوان بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ بْنِ أَبِي اللَّجْلاج (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - قولَهُ -: لا يَجْمَعُ اللَّهُ غُبَارًا فِي سبيلِ اللَّهِ، ودُخَانَ جهنَّم فِي مَنْخِرَيْ عَبدٍ مُسْلِمٍ ... الحديثَ.
قَالَ أَبِي: قَالَ لَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيث (3) ؛ وَإِنَّمَا هُوَ صَفْوَانُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وأَرى أنَّ بين عُبَيدالله بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ وَبَيْنَ صَفْوان: سُهَيلَ بْنَ أبي صالح (4) .
_________
(1) الحديث رواه أبو داود في "سننه" (2755) ، والحاكم في "المستدرك" (3/616-617) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/339) من طريق عبد الله بن العلاء؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلامٍ الأَسْوَدَ قال: سمعت عمرو ابن عبسة، به.
وقد وقع في هذا الحديث اختلاف كثير انظره في التعليق على "سنن سعيد بن منصور" (5/187-198 رقم982) .
(2) اسمه القَعقاع، وقيل: حصين، وقيل: خالد. قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7/136) : «قعقاع ابن اللَّجلاج: روى عن أبي هريرة، روى عنه صفوان ابن أبي يزيد، سمعت أبي يقول ذلك، وقال محمد بن عمرو: عن حصين بن اللَّجلاج. قال يحيى بن معين - فيما ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عنه -: أن القعقاع أصوب» .
(3) أي: هكذا قال لنا أبو صالح - وهو عبد الله بن صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ - عَنِ اللَّيْث، عن عبيد الله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوَانَ بن يزيد.
(4) الحديث رواه النسائي في "سننه" (3115) من طريق شعيب بن الليث، عن الليث، عن عبيد الله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوَانَ بن أبي يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ بْنِ اللَّجلاج، عن أبي هريرة، به موقوفًا.
ورواه أحمد في "المسند" (2/256 رقم7480) ، وسعيد بن منصور في "سننه" (2402) ، والنسائي (3114) من طريق محمد بن عمرو، عن صفوان، عن حصين ابن اللَّجلاج، عن أبي هريرة، به مرفوعًا إلى النبي (ص) .
ورواه النسائي (3110) من طريق جرير، وفي (3112) من طريق ابن الهاد، وسعيد ابن منصور في "سننه" (2401) من طريق خالد بن عبد الله، ثلاثتهم عن سهيل ابن أبي صالح، عن صفوان، عن القعقاع بن اللجلاج، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.
ورواه النسائي (3111) من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ بن أبي صالح، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ خالد ابن اللجلاج، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.
قال الدارقطني في "العلل" (1601) : «يرويه سهيل بن أبي صالح ومحمد بن عمرو واختُلِف عنهما: فَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سهيل ومحمد بن عمرو فقال: عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ القعقاع بن اللجلاج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) . خالفه خالد الواسطي؛ رواه عن سهيل، عن صفوان بن أبي يزيد، عن القعقاع بن اللجلاج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) . [ورواه عبدة ابن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ حصين بن اللجلاج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) ، والصَّواب: القعقاع بن اللجلاج] » . اهـ.
تنبيه: ما بين معقوفين سقط من المطبوع من "العلل"، فاستدركناه من المخطوط (ج3/ق45/ب-46/أ) .
(3/331)
910 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُفْيان (1) ، عَنْ عَاصِمٍ (2) ، عَنْ أَبِي وائل (3) ، عن عبد الله (4) ، عن النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ مُسَيْلِمَة: لَوْلاَ أَنَّ الرُّسُلَ لاَ تُقْتَلُ، لَقَتَلْتُكَ (5) .
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش (6) ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن ابن
_________
(1) هو: الثوري.
(2) هو: ابن أبي النَّجود.
(3) هو: شقيق بن سَلَمة.
(4) هو: ابن مسعود.
(5) في (أ) : «لقتلك» .
(6) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (1/404 رقم 3837) .
(3/332)
مُعَيْن (1) السَّعْدي (2) ، عن عبد الله، عن النبيِّ (ص) ؟
قَالَ أَبِي: الثَّوْري أحفَظُ من أَبِي بَكْرٍ (3) ، وَأَرَى أَنَّ عَاصِمًا حَكَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أنَّ رجلاً يقال له: أبو مُعَيْن (4) ،
مَرَّ بمسجدِ
_________
(1) كذا في جميع النسخ: «ابن مُعَيْن» ، وسيأتي بكنيته: «أبو مُعَيْن» ، وكلاهما صواب. وانظر التعليق بعد التعليقين التاليين.
(2) في (ك) يشبه أن تكون: «السعيري» .
(3) وقال الدارقطني في "العلل" (734) بعد أن ذكر الاختلاف في هذا الحديث: «والصواب: عن الثوري، عن عاصم» .
(4) وكذا ذكر الدارقطني في "العلل" (5/88 رقم 734) أنه مرة يُنسَب، ومرة يُكنى. وهذا بعضٌ من الاختلاف في اسم هذا الرواي؛ فمنهم من قال - كما هنا -: «ابن مُعَين» ، وهذا جاء في بعض نسخ "الجرح والتعديل" (9/328 رقم1434) كما ذكر المحقق، وكذا جاء في"معرفة الثقات" للعجلي (2313/ترتيبه) ، لكنه ضُبط: «ابن مُعَيَّن» ، وذكر المرتِّب أن في الحاشية: «مُعَيْن بالتخفيف» ، وكذا جاء في "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (2/ل297/أ) : «ابن مُعَيْن» = = مضبوطًا، وذكر أنه كذا عند ابن منده. وأما ابن الأثير في "أسد الغابة" (6/346) فذكره هكذا: «ابن مُعَيْز» بالزاي، ونسبه لابن منده وأبي نعيم! وهذا الذي ذكره الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (4/2016-2017) ، حيث قال: «وأما مُعَيْز: فهو عبد الله ابن مُعَيْز - بالزاي - السَّعْدِي ... » الخ. وكذا جاء في بعض نسخ "الجرح والتعديل"، وهو الذي أثبته المحقق، وكذا جاء أيضًا في "طبقات ابن سعد" (6/196) ، و"مسند الإمام أحمد" (1/404 رقم3837) ، وكثيرٍ من المصادر التي أخرجت الحديث، وهذا الذي اختاره كثيرٌ ممن ألف في مشتبه النسبة، ومنهم ابن ماكولا في "الإكمال" (7/205) .
وتعقَّب ذلك كله الحافظ ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" (8/197-198) بعد أن حكى عن الذهبي قوله: «ومُعَيْز - تصغير مَعْز -: عبد الله بن مُعَيْز السَّعْدي، عن ابن مسعود، وعنه أبو وائل» ، ثم قال ابن ناصر الدين: «قلت: ذكره المصنِّف في كتابه "التجريد" في ذكر الأبناء، ولم يُسَمِّه، وذكر اسمَ والده بكسر الميم، وسكون العين المهملة، وفتح المثناة، تليها راء؛ فقال: ابن مِعْيَر، له إدراك، روى عنه أبو وائل، فخالف المصنِّف ما قيَّده هنا، والمعروف غيرُ هذين القولين، وهو ابن مُعَيْن - بضم الميم، وفتح العين، وسكون المثناة تحت، تليها نون -. وكذا ذكره ابن منده في "المعرفة"، فقال: ابن مُعَيْن، أدرك النبي (ص) ولم يره، روى عنه أبو وائل، يروي عن عبد الله. انتهى. وكذا ذكره بالنون أبو الغنائم النَّرْسي، فروى في كتابه "حديث مختلفي الأسماء" من طريق عبد الله بن زيدان؛ حدثنا أبو كُرَيب؛ حدثنا أبو بكر، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن ابن مُعَيْن السَّعْدي، فذكر قصَّةً فيها روايتُه عن عبد الله بن مسعود، تقدَّمت في حرف الحاء المهملة. نقلتُه مجوَّدًا من خط الحافظ عبد الغني المَقْدسي من كتاب النَّرْسي» . اهـ كلام ابن ناصر الدين.
(3/333)
بَنِي (1) حَنِيف (2) ، فجعَلَ أَبُو بَكْرٍ: عن ابن مُعَيْن (3) ، والثَّوريُّ أَفهَمُ.
911- وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رواه بَكْرُ ابن يُونُسَ بْنِ بُكَير (5) ،
عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (6) ، عَنْ أبي قَتَادة الأنصاريِّ (7) : أنَّ
_________
(1) في (ت) و (ك) : «بين» .
(2) كذا في جميع النسخ، وفي مصادر التخريج: «حنيفة» .
(3) انظر التعليق قبل التعليقين السابقين.
(4) انظر المسألة الآتية برقم (1016) .
(5) لم نقف على روايته، وسيأتي الحديث في المسألة رقم (1016) من طريق يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُلي بن رباح، به.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/293 رقم 809) ، والحاكم في "المستدرك" (2/92) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/330) من طريق عبيد بن الصَّبَّاح، عن موسى بن عُلي بن رباح، عن أبيه، عن عقبة ابن عامر، به مرفوعًا، فجعله من مسند عقبة بن عامر.
(6) هو: عُلَيُّ بن رَباح اللَّخْميُّ.
(7) في جميع النسخ: «عن أبي قتادة، عن الأنصاري» ، وكأنه ضُرِب على قوله: «عن» الثانية في نسخة (أ) .
(3/334)
رسولَ الله (ص) قَالَ: خَيْرُ الخَيْلِ: الأَدْهَمُ (1) ، الأَقْرَحُ (2) ، الأَرْثَمُ (3) ، المُحَجَّلُ (4) ثَلاَثً (5) ،
طَلْقُ اليَمِينِ (6) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أدْهَمَ فَكُمَيْتٌ (7) عَلَى هَذِهِ (8) الشِّيَةِ (9) ؟
_________
(1) الأَدْهَمُ: الأسْوَد. والعربُ تقول: ملوكُ الخيل دُهْمُها. انظر "لسان العرب" (12/209) .
(2) الأَقْرَحُ: الذي في جَبهَته قُرْحَة، وهي بياضٌ يسير في وجه الفَرَس، دون الغُرَّة. انظر "النهاية" لابن الأثير (4/36) .
(3) الأَرْثَمُ: الذي أنفُه أبيضُ، وشَفَتُه العُليا. انظر "النهاية" (2/196) .
(4) المُحَجَّلُ: الذي يرتفعُ البياضُ في قوائمه إلى مَوضِع القَيد، ويُجاوِزُ الأرساغَ ولا يُجاوِزُ الرُّكبَتَين؛ لأنهما مواضِعُ الأحْجال وهي الخَلاخيلُ والقُيودُ، ولا يكونُ التَّحجيلُ باليدِ واليدَين مالم يكُن معها رِجل أو رِجلان. "النهاية" (1/346) .
(5) في (ف) : «فلت» ، وهو تصحيفٌ، والمثبت من بقيَّة النسخ، وقد رسمت فيها هكذا: «ثلث» على الرسم القديم، ومثل ما أثبتنا جاء في المسألة رقم (1016) ، و"مسند أحمد"، وفي "صحيح ابن حبان": «المحجَّلُ ثلاثًا» ، وفي "سنن البيهقي": «المُحَجَّلُ الثَّلاث» ، وفي إحدى نسخ "مسند أحمد": «مُحَجَّل الثَّلاث» .
وقوله: «ثلاث» فيما أثبتناه يحتمل وجهين:
الأول: الرفع على أنه نائب فاعل لاسم المفعول «المحجَّلُ» ، والمراد: المحجَّلُ ثلاثٌ منه، أي: أنَّ التَّحجيل في ثلاثٍ من قوائمه فقط.
والثاني: النصب على نزع الخافض، أي: المُحَجَّلُ في ثلاث، حُذفَ الخافض، فانتصَبَ ما بعده «ثلاثً» ؛ ويشهد لهذا روايةُ ابن حبَّان: «المحجَّلُ ثلاثًا» بألف تنوين النصب، لكنَّ الألف حُذفت هنا جريًا على لغة ربيعة، وقد تقدَّم إيضاحها في المسألة رقم (34) ، وتقدَّم أيضًا في المسألة رقم (12) التعليق على نزع الخافض.
(6) أي: يده اليُمنى مُطلَقَة، ليس فيها تحجيلٌ. انظر "النهاية" (3/134) .
(7) الكُمَيْتُ من الخيل: بين الأسود والأحمر. "المصباح المنير" (ك م ت) (ص540) .
(8) في (ك) : «هذا» ، والمثبت من بقية النسخ ومصادر التخريج.
(9) كذا في (أ) وفي مصادر التخريج، ولم تنقط الياء في (ش) ، وفي بقيَّة النسخ: «الشبه» بالباء الموحَّدة.
والشِّيَةُ: العَلامَةُ. "المصباح المنير" (وش ي) (ص661) . والمراد: على هذه الصِّفة وهذا اللون من الخيل. انظر "النهاية" (2/522) .
(3/335)
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا يُروَى هَذَا الحديثُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ (1) ، عن أبيه، عن النبيِّ (ص) ، مُرسَلً (2) ؛ وبَكْرُ بْنُ يُونُسَ ضعيفُ الْحَدِيثِ.
912 - وسمعتُ (3) أَبِي ورأَى فِي كِتَابِي عَنْ هارونَ بنِ إِسْحَاقَ، عَنْ محمَّد بْنِ بِشْر، عَنْ عبد الرحمن بْنِ أَبِي الزِّناد (4) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ (ص) أربعَ أحاديثَ (5) : أحدُهَا: وأنَّ النبيَّ (ص) نَهَى أن يُسَافَرَ بالقُرآن ِ إِلَى أرضِ العَدُوِّ.
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذِهِ الأحاديثُ وَهَمٌ؛ وَإِنَّمَا هو: عن عبد الرحمن بن عبد الله بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عمر، عن النبيِّ (ص) .
913 - وسألتُ (6) أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه أبو بكرِ بن
_________
(1) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (32562) عن الفضل بن دكين، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أبيه، عن النبي (ص) مرسلاً بنحوه.
(2) كذا «مرسل» وهو حالٌ منصوب، وجاء بحذف ألف تنوين النصب جريًا على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليقُ عليها في المسألة رقم (34) .
(3) تقدمت هذه المسألة برقم (252) ، وفيها ذكرُ الأحاديث الأربعة جميعها.
(4) اسم أبي الزناد: عبد الله بن ذكوان.
(5) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «أربعة أحاديث» ، لكن ما في النسخ جائز على مذهب البغداديين والكسائي. وقد تقدَّم التعليق على ذلك في المسألة رقم (252) .
(6) ستأتي هذه المسألة برقم (1395) .
(3/336)
ُ عَيَّاش (1) ، عَنْ لَيث (2) ، عَنْ أَبِي الخَطَّاب (3) ،
عَنْ أَبِي زُرْعَة (4) ، عَنْ ثَوْبان مولى رسول الله (ص) أَنَّهُ قَالَ: لعَنَ رسولُ اللَّهِ (ص) الرَّاشِيَ والمُرْتَشِيَ، وإنَّ هَذَا الفَيْءَ لا يُحِلُّ فيه خَيْطًا ولا مِخْيَطًا (5) ، وإنَّ
_________
(1) روايته أخرجها البيهقي في "شعب الإيمان" (5115) . وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5/279 رقم 22399) بلفظ: لعن رسول الله (ص) الراشي والمرتشي والرائش يعني الذي يمشي بينهما. وأخرجه الحربي في "غريب الحديث" (3/1052) مختصرًا بلفظ: «المختلعات هنَّ المنافقات» .
(2) هو: ابن أبي سُلَيم.
(3) سأل الترمذي في "العلل الكبير" (304) البخاريَّ عن أبي الخطاب من هو؟ فقال: «لعله الهجري، وأبو زرعة لعله يحيى بن أبي عمر السيباني، وقال: كنيته أبو زرعة» . اهـ. وقد ترجم البخاري في "الكنى" (218) لأبي الخطاب الهجري، ثم ترجم لأبي الخطاب هذا الذي يروي عن أبي زرعة؛ فجعلهما اثنين.
وقال ابن حجر في "التقريب" (8142) : «أبو الخطاب: شيخٌ لليث بن أبي سُلَيم، مجهول من السادسة» . وقال في "تهذيب التهذيب" (4/517-518) في الكلام عن أبي الخطاب هذا: «ذكر ابنُ مَنْده وابن عبد البر أنَّه يَروي عَنْ أَبِي زُرْعة بْنِ عَمْرِو بن جرير، والذي عند الترمذي عن أبي زُرْعة حَسْبُ، والأشبه: أنه أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو السَّيْباني؛ فإنه شاميٌّ، وأبو إدريس شاميٌّ، وأما أبو زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ فإنه عراقيٌّ، ولا يُعرَفُ له روايةٌ عن الشاميين، قلت [والكلام لابن حجر] : تَبِعَ ابنُ منده وابنُ عبدِالبرِّ عبد الرحمن بن أبي حاتم؛ فإنه هكذا قال في كتابه "أبو الخطاب"، رَوى عَنْ أَبِي زُرْعة بْنِ عَمْرِو ابن جرير، وعنه لَيْث بن أبي سُلَيم. وكذا قاله الحاكم أبو أحمد، والظَّاهر ترجيح قَوْلهم، ولا مانع أن يكون أبو زُرْعة لقي أبا إدريس بمكة أو بغيرها» . اهـ.
(4) قال ابن حجر في "التقريب أيضًا (8165) : «أبو زُرْعَةَ: عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، قيل: هو ابن عمرو ابن جرير، وإلا فهو مجهول، من الخامسة» .
(5) كذا في جميع النسخ، وكذا في المسألة الآتية برقم (1395) ، والجادَّة: «لا يَحِلُّ فِيهِ خيطٌ وَلا مِخْيَطٌ» كما ورد في جميع مصادر التخريج، لكن ما وقع عندنا لك أن تضبطه على أوجه ثلاثة؛ الأول: «لا يُحِلُّ فيه خَيْطًا ولا مِخْيَطًا» ، والثاني: «لا يُحَلُّ فيه خَيْطًا ولا مِخْيَطًا» ، والثالث: «لا يَحِلُّ فيه خَيْطًا ولا مِخْيَطًا» :
فالضبط الأول: يتخرَّج على أنَّ الفاعل ضمير يعود إلى رسول الله (ص) ، والتقدير: «إنَّ هَذَا الفيءَ لا يُحِلُّ فيه = = رسولُ الله (ص) خيطًا ولا مخيطًا» .
والضبط الثاني: يتَّجه على قول الكوفيين ومن تابعهم في جواز إنابة الجارِّ والمجرور مُنَابَ الفاعل مع وجود المفعول به، عند بناء الفعل لما لم يُسمَّ فاعله وقد تقدَّم إيضاح مذهب الكوفيين في المسألة رقم (252) .
والضبط الثالث: يصحُّ على الإضمار، والتقدير: «لا يَحِلُّّ فيه شيءٌ ولوكان خيطًا أو مِخْيَطًا» ؛ ففاعل «لا يَحِلُّ» : محذوفٌ، و «خيطًا» : خبر «كان» ، ولعل هذا أوفَقُ للمعنى المقصود، والله أعلم.
(3/337)
المُخْتَلِعاتِ (1) هُنَّ المُنافقاتُ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَوَاهُ ذَوَّادُ (2) بْنُ (3) عُلْبَة (4) ، وابنُ أَبِي زَائِدَةَ (5) ، عَنْ لَيْث، عَنْ أَبِي الخَطَّاب، عَنْ أَبِي زُرْعَة، عن أبي
_________
(1) في (ك) : «المختلفات» . والمُختَلِعاتُ: اللاتي يطلُبنَ الخُلعَ والطَّلاقَ من أزواجهِنَّ بغير عُذر. اهـ. "النهاية" (2/65) .
(2) في (ف) و (ك) : «داود» ، وفي (ش) : «داوذ» . وروايته أخرجه الترمذي في "جامعه" (1186) ، وفي "العلل الكبير" (304) ، والطبري في "تفسيره" (4841) ، وابن عدي في "الكامل" (3/122) ، والدارقطني في "الأفراد" (105/ب/أطراف الغرائب) محتصرًا بلفظ: «المختلعات هُنَّ المنافقات» .
قال الترمذي في "الجامع": «هذا حديث غريبٌ من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي» . وقال في "العلل": «سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فلم يعرفه» .
وقال الدارقطني: «تفرَّد به أبو كُرَيب محمد بن العلاء، عن مُزاحم بن ذوَّاد بن عُلْبة، عن أبيه، عن ليث، عن صاحب له يقال له: عمر أبو الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أبي أدريس» .
(3) علق عليها بهامش (ك) بما نصه: «وابن» .
(4) في (أ) و (ش) و (ف) : «علية» ، ولم تنقط في (ت) و (ك) .
(5) هو يحيى بن زكريا. وروايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (22085) ، وفي "المسند"؛ كما في "إتحاف الخيرة" (4900) . ومن طريق ابن أبي شيبة رواه أبو يعلى في "المسند الكبير" - كما في "إتحاف الخيرة" (4900) -، والطبراني في "الكبير" (2/94 رقم 1415) .
ورواه البزار في "مسنده" (1353/كشف الأستار) من طريق عبد الواحد بْنُ زِيَادٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عن ثوبان، أن رسول الله (ص) لعن الراشي والمرتشي والرائش.
قال البزار: «قوله: الرائش، لا نعلمها إلا من هذا الطريق، وإنما يرويه لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيم، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، وقد أدخل ذاود بن عُلْبة بينه وبين أبي زرعة رجلاً، فذكره عن أبي الخطاب، وأبو الخطاب فليس بالمعروف إلا انه قد روى عنه ليث غير حديث» .
(3/338)
إِدْرِيسَ الخَوْلانيِّ (1) ، عَنْ ثَوْبان، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَهَذَا الصَّحيحُ؛ قد وصلوه؛ زادوا فيه رَجُلً (2) .
914 - وسألتُ (3) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُفْيان الثَّوري (4) ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد (5) ، عَنِ المُرَقِّعِ بنِ صَيْفي، عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ (6) ؛ قَالَ:
_________
(1) هو: عبد الله بن ثُوَب.
(2) كذا في جميع النسخ بحذف ألف تنوين النصب، جريًا على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) ، وسيأتي على الجادَّة: «رجلاً» في المسألة رقم (1395) .
(3) نقل هذا النص بتصرف الزيلعي في "نصب الراية" (3/378) ، وانظر المسألة رقم (1019) .
(4) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (33107) ، والإمام أحمد في "المسند" (4/178 رقم 17611) ، والترمذي في "العلل الكبير" (471) ، وابن ماجه في "سننه" (2842) ، والنسائي في "الكبرى" (8627) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/222) ، وابن حبان في "صحيحه" (4791) .
(5) هو: عبد الله بن ذكوان.
(6) هو: ابن الربيع بن صيفي.
(3/339)
لمَّا خرَجَ رسولُ الله (ص) فِي بعضِ مَغَازيه، نظَرَ إِلَى امرأةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَالَ: مَا كَانَتْ هَذِهِ (1) تُقَاتِلُ! ، فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّساء والوِلْدان؟
قَالَ أَبِي وَأَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ، يُقَالُ: إنَّ هذا مِنْ وَهَم ِ الثَّوْري؛ إِنَّمَا هُوَ: المُرَقِّعُ بْنُ صَيْفي، عن جَدِّهِ رياح (2) بنِ الرَّبيعِ أَخِي حَنْظَلَة، عَنِ النبيِّ (ص) . كذا يَرْوِيهِ مغيرةُ بنُ عبد الرحمن (3) ، وزيادُ بن سعد، وعبد الرحمن ابن أَبِي الزِّناد (4) .
قَالَ أَبِي: والصَّحيحُ هذا (5) .
_________
(1) في (ت) و (ف) و (ك) : «هذا» .
(2) في (أ) و (ت) و (ك) : «رباح» بالموحدة، وكذا في "نصب الراية" (3/388) نقلاً عن "العلل"، ولم تنقط في (ش) و (ف) . والمثبت هو الصَّواب، وانظر تفصيل ذلك في المسألة رقم (1019) .
(3) روايته أخرجها سعيد بن منصور في "سننه" (2623) ، والإمام أحمد في "المسند" (3/488 رقم15992) و (4/346 رقم19043 و19044) ، وابن ماجه في "سننه" (2842) ، والنسائي في "الكبرى" (8626) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1546) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/221 و222) ، و"شرح مشكل الآثار" (6137) ، وابن حبان في "صحيحه" (4789) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (4620) .
(4) يعني: عَنْ أَبِي الزِّناد، عَنِ المُرَقِّعِ بن صَيْفي، عن جده. ورواية عبد الرحمن أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (3/488 رقم15993 و15994) و (4/178-179 رقم 17612) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/314) ، وفي "التاريخ الأوسط" (1/142) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2751) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6138) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (4617 و4618) ، والحاكم في "المستدرك" (2/122) .
(5) قال الترمذي في الموضع السابق: «حديث سفيان هَذَا خَطَأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: عَنْ المرقع، عن رَبَاحِ بْنِ الرَّبِيعِ أَخِي حَنْظَلَةَ الكاتب، هكذا رواه غير واحد عن أبي الزناد. وسألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: رباح بن الربيع. ومن قال: رياح بن الربيع هو وهم. قال أبو عيسى: رباح بن الربيع أصح. وقد روى بعض ولد رباح غير هذا عن جده وقال: رياح بن الربيع، وهكذا قال علي بن المديني: رياح» . اهـ.
وقال الطحاوي في الموضع السابق" من "شرح المشكل": «ولا نعلم أحدًا تابع الثوري على روايته كذلك» .
وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (3/314) بعد أن ذكر الاختلاف فيه: «وقال الثَّوْرِيُّ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ مرقع، عن حنظلة الكاتب، وهذا وهم» .
ونقل ابن ماجه (2842) عن ابن أبي شيبة قوله: «يخطئ الثوري فيه» .
(3/340)
915 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ وكيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عن عبد الله بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ نِيَار (1) ،
عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَة، عَنِ النبيِّ (ص) ؛ فِي قصَّة الرَّجُل الَّذِي أَتَى النبيَّ (ص) حين خرجَ إلى بَدْر،
_________
(1) كذا في (ت) ، وفي بقيَّة النسخ: «دينار» ، عدا (ف) فهي محتملة بسبب طمس على الدال، أو تعديل للكلمة، ولعلها كانت «دينار» ، ثم ضُرب على الدال.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (33152) فقال: حدثنا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ... فذكره.
وقوله: «عن أبي نيار» تصحيف، وصوابه: «عن نيار» ؛ فقد أخرجه ابن ماجه في "سننه" (2832/ط بشار) من طريق ابن أبي شيبة وعلي بن محمد، كلاهما عن وكيع، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن نيار، عن عروة، به. وانظر "تحفة الأشراف" (12/13 رقم 16358) .
وأخرج الحديث أيضًا إسحاق بن راهويه في "مسنده" (759) ، فقال: أخبرنا وكيع، نا مالك بن أنس، عن عبد الله بْنِ نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة ... فذكره هكذا بإسقاط: عبد الله بن يزيد. ومن طريق إسحاق رواه الدارمي (2/233) ، والنسائي في "الكبرى" (8760) ، لكن وقع اختلافٌ في روايتهما عما في "مسند إسحاق".
أما الدارمي فإنه سمى: «عبد الله بن نيار» : «عبد الله بن دينار» .
وأما النسائي فقال: أبنا إسحاق بن إبراهيم؛ قال: أبنا وكيع؛ قال: حدثنا مالك، عن فضيل بن أبي عبد الله، عن عبد الله بْنِ نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة، به. فزاد في الإسناد: «فضيل بن أبي عبد الله» . وهذه الزيادة جاءت في بعض نسخ النسائي، فقد ذكر المزِّي في الموضع السابق من "التحفة" أن في رواية أبي علي الأسيوطي: «عن وكيع، عن مالك، عن عبد الله بن نيار» ، ولم يذكر «الفضيل بن أبي عبد الله» ، وهذا هو الموافق لرواية إسحاق في "مسنده".
فدلَّ هذا على أن الاختلافَ في اسم هذا الراوي منشؤه من النُّسَّاخ بسبب تشابه الرسم بين «نيار» و «دينار» ، والله أعلم.
(3/341)
فَقَالَ: جئتُكَ لأُِبايِعَكَ وأُصِيبَ (1) مَعَكَ، فقال له (2) النبيُّ (ص) : أَتُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟ ، قَالَ: لا (3) ، ثُمَّ أتاهُ فَقَالَ: نَعَمْ ... وذكَرَ الحديثَ؟
قَالَ: هَذَا وَهَمٌ (4) ، وَهِمَ فِيهِ وكيعٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: عَنِ الفُضَيل (5) بن أبي عبد الله، عن عبد الله بْنِ نِيار (6) ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عائِشَة؛ وَهَذَا الصَّحيحُ (7) .
916 - وسألتُ أَبَا زرعة عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ عُيَينة، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مَسْروق، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَة (8) بْنِ رِفاعَة بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيج، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيج؛ قال: أعطى النبيُّ (ص) أَبَا سُفْيانَ - يَوْمَ حُنَيْن (9) - وصَفْوانَ بنَ أُميَّة، وعُيَينةَ بنَ حِصْن، والأَقْرَعَ بن حابِس،
_________
(1) في (ت) و (ك) : «وأوصيت» ، ولم تنقط في (أ) و (ف) .
(2) قوله: «له» ليس في (أ) و (ش) و (ك) .
(3) تتمة الحديث: «قال: فارجع؛ فلن أستعين بمشرك ... » .
(4) قوله: «وهم» ليس في (أ) و (ش) .
(5) في (ش) : «الفضل» .
(6) في (ت) و (ك) : «دينار» .
(7) من الوجه الذي رجَّحه أبو حاتم أخرجه مسلم في "صحيحه" (1817) .
(8) في (ت) و (ك) : «عبادة» .
(9) في (ك) : «خيبر» .
(3/342)
مِئَةً مِنَ الإِبِل (1) ... الحديثَ؟
فَقَالَ (2) أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ؛ رَوَاهُ الثَّوري فَقَالَ: عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنِ ابْنِ أبي نُعْم ٍ (4) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدري، عَنِ النبيِّ (ص) ؛ وَهَذَا الصَّحيحُ (5) .
قلتُ لأَبِي زُرْعَةَ: مِمَّن الوَهَمُ؟
قَالَ: مِنْ عُمَرَ.
917 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ (6) قَبِيصَةُ (7) ، عَنْ سُفْيان الثَّوري، عَنْ أيُّوب (8) ، عَنْ أَبِي العالِيَة (9) ، عَنْ أُبَيِّ (10) ابن كَعْبٍ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ (ص) : بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بالسَّنَاءِ (11) ، والرِّفْعَةِ في
_________
(1) أخرج مسلم هذا الحديث في "صحيحه" (1060) من طريق سفيان بن عيينة، به، ووقع عنده: «كل إنسان منهم مئة من الإبل» .
(2) في (ك) : «قال» .
(3) هو: سعيد بن مسروق.
(4) في (ك) : «نعيم» . وهو: عبد الرحمن بن أبي نُعْم.
(5) من هذا الوجه رواه البخاري (3344 و4667 و7432) عن سفيان الثوري. ورواه مسلم (1064) من طريق أبي الأحوص، كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عبد الرحمن بن أَبِي نُعْم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري؛ قال: بعث عليٌّ وهو باليمن بذَهَبَة في تربتها إلى رسول الله (ص) فقسمها رسولُ الله (ص) بين أربعةِ نفر ... فذكر الحديثَ بطوله.
(6) قوله: «عن حديث رواه» مكرَّر في (ت) .
(7) هو: ابن عُقبة السَّوائي. وروايته عند عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (5/134 رقم21224) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (1153) .
(8) هو: ابن أبي تميمة السَّختياني.
(9) هو: رُفَيع بن مِهران الرِّياحي.
(10) قوله: «أُبَي» ليس في (ك) .
(11) السَّناءُ: الرِّفعَة، وعلوُّ المنزلة والقَدْر عند الله. انظر "النهاية" (2/414) .
(3/343)
الدِّينِ، والتَّمْكِينِ فِي البِلاَدِ؛ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا عَمَلاً لاَ يُرِيدُ بِهِ الآخِرَةَ، فَلَيْسَ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ؟
فَقَالا (1) : هَذَا خطأٌ؛ أخطأَ فِيهِ قَبِيصَةُ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الحديثَ جماعةٌ مِنَ الحفَّاظ (2) ، فَقَالُوا: عَنِ الثَّوري، عَنِ المُغيرَة بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الرَّبيع بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العالِيَة، عَنْ أُبَيٍّ، عَنِ النبيِّ (ص) (3) .
918 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبدُالواحدِ بنُ عَمرِو بنِ صَالِحٍ قَاضِي رامَهُرْمُز (4) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحيم الرَّازي (5) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سِماك (6) ، عَنْ عِكرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: قِيلَ للنبيِّ (ص) حِينَ فرَغَ مِنْ بَدْر: عليكَ بالعِيرِ (7) ! لَيْسَ دونَها شيءٌ، فَنَادَاهُ العبَّاسُ وَهُوَ أَسِير: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وعَدَك إِحْدَى الطَّائفتَين؟
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والسؤال موجَّه إلى أبي حاتم فقط.
(2) قوله: «الحفاظ» تصحَّف في (ت) و (ك) إلى: «أكفاء لم له» .
(3) الحديث رواه أحمد (5/134 رقم21220) عن عبد الرزاق، ورواه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (5/134 رقم21221) من طريق معتمر بن سليمان، ورواه الشاشي في "مسنده" (1491) ، والحاكم في "المستدرك" (4/311) من طريق زيد بن الحباب، ورواه الحاكم أيضًا (4/318) من طريق عبد الصمد بن حسان، كلهم عن سفيان، عن المغيرة، عَنِ الرَّبيع، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عن أُبَيّ، عن النبي (ص) .
(4) في (ك) : «رام هو من» .
ورامَهُرْمُز: مدينةٌ مشهورةٌ بنواحي خُوزِسْتان. "معجم البلدان" (3/17) .
(5) هو: ابن سليمان.
(6) هو: ابن حَرْب.
(7) في (ت) و (ك) : «بالعين» .
(3/344)
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ، رَوَاهُ أبو كُرَيبٍ (1) وغيرُهُ، عن (2) عبد الرَّحيم، عَنْ إِسْرَائِيلَ (3) ، عَنْ سِماك، عَنْ عِكرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَن النبيِّ (ص) ؛ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ حديثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ؛ لعلَّه دخلَ لَهُ (4) حديثٌ فِي حَدِيثٍ (5) .
919 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الشَّاذَكُوني (6) ، عَنِ (7) ابْنِ إِدْرِيسَ (8) ، عَنْ أَبِيهِ (9) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (10) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاس: أنَّ النبيَّ (ص) كَانَ لَهُ فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ: المُرْتَجِزُ (11) ؟
قَالَ أَبِي: رَوَى هَذَا الحديثَ الهَيثَمُ بنُ عَدِيٍّ، عَنْ إدريس، فأخذَهُ
_________
(1) هو: محمد بن العلاء.
(2) قوله: «عن» سقط من (ك) .
(3) هو: ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
(4) قوله: «له» سقط من (ك) .
(5) الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (36691) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن إسرائيل، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2373) ، ورواه أحمد (1/229 رقم 2022) و (1/314 رقم 2873) ، والترمذي (3080) من طرق أخرى عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، به.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن» . وجوَّد إسناده الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/556) .
(6) هو: سليمان بن داود.
(7) في (ت) : «على» .
(8) هو: عبد الله.
(9) هو: إدريس بن يزيد الأَوْدي.
(10) كذا في جميع النسخ! وما في المصادر: «عدي بن ثابت» بدل: «أبي إسحاق» ، ومن ذلك ما سيأتي في سؤالات البرذعي لأبي زرعة. وأبو إسحاق المذكور هنا هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(11) سُمِّي بهذا الاسم لحُسن صَهيلِه. "النهاية" لابن الأثير (2/200) .
(3/345)
الشَّاذَكُوني، فأقلَبَهُ (1) عَلَى ابْنِ إِدْرِيسَ (2) .
920 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ جريرُ ابن حَازِمٍ (3) ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُز، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نافعَ بْنَ الأَزْرَق (4)
كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يسألُه عَنْ سَهْمِ ذِي القُربَى، وَعَنْ قَتلِ الوِلدان ... الحديثَ.
وَرَوَاهُ حمَّادُ بْنُ سَلَمة، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ نافعَ بْنَ الأَزْرَق
_________
(1) أقلَبَه: لغةٌ ضعيفة في «قَلَبَهُ» . وسبق التنبيه عليها في المسألة رقم (464) .
(2) الحديث رواه الطبراني في "الأوسط" (7515) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (2/125) و (3/364) ، والحاكم في "المستدرك" (2/608) ، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (1/334) جميعهم من طريق سليمان الشاذكوني، عن عبد الله بْن إدريس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، به.
قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ عدي إلا إدريس، ولا عن إدريس إلا ابنه، تفرَّد به الشاذكوني» .
وقال البرذعي في "سؤالاته لأبي زرعة" (ص562-564) : «وقال لي أبو زرعة: رأيت في كتاب الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ إِدْرِيسَ الأَوْدي، عَن عدي بْن ثابت، عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس قال: كان اسمُ فرس النبيِّ (ص) : المُرْتَجِز. وقال أبو زرعة: قال سليمان الشاذكوني: حدثنا به ابن إدريس، عن أبيه. فاتَّهمتُ أنه أخذه من الهيثم. ثم قال أبو زرعة: ذاك اللسان والفصاحة، بأي شيء خُتِم له نسأل الله السَّتر! ثم قال: شَمِتَ به علي بن المديني» . اهـ. ويعني بقوله: «ذاك اللسان والفصاحة ... » : سليمان الشاذكوني.
وضعَّف الشيخ الألباني هذا الحديث في "السلسلة الضعيفة" (4227) .
(3) في (ك) : «جرير، عن حازم» .
(4) كذا! والحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (1/248 و294 رقم2235 و2685) ، ومسلم في "صحيحه" (1812) ، والنسائي في "الكبرى" (11577) من طريق جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هرمز؛ قال: ثم كتب نَجدةُ بن عامر إلى ابن عباس ... فذكره.
ونافع بن الأزرق من رؤوس الخوارج، وإليه تنسب طائفة الأزارقة، وكان قد خرج في أواخر دولة يزيد بن معاوية. "لسان الميزان" (6/144) .
ونجدة: هو ابن عامر الحروري، من رؤوس الخوارج، خرج باليمامة عَقِب موت يزيد بن معاوية، وقدم مكة، وله مقالات معروفة، وأتباع انقرضوا.
انظر "لسان الميزان" (6/148) أيضًا.
(3/346)
كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، مُرسَلً (1) ؟
قَالَ أَبِي (2) : قَدْ زَادَ جَريرٌ فِيهِ (3) رجلَيْنِ، وَوَصَلَهُ، وَهُوَ صحيحٌ، وحمَّادٌ قَدْ (4) نقَصَ رجلَيْنِ.
921 - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إبراهيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الوهَّاب الثَّقَفي (5) ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاء (6) ، عَنْ عِكرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ يَوْمَ بَدْر: هَذا (7) جِبْرِيلُ، آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ (8) الحَرْبِ (9) ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حدَّثنا أَبُو بَكْرُ بْنُ أَبِي شَيبة (10) ، عن عبد الوهَّاب
_________
(1) كذا بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) قوله: «قال أبي» سقط من (ف) .
(3) في (ك) : «فيه جرير فيه» .
(4) قوله: «قد» ليس في (أ) و (ش) .
(5) هو: عبد الوهَّاب بن عبد المجيد.
(6) هو: خالد بن مهران.
(7) في (ت) و (ك) : «وهذا» .
(8) في (ك) : «أذاة» .
(9) الحديث رواه البخاري في "صحيحه" (3995 و4041) من طريق إبراهيم بن موسى، به.
(10) هو عنده في "المصنف" (36656) .
(3/347)
الثَّقَفي (1) ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكرمَة: أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ ... وَهَذَا الصَّحيحُ، وَلا أَدْرِي مِنْ أينَ جاءَ إبراهيمُ ابن مُوسَى بِابْنِ عَبَّاسٍ!
922 - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ (2) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو رَبِيعَةَ فَهْدُ بْنُ عَوْف (3) ، وَيَحْيَى بن عبد الحميد الحِمَّاني (4) ، عَنْ أَبِي عَوانة (5) ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ (6) العِجْلي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الحَنَفي (7) ، عَنْ عليٍّ: أنَّ رسولَ الله (ص) أَمَره أَنْ يُغَوِّرَ (8) آبارَ بَدْر (9) ؟
قَالَ (10) أَبُو زُرْعَةَ: لا أعلمَ رُوِيَ هَذَا الحديثَ عَنْ أَبِي عَوانة غيرُ أَبِي رَبِيعَةَ والحِمَّانيِّ، وَلا أحسَبُه مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوانة؛ إنما (11) هو:
_________
(1) قوله: «الثَّقَفِي» من (ت) و (ك) فقط.
(2) في (أ) و (ش) : «وسألت أبي وأبا زرعة» .
(3) أبو ربيعة هذا: اسمه: زيد، وفهد لقبه.
(4) كذا ذكر ابن أبي حاتم رواية يحيى الحماني. والحديث رواه أبو نعيم في "الحلية" (4/367) من طريق يحيى الحماني؛ قال: ثنا قيس بن الربيع، عن هارون بن سَعْد، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ علي، به.
(5) هو: الوضَّاح بن عبد الله اليَشكُري.
(6) في (أ) و (ش) : «سعيد» . وانظر "تهذيب الكمال" (30/85) .
(7) هو: عبد الرحمن بن قيس.
(8) في (ت) : «يعوّد» . ومعنى «يغوِّر آبارَ بدر» : يطمرها حتى تصيرَ مياهها بعيدةَ المنال، فكأنَّها غارت في الأرض. والله أعلم.
(9) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/84) من طريق أبي ربيعة، ثنا أبو عوانة، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيد، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، به، ثم قال البيهقي: «وكذلك رواه يوسف بن خالد بن عمير، عن هارون. ويوسف وأبو ربيعة محمد [كذا!] بن عوف ضعيفان» .
(10) في (ش) : «وقال» .
(11) في (ش) : «وإنما» .
(3/348)
مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتي، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ (1) .
923 - وسمعتُ أَبِي وذكَرَ حَدِيثًا عَنْ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حمَّاد (2) ، عن أَبان ابن أَبِي عَيَّاش، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: يُعْطَى الشَّهِيدُ ثَلاَثَةً: أَوَّلُ دُفْعَةٍ يَغْفِرُ (3) لَهُ ذُنُوبَهُ، وَأَوَّلُ مَنْ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ زَوْجَتُهُ مِنَ (4) الحُورِ العِينِ، وَإذَا وَجَبَ (5) إِلَى الأَرْضِ وَقَعَ فِي الجَنَّةِ (6) .
_________
(1) في (أ) : «هارون بن سعيد» ، وهي محتملة في (ش) .
والحديث رواه أبو نعيم في "الحلية" (4/367) من طريق يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمتي، عَنْ هارون بن سَعْد، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ علي، به. قال أبو نعيم: «رواه أبو عوانة عن هارون مثله» .
(2) هو: ابن سَلَمَة.
(3) كذا في (ت) ، ولم تنقط الياء في بقيَّة النسخ، وتحتمل في ضبطها وجهين:
= ... الأول: «يَغْفِرُ» بالبناء للفاعل، و «ذنوبه» بالنصب مفعولاً به. ويكونُ الفاعل ضميرًا يعود إلى الله سبحانه، ولم يذكر لفظ الجلالة لفهمه من السياق. وانظر التعليق على المسألة رقم (400) .
والثاني: «يُغْفَر» لِمَا لم يُسَمَّ فاعلُهُ، و «ذنوبه» بالرفع نائبًا للفاعل.
(4) قوله: «من» سقط من (ت) و (ك) .
(5) في (ف) : «وقع» . ومعنى: وَجَبَ: سَقَطَ. انظر "الغريبين" (6/1971) .
(6) ذكر القزويني في "التدوين" (3/417) أن أبا طاهر محمد بن علي بن السَّقَّاء روى هذا الحديث عن موسى ابن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عن أبان، عن أنس، به. وعزاه المتقي الهندي في "كنز العمال" (11153) إلى الدارقطني في "الأفراد"، والديلمي. ولم أجده عند ابن طاهر في "أطراف الغرائب" (69) في باب: أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أنس، ولكن وجدته ذكر في (ق 70) في باب: حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن أنس حديثًا بلفظ: «من طلب الشهادة ... » الحديث، وقال: «تفرد به شيبان بن فرُّوخ، عن حماد، وأخرجه مسلم في "الصحيح" عن شيبان كذلك» . وهذا الحديث أخرجه مسلم - كما قال الدارقطني - (1908) من طريق شيبان بن فرُّوخ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثابت، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ص) : «من طلب الشَّهادة صادقًا أُعطيها، ولو لم تُصبه» .
قال ابن عمار الشهيد في "علل أحاديث في صحيح مسلم" الحديث (24) : «ووجدت فيه -أي "صحيح مسلم"-: عن شيبان، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثابت، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ص) : «من طلب الشَّهادةَ صادقًا أُعطيها، وإن لم تُصبه» قال: ووافقه على هذه الرواية المؤمَّل بن إسماعيل. وهذا حديث وهم فيه شيبان والمؤمل جميعًا، فأما المؤمل فكان قد دفن كتبه، وكان يحدث حفظًا فيخطئ الكثير. والصَّحيح: ما رواه الحجاج بن المنهال وموسى بن إسماعيل والعبسي، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبي (ص) ، وعن حَمَّاد، عَنْ ثَابِت، عَنِ النَّبِيِّ (ص) مرسلاً مثله. والصحيح من حديث ثابت مرسل، وحديث أبان مسند» . اهـ.
(3/349)
قَالَ أَبِي: يَرْوِي هَذَا الحديثَ مُؤَمَّلٌ (1) ، عَنْ حمَّاد، عَنْ ثَابِتٍ (2) ، عن أنس، عن النبيِّ (ص) ؛ وأَبانُ أصَحُّ.
924 - وسمعتُ أَبِي وَقِيلَ لَهُ: حديثٌ يَرْوِيهِ الجُرَيريُّ (3) ، عَنْ أبي عبد الله؛ قَالَ: قلتُ لابْنِ عُمَرَ: هَلْ تَعْلَمُ عَمَلً (4) فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا الجهادَ؟ فَقَالَ: كُلُّ (5) عَمَلٍ صَالِحٍ فَهُوَ (6) فِي سَبيلِ اللهِ.
فَقِيلَ لأَبِي: مَن هذا أبو عبد الله؟ وهل يُسمَّى؟
_________
(1) هو: ابن إسماعيل.
(2) هو: ابن أسلم البُناني.
(3) هو: سعيد بن إياس.
(4) كذا في جميع النسخ بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(5) في (ت) و (ك) : «كان» بدل: «كل» .
(6) قوله: «فهو» ليس في (ف) .
(3/350)
فَقَالَ: لا أعلَمُه، إِلا أَنَّهُ يُروى عن أبي عبد الله الجَسْري، وَهُوَ: حِميَريُّ (1) بْنُ بَشِير، فَلا أَدْرِي هُوَ ذَا أَمْ لا؟
925 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وَذَكَرَ حَدِيثًا يَرْوِيهِ حمَّاد بْنُ سَلَمة (2) ، عَنْ بُدَيل بْنِ مَيْسَرة، عَنْ عبد الله بْنِ شَقيق، عَنْ رجُلٍ مِنْ بَلْقَيْنِ (3) ؛ قَالَ: أتيتُ رسولَ اللَّهِ (ص) وَهُوَ بِوادي القُرى (4) ؛ قلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ، لِمَنِ المَغْنَمُ؟ قَالَ: لِلَّهِ سَهْمٌ، وَلِهَؤُلاَءِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ... الحديثَ.
_________
(1) في (ت) و (ك) : «حمير» ، وانظر ترجمة: «حميري» هذا في "التقريب" (1579) .
(2) روايته عند أبي يعلى في "مسنده" (7179) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/229) ، والبيهقي في "سننه" (6/336) .
(3) يقال هذا لبني القَيْنِ من بني أسَد، كما قالوا: بَلْحارث وبَلْهُجَيم، وهو من شواذِّ التخفيف. انظر "لسان العرب" (ق ي ن) (13/352) .
(4) قوله: «القرى» سقط من (أ) و (ش) .
ووادي القُرى: وادٍ بين الشَّام والمدينة، وهو بين تَيْماء وخَيبر، فيه قُرًى كثيرةٌ، وبها سُمِّي: وادي القُرى. "معجم البلدان" (4/338) .
(3/351)
وَرَوَى أَيْضًا حمَّادُ بْنُ زَيْدٍ (1) ، عَنْ بُدَيلٍ، وخالدٍ الحَذَّاء، والزُّبَير بن الخِرِّيت (2) ، عن عبد الله بْنِ شَقيق (3) ، عَنْ رجُلٍ مِنْ بَلْقَيْنِ؛ قَالَ: أتيتُ رسولَ اللَّهِ (ص) ... الحديثَ (4) .
وَرَوَاهُ وُهَيبُ بْنُ خَالِدٍ، عن خالد الحَذَّاء (5) ، عن عبد الله بْنِ شَقيق، عَنْ رجُلٍ مِنْ بَلْقَيْنِ، عَنْ رجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ؛ قال: أتيتُ النبيَّ (ص) ... .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا أصَحُّ.
926 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يحيى ابن حَمْزَةَ (6) ، عَنِ المُطْعِم بْنِ المِقْدام، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ (7) ؛ أَنَّ معاويةَ قَالَ لابْنِ الحَنظَلِيَّة: حدِّثنا حَدِيثًا سمعتَهُ مِنْ رَسُولِ الله (ص) ، فقال: سمعتُ رسولَ الله (ص) يَقُولُ: الخَيْلُ مَعْقودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا عِنْدِي وَهَمٌ؛ رَوَاهُ أبو إسحاقَ الفَزاريُّ (8) ، عن
_________
(1) روايته عند البيهقي في "السنن الكبرى" (6/324 و336) .
(2) في (ت) و (ك) : «الحريث» .
(3) في (ك) : «سفيان» بدل: «شقيق» .
(4) ذكر ابن كثير في "التفسير" (4/4) هذا الحديث من رواية حماد بن زيد، وصحَّح سنده.
(5) هو: خالد بن مهران. وقد اختُلِف على خالد هذا. فرواه عبد الله بن المبارك عنه بما يوافق رواية الحمَّادَين. أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/229) . ورواه هشيم عنه بما يوافق رواية وهيب بن خالد. أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2680) .
(6) روايته أخرجها ابن قانع في "معجم الصحابة" (1/268) من طريق منصور بْن أَبِي مزاحم، عَن يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الْمُطْعِمِ، عن الحسن، قال: قال معاوية لابن الحنظلية ... فذكره.
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/98 رقم 5623) ، و"مسند الشاميين" (914) من طريق هشام ابن عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ؛ ثنا الْمُطْعِمِ بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنِ الْحَسَنِ بن أبي الحسن أنه قَالَ لابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سمعته من رسول الله (ص) ، فقال: سمعتُ رسول الله (ص) ... ، فذكره هكذا: أن السائل لابن الحنظلية هو الحسن البصري!
(7) هو: الحسن البصري.
(8) هو: إبراهيم بن محمد.
(3/352)
المُطْعِم بن المِقْدام، عن جَسْر (1) بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ يَعْلى بْنِ شَدَّاد، عَنْ سَهل بْنِ الحَنظَلِيَّة، عن النبيِّ (ص) ؛ وَهَذَا أشبهُ.
قلتُ لأَبِي: فَلِمَ لَمْ تَحكُم للحديثِ المُرسَل (2) ؟
فَقَالَ: المُطْعِم عَنِ الْحَسَنِ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى؛ [لَمْ] (3) يُسْمَعْ مِنْهُ. والحسنُ البصريُّ عَنْ سَهل بْنِ الحَنظَلِيَّة لا يجيءُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَزاري أحفَظُ وأتقنُ مِنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ.
927 - وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الهِقْلُ (5) ، وعَمْرُو (6) بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ الأوزاعيِّ (7) ، عَنْ سُلَيمان بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أُمامة، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللهِ ... .
قَالَ: وَرَوَاهُ الوليدُ (8) ، وغيرُه، عَنِ الأوزاعيِّ، عَنْ سُلَيمان، عَنْ أبي أُمامة، موقوفً (9) ؟
_________
(1) في (ك) : «عن جبير» .
(2) يعني: الإسناد الأول الذي فيه ذكر الحسن البصري.
(3) مابين المعقوفين سقط من (أ) و (ش) و (ف) ، وتصحَّف في (ت) و (ك) إلى: «له» .
(4) انظر ما يأتي في المسألة رقم (966) .
(5) هو: ابن زياد.
(6) في (ك) : «وعمر» .
(7) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(8) هو: ابن مسلم الدمشقي.
(9) كذا بلا ألف، وهو حالٌ منصوب، والجادَّةُ: «موقوفًا» ، لكن حذفت هنا ألف تنوين النصب على لغة ربيعة. وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(3/353)
قَالَ أَبِي: هِقْلٌ أحفَظُ، والحديثُ مَوْقُوفٌ (1) أشبهُ (2) .
928 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزارِي (3) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعي (4) ، عَنْ نُعَيم بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَمُرَة ابن جُنْدُب؛ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ (ص) : مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً، فَلَهُ سَلَبُهُ (5) ؟
قَالَ أَبِي: بَيْنَ نُعَيم وسَمُرَة: ابنُ سَمُرَة (6) ، عن سَمُرَة (7) .
_________
(1) كذا، والجادَّةُ: «موقوفًا» ، أي: والحديثُ أشبَهُ موقوفًا. انظر التعليق السابق.
(2) الحديث رواه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (51) من طريق هقل بن زياد.
= ... ورواه الروياني في "مسنده" (1265) ، والطبراني في "الكبير" (8/99 رقم7491) ، وفي "مسند الشاميين" (1596) من طريق عمرو بن هشام البيروتي، وأبو داود في "سننه" (2494) من طريق إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، وابن السنِّي في "عمل اليوم والليلة" (161) من طريق عمر بن عبد الواحد، أربعتهم، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النبي (ص) ، به.
ورواه البخاري في "الأدب المفرد" (1094) ، وابن حبان في "صحيحه" (499) من طريق عثمان بن أبي عاتكة. ورواه الطبراني في "الكبير" (7493) من طريق كلثوم بن زياد، كلاهما، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أبي أمامة، عن النبي (ص) .
(3) هو: إبراهيم بن محمد.
(4) في (ت) : «الأشجع» ، وفي (ك) : «الأَشَجّ» . وأبو مالك هذا هو: سعد بن طارق.
(5) السَّلَبُ: هو ما يأخذه أحد القِرْنَين في الحرب من قِرْنه مما يكونُ عليه ومعَه من سلاح وثياب ودابَّة وغيرها. "النهاية" (2/387) .
(6) يقال: اسمه: سليمان. انظر "تهذيب الكمال" (34/448-449) ، و"تهذيب التهذيب" (4/617) .
(7) الحديث رواه الروياني في "مسنده" (859) عن عبد الرحمن بن يونس السراج، والطبراني في "الكبير" (7/246 رقم7000) من طريق محمد بن عيسى الطباع، كلاهما عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَّارِيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَمُرَةَ، به.
ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/309) من طريق معاوية بن عمرو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مالك، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ؛ قال: حدثني ابن سمرة بن جندب، عن سمرة، به.
ورواه ابن أبي شيبة (33072) ، وأحمد (5/12 رقم 20144) ، وابن ماجه (2838) من طريق أبي معاوية، عن أبي مالك، عن نعيم، عن ابن سمرة، عن أبيه، به.
(3/354)
929 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابنُ أَبِي فُدَيك (1) ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعي، عن عبد الرحمن بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهاب، عن عثمان بن عبد الله بْنِ سُراقَة، عَنْ بُسْر (2) بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ (3) ... ؟
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ رواه خالد الواسِطيُّ (4) ، عن عبد الرحمن بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زيد ابن المُهاجِر بْنِ قُنفُذ (5) ، عَنْ بُسْر (6) بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خالد، عن النبيِّ (ص) ؛ وهذا (7) الصَّحيحُ (8) .
_________
(1) هو: محمد بن إسماعيل. وروايته أخرجها: البخاري في "التاريخ الكبير: (6/230) ، والطبراني في "الكبير" (5/246 رقم5233) ، وابن حبان (4632) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1/422) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (7/206) .
(2) في (ش) : «بشر» .
(3) تمام الحديث: «وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بخير، فله مثلُ أجره» ؛ يقال: خَلَفْتُ الرجلَ في أهله: إذا أقمتَ بعدَه فيهم، وقمتَ عنه بما كان يفعلُه. "النهاية" (2/66) .
(4) هو: خالد بن عبد الله، وروايته أخرجها ابن أبي عاصم في"الجهاد" (89) ، والطبراني في "الكبير" (5/246 رقم5234) .
(5) في (ت) : «فيفد» .
(6) في (ش) : «بشر» .
(7) في (ت) و (ك) : «فهذا» .
(8) الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (2843) ، ومسلم (1895) ، كلاهما من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زيد بن خالد الجهني، به.
(3/355)
قلتُ لأَبِي زُرْعَةَ: مِمَّن الخطأُ؟
قَالَ: مِنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ.
930 - وسألتُ (1) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاض (2) ، عن محمد ابن عَمرو، عَنْ عَبِيدَة بْنِ سُفْيان، عَنْ أَبِي الجَعْد الضَّمْرِي (3) ، عَنْ سلمان الفارسي، عن النبيِّ (ص) : رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبيلِ اللهِ (4) خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ؟
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَمرو، عَنْ مَكحول، عَنْ سَلْمَانَ؛ كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى القطَّان (5) ، وإسماعيلُ بْنُ جَعْفَرٍ.
قلتُ لَهُمَا: الوَهَمَُ ممَّن هُوَ؟
قَالا: من أبي ضَمْرَة (6) .
_________
(1) ستأتي هذه المسألة برقم (969) ، وفيها ذكرُ أبي حاتم أن الخطأ من ابن أبي أويس الرَّاوي عن أبي ضمرة أنس ابن عياض، وستأتي أيضًا برقم (1009) .
(2) روايته ذكرها ابن أبي حاتم في المسألة رقم (969) = = من طريق إسماعيل بن أبي أويس، ورواها أبو زرعة في المسألة رقم (1009) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيِّ، وأبي ثابت المديني، وأخرجها البزار في "مسنده" (2517) عن أحمد بن عبدة، والطبراني في "الكبير" (6/233 رقم6077) من طريق هارون بن موسى الفروي، كلهم عَنْ أَبِي ضمرة أَنَس بْن عياض، به.
(3) صحابي، اختُلِف في اسمه، فقيل: أدرع، وقيل: عمرو، وقيل غير ذلك.
(4) لفظ الجلالة «الله» ليس في (ك) .
(5) هو: يحيى بن سعيد.
(6) يعني: أنس بن عياض. قال الدارقطني في "الأفراد" (ق140/ب/أطراف الغرائب) : «تفرد به أبو ضمرة أنس ابن عِيَاضٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفيان الْحَضْرَمِيِّ، عن أبي الجعد، عنه، ووهم فيه، وإنما رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مكحول، عن سلمان مرسلاً» .
والحديث أخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (182) عن هشام بن الغاز، عن مكحول، عن سلمان، به. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9618) عن عبد الوهاب بن هشام بن الغاز، وابن أبي شيبة في "المصنف" (19446) عن عيسى بن يونس، كلاهما عن هشام بن الغاز، به.
ورواه مسلم في "صحيحه" (1913) من طريق أيوب بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شرحبيل بن السِّمْط، عن سلمان، به، قال الرشيد العطار في "غرر الفوائد المجموعة" (ص241) : «وفي سماع مكحول من شرحبيل بن السمط نظر؛ فإن شرحبيل معدود في الصحابة ج، وتقدمت وفاته» . وقال (ص243) : «وإذا لم يثبت لمكحول سماع من شرحبيل، فإسناده مقطوع ... » إلخ.
(3/356)
931 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ (2) ، عَنْ حُمَيد (3) ، عَنْ أَنَسٍ، عن النبيِّ (ص) قَالَ: غَدْوَةٌ (4) فِي سَبيلِ اللهِ (5) أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيها، وَلَوْ أنَّ امرَأةً مِنْ
_________
(1) ستأتي هذه المسألة من طريق آخر عن حميد برقم (2131) .
(2) لم نجده من طريقه، ولكنه لم ينفرد به، فقد تابعه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون في المسألة الآتية برقم (2131) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/141 و263-264 رقم 12437 و13780) ، والبخاري في "صحيحه" (6568) ، والترمذي (1651) ، وابن حبان في "صحيحه" (7398) ، جميعهم من طريق إسماعيل ابن جعفر بن أبي كثير أخي محمد هذا، عن حميد، به.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (3/141 و157 و263 رقم 12436 و12603 و13779) من طريق محمد بن طلحة ويحيى بن أيوب، والبخاري في "صحيحه" (2792 و2796) من طريق وهيب بن خالد، وأبي إسحاق الفزاري، وأبو يعلى في "مسنده" (3775) من طريق خالد بن عبد الله الطحان، جميعهم عن حميد، به مرفوعًا. وأخرج بعضه مسلم في "صحيحه" (1880) من طريق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن أنس، به مرفوعًا.
(3) هو: ابن أبي حميد الطَّويل.
(4) في (ك) : «غزوة» .
(5) لفظ الجلالة «الله» ليس في (ف) .
(3/357)
نِساءِ (1) أهلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إلَى (2) الأَرضِ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا ... الحديثَ؟
قَالَ أَبِي: حدَّثنا الأَنْصَارِيُّ (3) ، عَنْ حُمَيد، عَنْ أَنَسٍ، مَوْقُوفٌ (4) .
قَالَ أَبِي: حديثُ حُمَيد فِيهِ مِثْلُ ذا كثيرٌ؛ واحدٌ عَنْهُ يُسنِدُ، وآخَرُ يُوقِفُ (5) .
932- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه الثَّوري، عن عُبَيدالله (6) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: كتبَ عُمَرُ إِلَى أُمَراءِ الأَجنَاد: ألاَّ يَأْخُذُوا (7) الجِزْيَةَ إِلا مِمَّن جَرَتْ عليه المَوَاسي (8) ؟
_________
(1) قوله: «نساء» سقط من (ك) .
(2) في (ت) و (ك) : «على» .
(3) هو: محمد بن عبد الله.
(4) رواه ابن المبارك في "الزهد" (257/رواية نعيم بن حماد) ، وفي "الجهاد" (23) عن حميد، عن أنس موقوفًا.
وقوله: «موقوف» جاء في النسخ بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، والجادَّةُ: موقوفًا، وانظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(5) هذا يدلُّ على أن الوجهين صحيحان عن حميد، وتقدم أن ثمانية من الرواة روَوه عنه مرفوعًا، ولا يتصور = = اتفاق هؤلاء على الخطأ، وقد صحح البخاري هذا الحديث مرفوعًا كما سبق، فقول أبي حاتم في المسألة الآتية برقم (2131) : «هَذَا خَطَأٌ، الصَّحِيحُ عَنْ أَنَسٍ، موقوفً» : لا يُسَلَّم به.
(6) هو: ابن عمر العُمَري.
(7) في (ك) : «لا تأخذوا» .
(8) في (أ) و (ش) : «الموسى» ، وفي (ك) : «المواشي» .
والمراد: من نبتَتْ عانَتُه؛ لأن المواسِيَ إنما تجري على من أنبَتَ؛ أراد: من بلغ الحُلُمَ من الكفَّار. "النهاية" (4/372) .
(3/358)
قَالَ أَبِي: ومنهُم مَنْ يَقُولُ: عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسلَمَ، عَنْ عُمَرَ (1) .
قلتُ لأَبِي: فأيُّهما الصَّحيحُ؟
قَالَ: الثَّوْرِيُّ حافظٌ، وأهلُ الْمَدِينَةِ أعلمُ بِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَهْلِ الكُوفة (2) .
933 - وسألتُ أَبِي (3) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ سُلَيمان الواسِطي، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيمان الرَّازي، [عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازي] (4) ، عَنْ الرَّبيع بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العاليَة (5) ، عن عبد الله بن مُغَفَّل (6)
_________
(1) الحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10090 و10096 و19267 و19273) من طريق عبد الله بن عمر وأيوب السَّختياني، وسعيد بن منصور في "سننه" (2632) من طريق حجاج بن أرطاة، وابن أبي شيبة في "المصنف" (32626 و32630) من طريق عبيد الله بن عمر، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/217) من طريق عمر بن محمد، جميعهم عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، عَنْ عمر، به.
(2) يشير إلى رُجْحان رواية أهل المدينة - الذين رَوَوه عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ، عَنْ عمر - على رواية سفيان الثوري - وهو كوفي - مع كونه حافظًا.
(3) ستأتي هذه المسألة برقم (1569) .
(4) ما بين المعقوفين سقط من جميع النسخ، فاستدركناه من المسألة رقم (1569) ؛ فهي تكرار لهذه. وأبو جعفر هو: عيسى بن أبي عيسى.
والحديث رواه الطبراني في "الأوسط" (880) من طريق سعيد بن سليمان، عن إسحاق، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العالية، عن عبد الله بن مغفل، به.
قال الطبراني: «لا يُروى هَذَا الْحَدِيث عَنْ عَبْد اللَّه بن مغفل إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو جعفر» .
(5) هو: رُفَيع بن مهْرَان.
(6) في (ك) : «مَعْقِل» .
(3/359)
المُزَني؛ قَالَ: كنتُ آخِذًا (1) بِغُصْنٍ (2) مِنْ أَغْصان الشَّجَرة الَّتِي بايعَ رسولُ الله (ص) تحتها، فبايعناه (3) على ألاَّ نَفِرَّ. وسمعتُه حِينَ نَهَى عَنْ نَبِيذِ (4) الجَرِّ، وشَهِدتُّهُ حِينَ أمرَ بِشُرْبِه، وَقَالَ: اجتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ؟
قَالَ أَبِي: كَذَا حدَّثنا سعيدٌ، وَرَوَاهُ (5) الفَضْل بن دُكَين (6) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (7) ، عَنِ الرَّبيع، عَنْ أبي العالية، عن (8) عبد الله بْنِ مُغَفَّل أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ النبيِّ (ص) ؛ وَهُوَ أشبهُ (9) .
934 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو (10) أسامةَ (11) ، عَنْ
_________
(1) في (ش) : «آخذ» .
(2) في (ك) : «بعض» .
(3) في (أ) و (ش) : «بايعناه» .
(4) النَّبِيذ: هو ما يُعمَل من الأشربة من التَّمر، والزَّبيب، والعَسَل، والحِنطَة، والشَّعير، وغير ذلك. "النهاية" (5/7) .
(5) في (ت) و (ف) و (ك) : «وروى» .
(6) هو: أبو نعيم، وروايته أخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/229) ، والروياني في "مسنده" (902) . ووقع عند الطحاوي: «عن أبي العالية وغيره، عن عبد الله بن مغفل» .
(7) هو: عيسى بن أبي عيسى الرازي، وقيل غير ذلك.
(8) في (ش) : «و» بدل: «عن» ، وكذلك في (أ) وغيرت فيها بخط مغاير إلى: «عن» .
(9) الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (23754) ، وأحمد في "المسند" (4/87 رقم 16804) ، والروياني في "مسنده" (903) ثلاثتهم من طريق وكيع، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العالية - أو غيره -، عن عبد الله بن مغفل، به.
(10) قوله: «أبو» سقط من (ك) .
(11) هو: حمَّاد بن أسامة. وروايته أخرجها ابن أبي شيبة (36976) ، وأحمد (3/112 رقم 12108) على الوجه الذي رجحه أبو حاتم.
(3/360)
سُلَيمان بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيد بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لرسولِ اللَّهِ (ص) فِي بَعْضِ غَزَواته: أَلا تَرَى إلى أم سُلَيم في يدها خَنْجَرٌ؟! فقال النبيُّ (ص) : مَا تَصْنَعِينَ بِالخَنْجَرِ؟ ، قَالَتْ: إنْ دَنَا منِّي رجلٌ مِنَ العدوِّ، بَعَجْتُ (1) بطنَه؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ (2) ؛ إنما هو: سُلَيمان ابن الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ (3) .
935 - قال أبو محمد (4) : قيل (5) لأَبِي زُرْعَةَ: الحديثُ الَّذِي يَرْوِيهِ شَريك (6) ، عَنِ الرُّكَين (7) ؛ قَالَ: حدَّثني عمِّي (8) ؛ قَالَ: أَصَابَ العدوُّ فَرَسًا لِي، ثُمَّ وَجَدتُّهُ (9) بعدُ فِي مَرْبَطِ سعدٍ، فقلت: فرسي! فقال: أقِمْ بَيِّنَتك ... وَذَكَرَ الحديثَ؟
قَالَ (10) أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ ما يرويه عليُّ ابن صَالِحٍ، عَنِ الرُّكَين، عَنْ أَبِيهِ (11) ؛ قَالَ: أَصَابُوا يَوْمَ القادسيَّة فَرَسًا ... وذكر
_________
(1) أي: شققت. "النهاية" (1/139) .
(2) ليس الخطأ من أبي أسامة؛ فقد رواه ابن أبي شيبة وأحمد من طريقه - كما سبق - على الصَّواب.
(3) الحديث رواه مسلم (1809) ، وأحمد (3/286 رقم14049) من طريق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن أنس، به.
(4) قوله: «قال أبو محمد» من (ت) و (ك) .
(5) في (ف) : «وقيل» .
(6) هو: ابن عبد الله النخَعي، القاضي.
(7) في (ف) و (ش) : «الزكين» . والرُّكَين هو: ابن الربيع.
(8) هو: يُسَير بن عَميلة.
(9) في (ت) و (ك) : «وجدت» .
(10) في (ت) و (ك) : «فقال» .
(11) هو: الرَّبيع بن عَميلة.
(3/361)
الحديثَ (1) .
936 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَبْدَة بْنُ سُلَيمان (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الزُّهْري، عَنِ ابْنِ (3) طَلْحَة بْنِ عُبَيدالله، عَنْ مُعَاوِيَةَ - رجلٍ مِنْ بَنِي سُلَيم - قَالَ: جئتُ رسولَ اللَّهِ (ص) ، فَقُلْتُ (4) : يَا رسولَ اللَّهِ، أَرَدتُّ الجهادَ والغزوَ معك؛ قال النبيُّ (ص) : أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ ، قلتُ (5) : نَعَمْ؛ قَالَ: الزَمْ رِجْلَيْهَا؟
فَقَالَ (6) أَبُو زُرْعَةَ: وَهِمَ عَبْدَة فِي هَذَا الْحَدِيثِ (7) ؛ روى هذا
_________
(1) الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (33347) عن شريك، عن الركين، عن أبيه - أو عمِّه -؛ قال: حُبِسَ لي فرس ... فذكره.
ورواه البغوي في "الجعديات" (2324) عن عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنِ الرُّكَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: فَقَدَ أخي فرسًا له ... فذكره.
ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/111) من طريق زائدة، عَنِ الرُّكَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أصاب المشركون فرسًا لهم ... فذكره.
(2) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (1/121) .
(3) في (ت) و (ك) : «أبي» .
(4) في (أ) و (ش) : «فقال» .
(5) في (ف) : «قال» .
(6) في (ف) و (ت) و (ك) : «قال» .
(7) قال الدارقطني في "العلل" (1227) : «وقال عبدة: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن ابن طلحة بن عبيد الله، عن معاوية السلمي، فوهم في موضعين: في ذكر الزهري، وليس من حديث الزهري، وفي قوله: ابن عبيد الله» . اهـ. وخالف في ذلك عبد الباقي بن قانع؛ فأخرج الحديث في "معجم الصحابة" (3/74-75) من طريق عبد الرحيم بن سليمان ويونس بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن معاوية بن جاهمة. ثم أخرجه من طريق عبدة، عن محمد بن إسحاق، ثم قال: «وهذا هو الصَّحح إن شاء الله» . وكان قد أخرج الحديث قبل ذلك (1/158) من طريق ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طلحة، عن معاوية ابن جاهمة، عن أبيه، ثم قال: «وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ محمد بن طلحة، فزاد في الإسناد رجلين، ولم يذكر أباه، وجوَّده ابن جريج» !!
(3/362)
الحديثَ أيضًا عبد الرَّحيم بْنُ سُلَيمان (1) ، فَقَالَ: عَنِ (2) ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَة، عن أبيه طَلْحَة ابن مُعَاوِيَةَ السُّلَمي؛ قَالَ: أتيتُ النبيَّ (ص) (3) .
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمة (4) ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَة ابن (5) عبد الله بن أبي بكر الصديق ح، عَنْ أَبِيهِ طَلْحَة (6) ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جاهِمَة السُّلَمي؛ قَالَ: جئتُ رسولَ الله (ص) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ: حديثُ محمد بن سَلَمة هذا.
_________
(1) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (25402 و3349) .
(2) في (ك) : «عمر» بدل: «عن» .
(3) قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (2/55) : «ورواه عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابن إسحاق فقال: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ أبيه طلحة بن معاوية بن جاهمة؛ قال: أتيت النبي (ص) ، وهو غلط نشأ عن تصحيف وقلب، والصواب: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ معاوية ابن جاهمة، عن أبيه، فصحَّف "عن" فصارت «ابن» ، وقدَّم قوله: «عن أبيه» ، فخرج منه أن لطلحة صُحبة، وليس كذلك، بل ليس بينه وبين معاوية بن جاهمة نسب، ولو كان الأمر على ظاهر الإسناد؛ لكان هؤلاء أربعة في نَسَقٍ صحبوا النبي (ص) : طلحة بن معاوية بن جاهمة بن العباس بن مرداس السُّلمي» . اهـ.
(4) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (1/121) ، وابن ماجه (2781) عنه، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن معاوية ابن جاهمة، به هكذا دون ذكرٍ لطلحة، وكذا ذكرها الدارقطني في "العلل" (1227) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (28/163) .
(5) في (ك) : «عن» بدل: «ابن» .
(6) في (ف) : «وطلحة» .
(3/363)
وسألتُ أَبِي؟ فَقَالَ (1) : هَذَا أصحُّ: حديثُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمة، ولكنْ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَة بْنِ عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ح، عَنْ أَبِيهِ طَلْحَة (2) ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جاهِمَة السُّلَمي؛ قَالَ: جئتُ رسولَ الله (ص) (3) .
_________
(1) في (ك) : «قال» .
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «وطلحة» .
(3) وهذا الترجيح فيما يظهر إنما هو في رواية محمد بن إسحاق للحديث، ولا يلزم منه الترجيح المطلق؛ لأن ابن جريج روى هذا الحديث أيضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ أبيه، عن معاوية بن جاهمة: أن جاهمة جاء إلى النبي (ص) ، وجعل الحديث لجاهمة.
قال الدارقطني في "العلل" (7/78 رقم1227) : «وقول ابن جريج أشبه بالصَّواب» . وتقدم نقل كلام ابن قانع.
وذكر البيهقي في "شعب الإيمان" (13/529-533 رقم7448-7450) الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: «والصَّواب رواية ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طلحة ابن عبد الله بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي بَكْر الصديق، عَنْ أبيه، عن معاوية بن جاهمة» .
وقد أطال ابن حجر في "الإصابة" (2/54-55) ، و"تهذيب التهذيب" (4/105) في ذكر الاختلاف في هذا الحديث بين ابن إسحاق وابن جريج، وعليهما أيضًا، ولخَّص ذلك في نهاية ترجمة معاوية بن جاهمة في الموضع السابق من "التهذيب"، فقال: «قلت: تلخَّص من ذلك: أن الصحبة لجاهمة، وأنه هو السائل، وأن رواية معاوية ابنه عنه صواب، وروايته الأخرى مرسلة، وقول ابن إسحاق في روايته عن معاوية: " أتيت النبي (ص) " وَهْمٌ منه؛ لأن ابن جريج أحفظ من ابن إسحاق وأتقن، على أن يحيى بن سعيد الأموي قد روى عن ابن جريج مثل رواية ابن إسحاق، فوهم، وقد نبَّه على غلطه في ذلك أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" والله تعالى أعلم» . اهـ.
وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري (1/121-122) ، و"الجرح والتعديل" (2/544) ، و"موضح أوهام الجمع والتفريق" للخطيب (1/21-23) .
(3/364)
937- وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ (1) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ الحُباب (2) ، عَنْ ابْنُ لَهِيعَةَ (3) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبيب، عَنْ لَهِيعَة بْنِ عُقْبة؛ سمعتُ (4) أَبَا الوَرد (5) صاحبَ رسول الله (ص) يقول: إِيَّاكَ (6) والسَّرِيَّةَ الَّتِي إنْ لَقِيَتْ فَرَّتْ، وَإِنْ غَنِمَتْ غَلَّتْ.
وَرَوَاهُ ابنُ وَهْب (7) ؛ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ لَهِيعَة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ لَهِيعَة بْنِ عُقْبَة، عَنْ أَبِي (8) الوَرد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: سمعتُ النبيَّ (ص) يَقُولُ ... ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الحديثُ حديثُ ابن (9) وَهْب.
_________
(1) المثبت من (ف) ، وفي (أ) : «وسألتُ أبو زرعة» ، وفي (ش) : «وسألت أبا زرعة» ، وفي (ت) و (ك) : «قال: سئل أبو زرعة» .
(2) روايته أخرجها ابن ماجه (2829) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/187) ، كلاهما من طريق ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ زَيْدٍ، به موقوفًا.
ورواه أبو نعيم في "معرفة الصَّحابة" (7048) من طريق الليث بن هارون، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ لَهِيعَةَ بْنِ عُقبة، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ النبي (ص) ، به. وانظر "تهذيب التهذيب" (4/605/ترجمة أبي الورد المازني) .
(3) هو: عبد الله.
(4) في (ك) : «ابن» بدل: «سمعت» .
(5) هو: المازني، قيل: اسمه: حرب، وقيل: عبيد بن قيس، وقيل غير ذلك.
(6) في جميع النسخ: «إياي» ، ثم صوِّبت في (أ) و (ش) إلى: «إياك» . وفي "الجرح والتعديل" (9/451) ومصادر التخريج: «إياكم» .
(7) هو: عبد الله. وروايته عند ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص281) . وتابعه عليه عبد الله بن المبارك وإسحاق بن عيسى ويحيى بن إسحاق عند الإمام أحمد في "المسند" (2/356 و401 رقم8676 و9211) .
(8) قوله: «أبي» ليس في (ف) و (ت) و (ك) ، وهو ملحق بهامش (أ) و (ش) .
(9) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(3/365)
938 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو معاويةَ الضَّريرُ (1) ، عَنْ حجَّاج (2) ، عَنْ قَتادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي الحسن، عن عبد الله بْنِ عَمْرٍو؛ قَالَ: كَانَتْ قَبِيعَةُ سيفِِ (3) رسول الله (ص) مِنْ فِضَّة؟
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: سعيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ؛ قال: كان (4) قَبِيعَةُ (5)
_________
(1) هو: محمد بن خازم.
(2) هو: ابن أرطاة.
(3) قَبِيعَة السيف: هي التي تكونُ على رأس قائم السَّيف. وقيل: هي ما تحتَ شارِبَي السَّيف. "النهاية" (4/7) .
(4) في (ك) : «كانت» .
(5) في (ك) : «قبيضة» ، وفي (ت) : «قَبِيصَة» . وقوله: «كَانَ قَبِيعَةُ سيفِِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) » كذا جاء في جميع النسخ، ومثلُهُ في بعض مصادر التخريج، والجادَّة أن يقال: «كَانَتْ قَبِيعَةُ سيفِِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) » ؛ كما وقع في أول المسألة وفي بعض مصادر التخريج. لكنَّ ما وقع في النسخ صحيحٌ في العربية، ويخرَّج على وجهين:
الأوَّل: أنَّ اسم «كان» مؤنث غير حقيقي التأنيث، فيجوز معه تذكير الفعل وتأنيثه، وإن كان التأنيث أولى. وانظر بيان ذلك في التعليق على المسألة رقم (224) .
والثاني: أنَّه ذكَّر «القبيعة» - أي عدَّها مذكَّرَة - لإضافتها إلى «سيف رسول الله» ؛ فإنَّ المضافَ المؤنَّث قد يكتسبُ من المضاف إليه المذكَّر تذكيرَهُ؛ كما أنَّ المضافَ المذكَّر قد يكتسبُ من المضاف إليه المؤنَّث تأنيثَهُ، وشرطُ ذلك في الصورتين: أنْ يكونَ المضافُ صالحًا للحذف وإقامةِ المضاف إليه مُقَامَهُ، ويُفْهَمَ منه ذلك المعنى.
فمن تأنيث المذكَّر: قولهم: «قُطعت بعض أصابعه» ، وقراءة الحسن ومجاهد وقتادة وغيرهم: [يُوسُف: 10] {بَعْضُ السَّيَّارَةِ} . وذلك لصحة قولك: قُطِعَتْ أصابعُهُ، وتَلْتَقِطْهُ السَّيَّارَةُ.
ومن تذكير المؤنَّث: قول الشاعر [من البسيط] :
إنارةُ العَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطَوْعِ هَوًى
وعَقْلُ عَاصِي الهَوَى يزدادُ تَنْوِيرَا
وساغ ذلك لصحةِ قولك: العَقْلُ مَكْسُوفٌ. وهذا يصدُقُ في هذا الحديث، فيقال: «كان سيفُ رسول الله (ص) من فِضَّة» . انظر: "أوضح المسالك" (3/91-96) ، و"شرح ابن عقيل" (2/48-49) ، و"شرح الأشموني" (2/136-140 ط. دار الكتب العلمية) .
(3/366)
سيفِ رسول الله (ص) ... [مُرسَلاً] (1) ؛ بلا عبد الله بْنُ عَمْرٍو (2) .
939 - وسألتُ أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ بِشْر البَجَلي، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبيع، عَن سُهَيل بْن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
_________
(1) المثبت من (ش) ، وفي بقيَّة النسخ: «مرسل» ، ويخرَّج على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) ذكر ابن الملقن هذا الحديث في "البدر المنير" (2/463-464) ، ونقل عن أبي حاتم أنه قال: «المحفوظ أنه مرسل» .
والحديث رواه أبو داود (2584) ، والنسائي في "الكبرى" (9814) ، والبيهقي (4/143) ، جميعهم من طريق قتادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحسن؛ قال ... فذكره مرسلاً. ورواه الدارمي (2501) ، وأبو داود (2583) ، والنسائي في "الكبرى" (9813) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/199) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/143) جميعهم من طريق جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عن أنس قَالَ: كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ الله (ص) من فضَّة.
وهذا الحديث أنكره الأئمة على جرير، وخطَّؤوه فيه. قال الدارمي: «هشام الدستوائي خالفه؛ قَالَ: قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي الحسن، عن النبي (ص) ، وزعم الناس أنه هو المحفوظ» .
وقال أبو داود: «أقوى هذه الأحاديث: حديث سعيد ابن أبي الحسن، والباقية ضِعاف» .
وقال النسائي - كما في "تحفة الأشراف" (1/301 = = رقم1146) -: «هذا حديث منكر، والصواب: قتادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحسن» .
وقال البيهقي عن حديث أنس: «والحديث معلول» . وقال عن حديث سعيد بن أبي الحسن: «وهذا مرسلٌ، وهو المحفوظ» .
وقال عبد الله بن أحمد في "العلل" (312) : «حدثني أبي عن عفان قال: جاء أبو جزي - واسمه نصر بن طريف - إلى جرير بن حازم يشفع لإنسان يحدثه، فقال جرير: حدثنا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: كَانَتْ قبيعة سيف رسول الله (ص) من فضَّة. قال أبو جزي: كذب والله ما حدثناه قتادة إلا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَن. قال أبي: وهو قول أبي جزي؛ يعني أصاب، وأخطأ جرير» .
(3/367)
قال: قال رسولُ الله (ص) : مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ نَسِيَه (1) ، فَهِيَ نِعْمَةٌ جَحَدَهَا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ (2) .
940 - وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه عُبَيْد ابن الصَّبَّاح المُقرِئ؛ قال: نا كاملُ بْنُ الْعَلاءِ التَّيْمي، عَنِ الحَكَم بن عُتَيبة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، عن عَلْقَمة (4) ، عن عبد الله (5) ؛ قال: بينما رسولُ الله (ص) جالسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ؛ إِذْ أقبلَتِ امرأةٌ عُريانَةٌ، فَقَامَ إِلَيْهَا رجُل مِنَ الْقَوْمِ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا وضَمَّها إِلَيْهِ. قَالَ: فَتَغَيَّر وجهُه، فَقَالَ (6) بعضُ أَصْحَابِهِ: أحسَبها امرأتَه، فقال النبي (ص) : أحْسَبُهَا غَيْرَى (7) ، إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الغَيْرَةَ عَلى (8) النِّسَاءِ، والجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ؛ فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ احْتِسَابًا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ؟
_________
(1) في (ت) و (ك) : «نسي» .
(2) الحديث رواه الطبراني في "الأوسط" (4177) ، و"الصغير" (543) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (7/452) ، و (12/61) من طريق الحسن بن بشر البجلي، به.
ورواه الخطيب في "الموضح" (2/381) من طريق أبي بلال الأشعري، والقزويني في"التدوين" (3/366) من طريق طلق بن غنام، كلاهما عن قيس، به.
قال الطبراني في "الصغير": «لم يروه عن سهيل إلا قيس، تفرد به الحسن بن بشر» ، فكأنه لم يطلع على متابعة أبي بلال الأشعري وطلق بن غنام.
(3) هو: ابن يزيد النخعي.
(4) هو: ابن قيس النخعي.
(5) هو: ابن مسعود.
(6) في (أ) و (ش) : «قال» .
(7) قوله: «غيرى» سقط من (أ) و (ش) .
(8) في (ت) : «عن» بدل: «على» .
(3/368)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ.
وَقَالَ مرَّة أُخْرَى: هَذَا حديثٌ موضوعٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ (1) .
941 - وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه أحمد ابن عُثمان بْنِ حَكيم، عَنْ حَسَن بن حُسَين، عَنْ كادِحِ بْنِ جَعْفَر، عَنْ عبد الله بن لَهِيعَة، عن عبد الرحمن بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسار، عن جابر بن عبد الله (2) ؛ قَالَ: لمَّا قَدِمَ عليٌّ عَلَى رسولِ الله (ص) بفَتْح خَيْبَر؛ قَالَ رسولُ اللَّهِ (ص) : لَوْلاَ أَنْ يَقُولَ فِيكَ طَوائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارى في
_________
(1) الحديث رواه البزار في "مسنده" (4/308 رقم 1490) ، والعقيلي في "الضعفاء" (3/867 رقم 1096/ت السلفي) ، والطبراني في "الكبير" (10/87 رقم 10040) ، وابن عدي في "الكامل" (6/82) من طريق عبيد بن الصبَّاح، عن كامل، به.
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله (ص) إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وعبيد بن الصبَّاح ليس به بأس، وكامل بن العلاء مشهور من أهل الكوفة قد روى عنه جماعة من أهل العلم، واحتملوا حديثه، على أنه لم يشاركه في هذا الحديث غيره» .
وقال العقيلي في عبيد بن الصباح: «لا يُتابَع على حديثه، ولا يُعرَف إلا به» .
وقال الدارقطني في "العلل" (793) : «يرويه كامل بن العلاء، عن الحكم، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عبد الله، حدث به عبيد بن الصبَّاح عنه، واختُلِف عنه: فرواه أبو يعلى الإبلي، عن موسى المسروقي، عن عبيد ابن الصبَّاح فقال: عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، ووهم فيه في موضعَين؛ في قوله: عن شعبة، وفي قوله: عن أبي وائل» .
وعدَّه الذهبي في "الميزان" (3/20) من منكرات عبيد ابن الصبَّاح.
تنبيه: سقط هذا الحديث من مطبوعة "الضعفاء" للعقيلي بتحقيق: عبد المعطي قلعجي.
(2) في (ت) و (ك) : «جابر بن عبد» .
(3/369)
المَسيحِ بْنِ مَرْيَمَ (1) ؛ لَقُلْتُ (2) فِيكَ اليَوْمَ قَولاً ... وذَكَر الحديثَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديث ٌ موضوعٌ عِنْدِي، والحسنُ بْنُ الْحُسَيْنِ هَذَا هُوَ العُرَني، وأتيتُه وَلَمْ أكتُبْ عَنْهُ، وَلَمْ يكنْ بصدوقٍ (3) عندَهم، وَكَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعة (4) .
942 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حمَّاد ابن سَلَمة (5) ، عَنْ حَجَّاج (6) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ (7) ، عَنْ قَيْسٍ (8) ، عَنْ جَرِيرٍ (9) : أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ: مَنْ أَقَامَ مَعَ المُشْرِكينَ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ؟
فَقَالَ أَبِي: الكوفيُّون - سِوى حَجَّاج - لا يُسنِدونَه (10) ،
_________
(1) قوله: «ابن مريم» ليس في (ف) .
(2) قوله: «لقلت» مكرر في (ك) .
(3) في (ت) و (ف) و (ك) : «يصدق» ، والمثبت من (أ) و (ش) و"الجرح والتعديل" (3/6) .
(4) في (ت) و (ك) : «الشعبة» .
(5) روايته أخرجها ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2526) ، والطبراني في "الكبير" (2/302 رقم 2261) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/12-13) .
ورواه ابن عدي في "الكامل" (6/133) من طريق عمران القطان، عن حجاج، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ به، ثم قال ابن عدي: «لا أعلم رواه عن ابن أبي خالد غير حجاج، وعن حجاج رواه رجلان: عمران وحماد ابن سلمة» .
(6) هو: ابن أرطاة.
(7) هو: ابن أبي خالد.
(8) هو: ابن أبي حازم.
(9) هو: ابن عبد الله البجلي.
(10) في (ف) : «لا يسندون هذا» وعليها إشارة، وكتبت في الهامش عبارة: «نسخة: لا يسندونه» ، والله أعلم.
(3/370)
ومُرسَلً (1) أشبهُ (2) .
943 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بعضُ أَصْحَابِ قابوسَ (3) :
_________
(1) أي: «وهو أشبَهُ مرسلً» ، والجادَّة: مرسلاً، بألف تنوين النصب، وحذفت هنا جريًا على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) الحديث رواه الترمذي (1604) ، وأبو داود (2645) ، والطبراني في "الكبير" (2/302 رقم2264) من طريق أبي معاوية، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن قيس، عن جرير، عن النبي (ص) بلفظ: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» .
ورواه الترمذي (1605) من طريق عبدة، والنسائي في "الكبرى" (6982) من طريق أبي خالد، وأبو عبيد في "غريب الحديث" (4/36) من طريق هشيم، ثلاثتهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، أَنَّ رسول الله (ص) ... فذكره هكذا مرسلاً.
قال الترمذي: «وأكثر أصحاب إسماعيل قالوا: عَن قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ: أن رسول الله (ص) بعث سَريَّة، ولم يذكروا فيه: " عن جرير "» . اهـ.
وقال: «وسمعت محمدًا يقول: الصحيح حديث قيس، عن النبي (ص) مرسل» .
وذكر نحوه في "العلل الكبير" رقم (483) وزاد: «قلت له: فإن حماد بن سلمة روى هذا الحديث عن الحجاج ابن أرطاة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَن قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن جرير؟ فلم يعدَّه محفوظًا» .
وقال أبو داود: «رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعة لم يذكروا جريرًا» .
وقال الدارقطني في "العلل" (4/87/ب) : «يرويه إسماعيل بن أبي خالد، واختُلِف عنه: فرواه أبو معاوية الضرير وصالح بن عمرو، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جرير، وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ إسماعيل، عن قيس، عن خالد بن الوليد؛ قاله يوسف بن عدي، عنه، ورواه أبو إسحاق الفزاري ومروان بن معاوية ومعتمر ابن سليمان، عن إسماعيل، عن قيس مرسلاً، وهو الصَّواب» .
وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2285) : «وصحح البخاري وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والدارقطني إرساله إلى قيس بن أبي حازم» .
(3) هو: ابن أبي ظَبيان.
(3/371)
جَريرٌ (1) ، أَوْ أَبُو (2) كُدَينَة (3) ، عَنْ قابوسَ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، عَنِ ابْنِ عباس؛ قال: خرجَ نبيُّ الله (5) (ص) فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ جِزْيَةٌ، وَلا يَصْلُحُ قِبْلَتَان ِ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ زُهَيرٌ (6) ، عَنْ قابوسَ، عَنْ أَبِيهِ: أنَّ النبيَّ (ص) خرجَ ... مُرسَلً (7) .
قَالَ أَبِي: هَذَا (8) مِنْ قابوسَ (9) ، لَمْ يَكُنْ قابوسُ بالقويِّ؛ فيَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مَرَّةً قَالَ هَكَذَا، وَمَرَّةً قَالَ هَكَذَا.
_________
(1) في (ك) يشبه أن تكون: «حربني» أو نحوها.
وجرير هذا: هو ابن عبد الحميد. وروايته أخرجها ابن أبي شيبة في"المصنف" (10577) ، وأحمد في "المسند" (1/223 رقم1949) ، والترمذي (633 و634) ، وأبو داود (3032) ، وابن الجارود في "المنتقى" (1107) . قال الترمذي: «حديث ابن عباس قد روي عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن النبي (ص) مرسلاً» .
(2) قوله: «أبو» ليس في (ت) و (ك) .
(3) هو: يحيى بن المُهَلَّب. وروايته أخرجها الدارقطني في "السنن" (4/156) .
(4) هو: أبو ظَبْيان حُصَين بن جُندب.
(5) في (أ) و (ش) : «النبي» بدل: «نبي الله» .
(6) هو: ابن معاوية.
وروايته أخرجها الدارقطني في "السنن" (4/157) . وأخرجه أيضًا هو وأبو عبيد في "الأموال" (121) من طريق سفيان الثوري، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبي (ص) ، به.
(7) كذا، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(8) يعني: الاختلاف.
(9) قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (2324) : «وقابوسُ ضعيفٌ عندهم، وربما ترك بعضهُم حديثَه، ولا يُدفع عن صدق، وإنما كان قد افترى على رجل فَحُدَّ، فكُسِر لذلك» .
(3/372)
944 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الفَضْل بْنُ مُوسَى، عَنْ شَريك (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ عُمارَة بْنِ عَبْد، عَنْ عليٍّ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: مَا مِنْ غَادِرٍ إلاَّ وَلَهُ لِوَاءُ غَدْرٍ يَوْمَ القِيامَةِ! ؟
قَالَ أَبِي: مَنْ رَفَعَ هَذَا الحديثَ فَقَدْ غَلِطَ؛ رَوَاهُ إسرائيلُ (3) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمارَة، عَنْ عليٍّ، مَوْقُوفٌ (4) .
وَرَوَاهُ زُهَيرُ (5) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيرة بْنِ يَريم، عَنْ عليٍّ.
قَالَ أَبِي: عُمارَة أشبهُ (6) .
945 - وسألتُ (7) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَطاء بْنُ السَّائب، عَنْ مُحارِب بْنِ دِثار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ (ص) : إيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ؛ فَإنَّهَا ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ؟
_________
(1) هو: ابن عبد الله النخعي.
(2) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(3) هو: ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
(4) كذا، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(5) هو: ابن معاوية.
(6) قال الترمذي في "العلل الكبير" (476) : «سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن حَدِيثَ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْد، عَنْ علي، عن النبي (ص) قال: «لكل غادر لواءٌ يوم القيامة» ؟ قال محمد: لا أعرفُ هذا الحديث مرفوعًا» .
وذكر نحو هذا في "الجامع" (1581) .
(7) في هامش النسخة (أ) عنون لهذه المسألة بخط مغاير بما نصه: «الظلم ظلمات» .
(3/373)
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ جَريرٌ (1) ، عَنْ أَبِي إسحاقَ الشَّيباني (2) ، عَنْ مُحارِب، عَنْ أَبِي الصِّدِّيق النَّاجي (3) ؛ قَالَ: قال رسولُ الله (ص) ... مُرسَلً (4) .
قَالَ أَبِي: هَذَا بَيَّنَ (5) عَوَارَ (6) حديثِ عَطاء، وَهَذَا أشبهُ؛ لَوْ كَانَ عَنِ ابْنِ عمرَ، كَانَ أسهلَ عَلَيْهِ حِفْظًا (7) مِنْ أبي الصِّدِّيق، وكان عَطاءُ ابن السَّائِب ساءَ حِفظُه (8) .
946 - وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه زيدُ ابن أبي أُنَيسة (9) ويوسف ابن أَبِي إِسْحَاقَ (10) جَمِيعًا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عليٍّ، عن النبيِّ (ص) قَالَ (11) : مَنِ ارْتَبَطَ فَرَسًا عُدَّةً فِي سَبيلِ اللهِ، كَانَ عَلَفُهُ وَرَوْثُهُ وَأَثَرُهُ فِي مَوَازِينِهِ يَوْمَ القِيامَةِ؟
_________
(1) هو: ابن عبد الحميد.
(2) هو: سليمان بن أبي سليمان.
(3) هو: بكر بن عمرو.
(4) كذا في جميع النسخ بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وانظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(5) في (ك) : «هل أبين» .
(6) العَوارُ - بالفتح -: العَيبُ، والضمُّ لغةٌ. "المصباح المنير" (ع ور) (ص437) .
(7) قوله: «حفظًا» ليس في (ت) و (ك) .
(8) الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (35234) ، والبيهقي في "الشعب" (7056) من طريق زائدة، ورواه أحمد في "مسنده" (2/106 رقم5832) ، والبيهقي في الموضع السابق من طريق علي بن عاصم، كلاهما عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابن عمر، به.
(9) روايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (409) .
(10) روايته أخرجها الخطيب في "الموضح" (2/261) .
(11) قوله: «قال» سقط من (ك) .
(3/374)
قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ إسرائيلُ (1) وزُهَير (2) ، فقالا: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ عليٍّ، قولَهُ، لا يرفَعانِه.
قلتُ لأَبِي: فأيُّهما الصَّحيحُ؟
قَالَ: مَوْقُوفٌ (3) أشبهُ بالصَّواب.
وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَن هَذَا الْحَدِيثِ، وقلتُ له: وَرَوَاهُ (4)
إسرائيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عليٍّ، مَوْقُوفٌ (*) ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: والموقوفُ أصَحُّ؛ لأنَّ إسرائيلَ وزهيرً (*) أحفظُ (5) .
_________
(1) هو: ابن يونس. وروايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (33480) .
(2) هو: ابن معاوية. وروايته أخرجها البغوي في "الجعديات" (2530) .
(3) أي: الحديثُ أشبَهُ بالصواب موقوفً، وكانت الجادَّة أن يقال: موقوفاً، بألف تنوين النصب، لكنَّ حذفها هنا جارٍ على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(4) في (ك) : «رواه» بلا واو.
(
*) ... كذا في جميع النسخ بحذف ألف تنوين النصب في الموضعين، جارٍ على لغة ربيعة.
(5) روي الحديث أيضًا مرفوعًا من طريق سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ؛ أخرجه الدارقطني في "العلل" (3/179) ، وأبو نعيم في "الحلية" (7/135) ، كلاهما من طريق أبي مسعود أحمد بن الفرات، عن عبد الرزاق، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن الحارث، عن علي، به مرفوعًا.
قال الدارقطني في "الأفراد" - كما في "أطرافه" لابن طاهر (ق 38/أ) -: «تفرد به عبد الرزاق، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عنه مرفوعًا» . وقال أبو نعيم: «غريب من حديث الثوري، ويقال: إن أبا مسعود تفرد به عن عبد الرزاق» . وكان الدارقطني ذكر في "العلل" (342) الاختلاف في هذا الحديث عى أبي إسحاق السبيعي، وذكر رواية موسى بن عقبة وَيُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إسحاق، عن أبي إسحاق مرفوعًا أيضًا، ثم قال: «وغيرهما يرويه عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحارث، عن علي موقوفًا، غير مرفوع إلى النبي (ص) » . اهـ.
(3/375)
947 - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (1) : سألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إسحاقُ بْنُ مُوسَى الخَطْمي، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِير (3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَة (4) ؛ قَالَتْ: لمَّا قُتِلَ أَبُو عُبَيد (5) وأصحابُه يومَ الفِيل (6) ، أَفْلَتَ عبد الله بْنُ يَزِيدَ (7)
وثلاثةُ نَفَرٍ، فقَدِمَ عبدُالله عَلَى عمرَ، وبَقِيَ الثلاثةُ فِي الطَّريق، فلَقِيَ عمرَ لَيْلا فَأَخْبَرَهُ، فَرَقَا (8)
عمرُ المِنْبَرَ
_________
(1) قوله: «قال أبو محمد» من (ت) و (ك) فقط.
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «وسألت» بالواو.
(3) هو: محمد بن خازم.
(4) أخرج هذا الحديث: ابن جرير الطبري في "تاريخه" (4/280) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، به باختصار، ووقع عنده: «عبد الله بن زيد» بدل: «عبد الله بن يزيد» . وفي سنده شيخ ابن جرير محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف كما في "التقريب" (5834) ، واتهمه بعضهم بالكذب كما في "تهذيب الكمال" (25/103 وما بعدها) .
(5) هو: أبو عبيد بن مسعود بن عمرو الثَّقَفي، الذي استُشهد في جماعة من المسلمين في قتال الفُرس يوم الجسر، وهو والدُ المختار بن أبي عبيد. انظر "الإصابة" (11/249) .
(6) وهو يوم الجسر، وإنما سمِّي يومَ الفيل؛ لأن الفُرسَ قاتلوا على الفِيَلَة التي لم تصمُد معها خيلُ المسلمين، وبَرَك الفيلُ على أبي عبيد رحمه الله فقتلَه. انظر تفاصيل ذلك في "تاريخ الأمم والملوك" للطبري (4/275 فما بعد) .
(7) هو: عبد الله بن يزيد بن زيد بن حِصْن الخَطْمي، الأنصاري، صحابيٌّ صغير، ولأبيه صحبة. انظر "الإصابة" (6/244) ..
(8) رُسِمت في (ش) : «فَرَقَى» ، والمثبت من بقيَّة النسخ، ولغة جمهور العرب: رَقِيَ يَرْقَى، من باب رَضِيَ يَرْضَى، بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع، لكنَّ ما في النسخ جارٍ على لغة طيِّئ وبعض العرب؛ يكرهون مجيء الياء المتحرِّكة بعد الكسرة، فيفتحون ما قبلها لتنقلب الياء إلى الألف لخفتها، فيقولون: رَقَا، في رَقِيَ، وبَقَا، في بَقِيَ، وفَنَا، في فَنِيَ، ولَقَا في لَقِيَ، = = ونَسَا في نَسِيَ، وفي فعل المجهول يقولون: رُضَا، في رُضِيَ، ونُعَا، في نُعِيَ، وهُدَا، في هُدِيَ، وبُنَا، في بُنِيَ، وفي اسم الفاعل يقولون: باقاة، في باقية، وناصاة، في ناصيَة، وجاراة، في جارية، وفي المصدر يقولون: تَوْصَاة، في تَوْصية، وفي الجمع يقولون: أوداة، في أودية، وأصْبَاة، في أَصْبِيَة، والشواهد على هذه اللغة كثيرة، منها قولُ زيد الخيل الطائي [من الطويل] :
أفي كلِّ عامٍ مأتمٌ تَبْعَثُونَهُ
على مِحْمَرٍ عَوْدٍ أُثِيبَ وما رُضَا
تُجِدُّون خَمْشًا بعد خَمْشٍ كأنَّه
على فاجعٍ من خير قومِكُمُ نُعَا
وقال:
فلولا زُهَيْرٌ أنْ أكدِّرَ نِعْمَةً
لَقَاذَعْتُ كَعْبًا ما بَقَيْتُ وما بَقَا
انظر "شرح الشافية" للأستراباذي (1/124-125) ، و"طبقات فحول الشعراء" (1/33-34) ، و"الإنصاف" للأنباري (1/75) ، و"المحكم" لابن سيده (8/541) ، وانظر كلامًا مطوَّلاً عن هذه اللغة في كتاب "بحوث ومقالات في اللغة" للدكتور رمضان عبد التواب (ص237-243) . وانظر كذلك نَصًّا للزمخشري في "أساس البلاغة" (ر ق ي) على أنَّه يقال: رَقَى يَرْقى، كما يقال: رَقِيَ يَرْقَى.
(3/376)
حِينَ صلَّى الصُّبْح، فَنَعَى (1) أَبَا عُبَيد وأصحابَه، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا عبدُالله يُخْبِرُكُمْ كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ. قالَ (2) :
فقَعَدَ عمرُ عَلَى المِنبَر، وَقَامَ عبدُالله
_________
(1) في (ت) و (ك) : «فنعنا» .
(2) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «قالت» ، أي: عائشةُ خ؛ لأنها راوية الخبر، وما وقع في النسخ إنْ لم يكن تصحيفًا، فإنه يخرَّج على أوجه ثلاثة:
الأول: أنه ذكَّر ضمير الفاعل مع عوده إلى اسم مؤنَّث؛ قياسًا على مثل قولهم: «ولا أرضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا» ، والجادة: أَبْقَلَتْ. انظر التعليق على المسألة رقم (178) .
والثاني: أنَّ مجيء «قال» بصيغة التذكير؛ إنما هو لمجاورة «ثم قال» قبلها، وللمجاورة تأثيرات في العربية. انظر التعليق على المسألة رقم (54 - الوجه الثالث) .
والثالث: أنَّ الفعل مسند إلى ضمير مذكَّر، كأنه قال: «قال الراوي» ، وهو عائشة خ، وهذا من الحمل على المعنى بتذكير المؤنَّث، وهو كثير في العربية. انظر التعليق على المسألة رقم (270) .
(3/377)
عَلَى المِنبَر، فحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، وذكَرَ رسولَ الله (ص) وَمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى العَرَب، ثُمَّ ذكَرَ أَبَا بَكْرٍ ح وحُسْنَ قيامِه بعدَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) ، ثُمَّ ذكَرَ قتلَ (1) أَبِي عُبَيد وأصحابِه. قَالَ (2) : وَبِهِ (3) جِراحاتٌ. قَالَتْ عائِشَة: فَوَاللَّهِ، مَا رأيتُ رَجُلا كَانَ أَربَطَ جَأْشًا (4) ، وَلا أشَدَّ قَلْبًا، وَلا أفضَلَ بَيَانًا، وَلا أحسَنَ وجهًا ولفظًا مِنْ عبد الله، فأُعْجِبَ المسلمونَ بِهِ أشدَّ مِنْ إِعْجَابِي! قَالَ: ثُمَّ وجَّهَهُ عُمَرُ [إِلَى] (5) سعدٍ (6) ؛ فَقَالَ: أَحضِرْهُ أَمرَكَ؛ فَقَدْ عَرَفَ أمورَ القَوْمِ، وَكَيْفَ التَّأتِّي لَهُمْ وحَرْبُهم؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُضطَرِبُ الإِسْنَادِ.
948 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الحُسَين (7) بن (8) عيسى - أخو سُلَيم (9) بْنِ عِيسَى القَارِئ - عَنْ مَعْمَر، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قال: بينا رسولُ الله (ص) في غزوة تَبوك
_________
(1) في (ك) : «قبل» .
(2) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «قالت» ، أي: عائشةُ خ، وقد تقدَّم تخريج ذلك.
(3) أي: بعبد الله بن يزيد.
(4) الجأش: القلب، والنفس، والجَنَان. يقال: فلانٌ رابطُ الجَأْش، أي: ثابتُ القلب لا يرتاعُ ولا ينزعجُ للعظائم والشَّدائد. انظر "النهاية" (1/232) .
(5) قوله: «إلى» تصحف في جميع النسخ إلى: «ابن» .
(6) هو: ابن أبي وقَّاص ح.
(7) في (ف) : «الحسن» ، وهو خطأ. انظر "الجرح والتعديل" (3/60) .
(8) قوله: «بن» سقط من (ت) .
(9) في (ك) : «مسلم» .
(3/378)
يَسيرُ (1) لَيْلا؛ إِذْ تقدَّم الناسَ، ثُمَّ وقَفَ لَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ، ثُمَّ (2) قَالَ: أُعْطِيتُ اللَّيْلَةَ الكَنْزَيْنِ، قِيلَ: يَا رسولَ اللَّهِ، وَمَا الكَنْزَان ِ؟ قال: فَارِسُ وَالرُّومُ (3) ، وَأُمِدْتُ (4) بِالمُلُوكِ - مُلُوكِ حِمْيَرَ - يُجَاهِدونَ فِي سَبيلِ اللهِ، وَيَأخُذُونَ فِي اللهِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ (5) .
949 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَاري (6) ، عَنِ ابْنِ شَوْذَب (7) ؛ قَالَ: حدَّثني عَامِرُ (8) بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي
_________
(1) كذا في في (ك) ، وفي (ت) و (ف) : «نسير» ، ولم تنقط في (أ) و (ش) .
(2) قوله: «ثم» سقط من (ك) .
(3) قوله: «والروم» سقط من (أ) و (ش) .
(4) كذا ضُبطت في (أ) و (ف) ، وفي (ت) و (ك) : «وأمرت» ، وفي (ش) : «وأمدى» ، ووقع عند أحمد في "المسند" (5/272 رقم 22335) : «وأمدَّني» ، وعند عبد الرزاق في "المصنف" (19878) : «وأيَّدني» ، وما أثبتناه من (أ) و (ف) يخرَّج على وجهين؛ الأول: «أُمِدْتُ» ، وهو جارٍ على لغةٍ فصيحةٍ مشهورةٍ؛ وهي أن الأصل: أُمْدِدْتُ، وحذفت إحدى الدالين تخفيفًا، كما في قولِهِ تعالى: [طه: 97] {ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} ، وقوله: [الواقِعَة: 65] {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} ، وأصله: ظَلِلْتَ عليه، وظَلِلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، ويقولون: أَحَسْتُمْ، في: أَحْسَسْتُمْ، ومَسْتُمْ، في: مَسِسْتُمْ، ونظائره كثيرة. والثاني: «أُمِدَّتُ» ، وهذا جارٍ على لغةِ أُناسٍ من بكر بن وائل، لا يَفُكُّون التضعيفَ من الأفعالِ عند إسنادها إلى ضمائر الرفع المتحرِّكة.
وانظر تعليقنا على المسألة رقم (1259) .
(5) الحديث لم نقف عليه من رواية يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس. وقد رواه عبد الرزاق في "المصنف" (19878) ، وعنه أحمد في "المسند" (5/272 رقم22335) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير، عن أبي همام الشعباني؛ قال: حدثني رجل من خثعم؛ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) ... فذكره، وانظر "السلسلة الضعيفة" للألباني _ح (3050) .
(6) هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث.
(7) هو: عبد الله.
(8) قوله: «عامر» ليس في (أ) و (ش) .
(3/379)
بُرْدَة (1) ؛ قال: قال عبدُالله بْنُ عُمَرَ (2) : لَوْ كنتُ مُستَحِلاًّ مِنَ الغُلُول (3) القَليلَ، لاسْتَحْلَلْتُ مِنْهُ الكثيرَ، وَمَا مِنْ عبدٍ يَغُلُّ غُلُولاً إِلا كُلِّفَ يومَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَستَخْرِجَه مِنْ أسفلِ دَرْكِ جهنَّم.
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عن ابن بُرَيْدة (4) ، عن عبد الله بْنُ عَمْرٍو.
950 - وسألتُ أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزاري (5) ، عَنِ ابْنِ شَوْذَب (6) ، عَنْ عَامِرِ بن عبد الواحد، عَنْ أَبِي بُرْدَة (7) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: كَانَ رسولُ اللَّهِ (ص) إِذَا أصابَ غَنيمةً، أَمَرَ بِلالا فَنَادَى فِي النَّاسِ، فيجيئونَ بغنائِمهم، فَيَخْمُسُه (8) ويَقْسِمُه. فَجَاءَ رجلٌ بَعْدَ ذلك بزِمام ٍ (9) مِنْ شَعْرٍ، فَقَالَ: يَا رسولَ (10) اللَّهِ (11) ، هَذَا كَانَ فِيمَا أَصَبنا
_________
(1) هو: بُرَيد بن عبد الله.
(2) في (ت) : «عمرو» .
(3) تقدم تفسير «الغلول» في المسألة رقم (902) .
(4) هو: عبد الله.
(5) هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث. والحديث أخرجه في كتابه "السير" (387) .
(6) هو: عبد الله.
(7) يعني: ابن أبي بُردة المذكور في المسألة السابقة، واسمه: بُريد بن عبد الله بن أبي بُردة، وكنيته: أبو بردة.
(8) خَمَسَ المالَ يَخمُسُه خَمْسًا: إذا أخذَ خُمُسَهُ. انظر "المصباح المنير" (خ م س) (ص182) .
(9) الزِّمامُ: مِقْوَدُ البعير، وهو في الأصل: حبلٌ يُشَدُّ في حَلْقة تُجعل في أنف البعير، ثم يُشَدُّ إليه المِقوَد. انظر "المصباح المنير" (ز م م) (ص 256) .
(10) من قوله: «إذا أصاب غنيمة ... » إلى هنا مكرر في (ت) و (ك) ، إلا أنه قال في المرة الثانية: «فأمر» بدل: «أمر» .
(11) في (ت) زيادة: « (ص) » !
(3/380)
مِنَ الغَنيمة، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟ ، فاعتَذَر، قَالَ: كُنْ (1) أَنْتَ الَّذي تَجِيءُ (2) بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ فَلا أَقْبَلُهُ مِنْكَ؟
قَالَ أَبِي: وَهَذَا أَيْضًا (3) هُوَ عَنْ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ (4) ، عَنِ ابن بُرَيْدة (5) ، عن عبد الله بن عمرو، عن النبيِّ (ص) .
951 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعْدان (6) ، عَنْ يُونُسَ (7) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ قَبِيصَة بْنِ ذُؤَيب وَأَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ (8) : يُوشِكُ أَقْصَى مَسَالِحِ (9) المُسْلِمِينَ بِسلاح (10) ؟
_________
(1) في (ت) و (ك) : «كنت» ، وفي (ف) : «كنه» .
(2) في (ك) : «تأتي» .
(3) في (ك) : «هذا هو أيضًا» .
(4) روايته أخرجها الإمام أحمد في"المسند" (2/213 رقم 6996) ، وأبو داود في "سننه" (2712) ، وابن حبان (4809 و4858) ، والخطيب في "تالي التلخيص" (1/75) من طريق أبي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عن عامر، عن عبد الله بن بريدة، عن عبدلله ابن عمرو، به.
(5) هو: عبد الله.
(6) هو: سعيد بن يحيى اللخمي. وروايته أخرجها هشام ابن عمار في حديثه (73) . ومن طريقه أخرجها الطبراني في "الأوسط" (6743) ، و"الصغير" (644) . قال الطبراني في "الأوسط": «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزهري إلا يونس، ولا عن يونس إلا سعيد بن يحيى، تفرد به هشام بن عمار» . وقال في "الصغير": «لم يروه عن الزهري إلا يونس، تفرد به سعيد بن يحيى، وسليمان بن عبد الرحمن يقول: سعد ابن يحيى اللخمي» .
(7) هو: ابن يزيد.
(8) قوله: «قال» سقط من (ك) .
(9) جمع مَسْلَحَة، وهُم القوم الذين يحفَظون الثُّغورَ من العدوِّ. وسُمُّوا: مَسْلَحَة؛ لأنهم يكونونَ ذوي سِلاح، أو لأنهم يسكُنون المَسْلَحَة، وهي [أي المَسْلَحَة] : كالثَّغر والمَرْقَبِ يكونُ فيه أقوامٌ يرقُبون العدوَّ؛ لئلا يطْرُقَهم على غَفْلَة. انظر"النهاية" (2/388) .
(10) كذا ورَدَ لفظُ الحديث في جميع النسخ، وجاء في "حديث هشام بن عمار" و"أوسط الطبراني": «يوشك أقصى مسالح المسلمين أن يكونَ سلاح، وسلاح عند خَيْبَر» ، وفي "الصغير" للطبراني: «يُوشِكُ أن يكون أقصى مسالحِ المسلمين بِسِلاح، وسلاحٌ من خَيْبَر» ، وكلا اللفظين جاء على الجادَّة في العربية؛ لأنَّ «يوشك» من أفعال المقاربة، ويجب أن يكون خبرها جملةً فعلية فعلها مضارع، وهذا ما وقع في مصادر التخريج.
أما ما عندنا في النسخ، فالظاهر أن فيه سقطًا، ووجهه أن يقال: «يُوشكُ أقصى مسالح المسلمين [أن يكون] بسلاح» ، والله أعلم.
وسِلاح: موضعٌ أسفلَ من خيبر.
قال البكري: «سِلاح» بكسر أوله، وبالحاء المهملة. "معجم ما استعجم" (3/744) .
ولم يجزم ياقوت بضبطها فقال: كأنه بوزن قَطامِ. "معجم البلدان" (3/233) . وجزم الفيروز آبادي فقال: كسَحابٍ أو قَطامِ. "القاموس المحيط" (س ل ح /ص 225) ، ولم يتعقَّبه الزَّبيدي في "التاج". والله تعالى أعلم.
(3/381)
قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ (1) الزُّهْري، عَنْ سَالِمٍ؛ سَمِعَ أَبَا (2) هُرَيْرَةَ، مَوْقُوفٌ (3) .
قَالَ أَبِي: الموقوفُ أشبهُ.
قلتُ: وَمَا تُنكِرُ أَنْ يكونَ سَمِعَ منهُما؟
قَالَ: أُنكِرُ! فإنَّه لا يَحْتملُ (4) أَنْ يكونَ هَذَا مِنْ حديث قَبِيصَة.
_________
(1) في (ك) : «رواه» بلا واو.
(2) في (أ) و (ش) : «أبي» .
(3) الحديث رواه الحاكم في "المستدرك" (4/511) من طريق ابن وهب، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سالم؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ ... فذكره موقوفًا.
وقوله: «موقوفً» بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، انظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(4) في (أ) و (ش) : «فإنه يحتمل» .
(3/382)
وسَعْدانُ أَرَى أَنَّهُ (1) سمعَ مِنْ يونس بمكة، أو بالمدينةِ (2) ، ويُونُسُ لَمْ يَكُنْ (3) مَعَهُ كُتُبُهُ. قال وكيعٌ: رأيتُ يونسَ ابن يَزِيدَ بِمَكَّةَ، فجَهَدتُّ أَنْ يُقيمَ لِي إسنادَ حديثٍ، لَمْ يُقِمْه (4) ، فَنَرَى (5) أنَّ سَعْدان سَمِعَ مِنْهُ بِمَكَّةَ (6) ؛ لأنَّ حديثَهُ وحديثَ أَبِي ضَمْرة (7) وسُلَيمانَ بْنِ بِلالٍ وطَلحَةَ بْنِ يَحْيَى متقاربٌ (8) .
952 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزاري (9) ،
_________
(1) قوله: «أنه» سقط من (أ) و (ش) .
(2) في (ت) و (ك) : «أو مدينة» .
(3) المثبت من (ت) و (ف) ، وأهمل النقط في بقية النسخ، وهي محتملة أن تكون بالتحتية والفوقية، وكلاهما صحيح في العربية. انظر التعليق على المسألة رقم (224) .
(4) كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: فلم يقمه.
(5) في (ش) يشبه أن تكون: «فترى» ، وفي (ك) : «فيرى» .
(6) من قوله: «فجهدت أن ... » إلى هنا سقط من (ف) .
(7) هو: أنس بن عياض.
(8) قال الدارقطني في "العلل" (2182) : «يرويه الزهري، واختُلِف عنه: فرواه سعيد بن يحيى المعروف بسَعْدان اللخمي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سالم بن عبد الله، عن قبيصة وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي (ص) ، ووهم فيه. وخالفه القاسم بن مبرور؛ فرواه عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سالم بن عبد الله، عن أبي هريرة موقوفًا، وقال فيه: قال الزهري: حدثني سعيد ابن خالد، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ أبي هريرة موقوفًا أيضًا، وهو الصَّواب» .
والحديث روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ من طريق أخرى = = أخرجها أحمد في "المسند" (2/402 رقم9216) قال: حدثنا نوحٌ، أخبرنا عبد الله - يعني العُمَري -، عن خُبَيب ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي (ص) قال: «يُوشِكُ أن يَرجعَ الناسُ إلى المدينةِ، حتى تصيرَ مَسالِحُهُم بسلاح» .
(9) هو: إبراهيم بن محمد. وروايته أخرجها ابن عدي في "الكامل" (3/199) من طريق المسيَّب بن واضح - وهو ضعيف -، عن أبي إسحاق الفزاري، به.
(3/383)
وَابْنُ الْمُبَارَكِ (1) ، عَنْ سُفْيان الثَّوري، عَنْ زَيْدٍ العَمِّي (2) ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ابن قُرَّة، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : لِكُلِّ (3) أُمَّةٍ رَهْبَانِيَّةٌ، وَرَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: معاويةُ بْنُ قُرَّة: أنَّ (4) النبيَّ (ص) ... مُرسَلً (5) .
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: إِذَا زَادَ حافِظٌ عَلَى حافِظٍ (6) قُبِلَ، وابنُ الْمُبَارَكِ حافظٌ (7) .
_________
(1) هو: عبد الله. وروايته في "كتاب الجهاد" له (16) ، وعند أحمد في "المسند" (3/266 رقم13807) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (33) ، وأبي يعلى في "المسند" (1449) ، وابن عدي في "الكامل" (3/199) و (4/230) ، والبيهقي في "الشعب" (3923) .
(2) هو: ابن الحواري.
(3) في (ك) : «كل» .
(4) في (ت) و (ك) : «أتى» بدل: «أن» .
(5) كذا بحذف ألف تنوين النصب جريًا على لغة ربيعة، انظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(6) قوله: «على حافظ» ليس في (ف) .
(7) مدار هذا الحديث على معاوية بن قرَّة، ويرويه عنه اثنان:
الأول: زيد العَمِّي، ويرويه عنه سفيان الثوري، واختُلِف عنه: فرواه أبو إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك - كما سبق - عنه، عَنْ زَيْدٍ العمِّي، عَنْ مُعَاوِيَةَ بن قرَّة، عن أنس، عن النبي (ص) . ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (19326) عن وكيع بْنِ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عن زيد، عن معاوية، عن النبي (ص) مرسلاً. واختلف أبو حاتم وأبو زرعة في التَّرجيح في هذا الاختلاف. أما أبو حاتم: فرجَّح الرواية المرسلة، ولم يذكر سبب التَّرجيح، ولعله لأجل الرواية الآتية، وأما أبو زرعة: فرجَّح الرواية الموصولة، وهذا صحيح بالنظر في رواية سفيان الثوري والاختلاف عليه فقط؛ فإن ابن المبارك - مع كونه حافظًا - تابعه أبو إسحاق الفزاري، وهو حافظ أيضًا.
والثاني: الحجَّاج بن دينار، وروايته أخرجها سعيد بن منصور في "سننه" (2309) عن شيخه محمد بن فضيل ابن غزوان، عن الحجاج بن دينار، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قرَّة، عَنِ النبي (ص) مرسلاً.
وهذه الرواية أرجح من رواية زيد العمِّي؛ لأن الحجّاج ابن دينار لا بأس به، وأما زيد فضعيف؛ كما في "التقريب" (1133 و2143) ، ولعل هذا الذي جعل أبا حاتم يرجح الإرسال، والله أعلم.
(3/384)
953 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليدُ (2) ، عَنْ شَيبان (3) ، عَنِ الأعمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (4) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ (ص) (5) : لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا وَهَمٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: الأعمَشُ، عَنْ مُجاهِد، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
954 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ محمد ابن [حِمْيَر] (6) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جَبِيرة (7) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (8) ، عَنْ أَنَسِ بن مالك؛ قال:
_________
(1) تقدمت هذه المسألة برقم (904) .
(2) هو: ابن مسلم.
(3) هو: ابن عبد الرحمن النَّحوي.
(4) هو: ذَكوان السَّمَّان.
(5) في (ف) و (ت) و (ك) : «النبي (ص) » بدل: «رسول الله (ص) » .
(6) في (ف) و (ت) و (ك) : «حُميد» ، وفي (أ) و (ش) : «جعفر» ، وكلُّه تصحيفٌ، فالذي يروي عن زيد بن جَبيرة هو محمد بن حِمْيَر، كما في "تهذيب الكمال" (10/34) . والحديث رواه ابن عدي في "الكامل" (3/203) من طريق ابن حِمْير، عن زيد بن جبيرة، به، ثم قال ابن عدي: «وهذا لا أعلم يرويه عن زيد بن جبيرة غير ابن حمير» .
(7) في (ت) و (ك) : «حسرة» .
(8) هو: الأنصاري.
(3/385)
قَامَ فِينَا عثمانُ بْنُ عَفَّان ح يَوْمًا خَطِيبًا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمنَعْنِي أَنْ أحدِّثَكُم حَدِيثِي هذا إلا الضَّنُّ (1) بكم، سمعتُ رسولَ الله (ص) وَهُوَ (2) يَقُولُ فِي مَقَامِي هَذَا: لَيَوْمُ (3) أَحَدِكُمْ (4) فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ يَقُومُ اللَّيْلَ لاَ يَفْتُرُ، وَيَصُومُ النَّهَارَ لاَ يُفْطِرُ.
قَالَ: وَقَالَ أَنَسٌ: حُدِّثتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) أَنَّهُ قَالَ: لَيَوْمُ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ في إِحْدَى المَسْجِدَيْنِ (5) : مَسْجِدِ الحَرَام ِ (6) ، وَمَسْجِدي بِالمَدِينَةِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ كذبٌ، وزيدٌ لا أعلمُ لَهُ حَدِيثًا صَحِيحًا، وَهُوَ ضعيفُ الْحَدِيثِ جِدًّا، إِلَى التَّرْك مَا هو، روى عنه اللَّيْثُ،
_________
(1) في (أ) و (ش) : «الظن» ، وفي (ف) : «لظن» .
(2) قوله: «وهو» سقط من (ك) .
(3) في (ك) : «اليوم» .
(4) في (ت) و (ك) : «بأحدكم» .
(5) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «أحد المسجدين» ، كما في "الكامل" لابن عدي، لكنَّ ما في النسخ يخرَّج من باب الحمل على المعنى بتأنيث المذكر؛ حمَلَ المسجدَ على معنى البقعة التي يُسْجَدُ فيها، والتقدير: في إحدى البقعتين، والحمل على المعنى باب معروف في العربية، انظر التعليق على المسألة رقم (81) .
وقوله: «إحدى المسجدين» ورد أيضًا في حديث آخر في مطبوع "الفردوس بمأثور الخطاب" (5/174 رقم 7872) .
(6) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «المسجد الحرام» أي: المحرَّم، وما وقع في النسخ صحيحٌ في العربية على إضافة الموصوف إلى صفته، ويقال: إضافة الشي إلى نفسه، وهذا مذهب الكوفيين، وأجازه البصريون على تأويل. انظر التعليق على المسألة رقم (505) ، ووقع لفظ «مسجد الحرام» بالإضافة في أحاديث كثيرة كما في البخاري وغيره، ووقع أيضًا على الوصف: «المسجد الحرام» . وانظر: "مشارق الأنوار" (1/190) ، و"شرح السيوطي لسنن النسائي" (2/37) .
(3/386)
وَيَحْيَى بْنُ أيُّوب.
955- وسمعتُ (1) أَبِي وذكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ مَرْوان الفَزاري (2) ؛ قال: نا هشامٌ الدَّسْتوائيُّ (3) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير؛ قال: نا أبو سَلَمة، عن عبد الله الأزرَق، عَنْ عَلْقَمة بْنِ عَامِرٍ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ ثَلاثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ ... ، فَذَكَرَ الحديثَ.
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلاَّم (4) ، عن عبد الله بْنِ زَيْدٍ الأزرَق، عَنْ عُقبة بن عامر، عن النبيِّ (ص) (5) .
956 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عمرو ابن أبي سَلَمة (6) ، عن
_________
(1) انظر المسألة رقم (905) و (997) .
(2) هو: مروان بن معاوية.
(3) في (أ) و (ف) : «الدستواني» . وهشام هذا هو: ابن أبي عبد الله سَنْبَر.
(4) هو: مَمْطور الأسود الحبشي.
(5) الحديث رواه الطيالسي في "مسنده" (1099) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (26315) ، وأحمد في "مسنده" (4/144 رقم17300) ، والترمذي في "جامعه" (1637) ، وابن ماجه (2811) وغيرهم من طرق عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سلاَّم، عن عبد الله بْنِ زَيْدٍ الأَزْرَقِ، عَنْ عُقْبَةَ بن عامر، عن النبي (ص) ، به.
ورواه معمر في "الجامع" (21010) - ومن طريقه أخرجه أحمد في "مسنده" (4/148 رقم17337) ، وابن خزيمة في "صَحِيحَةٌ" (4/113) -، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سلام، عن عبد الله بْنِ زَيْدٍ الأَزْرَقِ، عَنْ عُقْبَةَ، به.
(6) روايته أخرجها الهروي في "ذم الكلام" (2/388 رقم474) ، والذهبي في "السير" (16/242) من طريق دُحيم، عنه.
(3/387)
صَدَقَة بن عبد الله، عَنِ الأوزاعيِّ (1) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، وَجُعِلَ (2) رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ؟
قَالَ أَبِي: قَالَ لِي (3) دُحَيم (4) : هَذَا الحديثُ ليسَ بشيء؛ الحديثُ حديثُ الأوزاعيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَبَلَة، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) (5) .
957 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الأوزاعيُّ (6) ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسار، عَنْ أَبِي مُصَبِّح (7) ؛ قَالَ: قلتُ لأبي عبد الله - رَجُلٍ من
_________
(1) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(2) قوله: «وجعل» مكرر في (ت) .
(3) في (ت) و (ك) : «قال أبي» ، وكتب فوق «أبي» في (ك) : «كذا» .
(4) هو: عبد الرحمن بن إبراهيم.
(5) الحديث رواه ابن المبارك في "الجهاد" (105) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (33001) من طريق الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَبَلَةَ، عن طاوس، عن النبي (ص) به.
وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "الفتح" (6/98) .
وقال الدارقطني في "العلل" (1754) : «يرويه الأوزاعي، واختُلِف عنه: فرواه صدقة بن عبد الله بن السمين - وهو ضعيف -، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وخالفه الوليد بن مسلم؛ رواه عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عطية، عن أبي منيب الجرشي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ» .
(6) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(7) هو: المَقْرَئي، بفتح الميم والراء، بينهما قاف، ثم همزة قبل ياء النَّسب. كذا ضبط نسبتَه الحافظُ في "التقريب" (8370) ، وانظر ما سيأتي في نسبته في التعليق على المسألة التالية.
(3/388)
أصحاب النبيِّ (ص) - وَهُوَ بِأَرْضِ الرُّوم: أَلا تَركَبُ؟ فقال: سمعتُ رسولَ الله (ص) يَقُولُ: مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ في سَبِيلِ اللهِ إلاَّ حَرَّمَهُمَا (1) اللهُ عَلَى النَّارِ. وأُصلِحُ دابَّتي (2) لِتُغْنِيَني عن عَشيرَتي. فما رُئِيَ (3) يَوْمًا أكثَرَ نازِلاً مِنهُ (4) ؟
قَالَ أَبِي: منهُم مَنْ يَقُولُ: هَذَا الرَّجُل هو جابرُ بن عبد الله، ومنهُم مَنْ يَقُولُ: هُوَ الصُّنابِحي، وَلَيْسَ للصُّنابِحي صُحبَة؛ وجابرٌ (5) أشبهُ (6) .
فقلت ُ لأبي: أنا العبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ؛ قَالَ (7) : أَخْبَرَنِي أبي (8) ، ثنا
_________
(1) المثبت من (ش) ، وفي بقية النسخ: «حرَّمها» ، وهما صحيحان، وكلاهما ورد في مصادر التخريج.
(2) في (ت) و (ك) : «ذات بين» .
(3) في (ت) و (ك) رسمت هكذا: «رُأي» .
(4) كذا في جميع النسخ، وفي "الجهاد" لابن المبارك (32) : «فما رأيتُ يومًا أكثَرَ ماشيًا مِنهُ» ، ونحوه في "صحيح ابن حبان"، وفي "الجهاد" (33) : «قال أبو مصبِّح: فنَزَلَ الناسُ، فلم أرَ نازلاً قطُّ أكثَرَ مِنْ يومئذٍ» ، ونحوه في "مسند الطيالسي". وما وقع في النسخ جادَّتُهُ أن يقال: «فما رُئِيَ يومٌ أكثَرُ نازلاً منه» برفع «يوم» ، والله أعلم. والمعنى: أنه لمَّا سمع الناسُ بهذا الحديث، نزلوا عن دَوابِّهم؛ رغبةً في الثواب.
(5) في (ت) و (ك) : «وبجابر» .
(6) قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (9/55) : «وسمَّى أبو داود الطيالسي في "مسنده" وعبد الله بن المبارك في كتاب "الجهاد" الرجلَ المذكور: جابر بن عبد الله، وهذا هو الصَّواب: أن الحديث لجابر بن عبد الله» . اهـ. وسيأتي تخريج الحديث من "مسند الطيالسي"، و"الجهاد" لابن المبارك.
(7) في (ت) و (ك) : «قراءة» بدل: «قال» .
(8) هو: الوليد بن مَزْيَد البيروتي.
(3/389)
الأوزاعيُّ؛ قَالَ: حدَّثني أَبُو مُصَبِّح (1) ؟
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ (2) خطأٌ؛ لَمْ يسمَعِ الأوزاعيُّ مِنْ أَبِي مُصَبِّح؛ بَيْنَهُمَا مُوسَى بْنُ يَسار (3) .
_________
(1) الحديث رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (3933) من طريق العباس بن الوليد، عن أبيه، عن الأوزاعي، حدثنا أبو مصبح؛ قال: قيل لأبي عبد الله ... فذكره. ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2805) من طريق العباس بن الوليد به، ولم يقع عنده تصريح الأوزاعي بالسماع من أبي مصبح.
(2) قوله: «حديث» ليس في (ت) و (ف) و (ك) .
(3) في (ت) : «سيار» .
والحديث أخرجه عبد الله بن المبارك في "الجهاد" (32) عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عن حصين بن حرملة المهري، عن أبي مصبح الحمصي، عن جابر بن عبد الله، به. ومن طريق ابن المبارك أخرجه: أبو داود الطيالسي في "مسنده" (1881) ، وأحمد في "المسند" (3/367 رقم14947) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (113) ، وأبو يعلى في "مسنده" (2075) ، وابن حبان في "صحيحه" (4604) . ووقع في إسناد الطيالسي خطأ نبَّه عليه المحقق. وأخرجه ابن المبارك أيضًا (33) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بن جابر، عن أبي مصبح؛ قال: غزونا مع مالك بن عبد الله الخثعمي أرض الروم، فسبق رجل الناس، ثم نزل يمشي ويقود دابته، فقال مالك: يا أبا عبد الله أَلا تركبُ؟ فَقَالَ: = = سَمِعْتُ رَسُولَ الله (ص) ... فذكره.
وأخرجه أحمد في "المسند" (5/225 رقم21962) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/55) ، والطبراني في "الكبير" (19/297 رقم661) ، و"مسند الشاميين" (609) ، جميعهم من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به. إلا أن الطبراني قرن مع ابن جابر عبد الله بن العلاء، وجاء الحديث عنده في "الكبير" من رواية مالك بن عبد الله الخثعمي.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (21963) من طريق ليث بن المتوكل، عن مالك بن عبد الله الخثعمي؛ قال: قال رسول الله (ص) ... فذكره هكذا من مسند مالك.
وليث بن المتوكل مجهول الحال.
وأخرجه الدارمي (2/202 رقم2397) ، والطبراني في"الكبير" (662) كلاهما من طريق عبد الرحمن بن شريح، عن عبد الله بن سليمان بن أبي زينب؛ أن مالك ابن عبد الله [زاد الطبراني: الجهني] مرَّ على حبيب بن مسلمة - أو حبيب مرَّ على مالك - وهو يقود فرسًا، وهو يمشي، فقال: ألا تركب إذ حملك الله؟ فقال ... فذكره هكذا على الشك هل هو من مسند حبيب، أو مالك، وبنسبه مالك جهينيًا في رواية الطبراني.
وعبد الله بن سليمان بن أبي زينب لم نجد من ترجم له، وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (114) ، و"الآحاد والمثاني" (2777) من طريق زرعة بن عبد الله الوحاظي: أن مالك بن عبد الله الخثعمي كان بذات الجون، فرأى بعض أصحابه يمشي يقود فرسه، فناداه مالك بن عبد الله: يا فلان بن فلان ألا تركب؟ قال: إني سمعت رسول الله (ص) ... فذكره. وبإبهام هذا الرجل أيضًا أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (944) من طريق سليمان بن موسى، قال: مرَّ مالك بن عبد الله الخثعمي ... فذكره.
(3/390)
958 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ (1) عَمْرو بْن أَبِي قَيْس، عَن مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْص (3) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عُبادة، عن النبيِّ (ص) : أنه عاد عبدَالله بن رَواحة، فما تحَوَّزَ (4) عبدُالله عن مكانِه (5) ، فقال النبيُّ (ص) : مَنْ شُهَدَاءُ أُمَّتِي؟ ، قَالُوا: القتلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: القَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ شَهَادَةٌ، والبَطْنُ شَهَادَةٌ، والغَرَقُ شَهَادَةٌ ... ، الحديثَ؟
_________
(1) قوله: «رواه» ليس في (ت) و (ك) .
(2) هو: ابن المعتمر.
(3) هو: عبد الله بن حفص.
(4) في (ف) يشبه أن تكون: «تجوز» بالجيم. ومعنى «فما تحوَّز» : فما تنحَّى. انظر "النهاية" (1/459) .
(5) في (ش) : «من مكانه» ، وفي (ك) : «عن كانه» .
(3/391)
قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ [شُعْبَةُ] (1) ، عَنْ أبي بكر ابن حَفْص، عن ابن الفَصِيح (2)
- أَوْ أَبِي المُصَبِّح - عَنِ ابْنِ السِّمْط (*) ، عَنْ عُبادة، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: وَهَذَا أشبهُ، لَيْسَ لأَبِي صَالِحٍ مَعْنًى، لَمْ يضبِط عَمْرٌو، وضبَطَ شُعْبَة. وَهَذَا حديثٌ مِنْ حديثِ أَهْلِ الشَّام، وَهُوَ أَبُو المُصَبِّح المَقْرائي (3) ، عَنْ شُرَحْبيل بن السِّمْط (*) ، عن عُبادة.
_________
(1) في جميع النسخ: «سعيد» ، عدا (أ) ، فإما أن تكون «سعيد» وصُحِّحت، أو العكس - وهو الأقرب - وأُكِّد التصحيح في الهامش، ولكنه لم يتضح في التصوير.
والحديث أخرجه الطيالسي (583) ، وابن سعد في "الطبقات" (3/528-529) ، وأحمد في "المسند" (4/201) و (5/314 و323) ، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (633) ، جميعهم من طريق شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حفص، به، وهو الصَّواب، ويدلُّ عليه قول أبي حاتم في آخر المسألة: «وضبط شعبة» .
ورواه الدارمي في "مسنده" (2458) من طريق إسرائيل، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن حفص، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ عبادة، عن النبي (ص) ، به.
ورواه الضياء في "المختارة" (354) من طريق حرب، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن حفص، عن أبي مصبح، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، عَنْ عبادة، به.
(2) كذا في جميع النسخ عدا (ف) ففيها: «عن أبي الفصيح» ! وفي المواضع السابقة من مصادر التخريج: «عن ابن المصبح، أو أبي المصبح» . وذكر في بعض الروايات أن الشَّك من أبي بكر بن حفص.
(
*) ... في (ك) : «الشمط» بالشين المعجمة. وهو: شُرَحبيل ابن السِّمْط.
(3) نسبةً إلى «مَقْرَى» بفتح الميم، قريةٌ بالشَّام من نواحي دمشق. والمحدثون وأهل دمشق يضمُّون الميم. وقد وردت النسبةُ إليها على أوجهٍ هي: المَقْرِيُّ، والمَقْرائيُّ، كلاهما بفتح الميم، والمُقْرائيُّ بضم الميم، والمَقْرَئيُّ كما سلف في تعليقنا على المسألة = = السَّابقة. وانظر "الأنساب" للسَّمعاني (4/344) ، و"معجم البلدان" لياقوت (5/173-174) .
(3/392)
959 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ صالح ابن مُوسَى الطَّلْحي (1) ، عَنْ سُهَيل (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قال رسولُ الله (ص) : الزَمُوا الجِهَادَ تَصِحُّوا (4) وَتَسْتَغْنُوا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا (5) حديثٌ باطلٌ، وصالحٌ الطَّلْحي ضعيفُ الْحَدِيثِ.
960 - وسألتُ (6) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو هَارُونَ البَكَّاء (7) ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَة (8) ، عَنْ [عَبْدِ ربِّه] (9) بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَلَمة بْنِ كُهَيل، عَنْ شَقِيق بْنِ سَلَمة، عَنْ جَرِيرٍ؛ قَالَ: كان رسولُ الله (ص) إِذَا بايَعَ (10) ، بايَعَ عَلَى شهادةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ ِ الصَّلاة، وَإِيتَاءِ الزَّكاة، والسَّمعِ والطَّاعةِ للَّه وَلِرَسُولِهِ، والنُّصْحِ لكُلِّ مُسْلِمٍ. وإذا بَعَثَ سَرِيَّةً قال: بِاسْمِ اللهِ، وَفي سَبِيلِ اللهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، لا تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تُمَثِّلُوا (11) ، وَلاَ تَقْتُلُوا الوِلْدَانَ؟
_________
(1) روايته أخرجها ابن عدي في"الكامل" (2/16) من طريق بشر بن آدم، عنه، به.
(2) هو: ابن أبي صالح.
(3) هو: أبو صالح ذَكوان السَّمان.
(4) في (ك) : «وتضحوا» .
(5) قوله: «أبي هذا» مكرر في (ك) .
(6) ستأتي هذه المسألة برقم (1948) ، وانظر المسألة رقم (979) و (999/أ) .
(7) هو: موسى بن محمد، ولم نقف على روايته، والحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (7505) من طريق عبد الله ابن وهب، والطبراني في "الكبير" (2/313 رقم 2303 و2304) ، و"الأوسط" (745) ، و"الصغير" (115) من طريق عمر بن خالد الحراني، كلاهما عن ابن لهيعة، به.
(8) هو: عبد الله.
(9) في جميع النسخ: «عبد الله» ، وهو تصحيف. والتصويب من المسألة رقم (1948) ومصادر التخريج.
(10) في (ك) : «باع» .
(11) «مَثَّل» بالتشديد مبالغةٌ لـ «مَثَلَ» ، يقال: مَثَلْتُ بالقتيل: إذا جَدَعْتَ أنفَه وأذنَه أو مَذاكيرَه أو شيئًا من أطرافِه. انظر "النهاية" (4/294) .
(3/393)
قَالَ أَبِي: لَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيثِ أصلٌ بِالْعِرَاقِ (1) ، وَهُوَ حديثٌ مُنكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ (2) .
961 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو (3) النَّضْر هاشمُ بنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عمر، عن عُبَيدالله (4) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّ النبيَّ (ص) استعمَلَ أسامةَ بنَ زَيْدٍ عَلَى جيشٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ، فتكلَّم الناسُ فِي ذَلِكَ ... وذكرتُ لَهُ الحديثَ؟
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، لَمْ يَرْوِهِ غيرُ عَاصِمِ بْنُ عُمَرَ، وعاصمُ بْنُ عمر ليس بالقويِّ (5) .
_________
(1) لأن سلمة بن كهيل وشقيق بن سلمة من أهل العراق، ولم يرو هذا الحديثَ عن سلمة سوى عبد ربه بن سعيد وهو مدني، وعنه عبد الله بن لهيعة وهو مِصري، فلو كان الحديث صحيحًا لرواه أهل العراق عن سلمة بن كهيل، أو على الأقل لوجدنا له أصلاً عندهم عن أبي وائل شقيق بن سلمة. وآفته ابن لهيعة فهو معروف بالضَّعف، وقد روى هذا الحديث عنه عبد الله بن وَهْب عند أبي يعلى في الموضع المتقدم، ومع ذلك أعلَّ أبو حاتم روايته هذه؛ جريًا على عادته في إعلال بعض أحاديث ابن لهيعة وإن كانت من رواية ابن وَهْب أو عبد الله بن يزيد المقرئ ممَّن قيل: إن روايتهم عنه قبل احتراق كتبه؛ كما في المسائل (72 و634 و636 و637 و1137 و1181 و1229 و1231 و1709 و2807) وغيرها، وهذه فائدةٌ تستفاد في أن رواية ابن وَهْب وباقي العبادلة ليست صحيحةً كما ذهب إلى ذلك بعض الفضلاء، وإنما هي أعدلُ من غيرها، ولا تصل لدرجة الاحتجاج بها على الانفراد.
(2) قال الطبراني في الموضع السابق من "الأوسط": «لا يروى هذا الحديث عن جرير إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة» .
(3) قوله: «أبو» سقط من (ك) .
(4) هو: ابن عمر العُمَري.
(5) لم نقف على الحديث من رواية عاصم. وقد رواه ابن سعد في "الطبقات" (2/249) و (4/66) عن عبد الوهَّاب بن عطاء العجلي؛ قال: أخبرنا الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر: أن النبيَّ (ص) بعث سريَّةً فيهم أبو بكر وعمر، واستعملَ عليهم أسامةَ بن زيد ... . = = ورواه البخاري (3730) ، ومسلم (2426) من طريق عبد الله بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قال: بعث رسول الله (ص) بعثًا، وأمَّر عليهم أسامة بن زيد ... . ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (252) من طريق الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عمر، به.
(3/394)
962 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عفَّان ابن مُسْلِمٍ الصَّفَّار (1) ، عَنْ خَليفة بْنِ غَالِبٍ؛ قَالَ: حدَّثنا سَعِيدٌ المَقبُري، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: سُئِل النبيُّ (ص) : أيُّ الْعَمَلِ أفضلُ؟ قَالَ: إيمانٌ باللهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ ... ، وذكَرَ الحديثَ؟
قَالَ أَبِي: كَذَا رَوَاهُ عَفَّان! وحدَّثنا أَبُو سَلَمة (2) ، عَنْ خَليفة بْنِ غَالِبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) (3) .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: رَوَاهُ أَبُو مَعْشَر (4) ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) . قد اتَّفق نَفْسان ِ، وَهُوَ أشبهُ عِنْدِي، فَلا أَدْرِي ما قال عَفَّان (5) !
_________
(1) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (2/388 رقم 9038) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (289) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (8/322) .
(2) هو: موسى بن إسماعيل التَّبوذكي، وروايته أخرجها البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص 51) .
(3) قوله: «عن النبي (ص) » ليس في (ف) .
(4) هو: نجيح بن عبد الرحمن.
(5) لكن عفان قد توبع. فأخرجه أحمد في "المسند" (2/531 رقم 10878) من طريق أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ - واسمه عبد الرحمن بن عبد الله -، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص51) من طريق أبي عامر العَقَدي - واسمه: عبد الملك -، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (28) من طريق أبي بكر الحنفي - واسمه: عبد الكبير بن كثير -، جميعهم عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة، به.
(3/395)
963 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاح البَزَّاز (1) ، عَنْ هُشَيم (2) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، [عَنْ عَمْرِو بْنِ سعيد] (3)
ابن الْعَاصِ؛ أَخْبَرَنَا سَيَابَةُ (4) السُّلَمي: أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ يومَ حُنَين (5) : أَنَا ابْنُ العَوَاتِكِ (6) ؟
_________
(1) في (أ) و (ش) و (ف) : «البزار» . ورواية محمد بن الصبَّاح أخرجها ابن قانع في "معجم الصحابة" (1/302) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3664) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/136) .
(2) هو: ابن بشير الواسطي.
(3) ما بين المعقوفين سقط من جميع النسخ، فاستدركناه من "المراسيل" للمصنف (ص69-70) حيث ذكر هذه المسألة هناك، ومن مصادر التخريج السابقة.
ونقل الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/307) هذا النص بتصرُّف، وفيه الزيادة؛ وذلك أنه ذكر بعض الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: وقال أبو حاتم: «حدثنا بعض أصحاب هشيم عنه هكذا، وحدثنا عنه محمد بن الصَّبَّاح، فقال: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عمرو ابن سعيد، عن سيابة. قال أبو حاتم: الأول أشبه» . اهـ.
(4) بفتح السِّين المهملة، وتخفيف الياء المثناة التحتية، كذا ضبطه ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" (5/271) ، ومثله في "الصحاح"، و"القاموس" (س ي ب) ، وقيَّده ابن حجر في "تبصير المنتبه" (2/767) ، و"الإصابة" (2/102) ، و"التقريب" (ترجمة يعلى بن سِيَابة) بكسر السين مع تخفيف الياء، وأما ابن ماكولا في "الإكمال" (5/14) فأطلقها ولم يقيِّدها بشيء.
(5) في (ك) : «حين» .
(6) في (ك) يشبه أن تكون: «العراتك» . والعواتك: جمع عاتِكَة. وأصل العاتكة: المتَضمِّخة بالطِّيب.
و «العَواتك» هنا: جَدَّاتٌ للنبي (ص) كلٌّ منهُنَّ تسمَّى «عاتكة» ، وذكر الفيروزآبادي أنهنَّ تسعٌ، وذهب ابن بري إلى أنهنَّ اثنتا عشرة جدَّة، واتفقا على أن ثلاثًا منهُنَّ من سُلَيم، والبواقي من غير بني سُلَيم. انظر "اللسان" (ع ت ك) (10/464) ، و"القاموس المحيط" (ع ت ك) (ص 948) .
(3/396)
قال أبي: [حدثنا] (1) بعضُ (2) أَصْحَابِ هُشَيم، عَنْ هُشَيْمٍ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ (3) ؛
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَيَابَةُ بْنُ عَاصِمٍ السُّلَمي، عن النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: وَهَذَا أشبهُ. وَعَلَى هذا: الحديثُ دليلٌ على أنَّ سَيَابَة (4) لَيْسَ (5) مِنْ أَصْحَابِ النبيِّ (ص) .
_________
(1) ما بين المعقوفين سقط من جميع النسخ، فاستدركناه من "المراسيل" أيضًا.
(2) هم: سعيد بن منصور، وإسحاق بن إدريس، ولُوَين في إحدى الطرق عنه كما سيأتي.
(3) كذا وقع هنا! ومثله في "الجرح والتعديل" (6/269 رقم 1488) في ترجمة ابنه عمرو. وكذا وقع في "الآحاد والمثاني" (540) ، و"الفتن" لأبي عمرو = = الداني (187) ، و"ذكر أسماء التابعين" للدارقطني (771) ، وهو محمول على أنه نسب إلى جده، وإلا فهو «يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بن سعيد بن العاص» ؛ كما في ترجمته في "الجرح والتعديل" (9/152 رقم627) ، وفي مواضع أخرى من "الجرح" أيضًا؛ كترجمة عبيد بن عبد الرحمن (5/410 رقم1904) ، وترجمة محمد بن بحر (7/215 رقم1192) ، وهذا الذي جاء في باقي كتب الرجال، ودواوين السنة.
تنبيه: روى ابن أبي حاتم هذا النص أيضًا في "المراسيل" كما تقدم، ووقع في هذا الموضع من الإسناد هناك: «عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرو بْن سَعِيد بْن العاص» ، وهو تلفيق اجتهد فيه المحقق فلم يصب، فنص نسخته كما يقول: «يحيى عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العاص» ، وذكر أنه وقع في مطبوعة السامرائي: «ابن» بدل: «عن» ، فخطَّأها، مع أنها الصَّواب، وأخذ منها زيادة «سعيد» فجعلها بين يحيى وعمرو، وهي وإن كانت زيادة صحيحة في نسب يحيى، إلا أنها لم ترد في مخطوطته التي اعتمد عليها، ولا في نسخ "العلل".
(4) في (ت) و (ك) : «بدليل أن سيابة» .
(5) قوله: «ليس» من (ت) و (ك) والموضع السابق من "المراسيل" للمصنِّف فقط. وقد أتبعها ابن أبي حاتم بقوله: «يعني: بأن يحيى بن سعيد، عن [كذا! وصوابه فيما يظهر: «ابن» بدل: «عن» ، وبه يستقيم السياق] عمرو ابن سعيد بن العاص لم يكن يشبه أن يلحق صحابيًّا، وبروايته بانَ أنه تابعي، وحديث هُشَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العاص رواه الصبَّاح البزَّار [كذا! والصواب: البزاز] المعروف بالدولابي، فغلط في روايته» .
(3/397)
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَا أَدْرِي ما نقولُ لك! لم أكتُبْ (1) عَنْ أحدٍ سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاح (2) .
_________
(1) يعني هذا الحديث.
(2) هذا الحديث يرويه هشيم بن بشير، واختُلِف عنه: فرواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1413) ، و"الجهاد" (255) من طريق أَبِي الرَّبِيعِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/302) ، وأبو نعيم في"معرفة الصحابة" (3664) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/136) من طريق محمد بن الصباح، والطبراني في "الكبير" (7/168 رقم6724) من طريق عمرو بن عوف، ثلاثتهم عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد، عن عمرو ابن سعيد بن العاص، عن سَيابة: أن النبَّي (ص) قال يوم حُنَين ... الحديث. ووقع عند ابن أبي عاصم في كتابيه تصريح سيابة بالسماع له من النبي (ص) .
ورواه سَعْدُويَه، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العاص؛ حدثني سيابة قال: سمعت النبي (ص) يقول ... فذكره. أخرجه الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/1067) وقال: «هذا صحيح غريب» .
ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2841) عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد، عن سيابة، به هكذا بإسقاط عمرو ابن سعيد. وتابع سعيدَ بن منصور: إسحاقُ بن إدريس؛ كما في "الإصابة" لابن حجر (4/307) . ورواه محمد بن سليمان المصِّيصي لُوَيْن، واختُلِف عليه: فرواه العسكري في "تصحيفات المحدثين" (2/1071) عن أبي مسعود الأصبهاني، عن محمد بن سليمان بمثل رواية سعيد بن منصور.
ورواه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (3/1375) فقال: حدثنا أبو محمد بن صاعد، حدثنا لُوَيْن محمد بن سليمان، حدثنا هشيم، عن عمرو بن يحيى ابن سعيد ابن العاص، عن رجل، عن سَيابة السلمي؛ قال: قال النبي (ص) ... فذكره.
ورواه ابن عساكر في "معجم شيوخه" رقم (1094) من طريق أبي بكر محمد بن عمر الوراق، عن ابن صاعد، عن لُوَيْن، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ سَيابة السلمي قال: سمعت النبيَّ (ص) يقول يوم خيبر: «أنا ابن العواتك من سُلَيم» . قال ابن عساكر: «هذا حديثٌ غريبٌ، والمحفوظ: يوم حنين» .
تنبيه: وقع في المطبوع من "معجم شيوخ ابن عساكر": «هشام» بدل: «هشيم» ، وهو على الصَّواب في المخطوط (ل 174/ب) .
قال أبو عمر بن عبد البر في "الاستيعاب" رقم (1127) : «سَيابة بن عاصم السلمي: حديثه عند هُشَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العاص، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ سيابة ... » ، فذكره. وتعقبه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/307) بقوله: «وأغرب ابن عبد البر فقال ... » فذكره، ثم قال: «لم أره عن هشيم كذلك» .
وقال ابن حجر أيضًا: «وذكر البخاري الاختلاف على هشيم في الواسطة، وجزم بأن الحديث مرسل» . وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري (4/209-210) .
(3/398)
............................
964 - وسألتُ أبي عن خالدٍ [أبي] (1) الْهَيْثَمِ المَدائني؟
فَقَالَ أَبِي: جَاءَنِي سعيدٌ البَرْذَعِيُّ (2) ، فَقَالَ: حدَّثنا أَبُو مَسْعُودِ بْنُ الفُرَات (3) ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ بَكْر بْنِ مُضَر، عَنْ رَاشِدِ بْنِ أَبِي سَكْنَةَ (4) ، عَنْ معاوية، عن النبيِّ (ص) قَالَ: لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ... .
قَالَ أَبِي: فأنكرتُ ذَلِكَ، وأنكَرَه أَبُو زُرْعَةَ، وَجَعَلُوا يقولونَ:
_________
(1) في جميع النسخ: «ابن» ، وهو تصحيف، فخالدٌ هذا هو: ابن القاسم المدائني، المتقدِّم في المسألة رقم (410) ، وكنيته: أبو الهيثم؛ كما في "الجرح والتعديل" (3/347) .
(2) المثبت من (ف) ، وفي بقيَّة النسخ: «البردَعي» بالدال المهملة، وكلاهما صواب، فهو منسوب إلى «بَرْذَعَةَ» مدينة بأذْرَبيجان، وقد صحَّ فيها إعجام الدال وإهمالها. وقيل: هو منسوب إلى «بَرْذَعَةِ الدابة» ، وقد صحَّت فيها لغةٌ بإهمال الدال، وعليه فالنسبة إليها يصحُّ أن تكون بالمعجمة والمهملة، وبالوجهين وردت في مصادر ترجمته. انظر "معجم البلدان" (1/379) ، و"توضيح المشتبه" (1/451-452) وتعليق محققه، و"القاموس المحيط" وشرحه "تاج العَروس" (بردع، وبرذع» .
(3) في (ف) : «فقال حدثنا أبو مسعود، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودِ بْنُ الْفُرَاتِ» . وهو: أحمد بن الفرات.
(4) في (أ) و (ش) و (ف) : «سكينة» ، والمثبت من (ت) و (ك) ، وهو الصَّواب، كما في "الجرح والتعديل" (3/484) ، و"الإكمال" لابن ماكولا (4/320) .
(3/399)
[] هُوَ غريبٌ.
فقلتُ: لَمْ يَرْوِ خالدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ شَيْئًا.
فَقِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: مَن خالدٌ هَذَا؟
قَالَ: لا أَدْرِي مَن هُوَ! وأعلمُ أَنَّ الحديثَ مُنكَرٌ.
فقلتُ أَنَا: هُوَ (1) خالدٌ المَدائني.
فَقِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ، فَقَالَ: صَدَقَ (2) ؛ يشبهُ أَنْ يكونَ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَبُو مَسْعُودٍ بَيَّنَ لَهُمْ مَنْ خالدٌ هذا؛ لكي يَحْسَبُونَ (3) أَنَّهُ غريبٌ.
965 - وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الفَزاري (5) ، عَنْ رجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّام، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي خِداش (6) ؛ قَالَ: كُنَّا فِي غَزاة (7) ، فنزَلَ الناسُ مَنْزِلا، فَقَطَعَ الناسُ الطريقَ، ومَدُّوا
_________
(1) قوله: «هو» ليس في (ف) .
(2) في (ف) : «صدوق» .
(3) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «لكي يَحْسَبُوا» بحذف نون الرفع؛ لأنَّه منصوب بـ «كي» ، لكن ثبوت النون مع الناصب لغةٌ قليلةٌ لبعض العرب، ومن ذلك ما ذكره النووي - وتابعه السيوطي في حديث مسلم (1106) -: «عن الأسود ومسروق، أنهما دخلا على أمِّ المؤمنين لِيَسْأَلاَنِهَا ... الحديثَ» ، قال النووي: «كذا هو في كثير من الأصول: «لِيَسْأَلاَنِهَا» باللام والنون، وهي لغةٌ قليلةٌ، وفي كثير من الأصول: «يَسْأَلاَنِهَا» بحذف اللام، وهذا واضحٌ، وهو الجاري على المشهور في العربية» . اهـ. انظر: "شرح النووي على مسلم" (7/217-218) ، و"الديباج، شرح صحيح مسلم بن الحجاج" للسيوطي (3/206) .
(4) في هامش النسخة (أ) عنون لهذه المسألة بخط مغاير بما نصه: «الناس شركاء في ثلاث» .
(5) هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث. وروايته هذه أخرجها الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (448 و630/بغية الباحث) .
(6) هو: حبَّان بن زيد الشَّرْعَبي.
(7) في (ف) : «غزوة» .
(3/400)
الحِبالَ (1) عَلَى الكَلَأ (2) ، فلمَّا رَأَى مَا صَنَعوا، قَالَ (3) : سُبحانَ اللَّهِ! لَقَدْ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) غَزَواتٍ، فسَمعتُه (4) يَقُولُ: النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ: فِي المَاءِ، وَالكَلَأ، والنَّارِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا الرجلُ مِنْ أَهْلِ الشَّام هُوَ عِنْدِي: بَقِيَّةُ، وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ عِنْدِي: حَرِيز بْنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو خِدَاش لم يُدْرِكِ النبيَّ (ص) ، إِنَّمَا حَكَى عَنْ رجُلٍ مِنْ أصحاب النبيِّ (ص) (5) .
كَذَلِكَ حدَّثنا أَبُو اليَمَان (6) ، وعليُّ بْنُ الجَعْد، عَنْ حَرِيز - كَمَا وصَفْتُ - وَإِنَّمَا لَمْ يُسَمِّه (7) أَبُو إِسْحَاقَ؛ لأَنَّهُ كَانَ حَيًّا فِي ذلك الوقت (8) .
_________
(1) في (ت) : «الجبال» .
(2) الكَلَأُ: العُشب. "النهاية" (4/194) . ومدُّهم الحبال على الكَلأ: أراد به كلٌّ منهم تحديدَ مكان لنفسه لا يشركه فيه أحد.
(3) في (أ) و (ش) : «فقال» .
(4) في (ك) : «فسمعه» .
(5) الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (23184) ، وأحمد في "المسند" (5/364 رقم23082) كلاهما عن وكيع، عن ثور الشامي، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أبي خداش، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (ص) ، عن النبي (ص) ، به.
(6) في (ت) و (ك) : «اليماني» . وأبو اليمان هذا هو: الحكم بن نافع.
(7) أي: لم يُسَمّ بقيَّة.
(8) روى الخطيب البغدادي في "الموضح" (2/69) هذا النص من طريق المصنف.
ورواه ابن أبي حاتم أيضًا في كتاب "المراسيل" (ص254-255 رقم945) ، لكن وقع هناك: «أبو خراش» بالراء، ومن طريق "المراسيل" ذكره ولي الدين أبو زرعة ابن العراقي في "تحفة التحصيل" (ص606 رقم1282) ، والعلائي في "جامع التحصيل" (309) ، وقال: «وقد وقع في كتاب ابن أبي حاتم تكنية هذا بأبي خراش - بالراء - كذا وجدته في نسختين» .
وقول أبي حاتم هذا هنا يدلُّ على أن أبا إسحاق الفَزاري يدلس تدليس الشيوخ.
(3/401)
966 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ محمَّدُ بنُ الْمُبَارَكِ الصُّوري (2) ،
عَنِ الهيثَم بْنِ حُمَيد، عَنْ حَفْص بْنِ غَيْلان، عَنْ مَكحول؛ قَالَ: دخلتُ أَنَا وابنُ أَبِي زكريَّا (3) وسُلَيمانُ بن حبيب على أبي أُمامة بحِمْص، فسلَّمنا عليه، فقال: إنَّ رسولَ الله (ص) قَدْ بَلَّغ مَا أُمِرَ بِهِ، فبَلِّغوا عَنِّي مَا تسمعونَ، سمعتُ النبيَّ (ص) يَقُولُ: مَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللهِ؛ إنْ تَوَفَّاهُ اللهُ أدْخَلَهُ الجَنَّةَ (4) ، وَإنْ رَدَّهُ فَبِمَا (*) نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. وَالخَارِجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى المَسْجِدِ ضَامِنٌ عَلَى اللهِ تَعَالى؛ إنْ تَوَفَّاهُ أَدْخَلَهُ الجَنَّةَ، وَإنْ رَدَّهُ (5) فَبِمَا (*) نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. والدَّاخِلُ بَيْتَهُ بٍسَلام ٍ ضَامِنٌ عَلَى اللهِ؟
_________
(1) انظر ما تقدم في المسألة رقم (927) .
(2) روايته أخرجها ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1241 و1243) . والطبراني في "الكبير" (8/135 رقم7614) ، به إلى قوله: «فبلِّغوا عني ما تسمعون» ، ولم يذكرا باقيه.
والحديث رواه الطبراني في "الكبير" (8/127 رقم 7579) من طريق هشام بن الغاز، حدثني مكحول أنهم دخلوا على أبي أمامة ح، فقال سمعتُ رسول الله (ص) يَقُولُ: «مَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ الله ... » ، فذكره.
ورواه الطبراني في "الكبير" أيضًا (8/100 رقم 7493 من طريق كلثوم بن زياد، عن سليمان بن حبيب: أنه دخل هو وثابت بن معبد وابن أبي زكريا ومكحول على أبي أمامة ... ، فذكر الحديث عن النبي (ص) .
(3) هو: عبد الله.
(4) قوله: «الجنة» سقط من (أ) فقط.
(*) ... في (ك) : «فيما» .
(5) في (ت) و (ك) : «رد» .
(3/402)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ خطأٌ؛ مَكحُولٌ لم يَرَى (1) أَبَا (2) أُمامة.
967 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه عبدُالله بْنُ إِدْرِيسَ؛ قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ (3) :
وحدَّثني عاصمُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيمان بْنِ جُبَير؛ قَالَ (4) :
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «لم يَرَ» ، وما في النسخ صحيحٌ، ويتخرج على لغة من يجري الفعل المعتل مجرى الصحيح في الجزم والبناء، أو على الإشباع؛ وقد تقدم تفصيل القول فيهما في التعليق على المسألة (228) .
(2) في (ك) : «أبو» .
(3) هو: محمد، والحديث أخرجه أبو داود (3037) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/186) من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن ابن إسحاق، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان: أن النبي (ص) بعث خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومَة فأُخِذ، فأتَوه به، فحقَنَ له دمَه، وصالحَه على الجِزيَة.
ورواه الإمام أحمد في "المسند" (3/238 رقم 13492) من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن إسحاق؛ قال: حدثني عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رأيت قَباءَ أُكَيْدِر حين قُدِمَ به على رسول الله (ص) ، فجعل المسلمون يلمَسونه بأيديهم ويتعجَّبون منه، فقال رسول الله (ص) : «أتعجَبون من هذا؟! فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لمنديلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الجنَّة أحسنُ من هذا» .
ورواه البيهقي أيضًا (9/187) من طريق يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن إسحاق؛ قال: حدثني يزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله (ص) بعث خالد ابن الوليد ... فذكر القصة بتمامها.
(4) ساق هذه القصة مع بعض الاختلاف كلٌّ من: الطبري في "تاريخه" (3/349) ، وابن حبان في "الثقات" (2/96-97) ، وابن هشام في "السيرة" (4/526) ، والبكري في "معجم ما استعجم" (1/303) ، وابن كثير في "البداية والنهاية" (7/179/ دار هجر) .
(3/403)
ثم بعثَ رسولُ الله (ص) خالدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِر دُومَةَ (1) ، فَقَالَ (2) : إنَّكَ تَجِدُهُ يَصِيدُ البَقَرَ (3) . فَخَرَجَ خالدٌ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ (4) نَظَرَ (5) العَين في ليلةٍ مُقمِرَةٍ، [فباتَتِ البَقَرُ] (6) - وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ لَهُ، مَعَهُ امرأتُه - تَحُكُّ القَصْرَ بقُرونها (7) ،
فَقَالَتِ امرأتُه: هَلْ رأيتَ مثلَ هَذِهِ اللَّيلة؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ! قَالَتْ: فَمَنْ يَترُكُ مثلَ هَذَا؟ قَالَ: لا أَحَدَ (8) . قَالَ: فنزلَ، فَأَمَرَ بفَرَسِه فأُسْرِجَ، وركبَ مَعَهُ ناسٌ
_________
(1) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/231) : «هو: أُكَيْدِر - تصغير أكدَر -، ودُومة - بضم المهملة وسكون الواو -: بلدٌ بين الحجاز والشام، وهي دومة الجندل، مدينة بقرب تبوك، بها نخل وزرع وحصن، على عشر مراحل من المدينة، وثمان من دمشق، وكان أكيدر ملكها، وهو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن - بالجيم والنون - بن أعباء بن الحارث بن معاوية، ينسب إلى كندة، وكان نصرانيًّا» .
(2) في (ف) : «قال» .
(3) في الموضع السابق من "الثقات" لابن حبان: «يصيد بقر الوحش» . وهذا النوع من البقر مثل الظِّباء.
(4) في (ك) : «حصبه» .
(5) في (ت) : «يظن» ، ولم تنقط الياء، ومثله في (ك) ، إلا أنها لم تنقط بكاملها، ووقع عند جميع من ساق القصة: «منظر» .
(6) تصحفت هذه العبارة في (أ) و (ش) و (ف) إلى: «ثابت البصر» ، وفي (ت) إلى: «مشايت البصر» ، وفي (ك) يشبه أن تكون: «مشاتت البصر» ، والتصويب من من الموضع السابق من "تاريخ الطبري" (3/349) ، و"سيرة ابن هشام"، و"الثقات" لابن حبان، وفي "البداية والنهاية": «وباتت البقر» ، وفي "معجم ما استعجم": «فباتت بقر الوحش» .
(7) في (ت) : «بفروتها» ، وفي (ك) : «يقرونها» ..
(8) في (ك) : «لا أجد» .
(3/404)
مِنْ أَهْلِهِ فِيهِمْ أخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: حسَّان، وَأَخَذُوا مَطارِدَهُم (1) ، فلمَّا خَرَجَ واتَّبَعَهُم خيلُ رَسُولِ الله (ص) ، فأخَذوه (2) ، وقَتلوا أخاه حسَّان، وأتَوْا به رسولَ الله (ص) ، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ يَلْمَقٌ (3) ، لَهُ دِيباجٌ، مُخَوَّصٌ (4) بالذَّهَب، اسْتَلَبَهُ إيَّاه خالدٌ، فبعثَ بِهِ إِلَى رَسُولِ الله (ص) قَبْلَ قُدُومِه عَلَيْهِ، فوُضِعَ بَيْنَ يدَيه، فلمسَتْهُ الرجالُ بِأَيْدِيهِمْ - أَوْ تعجَّبوا مِنْهُ - قَالَ أَنَسٌ: فسمعتُ رسولَ الله (ص) يَقُولُ: أَتَعْجَبُونَ لِهَذا؟! فَوَالَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لَمِنْديلُ سَعْدِ ابن مُعَاذٍ فِي الجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا (5) .
فَلَمَّا انْتَهَى خَالِدٌ بأُكَيْدِر إلى رسول الله (ص) ؛ حَقَن دمَه، وصالحَهُ عَلَى الجِزْيَة، وخَلَّى رسولُ الله (ص) سبيلَه، فرجعَ إِلَى قريتِه؟
قَالَ أَبِي: أوَّلُ الحديثِ كلامٌ أظنُّه مِنْ كَلامِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيمان، وَفِي آخِرِهِ خبرٌ أَيْضًا مِنْ كَلامِ ابْنِ إِسْحَاقَ، والحديثُ إنما هو: أتى النبيَّ (ص) وَعَلَيْهِ ثيابٌ؛ يَلْمَقٌ مُخَوَّصٌ بالذَّهَب.
_________
(1) جمع «مِطْرَد» ، وهو رُمْحٌ قصير تُطْعَن به حُمُر الوَحْش. انظر "لسان العرب" (3/268) .
(2) في (ت) و (ك) : «فأخذوهم» .
(3) اليَلْمَق: القَبَاءُ المَحْشُوُّ. "لسان العرب" (10/332) ، وهي كلمة فارسيَّة معرَّبة. انظر "المعجم العربي لأسماء الملابس" صنعة د. رجب إبراهيم. وفي المصادر السابقة التي ساقت القصة: «قَبَاء» بدل: «يلمق» .
(4) المُخَوَّص بالذَّهب: المنسوجُ به كخُوص النَّخل، وهو وَرَقُه. "النهاية" (2/87) .
(5) جوَّد ابن جرير الطبري وابن هشام وابن كثير هذا النص؛ فإنهم لما وصلوا في نقلهم إلى هذا الموضع؛ جعلوا السياق بعده عن ابن إسحاق.
(3/405)
968 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ النعمانُ بْنِ رَاشِدٍ (2) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عائِشَة: أنَّ رسولَ الله (ص) (3) لَمْ يَضرِب امْرَأَةً قَطُّ، وَلا خَادِمًا، إلاَّ أَنْ يجاهدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟
قَالَ أَبِي: والصَّحيحُ مَا رَوَاهُ عُقَيل (4) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عليِّ بْنِ حُسَيْنٍ: أنَّ النبيَّ (ص) ... مُرسَلً (5) .
قَالَ أَبِي: وَقَدْ رَوَاهُ (6) الثَّوريُّ، وعَمْرو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ مَنْصُورٍ (7) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عائِشَة، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: حَدَّث (8) الزُّهْريُّ (9) بِهَذَا الْحَدِيثَ: أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَة
_________
(1) في (ف) : «قال: وسألت» .
(2) روايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (1/367) .
(3) في (أ) : «النبي (ص) » بدل: «رسول الله (ص) » .
(4) هو: ابن خالد. وتابعه على روايته هكذا: صالح بن كيسان، وروايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (1/367-368) .
(5) كذا في جميع النسخ بحذف ألف تنوين النصب جريًا على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق على المسألة رقم (34) .
(6) في (أ) و (ش) : «ورواه» بدل: «وقد رواه» .
(7) هو: ابن المعتمر. وروايته أخرجها الحميدي في "مسنده" (260/تحقيق حسين أسد) ، وأبو يعلى في "مسنده" (4452) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي (ص) " (47/أ) ، ثلاثتهم من طريق فضيل بن عياض، عن منصور، به.
وأخرجه أبو الشيخ أيضًا (47/ب) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور، به.
(8) في (ش) : «حديث» .
(9) من قوله: «عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) ... » إلى هنا سقط من (ف) .
(3/406)
رَوَى عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَة.
فَقَالَ: الزُّهْري لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَة هَذَا الحديثَ؛ فلعلَّه دَلَّسَه (1) .
969 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيس (3) ، عَنْ أَبِي ضَمْرَة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ عَلْقَمة، عَنْ عَبِيدَة بْنِ سُفْيان الحَضْرَمي، عَنْ أَبِي الجَعْد الضَّمْري، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى ابْنِ السِّمْط (4) - وَهُوَ مُرابِطٌ - فقال: سمعتُ النبي (ص) يَقُولُ: رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ صِيامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ... ، الحديثَ؟
_________
(1) الحديث رواه النسائي في "الكبرى" (9163) من طريق محمد بن أبي عتيق، وموسى بن عقبة، كلاهما عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَن عائشة، به.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (17942) عن معمر، عن الزهري، به كذلك.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (812) ، وأحمد في "المسند" (6/232 رقم 25956) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1481) .
وأخرجه أبو داود في "سننه" (4786) من طريق يزيد ابن زريع، عن معمر.
ورواه هشام بن عروة، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَن عائشة، به. وتكلَّم الأئمة في سماع هشام بن عروة لهذا الحديث من الزهري؛ كما تجده مفصلاً في "الفصل للوصل المدرج في النقل" للخطيب (1/487) .
والحديث رواه مسلم في "صحيحه" (2328) من طريق أبي أسامة وعبدة ووكيع وأبي معاوية، جميعهم عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة، به.
(2) تقدمت هذه المسألة مختصرة برقم (930) ، وقد ذكر فيها أبو حاتم وأبو زرعة أن الوهم من أبي ضمرة، وستأتي برقم (1009) .
(3) هو: إسماعيل. وروايته لم نقف عليها، لكن تقدم تخريج الحديث في المسألة رقم (930) من طرق عن أبي ضمرة.
(4) هو: شُرَحبيل.
(3/407)
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ دَخَلَ لابْنِ أَبِي أُوَيس حديثٌ فِي حَدِيثٍ (1) ، «سلمانُ فِي الرِّباط (2) » : يَرْوِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ مَكْحُول: أنَّ سَلْمَانَ ... فذكَرَ الحديثَ، مُرسَلً (3) .
وحديثُ أَبِي الجَعْد الضَّمْري: هو (4) عن النبيِّ (ص) ؛ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو (5) ، عَنْ عَبِيدَة، عَنْ أَبِي الجَعْد، عَنِ النبيِّ (ص) (6) : مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ مُتَوالِيً (7) ،
طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ ... ، الحديثَ.
_________
(1) كذا ذكر أبو حاتم هنا أن الخطأ من ابن أبي أويس، وفي المسألة المتقدمة برقم (930) ذهب أبو حاتم وأبو زرعة إلى أن الوهم في هذا الحديث من أبي ضمرة أنس ابن عياض؛ وهو الأصوب؛ فإن ابن أبي أويس لم ينفرد برواية هذا الحديث عن أبي ضمرة على هذا الوجه، بل تابعه عليها إسحاق بن موسى الأنصاري، وأبو ثابت المديني كما سيأتي في المسألة رقم (1009) ، وأحمد بن عبدة وهارون بن موسى كما تقدم في المسألة رقم (930) .
(2) أي: حديث «سلمانُ في الرِّباط» .
(3) كذا «مرسلً» بحذف ألف تنوين النصب، وهي لغة ربيعة. انظر الكلام عليها في المسألة رقم (34) .
(4) قوله: «هو» ليس في (ف) .
(5) أي: من طريق محمد بن عمرو، وروايته أخرجها ابن أبي شيبة في"المصنف" (5532) ، وأحمد في "المسند" (3/424 رقم15498) ، وأبو داود (1052) ، والترمذي (500) ، والنسائي (3/88 رقم 1369) ، وابن ماجه (1125) ، وانظر الاختلاف على محمد بن عمرو في هذا الحديث في "علل الدارقطني" (8/20 رقم 1384) .
(6) من قوله: «مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عُبَيْدَةَ ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) .
(7) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: متواليًا، أو متواليات، وجاء مكانه في مصادر التخريج: «تهاونًا» ، و «تهاونًا بها» ، و «تهاونًا من غير عذر» ، و «من غير ضرورة» ، وفي "علل الدارقطني": «ولاءً من غير علة» . وما وقع في النسخ يخرَّج على وجهين:
الأوَّل: أن يكون الأصل: متواليً، والمراد: مَن ترك ثلاثَ جُمَعٍ تركًا متواليًا؛ فحذف المصدر «تركًا» - الذي هو مفعولٌ مطلق - وأقام صفتَهُ مُقامَه، وأجراها على لغة ربيعة. وانظر التعليق على لغة ربيعة في المسألة رقم (34) . ويشهدُ لهذا الوجه: روايةُ الدارقطني المشار إليها آنفًا؛ فإنها بمعنى الرواية التي وقعت عندنا.
والثاني: أن يكون بفتح اللام «متوالًى» ؛ على أن يكون مصدرًا ميميًّا؛ بمعنى: التوالي والولاء، وهذا المصدر هنا جاء بمعنى اسم الفاعل «متوالِيَات» على قاعدة وقوع المصدر موقع المشتقِّ، وهو على ذلك منصوبٌ حالاً، أو صفةً لـ «ثلاث» ، أو مجرورٌ صفةً لـ «جُمَعٍ» ، والتقدير - في الأعاريب الثلاثة -: «مَن تَرَك ثلاثَ جُمَعٍ متوالياتٍ» . ويؤيِّده: روايةُ الحديث بهذا اللفظ في "مسند الطيالسي" (2557) ، و"الكامل" لابن عدي (7/54) ، و"التمهيد" لابن عبد البر (16/242) . وفي الطبعات السابقة لكتابنا هذا غُيِّرَتْ هذه الكلمة إلى «متوالية» دون اعتماد على أصل يُعْرَفُ، أو رواية يركنُ إليها، والله أعلم. وانظر في معنى الحديث: "فيض القدير" (6/102) ، و"شرح السيوطي لسنن النسائي" (3/88) .
(3/408)
970- وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بِشْر ابن المُفَضَّل (2) ، عن عبد الرحمن بْن إِسْحَاقَ، عَن الزُّهْري، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ (3) ، عَنْ مَرْوَانَ ابن الْحَكَمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ أخبره: أنَّ رسولَ الله (ص) أملى عليَّ: {لاَ ... } (4) . فَجَاءَ ابنُ أُمِّ مَكْتُوم وَهُوَ يُمليها عليَّ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، لَوْ أستطيعُ الجهادَ لجاهدتُّ، فأنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {غَيْرُ ... } ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ (5) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْري، عَنْ
_________
(1) انظر المسألة رقم (992) .
(2) روايته أخرجها النسائي في "سننه" (3099) ، والطبري في "التفسير" (9/90) .
(3) في (ت) : «سهل بن ربيعة بن سعد» .
(4) الآية (95) من سورة النساء.
(5) هو: عبد الله. وروايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (5/146 رقم4899) .
ورواه عبد الرزاق في "تفسيره" (1/169) عن معمر، به. ومن طريق عبد الرزاق: أخرجه أحمد في "المسند" (5/184 رقم 21601) ، وابن حبان في "صحيحه" (4713) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/1043 رقم 5846) .
(3/409)
قَبِيصَة بْنِ ذُؤَيب، عَنْ زَيْدِ بن ثابت، عن النبيِّ (ص) .
قِيلَ لأَبِي: أيُّهما أشبهُ؟
قَالَ: قد تابع عبدَالرحمن بنَ إسحاق صالحُ ابنُ كَيْسان (1) عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وتابَعَ مَعْمَرً (2) بعضُ الشَّامِيِّينَ، عَنِ الزُّهْري، ومَعْمَرٌ كَانَ ألزمَ للزُّهْري.
971 - وسألتُ (3) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ خالدُ بْنُ عبد الرحمن، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صالِح التَّمَّار المَديني (4) ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن
_________
(1) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (5/184 رقم 21602) ، والبخاري في "صحيحه" (2832) ، والترمذي (3033) ، والنسائي (3100) .
(2) كذا في جميع النسخ، بحذف ألف تنوين النصب من «معمر» على لغة ربيعة، انظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(3) انظر المسألة الآتية برقم (2614) .
(4) روايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (3/426) ، = = وعبد بن حميد في "مسنده" (149) كلاهما من طريق خالد بن مخلد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صالِح التمار، عن سعد ابن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عن أبيه، به.
وأخرجه البزار في "مسنده" (1091) ، والدورقي في "مسند سعد" (20) ، والنسائي في "الكبرى" (8223) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/216) أربعتهم من طريق عبد الملك بن عمرو أبي عامر العقدي، وعن محمد بن صالح التمار، به. وأخرجه البيهقي في "سننه" (9/63) من طريق إسحاق بن محمد الفروي وإسماعيل ابن أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صالح التمار، به.
(3/410)
عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ؛ قَالَ (1) : أَتَى سعدٌ (2) رسولَ الله (ص) يَوْمَ حَكَمَ فِي بَنِي قُريظَة، فحَكَم فِيهِمْ أَنْ يُقتَلَ كلُّ مَنْ مرَّ عَلَيْهِ (3) المُوسى، فَقَالَ رسولُ الله (ص) : لَقَدْ حَكَمَ فِيكُمُ اليَوْمَ بِحُكْمِ اللهِ الَّذي حَكَمَ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَات ٍ. ثُمَّ أُتِيَ فَقِيلَ: هَذَا سعدٌ قَدْ صَارَ إِلَى المسجِد، فَقَالَ النبيُّ (ص) : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ.
وَكَانَ اشتَكى، فنقلَهُ النبيُّ (ص) إلى المسجِد (4) ، فكان يُمَرِّضه فِيهِ، فأُتِيَ يَوْمًا حِينَ صلَّى الغَداة، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ ماتَ سعدٌ، فاستَرجَعَ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ (5) نَزَلَ اليَوْمَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لِيَشْهَدُوهُ، وَاسْتَبْشَرَ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ... ، فذكر الحديثَ بطوله؟
قَالَ أَبِي: كلامُ الأوَّلِ (6) ؛ قولُهُ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ (7) : رَوَاهُ شُعْبَةُ (8) ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمامَة بْن سهل بْن حُنَيف، عَنْ أبي سعيد، عن النبيِّ (ص) ؛ وهو أشبهُ.
_________
(1) كذا في جميع النسخ، وتقدم في التخريج أن الحديث من رواية عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سعد بن أبي وقاص.
(2) هو: سعد بن معاذ ح.
(3) في (أ) و (ش) : «على» .
(4) قوله: «إلى المسجد» سقط من (أ) و (ش) و (ف) .
(5) قوله: «لقد» سقط من (ك) .
(6) كذا في جميع النسخ، وهو من إضافة الشي إلى نفسه مع اختلاف اللفظين، أو مِنْ إضافة الموصوف إلى صفته، والمراد: الكلامُ الأوَّلُ. انظر التعليق على هذا في المسألة رقم (505) ، وانظر مثل ذلك في المسألة رقم (897) و (954) .
(7) يعني: من أول الحديث إلى قوله: «قوموا إلى سيِّدكم» .
(8) روايته أخرجها البخاري (3043) ، ومسلم (1768) .
(3/411)
وذاك (1) خطأٌ، ومحمدُ بْنُ صَالِحٍ شيخٌ لا يُعجِبني حديثُه (2) .
972 - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ (3) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَمرو بن ثابت (4) ، عن عبد الله بن محمد ابن عَقيل، عن عبد الله بْن سهل بْن حُنَيف، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيف (5) : أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ: مَنْ أَعَانَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ
_________
(1) في (ت) و (ك) : «وذلك» .
ويعني بقوله: «وذاك» : آخر الحديث؛ من قوله: «وكان اشتكى» .
(2) قال البزار في الموضع السابق: «وهذا الحديث قد روي عن النبي (ص) من غير وجه، وأعلى من روى ذلك عن النبي (ص) سعد، ولا نعلم له عن سعد طريقًا إلا هذا الطريقَ إلا حديثًا رواه عياض بن عبد الرحمن بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ جدِّه، ولم يُتابَع عليه» .
وذكر البخاري في "التاريخ الكبير" (4/291) حديث محمد بن صالح التمار هذا ثم قال: «وخالفه شعبة، عن سعد، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سهل، عن أبي سعد، عن النبي (ص) ، وهذا أصحُّ» . وقال الدارقطني في "الأفراد" (56/ب/أطراف الغرائب) : «تفرد به محمد ابن صالح التمار، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَن عامر» .
وقال في "العلل" (573) : «يرويه سعد بن إبراهيم واختُلِف عنه، فرواه صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّمين أبو معاوية، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَن أبيه، عن جده، ووهم فيه. ورواه محمد ابن صَالِحٍ التَّمَّارُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أبيه، ووهم فيه أيضًا، والصواب ما رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ حنيف، عن أبي سعيد الخدري» .
وقال ابن حجر في "فتح الباري" (7/412) : «ورواية شعبة أصحُّ، ويحتمل أن يكون لسعد بن إبراهيم فيه إسنادان» . اهـ. وهذا الاحتمالُ مُنتَفٍ بعد حكم أبي حاتم والبخاريِّ والدارقطنيِّ على رواية محمد بن صالح التمار بالخطأ.
(3) في (ف) : «وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثِ زُرْعَةَ» ، وضرب الناسخ على قوله: «عن حديث» ، ولم يصوِّب قوله: «أبي» ؛ فكأنَّه توهم أنَّ السؤال موجَّه إلى أبي حاتم.
(4) روايته أخرجها ابن أبي عاصم في كتاب "الجهاد" (93) ، والطبراني في "الكبير" (6/86 رقم5591) ، والحاكم في "المستدرك" (2/217) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/320) .
(5) قوله: «عن سهل بن حنيف» سقط من (ف) .
(3/412)
اللهِ، أَوْ غَارِمًا (1) فِي عُسْرَتِهِ، أَوْ مُكَاتِبًا (2) فِي رَقَبَتِهِ؛ أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ (3) يَوْمَ لاَ ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ.
وَرَوَاهُ يوسفُ بن عدي، عن عُبَيدالله بن عمرو، عن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقيل، عَنْ سَهْلِ بْنِ (4) حُنَيف، عَنِ النبيِّ (ص) .
قلتُ لأَبِي زُرْعَةَ (5) : أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: الصَّحيحُ: عَنِ ابْنِ عَقيل، عن عبد الله ابن سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ.
وَقَدْ حدَّثني عَمْرو بن قُسَيط (6) ، عن عُبَيدالله بْنُ عَمْرٍو (7) ، عَنِ ابْنِ عَقيل، عَنِ (8) ابْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) .
وكذا رَوَاهُ زهيرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (9) ، عَنْ ابْنِ عَقيل، عَنِ ابْنِ سَهْلٍ، عن أبيه.
_________
(1) في (ك) : «غازيًا» ، وفي (ش) يشبه أن تكون كذلك.
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «مكاتب» .
(3) في (ك) : «أظله في ظله» .
(4) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(5) قوله: «زرعة» سقط من (أ) و (ش) و (ف) .
(6) القائل: «وَقَدْ حدَّثني عَمْرُو بْنُ قُسَيْطٍ» هو أبو زرعة؛ فإنَّ عمرًا هذا من شيوخه، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين ومئتَيْن قبل ولادة ابن أبي حاتم.
(7) أخرج هذا الطريق الإمام أحمد في "المسند" (3/487 رقم 15986) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (471) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3818) ، أما الإمام أحمد وعبد بن حميد فمن طريق زكريا بن عدي، وأما الطحاوي فمن طريق علي بن معبد، كلاهما عن عبيد الله بن عمرو، به.
(8) من قوله: «وقد حدثني عمرو ... » إلى هنا مكرر في (ك) .
(9) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (19547) ، وأحمد في "المسند" (3/487 رقم 15987) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (94) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3819) ، والطبراني في "الكبير" (5590) .
(3/413)
973 - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ حدَّثناه عَنْ يَحْيَى بْنِ دَاوُدَ بْنِ مَيْمون الواسِطي، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرير (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَيمونة (2) ، عن عَطاء ابن يَزِيدَ اللَّيْثي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : مَنْ خَرَجَ غَازِيًا فَمَاتَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ الغَازِي إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الرحمن بْنُ أَبِي حاتِم؛ قَالَ (3) : حدَّثنا (4) أَبُو زُرْعَةَ أَيْضًا؛ قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ الهَمْداني؛ قَالَ: حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَيمون بْنِ أبي جَبَلة، عن عَطاء ابن يَزِيدَ اللَّيْثي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : مَنْ خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبيلِ اللهِ، ثُمَّ مَاتَ؛ كَتَبَ اللهُ لَهُ (5) أَجْرَ المُجَاهِدِ إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ؟
_________
(1) هو: محمد بن خازم.
وروايته أخرجها أبو يعلى في "مسنده" (6357) ، وفي "معجمه" (101) ، والطبراني في "الأوسط" (5321) كلاهما من طريق إبراهيم بن زياد سبلان، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3806) من طريق الحسين بن عبد الأول، كلاهما عن أبي معاوية، به.
(2) هو: جَميل بن أبي ميمونة.
(3) من قوله: «أخبرنا أبو محمد ... » إلى هنا من (ت) و (ك) فقط.
(4) في (أ) و (ش) و (ف) : «وحدثنا» بالواو.
(5) قوله: «له» سقط من (ك) .
(3/414)
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: اللَّهُ أعلمُ (1) !
974 - وسألتُ (2) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ أَبُو عَاصِم (3) ، عَنِ ابْنِ (4) عَجْلان (5) ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: جاء (6) رجلٌ إلى النبيِّ (ص) ؛ قال (7) : أرأيتَ إنْ قاتلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلاً غَير مُدْبِر، كفَّر اللَّهُ عَنِّي سيِّئاتي؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ سكتَ سَاعَةً، فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا؟ ، قَالَ: نَعَمْ، إلاَّ الدَّيْنَ؛
_________
(1) الذي يظهر أن قول مَن قال: «جميل بن أبي ميمونة» أرجحُ من قول مَن قال: «ميمون بن أبي جبلة» ؛ لأن من رواه عن أبي معاوية على هذا الوجه أكثر عددًا، وهم: يحيى بن داود، وإبراهيم بن زياد، والحسين بن عبد الأول، وأما الوجه الآخر فلم نجد له ذكرًا إلا من طريق محمد بن العلاء عند المصنف هنا، والله أعلم.
قال الطبراني في الموضع السابق: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ عطاء بن يزيد الليثي إلا جميلُ بن أبي ميمونة، ولا عن جميل إلا محمد بن إسحاق، تفرَّد به أبو معاوية» . وقال ابن كثير في "تفسيره" = = (2/346/النساء الآية 100) : «هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه» .
وانظر "نصب الراية" (3/160) ، و"السلسلة الضعيفة" للألباني _ح (745) .
(2) انظر المسألة الآتية برقم (1017) .
(3) هو الضَّحَّاك بن مخلد. وروايته عند النسائي في "المجتبى" (6/33 رقم3155) . وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (12) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، عن محمد بن عجلان، به، وتوبع ابن عجلان - كما سيأتي -، لكن من قبل رواة تُكلِّم في حفظهم.
(4) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(5) هو: محمد.
(6) قوله: «جاء» سقط من (ت) و (ك) .
(7) في (ت) : «فقال» .
(3/415)
سَارَّني بِهِ جِبْريلُ آنِفًا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا وَهَمٌ؛ إِنَّمَا (1) هُوَ كَمَا يَرْوِيهِ اللَّيْث (2) ،
عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُري، عن عبد الله بْنِ أَبِي قَتادة، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) (3) .
975 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ موسى ابن أيُّوب، عن الجَرَّاح ابن مَلِيح، عن أَرْطاة ابن الْمُنْذِرِ، عَنْ عُبادة بْنِ نُسَيّ، عن ابن غَنْم (4) ،
_________
(1) في (ك) : «وإنما» .
(2) هو: ابن سعد. وروايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (1885) ، وأحمد في "المسند" (3/303 رقم 22585) ، والترمذي في "جامعه" (1712) .
قال الترمذي: «وهذا أصح من حديث سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ» . وتابع الليثَ جماعةٌ كما سيأتي.
(3) ذكر الدارقطني في "العلل" (1028) هذا الحديث والاختلاف فيه، وذكر رواية الإمام مالك، وسفيان الثوري، وابن جريج، وغيرهم، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أبيه، ثم قال: «ورواه الليث بن سعد وابن أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قتادة، عن أبيه. ورواه عباد بن إسحاق - وهو عبد الرحمن بن إسحاق - ومحمد بْنُ عَجْلانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرة، ووَهِما فيه ... والقول قول من رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن المقبري، عَنِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أبيه، بمتابعة الليث وابن أبي ذئب، عن المقبري على ذلك» .
وذكره أيضًا في موضع آخر (1464) فقال: «يرويه سعيد المقبري، واختُلِف عنه: فرواه ابن عجلان، وعباد بن إسحاق، وأبو صخر حميد بن زياد، وأبو مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أبي هريرة ... » ، ثم ذكر رواية من رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأنصاري، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أبيه، ثم قال: «وكذلك رواه الليث بن سعد وابن أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قتادة، عن أبيه، وهو الصَّواب» . اهـ.
(4) هو: عبد الرحمن.
(3/416)
عَن معاذ بْن جبل، عَنِ النبيِّ (ص) قال: مَنْ بَلَّغَ كِتَابَ غَازٍي (1) فِي سَبيلِ اللهِ إِلَى أَهْلِهِ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَأعْطَاهُ اللهُ (2) كِتَابَهُ بِيَمينِهِ، وكَتَبَ لَهُ بَراءَةً مِنَ النَّارِ. وَمَنْ أَطْعَمَ (3) ثَلاثَةً مِنَ الغُزَاةِ فِي سَبيلِ اللهِ، أَوْ سَقَاهُمْ؛ أَطْعَمَهُ اللهُ ... ، وذكَرَ الحديثَ (4) ؟
قَالَ (5) أَبِي: هَذَا شِبهُ (6) الْمَوْضُوعِ، يُشْبِهُ حديثَ مُحَمَّدِ بْنِ سعيد
_________
(1) كذا في جميع النسخ، ولغةُ جمهور العرب: «غازٍ» بحذف الياء، وهو الجادَّة، وجاء في "شعب الإيمان" بلفظ: «كتاب الغازي» ، لكنَّ ما وقع في النسخ صحيحٌ أيضًا في العربية؛ فإنَّ إثباتَ ياء الاسم المنقوص المنوَّن في حالتي الرفع والجر: جارٍ على لغة صحيحة وعليها وردتْ قراءة ابن كثير. انظر التعليق على ذلك في المسألة رقم (146) .
(2) لفظ الجلالة من (ف) فقط.
(3) قوله: «أطعم» سقط من (ك) .
(4) الحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (3974) من طريق زكريا بن دلويه، عن أحمد بن حرب، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي فديك، عن الخليل بن عبد الله، عن مكحول، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ، به.
قال البيهقي: «والخليل بن عبد الله هذا مجهول، ومتن الحديث منكر» .
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (676 و2490) من طريق شيخه أحمد بن عبد الله بن زياد، عن يزيد بن قبيس، عَنِ الجرَّاح بْنِ مَلِيحٍ، عَنْ أرطاة بن المنذر = = وإبراهيم بن ذي حماية، عن عبد الرحمن بن غنم، عن ابن عمرو، عَن معاذ بْن جبل، عَنِ رسول الله (ص) قال: «من أَطْعَمَ ثَلاثَةً مِنَ الْغُزَاةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ سَقَاهُمْ؛ أَطْعَمَهُ الله من ثلاث جنان: من جنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، مع إبراهيم وموسى _ث» .
كذا رواه بزيادة «ابن عمرو» في إسناده، وإسقاط «عبادة ابن نسي» .
(5) في (ت) و (ك) : «فقال» .
(6) في (ش) : «أشبه» ، وفي (ت) و (ك) : «يشبه» .
(3/417)
الأَزْدي (1) أخذَه عَنْهُ، يُشْبِهُ أنْ وقعَ عليه (2) ، وأَرطاةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُبادة بْنِ نُسَيٍّ شَيْئًا.
976 - وسألتُ أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (3) ، عَنْ بَحِير (4) بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عَنْ كَثير بْنِ مُرَّة، عَنْ نُعَيم بن هَمَّار، عن النبيِّ (ص) قَالَ: لِلشَّهِيدِ (5) عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ ... ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ بَقِيَّة (6) ، عَنْ بَحِير (7) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عَنِ المِقْدام، عَنِ النبيِّ (ص) .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما الصَّحيحُ؟
فَقَالَ: كَانَ ابنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: إِذَا اختَلَف بَقِيَّةُ وإسماعيلُ، فبَقِيَّةُ أحبُّ إليَّ.
_________
(1) في (ت) و (ك) : «الأردني» .
وذكر الذهبي في "الميزان" (7595) محمد بن سعيد، وقال: «لعلَّه الصواب» ، فتعقَّبه الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (5/175-176) بقوله: وهو هو، فقد ذكر عبد الغني أن آخر ما غُيِّر به اسم المصلوب: محمد بن سعيد الأزدي. والظَّاهر أن قول الذهبي: «الأزدي» تصحيفٌ، ثم وجدت في "كامل ابن عدي" أن المصلوب قيل فيه: الأسْدي، فكأنها ساكنة السين، ويقال في ذلك بالزَّاي، والله أعلم. اهـ.
(2) في (ش) : «عنه» ، وفي (ت) : «إليه» .
(3) اختُلِف على إسماعيل هذا اختلافًا كثيرًا كما سيأتي.
(4) في (أ) و (ت) : «بجير» .
(5) في (ك) : «الشهيد» .
(6) هو: ابن الوليد. وروايته أخرجها الترمذي في "جامعه" (1663) وقال: «هذا حديث صحيح غريب» . وتابعه على هذا الوجه أيضًا إسماعيل بن عياش في بعض الروايات عنه كما سيأتي.
(7) في (ت) و (ك) : «عن يحيى» .
(3/418)
قلتُ: فأيُّهما أشبهُ عِنْدَكَ؟
قَالَ: بَقِيَّة أحبُّ إِلَيْنَا مِنْ (1) إِسْمَاعِيلَ؛ فأما الحديثُ فلا يُضبَطُ أيُّهما (2) الصَّحيحُ (3) .
_________
(1) قوله: «من» ليس في (ف) .
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «أيها» .
(3) كذا قال! وهذا يدل على أنه لم يطلع على رواية إسماعيل بن عياش الموافقة لرواية بقية. فالحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9559) عن شيخه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِب، عَنِ النبي (ص) ، به هكذا مثل رواية بقية بن الوليد.
وهكذا رواه الإمام أحمد في"المسند" (4/131 رقم17182) من طريق إسحاق بن عيسى والحكم بن نافع، وابن ماجه في "سننه" (2799) من طريق هشام ابن عمار، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (204 و206) من طريق عبد الوهاب بن نجدة وإسحاق بن إدريس، والطبراني في "الكبير" (20/266 رقم 629) ، و"مسند الشاميين" (1120) من طريق عبد الرزاق وعبد الوهاب بن نجدة، جميعهم عن إسماعيل بن عياش، به مثل رواية بقية.
ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2563) عن شيخه إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كثير بن مرة، عن عبادة، به مرفوعًا.
وهكذا أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4/131 رقم17183) عن الحكم بن نافع، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (207) من طريق إسحاق بن إدريس، كلاهما عن إسماعيل، به مثل رواية سعيد بن منصور.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (205) من طريق عبد الوهاب بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلامٍ، عَنْ أَبِي معانق، عن أبي مالك، به مرفوعًا.
وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1163) من طريق الحكم بن نافع، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ بحير، عن خالد، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عقبة بن عامر، به موقوفًا. فهذه أربعة أوجه من الاختلاف على إسماعيل، والخامس ما ذكره ابن أبي حاتم. ومن الواضح أن معظم هذا الاختلاف من إسماعيل نفسه؛ لكثرة الذين يروونه على ذلك الوجه، ولكون بعضهم يروي عنه بعض الأوجه الأخرى؛ كالحكم بن نافع، = = وعبد الوهاب بن نجدة الحوطي، وإسحاق بن إدريس. فإما أن يكون إسماعيل كان يضطرب في هذا الحديث، فتكون روايته الموافقة لرواية بقية هي الراجحة، أو يكون له في هذا الحديث أكثر من وجه، ولا يلزم من ذلك ثبوت جميع الوجوه المذكورة عنه، أو عمَّن دونه، والله أعلم.
(3/419)
977 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليدُ ابن مُسْلِمٍ (1) ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلي (2) ، عَنْ عِكرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن شَيْبة بن عثمان ابن شَيْبة بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ؛ قَالَ: لمَّا رأيتُ النبيَّ (ص) (3) ، ذكرتُ يَوْمَ بَدْرٍ وَمَا قلتُ: أَنَّى أُدرِكُ ثَأْرِي مِنْ مُحَمَّدٍ؟! (4)
قَالَ أَبِي: هَذَا غَلَطٌ؛ إِنَّمَا حدَّثونا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ (5) ، عَنْ أبي
_________
(1) روايته أخرجها البيهقي في "دلائل النبوة" (5/145) عنه؛ قال: حدثنا عبد الله بن الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عن عكرمة مولى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ شَيْبَةَ بْنِ عثمان؛ قال: ... فذكره هكذا بزيادة ابن المبارك بين الوليد والهذلي، وإسقاط ابن عباس من سنده، كما رجَّح أبو حاتم. والحديث معروف من رواية ابن المبارك، فالظاهر أنه سقط من النسخ. والله أعلم.
(2) قيل: اسمه سُلمى بن عبد الله بن سُلمى، وقيل: اسمه رَوْح.
(3) يعني: يوم حنين.
(4) وردت العبارة في مصادر التخريج أوضحَ مما هنا: «اليومَ أدرك ثأري من محمد» ؛ ولكنْ لعلَّ وجه العبارة عندنا: «أنَّى أدركُ ثَأْرِي مِنْ مُحَمَّدٍ؟!» ، أي: متى أُدْرِكه؟! ويكون شيبة بن عثمان قد قال هذا في فتح مكة لا في غزوة حنين؛ ويشهد لهذا قوله -كما في "أعلام النبوة" للماوردي (ص163) -: « ... فلما فَتَحَ الله تعالى مكَّةَ يَئِسْتُ ممَّا كنتُ أتمنَّاه مِنْ قتله، وقلتُ في نفسي: قد دخلتِ العرب في دينه، فمتى أدركُ ثأري مِنْهُ؟! فلما اجتمعَتْ هوازن بحنين، قصدتُّهُمْ لأجد منه غِرَّةً ... إلخ» ، والله أعلم.
(5) هو: عبد الله. وروايته أخرجها الفاكهي في "أخبار مكة" (2897) من طريق عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، والطبراني في "الكبير" (7/298 رقم7192) من طريق ابن الأصبهاني، والأصبهاني في "دلائل النبوة" (ص182) من طريق عبد الله بن محمد الكرماني، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي بكر الهُذَلي، عن عكرمة؛ قال: قال شيبة بن عثمان: لما غزا النبي (ص) حُنَين، تذكرتُ أبي وعمِّي، قتلهما عليٌّ وحمزة، فقلت: اليوم أُدرك ثأري من محمد ... ، فذكر الحديث بطوله.
(3/420)
بَكْر الهُذَلي، عَنْ عِكرمَة، عَنِ شَيْبة بْنِ عُثْمَانَ الحَجَبي، لَيْسَ فِيهِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، والوليدُ عِنْدِي كثيرُ الغَلَط.
978 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه الوليدُ ابن مُسْلِمٍ، عَنْ شَيبان (1) ، عَنْ عليِّ بن عبد الله ابن عباس: أنَّ النبيَّ قَالَ: يُمْنُ الخَيْلِ فِي شُقْرِهَا (2) ؟
قَالَ أَبِي: رَوَى زَيْدُ بْنُ الحُبَاب (3) ، عن عبد الصَّمد بن عليِّ بن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ (4) ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جده، عن النبيِّ (ص) .
وَرَوَاهُ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَرُوذِي (5) ،
عَنْ شَيبان، عَنْ سُلَيمان بْنِ عليِّ بن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جدِّه، عن النبيِّ (ص) .
_________
(1) هو: ابن عبد الرحمن النَّحوي.
(2) أي: بركتها في الأحمر الصَّافي منها. انظر "فيض القدير" للمناوي (6/248) . والأشقر من الدَّواب: الأحمر؛ كما في "لسان العرب" (4/421) .
(3) في (أ) و (ف) : «الخباب» .
(4) ذكر ابن حجر في "لسان الميزان" (1/416) أن الأزدي روى لإسماعيل بن عبد الله - وهو متروك - عن علي بن سيَّار، عن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس رفعه: «الخيلُ في نواصي شُقْرها الخير» .
(5) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (1/272 رقم 2454) ، وأبو داود في "سننه" (2545) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (11/148) ، وفي "الموضح" (2/168) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/330) ، لكن وقع عندهم: عن حسين، عن شيبان، عن عيسى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه، فذكره.
وقد توبع حسين بن محمد في روايته على هذا الوجه: فرواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (2722) عن شيبان، به.
وأخرجه الترمذي في "جامعه" (1695) ، وفي العلل الكبير" (509) من طريق يزيد بن هارون، والطبراني في "الكبير" (10/10677) من طريق فرج بن يحيى، كلاهما عن شيبان، به. قال الترمذي في "الجامع": «هذا حديث حسن غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث شيبان» . وقال في "العلل الكبير": «سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: إنهم ليدخلون بين شيبان وبين عيسى بن علي في هذا الحديث رجلاً» .
= ... ونقل الخطيب في "تاريخ بغداد" (11/148) عن ابن معين أنه سئل عن عيسى بن علي؟ فقال: ليس به بأس، كان له مذهب جميل، معتزلاً للسلطان، روى هذا الحديث وهو غريب، عن أبيه، عن جده» .
(3/421)
قلتُ لأَبِي: أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: حديثُ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ صحيحٌ، وحديثُ زَيْدِ بْنِ حُباب (1) صحيحٌ؛ كان سُلَيمان وعبد الصَّمَد أخوَيْنِ، وَقَدْ روَيا هَذَا الحديثَ جميعًا - مُوَصَّلً (2) - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه. وَالَّذِي أَرَى: أَنَّ الوليدَ بْنَ مُسْلِمٍ تَرَكَ سُلَيمان مِنَ الإِسْنَادِ عَلَى العَمْد؛ لأَنَّ سُلَيمان أسرفَ فِي الْقَتْلِ والنِّكايَة فِيهِمْ، فَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يكونَ ذِكْرُه فِي الْحَدِيثِ.
قلتُ: سُلَيمان بْنُ عليٍّ كَانَ بالشَّام؟
قَالَ: لا، كَانَ بِالْبَصْرَةِ. وَكَانَ بالشَّام صالحُ بْنُ عليٍّ، وعبدُالله بن عليٍّ.
_________
(1) في (أ) : «خباب» .
(2) كذا، بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
وقوله: «موصَّل» هو بتثقيل الصاد مِنْ «وَصَّلَ الحديثَ» بمعنى وصَلَهُ. انظر التعليق على ذلك في المسألة رقم (163) .
(3/422)
979 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشير، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَد، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنِ النُّعْمان بن مُقَرِّن، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَعَثَ جُيوشَهُ (3) ... ؟
قَالَ أَبِي: قَدْ دخلَ لَهُ إسنادٌ فِي إِسْنَادٍ؛ إِنَّمَا هُوَ: عَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَد (4) ، عَنِ ابْنِ بُرَيدة (5) ، عَنْ أَبِيهِ (6) ، عَنِ (7) النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كَانَ إِذَا (8) بَعَثَ جُيوشَهُ ... .
قَالَ عَلْقَمَة: فحدَّثتُ بِهِ مُقاتِلَ بْنَ حَيَّان، فحدَّثني عَنْ مُسْلِمِ بن هَيْصَم (9) ، عن النُّعْمان ابن مُقَرِّن، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كَانَ إِذَا بعثَ جُيوشَهُ ... الحديثَ.
_________
(1) انظر المسألة رقم (960) و (999/أ) و (1949) .
(2) هو: مرثد الحضرمي.
(3) لفظ الحديث: «كان رسول الله (ص) إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصَّته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «اغزوا باسم الله، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كفر بالله ... » ، الحديث بطوله. رواه مسلم (1731) .
(4) روايته بهذا الوجه أخرجها مسلم في "صحيحه" كما سبق، وأحمد في "المسند" (5/352 و358 رقم 22978 و23030) ، ولم يذكر أحمد رواية علقمة، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ.
(5) هو: سليمان.
(6) هو: بريدة بن الحصيب الأسلمي.
(7) في (ت) و (ك) : «أن» بدل: «عن» .
(8) في (أ) و (ش) : «أنه إذا كان» .
(9) في (أ) و (ش) و (ف) : «هيضم» .
(3/423)
980 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ شَيبان (1) ، وَمُوسَى بنُ خَلَف العَمِّي، وحَرْبُ (2) بنُ شَدَّاد (3) ، عَنْ يَحْيَى (4) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى المَهْري، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري، عَنِ النبيِّ (ص) : أَنَّهُ بعثَ رجُلَين مِنْ بَنِي لِحْيان فِي بَعْثٍ، وَقَالَ: الأَجْرُ بَيْنَكُمَا.
وَرَوَاهُ الهِقْل (5) ، عَنِ الأوزاعيِّ (6) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: أنَّ النبيَّ (ص) بَعَثَ ... .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: جَمِيعًا صَحِيحَينِ (7) ؛ هَذَا قَصَّر، وَأُولَئِكَ جَوَّدوا.
قلتُ: فَهُوَ محفوظٌ؟
_________
(1) هو: ابن عبد الرحمن النَّحْوي. وروايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (1896) .
(2) في (ت) : «حزب» .
(3) روايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (2318) ، وأحمد (3/49 رقم11461) .
(4) هو ابن أبي كثير.
(5) هو: ابن زياد.
وتابعه الوليد بن مسلم في روايته عن الأوزاعي، ولكنه خالفه. فأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" (4/480) ، وابن حبان في "صحيحه" (4729) ، كلاهما عن الوليد، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عن أبي سعيد الخدري، به مرفوعًا وموصولاً هكذا كبقية الروايات.
(6) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(7) كذا، والجادَّة: «قال: جميعًا صحيحان» ، والتقدير: هما جميعًا صحيحان، غير أن ما وقع في النسخ صحيحٌ في العربية، وقد ذكرنا في تخريجه وجهَيْنِ في التعليق على المسألة رقم (25) .
(3/424)
قَالَ: نَعَمْ (1) .
981 - وسمعتُ (2) أَبِي وحدَّثنا عن هلال ابن الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهاب، عَنْ عليِّ بنِ حُسين (4) - وَهِشَامِ ِ بنِ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ-: أنَّ رسولَ الله (ص) التَقَى هُوَ والمشركونَ (5) بِبَدرٍ صَبيحةَ يَوْمِ الجُمُعَة، لسبعَ عَشْرةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ تَتَامَّ الوَحْيُ إلى رسول الله (ص) ، وَمَضَى مُصَدِّقًا لِمَا جَاءَ بِهِ، قد قَبِلَه بقَبوله (6) ، وتحَمَّل مَا حُمِّلَ عَلَى رِضا العباد وسَخَطِهِم. وللنُّبُوَّة أَثقالٌ ومَؤونةٌ؛ لا يستطيعُ (7) لَهَا إِلا أهلُ القُوَّة والعَزْم ِ مِنَ الرُّسُل، بعَوْنِ اللَّهِ وقُوَّته؛ لِمَا يَلْقَوْنَ مِنَ النَّاس، ومِن (8) رَدِّهم عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَبِي: الحديثُ عن (9) محمد بن إسحاق؛ قد (10) أُسقِطَ محمدُ بْنُ إِسْحَاقَ مِنَ الوَسَط. قولُهُ (11) : «ثُمَّ تَتَامَّ الوَحْيُ» : مِنْ كلام ابن
_________
(1) أخرج الحديث أيضًا مسلم (1896) ، وأحمد (3/34 و91 رقم 11301 و11867) من طريق علي بن المبارك وحسين المعلِّم، كلاهما عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، به موصولاً.
(2) في (ف) : «وسألت» .
(3) هو: العلاء بن هلال الباهلي.
(4) كذا في جميع النسخ! ولعل صوابه: «محمد بن علي ابن حسين» كما سيأتي في التعليق على آخر المسألة، ولا ندري: أهو من علَّة هذه الرواية التي لم نجد من أخرجها، أم هو سَقطٌ وقع في الأصول؟!
(5) في (أ) و (ش) : «والمشركين» ، وهو مفعولٌ معه، أي: التقى هو مع المشركين.
(6) في (ت) و (ك) : «بقوله» .
(7) في (ك) : «لا تستطيع» .
(8) في (ت) و (ك) : «فمن» .
(9) في (ك) : «من» .
(10) في (أ) و (ش) : «وقد» .
(11) أي: وقولُه.
(3/425)
إِسْحَاقَ (1) .
982 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه حُسَين ابن واقد، عن ثابت (2) ، عن (3) عبد الله بْنِ مُغَفَّل (4) : أنَّ نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَانَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ، فمَرَّ بهم جيشٌ لرسول الله (ص) ، فأخذوا جيشَ رسول الله (ص) (5) ... الحديثَ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة، عَنْ ثَابِتٍ: أنَّ جيشًا لرسول الله (ص) ؛ ولم يذكُرْ عبدَالله بْنَ مُغَفَّل (6) .
قَالَ أَبِي: حمَّادٌ أعلمُ بِحَدِيثِ ثَابِتٍ، مِنْ حُسَين.
983- وسألتُ (7) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَهْلُ بن عثمان، عن
_________
(1) الخبر في القطعة الموجودة من "السير والمغازي" لابن إسحاق رقم (149) من رواية أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ ابن إسحاق؛ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بن علي بن الحسين: أن رسولَ الله (ص) التقى هو والمشركونَ يوم بدر صبيحةَ الجمعة، لسبعَ عشرةَ من شهر رمضان.
وفي رقم (153) قال أحمد بن عبد الجبار: «نا يونس، عن ابن إسحاق، قال: تَتَامَّ الْوَحْيُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) وهو مؤمنٌ بالله، ومصدِّقٌ لما جاءه، قد تقبَّله بقول، وتحمَّل منه ما حمَّله الله عَلَى رِضَا الْعِبَادِ وَسُخْطِهِمْ. وللنُّبوة أثقال ومَؤونة لا يحملها ولا يستطيعها إِلا أَهْلُ القوَّة وَالْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل بعون الله وتوفيقه؛ لِمَا يلقَون من الناس، وما يُرَدُّ عليهم مما جاء به من عند الله تعالى» .
(2) هو: ابن أسلم البُناني.
(3) في (ك) : «ابن» بدل: «عن» .
(4) في (أ) و (ش) و (ك) : «معقل» .
(5) قوله: «فأخذوا جيش رسول الله (ص) » ليس في (أ) و (ش) .
(6) في (ك) : «معقل» .
(7) ذكر ابن الملقن هذه المسألة في "البدر المنير" (4/118-119/مخطوط) بتصرف واختصار.
(3/426)
مُوسَى بْنِ صَالِحٍ الهَمْداني الْكُوفِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى (1) ، عَن أَبِيهِ (2) ، عَنْ جَدِّه أَبِي لَيْلَى (3) ، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ فَهُوَ شَهِيدٌ، والغَرِقُ، وَالحَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْم ِ (4) ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ أَدْرَكَهُ المَوْتُ وَهُوَ يَكُدُّ (5) عَلَى عِيَالِهِ مِنْ حَلاَلٍ فَهُوَ شَهِيدٌ.
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، وَمُوسَى بنُ صالحٍ مُنكَرُ الحديث (6) .
_________
(1) هو: عيسى بن عبد الرحمن.
(2) هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى.
(3) هو: الأنصاري؛ قيل: اسمه: بلال، أو بُلَيْل، وقيل غير ذلك.
(4) قوله: «الهدم» يضبط على ثلاثة أوجه: بسكون الدال: «الهَدْم» ، وبفتحها: «الهَدَم» ، وجاء بكسرها: «الهَدِم» ؛ فيقال: «صاحبُ الهَدِمِ» كما في "فيض القدير"!! وآثرنا ضبطها بالسكون اتباعًا لرواية الشيخين لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «الشهداءُ خمسةٌ: المطعونُ، والمبطونُ، والغَرِقُ، وصاحبُ الهَدْم، والشهيدُ في سبيل الله» . البخاري (653) ، ومسلم (1914) .
قال الزرقاني في شرحه لـ"موطأ مالك" (1/385) : «صاحب الهَدْم» بفتح فسكون.
وقال العيني في "عمدة القاري" (5/171) : «صاحب الهَدَم» : الذي يموت تحت الهَدَم. قال ابن الجوزي: بفتح الدال المهملة، وهو اسمُ ما يقع، وأما بتسكين الدال [أي: الهَدْم] : فهو الفعل. والذي يقعُ هو الذي يقتُل، ويجوز أن يُنسَب القتلُ إلى الفعل. وانظر النهاية" لابن الأثير (5/252) ، و"فيض القدير" للمُناوي (4/179) .
(5) الكَدُّ: الشدَّة في العمل، وطلبُ الكسب، وبابه: «رَدَّ» ، وفعلُه لازمٌ ومُتعدٍّ. انظر "مختار الصحاح" (ك د د) ، و"اللسان" (ك د د) (3/377) .
(6) في (ف) : «ضعيف الحديث» .
(3/427)
984 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الْخَلِيلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُلَيمان التَّيمي (1) ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ (2) ، عَنْ عبد الله بن عامر، عن الزُّبَير ابن العَوَّام: أَنَّهُ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ في سبيل الله تعالى يقالُ له: غَمْرَةُ - أو غَمْرٌ (3) - أَنْتَجَتْ (4) مُهْرًا، فَأَرَادَ أَنْ يَشتَرِيَهُ، فنُهِيَ (5) عَنِ اشتِرائِه (6) ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ يَحْيَى القطَّانُ (7) ، عَنِ التَّيْمي، عن أبي عثمان، عن عبد الله بْنِ عَامِرٍ؛ أَنَّ الزُّبَير حَمَل عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
_________
(1) هو: سليمان بن طَرْخان.
(2) هو: النَّهْدي، واسمه: عبد الرحمن بن مُلّ.
(3) الحديث أخرجه ابن ماجه (2393) من طريق يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، به، وفيه: «غَمْر أو غَمْرة» .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/164 رقم 1410) من طريق يزيد بن هارون أيضًا، وفيه عنده: «غَمْرة أو غَمْراء» ، وكذا جاء في رواية الهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده" (50) من طريق يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التيمي.
وأخرجه الهيثم أيضًا برقم (51) من طريق عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النهدي، عن ابن عامر: أن الزبير ... فذكره وليس فيه هذه اللفظة. ومن طريق الإمام أحمد والهيثم أخرجه الضياء في "المختارة" (869 و870 و871) ثم قال: «رواه أحمد بن منيع وإسحاق بن راهويه، كلاهما عن يزيد بن هارون» . والغَمْرُ: هو الفرس الجواد. وفرسٌ غَمْرٌ: جواد كثيرُ العَدْو. "لسان العرب" (5/29) .
(4) في (أ) : «انتخت» .
ومعنى أنتجت هنا: وَلَدَتْ. قال ابن الأثير في "النهاية" (5/12) : «إنما يقال: نَتَج، فأما أَنْتَجَتْ فمعناه: إذا حَمَلَت، أو: حان نِتاجُها. وقيل: هما لغتان» .
(5) في (أ) و (ش) : «فنها» .
(6) في جميع النسخ: «اشتراه» .
(7) هو: يحيى بن سعيد.
(3/428)
قلتُ: فأيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: يَحْيَى أحفَظُ (1) .
985 - وسمعتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ أَبُو عَوانة (2) ، عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيمي (3) ،
عن شيخ ٍ من أهل المدينة؛ أن عبد الله بن أبي أَوْفى
_________
(1) ترجم ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/122) لعبد الله بن عامر بن ربيعة العَدَوي الصَّحابي وذكر هذا الحديث، ثم رجح أن يكون عبد الله بن عامر المذكور في هذا الحديث هو الصحابي فقال: «فيحتمل أن يكون عبد الله بن عامر بن ربيعة هذا» .
وذكر الدارقطني هذا الحديث في "العلل" (542) فقال: «يرويه سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عن عبد الله بن عامر، عن الزبير، قاله يزيد بن زريع وابن المبارك ويزيد بن هارون، عن التيمي. وخالفه عاصم الأحول، فرواه عن أبي عثمان، عن ابن عباس؛ أَنَّ الزُّبَيْرَ حُمِلَ عَلَى فَرَسٍ في سبيل الله. وكذلك قال يحيى القطان عن التيمي؛ بموافقة عاصم. وقيل: عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عثمان، عن عياش؛ أن الزبير» .
= ... ونقل هذا النص الضياء في الموضع السابق من "المختارة" وقال: «عامر» بدل: «عيّاش» .
(2) هو: وضَّاح بن عبد الله اليشكري.
(3) هو: يحيى بن سعيد. وروايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (4/353 رقم 19114) ، وابن صاعد في "مسند عبد الله بن أبي أوفى" (23) من طريق إسماعيل ابن إبراهيم ابن عليَّة.
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (33070) ، وابن صاعد (24) من طريق يعلى بن عبيد، كلاهما عن أبي حيَّان التيمي، قال: سمعت شيخًا بالمدينة يحدِّث: أن عبد الله بن أبي أوفى كتب إلى عبيد الله؛ إذا أراد أن يغزوَ الحَروريَّة، فقلت لكاتبه - وكان لي صديقًا -: انسخه لي، ففَعَل: إن رسول الله (ص) كان يقول ... فذكره، والسياق لأحمد.
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (9515) ، وابن صاعد (26) من طريق الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حيَّان، عَنْ شيخ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي كاتب عبيد الله بن معمر؛ قال: كتب عبد الله بن أبي أوفى إلى عبيد الله بن معمر: إن النبي (ص) قال ... فذكره.
ورواه ابن صاعد (27) من طريق قَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أبي حيان، ثنا شيخ - قال سفيان: أظنه سالمًا أبا النَّضر -؛ قال: ثنا كاتب عبيد الله بن معمر؛ قال: كتبت إلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: متى كان رسول الله (ص) ينهَدُ إلى عدوِّه؟ قال: فذكر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى، عن النبي (ص) ، نحوه.
ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2518) ، وابن صاعد (25) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن أبي حيان، عمَّن حدَّثه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي أوفى قال: قال رسول الله (ص) ... فذكره.
(3/429)
كتب: إنَّ رسولَ الله (ص) كَتَبَ: لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَسَلُوا اللهَ العَافِيةَ، وَإذا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ. وَكَانَ ينتظرُ، حَتَّى إِذَا (1) زالَتِ الشَّمسُ، نَهَدَ (2) إِلَى عَدُوِّه، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، مُجْرِيَ السَّحَابِ، هَزَّامَ (3) الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وانْصُرْنا عَلَيْهِمْ.
قلتُ لأَبِي: مَنْ هَذَا الشَّيخُ مِنْ (4) أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو حَيَّان؟
قَالَ: نَرَى أَنَّهُ أَبُو النَّضْر (5) ؛ رواه موسى ابن عُقْبَة، عن أبي النَّضْر (6) .
_________
(1) قوله: «إذا» سقط من (ك) .
(2) نَهَدَ، أي: نَهَضَ. ونَهَدَ القومُ لعدُوِّهم: إذا صَمَدوا له وشَرعوا في قتاله. "النهاية" (5/134) .
(3) في (ك) : «حزام» .
(4) في (ت) و (ك) : «ومن» .
(5) هو: سالم بن أبي أمية.
(6) في (ف) : «موسى بن عُقْبَة بن النضر» .
والحديث من هذا الوجه رواه البخاري في "صحيحه" (2818) من طريق أبي إسحاق -أي الفزاري- عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله - وكان كاتبه - قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى ذ: إنَّ رسول الله (ص) قال ... فذكره بنحوه.
ورواه مسلم (1742) من طريق ابن جريج، أخبرني مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي النضر، عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب النبي (ص) يقال له: عبد الله بن أبي أوفى، فكتب إلى عمر بن عبيد الله حين سار إلى الحرورية يخبره أن رسول الله (ص) ... فذكره.
(3/430)
986 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بِشْر بْنُ المُفَضَّل (2) ،
عَنْ عُمارَة بْنِ غَزِيَّة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرارَة، عَنْ جابر بن عبد الله؛ قَالَ: خَرَجْنَا معَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِي غَزْوَةِ تَبوك، فَكَانَتْ (3) تُدعى غزوةَ العُسْرَة (4) ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ؛ إِذَا هُوَ بِجَمَاعَةٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ؛ قَالَ: مَا هَذِهِ الجَمَاعَةُ؟ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رجلٌ صامَ فَجَهَده (5) الصَّومُ، قَالَ: لَيْسَ البِرَّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ؟
قَالَ أَبِي: رَوَى هَذَا الحديثَ شُعْبَةُ (6) ، عن محمَّد بن
_________
(1) انظر المسألة رقم (728) .
(2) روايته أخرجها ابن حبان في "صحيحه" (3553) .
والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/352 رقم 14794) ، والنسائي في "سننه" (2257) ، وابن حبان في "صحيحه" (3554) من طريق بكر بن مضر، عن عمارة بن غزية، به.
(3) في (ف) : «وكانت» .
(4) سُمِّيت بذلك؛ لأنه (ص) ندَبَ الناس إلى الغزو في شدَّة القَيْظ، وكان وقتَ إيناع الثَّمرة، وطِيب الظِّلال، فعَسُر ذلك عليهم وشَقَّ. انظر "النهاية" (3/235) .
(5) جَهَدَهُ الصَّومُ، أي: بلغَ منه المَشَقَّة. انظر "المصباح المنير" (ج هـ د ص112) .
(6) روايته على هذا الوجه أخرجها البخاري في "صحيحه" (1946) ، ومسلم (1115) .
(3/431)
عبد الرحمن، عن محمَّد بن عمرو (1) ابن الحسن، عن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ (ص) .
987 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إبراهيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ بِشْر بْنِ المُفضَّل (2) ،
عَنِ ابْنِ عَوْن (3) ، عَنْ عُمَير بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ المِقْدادِ بْنِ الأسْوَد، عَنِ النبيِّ (ص) : أَنَّهُ بعَثَ بَعْثًا، فلمَّا رجعَ قَالَ: كَيْفَ وَجَدتَّ نَفْسَكَ؟ ، قَالَ: مازلتُ حتى ظننتُ أنَّ مَعِيَ (4) خَوَلاً لِي (5) ، وَايْمُ (6) اللَّهِ (7) ! لا أعمَلُ عَلَى رجُلَين مَا دُمْتُ حيًّا؟
_________
(1) في (ك) : «عمر» .
(2) روايته أخرجها النسائي في "الكبرى" (2748) من طريق حميد بن مسعدة، والطبراني في "الكبير" (20/258-259 رقم609) من طريق العباس بن الوليد النَّرسي وصالح بن حاتم بن وردان، والحاكم في "المستدرك" (3/349-350) من طريق العباس بن الوليد أيضًا، ثلاثتهم عن بشر بن المفضل، به.
قال النسائي: «عمير بن إسحاق هذا لا نعلم أن أحدًا روى عنه غيرُ ابن عَوْن» .
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» .
(3) هو: عبد الله بن عَوْن.
(4) في (ت) و (ك) : «أن من معي» .
(5) الخَوَلُ: ما أعطاك اللهُ تعالى من النَّعَم والعَبيد والإماءِ، وغيرهم من الحاشية، للواحدِ والجميع، والمذكَّر والمؤنث، ويقال للواحدِ: خائلٌ. "القاموس المحيط" (خ ول ص996) .
(6) تحرفت في (ك) إلى: «خولاي دايم» .
(7) «ايْمُ اللهِ» : أصلها: ايمُنُ اللهِ، ثم كثر في كلامهم، وخفَّ على ألسنتهم، حتى حذفوا النون. وهو اسمٌ وُضع للقَسَم، وهمزتُه همزة وصل. وهو مرفوعٌ بالابتداء وخبرُه محذوف، والتقدير: «وايم الله قسمي» . انظر "شروح ألفية ابن مالك" (فصل في زيادة همزة الوصل، ضمن باب التصريف) ، وانظر "معجم القواعد العربية" للشيخ عبد الغني الدقر (ص126) .
وقال ابن الأثير: «وايمُ الله» : من ألفاظ القَسَم؛ كقولك: لَعَمْرُ الله، وعَهْد الله، وفيها لغاتٌ كثيرة، وتُفتَح همزتُها وتكسَر، وهمزتُها وصلٌ، وقد تقطعُ، وأهلُ الكوفَة من النُّحاة يزعمون أنها جمعُ يمين، وغيرُهم يقول: هي اسمٌ موضوعٌ للقَسَم. "النهاية" (1/86) .
(3/432)
فَقَالَ (1) أَبِي: كَذَا حدَّثنا إبراهيمُ بْنُ مُوسَى. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ (2) ، عَنْ بِشْر بْنِ المُفضَّل، عَنِ ابْنِ عَوْن ٍ، عَنْ عُمَير بْنِ إِسْحَاقَ: أنَّ رسولَ الله (ص) بعث المِقْدادَ بن الأسوَد بَعْثًا ... فذكَرَ الحديثَ.
قلتُ لأَبِي: أيُّهما أشبهُ؟
قَالَ: حديثُ مُسَدَّدٍ.
988 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيس (3) ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، عَنْ مُفَضَّل بْنِ مُحَمَّدٍ الضَّبِّي، عن عمر بن عبد الله بْنِ يَعْلى؛ قَالَ: سمعتُ يَعْلى بْنَ مُرَّة؛ قَالَ: سافرتُ مَعَ رسول الله (ص) غيرَ مَرَّة، فَمَا رَأَيْتُهُ مَرَّ بِجِيفَةِ (5) إنسان ٍ فيُجاوِزُها حَتَّى يأمُرَ بدَفْنها، لا يَسألُ: مسلمٌ هُوَ أَمْ كافرٌ؟
قَالَ أَبِي: لَمْ يَسْمَعْ عمرُ مِن يَعْلى بن مُرَّة؛ إِنَّمَا يحدِّث عَنْ أَبِيهِ،
_________
(1) في (ف) : «قال» .
(2) روايته أخرجها في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (2114) ، ومن طريقه أخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (60/169) .
(3) هو: إسماعيل بن عبد الله.
(4) هو: عبد الله بن عبد الله بن أويس.
(5) الجِيفةُ: جُثَّة الميت إذا أنتنَ. انظر "النهاية" (1/325) . قال الفيومي: سُمِّيت بذلك لتغيُّر ما في جَوف الميتة. انظر "المصباح المنير" (ج ي ف ص116) .
(3/433)
عَنْ جَدِّه (1) ؛ وعمرُ ضعيفُ الْحَدِيثِ (2) .
989 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ جعفر ابن سُلَيمان الضُّبَعي (3) ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حسَّان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرين، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: بُعِثََ النبيُّ (ص) وَهُوَ ابنُ أربعينَ سَنَةً، وَدَعَا الناسَ إِلَى الإِسْلامِ - وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْقِتَالِ - ثلاثَ عَشْرَةَ (4) سَنَةً، وكانتِ الهجرةُ عَشْرَ سِنِينَ (5) ، فقُبِضَ رسولُ الله (ص) وهو ابنُ ثلاثٍ وستِّين سنةً؟
_________
(1) جدُّه: هو يعلى بن مُرَّة.
(2) الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1568) من طريق يعقوب بن حميد، والدارقطني في "سننه" (4/116) - ومن طريقه البيهقي في "سننه" (3/386) - من طريق عبد الله بن شبيب، كلاهما عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ = = مُحَمَّدٍ، عن عمر بن عبد الله بن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده، به.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/371) - ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق، من طريق العباس ابن الفضل الأسفاطي، عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الضبي، عن عمر بن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ قال: سافرت مع النبي (ص) ... الحديث.
وصححه الحاكم على شرط مسلم، فتعقبه ابن حجر في "إتحاف المهرة" (13/737) بأن الصواب: «عمر بن عبد الله بن يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده» .
ثم قال ابن حجر: «وزعم أنه على شرط مسلم، وليس كذلك؛ لضعف عمر بن عبد الله بن يعلى» .
(3) روايته أخرجها ابن حبان في "صحيحه" (6390) . وتابعه في روايته على هذا الوجه: إسماعيل بن عبد الله، وروايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (6784) ، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (12/150 رقم 12870) .
(4) كذا في (ش) و (ف) ، وهو الصواب، وفي (أ) و (ت) و (ك) : «ثلاث عشر» ، وكذا في هامش (ف) وعليها «صح» !
(5) في (ك) : «عَشَرة سنين» .
(3/434)
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: هِشَامٌ، عَنْ عِكرمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (1) .
990 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعدانُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ صَدَقة بْنِ أَبِي عِمران، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِم؛ قَالَ: كَانَ الفُرَاتُ بْنُ حَيَّان مِنْ أشدِّ النَّاسِ عَلَى رسولِ الله (ص) ، فحَمَلَ عَلَيْهِ ناسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فأخذوه أسيرًا؛ قالوا: يارسولَ اللَّهِ، هَذَا فُراتُ بْنُ حَيَّان، قَدْ جِئْنَاكَ بِهِ أَسِيرًا، فكَبَّر رسول الله (ص) ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ. وَكَانَ لا يُؤتى بأسيرٍ إلاَّ دَعَاهُ إِلَى الإِسْلامِ، إِلا فُرَاتً (3) .
فلمَّا انْطَلَقُوا بِهِ (4) ؛ قَالَ: أشهدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، فأَتَوْا رسولَ الله (ص) فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: خَلُّوا سَبيلَهُ؛ إنَّما أَرَدْنَا قَتْلَهُ عَلَيْهَا؟
_________
(1) من هذا الوجه رواه أحمد في "المسند" (1/249 رقم2242) من طريق محمد بن جعفر، ورواه البخاري في "صحيحه" (3851 و3902) من طريق النضر بن شُميل، وروح بن عبادة، ثلاثتهم عن هِشَامٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عباس، به.
(2) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(3) كذا في جميع النسخ، ويحتمل وجهَيْن:
الأوَّل: النصب على الاستثناء؛ لأنَّ الكلام تامٌّ موجَبٌ، ويجوز أن ينصب بدلاً من ضمير النصب في «دعاه» . وعلى ذلك كُتبَ «فراتً» بحذف ألف تنوين النصب، جريًا على لغة ربيعة. وانظر التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
والثاني: الرفع على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: إلاَّ فراتٌ لم يَدْعُهُ.
وسنبيِّن في التعليق على المسألة رقم (997) أنَّ حكم المستثنى في الكلام التام الموجب كحكمه في التام غير الموجب، حكى ذلك أبو حيان عن بعض العرب، وانظر تفصيل ذلك هناك.
(4) في (ف) : «فانطلقوا» بدل: «فلما انطلقوا» .
(3/435)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَوَى زكريَّا بْن أَبِي زائدة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّب؛ قال: أُتِيَ النبيُّ (ص) بفُراتِ بْنِ حَيَّان؛ وَهُوَ أصَحُّ (1) .
_________
(1) كذا ذكر أبو زرعة رواية زكريا لهذا الحديث. وذكرها ابن حجر في "الإصابة" (8/86) موصولة فقال: وقال أبو العباس بن عُقْدة الحافظ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابن عتبة، حدثنا موسى بن زياد، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان الأشهل، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَن حارثة بن مضرب، عن علي؛ أُتي النبي (ص) بفرات بن حيان ... . وأخرجه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (1688) من طريق وكيع ابن الجراح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن حارثة بن مضرِّب: أن رسول الله (ص) قال: «إنَّ منكم وُكِلَ إلى إيمانه، منهم فراتُ بن حيَّان» .
= ... وأخرجه البيهقي في "سننه" (8/197) من طريق حجاج بْن أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ: أن فرات بن حيان ارتدَّ على عهد رسول الله (ص) ، فأُتي به رسول الله (ص) ، فأراد قتله، فشهد شهادة الحق، فخلَّى عنه، وحَسُن إسلامُه.
والحديث رواه الإمام أحمد (4/336 رقم18965) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (7/128) ، وأبو داود (2652) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1662) ، وابن الجارود في "المنتقى" (1058) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/324-325) ، والطبراني في "الكبير" (18/322 رقم831) ، والحاكم في"المستدرك" (2/115) من طريق سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مضرِّب، عَنْ الفرات بن حيان: أن النبي (ص) أمر بقتله، وكان عينًا لأبي سفيان وحليفًا، فمرَّ بحَلْقة الأنصار، فقال: إني مسلم. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يزعم أنه مسلم. فقال: «إنَّ منكم رجالاً نَكِلُهم إلى إيمانهم، منهم فراتُ بن حيَّان» .
ورواه عبد الرزاق (9396) ، عن الثوري وإسرائيل - أو أحدهما - عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حارثة، عن فرات بن حيان، به.
ورواه البزار في "مسنده" (722) من طريق ضرار بن صُرَد، عن يحيى بن اليمان قال: نا سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ حارثة بن مضرب، عن علي، به مرفوعًا.
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه بهذا الإسناد عن علي إلا ضرار بن صُرد، عن يحيى بن يمان» . ورواه ابن عدي في "الكامل" (4/17) : من طريق شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ حارثة بن المضرب، عن علي، به.
ورواه أحمد في "المسند" (4/62 رقم16593) ، و (5/375 رقم23182) من طريق إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حارثة بن مضرب، عن بعض أصحاب النبي (ص) : أن رسول الله (ص) قال: «إن منكم رجالاً لا أُعطيهم شيئًا، أَكِلُهُم، منهم فرات بن حيان» .
(3/436)
991- وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ حدَّثنا بِهِ عَنْ أحمدَ بنِ أيُّوب بْنِ رَاشِدٍ الْبَصْرِيِّ (1) ، عَنْ مَسْلَمة بْنِ عَلْقَمة، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هند (2) ، عَن شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعان؛ قَالَ: بعثَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) سَرِيَّة فَقَالَ: تَهَافَتُونَ (3) فِي الكَذِبِ تَهَافُتَ الفَرَاشِ فِي النَّارِ؛ إِنَّ كُلَّ كَذِبٍ مَكْتُوبٌ كَذِبًا (4) لا مَحَالَةَ، إِلاَّ أَنْ يَكْذِبَ الرَّجُلُ فِي الحَرْبِ؛ فَإِنَّ الحَرْبَ خَدْعَةٌ (5) .
_________
(1) روايته أخرجها ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (612) ، وقرن معه محمد بن جامع، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ داود، عن شهر، عن الزبرقان، عن النواس، به. هكذا بزيادة الزبرقان في إسناده، ولعل هذا سياق محمد بن جامع!
(2) في (ت) و (ك) : «رواد بن أبي هنة» .
(3) أصلها: تَتَهَافتون، وحذفت منه إحدى التاءين تخفيفًا، أي: تتساقطون؛ من الهَفْت، وهو: السُّقوط قِطْعةً قِطْعة. وأكثر ما يُستعمَل التهافتُ في الشَّرِّ. "النهاية" (5/266) ، وقد وردتْ هذه اللفظة في بعض مصادر التخريج بتاء واحدة كما هنا، وفي بعضها: بتاءين على الأصل: تَتَهَافتون. وانظر في حذف إحدى التاءين من أول المضارع: التعليق على المسألة رقم (388) .
(4) في (ف) : «كذب» .
(5) قال ابن الأثير: يُروى بفتح الخاء وضَمِّها مع سكون الدال، [أي: خَدْعَة وخُدْعَة] ، وبضمِّ الخاء مع فتح الدال، [أي: خُدَعَة] ؛ فالأولُ معناه: أن الحربَ ينقضي أمرها بخَدْعَة واحدة؛ من الخِداع، أي: أن المقاتلَ إذا خُدع مرَّة واحدة، لم تكن لها إقالَة، وهي أفصحُ الرِّوايات وأصحُّها. ومعنى الثاني: هو الاسمُ من الخِداع. ومعنى الثالث: أن الحربَ تخدعُ الرجال وتمنِّيهم ولا تَفي لهم، كما يقال: فلانٌ رجل لُعَبَة وضُحَكَة، أي: كثيرُ اللَّعِب والضَّحِك. "النهاية" (2/14) .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/158) : قال النووي: اتفقوا على أن الأُولى [أي: خَدْعَة] الأفصح، حتى قال ثعلب: بلغَنا أنها لغةُ النبي (ص) . وبذلك جزم أبو ذَر الهروي والقزَّاز. اهـ. وانظر قول النووي في "شرح مسلم" (12/45) .
(3/437)
أنا أَبُو مُحَمَّدٍ؛ قَالَ (1) : وحدَّثنا أَبُو زُرْعَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ حَفْص (2) ، عَنْ مَسْلَمة بْنِ عَلْقَمة، عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ شهْر بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ الزِّبْرِقان (3) ، عَنِ النوَّاسِ بْنِ سَمْعان، عَنِ النبيِّ (ص) (4) .
وَرَوَاهُ مُعْتَمِر بْنُ سُلَيمان، عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ شَهر بْنِ حَوشَبٍ: أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ: الحَرْبُ خَدْعَةٌ؟
قَالَ أَبُو زرعة: حديثُ (5) المُعتَمِرِ أصَحُّ (6) .
_________
(1) قوله: «أنا أبو محمد قال» من (ت) و (ك) فقط.
(2) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (3/436) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/163) ، وأبو عوانة في "المستخرج" (4/81-82) ، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص 180) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4460) . وتابعه على هذا الوجه محمد بن جامع، وروايته أخرجها ابن قانع في الموضع السابق.
(3) قال ابن حبان في "الثقات" (4/265) : «شيخ، يروي عن النواس بن سمعان، روى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ شهر ابن حوشب عنه، لا أدري من هو، ولا ابن من هو» .
(4) بعد هذا الموضع في (أ) و (ش) زيادة: «وَرَوَاهُ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الزِّبْرِقَانِ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، عن النبي (ص) » ، وهو تكرارٌ وخلطٌ.
(5) قوله: «حديث» سقط من (أ) و (ش) .
(6) الحديث أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (12 و13) من طريق أبي معاوية وأبي همام، والترمذي في "جامعه" (1939) من طريق يحيى بن أبي زائدة، ثلاثتهم عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هند، عن شهر، عن النبي (ص) مرسلاً؛ كما رواه معتمر. وأخرجه الإمام أحمد في"المسند" (6/459 و460 رقم27597 و27608) من طريق عبد الرزاق وأبي أحمد الزبيري. وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (11) ، والطبراني في "الكبير" (24/165 رقم420) من طريق قبيصة بن عقبة، والترمذي في "جامعه" (1939) من طريق بشر بن السري وأبي أحمد الزبيري، أربعتهم عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ خثيم، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أسماء بنت يزيد، عن النبي (ص) به.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أسماء إلا من حديث ابن خثيم» . ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" (3/436) فقال: وقال عمرو بن خالد: حدثنا زهير، سمع ابن خثيم، سمع شهرًا قال: حدثتني أسماء بنت يزيد الأشهلية، عن النبي (ص) .
(3/438)
992 - وسُئِلَ (1) أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيمان (2) ، عَنْ أَبِي سِنان (3) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (4) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم؛ قَالَ: لمَّا نزلَتْ (5) : {لاَ ... } (6) ؛ جَاءَ ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا لِي رُخصَة؟ قَالَ: لاَ، فَقَالَ (7) ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ: إِنِّي ضَرير، فأنزلَ الله عز وجل: {لاَ ... } (8) ، فأَمْلَى رسولُ الله (ص) ، فكَتَبها الكاتِبُ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم؛ فَإِنَّمَا هُوَ: أَبُو إِسْحَاقَ، عن البَراء (9) ، عن النبيِّ (ص) ؛ كذا رواه شُعْبَة (10) ،
_________
(1) انظر المسألة رقم (970) .
(2) روايته أخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9/89) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/190 رقم 5053) .
(3) هو: سعيد بن سنان الشيباني. وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/261) أنه: ضرار بن مرَّة، وهو وَهَمٌ كما يتضح من ترجمته في "تهذيب الكمال" (10/492 رقم2294) وغيره.
(4) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(5) في (ك) : «أنزلت» .
(6) الآية (95) من سورة النساء.
(7) في (ف) : «قال» .
(8) في (ت) و (ك) : «أولي الضرر» بلا «غير» .
(9) قوله: «عن البراء» سقط من (ش) ، وهو ملحق بهامش (أ) .
(10) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (4/282 رقم 18485) ، والبخاري في "صحيحه" (2831 و4593) ، ومسلم (1897) .
(3/439)
والثَّوريُّ (1) ، وَإِسْرَائِيلُ (2) .
993 - وسُئِلَ أبو زرعة عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الصَّعْقُ بنُ حَزْنٍ (3) ، عَنْ سيَّار أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ جَبْر (4) بْنِ عُبَيد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: وَعَدَنا رسولُ الله (ص) غزوةَ الْهِنْدِ؛ فإِنْ أُدْرِكْها أُنْفِق فيها مالي، فإنْ أُقتَلْ أكونُ (5)
_________
(1) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (4/290 رقم 18556) ، والترمذي في "جامعه" (3031) ، وقال: «هذا حديث حسن صحيح» .
(2) يعني: عن أبي إسحاق. ورواية إسرائيل بن يونس أخرجها البخاري في "صحيحه" (4594 و4990) . ورواه عن أبي إسحاق على هذا الوجه أيضًا:
مسعر، وروايته أخرجها مسلم (1898) ، وزهير بن معاوية. وروايته أخرجها أحمد (4/301 رقم 18679) ، وسليمان التيمي، وروايته أخرجها الترمذي (1670) ، والنسائي (6/10 رقم3101) .
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح، وهو حديث غريب من حديث سليمان التيمي، عن أبي إسحاق» . وقال الدارقطني في "الأفراد" (135/ب أطراف الغرائب) : «تفرد به أبو سنان الشيباني، عن أبي إسحاق، عنه» .
(3) في (ك) : «الصعق بن حرب» .
(4) في (ك) : «جبير» .
(5) في مصادر التخريج: «كنت» كما سيأتي، وما أثبتناه كذا جاء في جميع النسخ، ولو جاء على المشهور لقيل: «فإن أُقتَلْ أكُنْ» بجزم المضارع الواقعِ جزاءً لشرطٍ فعلُهُ مضارعٌ، لكنَّ ما في النسخ يخرَّج على جواز رفع المضارع في مثل هذه الصورة؛ وذلك إمَّا بتقدير الفاء في الجزاء، أو بالتقديم والتأخير مع كون الجواب محذوفًا، والتقدير على الأول: إنْ أُقتَلْ فأكونُ حيًّا مرزوقًا، وعلى الثاني: أكونُ حيًّا مرزوقًا إنْ أُقتَلْ، والأوَّل لأبي العباس المبرِّد، والثاني لسيبويه؛ قال ابن مالك في "شرح التسهيل": «وقد يُرفَعُ بكثرةٍ [أي: المضارعُ الواقعُ جزاءً للشرط] إنْ كان الشرط ماضيًا، أو منفيًّا بـ «لم» ، وبقلَّةٍ إن كان غير ذلك:
وانظر "الكتاب" لسيبويه (3/67) ، و"شرح التسهيل" (4/77-79) ، و"شواهد التوضيح" (ص232-233) ، و"شرح ابن عقيل" (2/342-344) ، و"شرح الأُشموني" (4/49-51) ، و"مغني اللبيب" (ص717) ، و"شرح ديوان المتنبي" المنسوب للعكبري (2/339) ، و"همع الهوامع" (2/557-559) ، و"ارتشاف الضَّرَب" (4/1874) ، و"الدر المصون" (4/43) ، و"معجم القراءات" لعبد اللطيف الخطيب (2/111) ، وانظر مظانَّ المسألة في هوامش المحقِّقين.
(3/440)
حَيًّا مَرْزُوقًا (1) ، وَإِنْ أرجِعْ فَأَنَا أَبُو هريرةَ (2) المُحَرَّرُ (3) .
وَرَوَاهُ (4) هُشَيم (5) ، عَنْ سَيَّار، عَنْ جَبْر بْنِ عَبِيدَة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ مَا رَوَاهُ هُشَيم (6) .
994 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَمْرو بْن عَاصِمٍ (7) ، عَنْ عِمْران القطَّان (8) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ (9) الزُّهْري، عَنْ أَنَسٍ؛ قال: لمَّا
_________
(1) في مصادر التخريج: «فإنْ قُتِلْتُ، فأنا أفضَلُ الشهداء» ، وفي بعضها: «فإنْ قُتِلْتُ، كنتُ مِنْ أفضَل الشهداء» ، وفي بعضها: «فإنْ استشهدتُّ، كنتُ مِنْ خير الشهداء» ، وفي "سنن النسائي" (3173) : «فإنْ أُقْتَلْ، كنتُ مِنْ أفضَلِ الشهداء» .
(2) قوله: «أبو هريرة» ليس في (ك) .
(3) قال السِّنْدي في "حاشية سنن النسائي": «المحرَّر، بتشديد الراء الأولى مفتوحةً، أي: المعتَقُ من النار على مقتضى ذلك العمل، أو النجيب، ويَحْتملُ أنَّ النبي (ص) أخبره بأنَّك إنْ حضرتَ فَقُتِلْتَ فإنك من أفضل الشهداء، وإن رجعتَ فأنتَ محرَّرٌ من النار ... » . اهـ.
(4) في (ك) : «رواه» بلا واو.
(5) روايته أخرجها سعيد بن منصور في "سننه" (2374) ، وأحمد (2/229 رقم 7128) ، والنسائي في "المجتبى" (6/42 رقم3173 و3174) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/316) ، والحاكم (3/514) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/176) .
(6) تابع هشيمًا: زيد بن أبي أنيسة، وروايته أخرجها النسائي (6/42 رقم3173) مقرونة مع رواية هشيم.
(7) روايته أخرجها أبو يعلى في "مسنده" (6/289 رقم 3606) .
(8) هو: عمران بن داوَر.
(9) قوله: «عن» سقط من (ك) .
(3/441)
كَانَ يومُ حُنَين، أمَرَ رسولُ الله (ص) العبَّاسَ (1) أَنْ يناديَ: يَا أصحابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، يَا معشَرَ الأَنْصَارِ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ؛ إنما هو كما رواه عبدُالرَّزَّاق (2) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْري، عَنْ كَثير بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِيهِ: أنَّ النبيَّ (ص) .
995 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابنُ أبي أُوَيس (3) ؛
قال:
_________
(1) قوله: «العباس» سقط من (ك) .
(2) روايته في "مصنفه" (9741) . ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/207 رقم1775) ، ومسلم (1775) ، وابن حبان في "صحيحه" (7049) .
ورواه النسائي في "الكبرى" (8647) من طريق محمد ابن ثور، وأبو يعلى في "مسنده" (6708) من طريق محمد بن كثير الصنعاني، كلاهما عن معمر، به. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (1775) من طريق سفيان ابن عيينة ويونس بن يزيد، وابن سعد في "الطبقات" (4/18-19) من طريق محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري، ثلاثتهم عن الزهري، به كما رواه معمر، إلا أنه يشكل على رواية ابن عيينة: أن الإمام أحمد أخرجها في "مسنده" (1/207 رقم1776) فقال: حدثنا سفيان بن عيينة؛ قال: سمعت الزهري مرَّة أو مرتين، فلم أحفظه: عن كثير بن عباس قال: كان عباس وأبو سفيان معه يعني مع النبي (ص) .. فذكره هكذا مرسلاً؛ لأن كثير بن العباس ولد قبل وفاة النبي (ص) بأشهر في سنة عشر من الهجرة كما قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (2211) .
(3) هو: إسماعيل بن عبد الله بن أويس. وروايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (4/38) ، إلا أنه وقع عنده: «عبد الله» بدل: «عبيد الله» ، وأظنه خطأ في الطباعة.
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (36971) ، وأبو عوانة في "المستخرج" (5/118-119) ، والطبراني في "الكبير" (2/107 رقم1464) ، والحاكم في "المستدرك" (3/212) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/117) ، جميعهم من طريق أبي إسحاق الأزدي إسماعيل ابن أبان الورَّاق، عن أبي أويس، عن عبيد الله، به، إلا أنه تصحَّف «عبيد الله» في "الحلية" إلى «عبد الله» .
(3/442)
حدَّثنا أبي، عن عُبَيدالله (1) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: كنتُ بِمُؤْتَة، فلمَّا فَقَدنا جعفرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، طَلَبناه فِي القَتلى، فوجَدنا فِيهِ بَيْنَ طَعنَةٍ ورَميَةٍ بِضْعًا (2) وتسعينَ، وَوَجَدْنَا ذَلِكَ فِيمَا أَقبَلَ مِنْ جَسَدِه؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ من حديث عُبَيدالله (3) .
996 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ حدَّثَنا بِهِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَائِدَةَ (4) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهاجِر، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاء (5) ؛ قال: ذُكِرَ الشَّهيدُ عند عبد الله (6) ، فقال: إن شُهَدَاءَكم إِذَنْ لقليلٌ؛ مَنْ (7) يَتَرَدَّى فِي الْجَبَلِ، ويَغْرَقُ فِي الْبُحُورِ، وتأكلُهُ (8) السِّباعُ: شهداءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟
_________
(1) هو: ابن عمر العُمَري.
(2) البِضْعُ في العدد - بكسر الباء، وبعضُ العرب يفتحُها -: هو ما بين الثَّلاث إلى التِّسْع، تقول: بِضعُ سنينَ، وبِضعَةَ عشرَ رجلاً، وبِضعَ عشْرةَ امرأةً. "مختار الصحاح" (ب ض ع) .
(3) أما من غير طريق عبيد الله فهو صحيح، فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (4261) من طريق مغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر؛ قال: أمَّر رسول الله (ص) في غزوة مؤتة زيدَ بن حارثة، فقال رسول الله (ص) : «إن قُتل زيدٌ فجعفر، وإن قُتل جعفرٌ فعبد الله بن رواحة» . قال عبد الله - أي ابن عمر -: كنت فيهم في تلك الغَزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بِضعًا وتسعين، من طَعنة ورَمية.
(4) هو: ابن قُدامة.
(5) هو: سُلَيم بن أسود.
(6) هو: ابن مسعود ح.
(7) «مَنْ» هنا موصولةٌ، وليست شرطيَّة؛ فالأفعالُ بعدها مرفوعةٌ.
(8) في (ت) : «ويأكله» .
(3/443)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَذَا قَالَ: عَنْ أَبِي الشَّعْثاء! وَإِنَّمَا هُوَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهاجِر البَجَلي، عَنْ طارق بن شِهاب (1) .
997 - وسمعتُ (2) أَبَا زُرْعَةَ (3) وذكَرَ حَدِيثًا رواه سُوَيدُ (4) بن عبد العزيز، عَنِ ابْنِ عَجْلان (5) ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ لَهْوِ الدُّنْيَا بَاطِلٌ، إِلاَّ ثَلاَثً (6) :
_________
(1) على هذا الوجه الذي رجَّحه أبو زرعة رواه ابن المبارك في "الجهاد" (69) عن زائدة بن قدامة، عن إبراهيم بن مهاجر، به.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9572) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (19470) ، كلاهما من طريق سفيان الثوري، وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2617) من طريق أبي عوانة، والخطيب في "الموضح" (1/296) من طريق شعبة، ثلاثتهم عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ طارق بن شهاب، عن عبد الله بن مسعود، به.
وصحَّح سنده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/44) .
(2) تقدمت هذه المسألة برقم (905) ، وانظر المسألة رقم (955) .
(3) في (أ) : «وسمعتُ أبي زرعة» ، وفي (ك) : «سمعت من أبي زرعة» ، ويشبه أن تكون هكذا في (ت) ، غير أنَّ «من» أشبهتْ قوله: «صحـ» .
(4) في (ك) : «سعيد» ، وهي محتملة للوجهين في (ت) .
(5) هو: محمد.
(6) كذا في جميع النسخ؛ وتقدَّمت في المسألة رقم (905) : «ثلاثًا» .
وقوله: «ثلاث» هنا، يَحْتَملُ ثلاثة أوجه:
الأوَّل: النصب على الاستثناء غير أنَّه ورد هنا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وكانت الجادَّةُ: «ثلاثًا» بالألف كما في المسألة رقم (905) . وانظر = = للغة ربيعة التعليق على المسألة رقم (34) .
والثاني: الرفع على الإتباع بدلاً من «كل» ، أو على الابتداءِ وحذف الخبر، والتقدير: إلا ثلاثٌ ليستْ بباطلٍ.
والثالث: الجر على الإتباع بدلاً من «شيء» .
وقد اشتهر في كتب النحو: أنَّ المستثنى في الكلام التامِّ الموجب - كما وقع هنا - واجبُ النصب، بل لا يكادُ نحاةُ البصرةِ المتأخِّرون يذكرون إلا النصب، لكنْ أفاد أبو حيَّان أنَّ ورود غير المنصوب في ذلك لغةٌ لبعض العرب؛ فإنهم يجعلون الكلامَ التامَّ الموجَبَ، والتامَّ غيرَ الموجب متماثلَيْن في الحكم؛ فيجوز فيهما ثلاثة أوجه: إمَّا النصب على الاستثناء، وإمَّا الرفع على الابتداء، وإمَّا الإتباعُ على البدل من المستثنى منه.
فمِنْ رَفْعِ المستثنى في الكلام التامِّ الموجب: قراءةُ عبد الله وأُبَيٍّ والأعمش: [البَقَرَة: 249] {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} ، وقولُهُ (ص) في حديث البخاري (6069) في رواية النسفي: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ المُجَاهِرُونَ» ، والرفع فيه على الابتداء، وخبره مذكور أو محذوفٌ مقدَّر، أو هو مرفوعٌ على الإتباع بدلاً من المستثنى منه.
ومِنْ رَفْعِ المستثنى على الابتداء في الكلام التامِّ غير الموجب: قراءةُُ ابن كثير وأبي عمرو: [هُود: 81] {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ} .
وأما شواهدُ الشعر على ذلك فكثيرةٌ. وانظر "التبيان" للعكبري (1/85 و199) ، و"شواهد التوضيح" لابن مالك (ص 94-97) ، و"حاشية الشيخ ياسين على التصريح" (1/348-349) ، و"حاشية الصبان على الأشموني" (2/142) ، و"فتح الباري" (4/29) و (10/486) ، و"البحر المحيط" لأبي حيان" (2/266) ، و"روح المعاني" للآلوسي (12/111) ، وانظر "السير الحثيث، إلى الاستشهاد بالحديث" للدكتور محمود فجال (1/246-254) .
(3/444)
انْتِضَالُكَ (1) بِقَوْسِكَ، وَتَأدِيبُكَ فَرَسَكَ، وَمُلاَعَبَتُكَ أَهْلَكَ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنَ الحَقِّ، وَقَالَ رسولُ الله (ص) : انْتَضِلُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَنْتَضِلُوا أَحبُّ إِلَيَّ؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ (2) بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ ثَلاثَةً الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ (3) فِيهِ الخَيْرَ، وَالمُمِدَّ (4) بِهِ، وَالرَّامِيَ بِهِ.
_________
(1) أي: رمْيُك للسَّبْق؛ قال ابن الأثير: يقال: انتَضَلَ القومُ وتناضَلوا، أي: رَمَوْا للسَّبْق. "النهاية" (5/72) .
(2) في (ك) : «فإن الله عز وجل؛ فإن الله يدخل» .
(3) في (ف) : «محتسب» .
(4) أي: الذي يقومُ عند الرَّامي، فيُناوِلُه سَهْمًا بعد سهم، أو يَرُدُّ عليه النَّبْلَ من الهَدَف. "النهاية" (4/308) .
(3/445)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ؛ والصَّحيحُ مارواه حاتِمٌ (1) ، واللَّيث بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلان، عَنِ ابْنِ (2) أَبِي حُسَين (3) ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) .
998 - وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد الوهَّاب الثَّقَفي (5) ، وجَرير بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أيُّوب (6) ،
عَنْ أَبِي قِلابة (7) ، عَنْ رَجُلٍ من أهل
_________
(1) هو: ابن إسماعيل.
(2) قوله: «ابن» سقط من (ش) ، وفي موضعه إشارة لَحَق، ولم يظهر اللَّحَق في التصوير.
(3) في (ف) و (ت) و (ك) : «حنين» . وهو: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين.
(4) ذكر ابن أبي حاتم هذا الحديث في "الجرح والتعديل" (9/330) ، وذكر كلام أبيه بنحو ما هنا.
(5) هو: عبد الوهاب بن عبد الحميد.
(6) هو: ابن أبي تميمة السَّختِياني. وروايته أخرجها مسدَّد، وأحمد بن منيع في "مسنديهما" - كما في "المطالب العالية" لابن حجر (2874) ، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (110) - من طريق إسماعيل بن علية.
ورواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (13/البغية) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (22) من طريق سفيان الثوري.
ورواه محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (392) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (22) من طريق حماد بن زيد.
ورواه ابن عبد البر في "التمهيد" (9/246) من طريق حماد بن سلمة. ورواه أبو يعلى في "مسنده"- كما في "المطالب العالية" (2874) - من طريق عبد الوارث. خمستهم عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عن أبيه، به.
ورواه معمر في "جامعه" (20107) عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عن عمرو بن عنبسة، عن النبي (ص) .
ومن طريق معمر رواه أحمد في "المسند" (4/114 رقم17027) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (301) .
(7) هو: عبد الله بن زيد الجَرْمي.
(3/446)
الشَّام، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : أَسْلِمْ تَسْلَمْ، قَالَ: وَمَا الإسلامُ؟ قَالَ: أَنْ يُسْلِمَ (1) قَلْبُكَ للهِ، وأَنْ يَسْلَمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ ويَدِكَ، قَالَ: فأيُّ الإِسْلامِ أفضلُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ. قلتُ: وَمَا الإيمانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، ومَلاَئِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، قلتُ: فأيُّ الإيمانِ أفضلُ؟ قَالَ: الهِجْرَةُ، قلتُ: وَمَا الهجرةُ؟ قَالَ: أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ، قلتُ: فأيُّ الْهِجْرَةِ أفضلُ؟ قَالَ: الجِهَادُ (2) . قلتُ (3) : وَمَا الجهادُ (4) ؟ قَالَ: أَنْ تُقَاتِلَ الكُفَّارَ إِذَا لَقِيتَهُمْ، ثُمَّ لاَ تَغُلَّ ولاَ تَحِيزَ (5) . ثم قال: عَمَلان ِ هُمَا أفْضَلُ الأعْمَالِ، لا عَمَلَ أَفْضَلَ مِنْهُمَا إلاَّ كَمِثْلِهِمَا (6) : حَجٌّ مَبْرُورٌ، أَوْ عُمْرَةٌ؟
قلتُ لأَبِي: هذا الرَّجلُ يُسمَّى؟
_________
(1) كذا في النسخ بالياء المثناة التحتية، ما عدا (ش) = = فجاءتْ فيها مهملةً بلا نقط، وجاء في بعض مصادر التخريج مثل ما أثبتناه، وفي "الجرح والتعديل" وكثير من المصادر: «أن تُسْلِمَ قلبَكَ لله» .
(2) في (ف) : «الجهاد في سبيل الله» .
(3) في (أ) و (ش) و (ف) : «قال» بدل: «قلت» ، وضبَّب عليها ناسخ (أ) .
(4) في (ف) : «وما الجهاد في سبيل الله» .
(5) كذا في (أ) و (ف) ، وهي مهملة في (ش) ، وفي (ت) : «تجبر» ، ومثلها في (ك) ، ولكن بإهمال التاء والجيم، ووردت في جميع مصادر التخريج: «تَجْبُنَ» ، والأرجحُ أن ما في أصولنا مصحَّف عنها؛ بيد أن «تَحِيز» لها وجهٌ في العربية صحيحٌ، قال الفيومي في "المصباح المنير" (ح وز/ ص156) : «حازَهُ حَيْزًا من باب «سار» لغةٌ فيه» ، أي: لغةٌ في: حازه يَحوزُه حَوزًا وحِيازَةً، بمعنى: ضمَّ الشيءَ وجمعَه إلى نفسِه، والله تعالى أعلم.
(6) في (ك) : «كمثلها» .
(3/447)
قَالَ: لا، وَلَيْسَ هَذَا الحديثُ عِنْدَ أَهْلِ الشَّام.
999 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو زِياد القطَّان (1) ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ (2) ، عَنْ معاوية ابن صَالِحٍ، عَنْ أسدٍ وحمزةَ (3) ؛ قَالا: إِذَا دخَلَ الرجلُ العَسكَرَ وَقَدْ غَنِمَ أهلُه، لَمْ يَشْهَدْ معهُمُ القتالَ، وَلا الفَتْحَ؛ فَلا شيءَ لَهُ مِنَ المَغْنَم؟
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: أسدُ بْنُ وَدَاعَة، وأبو حمزة بن (4) [سُلَيْم] (5) العَنْسي: حِمْصِيٌّ ثِقَةٌ لا يُسمَّى، رَوَى عَنْهُ عَمْرُو (6) بْنُ الْحَارِثِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، هُوَ مِثْلُ ثَور بن يزيد.
999/أ - وسمعتُ (7) أَبِي يَقُولُ: ذاكَرَني أَبُو زُرْعَةَ حَدِيثًا عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ (8) ، عَنْ أَبِيهِ (9) ، عَنْ عَلْقَمة بْنُ مَرْثَد، عَنِ ابْنِ بُرَيدة (10) ،
_________
(1) هو: حماد بن زاذان.
(2) هو: عبد الله.
(3) ضبَّب ناسخ (ف) بين «أسد وحمزة» .
(4) قوله: «ابن» سقط من (ش) .
(5) في جميع النسخ: «سليمان» وقد ترجم ابن أبي حاتم لهذا الراوي في "الجرح والتعديل" (9/362 رقم 1646) ، فقال: «أبو حمزة بن سُلَيم العنسي، روى عن [ ... ] ، روى عنه معاوية بن صالح وعمرو بْنُ الْحَارِثِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، سمعت أبي يقول: لا يُسمَّى، وهو حمصي ثقة» . وقد عرفه غير أبي حاتم، واسمه: عيسى ابن سُلَيم العَنْسي، أبو حمزة الحِمصي، الرَّسْتَني، له ترجمة في "تهذيب الكمال" (22/603-606) .
(6) في (ك) : «عمر» .
(7) انظر المسألة رقم (960) و (979) و (1948) .
(8) من قوله: «وسمعت أبي ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) ، فدخلت هذه المسألةُ في المسألة السابقة لها.
(9) هو: يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك.
(10) هو: سليمان.
(3/448)
عن أبيه: أنَّ النبيَّ (ص) كَانَ إِذَا بعثَ سَرِيَّةً، قَالَ: سِيرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ... ، الحديثَ.
فجعَلَ يَعْجَبُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ (1) ، عَنْ عَلْقَمة!
قَالَ أَبِي: فَقِيلَ بالشَّام: إنَّ ولدَ يَزِيدَ كَانُوا ربَّما أَخَذُوا مِنْ حَدِيثِ النَّاسِ، فيَحْكُونَ عَنْ أَبِيهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1000 - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ (2) عَنْ حديثٍ حدَّثناه، عَنْ شُعَيب بْنِ يُوسُفَ النَّسَوي - وَقَالَ (3) : كتبتُ عنه منذ أربعينَ سنةً (4) - عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ (5) ، عَنْ أَبِيهِ (6) ، عَنْ عليِّ بْنِ الحَكَم، عَنْ أَبِي صَفْوان، عَنْ مُجاهِد، عن عبد الله بْنِ عَمْرٍو؛ قَالَ: مَا التَقَى صَفَّان ِ (7) إِلا بَيْنَهُمَا يَدُ اللَّهِ، فَإِذَا أمالَها عَلَى هؤلاءِ انْهَزَمُوا هؤلاءِ (*) ، وَإِذَا أمالَها عَلَى هؤلاءِ انْهَزَمُوا هؤلاءِ (*) .
_________
(1) أي: والد خالد بن يزيد.
(2) في (أ) : «أبي زرعة» .
(3) في (أ) و (ش) : «قال» بلا واو.
(4) قوله: «سنة» ليس في (ت) و (ك) .
(5) روايته أخرجها عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة" (1082) ؛ من طريق أبيه، عن معاذ بن هشام به، إلا أنه وقع عنده: «عن أبي صفوان مجاهد» ، فالظاهر أنه سقط قوله: «عن» من الطباعة.
(6) هو: هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتوائي.
(7) في (ت) و (ك) : «صَفْوَان» ، وكتب ناسخ (ك) في الهامش: «لعله صفان» .
(*) ... كذا في جميع النسخ، والجادَّة أن يقال: «انهَزَمَ هؤلاء» ، لكنَّ ما في النسخ يخرَّج على لغة «أكلوني البراغيث» . انظر التعليق عليها في المسألة رقم (410) .
(3/449)
قلتُ لأَبِي زُرْعَةَ: يُسَمَّى أَبُو صَفوان هَذَا؟
قَالَ: لا يُسَمَّى.
ثُمَّ سألتُ أَبِي عَنْ أَبِي صَفوان هَذَا؟
فَقَالَ: هُوَ حُمَيد بْنُ قَيْسٍ الأَعْرَج المَكِّي.
1001 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي (2) شَيْبان (3) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرة بْنِ حَلْبَس، عَنْ أبي إدريس (4) ، عن عبد الله بن حَوَالَة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: تُجَنَّدُونَ (5) أَجْنَادًا؟
قَالَ: هُوَ صحيحٌ حسنٌ غريبٌ (6) .
_________
(1) نقل هذا النص بتمامه ابن رجب في "شرح علل الترمذي" (1/343/تحقيق د. نور الدين عتر) ووقع عنده: «تُسْتجندون» ، وجاءت على الصَّواب في تحقيق د. همام سعيد (2/575) . ونقل ابن رجب أيضًا في كتابه "فضائل الشام" (ص35) حكم أبي حاتم على الحديث، وقال: وله طرق كثيرة، وقد ذكرتها في "شرح كتاب الترمذي" مستوفاة. اهـ. وستأتي هذه المسألة برقم (2770) ، وانظر المسألة رقم (2762) .
(2) قوله: «أبي» سقط من (ت) و (ك) .
(3) روايته أخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/71) ، ثم قال ابن عساكر: «رواه أبو الربيع سليمان بن عتبة الغساني، عن يونس، عن أبي إدريس أيضًا؛ إلا أنه قال: عن أبي الدرداء بدلاً عن أبي حوالة» . ثم رواه من طريق سليمان بن عتبة.
(4) هو: عائذ الله بن عبد الله.
(5) في (ك) : «يجندون» .
(6) قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/68) : «وقد رواه عن عبد الله بن حوالة: بُسر بن عبد الله الحضرمي، وأبو عبد السلام صالح بن رستم، ويونس بن ميسرة ابن حلبس الحلاني الدمشقيين، وجبير بن نفير الحضرمي، وأبو قتيلة مرثد بن وداعة العمي، وسلمان بن سُمير، وعبد الله بن عبد الثماني، والحارث بن الحارث الأزدي، وكثير بن مرَّة الحضرمي الحمصيون، وعبد الله بن شقيق العقيلي البصري» . ثم شرع في رواية هذه الطرق بأسانيده.
وقد توسع الحافظ السخاوي في "البلدانيات" (ص58-62) في تخريج هذا الحديث، وقال: «هذا حديث حسن» . وقال النووي في "الإرشاد" (ص251) : «حديث حسن مشهور» . وفي هامش النسخة (أ) كُتِبَ عند هذه المسألة بخط مغاير ما نصه: «صحيح حسن غريب» .
(3/450)
1002 - وَسَمِعْتُ (1) أَبَا زُرْعَةَ (2) وحَدَّثنا عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَثْمَة (3) ،
عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي الحُوَيرِث (4) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَير بْنِ مُطْعِم؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا يَخطُبُ (5) الناسَ، فَقَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْتَحُ (6) فِي قَلِيبِ (7) بَدْرٍ؛ جَاءَتْ ريحٌ لَمْ أَرَ مثلَها قَطُّ، ثُمَّ ذَهَبَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ ريحٌ أُخرى لَمْ أَرَ مثلَها قَطُّ، ثم
_________
(1) في (ت) و (ك) : «سمعت» بلا واو.
(2) في (ف) : «أبي» بدل: «أبا زرعة» .
(3) هو: مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَة. وروايته أخرجها أبو يعلى في "مسنده" (489) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري، والحاكم في "المستدرك" (3/68) من طريق إبراهيم بن عبد الله السعدي، كلاهما عن محمد بن عثمة، به، ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (3/55) . قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» ، وتعقبه الذهبي بقوله: «بل منكر عجيب؛ وأبو الحويرث عبد الرحمن قال مالك: ليس بثقة، وموسى فيه شيء» .
ورواه الطبري في "تفسيره" (13/417) من طريق عبد العزيز بن عمران، عن موسى بن يعقوب به. وذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" (3/275/المعارف) وقال: «وهذا غريب، وفي إسناده ضعفٌ» .
(4) هو: عبد الرحمن بن معاوية.
(5) في (ف) : «خطب» .
(6) المَتْحُ: جَذْبُكَ رِشاء الدَّلْو، تَمُدُّ بِيَدٍ، وتَأخذُ بِيَدٍ، على رأس البئر. "لسان العرب" (2/588) ، أي: أن المَتْحَ: الاستقاءُ من أعلى البئر.
(7) القَلِيبُ: البئرُ التي لم تُطْوَ، ويُذَكَّر ويُؤَنَّث. "النهاية" (4/98) . وقال ابن منظور: القَلِيبُ: البئرُ ما كانت، والقَلِيبُ: البئر قبل أن تُطوى، فإذا طُويَت فهي الطَّويُّ، والجمعُ: القُلُبُ. "اللسان" (ق ل ب 1/689) .
(3/451)
ذَهَبَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ ريحٌ أُخرى لَمْ أَرَ مثلَها قَطُّ إِلا التي كانت قَبْلَها، فكانت ِ الرِّيحُ الأُولَى جبريلَ فِي ألفٍ مع رسول الله (ص) ، وكانت ِ الريحُ الثانيةُ ميكائيلَ عَنْ مَيْمَنَةِ رسول الله (ص) ، وكانت ِ الرِّيحُ الثالثةُ إسرافيلَ (1) عَنْ مَيْسَرَةِ رسول الله (ص) ، وَأَنَا فِي المَيْسَرَة ... وَذَكَرَ الحديثَ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَثْمَة (2) ، ووَهِمَ فِيهِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ: كَمَا رَوَاهُ ابنُ أَبِي فُدَيك (3) ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَد، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ (4) ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي الحُوَيرِث، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَير بْنِ مُطْعِم (5) ، عَنْ رجُلٍ مِنْ بَنِي أَوْدٍ؛ أَخبَرَهُ عَنْ عليٍّ.
1003 - وسمعتُ (6) أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ أَبُو النَّضْر هاشم بْنُ الْقَاسِمِ (7) ، عَنِ الأَشْجَعي (8) ، عَنِ الثَّوْري، عن عبد الرحمن ابن
_________
(1) في (أ) : «سرافيل» ، وضبَّب الناسخُ فوقها.
(2) تقدم أن عبد العزيز بن عمران، رواه عن موسى بن يعقوب بمثل رواية محمد بن عثمة.
(3) هو: محمد بن إسماعيل.
(4) هو: سعيد بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ.
(5) من قوله: «وابن أبي مريم ... » إلى هنا سقط من (ف) .
(6) ستأتي هذه المسألة برقم (1018) .
(7) روايته أخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/278) .
وأخرج الحديث الضياء في "المختارة" (8/297-298) من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي اللَّيْثِ، عَنْ الأشجعي، عن سفيان، به.
(8) هو: عُبَيدالله بن عُبَيدالرحمن.
(3/452)
الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيمان بْنِ مُوسَى - هُوَ: ابْنُ الأَشْدَق (1) - عَنْ مَكْحول، عَنْ أَبِي سَلاَّم (2) ، عَنْ أَبِي أُمامَة؛ قَالَ: لمَّا هَزَمَ اللَّهُ المشركينَ يَوْمَ بَدْر، ذهبتْ طائفةٌ يَهزِمُون العدوَّ وَيُقَاتِلُونَ، وطائفةٌ حَوَت ِ (3) الغَنائمَ، وطائفةٌ حَدَقَتْ (4) برسول الله (ص) . فَقَالَ أصحابُ الغَنيمَة: نَحْنُ حَوَيْنا الغَنيمَة (5) ، فنحنُ (6) أحَقُّ بِهَا. وَقَالَ الآخَرُونَ: نَحْنُ كَشَفْنا العدوَّ. وَقَالَ الآخَرُونَ: نَحْنُ أَحْدَقْنا بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) لا يَغْتالُهُ (7) الْمُشْرِكُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ ... } (8) ؛ فقَسَمَه رسولُ الله (ص) بينهُم.
وروى هذا الحديثَ عبدُالعزيز بن محمد الدَّراوَرْدي (9) ، عن
_________
(1) ويقال: سليمان بن موسى الأشدق. قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/38 رقم1888) .
(2) في (ت) و (ك) : «ابن سلاَّم» . وهو: أبو سَلاَّم ممطور الأسود، الحبشي.
(3) حَوَى الشيء يَحْويه حَيًّا، وحَوايَةً، واحتَواه، واحْتَوى عليه: جمَعَه وأَحْرَزَه. "لسان العرب" (14/208) .
(4) في (ك) : «صدقت» .
وحَدَق به الشَّيءُ، وأَحْدَقَ: اسْتَدار، وكلُّ شيء استَدارَ بشيء وأحاطَ به؛ فقد أَحْدَقَ به. "لسان العرب" (10/38) .
(5) قوله: «نحن حوينا الغنيمة» سقط من (أ) و (ش) .
(6) قوله: «حوينا الغنيمة فنحن» سقط من (ف) .
(7) كذا في جميع النسخ، والمراد: «أنْ لاَ يغتالَهُ» ، أي: لِئَلاَّ، وحذفتْ «أن» الناصبة، وحينئذ يجوز بقاء عملها ويجوز إهماله، فيجوز في الفعل النصب والرفع. وانظر التعليق على ذلك في المسألة رقم (1024) .
(8) الآية (1) من سورة الأنفال.
(9) روايته أخرجها حميد بن زنجويه في "الأموال" (2/703 رقم1187) . وتابعه جماعة في روايته على هذا الوجه، انظر تفصيل ذلك في التعليق على"سنن سعيد ابن منصور" (5/188-198 رقم982) .
(3/453)
عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيمان بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحول، عَنْ أَبِي سَلاَّم، عَنْ أَبِي أُمامَة، عَنْ عُبادة بْنِ الصَّامت، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: الصَّحيحُ: أَبُو أُمامَة، عن عُبادة، عن النبيِّ (ص) .
1004 - وسمعتُ محمدَ بْنَ عَوْفٍ الحِمْصيَّ وحدَّثنا عَنْ سَلْم (1) بْنِ مَيْمُون الخَوَّاص، عَنِ ابْنِ عُيَينة، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ (2) ، عَنْ أَبِي ثَعلَبة الخُشَني؛ قَالَ: نَهَى رسولُ الله (ص) عَنْ قَتل النَّساء والوِلدان.
فسمعتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَوْفٍ يَقُولُ: «غَلِطَ سَلْمُ (3) بْنُ مَيْمون فِي هَذَا الْحَدِيثِ» . وَلَمْ يُبَيِّن أكثرَ مِنْ هَذَا، وَلَمْ يُبَيِّنِ الصَّحيحَ مَا هُوَ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي سؤالُ أَبِي عَنْ ذَلِكَ!!
فسألتُ عليَّ بْنَ الحُسَين بْنِ الجُنَيد - حَافِظَ حديثِ الزُّهْري - وذكرتُ لَهُ هَذَا الحديثَ؟ فَقَالَ: الصَّحيحُ: الزُّهْريُّ (4) ، عَنِ ابن (5)
_________
(1) في (أ) و (ش) و (ف) : «سالم» . والمثبت من (ت) و (ك) ، وهو الصَّواب كما في "الجرح والتعديل" (4/267) .
ورواية سَلْم هذا أخرجها الطبراني في "الأوسط" (7011) ، وابن عدي في "الكامل" (3/328) . قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزهري إلا سفيان ابن عيينة. تفرَّد به سَلْم الخوَّاص» .
(2) هو: عائذ الله بن عبد الله الخَولاني.
(3) في (أ) و (ش) و (ف) : «سالم» .
(4) من قوله: «وذكرت له ... » إلى هنا سقط من (ك) .
(5) في (ت) : «أبي» بدل: «ابن» .
(3/454)
كعب ابن مَالِكٍ (1) ، عَنْ عمِّه، عَنِ النبيِّ (ص) (2) .
1005 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ (3) وحدَّثنا عَنِ أبي طالب عبد الجبَّار (4) بن عاصم، وعمرو ابن عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ المُصَفَّى (5) ،
كلُّهم عَنْ بَقِيَّة (6) ، عَنْ بَحِير (7) بْنِ سعد، عن خالد ابن مَعْدان، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّل، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ: الشِّركُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ المُسْلِمَةِ (8) بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ بَهْتُ (9) مُؤْمِنٍ، وَفِرارٌ مِنَ
_________
(1) هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك.
(2) الحديث رواه الحميدي في "مسنده" (874) ، وسعيد ابن منصور في "سننه" (2627) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (33105) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/221) جميعهم من طريق ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عمه، به.
ورواه مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ" (2/447) عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن ابنٍ لكعب - قال حسبت أنه قال: عن عبد الرحمن بن كعب - أنه قال: نهى رسول الله (ص) ... فذكره. ورواه الطبراني في الكبير" (19/75 رقم150) من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن عمه، به. وانظر "التاريخ الكبير" (5/310) ، و"الجرح والتعديل" (5/121) ، و"التمهيد" (11/66-70) ، و"الإصابة" (4/280-281/ترجمة سهل بن مالك) .
(3) في (أ) : «أبي زرعة» .
(4) في (ش) : «عن أبي طالب، عن عبد الجبار» .
(5) في (ك) : «مصطفى» .
ورواية ابن مصفًّى وعمرو بن عثمان أخرجها ابن أبي عاصم في "الجهاد" (278) .
(6) هو: ابن الوليد.
(7) في (ت) و (ك) : «يحيى» .
(8) في (ش) : «المسلم» .
(9) كذا في جميع النسخ، وفي مصادر التخريج: «وبهت» بواو العطف، وهو الجادَّة، لكنَّ ما وقع في النسخ يتوجَّهُ على أنَّ «أوْ» قد تأتي بمعنى «الواو» في كلام العرب؛ فتكون لمطلق الجمع، وهذا مذهب الكوفيين والأخفش وأبي عمر الجَرْمي وابن مالك، واحتجوا بقول تَوْبَة بن الحمير [من الطويل] :
وقد زعمتْ لَيْلَى بِأَنِّيَ فَاجِرٌ
لِنَفْسِي تُقَاها أو عليها فُجُورُهَا
وقول جرير [من البسيط] :
جاء الخِلافةَ أو كانتْ له قَدَرًا
كما أتى رَبَّهُ موسى على قَدَرِ
وللكوفيين في ذلك شواهد واحتجاجات أخرى من القرآن ومن الشعر القديم. انظر: "أمالي ابن الشجري" (3/73-78) ، و"مغني اللبيب" (ص74-76) ، و"خزانة الأدب" (الشاهد رقم 890) ، و"همع الهوامع" (3/204-206) .
(3/455)
الزَّحْفِ، وَيَمينٌ [صَابِرَةٌ] (1) يَقْتَطِعُ بِها مَالا بِغَيْرِ حَقٍّ.
فسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ (2) يَقُولُ: حدَّثنا هِشَامُ بْنُ عمَّار (3) ؛
قَالَ: حدَّثنا
_________
(1) في جميع النسخ: «صابر» ، والتصويب من مصادر = = التخريج الآتية. ويمينٌ صابِرَةٌ: بمعنى مَصْبورة. وهي التي يُلزَمُ بها صاحبُها، ويُحبَسُ عليها، وتكونُ لازمةً له من جهة الحَكَم. انظر "النهاية" (3/8) .
(2) في (أ) : «أبي زرعة» .
(3) روايته أخرجها الطبراني في "مسند الشاميين" (1184) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/361 رقم 8737) من طريق زكريا بن عدي؛ أخبرنا بقيَّة، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَان، عَنْ المتوكل - أو أَبِي الْمُتَوَكِّلِ -، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فذكره هكذا بالشَّكِّ في اسم المتوكل.
وفي "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/372 رقم1700) : «مُتَوَكِّل: شاميٌّ روى عن أبي هريرة، روى عنه خالد بن مَعْدَان، سمعت أبي يقول ذلك» .
وقال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (1000) : المتوكل أو أبو المتوكل، كذا وقع بالشَّكِّ: عن أبي هريرة حديث: «من لقيَ الله لا يُشرِك به شيئًا ... » ، الحديث، وفيه: " وخمسٌ ليس لهنَّ كفَّارة "، روى عنه خالد بن مَعْدَان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فقال: لا أدري من هو، ولا ابن من هو؟ قلتُ: وقد أخرج ابن شاهين في "كتاب الأفراد" الحديث الذي له في "المسند" فقال: «عن أبي المتوكل ولم يشُكَّ» ، ولم أره في كتاب الحاكم أبي أحمد في "الكنى"، فظن ابن الجوزي أنه أبو المتوكل النَّاجي المخرَّج له في "الصحيح"، فاحتجَّ بحديثه هذا في التحقيق، فوهم في ذلك، وقد جزم ابن أبي حاتم بأن المتوكِّل اسمٌ لا كُنية، وقال أبو حاتم: هو مجهول، وهذا هو المعتمَد. اهـ.
(3/456)
بَقِيَّة؛ قال: حدَّثنا بَحِير ابن سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عن المُتَوَكِّل (1) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) .
فسمعتُ أَبَا زُرَعَة يَقُولُ: أَبُو المُتَوَكِّلِ أصحُّ.
1006 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ حُمَيد (2) ، عَنْ مِهْران (3) ، عَنْ سُفْيان (4) ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ، عَنِ الحَكَم بْنِ عُتَيبة (5) ، عَنْ مِقْسَم، عَنِ ابْنِ عباس: أنَّ النبيَّ (ص) مرَّ عَلَى أَبِي قَتادة قَدْ قَتَلَ رَجُلا، فَقَالَ: دَعُوا أَبا قَتادَةَ (6) وَسَلَبَهُ (7) ؟
فَقَالَ (8) أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا هُوَ خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: سُفْيان، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى (9) .
_________
(1) في جميع النسخ: «أبي المتوكل» ، ويترتب عليه خُلُوُّ السياق من موضع الاختلاف الموجب للسؤال. وقد أخرج الطبراني الحديث - كما سبق -، ووقع عنده: «عن المتوكل» على الصَّواب.
(2) هو: محمد بن حُمَيد الرازي.
(3) هو: ابن أبي عمر الرازي.
(4) هو: الثوري.
(5) في (أ) : «عُيَيْنَة» ، ويشبه أن تكون هكذا في (ش) ، ولم تنقط في (ت) و (ك) ، والمثبت من (ف) .
(6) في (أ) و (ف) : «دعوا أبو قتادة» .
(7) تقدم تفسير «السَّلَب» في المسألة رقم (928) .
(8) في (أ) و (ش) : «قال» .
(9) يعني: أن «ابن أبي ليلى» بدل: «أبي العلاء» .
ومن هذا الوجه أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2682) من طريق سليمان بن داود الشَّاذَكوني، عن عبد الرحمن ابن مهدي، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الرحمن بن أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ مقسم، عن ابن عباس، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11/300 رقم 12060) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، عن ابن مهدي، به، لكن سقط من سنده ذكر الحكم، وهو ابن عتيبة.
وأخرجه الإمام أحمد في"المسند" (1/289 رقم 2620) من طريق عبد الله بن الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ الحكم، به هكذا بإسقاط الواسطة بين سفيان والحكم.
(3/457)
1007- وسمعتُ (1) أَبِي وذكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ [ابنُ] (2) وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمة بْنِ بُكَير، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُهَيل (3) بْنِ أبي صالح، عن أبيه (4) ،
_________
(1) انظر المسألة رقم (847) و (887) و (894) .
(2) ما بين المعقوفين سقط من جميع النسخ، والصَّواب إثباته. فالحديث أخرجه النسائي في "سننه" (2625 و3121) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (2511) ، وابن حبان (3692/ الإحسان) ، وابن شاهين في "فضائل الأعمال" (321) ، والدارقطني في "العلل" (10/126) ، وفي "الأفراد" (321/ب/أطراف الغرائب) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/327) ، والحاكم في "المستدرك" (1/441) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/262) ، وفي "الشعب" (3808) جميعهم من طريق عبد الله بن وَهْب، عن مخرمة، به.
قال الدارقطني في "الأفراد": «غريب من حديثه عن أبيه، تفرد به بكير بن عبد الله بن الأشج، وعنه ابنه، ولا نعلم حدث به غيرُ عبد الله بن وَهْب» ، وقال = = أبو نعيم: «غريب، تفرَّد به مخرمة، عن أبيه، عن سهيل» .
ورواه ابن ماجه (2892) ، والطبراني في "الأوسط" (6311) ، وابن بشران في "الأمالي" (204) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/262) ، وفي "الشعب" (3811) ، والخطيب في "تلخيص المتشابه" (1/172) جميعهم من طريق إبراهيم بن المنذر، عن صالح بن عبد الله مولى ابن عامر، عن يعقوب بن يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي صالح، عن أبي هريرة به مرفوعًا.
قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ يعقوب بن عباد إلا صالح بن عبد الله، تفرد به إبراهيم بن المنذر» . وقال البيهقي في "السنن": «صالح بن عبد الله منكر الحديث» . وقال في "الشعب": «تفرَّد به صالح بن عبد الله هذا وليس بالقوي» .
(3) في (ك) : «سهل» .
(4) هو: ذَكوان السَّمَّان.
(3/458)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: وَفْدُ اللهِ ثَلاثةٌ: الغازِي، والحاجُّ، والمُعتَمِرُ.
قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ سُلَيمان بْنُ بِلالٍ (1) ، عَنْ سُهَيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِرْداس الجُنْدَعي (2) ، عَنْ كَعْبٍ (3) ، قولَهُ (4) .
وَرَوَاهُ عَاصِمٌ (5) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ كَعْبٍ، قولَه (6) .
1008 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وَذَكَرَ حَدِيثًا حدَّثنا بِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيب (7) ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَن، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ (8) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثير، عَنْ جابر بن عبد الله، عن النبيِّ (ص) قال: مَنْ رَابَطَ
_________
(1) روايته أخرجها الدارقطني في "العلل" (10/127) .
(2) هو: ابن عبد الرحمن.
(3) هو: كعب الأحبار ح.
(4) الحديث أخرجه الدارقطني في "العلل" (10/127) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/262) ، وفي "الشعب" (3807) من طريق وهيب بن خالد، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ مرداس، عن كعب، قوله. قال البيهقي في الشعب": «وحديث وهيب أصحُّ» ؛ أي: أصحُّ من حديث مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ.
(5) هو: ابن بَهْدَلة. ولم نجد روايته، ولكن أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (912) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ السَّلُولي، عن كعب.
ورواه برقم (915) من طريق موسى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كحلا، عَنْ مِرْدَاسٍ الجُنْدَعي، عَنْ كَعْبٍ، به من قوله.
(6) ذكر الدارقطني في "العلل" (1913) هذا الحديث، والاختلاف فيه على سهيل، وذكر رواية سليمان بن بلال ووهيب بن خالد وغيرهم، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مرداس الجُنْدَعي، عن كعب الأحبار قوله، ثم قال: «وهو الصحيح» .
(7) روايته أخرجها أبو داود في "المراسيل" (324) .
(8) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(3/459)
أَرْبَعِينَ صَباحًا مِنْ وَراءِ بَيْضَةِ المُسْلِمينَ (1) ، أَعْطاهُ اللهُ مِنْ (2)
كُلِّ مَنْ تَرَكَ خَلْفَ ظَهْرِهِ - مِنْ أهْلِهِ، ومَالِهِ، ودَمِهِ، والبَهائِمِ الَّتي (3) بِأَيْديهِمْ - قِيراطًا (4) قِيراطًا (5) مِنْ حَسَنَةٍ.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بْنُ أَبِي حاتِم؛ قَالَ (6) : وحدَّثنا (7) أَبُو زُرْعَةَ، عَنِ المُعافى بْنِ سُلَيمان، عَنْ مُوسَى بْنِ أَعْيَن، عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ مُرَّة، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) بنحوه.
_________
(1) بيضةُ المسلمين، أي: مجتمعُهم، وموضعُ سلطانهم، ومستقرُّ دعوتهم. انظر "النهاية" (1/172) .
(2) كذا في جميع النسخ، وتحتمل «مِنْ» هنا وجهين:
الأول: أن تكون بمعنى البدل، كما في قوله تعالى: [التّوبَة: 38] {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآْخِرَةِ} ، أي: بدلها ومكانها؛ ويشهد لهذا الوجه روايةُ أبي داود في "المراسيل" ففيه: «أعطاه الله مكانَ مَنْ تَرَكَ ... » .
والثاني: أن تكون بمعنى «عَنْ» ، وهو واردٌ في العربية أيضًا؛ ومنه قوله تعالى: ُ ط ظ ص ض ث ج ة ِ {ياوَيْلَنَا ... } [الأنبياء: 97] {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآْخِرَةِ} ، أي: عن هذا. انظر في معاني «مِنْ» : "مغني اللبيب" لابن هشام (ص314-315) .
(3) في (ك) : «الذي» .
(4) القيراطُ: جُزء من أجزاء الدِّينار، وهو نصف عُشْره في أكثر البلاد، وأهل الشَّام يجعلونه جُزءًا من أربعة وعشرين. انظر "النهاية" (4/42) . قال الفيومي في "المصباح المنير" (ق ر ط ص498) : والحُسَّاب يَقْسِمونَ الأشياءَ أربعةً وعشرين قيراطًا؛ لأنه أول عددٍ له ثُمْنٌ، ورُبْعٌ، ونِصْفٌ، وثُلْثٌ صحيحاتٌ من غير كسر.
(5) كذا في (ش) و"المراسيل"، وهو توكيدٌ لما قبله أو مفعولٌ به لفعل مقدَّر، تقديره: أعني: قيراطًا من حسنة، وفي بقية النسخ: «قيراط» بلا ألف في آخره، فلعلَّها حذفت تمشيًا مع لغة ربيعة. وانظر التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(6) من قوله: «أخبرنا أبو محمد ... » إلى هنا من (ت) و (ك) فقط.
(7) في (ت) و (ك) : «ثنا» .
(3/460)
وسمعتُ (1) أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: عَنْ أبي هريرة أصَحُّ.
1009 - سمعتُ (2) أَبَا زُرْعَةَ وحَدَّثَنا عَنْ مُسَدَّد (3) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مَكْحول؛ قَالَ: مَرَّ سَلْمَانُ عَلَى ابْنِ السِّمْطِ (4) وَهُوَ مُرابِطٌ، فَقَالَ: أَلا أُرَغِّبُكَ فِيمَا أَنْتَ فِيهِ؟ قَالَ: بَلَى؛ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ (ص) : رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وقيامِهِ؟
وأَخْبرنا أَبُو مُحَمَّدٍ؛ قَالَ (5) : وحدَّثنا (6) أَبُو زُرْعَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيِّ وَأَبِي ثَابِتٍ المَدِيني (7) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عِياض، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبِيدَة بْنِ سُفْيان الحَضْرَمي، عَنْ أَبِي الجَعْد (8) الضَّمْري، عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النبيِّ (ص) بِنَحْوِهِ.
وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: الصَّحيحُ: حديثُ يَحْيَى بْن سَعِيد.
1010 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وَذَكَرَ عَنِ القَواريريِّ (9) ، ونَصْر بن
_________
(1) في (ت) و (ك) : «سمعت» بلا واو.
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «وسألت» بدل: «سمعت» ، وتقدمت هذه المسألة برقم (930) و (969) .
(3) هو: ابن مُسَرْهَد.
(4) هو: شُرَحْبيل.
(5) قوله: «أخبرنا أبو محمد قال» من (ت) و (ك) فقط.
(6) في (ت) و (ك) : «ثنا» .
(7) هو: محمد بن عبيد الله مولى آل عثمان.
(8) في (ك) : «جعد» . وأبو الجعد هذا: صحابي مشهور بكنيته، ومختلف في اسمه، فقيل: أدرع، وقيل: عمرو، وقيل غير ذلك.
(9) هو: عُبَيدالله بن عمر.
(3/461)
عَلِيٍّ، وَابْنِ أَبِي شَيبة (1) ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيري (2) ، عَنْ سُفْيان (3) ، عَنْ يُونُسَ (4) ، عَنِ الْحَسَنِ (5) - فِي قوله عزَّ وجلَّ: {قَاتِلُوا ... } (6) - قال: الدَّيْلَم (7) .
وقال (8) أَبُو زُرْعَةَ: عَنْ قَبِيصَة (9) ، وخَلاَّد (10) ، عَنْ سُفْيان، عَنِ الرَّبيع بْنِ صَبِيح، عن الحسن مِثْلَهُ (11) .
_________
(1) هو: أبو بكر عبد الله بن محمد.
(2) هو: محمد بن عبد الله بن الزبير. وروايته أخرجها الطبري في "تفسيره" (17482) من طريق محمد بن بشار وأحمد بن إسحاق وسفيان بن وكيع، ثلاثتهم عنه، به.
(3) هو: الثوري.
(4) هو: ابن عُبَيد.
(5) هو: البصري.
(6) الآية (123) من سورة التوبة.
(7) قال ياقوت: الديلمُ: جِيلٌ سُمُّوا بأرضهم في قول بعض أهل الأثر، وليس باسم ٍ لأبٍ لهم. معجم البلدان (2/544) .
وخالفه القلقشندي فقال في كلامه على بلاد الديلم: جِيلٌ من الأعاجم، سكنوا هذه البلاد فعُرفت بهم، وبعض الناس يزعم أنهم من العرب من بني ضبَّة، ومنهم كان بنو بُوَيه القائمون على خلفاء بني العباس ببغداد. قال ابن حوقل: هي بلادٌ متسعة إلى الغاية، وبها غِياض ومياه مشتبكة في الوجه الذي يقال له: طبرستان، وقاعدتها رُوذَبار. "صبح الأعشى" (4/379) .
وقال ابن منظور في "اللسان" (د ل م) (12/204) : الدَّيْلَمُ: جِيلٌ من الناس معروفٌ يسمَّى: التُّرْك. وانظر مادة (ت ر ك) (10/406) أيضًا.
و «الجِيل» هو: كل صِنف من الناس، التُّركُ جِيلٌ، والصِّينُ جِيلٌ، والعربُ جِيلٌ، والرومُ جِيلٌ، والجمع أجيال. "اللسان" (ج ي ل) (11/134) .
(8) في (ت) و (ف) و (ك) : «قال» بلا واو.
(9) هو: ابن عُقْبَة.
(10) هو: ابن يحيى.
(11) الحديث رواه الطبري في "تفسيره" (17485) من طريق أبي نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكين، عَنْ سفيان، عن الربيع، عن الحسن، به.
ورواه الطبري أيضًا (17483) من طريق وكيع، عن الربيع، عن الحسن، به.
(3/462)
وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: الصَّحيحُ: الرَّبيع ابن صَبِيح (1) ، عَنِ الْحَسَنِ.
1011 - وسمعتُ أَبِي يَقُولُ فِي حديثٍ حدَّثنا بِهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدَك القَزويني، عَنْ مَكِّي ابن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَبِيب بْنِ الشَّهيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَا فِي النَّاسِ مِثْلُ رَجُلٍ آخِذٍ بِرَأسِ فَرَسِهِ؛ فَيُجَاهِدُ (2) فِي سَبِيلِ اللهِ، ويَجْتَنِبُ شُرُورَ النَّاسِ، أَوْ مِثْلُ رَجُلٍ بَادٍي (3) فِي نَعَمِهِ (4) ، يَقْري (5) ضَيْفَهُ، وَيُعْطِي حَقَّهُ.
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: لَيْسَ هَذَا الحَبيبَ بنَ الشَّهيد؛ إِنَّمَا هُوَ: حَبيبُ بْنُ شِهاب (6) المُدْلِجيُّ، عَنْ أَبِيهِ (7) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (8) .
_________
(1) قوله: «ابن صبيح» ليس في (ت) و (ك) .
(2) في (ك) : «فجاهد» .
(3) كذا رسمت في جميع النسخ: «بادي» بإثبات الياء، وكذا جاءت في "الجهاد" لابن أبي عاصم، و"بغية الباحث، في زوائد مسند الحارث"، و"شعب الإيمان" للبيهقي، وفي بقيَّة مصادر التخريج": «بادٍ» . والأفصحُ في المنقوص المنوَّن المرفوع والمجرور أن يوقف عليه بحذف الياء؛ تقول: هذا قاض، ومررتُ بقاض.
ويجوز أن يوقفَ عليه بالياء؛ تقول: هذا قاضي، ومررتُ بقاضي، وهي لغة صحيحةٌ فصيحةٌ. انظر الكلام عليها في المسألة رقم (146) .
(4) النَّعَم: المالُ الرَّاعي، وهو جمعٌ لا واحد له من لفظه، وأكثرُ ما يقعُ على الإبل. وجمعه: نُعْمان، وأنعام. وقيل: النَّعَمُ: الإبلُ خاصَّةً، والأنعامُ: ذواتُ الخُفِّ والظِّلْف؛ وهي الإبِلُ والبقرُ والغَنَمُ. انظر "المصباح المنير" (ص 613-614) .
(5) أي: يُكرمُه ويحسنُ إليه. انظر "لسان العرب" (15/179) .
(6) في (ك) : «الشهاب» .
(7) هو: شهاب بن مُدلج العنبري.
(8) حديثه أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/226 و311 رقم1987 و2837) ، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (154) ، والطبراني في "الكبير" (12/164 رقم 12924) ، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (618/بغية الباحث) ، والحاكم في "المستدرك" (2/67) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9595) .
(3/463)
1012 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ اختُلِفَ عَلَى ثابتٍ البُنَاني: فَرَوَى مَعْمَر (1) ، عَنْ ثَابِتٍ (2) ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: وَقَعَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ جُلَيْبِيب، فَوَجَدُهُ (3) قَدْ قُتِلَ وحولَه ناسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قتَلَهُمْ.
وَرَوَى حمَّاد بْنُ سَلَمة (4) ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ كِنانة بْنِ نُعَيْم، عَنْ أَبِي بَرْزَة (5) ، عَنِ النبيِّ (ص) بِهَذَا الْمَتْنِ، وَبِزِيَادَةٍ: أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سبعةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ (6) ثم قَتَلُوهُ، فأُتِيَ النبيُّ (ص) فأُخْبِرَ (7) ، فَجَاءَ حَتَّى قامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ (8) : هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، ثُمَّ حَمَلَهُ النبيُّ (ص) على ساعِدِهِ، مالَهُ سَريرٌ (9) غيرُ ساعِدَيْ رسولِ الله (ص) ، حَتَّى حُفِرَ لَهُ ودُفِنَ؛ وَلَمْ يذكُرْ غُسْلاً؟
_________
(1) هو: ابن راشد. وروايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (10333) ، ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/136 رقم12393) . وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3343 و3344) من طريق ديلم ابن غزوان، عن ثابت، عن أنس، به.
(2) هو: ابن أسلم البُناني.
(3) كذا في جميع النسخ: «فوجده» ، وسيأتي بعد أسطر بلفظ: «وجدوه» ، ومثله في رواية عبد الرزاق؛ وهو الجادة، وما في النسخ يتخرَّج على أنه حَذَف الواو واجتزأ عنها بالضمة على الدال؛ والاجتزاء بالحركات عن حروف المد هو لغةٌ لهَوَازِنَ وعُليَا قَيْسٍ، تقدم بيانها وبيان شواهدها في التعليق على المسألة رقم (679) .
(4) روايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (2472) ، وأحمد في "المسند" (4/422 رقم19784) ، ثم قال: «ما حدَّث به في الدنيا أحدٌ إلا حماد بن سلمة، وما أحسَنَه من حديث!» .
(5) هو: نَضْلَة بن عُبَيد الأسلمي.
(6) من قوله: «وروى حماد بن سلمة ... » إلى هنا سقط من (ف) ، بسبب انتقال النظر.
(7) في (ك) : «فأخبره» .
(8) في (ك) : «وقال» .
(9) في (ت) و (ك) : «بسرير» .
(3/464)
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: عَنْ أَبِي بَرْزَة أصَحُّ، مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ (1) .
1013 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالسي (2) ، عَنْ شُعْبَة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (3) ، عَنْ هُنَيدة بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ (4) : أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ: مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ؟ ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. فَأَخَذَهُ، فجعَلَ يَضْرِبُ بِهِ وَيَقُولُ:
إِنِّي امْرُؤٌ بَايَعَنِي خَلِيلِي
ونَحْنُ عِنْدَ أَسْفَلِ النَّخِيلِ
أَلاَّ أَقُومَ الدَّهْرَ فِي الكَيُّولِ
أَضْرِبْ بِسَيْفِ اللهِ والرَّسُولِ (5)
ثم قاتلَ حتى قُتِل؟
_________
(1) وكذا قال الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند" (289) .
(2) هو: سليمان بن داود.
(3) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(4) هو: خالد الخُزاعي.
(5) هذه أربعة أبيات من الرجز، وهي لأبي دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة ح، كما في "سيرة ابن هشام" (3/68) ، و"الروض الأنف" (3/252) ، و"تاريخ الطبري" (3/113-117) ، و"البداية والنهاية" (14/16) ، و"سمط النجوم العوالي" (2/126) ، و"تفسير الثعلبي" (3/174-175) ، و"اللسان" (11/606 كيل) ، و"التاج" (30/369 كيل) ، ونسبها ابن سِيدَه إِلَى عَليّ بْن أَبِي طالب ح في كتابَيْه "المحكم" (7/83) ، و"المخصَّص" (11/290) ، وتعقَّبه الشِّنْقِيطي في تعليقه على "المخصَّص"، وصوَّب نِسْبته إلى أبي دُجَانة، وقد جاءت الأبيات بلا نسبة في "مصنَّف ابن أبي شيبة" (19437) ، و"سنن البيهقي" (9/155) ، و"غريب الحديث" لأبي عُبَيد (2/245-246) ، و"الفائق" للزمخشري (3/289) ، و"تهذيب اللغة" للأزهري (10/356) ، و"الصحاح" للجوهري (5/1815) .
وورد في "الفائق" و"اللسان"، و"التاج" بيت خامس، وهو قوله:
ضَرْبَ غُلاَمٍ ماجدٍ بُهْلُولِ
وفي معنى «الكَيُّول» قال أبو عُبَيد القاسم بن سلاَّم: يعني: مؤخَّر الصفوف، سمعتُه من عدَّة من أهل العلم، ولم أسمعْ هذا الحرفَ إلا في هذا الحديث. "غريب الحديث" (2/72) . وانظر أقوالاً أخرى في تفسير «الكَيُّول» في "اللسان" (11/606) .
وقولُهُ في الأبيات: «أَضْرِبْ بِسَيْف الله» يُضْبَطُ بتسكين باء «أَضْرِبْ» ، ويخرَّج ذلك على ثلاثة أوجه:
الأول: أنه سكَّن الباءَ في «أضربْ» لكثرة الحركات؛ لأنها لو تحرَّكت لاجتمع أربع حركات متتالية: حركة الراء والباء من «أضرِبُ» ، وحركة الباء والسين من «بِسَيف» ، والعرب يكرهون توالي أربع حركات في كلمة واحدة أو ما في حكمها، وقد أُجري المنفصلُ هنا (الكلمتان) مُجرى المتصل (الكلمة الواحدة) . وانظر "الصحاح" (5/1815) .
والثاني: أن يكونَ من باب إدغام المتماثل الكبير، فسُكِّنت الباء من «أَضْرِب» وأُدغمت في باء «بسيف» ، قال الزمخشري في "الفائق" (3/290) : «ولا كلامَ في جوازه في حال السَّعَة» . اهـ.
ومنه قراءة أبي عمرو بن العلاء: {الرَّحِيم مَّلِكِ} [الفاتحة: 3-4] ، بتسكين ميم {الرحيمْ} ، وإدغامها في ميم {مَلِك} . انظر "معجم القراءات" لعبد اللطيف الخطيب (1/8) .
والثالث: أن يكون سُكِّن للتخفيف؛ كما في قراءة أبي عمرو بن العلاء: [البَقَرَة: 54] {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} بسكون الهمزة، وقراءته أيضًا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} ِ [البَقَرَة: 67] {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} بسكون الراء؛ قال السمين الحلبي: السُّكون في حركات الإعراب قد ورد في الشعر كثيرًا. "الدر المصون" (1/361) ، وانظر "البحر المحيط" (1/365) . ومذهبُ الجمهور: جوازُه في الضَّرورة الشعرية فقط، وعدمُ جوازه في سعة الكلام. ويَرِدُ عليهم ورود بعض القراءات القرآنية على ذلك؛ فالصواب: أنَّها لغةٌ لبعض العرب. قال في "معجم القراءات" (1/101) : «وإسكانُ الهمزة في {بَارِئْكُمْ} لغةُ بني أسد وبني تميم وبعض نجد؛ طلبًا للتخفيف» .
وانظر "منتهى الأرب، بتحقيق شرح شذور الذهب" للشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد (ص 238) .
(3/465)
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، الناسُ لا يَقُولُونَ: هُنَيْدة، عَنْ [أَبِيهِ] (1) .
1014 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالِسي (2) ، عَنْ شُعْبَة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (3) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَأَبِي مُسافِر؛ قَالا: أَتَانَا كتابُ عُمَرَ بْنِ الخطَّاب ونحن مع النُّعمان ابن مُقَرِّن: أنْ صَلُّوا الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، وَإِذَا لَقِيتُمُ العدوَّ فَلا تَفِرُّوا (4) ، وَإِذَا غَنِمْتُمْ فَلا تَغُلُّوا.
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ عَنْ أبي (5) مُسافِع (6) .
_________
(1) المثبت من (ش) ، وفي بقيَّة النسخ: «أخيه» .
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/223 رقم19437) من طريق المسعودي، عن أبي إسحاق؛ قال: جاء رجل ... فذكره هكذا مرسلاً.
وأخرجه البيهقي في "السنن" (9/155) من طريق عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عن أبي إسحاق؛ قال: سمعت هنيدة - رجل من خزاعة - قال: قال رسول الله (ص) ... فذكره، ولم يذكر خالدًا والد هنيدة.
(2) هو: سليمان بن داود.
(3) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(4) في (ك) : «تنفروا» .
(5) قوله: «أبي» سقط من (ك) .
(6) الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (33789) من طريق غندر، عن شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يقول: سمعت أبا مالك وأبا مسافع من مزينة يحدثان ... فذكره. ورواه ابن أبي شيبة أيضًا (33788) من طريق عبيد الله بن موسى؛ أخبرنا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أبي الصلت وأبي مدافع [كذا!] ، به. ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2386) من طريق أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن أبي الصلت وأبي المسافع، به.
(3/467)
1015 - وسمعتُ (1) أَبِي (2) وَذَكَرَ الحديثَ (3) الَّذِي رَوَاهُ مَعْمَر (4) ، والنُّعمان بْنُ رَاشِدٍ (5) ، عن الزُّهْري، عن عبد الله (6) بن ثَعْلبَة ابن صُعَير، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) فِي قَتْلَى أُحُد: زَمِّلُوهُمْ (7) بِجِرَاحِهِمْ؛ فَإنَّهُ مَنْ كُلِمَ كَلْمًا (8) فِي اللهِ، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ المِسْكِ.
وَرَوَاهُ عُقَيل (9) ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ (10) ، ومحمد بن إسحاق (11) ،
_________
(1) انظر المسألة رقم (1038) .
(2) في (ف) : «قال: وسمعت أبي» .
(3) في (أ) و (ش) و (ف) : «حديث» .
(4) روايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (6633 و9531 و9580) ، ومن طريقه أخرجه أحمد في "المسند" (5/431 رقم23660) ، وأبو يعلى في "المسند" (1951 و2013) ، وابن الأعرابي في "المعجم" (1194 و1195) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/11) .
(5) روايته ذكرها الدارقطني في "العلل" (4/127/أ) . وذكر الدارقطني أيضًا أن أبا بكر الهذلي تابع النعمان في روايته على هذا الوجه.
(6) في (أ) و (ش) : «عبيد الله» .
(7) أي: لُفُّوهُم. "النهاية" (2/313) .
(8) أي: جُرِح جُرحًا. يقال: كَلَمْتُه كَلْمًا - من باب قَتَل -: جَرَحتُه، ثم أُطلِق المصدر على الجُرح. انظر "المصباح المنير" (ص 540) .
(9) هو: ابن خالد. وذكر روايته على هذا الوجه الدارقطني في "العلل" (4/127/أ) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/1602) .
(10) روايته أخرجها ابن أبي عاصم في "الجهاد" (176) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (258) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (27/180) ، والضياء في "المختارة" (9/115-116) .
(11) روايته أخرجها سعيد بن منصور في "سننه" (2584) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/96) من طريق هشيم، وأحمد في "المسند" (5/431 رقم 23658) من طريق يزيد بن هارون، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (27/180) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (3/290) من طريق يونس بن بكير، والضياء في "المختارة" (9/116) من طريق علي بن مسهر، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، به.
ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (630) فقال: حدثنا دُحيم، عن عبد الرحمن بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق، عن الزهري. محمد بن مسلم بن شهاب، عن عبد الله بن الحارث بن زهرة، عن عبد الله ابن ثعلبة، عن النبي (ص) . قال ابن أبي عاصم: «ورواه عن الزهري بضعة عشر نفسًا لم يضبطه إلا محمد بن إسحاق، أدخل بين الزهري وبين عبد الله رجلاً، وقد سمع الزهري من عبد الله بن ثعلبة، وحفظه، وروى عنه» . اهـ. وكذا ذكره أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3/1602) رواية عبد الرحمن بن بشير. وأخرجها الخطيب في "تالي التلخيص" (2/552) من طريق دُحيم قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشير الدمشقي - وكان ثقة -، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ محمد بن مسلم بن شهاب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بن زهرة، عن عبد الله بن ثعلبة، عن النبي (ص) ، به
فظهر برواية الخطيب أن عبد الرحمن بن بشير وافق الجماعة في روايته عن ابن إسحاق، وأن كلمة «ابن» تصحفت عند ابن أبي عاصم وأبي نعيم إلى: «عن» ؛ فالزهري هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بن زهرة بن كلاب القرشي.
والحديث رواه ابن أبي عاصم أيضًا في "الجهاد" (177- 178) من طريق صالح بن كيسان وعبد الرحمن = = ابن إسحاق، وفي "الآحاد والمثاني" أيضًا (2608) من طريق صالح بن كيسان وحدَه، والنسائي في "المجتبى" (4/78 رقم2002) ، و (6/29 رقم 3148) ، وفي "الكبرى" (2129 و4356) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (27/179) من طريق معمر، وأبو يعلى (2629) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/177) من طريق إسحاق بن راشد، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4036) من طريق أبي أيوب الإفريقي، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/11) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (27/178-179) ، والضياء في "المختارة" (9/115) من طريق ابن عيينة، ستتهم عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة، عن النبي (ص) ، به.
قال الدارقطني في "العلل" (4/127/أ) : «يرويه الزهري، واختُلِف عنه: فرواه النعمان بن راشد وأبو بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عبد الله بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَير، عَنْ جابر. وخالفهم الليث بن سعد وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عثمان بن حنيف الأمامي - من ولد أبي أمامة -؛ رووه عن الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك، عن جابر. وخالفهما عبد ربه بن سعيد؛ رواه عن الزهري، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ جَابِرٍ. ورواه الأوزاعي، واختُلِف عنه، فرواه عباد بن حوثرة، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عبد الرحمن بن جابر، عن جابر. ورواه مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ، عَنِ الأوزاعي، عن الزهري، عن جابر مرسلاً. ورواه عقيل، عن الزهري، عن عبد الله ابن ثعلبة، عن النبي (ص) ؛ لم يذكر فيه جابرًا. وقول الليث أشبه بالصَّواب» . وذكر الدارقطني الخلاف في الحديث في "التتبع" (ص367-368) وقال: «وهو مضطرب» . وانظر"هدي الساري" لابن حجر (ص355-356) .
(3/468)
وَابْنُ جُرَيْج (1) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عبد الله ابن ثَعْلَبَة، عن النبيِّ (ص) لا يذكُرُوا (2)
_________
(1) في (ك) : «وجريج» ، بسقوط قوله: «ابن» . وابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز.
(2) في (ك) : «لا تذكروا» ، والمثبت من بقيَّة النسخ، والجادَّة أن يقال: «لا يَذْكُرون» ؛ لأنَّه مضارع مسبوقٌ بـ «لا» النافية، لكنَّ ما وقع في النُّسخ من حذف نون الرفع يتخرَّج على وجهين:
الأوَّل: إجراء «لا» النافية مُجْرى «لا» الناهية، كما أجريت «لا» الناهية مُجْرى النافية.
والثاني: على لغة قليلة لبعض العرب؛ يحذفون نون الرفع من الأفعال الخمسة لمجرَّدِ التخفيف، بلا جازم أو ناصب، أو نون توكيد أو نون وقاية؛ يقول ابن مالك: «وهذا ثابتٌ في الكلام الفصيح نثرِهِ ونظمِهِ» . اهـ. وقد وردت لهذا شواهد كثيرة في القراءات، والحديث النبوي، وأشعار العرب، ومن ذلك قراءةُ الحسن: {يَوْمَ يُدْعَوْا كُلُّ أُناسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71] ، والأصل: يُدْعَوْنَ، ومن الأحاديث قوله (ص) - كما جاء في "صحيح مسلم" (54) ، وغيره-: «لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا» ، وقولُ عمر للنبي (ص) في قتلى بدر - كما عند مسلم أيضًا (2874) وغيره - قال: «يا رسول الله، كيف يسمعوا، وأنَّى يُجيبوا وقد جيَّفُوا؟!» ، قال النووي: «هكذا هو في عامَّة النسخ المعتمدة: "كيف يَسْمَعُوا؟! وأنَّى يُجيبوا؟! " من غير نون، وهي لغة صحيحة وإن كانت قليلة الاستعمال، وسبق بيانها مرَّات» . اهـ. وغير ذلك من الشواهد.
انظر: "الخصائص" (1/388-390) ، و"إعراب الحديث النبوي" للعكبري (ص233 و278 و286 و355 و357 و381 و383) ، و"شواهد التوضيح" لابن مالك (ص228-230) ، و"شرح النووي على صحيح مسلم" (2/36) و (12/126) و (17/207) ، و"الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/63-65) ، و"عقود الزبرجد" (2/505-506) ، و"همع الهوامع" (1/200-202) ، و"خزانة الأدب" (8/339-340 و425 و426) ، و"أضواء البيان" (2/282-283) .
(3/470)
جابرً (1) .
فقلتُ لأَبِي: فحديثُ (2) مَعْمَرٍ والنُّعمان بن راشد - الذي يَرْوِيان (3) عن الزُّهْري، عن عبد الله بْنِ ثَعلبَة، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) - هُوَ محفوظٌ؟
قَالَ: لا، الصَّحيحُ مُرسَلٌ.
قلتُ: عبد الله بْنُ ثَعْلَبة، أَلَيْسَ قَدْ رَأَى النبيَّ (ص) ؟
قال: نعم، وهو صغيرٌ (4) .
_________
(1) كذا في جميع النسخ عدا (ك) ، ففيها: «جابرًا» على لغة الجمهور، وما أثبتناه يخرَّج على حذف ألف تنوين النصب جريًا على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) في (ك) : «فحدث» .
(3) أي: الذي يرويانه، حذف العائد في جملة الصلة؛ لأنَّه ضميرٌ منصوبٌ بالفعل المتصرِّف، وهو كثيرٌ جدًّا، ومنه قوله تعالى: [المدَّثِّر: 11] {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا *} ، وقوله: [الفُرقان: 41] {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً} ، أي: خلقتُهُ، وبعثَهُ. انظر: "شرح ابن عقيل" (1/155-160) ، و"شرح الأشموني" (1/152-159) [آخر باب الموصول] .
(4) الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (1343) من طريق اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جابر، به.
(3/471)
1016 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هانئ بن المُتَوَكِّل الإِسكَنْدَرانِي، عَنِ ابْنِ لَهِيعَة (2) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ ابْنَ شهاب كتبَ إليه، عن عُبَيدالله بن عبد الله بْنِ عُتبَة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ: خَيْرُ الخَيْلِ: الأَدْهَمُ، الأَقْرَحُ، الأَرْثَمُ، المُحَجَّلُ ثَلاثً (3) ، طَلْقُ اليَمِينِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أدْهَمَ فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ (4) ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا حَدِيثُ غلطٌ (5) ؛ رَوَى (6) ابنُ لَهِيعَة (7) هَذَا الحديثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُلَيِّ بْنِ رَبَاح، عَنْ أَبِي قَتادة، عَنِ النبيِّ (ص) .
_________
(1) انظر المسألة المتقدمة برقم (911) ، وفيها تفسير غريب ألفاظ هذا الحديث.
(2) هو: عبد الله.
(3) كذا في جميع النسخ، ومثله في المسألة (911) ، وقد تقدم تعليقنا عليه هناك.
(4) في (أ) و (ش) و (ف) : «الشبه» .
(5) في (ك) : «غليط» .
(6) في (ش) : «رواه» .
(7) روايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (638) ، والإمام أحمد في "المسند" (5/300 رقم22561) ، والدارمي في "مسنده" (2472) ، والترمذي في "جامعه" (1696) ، ولم يذكر في مسند الطيالسي يزيد بن أبي حبيب بين ابن لهيعة وعُلَيّ بن رباح. وأخرجه الترمذي في "جامعه" (1697) ، وابن ماجه في "سننه" (2789) ، والرامهرمزي في "الأمثال" (123) ، والحاكم في "المستدرك" (2/92) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/330) من طريق يحيى بن أيوب، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، به.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4676) من طريق جرير بن حازم، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُلي بن رباح، عن عقبة بن عامر أو أبي قتادة، به.
(3/472)
1017- وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد الرحمن الدَّشْتَكي (2) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِي (3) ، عَنْ لَيث بْنِ أَبِي [سُلَيم] (4) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ: أَتَى رسولَ الله (ص) رجلٌ فَقَالَ: رجلٌ قاتلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُحتَسِبًا حَتَّى قُتِل؛ فِي الْجَنَّةِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي الجَنَّةِ (5) . فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: أتَاني جِبْريلُ فَقالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ - عَلَى مَا يَرْويه (6) ابنُ عُيَينة (7)
-: عن عمرو ابن دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْس، عن عبد الله بن
_________
(1) انظر المسألة المتقدمة برقم (974) .
(2) هو: عبد الرحمن بن عبد الله.
(3) هو: عيسى بن أبي عيسى. وروايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (11/89 رقم 11197) من طريق هاشم ابن مرزوق، عنه، به.
(4) في جميع النسخ: «سليمان» ، إلا أنها صوبت في (أ) إلى: «سليم» ، وهو الصواب. انظر "تهذيب الكمال" (24/279) .
(5) قوله: «هُوَ قَالَ نَعَمْ فِي الْجَنَّةِ» سقط من (ك) .
(6) في (ف) : «رواه» بدل: «يرويه» .
(7) هذا الحديث يرويه ابن عيينة واختُلِف عنه: فرواه عبد الجبار بْنِ الْعَلاءِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ على الوجه الذي ذكره أبو حاتم هنا، وقد أخرجه النسائي في "الكبرى" (4351/الرسالة) . ونقل المزي في "تحفة الأشراف" (12104) عن الحافظ حمزة بن محمد الكِناني - صاحب النسائي - قوله: «هذا الحديث خطأ، وإنما رواه الثقات عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قيس، عن النبيِّ (ص) ، مرسلاً. وعن ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عجلان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عبد الله بْنِ أَبِي قَتادة، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) . وقد رواه غير واحد عن ابن عيينة، فجمعهما: عمرو بن دينار ومحمد بن عجلان، فحملوا حديث عمرو بن دينار المرسل على حديث محمد بن عجلان، ولا أدري كيف جاز هذا على أبي عبد الرحمن [أي: النسائي] ، ولعله اتَّكل فيه على عبد الجبار» . اهـ.
ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2553) فقال: نا سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، = = عَنْ النبيِّ (ص) ، وابن عجلان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عبد الله بْنِ أَبِي قَتادة، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) ... فذكره. ورواه الخطيب في "الفصل للوصل" (2/741) من طريق سعيد بن منصور على هذا الوجه. ورواه مسلم في "صحيحه" (1885) عن سعيد بن منصور؛ ثنا سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قيس (ح) ، قال: وحدثنا محمد بن عجلان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عن أبيه، عن النبي (ص) ، به. هكذا وقع عنده بإسقاط قوله: «عن النبي (ص) » بعد محمد بن قيس في رواية عمرو بن دينار، فصار ظاهره أن عمرو بن دينار ومحمد بن عجلان يرويانه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عبد الله بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن النبي (ص) .
ورواه الحميدي في"مسنده" (430) عن سفيان؛ حدثنا عمرو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ النبي (ص) . ورواه الحميدي أيضًا (429) عن سفيان؛ حدثنا محمد بن عجلان؛ أخبرني محمد ابن قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبي (ص) .
وأخرجه أبو عوانة في "مستخرجه" (5/50) من طريق شعيب بن عمرو الدمشقي، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بن دينار وابن عجلان؛ سمعا محمد بن قيس، عَنِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أبيه، عن النبي (ص) ، به.
وذكر الدارقطني في "العلل" (1028) أنه رواه هكذا أيضًا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عمر، وابن أبي عبد الرحمن المقرئ، وهو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به، ثم قال الدارقطني: «وفي هذا الإسناد وهمٌ؛ وإنما رواه عمرو ابن دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ مرسلاً بغير إسناد، ورواه ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قيس، عَنِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أبيه بيَّن ذلك محمد بن ميمون الخياط، وفَهْم بن عبد الرحمن بن فَهْم، وعباس بن يزيد، وسعدان بن نصر، عن ابن عيينة» .
ورواه أحمد في "مسنده" (5/297 رقم22542) ، ومسلم (1885) من طريق سعيد ابن أبي سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبي (ص) ، به. وهذا الوجه هو الذي رجَّحه الدارقطني في "العلل" (6/136) .
(3/473)
أَبِي قَتادة، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنِ النبيِّ (ص) (2) .
1018- وسألتُ (3) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الأَشْجَعي (4) ، عن سُفْيان (5) ، عن (6) [عبد الرحمن] (7) بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاش بْنِ أَبِي رَبِيعة، عَنْ سُلَيمان بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحول، عَنْ أَبِي سَلاَّم (8) ، عَنْ أَبِي أمامَة، عَنْ النبيِّ (ص) .
قَالَ (9) : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) ، وشَهِدتُّ مَعَهُ بَدْرًا، فلقِينا المشركينَ فَهَزَمَ اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - العدوَّ، فانطلقتْ طائفةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمون ويقتُلون، وأَكَبَّتْ طائفةٌ عَلَى العَسْكر يَحُوزُونَهُ (10) ويَجْمَعُونَهُ، وأَحدَقَتْ طائفةٌ (11) بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) ؛ لا يُصِيبُ (12) العدوُّ مِنْهُ غِرَّة (13) ،
_________
(1) قوله: «عن أبيه» سقط من (أ) و (ش) ، وهو مثبت في الزيادة التي سيأتي التنبيه عليها في التعليق التالي.
(2) في جميع النسخ بعد هذا الموضع زيادة هذا نصُّها: «وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الأَشْجَعِي، عن سفيان، عن عبد الله بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن النبي (ص) » ، وهو تكرار وخلط بين آخر هذه المسألة وأول المسألة الآتية. وانظر التعليق السابق.
(3) تقدمت هذه المسألة برقم (1003) .
(4) هو: عُبَيدالله بن عُبَيدالرحمن.
(5) هو: الثوري.
(6) في (ك) : «ابن» بدل: «عن» .
(7) في جميع النسخ: «عبد الله» ، وتقدم في المسألة رقم (1003) على الصَّواب، وانظر "التقريب" (3855) .
(8) هو: ممطور الأسود الحَبَشي.
(9) أي: أبو أمامة.
(10) في (ت) : «يجوزونه» .
(11) قوله: «وأحدقت طائفة» مكرر في (ف) .
(12) كذا في جميع النسخ، والمراد: «أنْ لا يصيبَ» ، أي: لئلا، وحذفتْ «أنْ» الناصبةُ؛ وإذا حذفت «أنْ» ، جاز بقاءُ عملها، على قول الكوفيين، وجاز إهمالُهُ على قول الأخفش؛ فيجوز هنا أن يقال: لا يُصيبَ ُ، بالنصب أو بالرفع. وانظر بيان ذلك في التعليق على في المسألة رقم (1024) ، وتقدَّم نحوه في المسألة رقم (1003) .
(13) الغِرَّةُ بالكسر: الغَفْلَة. "المصباح المنير" (ص444) .
(3/475)
حتى إذا كان الليلُ [وفاءَ] (1) الناسُ بعضُهم إِلَى بَعْضٍ؛ قَالَ (2) الَّذِينَ جَمَعُوا الغَنائم: نَحْنُ حَوَيناها وَجَمَعْنَاهَا، فَلَيْسَ لأحدٍ فِيهَا نصيبٌ، وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَب العدوِّ: لستُم بأحقَّ بِهَا منَّا (3) ، نَحْنُ نَفَينَا (4) عَنْهَا العدوَّ وهَزَمناهُم، فنزَلَت: {يَسْأَلُونَكَ.. إِنْ ... } إلى قوله: (5) ؛ فقَسَمَها رسول الله (ص) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَانَ رسولُ اللَّهِ (ص) إِذَا أغارَ (6) فِي أَرْضِ العدوِّ نَفَّلَ (7) الرُّبُعَ، وَإِذَا قَفَلَ (8) رَاجِعًا نَفَّل الثُّلُث، وَكَانَ يَكْرَهُ الأَنْفالَ، وَيَقُولُ: لِيَرُدَّ قَوِيُّ المُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعيفِهمْ.
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الفَزاري (9) ، عن الثَّوري، عن عبد الرحمن بن
_________
(1) في (ف) و (ت) و (ك) : «وفتا» ، إلا أن الفاء لم تنقط، وكذا في (أ) و (ش) ، إلا أن التاء أيضًا لم تنقط، والتصويب من "مسند أحمد" (5/323-324) ، ومعنى «فاء» أي: رجع.
(2) قوله: «قال» مكرر في (ك) .
(3) في (أ) : «منها» بدل: «منا» ، وفي (ك) : «بهلينا» بدل: «بها منا» .
(4) أي: طَرَدنا وأبعَدنا عنها العدوَّ. انظر "النهاية" (5/101) .
(5) الآية (1) من سورة الأنفال.
(6) في (أ) و (ش) و (ك) : «غار» .
(7) أي: أعطى من النَّفَل الرُّبُع، والنَّفَلُ - بالتَّحرِيك -: الغَنيمةُ، وجمعه: أنفال، والنَّفْلُ بالسكون -وقد يُحَرَّك-: الزِّيادة، أي: زادهم على سهامهم. انظر "النهاية" (5/99) . وانظر معنى الحديث أيضًا في (1/103) .
(8) في (ك) : «قفا» ، وفي (ت) يشبه أن تكون «نفا» ، والمثبت من بقيَّة النسخ ومصادر التخريج.
(9) هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث. وروايته أخرجها الشاشي في "مسنده" (1175) من طريق أبي بكر الصغاني، والطبراني في "الكبير" - كما في "تغليق التعليق" (3/507) - من طريق محمد بن النضر، كلاهما عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، به.
وخالفهما الإمام أحمد، فرواه في "المسند" (5/318 رقم 22714) عن معاوية بن عمرو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَّارِيِّ، عَنْ عبد الرحمن بن الحارث به، ولم يذكر سفيان الثوري.
ورواه الدارمي في "مسنده" (2530) عن محمد بن عيينة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَّارِيِّ، عَنْ عبد الرحمن بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ موسى، عَنْ أَبِي سَلامٍ، عَنْ أَبِي أمامة، عن عبادة به. وانظر المسألة رقم (1003) .
(3/476)
الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيمان بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحول، عَنْ أَبِي سَلاَّم، عَنْ أَبِي أُمامَة، عَنْ عُبادة بن الصَّامت، عن النبيِّ (ص) ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: الصَّحيحُ: أَبُو أُمامة، عَنْ عُبادة، عَنِ النبيِّ (ص) .
1019- قال أبو محمد (1) أيضًا (2) : وَقَدْ (3) أَدخَلَ محمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البخاريُّ - في كتاب "الطبقات" (4) [و] (5) "التَّارِيخِ" (6) ، فِي بَابٍ مَنْ كَانَ يُسمَّى: «رَبَاحً» (7) ؛ من الطبقة الأولى من
_________
(1) هو: ابن أبي حاتم.
(2) انظر المسألة رقم (914) .
(3) قوله: «أيضًا وقد» من (ف) فقط.
(4) الظاهر أنه يعني"التاريخ الأوسط"، وهو المطبوع باسم: "التاريخ الصغير"، وانظر (1/142-143) منه.
(5) في جميع النسخ: «من» ، والتصويب من "تصحيفات المحدثين" للعسكري (1/116) و (2/629) ؛ فإنه روى بعض هذا النص عن شيخه ابن أبي حاتم.
(6) أي: "التاريخ الكبير" (3/314 رقم1069) .
(7) كذا في النسخ، وفي "تصحيفات المحدثين": «من يسمى: رباحًا» . ويخرَّج ما في النسخ على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(3/477)
"التاريخ"-: رَبَاحَ (1) بنَ الرَّبيع الأُسَيِّدي (2) ، [أخا] (3) حَنْظَلَة الْكَاتِبِ التَّميمي، رَوَى (4) عَنْهُ المُرَقِّعُ بنُ صَيْفي بْنِ الرَّبَاح بن الرَّبيع، عَنْ جَدِّه رَبَاح بْنِ الرَّبيع (5) .
فَقَالَ أَبِي: هَذَا غَلَطٌ.
قلتُ: إِنَّمَا غَلِطَ يُوسُفُ بْنُ عَدِيّ - أَخُو زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيّ (6) - فِي حديثٍ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّناد (7) ، عَنْ أَبِيهِ (8) ، عَنِ المُرَقِّع بْنِ صَيْفي بْنِ رَبَاح؛ أنَّ رَبَاحًا حدَّثه: أنَّ رسولَ اللَّهِ (ص) كَرِه قتلَ النِّسَاءَ فِي الغَزْو؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى امْرَأَةً مَقْتُولَةً.
فظَنَّ البخاريُّ أن ذاك (9) صحيحٌ، فَجَعَلَهُ فِي أَوَّل ترجمةِ مَنِ اسمُه
_________
(1) قوله: «رباح» ، بالنصب مفعولٌ به للفعل «أدخَلَ» المذكور في أول المسألة.
(2) في (ف) : «الأسدي» . وهذه النسبة - الأُسَيِّدي بضم الألف، وفتح السين المهملة، وكسر الياء المشدَّدة المنقوطة بنقطتين من تحتها، بعدها دال مهملة -: إلى بَطْن من تميم يقال له: أُسَيِّد بن عمرو بن تميم، كما في "الأنساب" للسمعاني (1/111) .
(3) في جميع النسخ: «عن أخي» ، والمثبت هو الصَّواب كما في الموضعين السابقين من "تاريخي البخاري"، وكذا ذكره على الصواب المصنِّف - ابن أبي حاتم - في "الجرح والتعديل" (3/511 رقم2314) ، وجاء على الصَّواب أيضًا في آخر المسألة.
(4) في (أ) و (ش) : «رواه» .
(5) من قوله: «من التاريخ ... » إلى هنا لم يذكره العسكري.
(6) قوله: «أخو زكريا بن عدي» سقط من (ك) .
(7) هو: عبد الرحمن. وتقدم تخريج روايته في المسألة رقم (914) .
(8) هو: أبو الزناد عبد الله بن ذَكوان.
(9) في (ك) : «ذلك» ؛ وكذا عند العسكري.
(3/478)
رَبَاح؛ وإنما هو: الرِّيَاح (1) بن الرَّبيع؛ روى عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي الزِّناد (2) : محمدُ بنُ سَعِيدِ بْنِ (3) الأصبَهاني وغيرُه، عَنْ عبد الرحمن بْنِ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المُرَقِّع (4) بْنِ صَيْفي بْنِ رِيَاح (*) ؛ أن رِيَاحًا (*) حدَّثه: أنَّ رسولَ الله (ص) ... .
وكذلك رواه المغيرةُ بن عبد الرحمن (5) ، عَنْ أَبِي الزِّناد (6) ، عَنْ مُرَقِّع (7) بن صَيْفي، عن جدِّه رِيَاح (*) بْنِ رَبِيعٍ؛ قَالَ: كنَّا مَعَ رسول الله (ص) ... .
حدَّثنا أبو محمد عبد الرحمن بْنُ أَبِي حاتِم (8) ؛ قَالَ (9) : وحدَّثنا (10) أبو زرعة (11) قال: ثنا أبو الوليد الطَّيالسي (12) ؛ قال: ثنا
_________
(1) في (ت) و (ف) و (ك) : «الرباح» بالموحَّدة، ولم تنقط الياء في (أ) و (ش) ، والمثبت هو الصَّواب كما في "تصحيفات المحدثين" للعسكري، وإلا فلا يكون لتخطئة البخاري معنى، ويدل عليه أيضًا: أن ابن أبي حاتم ذكره هكذا في "الجرح والتعديل" (3/511 رقم 2314) .
(2) قوله: «أبي الزناد» سقط من (ت) و (ك) .
(3) قوله: «ابن» سقط من (أ) و (ش) .
(4) في (ش) : «أبي المُرَقِّع» .
(*) ... في (ت) و (ك) : بالباء الموحَّدة، ولم تنقط في (أ) و (ش) ، وهي ضمن السقط الواقع في (ف) كما سيأتي التنبيه عليه.
(5) تقدم تخريج روايته في المسألة رقم (914) .
(6) من قوله: «عن أبيه عن المرقع ... » إلى هنا سقط من (ف) بسبب انتقال النظر.
(7) في (ك) : «المرقع» .
(8) قوله: «عبد الرحمن بن أبي حاتم» من (ت) و (ك) فقط.
(9) من قوله: «حدثنا أبو محمد ... » إلى هنا ليس في (ف) .
(10) في (أ) و (ت) و (ش) : «ثنا» مكان: «وحدثنا» .
(11) قوله: «قال: وحدثنا أبو زرعة» سقط من (ك) .
(12) هو: هشام بن عبد الملك. وروايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (3/314) ، و"التاريخ الأوسط" (1/143) ، وأبو داود في "سننه" (2669) ، والنسائي في "الكبرى" (8625) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (4621) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/82) وجاء عندهم جميعًا: «رباح» بالباء الموحدة.
(3/479)
عُمَرُ بْنُ المُرَقِّعِ بنِ صَيْفيِّ بنِ رِيَاح (1) بْنِ رَبِيعٍ، أَخُو (2) حَنْظَلَة الْكَاتِبِ؛ قَالَ: سمعتُ أَبِي يحدِّث عَنْ جدِّي رِيَاح (3) بْنِ الرَّبيع؛ قَالَ: كنَّا مَعَ رسول الله (ص) .... (4) .
_________
(1) في (ت) و (ك) : بالباء الموحَّدة، ولم تنقط في (أ) و (ش) و (ف) .
(2) كذا في جميع النسخ، والجادَّةُ: «أخي» ؛ لأن المراد: رِيَاحُ بنُ الربيع، لكنْ يخرَّج ما هنا أنه خبرٌ لمبتدأ محذوف، والتقدير: هو أخو حنظلة الكاتب.
(3) في (ت) و (ك) : بالباء الموحَّدة، ولم تنقط في (أ) و (ش) .
(4) ذكر البخاري هذا الصحابي - كما تقدم - فيمن اسمه: «رباح» بالباء الموحدة، ثم ذكر الأسانيد بذلك، ثم قال: «وقال بعضهم: رياح، ولم يثبت» . والغريب أن ابن أبي حاتم لم يذكره في "بيان خطأ البخاري"! وقال الترمذي في "العلل الكبير" (472) : «رباح بن الربيع أصح» . وذكره ابن حبان في "الثقات" (3/127) ، وأبو نعيم في "المعرفة" (1/245/أ) فيمن اسمه: «رباح» بالباء، ثم قال ابن حبان: «ومن زعم أنه رياح بن الربيع فقد وهم» ، وقال أبو نعيم: «وقيل: رياح، وهو وهم» .
ورجح العسكري في "تصحيفات المحدثين" (1/117) ما ذهب إليه أبو حاتم.
وجميع من أخرج الحديث ذكره بالباء الموحدة: «رباح» ، ومنهم الإمام أحمد في "المسند" (3/488) ، والطبراني في "الكبير" (5/72) .
وذكره الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (2/1028) ، وابن ماكولا في المختلف فيهم في "الإكمال" (4/11) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (9/41) ، وابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" = = (1/210-211) ، و (4/116) ، وحكَوا الخلاف، ولم يرجِّحوا.
وأما الحافظ ابن حجر: فإنه ذكره في "الإصابة" (3/248-249) في «رباح» بالباء الموحدة، وقال: «ويقال فيه بالتحتانية، وهو قول الأكثر» ، ثم عكس ذلك، فذكره في «رياح» بالياء المثناة، وقال: «ذكره ابن أبي حاتم والدارقطني بالياء آخر الحروف، والأكثر على أنه بالموحَّدة، وقد تقدم» .
(3/480)
1020 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابن وَهْب (1) ، عن مَسْلَمَة ابن عُلَيٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسار، عَن ثَعلَبة بْن مُسلِم الخَثْعَمي، عن رَوْح ابن زِنْباع، عن تَميم ٍ الدَّارِيِّ؛ قَالَ: سمعتُ عائِشَة أمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ (2) : خرجتُ يَوْمًا، فَإِذَا أنا برسول الله (ص) يمسحُ بِردائِه (3) عن ظَهْرِ فَرَسِه، قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبِثوبِكَ تمسحُ عَنْ فرسِك؟ قَالَ: نَعَمْ يَا عَائِشَةُ، مَا يُدْرِيكِ لَعَلَّ جِبْرِيلَ أَمَرَني بِذَلِكِ، مَعَ أَنِّي لَقَدْ بِتُّ (4)
_________
(1) هو: عبد الله. وروايته أخرجها ابن عساكر في "تاريخه" (18/244) . غير أنه سقط في سنده: سعيد بن يسار.
(2) في (ف) : «يقول» ، وأهملت في (ش) .
(3) في (ك) : «براده» .
(4) كذا في جميع النسخ، ومثلُه في "تاريخ دمشق"، وهو من الإخبار بالجملة القَسَمِيَّة؛ لأن هذه اللام في «لقد» هي اللام الموطِّئةُ للقَسَمِ، والتقدير: مع أنِّي والله لقد بِتُّ ... إلخ. والصحيح عند جمهور النحويين: جوازُ وقوع الجملة القسميَّة خبرًا، خلافًا لأبي العباس ثعلب، ومما استشهد به الجمهور: قولُهُ تعالى: [النّحل: 41] {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} ، وقوله: [العَنكبوت: 9] {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ *} ، وغير ذلك من الآيات. ومن الحديث قولُهُ (ص) : «وَقَيْصَرُ لَيَهْلِكَنَّ، ثُمَّ لا يكونُ قَيْصَرُ بعده» رواه البخاري في "صحيحه" (3027) ، ومسلم في "صحيحه" (2918) ، وقولُهُ: «لقد كان مَنْ قبلكم لَيُمشَطُ بِمِشَاطِ الحديد» رواه البخاري (3852) . وجاء أيضًا في الشِّعْرِ كما في قوله [من الكامل] :
جَشَأَتْ فَقُلْتُ اللَّذْ خَشِيتِ لَيَأْتِيَنْ
وإذا أتاكِ فَلاَتَ حِينَ مَنَاصِ
انظر "شرح كافية ابن الحاجب" (1/207-208) ، و"شرح التسهيل" لابن مالك (1/309-310) ، و"التذييل والتكميل" لأبي حَيَّان (4/26-28) ، و"ارتشاف الضرب" (3/1115) ، و"مغني اللبيب" (ص390-391) .
(3/481)
وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتُعاتِبُني فِي (1) حَسِّ (2) الخَيْلِ وَمَسْحِهَا، فقلتُ: يَا نبيَّ اللَّهِ، فَتُوَلِّنِيهِ (3) فأكونَ أَنَا الَّذِي أَلِيهِ وأقومُ عليه. قال: إِذَنْ (4) لا أَفْعَلُ (5) ... ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ.
1021- وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه يُونُس ابْن حَبيب، عَنْ أَبِي دَاوُدَ (6) ، عَنْ (7) شُعْبَة، عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الله بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ رجُلٍ سَمِعَ أَبَا بَرْزَة الأَسْلَمي خَلْفَ نَهْرِ بَلْخٍ (8) وَهُوَ يَقُولُ: لا عَيْشَ إلا
_________
(1) في (ف) : «عن» .
(2) في (ك) : «حسن» ، وفي (ت) : «حسر» .
وحَسُّ الدَّوابِّ: نَفْضُ التُّراب عنها. "لسان العرب" (6/53) .
(3) كذا في جميع النسخ، والجادَّة أن يقال: «فَتُوَلِّينِيهِ» بإثبات ياء «تُولِّي» ، كما في "تاريخ ابن عساكر"؛ لكنَّ ما في النسخ صحيحٌ، وفيه وجهان:
الأوَّل: أنه فعل مضارع مرفوع، والأصل: «فَتُوَلِّينِيهِ» ، ثم حُذفت منه الياء اكتفاءً بالكسرة قبلها، وهذا جارٍ على لغة هوازن وعليا قيس. وقد تقدم بيانها وبيان شواهدها في التعليق على المسألة رقم (679) .
والثاني: أنَّه فعلٌ مضارعٌ معتلُّ الآخر مجزومٌ بلام أمر محذوفة؛ وحذف لام الأمر فيه أقوال، وما هنا جارٍ على اختيار ابن مالك؛ أن حذفها يجوز مطلقًا. وانظر تفصيل ذلك في "المساعد، على تسهيل الفوائد" لابن عقيل (3/123) ، و"اللباب" للعكبري (2/17) ، و"خزانة الأدب" (9/12- الشاهد رقم 680) ، و"تفسير الكشاف" (4/527) ، و"همع الهوامع" (2/539) .
(4) في "تاريخ دمشق": «إني» مكان: «إذن» .
(5) في رواية ابن عساكر زيادةٌ في أول الحديث وزيادةٌ في آخره.
(6) هو: سليمان بن داود الطَّيالسي.
(7) في (ف) : «عم» بدل: «عن» .
(8) بَلْخ: مدينة مشهورة بخراسان. "معجم البلدان" (1/479) .
(3/482)
طِرَادُ الخَيلِ الخَيْلَ (1) ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، [عَنْ رجُلٍ] (2) سَمِعَ بُرَيدة الأَسْلَمي.
1022 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسي (3) ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ (4) ، عَنْ عبد الله بْنِ عُقْبة الحَضْرَمي، عَنْ عَطاء بن دينار الخَوْلاني؛ أَنَّهُ سَمِعَ فَضالَة بْنَ عُبَيد الأَنْصَارِيَّ؛ قَالَ: سمعتُ عُمَرَ بْنَ الخطَّاب يَقُولُ: سمعتُ النبيَّ (ص) يَقُولُ: الشُّهَداءُ أَرْبَعَةٌ: فَمُؤمِنٌ جَيِّدُ الإِيمان ِ؛ لَقِيَ العَدُوَّ فَصَدَقَ اللهَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَذَاكَ (5) الَّذِي
_________
(1) قوله: «الخيل» الثانية سقط من (ك) .
(2) ما بين المعقوفين سقط من جميع النسخ، ولا بُدَّ منه أو ما يقوم مقامه؛ فمحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب لم يدرك بريدة ولا أحدًا من الصَّحابة، وإنما يروي عن التابعين كما يتضح من ترجمته في "تهذيب الكمال" (25/573-574) ، ولذلك جعله ابن حجر في "التقريب" (6095) في الطبقة السادسة، وهي طبقة من عاصروا صغار التابعين، ولم يثبت لهم لقاءُ أحد من الصَّحابة. انظر مقدمة "التقريب" (ص82) .
ويؤيِّد هذا: أن الحديث أخرجه سعيد بن منصور في كتاب الجهاد من "سننه" (2856) من طريق عبد الرحمن بن زياد، وابن سعد في "الطبقات" (4/243) و (7/8 و365) ، وعباس الدوري في "تاريخ ابن معين" (151) ، من طريق هاشم بن القاسم، كلاهما عن شعبة، به بإثبات الواسطة المبهم بين ابن أبي يعقوب وبريدة.
(3) هو: سليمان بن داود. ولم نقف على روايته على هذا الوجه، وقد رواه عنه يونس ابن حبيب في "المسند" (45) على الوجه الذي صحَّحه أبو حاتم.
(4) هو: عبد الله، وفي (ت) : «ابن الميرك» . وابن المبارك أخرجَ هَذَا الحديث فِي "كتاب الجهاد" كما سيأتي، لكن على الوجه الصحيح الآتي ذكره.
(5) في (ت) : «فذلك» .
(3/483)
يَرْفَعُ إِلَيْهِ النَّاسُ (1) أَعْيُنَهُمْ ... ، وَذَكَرَ الحديثَ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هو عبد الله بْنُ لَهِيعَة بْنِ عُقْبة؛ نسَبَهُ إِلَى جدِّه (2) ، وَإِنَّمَا هُوَ: عَنْ عَطاء ابن دِينَارٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الخَوْلاني؛ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَة، عَنْ عُمَرَ بن الخطَّاب، عن النبيِّ (ص) ؛ وهو الصَّحيحُ (3) .
_________
(1) في (أ) و (ش) : «الناس إليه» .
(2) وتقدّم نحوُ هذا في المسألة رقم (768) .
(3) قوله: «وهو الصحيح» من (ف) فقط. والحديث أخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (126) - ومن طريقه علي بن المديني؛ كما في "مسند الفاروق" (2/465) ، و"التفسير" (8/49) كلاهما لابن كثير، والطيالسي في "مسنده" (45) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (27) - ورواه الإمام أحمد في "المسند" (1/22 و23 رقم 146 و150) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هاشم ويحيى بن إسحاق، وأبو يعلى في "مسنده" (252) من طريق عبد الرحمن بن يزيد المقرئ، والترمذي في "الجامع (1644) و"العلل الكبير" (502) عن قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عاصم في "الجهاد" (186 و187) من طريق زياد بن الحباب وكامل بن طلحة، والبزار في "مسنده" (246) من طريق زيد بن الحباب، والطبراني في "الأوسط" (361) من طريق عبد الغفار بن داود، جميعهم عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الخولاني، عن فضالة، عن عمر، به.
قال الترمذي في "الجامع": «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن دينار» .
وقال في "العلل الكبير": «سألت محمدًا [يعني البخاري] : هل روى هذا الحديث غيرُ ابن لهيعة؟ قال: نعم، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عن عطاء بن دينار؛ إلا أنه يقول: عن أشياخ من خَوْلان، ولا يقول فيه: عن أبي يزيد. فقلت له: أبو يزيد الخولاني ما اسمه؟ فلم يعرف اسمه» . اهـ.
وقال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن رسول الله (ص) بهذا اللفظ إلا عن عمر من هذا الوجه، ولا له إسناد غير هذا الإسناد» .
وقال الطبراني: «لا يُروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به ابن لهيعة» .
ونقل ابن كثير في "التفسير" عن علي بن المديني قوله: «هذا إسناد مصري صالح» . ونحوه في "مسند الفاروق".
(3/484)
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (1) : فنظرتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا كتبتُ عَنْ يُونُسَ بن عبد الأَعلى فِي "كِتَابِ الْجِهَادِ"، فَإِذَا هُوَ (2) قَدْ أخبَرنا، عَنِ ابْنِ وَهْب (3) ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَة، عَنْ عَطاء بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الخَوْلاني، عَنْ فَضالَة بْنِ عُبَيد، عن النبيِّ (ص) (4) ؛ كَمَا قَالَهُ أَبِي سَوَاءً.
1023 - وسمعتُ أبي يقول: لا أعلمُ أحدً (5) روى حديثَ عمرو ابن دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عن [عُبَيدالله] (6) بن أبي رافع؛
_________
(1) قوله: «قال أبو محمد» من (أ) و (ش) .
(2) قوله: «هو» ليس في (ت) و (ك) .
(3) هو: عبد الله.
وروايته ذكرها ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص276-277) تعليقًا عن عبد الله بْنُ وَهْب، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ فَضالة بن عبيد: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يقول: إنه سمع رسول الله (ص) ... ، به.
(4) كذا في جميع النسخ! والظاهر أنه سقط منه ذكر عمر ابن الخطاب بين فضالة والنبي (ص) ، يدلُّ عليه: قوله آخر المسألة: «كما قاله أبي سواء» ، وأبوه ذكر في إسناده عمر بن الخطاب - كما سبق - ويؤيده ما تقدم ذكره من أن ابن عبد الحكم رواه من طريق عبد الله بن وهب بذكر عمر في إسناده أيضًا، والله أعلم.
(5) قوله: «أحد» من (أ) و (ش) فقط، وهو فيهما بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم الكلام عليها في المسألة رقم (34) .
(6) في جميع النسخ: «عبد الله» ، والتصويب من مصادر التخريج الآتية، وانظر "تهذيب الكمال" (19/34) .
(3/485)
قال: سمعتُ عليًّ (1) في قصَّة حاطِبِ ابن (2) أبي بَلْتَعَة (3) حين (4) بعثَه إلى أَهْلُ مَكَّةَ، فَوَقَعَ (5) الكتابُ فِي يَدَيِ النبي (ص) ... الحديثَ، لا (6) يَرويه إِلا ابنُ عُيَينة (7) وإبراهيمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّع، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ (8) .
1024 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ (9) رَوَاهُ وَهْب بن جَرِير (10) ، عن
_________
(1) كذا في جميع النسخ، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) قوله: «ابن» سقط من (ف) و (ت) و (ك) .
(3) في (ك) : «بليقة» .
(4) في (أ) و (ش) : «حتى» بدل: «حين» .
(5) في (ك) : «فرفع» .
(6) قوله: «لا» سقط من (أ) و (ش) و (ف) .
(7) هو: سفيان، وروايته أخرجها البخاري (3007) ، ومسلم (2494) في "صحيحهما".
وأخرجها البزار في "مسنده" (530) ، ثم قال: «وهذا الحديث قد روي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب ح من غير هذا الوجه، وهذا الإسناد أحسن إسنادًا [كذا!] يروى في ذلك عن علي وأصحُّه، وقد ذكرناه عن عمر في قصة حاطب بغير هذا اللفظ، فذكرناه عن علي إذ كان لفظه غير ذلك اللفظ، وكان إسناده صحيحًا» .
(8) الحديث رواه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (1/223) من طريق أبان بن عثمان؛ حدثني محمد بن شريك الْمَكِّيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحنفية، عن عبيد الله بْنِ أَبِي رَافِعٍ؛ عَنْ عَلِيِّ، به. قال أبان بن عثمان: «وحدثني أبو بَصير [وهو يحيى بن القاسم] : أنه سمع هذا الحديث من عمرو بن دينار» .
(9) قوله: «عن حديثٍ» مكرر في (ش) .
(10) روايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (1/294 رقم2682) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (652) ، وأبو داود في "سننه" (2611) ، والترمذي في "الجامع" (1555) ، وأبو يعلى في "مسنده" (2587) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (2538) ، وابن حبان (4717) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (572) ، والحاكم في "المستدرك" (1/443) و (2/101) ، والبيهقي في "سننه" (9/156) .
(3/486)
أبيه (1) ، عن يحيى ابن أيُّوب، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عن الزُّهْري، عن عُبَيدالله بن عبد الله، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: خَيْرُ الجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلافٍ، وَخَيْرُ السَّرَايا أَربَعُ مِئَةٍ (2) ... .
وَرَوَاهُ لُوَيْنٌ محمَّدُ (3) بنُ سُلَيمان (4) ،
عن حِبَّانَ بنِ عليٍّ -
_________
(1) هو: جرير بن حازم.
(2) تتمة الحديث: «ولا يُغْلَبُ اثنا عشر ألفًا من قِلَّة» .
(3) قوله: «محمد» ليس في (ف) ، وفي (أ) و (ش) : «لوين ابن محمد» ، وانظر "تهذيب الكمال" (25/297) .
(4) روايته أخرجها هو في "جزئه" (11) .
ومن طريقه رواه الطحاوي في "شرح المشكل" (573) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1239) .
ورواه الإمام أحمد (1/299 رقم2718) عن يونس بن يزيد، وأبو يعلى (2714) من طريق يونس بن محمد وحجين بن المثنى، وابن عدي في "الكامل" (2/427) من طريق داود بن عمرو، ثلاثتهم عن حبان بن علي به.
ورواه الطحاوي في "شرح المشكل" (574) من طريق يحيى الحماني؛ حدثنا مندل وحبان، عن يونس، = = عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبي (ص) ، به.
قال الطحاوي: «فعاد هذا الحديث عن حبان عن يونس ابن يزيد، عن عقيل بإسناده ومتنه، وكان حبان ليس بالقوي في روايته كما ذكر أحمد بن شعيب، وكذلك يقول أهل العلم بالأسانيد سواه، ومندل أخوه عندهم دونه في ذلك، وإذا كان ذلك كذلك، عاد الحديث إلى يونس على ما رواه عنه جرير بن حازم بلا شريك له من الثبت في الرواية فيه» .
ورواه الدارمي في "مسنده" (2482) فقال: حدثنا محمد ابن الصَّلت، حدثنا حبان ابن علي، عن يونس وعقيل، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ الله بن عبد الله، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النَّبِيِّ (ص) ، به.
(3/487)
أخو (1) مِنْدَل - عَنْ عُقَيل (2) ، عَنِ الزُّهْري، عن عُبَيدالله (3) بن عبد الله، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النبيِّ (ص) .
وَرَوَاهُ ليثُ بْنُ سَعْدٍ (4) ، عَنْ عُقَيل، عَنِ ابْنِ شِهاب: أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ ... ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: مُرسَلً (5) أشبهُ، لا يَحْتملُ (6) هَذَا الكلامُ يكونُ (7)
كلامَ النبيِّ (ص) .
_________
(1) كذا في جميع النسخ بالواو في «أخو مندل» ، والجادَّة أن يقال: «أخي مندل» بالياء، لأنه بدلٌ من «حبانَ» ؛ لكنَّ ما في النسخ يخرَّج على أنَّه خبرٌ لمبتدأ محذوف، والتقدير: هو أخو مندل.
(2) هو: ابن خالد.
(3) في (ت) و (ف) و (ك) : «عبد الله» .
(4) روايته أخرجها الطحاوي في "شرح المشكل" (575) . ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (9699) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ النبي (ص) به مرسلاً.
ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (2387) عن عبد الله ابن المبارك، عَنْ حَيْوَةَ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ الزهري، عن النبي (ص) به مرسلاً.
ومن طريق سعيد بن منصور رواه أبو داود في "المراسيل" (313) .
وكان الشيخ الألباني _ح قد صحَّح هذا الحديث في السلسلة الصحيحة" (986) ، ثم ظهرت له علته، فَعَدَل عن تصحيحه، ورجح الإرسال، وقال في خاتمة بحثه في الموضع السابق: «وجملة القول أن الحديث لا يصحُّ، فما جاء مخالفًا لهذا في بعض كتاباتي فأنا راجع عنه قائلاً: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا» . اهـ.
(5) كذا في جميع النسخ، والتقدير: هو أشبهُ مرسلً، ولكنَّه جاء هنا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(6) في (ف) : «لا يحمل» .
(7) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «أنْ يكونَ» ؛ لكنْ يخرَّج ما هنا على حذف «أَنْ» ، ويجوزُ لك نصبُ الفعل ورفعه؛ قال العكبري: «إذا حُذِفَتْ «أنْ» ، فمن العرب مَنْ يرفع الفعل المذكور، ومنهم من ينصبه بتقدير «أن» . اهـ.
قال ابن الأثير في "النهاية: «وهي لغةٌ فاشيةٌ في الحجاز، يقولون: يريدُ يَفْعَلَ، أي: أنْ يَفْعَلَ، وما أكثَرَ ما رأيتُهَا واردةً في كلام الشافعي رحمة الله عليه» . اهـ.
ومن شواهد حذف «أنْ» مع انتصاب الفعل وارتفاعه: قراءةُ الحسن البصري: {تَأْمُرُونِّي أَعْبُدَ} [الزمر: 64] ، بنصب «أَعْبُدَ» ، وقرأ الجمهور برفعه: «أَعْبُدُ» ، وقولُ العرب: تَسْمَعُ َ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِنْ أنْ تراه، يروى بنصب: «تسمع» ، ورفعه، وقولُ طَرَفَة بنِ العبد [من الطويل] :
أَلا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ ُ الوَغَى
وأَنْ أَشْهَدََ اللَّذَّاتِ هلْ أَنْتَ مُخْلِدِي؟!
يروى بنصب «أحضر» وبرفعه، وفي ذلك شواهد كثيرة.
انظر: "رسالة الشافعي" (الفقرة رقم: 168، 731، 1732) . وانظر: "سر صناعة الإعراب" (1/285) ، و"إعراب الحديث النبوي" للعكبري (ص 263-264) ، و"مغني اللبيب" (2/605) ، و"أوضح المسالك" (4/170-179) ، و"التصريح، شرح التوضيح" للشيخ خالد الأزهري (2/245) ، و"همع الهوامع" (1/30-31) ، و"خزانة الأدب" (8/580- الشاهد رقم 673) .
(3/488)
فقلتُ لأَبِي: فَسَمِعَ حِبَّانُ مِنْ عُقَيل بْنِ خَالِدٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، لا أعلمُ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ مَنْ سَمِعَ مِنْ عُقَيل إِلا حِبَّانَ بنَ علي - أخو مِنْدَلٍ (1) - ومَخْلَد بن الحسين (2) .
_________
(1) كذا في جميع النسخ، «أخو مندل» ، والجادة: «أخا» بالألف؛ لأنه بدل من «حبانَ» ؛ لكن ما في النسخ صحيح، ويخرَّج على أنَّه خبرٌ لمبتدأ محذوف، والتقدير: هو أخو مندل؛ وقد تقدَّم نحو ذلك في أول المسألة.
(2) قال أبو داود (2611) : «والصحيح أنه مرسل» .
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، لا يسنده كبيرُ أحدٍ غير جرير بن حازم، وإنما رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن النبي (ص) مرسلاً، وقد رواه حِبَّان بن علي العَنَزي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النَّبِيِّ (ص) ، ورواه الليث ابن سعد، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ النبي (ص) مرسلاً» .
وقال الطحاوي (572) : «هذا الحديث عندنا ممَّا تفرَّد به جرير بن حازم، عن يونس بن يزيد بهذا الإسناد، ولا نعلم أحدًا شركه فيه، ولا نعلم أحدًا من أصحاب الزهري رواه عن الزهري غير يونس بن يزيد، غير أن أحمد بن شعيب [يعني النسائي] قد خالفنا في ذلك، وذكر أن الحديث بهذا الإسناد قد شرك يونسَ ابن يزيد فيه عقيل بن خالد فرواه عن الزهري بهذا الإسناد» .
وقال الحاكم (1/443) : «هذا إسناد صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والخلاف فيه على الزهري من أربعة أوجه» .
وقال أيضًا (2/101) : «صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه لخلاف بين الناقلين فيه على الزهري» .
وقال البيهقي (9/156) : «تفرد به جرير بن حازم موصلاً، ورواه عثمان بن عمر، عن يونس، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ النبي (ص) منقطعًا» .
(3/489)
1025 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو حَيْوَة شُرَيح ابن يَزِيدَ الحِمصي، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ (1) ،
عَنِ المُهاصِر بْنِ حَبيب، عَنِ المُسَيَّب بْنِ مُهاجِر الْقُرَشِيِّ؛ قَالَ: إنْ ظَنَنْتَ أن تَفِيَ بثلاثٍ فَاغْزُو (*) وإلا فلا تَغْزُو (*) : إِذَا أُمِرْتَ أَطَعْتَ، وَإِذَا لَقِيتَ العدوَّ
_________
(1) هو: أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، قيل اسمه: بكير، وقيل عبد السلام.
(
*) ... رُسِمت في جميع النسخ: «فاغزوا» و «فلا تغزوا» بإثبات الواو بعدها ألف، والخطاب لمفرد لا لجمع، فالجادة: «فاغزُ ... فلا تغزُ» بحذف لام الفعل المعتل الآخر؛ لبناء الأمر في الموضع الأول، ولدخول «لا» الجازمة في الموضع الآخر. ويخرَّج ما في النسخ على وجهين:
الأول: إجراء المعتل مُجرى الصحيح.
والثاني: أنَّه على لغة بعض العرب في إشباع الحركات حتى تَنشَأ عنها حروف. وقد تقدم ذكرهما في المسألة رقم (228) .
وأما الألفُ المرسومةُ بعد الواو في الموضعين: فزائدةٌ على طريقة المتقدمين من الكتَّاب في زيادة ألف بعد واو الفعل؛ قال النووي في شرحه للحديث (16) من "صحيح مسلم"- وفيه أنَّ رجلاً قال لعبد الله بن عمر: أَلاَ تغزو؟! - قال: «ويجوز أن يكتب «تغزوا» بالألف وبحذفها، فالأولُ قولُ الكتاب المتقدِّمين، والثاني قولُ بعض المتأخرين؛ وهو الأصحُّ، حكاهما ابن قتيبة فى أدب الكاتب» . اهـ. من "شرح صحيح مسلم" (1/179) . وانظر كلام ابن قتيبة في "أدب الكاتب" (ص225-226) . وانظر تفصيل المسألة في كتاب "المطالع النصرية، للمطابع المِصْرية، في الأصول الخطية" للعلامة نصر الهوريني (ص 189-193) .
(3/490)
قاتَلتَ، وَإِذَا غَنِمتَ أَدَّيْتَ؟
فسمعتُهُما يقولان ِ: إنما هو: [السَّائبُ] (1) بن مهجان.
تَمَّ الجُزْءُ السَّادسُ بحمد الله وعَوْنِهيَتلوه (2) في الجُزْءِ السَّابعِ في حديث: سألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ رِوَايَةِ الأَوزاعيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثير، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) والحمدُ للَّه ربِّ العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمدوآلِهِ (3) ، وسلَّم
_________
(1) في جميع النسخ: «المسيب» ، والتَّصويب من مصادر ترجمته، ومنها "التاريخ الكبير" (4/155 رقم2306) ، و"الجرح والتعديل" (4/244 رقم1048) ، و"الإصابة" (5/5 رقم3655) ، وقد أطال ابن عساكر في ترجمته في "تاريخ دمشق" (20/102-106) ، وذكر الاختلاف في نسبه، وأنه يقال أيضًا: «مهجار» بالراء، وهناك من قال: «مهاجر» ، و «مهاجن» ، ولم يذكر أن أحدًا سَمَّاه: «المسيب» .
(2) في (ف) : «ويتلوه» .
(3) زاد بعده في (ف) قوله: «وصحبه» .
(3/491)
(1) بِسم الله الرَّحمن الرَّحيموصلَّى الله على سيِّدنا محمدوآلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ تسليمًاالجُزْءُ السَّابعُ مِنْ "كِتَاب ِ الْعِلَلِ"، يَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ عِلَلِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الجَنَائِزِ، والبُيُوعِ، وأَوَّلِ النِّكَاحِ (2)
1026 - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (3) : سألتُ (4) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ رِوَايَةِ الأَوزاعي (5) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثير، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كَبَّر فِي الصَّلاة عَلَى الجَنائز؟
فَقَالَ: إِنَّهُ لا يُوَصِّلُونَهُ (6) ؛
يَقُولُونَ: عَنْ أَبِي سَلَمة: أنَّ
_________
(1) زاد بعده في (ف) : «تسليمًا كثيرًا» ، ومن قوله: «تم الجزء السادس ... » إلى هنا من (أ) و (ف) فقط، لكن بهامش (ش) : «آخر الجزء السادس» .
(2) من قوله: «بسم الله الرحمن الرحيم ... » إلى هنا من (أ) ، ومثله في (ف) إلا أنه قال: «يشتملُ على أخبار ... » إلخ. وجاء بدلاً منه في (ت) و (ك) : «عِلَلِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الْجَنَائِزِ» فقط. وفي (ش) : «ذِكْرُ عِلَلِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الجنائز والبُيوع وأول النِّكاح» فقط.
(3) قوله: «قال أبو محمد» من (ت) و (ك) فقط.
(4) في (أ) و (ش) و (ف) : «سألت» بلا واو.
والحديث تقدم في المسألة رقم (483) بهذا الإسناد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ رسولَ الله (ص) صلَّى عَلَى جِنازة، فكبَّر عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ الميِّت، فَحَثا عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ رأسِه ثلاثًا.
(5) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(6) «لا يوصِّلونه» بتشديد الصاد المهملة من «وصَّل» ، وهو بمعنى لا يَصِلُونَهُ» . انظر إيضاح ذلك في التعليق على المسألة رقم (410) .
وقوله: «فقال» كذا جاء في جميع النسخ! والسؤال موجَّه في صدر المسألة إلى أبي حاتم وأبي زرعة، فيحتمل ذلك أمرين:
الأوَّل: إمَّا أن يكون الجواب منهما جميعًا، فتخرَّج «قال» على الاجتزاء، والأصلُ: «قالا» ، ثمَّ حُذِفَتِ الألفُ، واجتزئ عنها بالفتحة قبلها، على لغة هوازن وعليا قيس في الاجتزاء بالحركات من حروف المد، وقد تقدم بيانها وبيان شواهدها في التعليق على المسألة رقم (679) .
والثاني: أن يكون أراد: واحد منهما. فحذف الفاعل.
(3/492)
النبيَّ (ص) ... مُرسَلً (1) ، إِلا إسماعيلُ بنُ عَيَّاش وأبو (2) المُغِيرة (3) ، فَإِنَّهُمَا رَوَيَا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ كَذَلِكَ.
1027 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هَمَّام (4) ،
عَنْ
_________
(1) كذا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) كذا في جميع النسخ بالواو، وكانت الجادَّة أن يقال: إِلا إسماعيلَ بْنَ عيَّاش وَأَبَا المغيرة، بنصب المستثنى وما عطف عليه؛ لأنَّ الاستثناء هنا تامٌّ موجبٌ، وفي مثل ذلك يجب النصب عند أكثر النحاة خاصَّة نحاة البصرة، لكنَّ ما وقع في النسخ جائزٌ على لغةٍ حكاها أبو حَيَّان عن بعض العرب يُجْرون الاستثناء التامَّ الموجب مجرى التامِّ غير الموجب، فيجوزُ في المستثنى على ذلك ثلاثة أوجه: النصبُ على الاستثناء، والرفعُ على الابتداء، والإتباعُ بدلاً من المستثنى منه.
إذا تقرَّر هذا، فما وقع في النسخ يخرَّج على الرفع على الابتداء، وخبره: قوله: «فَإِنَّهُمَا رَوَيَا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ كَذَلِكَ» ، ودخولُ الفاء على خبر المبتدأ جائزٌ مطلقًا عند الأخفش، وانظر تفصيل ذلك في "همع الهوامع" (1/403- 406) . وانظر الكلام على اللغة التي حكاها أبو حيان في المسألة رقم (997) .
(3) هو: عبد القدوس بن الحجَّاج.
(4) هو: ابن يحيى العَوْذي. ولم نقف على روايته على هذا الوجه، ولكن الحديث رواه الإمام أحمد (1/38 رقم 264) عن عفان، عَن همام، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ عمر، عن النبي (ص) ، به هكذا بزيادة «عمر» .
وقال البزار في "مسنده" (1/218) : «ورواه همام أيضًا، عن قتادة، عن قزعة ويحيى بْنِ رُؤْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن عمر، عن النبي (ص) » .
وقال الدارقطني في "العلل" (2/61) : «وأما حديث قزعة: فأسنده ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ النبي (ص) » .
(3/493)
قَتادة، عَنْ قَزَعَة (1) ، عَنِ ابْنِ عمر (2) ، عن النبيِّ (ص) قَالَ (3) : إنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ؟
قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ (4) ، وابنُ أَبِي عَروبة (5) ، وَعُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَوَاهُ (6) بعضُهم عَن هَمَّام (7) ، عَنْ قَتادة، عَنْ يَحْيَى بْنِ رُؤْبَة، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ (ص) .
قلتُ لأَبِي زُرْعَةَ: أيُّهما الصَّحيحُ؟
قَالَ: مِنْ حَدِيثِ هَمَّام - يَعْنِي: قَتادة: عَنْ قَزَعَة - أشبهُ.
قلتُ: فحديثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؟
فَقَالَ: هما حديثان ِ قد رواهما (8) جميعًا (9) .
_________
(1) هو: ابن يحيى.
(2) في (ت) و (ك) : «عن ابن عمه» .
(3) قوله: «قال» ليس في (أ) و (ش) .
(4) روايته أخرجها البخاري (1292) ، ومسلم (927) .
(5) هو: سعيد. وروايته أخرجها أحمد (1/51 رقم 366) ، ومسلم (927) .
(6) في (أ) و (ش) و (ف) : «روى» .
(7) رواية همام على هذا الوجه ذكرها البزار في "مسنده" (1/218) ، والمزي في "تحفة الأشراف" (8/60) ، وقال البزار: «ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث عن قزعة ويحيى بن رؤبة إلا همامً، عن قتادة» .
(8) يعني: قتادة.
(9) ذكر الدارقطني في "العلل" (109) هذا الحديث، وأطال في ذكر الاختلاف فيه، فانظره إن شئت.
(3/494)
1028 - وسألتُ (1) أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الدَّراوَرْدي (2) ، عَنْ كَثير بْنِ زيد، عن زينب ابْنتِ (3) نُبَيْط (4) ، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ النبيَّ (ص) علَّم قبرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعون بِصَخْرة؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ، يُخالَفُ الدَّرَاوَرْدي فِيهِ؛ يَرْوِيهِ حاتِم (5) وغيرُه (6) ، عَنْ كَثير بْنِ زَيْدٍ، عَنِ المُطَّلِب بن عبد الله بْنِ حَنْطَب؛ وَهُوَ الصَّحيحُ (7) .
1029 - وسألتُ (8) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ المبارك (9) ، عن ابن
_________
(1) نقل هذا النص ابن الملقن في "البدر المنير" (4/96-97/ مخطوط) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (795) .
(2) هو: عبد العزيز بن محمد. وروايته أخرجها ابن ماجه (1561) ، وابن عدي في "الكامل" (6/68) .
(3) في (ك) : «ابنة» ، والمثبت من بقيَّة النسخ، وله وجه صحيح في العربية. انظر التعليق على المسألة رقم (6) .
(4) هي: امرأة أنس بن مالك ح.
(5) هو: ابن إسماعيل. وروايته اخرجها أبو داود في "سننه" (3206) ، وابن شبَّة في "تاريخ المدينة" (1/102) ، ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/412) .
(6) رواه أبو داود أيضًا (3206) من طريق سعيد بن سالم، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ المطلب به، ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/412) .
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3/399-400) من طريق الواقدي، عن كثير بن زيد، به.
(7) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (795) : «وإسناده حسنٌ، ليس فيه إلا كثير بن زيد راويه عن المطَّلب، وهو صدوق وقد بيَّن المطَّلب أن مخبرًا أخبره به ولم يُسَمِّه، ولا يضرُّ إبهام الصحابي» .
(8) تقدمت هذه المسألة بنصها برقم (213) ، وستأتي مختصرة برقم (1092) .
(9) هو: عبد الله.
(3/495)
جابر (1) ، عن بُسْر (2) بن عُبَيدالله، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ (3) ، عَنْ واثِلَة (4) ، عَنْ أَبِي مَرْثَد (5) ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: لا تُصَلُّوا إِلَى القُبُورِ، وَلاَ تَجْلِسُوا عَلَيْهَا؟
قَالَ أَبِي: يَرَوْنَ أَنَّ ابنَ (6) الْمُبَارَكِ وَهِمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ أدخلَ أَبَا إِدْرِيسَ الخَوْلانيَّ بَيْنَ بُسْر بْنِ عُبَيدالله وَبَيْنَ واثِلَة.
وَرَوَاهُ عِيسَى بنُ يُونُسَ، وصَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ، والوليدُ بنُ مُسْلِمٍ، فَقَالُوا كلُّهم: عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْر (7) بْنِ عُبَيدالله؛ قَالَ: سمعتُ واثِلَةَ بنَ الأَسْقَع يُحدِّث عَنْ أَبِي مَرْثَد الغَنَوِي، عن النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: بُسْرٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ واثِلَة، كَثِيرًا مَّا (8) يُحدِّثُ بُسْرٌ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ؛ فغَلِطَ ابنُ الْمُبَارَكِ، وظنَّ أنَّ هَذَا ممَّا رُوِيَ (9) عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ واثِلَة. وَقَدْ سَمِعَ هَذَا الحديثَ بُسْرٌ مِنْ واثِلَة نفسِه؛ لأنَّ أهلَ الشَّامِ أعرفُ بِحَدِيثِهِمْ.
1030 - وسألتُ (10) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُؤَمَّل بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حمَّاد بْن سَلَمة، عَنْ عليِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ جَابِرٍ (11) ، عَنِ ابْنِ عباس:
_________
(1) هو: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر.
(2) في (ش) و (ك) : «بشر» .
(3) هو: عائذ الله بن عبد الله الخولاني.
(4) هو: ابن الأسقع.
(5) هو: كَنَّاز بن الحصين الغَنَوي.
(6) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(7) من قوله: «وصدقة بن خالد ... » إلى هنا سقط من (ف) .
(8) في المسألة المتقدمة برقم (213) : «وكثيرًا مَّا» بالواو.
(9) أي: مما رواه بُسْرُ بنُ عبد الله.
(10) انظر المسألة رقم (1050) .
(11) هو: ابن زيد.
(3/496)
أنَّ النبيَّ (ص) صلَّى عَلَى النَّجاشي؟
قَالَ أَبِي (1) : حدَّثنا أبو سَلَمة (2) ؛ قال: ثنا حمَّاد، عَنْ عليِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ النبيَّ (ص) صلَّى عَلَى النَّجاشي (3) .
قَالَ أَبِي: حديثُ مُوسَى (4) أصَحُّ.
1031 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُؤَمَّلُ (5) ، والعلاءُ بن عبد الجبَّار، وجماعةٌ، عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمة، عن ثُمامَة بن عبد الله، عن أنس: أنَّ النبيَّ (ص) صلَّى عَلَى صَبِيٍّ - أَوْ صَبِيَّة - فلمَّا دُفِنَ قَالَ: لَوْ عُوفِيَ أَحَدٌ مِنْ عَذَابِ (6) القَبْرِ، لَعُوفِيَ هَذَا الصَّبِيُّ؟
قَالَ أَبِي: حدَّثنا أَبُو سَلَمة (7) ؛ قَالَ: حدَّثنا حمَّاد (8) ، عن ثُمامَة: أنَّ النبيَّ (ص) ... مُرسَلً (9) ؛ وَهَذَا أصَحُّ وَأَقْوَى مِنْ حَدِيثِ العلاء والمُؤَمَّل (10) .
_________
(1) قوله: «أبي» ليس في (ف) .
(2) هو: التَّبُوذَكي، واسمه: موسى بن إسماعيل.
(3) الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (1/254 رقم 2292) فقال: حدثنا عفان ابن مسلم، عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عن ابن عباس، فذكره.
(4) أي: حديث أبي سلمة التَّبوذَكي.
(5) هو: ابن إسماعيل.
(6) في (ت) و (ك) : «العذاب» .
(7) هو: التَّبوذَكي موسى بن إسماعيل. وروايته ذكرها الضياء في "المختارة" (5/201) .
(8) في (ك) : «جماعة» ، وكذا كانت في (ت) ، ثم صوِّبت.
(9) قوله: «مرسل» ليس في (ت) و (ك) ، وما أثبتناه من بقية النسخ جار على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(10) قال الضياء في "المختارة" (5/201) : «وقد رواه غير واحد متصلاً كما أخرجناه، منهم: المؤمل بن إسماعيل، والعلاء بن عبد الجبار، والله أعلم» .
والحديث رواه أبو يعلى - كما في "المطالب العالية" (4532) -، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (1435) ، والطبراني في "الأوسط" (2753) ، وابن عدي في "الكامل" (2/108) ، والضياء في "المختارة" (1824 و1825 و1826) من طريق إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحجَّاج، عَنْ حمَّاد، عن ثمامة، عن أنس، به.
قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ثمامة إلا حماد» .
واستنكره الذهبي في "الميزان" (1/372) . وقال ابن حجر في "المطالب العالية" (4532) بعد أن عزاه لأبي يعلى: «إسناده صحيح» .
ورواه عبد الله بن أحمد في "السنة" (1434) عن أبيه، عن وكيع، عَنْ حمَّاد، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنِ أنس، به. ورواه الطبراني في "الكبير" (4/121 رقم3858) من طريق عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وكيع، عَنْ حمَّاد، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنِ البراء بن عازب، عن أبي أيوب، به مرفوعًا.
قال الدارقطني في "العلل" (4/42/ب) : «يرويه حماد ابن سلمة واختُلِف عنه، فرواه حَرَمي بن عمارة وسعيد ابن عاصم الملح [كذا]- شيخ بصري- عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثمامة، عن أنس، وخالفهما وكيع وأبو عمر الحوضي روياه عن حمَّاد، عن ثمامة مرسلاً، وهو الصَّحيح» . وانظر "المختارة" (5/201) .
(3/497)
1032 - أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتِم _ح؛ قَالَ (1) : حدَّثنا (2) أَبِي، عَنْ أَبِي سَلَمة (3) ، عَنْ حمَّاد (4) ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكيم: أنَّ جَارِيَةً لثَقِيف بَغَتْ (5) ، فوَلَدَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَسَأَلُوا الحَسَنَ؛ فَقَالَ الْحَسَنُ: صَلُّوا عَلَيْهِ (6) .
_________
(1) من قوله: «أنا أبو محمد ... » إلى هنا ليس في (ف) .
(2) في (ف) : «وحدثنا» .
(3) هو: التَّبوذَكي موسى بن إسماعيل.
(4) هو: ابن سلمة.
(5) أي: زَنَتْ. "النهاية" (1/144) .
(6) كذا في جميع النسخ! وفي النص إشكال، ويبدو أن المعنى: أن الجاريةَ التي بَغَتْ ولَدَتْ فماتت -أو مات ولدُها-، فسألوا الحسن البصري، فقال: صلُّوا = = عليها، أو عليه.
وهذا يتعلق بمسألة خلافية عَرَضَ لها الحافظُ ابن حجر في "فتح الباري" (12/131) ، وهي: هل يُصلَّى على المحدود؟ فنقل عن القاضي عياض قوله: «لم يختلف العلماءُ في الصَّلاة على أهل الفِسْق والمعاصي والمقتولين في الحدود، وإن كَرِهَ بعضُهم ذلك لأهل الفضل، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة في المحاربين، وما ذهب إليه الحسن في الميتة من نِفاس الزِّنى، وما ذهب إليه الزُّهري وقتادة ... » إلخ.
والذي ذهب إليه الزهري وقتادة ذكره ابن حجر قبل ذلك، فقال: «وعن الزهري: لا يُصَلَّى على المرجوم، ولا على قاتل نفسه، وعن قتادة: لا يُصَلَّى على المولود من الزنى» . اهـ. وانظر "مصنف عبد الرزاق" (3/533-534) .
(3/498)
قَالَ أَبِي: لَيْتَهُ لَمْ يكُنْ بكرَ بْنَ عُثْمَانَ والدَ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ البُرْساني (1) ! والبُرْساني هُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ، وَمَا أخوفَني أَنَّهُ خطأٌ (2) ! لَعَلَّهُ أَرَادَ بكرَ بْنَ عُثْمَانَ.
1033- وسألتُ (3) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ أَبُو الوليد (4) ، عن حمَّاد ابن سَلَمة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَة؛ قَالَتْ: كان بالمدينة حَفَّاران ِ: واحدٌ يَلْحَدُ (5) ، والآخرُ يَشُقُّ (6) ، فلمَّا تُوُفِّيَ النبيُّ (ص) ، بَعَثُوا إِلَيْهِمَا، فسَبَقَ بِالْمَجِيءِ الَّذِي يَلْحَدُ؟
_________
(1) معناه: أن أبا حاتم يتوقَّع أن قوله: «عثمان بن حكيم» خطأ، وصوابه: «بكر بن عثمان» .
(2) في (ش) : «أخطأ» .
(3) نقل ابن الملقن في "البدر المنير" (4/85/مخطوط) بعض هذا النص بتصرف، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (783) .
(4) هو: الطَّيالسي، هشام بن عبد الملك. وروايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (2/295) . وتابعه يزيد بن هارون وحجاج بن منهال في وجه عنه. أما رواية يزيد ابن هارون: فأخرجها ابن سعد في الموضع السابق.
أما رواية حجاج بن منهال فأخرجها ابن عبد البر في "التمهيد" (22/297) ، لكن حكى الدارقطني في "العلل" (5/47/أ) أن حجاجًا أرسله، ولم يذكر فيه عائشة!.
(5) أي: يَحفِرُ القبورَ لحْدًا، واللَّحْدُ: الشَّقُّ الذي يُعْمَلُ في جانبِ القبر لموضع الميت؛ لأنه قد أُمِيلَ عن وسَط القبر إلى جانبه. "النهاية" (4/236) .
(6) أي: يَحفِرُ القبورَ شقًّا، بحيثُ يكون الشَّقُّ في وسَط القبر.
(3/499)
قَالَ أَبِي: حدَّثنا أَبُو سَلَمة (1) ؛ قَالَ: حدَّثنا حمَّاد، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ، بِلا عائِشَة؛ وَهَذَا الصَّحيحُ: بِلا عائِشَة (2) .
قلتُ لأَبِي: الخطأُ مِنْ أَبِي الْوَلِيدِ؟
قَالَ: لا أَدْرِي؛ مِنْ أَبِي الْوَلِيدِ، أَوْ مِنْ حمَّاد (3) ؟
1034 - وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ (5) ، عَنْ أيُّوب (6) ، عَنْ عبد الرحمن بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ (7) ، عَنْ عائِشَة: أنَّ
_________
(1) هو: موسى بن إسماعيل التَّبوذَكي.
(2) الحديث أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1/231 رقم546) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه مرسلاً، ليس فيه ذكر لعائشة. ومن طريق مالك أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2/296) ، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (1/154) . وأخرجه ابن سعد أيضًا (2/295 و296) من طريق همام بن يحيى وأنس بن عياض، كلاهما عن هشام، عن أبيه مرسلاً كذلك. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11631) من طريق جرير بن عبد الحميد، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فقهاء أهل المدينة. ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (6384) عن مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قال: كان بالمدينة رجلان ... فذكره.
قال الدارقطني في "العلل" (5/47/أ) : «هو حديث يرويه هشام بن عروة، واختُلِف عنه، فرواه عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عروة بن الزبير، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة، وأرسله حجَّاج بن منهال، عن حماد ابن سلمة، عن هشام، عن أبيه. وكذلك رواه مالك وابن عيينة مرسلاً، وهو المحفوظ» .
(3) تقدم أن يزيد بن هارون وحجَّاج بن منهال تابعا أبا الوليد؛ وهذا مما يقوي أن الخطأ من حماد.
(4) ستأتي هذه المسألة برقم (1042) ، وفيها زيادة على ما ها هنا، وسيأتي تخريج الحديث هناك.
(5) هو: ابن سعيد.
(6) هو: ابن أبي تميمة السَّختِياني.
(7) هو: القاسم بن مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصدِّيق.
(3/500)
النبيَّ (ص) كُفِّن فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ؟
قَالَ أَبِي: حدَّثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَة (1) ؛ قَالَ: قلتُ لعبد الرحمن - يَعْنِي: ابنَ الْقَاسِمِ -: مَنْ حدَّثكَ حديثَ النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كُفِّن فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ؟ فَقَالَ: حدَّثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بن عليٍّ: أنَّ النبيَّ (ص) كُفِّن ... .
1035 - وسُئِلَ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هُدْبَة (3) ، عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمَة (4) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هريرة، عن
_________
(1) في (ك) : «أما شعبة» بدل: «أخبرنا شعبة» .
(2) ذكر بعض هذا النص ابن دقيق العيد في "الإمام" (3/60) ، وابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/69) ، وابن الملقن في "البدر المنير" (2/62/مخطوط) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/237) ، وانظر المسألة الآتية برقم (1046) و (1094) .
(3) تصحفت في (ف) إلى «هديَّة» ، وهو: ابن خالد.
(4) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (1/397) من طريق موسى بن إسماعيل، وابن حزم في "المحلى" (1/250) و (2/23) من طريق الحجاج بن المنهال، كلاهما عن حماد، به. وقال البخاري عقبها: «ولا يصحُّ» .
ورواه البزار في "مسنده" (148/أ/مسند أبي هريرة) من طريق عبد الوهاب - وهو الثقفي - ورواه البزار أيضًا، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (34) من طريق أبي بحر البكراوي، ورواه ابن عدي في "الكامل" (6/217) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/374 رقم624) من طريق محمد بن شجاع، كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ أبي سلمة، به.
ورواه ابن عدي في "الكامل" (2/456) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/302) من طريق ابن لهيعة، عَنْ حُنين بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عن صفوان بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي سلمة، عن أبي هريرة، مرفوعًا.
قال البيهقي: «ابن لهيعة وحنين لا يُحتجُّ بهما، والمحفوظ من حديث أبي سلمة ما أشار إليه البخاري؛ موقوف من قول أبي هريرة» .
(3/501)
النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: موقوفٌ على (1) أَبِي هُرَيْرَةَ، لا يرفَعُهُ الثِّقات (2) .
_________
(1) كذا في (ش) ، ومثله في "الإمام"، وفي بقية النسخ: «عن» .
(2) الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11152 و11998) من طريق عبدة بن سليمان ويزيد بن هارون، والبخار ي في "التاريخ الكبير" (1/397) من طريق عبد العزيز الدَّرَاوَرْدي، والبزار في "مسنده" (148/أ/مسند أبي هريرة) من طريق ثابت بن يزيد، والدَّراوَرْدي، وابن المنذر في "الأوسط" (5/350) من طريق ابن عُليَّة، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (35) من طريق المعتمر بن سليمان، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/302) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، جميعهم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، موقوفًا عليه.
قال البخاري: «وهذا أشبه» . ونقل الترمذي في "العلل الكبير" (245) عن البخاري أيضًا أنه قال: «إن أحمد ابن حنبل وعلي بن عبد الله [أي: المديني] قالا: لا يصحُّ فِي هَذَا الباب شيء» . وقال أبو داود في "مسائله" (1964) : «سمعت أحمد ذكر في «من غسَّل ميِّتًا فليغتَسِل» فقال: ليس يثبت فيه حديث» .
وقال ابن المنذر: «الاغتسال من غسل الميت لا يجب، وليس فيه خبر يثبت» .
وقال البيهقي في "السنن الكبرى" (1/302) : «هذا هو الصَّحيح؛ موقوفًا» ، ثم روى بإسناده إلى محمد بن يحيى الذُّهلي أنه قال: لا أعلم في: «من غسَّل ميِّتًا فليغتَسِل» حديثًا ثابتًا، ولو ثبت لزمنا استعماله.
وانظر طرق هذا الحديث والكلام عليها في "العلل" للدارقطني (1770 و1954) ، و"الإمام" لابن دقيق العيد (2/372-391) ، و (3/58-65) ، و"تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي" (1/180) ، و"البدر المنير" لابن الملقن (2/61-69/مخطوط) ، و"فتح الباري" لابن حجر (3/127) ، و"التلخيص الحبير" (182) ، والتعليق على "الخلافيات" للبيهقي (3/273-291) .
فائدة: قال ابن المنذر في "الأوسط" (5/351) : «أجمع أهل العلم على أن رجلاً لو مسَّ جِيفةً، أو دمًا، أو خِنزيرًا ميتًا: أن الوضوءَ غيرُ واجب عليه؛ فالمسلم الميت أحرى أن لا يكون على من مسَّه طهارة» .
(3/502)
1036 - وسُئِلَ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ محمد ابن الْحَسَنِ (1) بْنِ زَبالَة (2) ، عَنْ سُلَيمان بن بلال، عن عبد الحكيم بن عبد الله بْنِ أَبِي فَرْوَة (3) ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتبَة، عَنْ عُرْوَة بْنِ الزُّبَير، عَنْ عائِشَة، عَنْ أَبِي بكر، عن النبيِّ (ص) قَالَ: إِنَّ المَيِّتَ يُنْضَحُ (4) عَلَيْهِ الحَمِيمُ (5) بِبُكَاءِ الحَيِّ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، وابنُ زَبالَة ضعيفُ الْحَدِيثِ (6) .
1037 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ حدَّثَناه، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ موسى (7) ؛ قال: ثنا شَريك (8) ، عن عُبَيدالله بن سعد؛ قال: حدَّثني
_________
(1) في (ك) : «حسن» .
(2) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (64) ، والمروزي في "مسند أبي بكر" (37) ، وأبو يعلى في "مسنده" (47) .
(3) في (ك) : «بُرْدَة» بدل: «فروة» .
(4) في (ف) : «لَيُنْضَحُ» .
(5) الحَميمُ: الماء الحُارُّ. "المصباح المنير" (ص 153) .
(6) قال البزار في "مسنده" (64) : «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ (ص) من غير هذا الوجه، وعبد الحكيم بن عبد الله رجل من أهل المدينة مشهور، صالح الحديث، ويعقوب بن عتبة مشهور، ومحمد بن الحسن هذا ليِّن الحديث؛ لأنه روى أحاديث لم يتابع عليها، وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم، وهو يعرف بمحمد بن الحسن بن زبالة المخزومي» .
وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (806) في محمد بن الحسن هذا: «ولقد أتى في هذه الرواية بطامة؛ لأن المشهور أن عائشة كانت تنكر هذا الإطلاق كما سيأتي» .
(7) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الأوسط" (1/133) . ورواه البخاري أيضًا من طريق أبي نضرة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ (ص) قال لعشرةٍ: «آخرُكُم موتًا في النَّار» ، وكان سمرة آخرَهم. ثم قال البخاري: «ووقع في النَّار، فمات» .
(8) هو: ابن عبد الله النَّخعي، القاضي.
(3/503)
رَجُل مِنْ أَهْلِ سُوقِنا مِنَ الحَمَّالين يُقَالُ لَهُ: حُجْرٌ؛ قَالَ: غَلا السِّعْرُ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فجَلَبْتُ إِلَيْهَا (1) ، قَالَ (2) : فجلستُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لِي (3) : مِنْ أينَ أَنْتَ؟ قلتُ: مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَالَ: مَا فِعْلُ سَمُرَةُ بنُ جُنْدُب؟ قلتُ: حَيٌّ، قَالَ: آللهِ، فقلتُ (4) : آللهِ (5) ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا مِنْ أحدٍ أحبُّ إلَيَّ بَقاءً مِنْهُ. قَالَ: قلتُ: ولمَ ذاك (6) ؟ قَالَ: قَالَ لِي رسولُ اللَّهِ (ص) (7) ولحذيفةَ ولهُ -يَعْنِي (8) سَمُرَةَ بنَ جُنْدُب -: آخِرُكُمْ مَوتًا فِي النَّارِ؟
قَالَ أَبِي: لَيْسَ فِيهِ حُذَيفة (9) .
_________
(1) لعل المراد: فجلبتُ إليها بضائعَ، أو نحو هذا، والله أعلم.
(2) قوله: «قال» سقط من (أ) و (ش) .
(3) قوله: «لي» ليس في (ك) .
(4) في (أ) و (ك) : «قلت» .
(5) قوله: «فقلت آلله» سقط من (ش) .
(6) في (ت) و (ك) : «ذلك» .
(7) في (ف) : «النبي (ص) » بدل: «رسول الله (ص) » .
(8) في (ك) : «معنى» .
(9) تقدم أن البخاري أخرج الحديث في "التاريخ الأوسط"، ثم قال: «ووقع في النَّار، فمات» . وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" رقم (996) - في ترجمة سمرة -: «سكن البصرة، وكان زياد يستخلِفُه عليها ستةَ أشهر، وعلى الكوفة ستةَ أشهر، فلما مات زياد استخلفَه على البصرة، فأقرَّه معاوية عليها عامًا أو نحوه، ثم عزله، وكان شديدًا على الحَروريَّة؛ كان إذا أُتي بواحدٍ منهم قتله، ولم يُقِلْه، ويقول: شرُّ قتلى تحت أديم السَّماء؛ يُكفِّرون المسلمين، ويَسفِكون الدِّماء. فالحَروريَّة ومن قاربهم في مذهبهم يطعَنون عليه، وينالون منه. وكان ابن سيرين والحسن وفضَلاء أهل البصرة يُثنون عليه، ويجيبون عنه» .
وقال أيضًا: «وكان سمرةُ من الحفَّاظ المكثرين عن رسول الله (ص) ، وكانت وفاتُه بالبصرة في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين؛ سقط في قِدْرٍ مملوءةٍ ماءً حارًّا كان يتعالجُ بالقعود عليها من كُزازٍ شديد أصابه، فسقط في القِدْر الحارَّة فمات، فكان ذلك تصديقًا لقول رسول الله (ص) له ولأبي هريرة ولثالث معهما: " آخرُكُم موتًا في النَّار "» .
(3/504)
1038 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَخْلَد القَطَواني (2) ، عَنْ عبد الرحمن ابن عبد العزيز الأَنْصَارِيِّ؛ قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْري، عَنْ عبد الرحمن بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أبيه: أنَّ رسولَ الله (ص) قَالَ: مَنْ رَأى (3) مَقْتَلَ حَمْزَةَ؟ ، فقال رجل: أنا رأيتُ ُمَقْتَلَهُ (4) ، فانطَلَقَ حَتَّى أَراناه، فخرجَ (5) حَتَّى وقفَ عَلَى حَمْزَةَ، فَرَآهُ قَدْ شُقَّ بطنُه؛ قَدْ مُثِّلَ بِهِ. قَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ! مُثِّلَ بِهِ وَاللَّهِ (6) ! فكَرِهَ رسولُ اللَّهِ (ص) أَنْ ينظرَ إِلَيْهِ، وَوَقَفَ بَيْنَ ظَهْرانَيِ القَتْلى؛ قَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ القَوْمِ، لُفُّوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ؛ فإِنَّهُ لَيسَ جَرِيحٌ (7) يُجْرَحُ فِي اللهِ إلاَّ جَاءَ جُرْحُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ المِسْكِ. قَدِّموا أَكْثَرَ القَومِ قُرْآنًا، وَاجْعَلوهُ في اللَّحْدِ؟
_________
(1) انظر المسألة رقم (1015) .
(2) روايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (3/13) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (36776) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/11) على هذا الوجه، وكذا ذكرها ابن حجر في "هدي الساري" (ص356) ؛ لكن ذكر الدارقطني في "العلل" (4/127/أ) أن عبد الرحمن هذا - وهو: ابن عبد العزيز بن عبد الله = = ابن عثمان بن حنيف الأُمامي من ولد أبي أُمامة - رواه هو وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن عبد الرحمن بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جابر. اهـ. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن عدي في "الكامل" (4/287) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/82 رقم 167) ، وفي "الدعاء" (1973) . قال الحافظ ابن حجر عن هذا الطريق: «وهو خطأ أيضًا، وعبد الرحمن هذا ضعيف» .
(3) في (ف) : «قتل» بدل: «رأى» .
(4) في (أ) و (ش) : «مقتل حمزة» .
(5) أي: النبي (ص) .
(6) قوله: «والله» ليس في (أ) و (ش) .
(7) المثبت من (ف) ، وفي بقيَّة النسخ: «جرح» .
(3/505)
قَالَ أَبِي: يُروى هَذَا الحديثُ عَنِ الزُّهْري، عَنِ ابْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) (1) .
وعبدُالرحمن (2) هَذَا (3) : شيخٌ مَدَنيٌّ مُضطَرِبُ الْحَدِيثِ (4) .
1039- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يعقوب ابن كَعْبٍ الحَلَبي، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ بَشِيرٍ أَبِي (5) إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّاد، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ خرجَ فِي جِنازَة، فعَرَضَ عَلَيْهِ رجُلٌ دابَّتَهُ، فَلَمْ يركَبْ، فَلَمَّا دفنَها عَرَضَ عَلَيْهِ رجُل آخَرُ (6) دابَّته، فركبَ؟
_________
(1) من هذا الوجه أخرجه البخاري في "صحيحه" (1343) من طريق الليث، عن ابن شهاب الزهري، به. وذكر الدارقطني في "العلل" (4/127/أ) الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: «وقول الليث أشبه بالصٌَّواب» .
وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص356) بعد أن ذكر الاختلاف في هذا الحديث: «ولا يخفى على الحاذق أن رواية الليث أرجحُ هذه الروايات - كما قررناه -؛ وأن البخاري لا يُعِلُّ الحديث بمجرَّد الاختلاف» .
(2) يعني: ابن عبد العزيز الأنصاري، الراوي عن الزهري.
(3) قوله: «هذا» ليس في (ف) .
(4) وكذا قال عن هذا الراوي في "الجرح والتعديل" (5/260 رقم 1231) .
(5) في (ش) و (ف) : «ابن» بدل: «أبي» ، والمثبت هو الصَّواب - إن شاء الله - فبشير هذا هو: ابن سليمان أبو إسماعيل الكِنْدي - ويقال: النَّهْدي - وهو يروي عن يحيى بن عبَّاد أبي هُبيرة - كما في "المعرفة والتاريخ" للفسوي (3/118) -، وقال الدُّوري في "تاريخه" (2539) : «سمعت يحيى [يعني: ابن معين] يقول: بشير أبو إسماعيل هو: بشير بن سلمان» .
وعليه فالذي يظهر أن ما سيأتي في المسألة التالية متمِّمٌ لهذه المسألة؛ على نقصٍ فيها كما سيأتي التنبيه عليه، والله أعلم.
(6) قوله: «آخر» سقط من (ك) .
(3/506)
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هو: يحيى ابن عَبَّاد أَبُو هُبَيرة: أنَّ النبيَّ (ص) ... مُرسَلً (1) ؛ فغَلِطَ يَعْقُوبُ، إِلا أَنْ يكونَ حُدِّثَ عِيسَى عَلَى خَبَرِ الصِّحَّة، فجعَلَ: كُنيةُ َ يحيى بن عَبَّاد: أبو هريرة (2) ، وزاد فيه: «عن» (3) .
_________
(1) كذا، بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، تقدَّم التعليق على المسألة رقم (34) .
(2) كذا في جميع النسخ: «أبو هريرة» بالرفع، والجادَّة: «فَجَعَلَ كُنيةَ يَحْيَى بْنِ عبَّاد أبا هريرة» بنصب: «كنيةَ» و «أبا هريرة» على أنهما مفعولا «جعل» .
ويُخرَّج ما في النسخ على وجهين:
الأوَّل: أن تُضبط «كنيةُ» بالرفع على أنها مبتدأ، خبرُه: «أبو هريرة» ، وجملة المبتدأ والخبر في محل المفعول الثاني لـ «جعل» ، والمفعولُ الأول ضميرُ الشَّأن المنويّ، والتقدير: فجَعَلَه - أي: فجعَلَ الشَّأنَ - كنيةُ يحيى بن عباد أبو هريرة. انظر تفصيلَ القول على = = ضمير الشأن وحذفه مفعولاً أوَّل في باب «ظن» في التعليق على المسألة رقم (854) .
والثاني: أن تضبط «كُنْيَةَ» بالنصب على أنها المفعولُ الأول، وقوله: «أبو هريرة» هو المفعولُ الثاني، وهو منصوبٌ أيضًا، ومجيئُه بالواو هنا صحيح؛ وله وجهان ذكرناهما في التعليق على المسألة رقم (22) الوجهين الأول والثالث.
(3) المعنى: أن عيسى حُدِّث بالخبر على الوجه الصحيح، أي: مرسلاً، غير أنه أخطأ؛ فصحَّف، وزاد: «عن» ، فجعله متصلاً.
وتحتمل العبارة وجهًا آخرَ بأن تُضبط «حدَّث» بالبناء للفاعل، ويكون المعنى: أن عيسى حدَّث بالخبر على الوجه الصحيح، مرسلاً، غير أنه صحَّف «أبي هبيرة» فجعله: «أبي هريرة» ، ولما سمع يعقوب الإسناد زاد: «عن» ، فشارك عيسى في الخطأ، والله تعالى أعلم.
وقد روي الحديث عن أبي هريرة من غير هذا الطريق. فأخرج ابن أبي شيبة في المصنف" (11254) عن وكيع، عن سفيان [وهو الثوري] ، عن أبي همام السَّكوني - وهو الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ - عَنْ أَبِي هريرة: أن رسول الله (ص) أُتِيَ بدابة وهو في جنازة فلم يركب، فلما انصرف ركب.
(3/507)
1040 - وسمعتُ (1) أبي يقول: حدَّثنا عبد الصَّمد بن عبد العزيز العطَّار؛ قَالَ: حدَّثنا بَشير (2) بْنُ سَلْمَانَ (3) .
1041- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عُثْمَانُ المُؤَذِّن (4) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمٍ (5) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ (6) ، عن عبد الله (7) ، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُما ثَلاثَةٌ ... ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ حمَّاد (8) ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وائل: أنَّ النبيَّ (ص) .
[قلتُ] (9) لأَبِي (10) : أيُّهما الصَّحيحُ؟
قَالَ أَبِي: قَدْ تُوبِعَ الهيثَم بْنُ جَهْم (11) فِي هَذِهِ الرِّواية مَوْصُولا (12) .
_________
(1) هذه المسألة تابعة للمسألة السابقة - فيما يظهر - وأفردناها بترقيم مستقل مراعاة لترقيم الطبعة الأولى.
(2) في (ف) : «بشر» .
(3) في (ك) : «سليمان» .
وقد جاءت هذه المسألة ناقصة في جميع النسخ! والظاهر: أنها متمِّمة للمسألة التي قبلها، كما سبقت الإشارة إليه؛ فكأن أبا حاتم يعني: أن بشيرًا أبا إسماعيل المذكور في المسألة السابقة هو: بشير بن سلمان، والله أعلم.
(4) هو: عثمان بن الهيثم بن جَهْم. وروايته أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (10/188 رقم 10414) .
(5) هو: ابن أبي النَّجود.
(6) هو: شقيق بن سلمة.
(7) هو: ابن مسعود ح.
(8) هو: ابن زيد، أو: ابن سلمة، وكلاهما روي عنه هذا الحديث كما سيأتي في التخريج آخر المسألة، لكن كلاهما وصلاه، فلعل ثَمَّ اختلافًا على أحدهما لم نقف عليه.
(9) في جميع النسخ: «قال» !
(10) في (ك) : «لي أبي» .
(11) يعني: والد عثمان المؤذِّن.
(12) تابعه: زائدة بن قدامة، وَحَّمَادُ بْنُ زَيْدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سلمة:
أما رواية زائدة: فأخرجها البزار في "مسنده" (1729) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5085) .
وأما رواية حماد بن زيد: فأخرجها الطبراني في "الكبير" (10/139 رقم10240) .
وأما رواية حماد بن سلمة: فأخرجها الإمام أحمد في "مسنده" (1/421 رقم3995) . وذكر الدارقطني في "العلل" (703) هذا الحديث، وذكر الاختلاف على عاصم في كونه من روايته عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ ابن مسعود موقوفًا، أَوْ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ ابن مسعود مرفوعًا. وقال: «ولعل عاصمًا حفظ عنهما» .
(3/508)
1042 - وسألتُ (1) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه (2) عبد الوارث (3) ، عن أيُّوب (4) ، عن عبد الرحمن بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ (5) ، عَنْ عائِشَة: أنَّ النبيَّ (ص) كُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ؟
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ رَوَاهُ شُعْبَةُ (6) ، عَنِ عبد الرحمن بن القاسم: أنَّ النبيَّ (ص) كُفِّنَ ...
قال شُعْبة: فقلتُ لعبد الرحمن بْنِ الْقَاسِمِ: مَن حدَّثك؟ قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (7) ؛ وهو الصَّحيحُ (8) .
_________
(1) تقدمت هذه المسألة برقم (1034) .
(2) قوله: «رواه» سقط من (ك) .
(3) هو: ابن سعيد.
(4) هو: ابن أبي تميمة السَّختياني.
(5) هو: القاسم بن مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.
(6) روايته أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (2/283) ، و (3/205) .
(7) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6169) عن ابن جريج؛ قال: سمعت مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ يقول: بلغنا أن النبيَّ (ص) كُفِّن في ثلاثة أثواب ... الحديث.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2/284) من طريق جعفر بن محمد وجابر الجعفي، كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَليّ بْن الحسين، به مرسلاً.
(8) قوله: «وهو الصحيح» من قول أبي حاتم.
(3/509)
قلتُ لأَبِي: الوَهَمُ مِنْ عَبْدِ الْوَارِثِ؟
قَالَ: لا أَدْرِي؛ مِنْ عبد الوارث هُوَ، أَوْ مِنْ أيُّوب (1) !
1043- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حُمَيد ابن هلال - في قَتْلى يوم ِ أُحد - فقال النبيُّ (ص) : احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا؟
قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ سُلَيمان بْنُ الْمُغِيرَةِ (2) ، وأيُّوب (3) ،
عَنْ حُمَيد بْنِ هلال، عن هشام.............................
ابن عامر.
_________
(1) الذي يظهر: أن الوهم من أيوب؛ لأن عبد الوارث توبع، فأخرجه ابن مردويه في "جزء أحاديث أبي الشيخ" (78) من طريق سفيان بن موسى، عن أيوب، به.
وسئل الدارقطني في "العلل" (5/54/ب) عن هذا الحديث؟ فقال: «يرويه عبيد الله بن عمر، واختُلِف عنه؛ فرواه عبد الله العمري، عن أخيه عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، وخالفه أبو ضمرة؛ فرواه عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة. ورواه أيوب السَّختياني، عن عبد الرحمن ابن القاسم، قاله سفيان بن موسى وعبد الوارث، عن أيوب، عن عبد الرحمن بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة. ورواه مُسَدَّد، عن أيوب، عن عبد الرحمن، عن عائشة مرسلاً، والذي قبله أصحُّ» .
(2) روايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (4/19 و20 رقم 16251 و16259) ، وأبو داود (3215) ، والنسائي (2015) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/156) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2144) ، وأبو يعلى في "المسند" (1553) ، والطبراني في "الكبير" (22/173 رقم 449) .
(3) هو: ابن أبي تميمة السَّختياني. وقد اختُلِف عليه في هذا الحديث: فرواه سعيد بن منصور في "سننه" (2582) ، والإمام أحمد في "المسند" (4/20 رقم 16256) ، والطبري في "تهذيب الآثار" (749/مسند عمر) من طريق ابن عليَّة، وأخرجه أبو داود في "سننه" (3216) ، والنسائي في "المجتبى" (2010) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/155) ، والطبري (752) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/34) من طريق الثوري، وأخرجه أحمد أيضًا (4/19 رقم 16254) عن ابن عيينة، ثلاثتهم - ابن علية، والثوري، وابن عيينة - عن أيوب، عن حميد، عن هشام بن عامر، عن النبي (ص) ، به.
ورواه الطبري في "تهذيب الآثار" (750/مسند عمر) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن حميد، عمَّن حدثه، عن هشام، به.
قال أبو حاتم - كما في "المراسيل" لابنه (171) -: «حميد بن هلال لم يلقَ هشام ابن عامر، يدخُل بينه وبين هشام: أبو قتادة العدوي. ويقول بعضهم: عن أبي الدَّهماء، والحفَّاظ لا يُدخلون بينهم أحدًا» . اهـ.
ورواه الإمام أحمد (4/20 رقم 16261) عن عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حميد بن هلال؛ قال: أخبرنا هشام بن عامر به، هكذا بتصريح حميد بسماعه من هشام! ورواية معمر عن العراقيين ضعيفة؛ قال ابن معين: «إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه؛ إلا عن الزهري وابن طاوس، فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا ... » نقله ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (4/126) .
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (6501) - ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (22/172 رقم 444) - عن معمر وَابْنُ عليَّة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حميد؛ أخبرني هشام، به؛ بذكر التصريح بالسَّماع. والذي يظهر أن عبد الرزاق حمل رواية ابن علية على رواية معمر؛ لأن الإمام أحمد وغيره قد رَوَوه - كما سبق - عن ابن علية، ولم يذكروا التصريح بالسَّماع، فهذا هو المحفوظ من رواية ابن علية.
ورواه الطبراني في "الكبير" (22/172 رقم445) عن أبي مسلم الكشِّي، عن سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حميد، عن هشام به.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف" (36777) ، والنسائي في "سننه" (2016) ، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/155) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/34) من طريق سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حميد، عَنْ سَعْدِ بْنِ هشام، عَنْ هشام به.
قال الفسوي (3/156) : «وحضرت سليمان بن = = حرب وأجرى في ذكر هذا الحديث فقال لي: كيف رواه سليمان بن المغيرة، كتبتَه من حديث سليمان؟ قلت: نعم؛ قال: حدثنا حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ هِشَامِ بن عامر الأنصاري ... فذكره. ثم قال الفسوي: «وذكرت له رواية قبيصة، فإذا هو يفخِّم أمر سليمان بن المغيرة» .
ورواه عبد الوارث، عن أيوب، فزاد فيه أبا الدهماء كما سيأتي.
(3/510)
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: عَنْ حُمَيد بْنِ هِلالٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ (1) هِشَامٍ (2) .
وَرَوَاهُ غيرُهما (3) فَقَالَ (4) : عَن حُمَيد بْن هلال، عَنْ أَبِي الدَّهْماء (5) - أَوْ غيرِهِ - عَنْ هشام بن عامر.
_________
(1) قوله: «ابن» سقط من (ك) .
(2) لعله يعني: عَنْ سَعْدِ بْنِ هشام، عَنْ هشام به. فقد أخرجه على هذا الوجه: الإمام أحمد (4/20 رقم 16263) ، وأبو داود (3217) ، والنسائي (2011) ، والطبري في "تهذيب الآثار" (748/مسند عمر) من طريق جرير، به. وتقدم أن سليمان بن حرب رواه عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أيوب، عن حميد، عَنْ سَعْدِ بْنِ هشام، عَنْ هشام، به.
(3) كذا! وتقدم أن الذين رَوَوه عن حميد ثلاثة؛ إلا أن يكون قصد: على غير الوجهين السابقين.
(4) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4/20 رقم 16262) ، والترمذي في "جامعه" (1713) ، والنسائي في "سننه" (2017) ، وابن ماجه (1560) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1558) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/194) ، والطبراني في "الكبير" (22/173 رقم 448) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/34) جميعهم من طريق عبد الوارث بن سعيد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هلال، عن أبي الدهماء، عن هشام بن عامر، به. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» . وقال الطبراني: «زاد عبد الوارث في إسناد هذا الحديث: أبا الدهماء» .
(5) هو: قِرْفَةُ بن بَيْهَس، أو بُهَيْس.
(3/512)
فقلت ُ لأَبِي: أيُّهما أصَحُّ؟
فَقَالَ: أيُّوب وسُلَيمان بْنُ الْمُغِيرَةِ أحفَظُ مِنْ جَرير بْنِ حَازِمٍ.
1044 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هَمَّام (1) ، عَنْ قَتادة، عَنْ أَبِي الجَوْزاء (2) ، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: إِذَا حَضَرَ المُؤْمِنَ المَوْتُ، حَضَرَهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، قَبْضَ نَفْسِهِ فِي حَريرَةٍ بَيضَاءََ (3) ... ، الْحَدِيثَ (4) ؟
قَالَ أَبِي: وَرَوَاهُ مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ (5) ، عَنْ أَبِيهِ (6) ، عَنْ قَتادة، عَنْ
_________
(1) هو: ابن يحيى العَوْذي. وروايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (2511) ، والبزار في "مسنده" (235/ب/مسند أبي هريرة) ، وابن حبان في "صحيحه" (3013) ، والحاكم في "المستدرك" (1/353) . قال البزار: «وهذا الحديث رواه هشام عن قتادة، عن قسامة، عن أبي هريرة وهو أحسن له سياقة» .
(2) هو: أَوْس بن عبد الله الرَّبَعي.
(3) كذا جاء متن الحديث في جميع النسخ! ولفظه في رواية ابن حبان في الموضع السابق: «إنَّ المُؤْمِن إذَا حَضَرَه المَوْتُ حَضَرَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ، فَإِذا قُبِضَتْ نَفْسُه جُعِلَتْ في حَريرَةٍ بَيضَاء ... » ، الحديث.
وقوله: «قَبْضَ نفسِه» ضبطناه على أنه مفعول لأجله، ويحتمل أن يُضبط: «قَبَضَ نفسَه» على أنه فعل ماض، فاعله ضمير مستتر يعود على مَلَك الموت، والله أعلم.
(4) قوله: «الحديث» سقط من (ك) .
(5) روايته أخرجها النسائي في "سننه" (1833) ، والبزار في "مسنده" (243/أ/مسند أبي هريرة) ، وابن حبان في "صحيحه" (3014) ، والحاكم في "المستدرك" (1/353) . قال البزار: «ولا نعلم روى هذا الحديثَ بهذا اللفظ إلا قتادة، عن قسامة، عن أبي هريرة. وقسامة رجلٌ من أهل البصرة، حدث عنه قتادة وعمران بن حُدير، وسليمان التيمي، والجريري» .
(6) هو: هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتَوائي.
(3/513)
قَسامَة بْنِ [زُهَير] (1) ، عَنْ أَبِي هريرة، عن (2) النبيِّ (ص) .
وَتَابَعَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّواية القاسمُ بْنُ الفَضل (3) .
قَالَ أَبِي: هَذَا أشبهُ؛ لأنَّ هِشَامَ (4) أحفَظُ مِنْ هَمَّام (5) .
1045 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْران (6) ، عَنِ الفَضْل بْنِ سُوَيد، عَنْ أَبِي المَلِيح بْنِ أُسَامَةَ (7) ، عَنِ ابْنِ عمر، عن (8) النبيِّ (ص) قال: مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ إلاَّ غُفِرَ لَهُ؟
قَالَ أَبِي (9) : يَقُولُونَ: عَنْ أَبِي المَلِيح، عن عبد الله بن سَلِيل (10) ، عن ميمونة، عن النبيِّ (ص) .
_________
(1) في جميع النسخ: «زيد» ، والتصويب من مصادر التخريج.
(2) قوله: «عن» سقط من (ك) .
(3) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (243/أ/مسند أبي هريرة) ، والطبراني في "الأوسط" (742) ، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/352-353) من طريق معمر، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زهير، عن أبي هريرة، به.
(4) كذا في جميع النسخ، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(5) ذكر الدارقطني في "العلل" (2244) طريق همام والقاسم بن الفضل، ثم قال: «والله أعلم بالصَّواب» .
(6) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (5/114) تعليقًا من طريق معلَّى بن أسد، عن محمد بن حمران، به.
(7) اسمه: عامر، وقيل: زيد، وقيل: زياد.
(8) قوله: «عن» سقط من (ك) .
(9) قوله: «أبي» سقط من (ك) .
(10) ويقال: «عبد الله بن سليط» : بالطاء كما سيأتي في التخريج، وترجم له ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (2/348) باسم: عبد الله بن سليط - بالطاء -، ثم قال: «وكذا ذكر البخاري الاختلاف في أبيه، والرَّاجح: السَّليط» .
وقال الخطيب في "الفصل للوصل" (1/389) : «وقال يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: عَنْ أبي بكار، عن أبي المليح، عن عبد الله بن سليل باللام بدل الطاء» ، ثم روى في (1/391) عن ابن معين أنه قال: «ليس بابن سليل؛ إنما هو: عبد الله بن سليط» .
(3/514)
وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (1) ، عَنْ عُبَيدالله بْنِ العَيْزار (2) ، عَنْ أَبِي المَلِيح، عن عُبَيدِالله - أو عبدِالله - بنِ سَلِيل، عن بعض أزواج النبيِّ (ص) (3) .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما أشبهُ؟
قَالَ: ما يروي يحيى القَطَّانُ.
_________
(1) هو: القطَّان.
(2) في (ك) : «الغيزار» .
(3) لم نجد رواية يحيى بن سعيد القطان لهذا الحديث عن عبيد الله بن العيزار، ولكن وجدناه يرويه عن أبي بكار الحكم بن فرُّوخ. فالحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11623) ، والطبراني في "الكبير" (23/437 رقم 1060) من طريق يحيى القطان، عن أبي بكار الحكم بن فرُّوخ، عن أبي المليح، عن عبد الله بْنِ سُلَيْطٍ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النبي (ص) - وهي ميمونة -، به.
ورواه الطبراني في "الكبير" (24/20 رقم42) من طريق ابن أبي شيبة، عن يحيى القطان، به، إلا أنه قال: «عن عبد الله بن أبي السليل» بدل: «عن عبد الله بن سليط» .
ورواه الإمام أحمد في "المسند" (6/331 رقم 26812) ، والخطيب في "الفصل للوصل" (1/389) من طريق يحيى القطان، به، فقال: «عن عبد الله بن سليل» .
ورواه الإمام أحمد في "المسند" (6/335 رقم 26838) عن عبد الواحد الحداد، والنسائي في "سننه" (1993) من طريق محمد بن سواء، والبخاري في "التاريخ الكبير" (5/113) من طريق مبارك أبي عبد الرحمن، ثلاثتهم عن أبي بكار الحكم ابن فرُّوخ، عن أبي المليح، عن عبد الله بْنِ سُلَيْطٍ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النبي (ص) - وهي ميمونة -، به.
ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" (5/113-114) ، والطبراني في "الكبير" (24/19 رقم39) ، كلاهما من طريق القاسم بن المطيب، عن أبي المليح الهذلي، حدثني سليط أخو ميمونة، عن ميمونة، به.
ورواه يحيى القطان وابن أبي عدي - فيما ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (5/114) - عن شعبة، عن مبشر بن أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابن عمر، به.
(3/515)
1046 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدِ بْنِ المِنْهَال الضَّرير (2) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيع (3) ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (4) ، عَنْ أَبِيهِ، عن حُذَيفة؛ قال النبيُّ (ص) : مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ غلَطٌ. وَلَمْ يُبَيِّن غلطَه (5) .
_________
(1) انظر المسألة رقم (1035) و (1094) .
(2) روايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (2760) ، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (37) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/304) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/376 رقم628) .
(3) في (ت) و (ك) : «رزيع» .
(4) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(5) نقل ابن دقيق العيد في "الإمام" (3/64) ، = = وابن الملقن في"البدر المنير" (2/68/مخطوط) قوله: «هَذَا حَدِيثٌ غَلَطٌ. وَلَمْ يُبَيِّنْ غلطه» ، وانظر "التلخيص الحبير" (1/238) .
وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ أبي إسحاق إلا معمر، ولا عن معمر إلا يزيد، تفرد به محمد» .
وقال البيهقي: «قال ابو بكر بن إسحاق الفقيه: خبر أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حذيفة: ساقط» . قال البيهقي: «والمشهور: عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب الأسدي، عن علي ح» . وقال في "معرفة السنن والآثار" (2/134) بعد أن ذكر طريق معمر وغيرها: «وكل ذلك ضعيف» .
وقال ابن الجوزي في الموضع السابق: «وأما حديث حذيفة: فإن أبا إسحاق تغير بأخرة، وأبوه ليس بمعروف في النقل» .
وقال الدارقطني في "العلل" (4/146) بعد أن ذكر طريق معمر: «ولا يثبت هذا عن أبي إسحاق، والمحفوظ: قول الثوري وشعبة ومن تابعهما عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي» .
(3/516)
1047 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوان، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمة (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ النبيَّ (ص) كَانَ إِذَا صلَّى عَلَى جِنازَةٍ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنا وَمَيِّتِنَا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ الحفَّاظُ لا يَقُولُونَ: أَبُو هُرَيْرَةَ؛ إِنَّمَا يَقُولُونَ: أَبُو سَلَمة: أنَّ النبيَّ (ص) (3) .
_________
(1) نقل بعض هذه المسألة ابن الملقن في "البدر المنير" (4/72/مخطوط) ، وابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/230) ، وانظر "النكت الظراف" (11/72) ، وستأتي برقم (1058) ، وانظر رقم (1076) .
(2) قوله: «عن أبي سلمة» سقط من (ف) .
(3) هذا الحديث يرويه يحيى بن أبي كثير، واختُلِف عنه: فرواه الإمام أحمد في "المسند" (2/368 رقم8809) من طريق أيوب بن عتبة، وأبو يعلى في "مسنده" (6009 و6010) من طريق سعيد بن يوسف وصاحب لسويد أبي حاتم، والطبراني في "الدعاء" (1175 و1176 و1177 و1178) من طريق سعيد بن يوسف، وهشام ابن حسان، وصاحب لسويد أبي حاتم، وهشام الدستوائي، وعاصم، ستتهم عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة، به مرفوعًا كما رواه محمد بن ذكوان.
ورواه همام بن يحيى، وهشام الدستوائي، وأبان العطَّار في بعض الطرق عنهم، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، عن النبي (ص) ؛ كما سيأتي في المسألة رقم (1076) . وكذا رواه محمد بن يعقوب، عن يحيى.
واختُلِف على الاوزاعي فيه، فروي عنه على هذا الوجه، وروي عنه على غيره كما سيأتي.
ورواه علي بن المبارك عن ابن أبي شيبة في "المصنف" (11356) ، ومعمر عند عبد الرزاق في "المصنف" (6419) ، وهمام بن يحيى عند الطحاوي في "شرح المشكل" (966) ، ثلاثتهم عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، به مرسلاً.
ورواه الأوزاعي عن يحيى، واختُلِف عنه: فرواه الوليد ابن مسلم عند ابن حبان (3070) ، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج عند النسائي في "الكبرى" (10919) ، والطبراني في "الدعاء" (1174) ، وإسماعيل بن عيَّاش عند أبي يعلى (6009) ، والطبراني في "الدعاء" (1175) ، وشعيب بن إسحاق عند أبي داود في "سننه" (3201) ، والبيهقي (4/41) ، وهقل ابن زياد عند الترمذي في "جامعه" (1024) ، والبيهقي (4/41) ، ومحمد بن كثير الصنعاني عند الطحاوي في "شرح المشكل" (971) ، ستتهم عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
ورواه جماعة آخرون - سيأتي ذكرهم في المسألة رقم (1076) - عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، عن النبي (ص) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (4/41) عن الوليد بن مزيد وبشر بن بكر، كلاهما عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أبي سلمة، به مرسلاً.
قال الترمذي في "جامعه" (1024) : «وسمعت محمدًا [يعني: البخاري] يقول: أصحُّ الروايات في هذا؛ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه. وسألته عن اسم أبي إبراهيم فلم يعرفه» .
وذكر الدارقطني في العلل" (1794) الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: «والصَّحيح عن يحيى: [فقول] من قال: عن أبي إبراهيم، عن أبيه، وعن أبي سلمة، مرسل» .
(3/517)
1048 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد الواحد بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيٍّ؛ قَالَ: أُلحِدَ لِرَسُولِ الله (ص) ، وَلَمْ يُشَقَّ شَقًّا (2) ، ونُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا.
_________
(1) روايته أخرجها الحاكم في "المستدرك" (1/262) ، والبيهقي في "السنن الكبرى (3/388) و (4/53) ، = = و"دلائل النبوة" (7/253) .
ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1/339) أيضًا من طريق عبد الواحد بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قال: قال عليُّ ابن أبي طالب: «ووَلِيَ دفنَه وتكفينَه وجنَّته دونَ الناس - يعني النبيَّ (ص) - كلُّهم أربعةٌ: عليٌّ، والعباسُ، والفضلُ، وصالحٌ مولى رسول الله (ص) » .
(2) تقدم تفسير اللَّحد والشَّق في المسألة رقم (1033) .
(3/518)
قال أبو محمد (1) : ورواه عبد الله بْنُ دَاوُدَ الخُرَيْبي (2) ، عَنْ مَعْمَر (3) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ قَالَ: أُلحِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ص) ؟
قَالَ أَبِي: الصَّحيحُ مُرسَلٌ، وحديثُ عبد الواحد خطأٌ.
1049- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه عُبَيدة ابن الأسْوَد، عَن القاسم بْن الْوَلِيدِ، عَنْ زُبَيد الأَيامي (4) ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (5) ، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: النِّياحةُ عَلَى المَيِّتِ، والطَّعْنُ فِي النَّسَبِ: كُفْرٌ؟
قَالَ أَبِي: أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ عِنْدِي: الأعمَش (6) .
_________
(1) في (ف) : «قلت» بدل: «قال أبو محمد» .
(2) في (ت) : «الخريني» ، وفي (ك) : «الحريني» ، وفي (ش) يشبه أن تكون: «الحديثي» . وانظر "تهذيب الكمال" (14/458-459) .
(3) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6381) عن معمر، به مرسلاً كذلك، ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (37018) عن عبد الأعلى، عن معمر، به مرسلاً أيضًا.
(4) هو: زُبَيد بن الحارث الأيامي، ويقال: اليامي.
(5) هو: ذَكوان السَّمَّان.
(6) الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (2/377 رقم8905) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/305) من طريق أبي بكر بن عياش، ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12101) ، وابن منده في "الإيمان" (663) من طريق أبي معاوية، ورواه ابن منده في "الإيمان" أيضًا (660) من طريق محمد بن عبيد وجرير بن عبد الحميد، أربعتهم عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة، به مرفوعًا.
قال أبو نعيم: «مشهور عن الأعمش، رواه عنه [زبيد] اليامي، وسفيان الثوري، وجرير، وأبو معاوية في آخرين» .
(3/519)
1050 - وسألتُ (1) أَبَا زُرْعَةَ (2) عَنْ حديثٍ رواه عَبْدَة (3) ، عن عُبَيدالله (4) بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ صلَّى عَلَى النَّجاشي، فكبَّر أَرْبَعًا؟
فَقَالَ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هو: عُبَيدالله (5) ،
عن الزُّهْري، عن
_________
(1) انظر المسألة رقم (1030) .
(2) في (أ) و (ش) : «وسألت أبي» .
(3) يعني: ابن سليمان، وروايته أخرجها أبو يعلى في "معجمه" (216) . وذكر الدارقطني في "العلل" (9/356) أن عبدة يرويه عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(4) في (ف) : «عبيدة» .
(5) أخرجه من طريق عبيد الله: الطيالسي في "مسنده" (2410) ، وأحمد في "مسنده" (2/289 رقم7885) ، وابن حبان في "صحيحه" (3100) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/495) ، والدارقطني في "العلل" (9/359) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (1245 و1333) ، ومسلم (951) ، كلاهما من طريق الإمام مالك، عَنِ ابْن شِهَابٍ الزُّهْرِيّ، عَنْ سعيد، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه البخاري أيضًا (3881) ، ومسلم في الموضع السابق من طريق صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ كذلك.
وأخرجه البخاري (1327 و1328) ، ومسلم أيضًا من طريق عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سلمة، كليهما عن أبي هريرة، به.
وأخرجه البخاري أيضًا (1318) من طريق مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ، عن أبي هريرة، به.
وذكر الدارقطني في "العلل" (1804) الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: «والصحيح من ذلك قول من قَالَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي (ص) : نعى لأصحابه النَّجاشي في اليوم الذي ماتَ فيه، وقال: «استَغفِروا لأخيكُم» . قال الزهري: فحدثني سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النبي (ص) خرج بهم إلى المصلَّى، وصلَّى عليه، وكبَّر أربعًا» . اهـ.
وذكر الدارقطني في "العلل" أيضًا (4/108/أ) حديث عبدة، وبيَّن أنه وهمٌ، وقال: «والصَّحيح: عن عبيد الله، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أبي هريرة» . اهـ.
(3/520)
سَعِيدٍ (1) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَنَرَى أَنَّهُ وَهِمَ فِيهِ عَبْدَةُ (2) .
1051 - وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه أسد ابن مُوسَى؛ قَالَ: حدَّثنا أَبُو خُرَيم؛ قَالَ: حدَّثني سُهَيل بْنُ عَلِيٍّ: أن عبد الله بن عمر وعبد الله بْنَ عَبَّاسٍ كَانَا قاعدَيْنِ يتحدَّثان، فمرَّتْ جِنازَة، فَقَامَ أحدُهما، وَجَلَسَ الآخَرُ، فَلَمَّا مَضَتِ الجِنازَة؛ قَالَ القائمُ لِلْجَالِسِ: فَلَوْلا كنتَ قُمْتَ إذْ مَرَّتِ الجِنازَة! قَالَ الجالسُ: فَلَوْ كنتَ جلستَ إِذْ مَرَّتِ الجِنازَة! قَالَ: أَنَا رأيتُ (3) رسولَ اللَّهِ (ص) يَقُومُ؛ قَالَ: وَأَنَا رأيتُه يجلسُ؟
قَالَ أَبِي: لا أَدْرِي أَبُو خُرَيْم (4) هذا هو عُقْبَةُ ابنُ أَبِي الصَّهْباء أَوْ غيرُه؟
1052- وسمعتُ أَبِي يَقُولُ (5) وَذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ عبد الله بن وَهْب (6) ،
_________
(1) هو: ابن المسيّب.
(2) ستأتي هذه المسألة برقم (1091) من طريق أخرى عدَّها أبو زرعة وهمًا أيضًا. وانظر "تهذيب التهذيب" (2/77) .
(3) في (ك) : «أنا وأنت» بدل: «أنا رأيت» .
(4) كذا في جميع النسخ، وهو مبتدأ مرفوعٌ بالواو، على إضمار همزة الاستفهام، وهذا من باب تعليق أفعال القلوب المتصرِّفة إذا وقع بعدها استفهام، نحو: ما أعلَمُ أزيدٌ عندك أم بكرٌ؟ انظر: "شرح ابن عقيل" (1/393-400) .
(5) قوله: «يقول» ليس في (ك) .
(6) روايته أخرجها ابن ماجه في "سننه" (1571 و3388) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5079) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/228) ، وابن حبان في "صحيحه" (981) ، والشاشي في "مسنده" (397) ، والطبراني في "الكبير" (10/156 رقم 10304) ، وابن عدي في "الكامل" (1/351) ، والدارقطني في "سننه" (4/259) ، والحاكم في "المستدرك" (1/375) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/77) و (8/311) .
قال ابن عدي: «وهذا في كتب ابن جريج مرسل، وهذا حديث لا يساوي شيئًا، وأيوب بن هانئ لا أعرفه، ولا يحضرني له غير هذا الحديث» .
(3/521)
عن ابن جُرَيج (1) ، عَنْ أيُّوب بْنِ هَانِئٍ (2) ، عَنْ مَسْروق (3) ، عن عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ؛ قَالَ: خرجَ رسولُ الله (ص) يَوْمًا إِلَى الْمَقَابِرِ فاتَّبَعناه، وَذَكَرَ: قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا، وَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.
فَقَالَ: هَذَا أحبُّ إليَّ مِنْ حَدِيثِ حمَّاد بْنِ زَيْدٍ (4) ، عَنْ فَرقَد (5) ، عَنِ الشَّعبي، عَنْ مَسروق، عن عبد الله، عن النبيِّ (ص) ؛ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
1053 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَة (6) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ النُّعْمان، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحَزَوَّر، عَنْ نُفَيْع (7) ، عن عمران بن
_________
(1) هو: عبد الملك بن عبد العزيز.
(2) في (ك) : «حابي» .
(3) هو: مسروق بن الأجدع.
(4) روايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (1/452 رقم4319) ، وفي "الأشربة" (12) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5299) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/228) ، والدارقطني في "سننه" (4/259) ، وقال: «فرقد وجابر ضعيفان، ولا يصحُّ» .
(5) هو: ابن يعقوب السَّبَخي.
(6) روايته أخرجها ابن ماجه في "سننه" (1485) ، والطبراني في "الكبير" (18/239 رقم 601) ، وفي "الأوسط" (7133) .
(7) هو: ابن الحارث، أبو داود الأعمى، مشهور بكنيته.
(3/522)
حُصَيْن، [وأبي بَرْزَة] (1) : أنَّ النبيَّ (ص) خرجَ فِي جِنازَة، فَرَأَى قَوْمًا قَدْ طَرَحوا أَرْدِيَتَهُم يمشونَ فِي قُمُصٍ؛ فَقَالَ: أَبِفِعْلِ الجَاهلِيَّة (2) تأخُذونَ؟ لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ أدْعُوَ عَلَيْكُمْ دَعْوَةً تَرْجِعُونَ فِي غَيرِ صُوَرِكُم، فَأَخَذُوا أَرْدِيَتَهُم، فَلَمْ يَعُودُوا لِذَلِكَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، وعَليٌّ مِنْ عُتَّقِ الشِّيعة، مُنكَرُ الْحَدِيثِ، ونُفَيْعٌ مُنكَرُ الْحَدِيثِ ضعيفٌ.
1054 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عليُّ ابن (3) المَدِيني، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ فَرْقَد (4) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ (5) ؛ قَالَ: سمعتُ شُقْرانَ مولى رسول الله (ص) يَقُولُ: أَنَا - واللهِ - طَرَحْتُ لِرَسُولِ الله (ص) قَطِيفَةً (6) في القبر؟
_________
(1) في جميع النسخ: «عن أبي بردة» ، وهو تصحيف، وجاء على الصَّواب عند ابن ماجه والطبراني كما سبق في التخريج.
(2) في (ك) : «أنفعل للجاهلية» .
(3) قوله: «ابن» سقط من (ت) و (ك) .
(4) روايته أخرجها الترمذي في "جامعه" (1047) فقال: حدثنا زيد بن أخزم؛ حدثنا عثمان بن فرقد، به. ثم قال: «حديث حسن غريب» ، وروى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بن فرقد هذا الحديث» . ورواه الطبراني - ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (12/545-546) -، فقال: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي؛ حدثنا زيد بن أخزم؛ حدثنا عثمان بن عثمان الغطفاني؛ قال: سمعت جعفر بن محمد يحدث عن أبيه؛ قال: أخبرني عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ؛ قال: سمعت شقران ... فذكره. قال المزي: «ورواية من قال عن أبيه أولى بالصَّواب» .
(5) هو: عُبَيد اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ.
(6) في (ك) : «قطيعة» .
(3/523)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ (1) .
1055 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ وَهْب بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنِ النُّعْمان (4) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوَيد الفِهْري، عَنِ الضَّحَّاك بْنِ قَيس، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمة؛ قَالَ: السُّنَّةُ عَلَى الجِنازَة: أَنْ يكبِّرَ الإمامُ، ثُمَّ يقرأَ أمَّ الْقُرْآنِ فِي نفسِه، ثُمَّ يدعوَ ويُخْلِصَ الدُّعاءَ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ يكبِّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ يسلِّمَ وينصرفَ. وَيَفْعَلُ مَن وَراءَه مثلَ (5) ذَلِكَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ حبيبُ بْنُ مَسْلَمة (6) .
_________
(1) ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/164 رقم 899) عثمان بن فرقد، ثم قال: «سألت أبي عن عثمان بن فرقد؟ فقال: شيخ بصري، والحديث الذي رواه عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عن شقران مولى رسول الله (ص) : أنه ألقى في قبر النبي (ص) قطيفة: حديث منكر» .
(2) ذكر هذا النص ابن الملقن في "البدر المنير" (4/66/مخطوط) ، وابن حجر في "التلخيص" (2/244 رقم 767) .
(3) هو: جرير بن حازم.
(4) هو: ابن راشد الجَزَري.
(5) قوله: «مثل» سقط من (ك) .
(6) الحديث رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/500) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والحاكم في "المستدرك" (1/360) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/39-40) من طريق يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سويد، عَنِ الضَّحاك بْنِ قَيْسٍ، عَنْ حبيب بن مسلمة، به.
ورواه النسائي في "المجتبى" (1990) من طريق الليث، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن سويد، عن الضَّحاك بن قيس بنحو ذلك من قوله، ولم يذكر حبيب ابن مسلمة.
وذكر الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (4/204 رقم4974) أن يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَشُعَيْبُ بْنُ أبي حمزة خالفا الليث بن سعد، فروياه عن الزهري - وهما أحفظ الناس لحديث الزهري -، فزادا في السَّنَد، وساقا المتن أتمَّ من سياق الليث.
(3/524)
1056 - وسمعتُ أَبِي يَقُولُ: حدَّثنا أَبُو سَلَمة (1) ؛ قَالَ: حدَّثنا أَبان (2) ؛ قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى (3) ؛ أنَّ (4) شَدَّاد بْنَ عبد الله بْنِ الْهَادِ حدَّثه: أَنَّ نبيَّ الله (ص) أَتَى عَلَى قَبر امْرَأَةٍ ورجُل، فقال: أَمَّا هذان ِ فَيُعَذَّبان ِ في قَبْرَيْهِمَا ... ، وذكر الحديثَ.
فقال (5) أَبِي: كَذَا قَالَ أَبُو سَلَمةَ: «ابنُ الهادِ» ! وَهُوَ خطأٌ، وَهُوَ عِنْدِي: شَدَّاد أَبُو عمَّار.
1057 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مَرْوَانُ الطَّاطَرِي (6) ، عَنْ سُلَيمان بْنِ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ (7) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَى جِنازَةٍ، فَلَهُ قِيراطٌ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا وَهََمٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: عَمرو بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بن (8) عبد الله بْنِ سَلاَم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عن النبيِّ (ص) (9) .
_________
(1) هو: موسى بن إسماعيل التَّبوذَكي.
(2) هو: ابن يزيد العطَّار.
(3) هو: ابن أبي كثير.
(4) في (ف) : «ابن» بدل: «أن» .
(5) في (أ) و (ش) : «قال» .
(6) هو: مروان بن محمد.
(7) هو: يحيى بن عمارة.
(8) في (ف) : «عن» بدل: «بن» .
(9) الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11619) من طريق خالد بن مخلد، والإمام أحمد في "المسند" (3/27 رقم11218) من طريق أبي سلمة منصور بن سلمة، والطحاوي في "شرح المشكل" (1258) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، ثلاثتهم عن سليمان ابن بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عن محمد بن يوسف ابن عبد الله بْنِ سَلامٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، به.
ورواه الإمام أحمد (3/27 رقم11218) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1259) من طريق وُهَيب بن خالد، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ محمد بن يوسف بن عبد الله ابن سلام، عن أبي سعيد، به. وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري (1/262-263) .
(3/525)
1058- وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمة (2) ،
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ (3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هريرة عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ صلَّى عَلَى جِنازة، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا ومَيِّتِنَا، وذَكَرِنَا وأُنْثَانَا؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمة: أنَّ (4) النبي (ص) ... مُرسَلً (5) ؛ لا يَقُولُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، ولا يُوَصِّلُه (6) عن أبي
_________
(1) نقل بعض هذا النص ابن الملقن في "البدر المنير" (4/72) ، وابن حجر في "التلخيص" (2/248-249 رقم 772) ، وانظر "النكت الظراف" (11/72) ، وتقدمت هذه المسألة برقم (1047) ، وانظر المسألة الآتية برقم (1076) .
(2) روايته أخرجها النسائي في "الكبرى" (10920) ، والبزار في "مسنده" (180/أ/مسند أبي هريرة) ، والطبراني في "الدعاء" (1173) .
وتابعه عبدة بن سليمان عند الطحاوي في "شرح المشكل" (973) ، وعلي بن مسهر عند ابن ماجه في "سننه" (1498) ، وحماد بن سلمة عند البيهقي في "السنن" (4/41) .
وخالفهم إسماعيل بن عياش - عند الطبراني في "الدعاء" (1173) - فرواه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ به مرفوعًا. وإسماعيلُ ابن عياش ضعيفٌ في روايته عن غير أهل الشام، وهذه منها.
(3) هو: محمد.
(4) في (أ) و (ش) : «عن» .
(5) كذا، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(6) «لا يوصِّله» من «وصَّل» مضعَّف العين، وهو في معنى «لا يَصِلُهُ» ، انظر التعليق على المسألة رقم (410) .
(3/526)
هُرَيْرَةَ إِلا غيرُ مُتْقِنٍ، وَالصَّحِيحُ مُرسَلٌ (1) .
1059 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ (3) ، عَنْ مُوسَى بْنُ عُقْبَة، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (4) ، عن مَسْرُوق، عن عبد الله (5) ، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ نَهَى عَنْ لَطْمِ الخُدودِ، وشَقِّ الجُيوبِ؟
قَالَ أَبِي: يَرْوِيهِ إسرائيلُ (6) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَسْرُوق؛ قَالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ (ص) ... مُرسَلً (7) .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما الصَّحيحُ؟
قَالَ: إسرائيلُ أحفظُ (8) ،
وَمُوسَى بْنُ عُقبَة يروي هذه الأحاديثَ
_________
(1) وهذا الذي رجحه الدارقطني في "العلل" (4/270-272 رقم556) .
(2) هو: سعيد بن الحكم. وروايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (10/154 رقم 10297) .
(3) هو: ابن أبي كثير الأنصاري.
(4) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(5) هو: ابن مسعود ح.
(6) هو: ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وذكر روايته الدارقطني في "العلل" (5/248) .
(7) كذا، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(8) هذا بالنسبة لرواية أبي إسحاق السَّبيعي عن مسروق، وإلا فالحديث رواه البخاري في "صحيحه" (1297 و1298) ، ومسلم (103) من طريق الأعمش، عن عبد الله بْنِ مُرَّة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ ابن مسعود، عن النبي (ص) به.
ورواه البخاري (1294) من طريق الثوري، عن زُبيد اليامي، عن إبراهيم النخعي، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عن النبي (ص) بمثله.
(3/527)
عن رجلٍ يقال له: عبد الله بْنُ عليٍّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وعبد الله هَذَا رجلٌ مجهولٌ (1) .
1060 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ جُرَيج (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَطاء، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ مَاتَ مَريضًا، مَاتَ شَهِيدًا، ووُقِيَ فَتَّانَ القَبْرِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا (3) ، غيرَ أَنَّ ابن جُرَيج هكذا رواه، وإبراهيمُ (4) بن محمد هو عندي: ابنُ أبي يحيى (5) .
_________
(1) ذكر الدارقطني هذا الحديث في "العلل" (857) ، وذكر الاختلاف فيه على مسروق فمن دونه، وقال: وروى هذا الحديث أيضًا مُوسَى بْنُ عُقبَة، عَنْ أَبِي إسحاق السَّبيعي، عن مسروق، وهو غريب عنه، تفرَّد به مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كثير عنه، قيل: [يعني: للدارقطني] فإن ابن لهيعة رواه عَنْ مُوسَى بْنِ عُقبَة، عَنْ أبي إسحاق كذلك؟ فقال: لا أحفظه. وقال إِسْرَائِيلَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مسروق: نهى رسول الله (ص) عَنْ لَطْمِ الخُدود وشَقَّ الجُيوب. اهـ.
(2) هو: عبد الملك بن عبد العزيز. وروايته أخرجها ابن ماجه في "سننه" (1615) ، وأبو يعلى في "مسنده" (6145) ، والطبراني في "الأوسط" (5262) ، وابن عدي في "الكامل" (1/221) ، والعسكري في "تصحيفات المحدثين" (1/134) ، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" (1/366) .
(3) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (2/404 رقم9244) من طريق ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وردان، عن أبي هريرة، به.
(4) في (ف) : «إبراهيم» بلا واو.
(5) وهو متروك، وكذَّبه بعض أهل العلم. وتسميته: إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عطاء تدليسٌ من ابن جريج؛ كما أوضحه الدارقطني في "العلل" (1590) بعد ذكره الاختلاف في هذا الحديث. وقال ابن معين في "تاريخه" رواية الدوري (657) : «حديث، مَنْ مَاتَ مَرِيضًا، مَاتَ شَهِيدًا؛ كان ابن جريج يقول فيه: إبراهيم بن أبي عطاء؛ يكنِّي عن اسمه، وهو إبراهيم بن أبي يحيى، وكان قدريًّا رافضيًّا» . وقال أيضًا في "سؤالات ابن الجنيد" (242) : «ليس هذا الحديث بشيء» .
وقال الخليلي في "الإرشاد" (1/308) في إبراهيم بن أبي يحيى: «وقد روى عنه ابن جريج حديثًا مع جلالته، ودلس به، فقال: إبراهيم بن أبي عطاء ... » . وانظر "لسان الميزان" (9955) ترجمة أبي الذئب.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/221) من وجهين آخرين وقع في أحدهما: إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عاصم، وفي الآخر: إبراهيم بن أبي عاصم.
وقال ابن حجر في "لسان الميزان" (287) في ترجمة إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عاصم: «ذكره الساجي في المكيين من"الضعفاء" وقال: تركه ابن المبارك. قال البناني في "الحافل": أخطأ فيه الساجي، والصواب: أنه ابن أبي عطاء، بدل ابن أبي عاصم، وهو الأسلمي المشهور» . اهـ.
(3/528)
وسُئِلَ (1) أَبُو زُرْعَةَ عَن هَذَا الْحَدِيثِ؟
فَقَالَ: الصَّحيحُ: مَنْ مَاتَ مُرابِطًا.
1061 - وسُئِلَ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه أَسَدُ ابن موسى (2) ،
عن
_________
(1) في (ك) : «سئل» بلا واو.
(2) روايته أخرجها الحاكم في "المستدرك" (1/347) ، وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (9394) .
والحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (207) ، والدولابي في "الكنى" (2091/ابن حزم) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكَين، والطبراني في "الأوسط" (2460) من طريق عبد الله بن رجاء، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال" (459) من طريق إسماعيل بن أبان، ثلاثتهم عن عمران ابن زيد التغلبي، به.
قال الطبراني: «لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به عمران» .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/105) : «سنده جيد» !
وضعفه الشيخ الألباني في "الضعيفة" (4456) .
(3/529)
عمران بن زيد التَّغْلَبي (1) ، عن عبد الرحمن بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ سَالِمٍ (2) ، عَنْ عائِشَة، عن النبيِّ (ص) قال: مَا ضُرِبَ مُؤمِنٌ مِنْ عِرْقٍ، إلاَّ حَطَّ اللهُ بِهِ خَطيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهِ حَسَنَةً، وَرَفَعَ لَهُ بِهِ (3) دَرَجَةً؟
قَالَ أَبِي: هَذَا إسنادٌ مُضطَرِبٌ، وعمرانُ هُوَ: أَبُو يَحْيَى الطَّويل، كوفيٌّ لَيْسَ بالقويِّ، يُكتَب حديثُه (4) .
1062 - وسألتُ (5) أَبِي عَنْ حديثٍ رواه عُبَيدالله بْنُ مُوسَى (6) ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عبد الله بْنِ المُختار، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ (7) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ النبيُّ (ص) : وَصَبُ (8) المُؤمِنِ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَاهُ؟
_________
(1) في (ت) و (ك) : «الثعلبي» .
(2) في (ك) : «مسلم» . وهو: سالم بن عبد الله بن عمر.
(3) قوله: «به» سقط من (ك) .
(4) ذكر ابن أبي حاتم أيضًا في "الجرح والتعديل" (6/298 رقم 1652) أنه سأل أباه عن عمران الطويل هذا؟ فقال: «شيخ يُكتَب حديثه، ليس بالقويِّ» .
(5) ستأتي هذه المسألة برقم (1993) .
(6) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (3/ ق 274/أمسند أبي هريرة) ، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" رقم (58 و131) ، والحاكم في "المستدرك" (1/347) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9375) .
قال البزار: «ولا نعلم روى هذه الأحاديث عن عبد الله ابن المختار، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إلا إسرائيل» .
ورواه الدارقطني في "الأفراد" (305/أ/أطراف الغرائب) من طريق إسرائيل، به.
قال الدارقطني: «تفرَّد به عبد الله بن المختار عنه، وتفرَّد به عنه إسرائيل» .
(7) هو: محمد.
(8) الوَصَبُ: الوَجَعُ. "المصباح المنير" (ص 661) . وقال ابن الأثير: «الوَصَبُ: دوامُ الوَجَع ولزومُه ... وقد يطلق الوَصَبُ على التَّعب والفُتور في البَدَن. انظر "النهاية" (5/190) .
(3/530)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ وَهَمٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: مَا رَوَاهُ أيُّوب السَّخْتِياني (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الرَّباب (2) القُشَيري (3) ، عَنْ أَبِي الدَّرْداء، مَوْقُوفٌ (4) (5) .
1063- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الفِرْيابي (6) ، عَنْ عُمَرَ بن راشد (7) ، عن يحيى ابن أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرمَة، عَنِ ابن عباس؛
_________
(1) روايته أخرجها معمر في "الجامع" (20313/المصنف) ، إلا أنه وقع في المطبوع: «عن الرباب» وهو خطأ.
(2) في (ش) تشبه أن تكون: «ابن الرفات» بدل: «أبي الرباب» .
(3) هو: مُطَرِّف بن مالك.
(4) كذا، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وانظر المسألة رقم (34) .
(5) قال الدارقطني في "العلل" (8/127 رقم 1451) : «هو حديث يرويه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هريرة، حدَّث به عنه إسرائيل بن يونس. وقد وَهِمَ فِيهِ عَبْد اللَّهِ بْن المختار في موضعين؛ في قوله: " عن أبي هريرة "، وفي رفعه إلى النبي (ص) ، والصَّحيح من ذلك: ما رواه أيوب السختياني، وهشام ابن حسان- وحسبُك بهما في الثقة - عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الرئاب - واسمه مطرف بن مالك القشيري - عن أبي الدرداء من قوله؛ في حديث طويل» .
(6) هو: محمد بن يوسف. وروايته أخرجها ابن ماجه في "سننه" (1582) .
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (5/16) من طريق أبي نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَين، عَنْ عمر بن راشد، به، ثم قال: «ولعمر بن راشد غيرُ ما ذكرت من الحديث، وعامة حديثه - وخاصةً عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ - لا يوافقه الثقاتُ عليه، وينفرد عن يحيى بأحاديث عداد، وهو إلى الضَّعف أقرب منه إلى الصِّدق» .
(7) هو: اليَمامي.
(3/531)
قال: قال رسولُ الله (ص) : إنَّ في أمَّتي أَرْبَعً (1)
مِنَ (2) الجَاهِليَّةِ لَيْسُوا بِتارِكِيهِمُ (3) :
الفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ، والطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، والاسْتِسْقَاءُ
_________
(1) كذا في جميع النسخ، ومثله في "مستدرك الحاكم" (1/383) ، والجادَّة: «إنَّ في أمتي أربعًا» ، لكنْ يخرَّج ما في النسخ تخريجين:
الأول: برفع «أربعٌ» على أنها مبتدأ مؤخَّر، خبرُه: شبه الجملة «في أمتي» ، وجملة المبتدأ مع الخبر: خبرٌ لـ «إنَّ» ، واسم «إنَّ» ضميرُ الشَّأن المحذوفُ، والتقدير: «إِنَّهُ - أي: الشأن والحديث - في أمَّتي أَرْبَعٌ» . وانظر الكلام على ضمير الشأن في التعليق على المسألة رقم (854) .
والثاني: بنصب «أربعً» اسمًا مؤخَّرًا لـ «إنَّ» والجادَّة: أربعًا، لكنْ حذفت ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) في (ف) : «في» .
(3) كذا في جميع النسخ باستعمال الضمير «هم» في غير العقلاء، والجادَّة: إمَّا «ليسوا بتاركيها» ، أو «بتاركيهنَّ» . وما وقع في النسخ له وجه في العربية، وهو أنَّ الضمير «هم» وغيره مما يختصُّ بالعقلاء: قد يستعمل في التعبير عن غير العقلاء على سبيل التشبيه والتنزيل، وهذا كثيرٌ في كلام العرب: أن يُشبِهَ الشيءُ الشيءَ من بعض الوجوه، فيعطى حكمه، إظهارًا لأثر الملابسة والمقاربة، فيعبَّر عنه بضميره أو صفته.
= ... ومن شواهد إجراء ضمائر العقلاء وصفاتهم على غير العقلاء: قولُ يوسف _ج فيما حكى الله تعالى عنه: [يُوسُف: 4] {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} ، وقولُهُ تعالى: [الأنبيَاء: 33] {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، وقولُهُ تعالى: [النَّمل: 18] {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} ، وقولُهُ تعالى: [غَافر: 18] {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} ، ولوجاء على الجادَّة المشهورة لقال: رأيتها لي ساجدةً، وكلٌّ في فلك يَسْبَحْنَ أو تَسْبَحُ، وادخُلْنَ مساكنكنَّ، ولدى الحناجر كاظمةً، وفي كتابنا أتي بضمير العقلاء في «بتاركيهم» للمشاكلة والملابسة اللفظية لقوله: «ليسوا» ، والله أعلم. انظر "تفسير الطبري" (15/556) ، و"الكشاف" (2/418) ، و"التفسير الكبير" (18/70) ، و"البرهان في علوم لقرآن" (4/22) ، و"الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/649-650) ، و"تفسير أبي السعود" (4/252) ، و"روح المعاني" (12/179-180) ، و"فتح القدير" (3/406) ، و"أضواء البيان" (6/381-382) .
(3/532)
بِالنُّجُومِ، والنِّياحَةُ عَلى المَيِّتِ، قَالَ: النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ؛ فَإِنَّهَا تُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهَا (1) سَرابِيلُ (2) مِنْ قَطِران ٍ (3) ،
ثمَّ يُعْلَى (4) عَلَيْهَا بِدِرْعٍ مِنْ لَهَبِ النَّارِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ - يَعْنِي: بِهَذَا الإِسْنَادِ - وعمرُ بْنُ راشد ضعيفُ الحديث.
_________
(1) في (ت) و (ك) : «وعليها» .
(2) السَّرابيلُ: جمع سِرْبال، وهي كلمة فارسية معرَّبة، معناها: القميصُ الذي يُلبَسُ من أي جنسٍ كان، والقميصُ الذي يلبَسُه المحاربُ وهو الدِّرْع. وقد وردت الدَّلالتان في آية واحدةٍ من القرآن الكريم، قال تعالى: [النّحل: 81] {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} . انظر "النهاية" (2/357) ، و"المعجم العربي لأسماء الملابس" للدكتور رجب إبراهيم (ص 231) .
(3) القَطِران: فيه ثلاث لغات: فتح القاف وكسر الطَّاء، وكسر القاف وسكون الطَّاء، وفتح القاف وسكون الطَّاء. وهو: عُصَارة شجر الأبْهَل والأَرْز ونحوهما، يُطبَخُ فيُتحلَّب منه، فتُطلى به الإبِلُ الجَرْبى، فيَحرِقُ الجَرَبَ بحدَّته، وهو أسود مُنتِنٌ، تشتعلُ فيه النارُ بسرعة.
والمعنى: أن جلودَ أهل النار - ومنهم النائحة - تُطْلى بالقَطِران حتى يكون لهم لباسًا؛ ليزيدَ في حرِّ النار عليهم، فيكون ما يُتَوقَّى به العذابُ عذابًا. انظر "اللسان" (5/105) ، و"القاموس" (463) ، و"تفسير البيضاوي" (3/358) ، و"المعجم الوجيز لألفاظ القرآن الكريم" للدكتور نبيل عبد السلام هارون (ص 166) .
(4) المثبت من (أ) و (ف) ، ومثله في "سنن ابن ماجه"، وفي بقيَّة النسخ: «يُغْلَى» بالمعجمة، ومثله في "مستدرك الحاكم" (1/383) ، و"شعب الإيمان" للبيهقي (4779) ، و"الكامل" لابن عدي، وجاء في "مسند أحمد" (5/343 رقم22904) بلفظ: «ثمَّ يُعَلُّ عليها دِرْعٌ مِنْ لَهَبِ النار» ، وفي حاشيته من طبعة الرسالة: «قال السندي: قوله: "ثم يُعَلُّ" على بناء المفعول بلامٍ مشدَّدة، أي: يُضَاعَفُ عليها» . اهـ.
(3/533)
1064 - وسمعتُ (1) أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ ابْنُ وَهْب (2) ، عَنِ ابْنِ جُرَيج (3) ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ قَتادة، عَنْ أنس: أنَّ رسولَ الله (ص) جَمَعَ يَوْمَ أُحُدٍ النَّفَرَ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ، فَكَانَ يُقَدِّمُ فِي الْقَبْرِ إِلَى القِبْلَةِ أقرأَهم، ثُمَّ ذَا السِّنِّ يَلي أقرأَهم.
قَالَ أَبِي: يَحْيَى هَذَا هُوَ: يَحْيَى بْنُ صَبِيح (4) .
1065 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عُثْمَانُ (5) بْنُ حَكِيم (6) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عمِّه يَزِيدَ (7) بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ النبيِّ (ص) ؛ في الصَّلاة على القبور.
_________
(1) نقل هذه المسألة العيني في "عمدة القاري" (8/154) .
(2) هو: عبد الله.
(3) هو: عبد الملك بن عبد العزيز.
(4) سُئل الدارقطني في "العلل" (4/28/ب) عن هذا الحديث؟ فقال: «يرويه ابن جريج، واختُلِف عنه: فرواه ابْنُ وَهْب، عَنِ ابْنِ جُرَيج، عَنْ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس، وخالفه حجاج بن محمد، فرواه عَنِ ابْنِ جُرَيج، عَنْ يَحْيَى، عن أنس، لم يذكر بينهما أحدًا، وقول ابن وَهْب أشبه بالصَّواب. وهذا يحيى يقال إنه يحيى بن صَبيح» .
(5) في جميع النسخ: «علي» ، وصحِّحت بهامش (أ) ، وسيأتي في آخر المسألة على الصواب، وانظر "تهذيب الكمال" (8/9-10) ، و (19/355-356) .
(6) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (11217) ، وأحمد في "المسند" (4/388 رقم 19453) ، والبخاري في "التاريخ الأوسط" (117/الصميعي) ، وابن ماجه في "سننه" (1528) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1970) ، وابن حبان في = = "صحيحه" (3083 و3087) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/228 و229) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6594) ، والحاكم في "المستدرك" (3/591) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/35) .
(7) في (ش) : «زيد» .
(3/534)
رَوَاهُ مَخْرَمة (1) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيدالله بْنِ مِقْسَم، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ (2) بْنِ ثابت، عن النبيِّ (ص) ؟
قَالَ أَبِي: حديثُ عُثْمَانَ بْنِ حَكيم أشبهُ؛ لأنَّ حِفظَ «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ» أسهلُ مِنْ «يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ» ، لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، وَهَذَا يزيدُ بْنُ ثَابِتٍ (3) أَخُو زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (4) .
1066 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عمَّار (5) ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ؛ قَالَ: حدَّثنا الأَوْزَاعِيُّ (6) ، عَنْ عَطاء (7) ؛ أنه حدَّثه،
_________
(1) هو: ابن بُكَير بن عبد الله بن الأشَج، وروايته أخرجها البخاري في "التاريخ الأوسط" (118/الصميعي) .
(2) في (ش) و (ف) : «عن أبيه عن زيد» ، وفي (ك) : «عن أبيه يزيد» .
(3) قوله: «لَوْ كَانَ كَذَلِكَ وَهَذَا يَزِيدُ بن ثابت» مكرر في (ف) .
(4) قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" رقم (2739) : «وذكر موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: أنه [أي: يزيد بن ثابت] رُمي يوم اليمامة بسهم، فمات بالطريق راجعًا» .
وقال البخاري في "التاريخ الأوسط" (117) : «فإن صحَّ قول موسى بن عقبة أن يزيد بن ثابت قُتل أيام اليمامة في عهد أبي بكر، فإن خارجة لم يدرك يزيد» .
وقال ابن عبد البر في الموضع السابق: «وروى عنه خارجةُ بن زيد؛ ولا أحسَبُه سمع منه» . وقال ابن حجر في "الإصابة" (10/341) : «وإذا مات باليمامة فرواية خارجة عنه مرسلة» .
(5) روايته أخرجها ابن ماجه في "سننه" (1451) ، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (2/688) . قال الذهبي: «رواته ثقات؛ لكنه منكر» ، وقال المعلِّمي في تعليقه على "التذكرة": «علَّته أن الوليد يدلس التسوية، وكذا هشام فيما يظهر» .
وضعفه الألباني في "الضعيفة" (4772) لتدليس الوليد تدليس التسوية، وضَعْفِ هشام بن عمار.
(6) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(7) هو: ابن أبي رَباح.
(3/535)
عَنْ عائِشَة: أنَّ رسولَ اللَّهِ (ص) دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا حَمِيمٌ (1) لَهَا يَخْنُقُهُ الْمَوْتُ، فلمَّا رَأَى النبيُّ (ص) مَا بِهَا قَالَ (2) : لاَ تَبْتَئِسي عَلَى حَمِيمِكِ؛ فَإِنَّ ذَاكِ مِنْ حَسَنَاتِهِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ.
1067- وسألتُ (3) أَبِي عَنْ حديثٍ رواه بَقِيَّة (4) ؛
قال: ثنا معاوية
_________
(1) الحَمِيمُ والحامَّةُ: هو خاصَّة الإنسان ومن يَقرُبُ منه. انظر "النهاية" (1/446) .
(2) قوله: «قال» سقط من (ك) .
(3) ستأتي هذه المسألة برقم (1870) و (1892) .
(4) هو: ابن الوليد. وروايته أخرجها ابن أبي الدنيا في "الصبر" (111) ، وابن عدي في "الكامل" (6/401) ، وابن فيل في "جزئه" (21/أ) ، ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب" (992) .
ورواه ابن عدي أيضًا (2/37) من طريق اليُسير بن موسى، عن بقية، ثنا معاوية بن يحيى وأبو بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الزِّناد، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبي هريرة، به.
قال ابن عدي: «وأبو بكر بن أبي مريم في هذا الإسناد غير محفوظ ... » .
ورواه ابن عدي (4/115) ، وأبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" (2/264) ، وابن شاهين في "فضائل الأعمال" (272) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9956/العلمية) من طريق عمار بن نصر، عَنْ بَقِيَّةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يحيى، ثنا أبو بكر القتبي، عن أبي الزِّناد، به. قال الحاكم: «هذا حديث منكر، لا يحتمله أبو الزناد، وأبو بكر القتباني رجل مجهول، لا يُدرى من هو» .
وهذا الحديث يُعرف بطارق بن عمار عن أبي الزِّناد؛ كما قال ابن عدي، ويأتي الكلام على روايته. وقال الذهبي في "المقتنى" (909) في أبي بكر القتبي هذا: «مجهول، والخبر منكر» .
ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/355) من طريق معلَّى بن منصور، وابن عدي (4/115) من طريق يعقوب بن كاسب، كلاهما عن الدراوردي، عن طارق بن عمار، عن أبي الزناد، به. قال البخاري: «ولا يُتابَع عليه» ؛ أي: طارق بن عمار.
= ... ورواه العقيلي في "الضعفاء" (2/227) ، وابن عدي (4/115) من طريق إبراهيم ابن حمزة، عن الدراوردي، عن عباد، عن طارق، عن أبي الزناد، به.
ورواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (421/بغية الباحث) من طريق وهب بن وهب، عَنْ عبَّاد، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، به.
ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" أيضًا، والبزار (رقم 1506/كشف الأستار) ، وابن عدي (4/115) ، والفاكهي في "فوائده" (111) - ومن طريقه ابن بشران في "الأمالي" (1459) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9954/العلمية) -، كلُّهم من طريق الدراوردي، عن طارق وعباد بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، به.
قال البزار: «لا نعلمه عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد» ، وقال البيهقي: «تفرَّد به طارق بن عمار وعباد، وقد قيل: عن عباد، عن طارق، و [هو] الأصح، وطارق يُعرَف بهذا الحديث» .
(3/536)
ابن يَحْيَى، عَنْ أَبِي الزِّناد (1) ، عَنِ الأعرَج (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قال رسولُ الله (ص) : إنَّ الرِّزْقَ يَأْتِي (3) العَبْدَ مِنَ اللهِ عَلَى قَدْرِ المَؤُونَةِ، وإنَّ الصَّبْرَ يَأتي العَبْدَ مِنَ اللهِ (4) عَلَى قَدْرِ المُصِيبَةِ؟
قَالَ أَبِي: هُوَ معاويةُ بْنُ يَحْيَى الأَطْرابُلُسي، وَهَذَا الحديثُ هُوَ حَدِيثُ عَبَّاد بْنِ كَثِيرٍ (5) ، فَأَرَاهُ أخَذَ (6) عَنْ عَبَّاد، عن أبي الزِّناد (7) .
_________
(1) هو: عبد الله بن ذَكوان.
(2) هو: عبد الرحمن بن هُرمُز.
(3) في (ت) : «يأتني» .
(4) قوله: «من الله» من (ف) فقط.
(5) روايته أخرجها الحارث بن أبي أسامة (421/بغية الباحث) عن عبد الرحيم بن واقد، عن وهب بن وهب، عَنْ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.
ورواه الحسن بن سفيان - كما في "تفسير ابن كثير" (8/454) -، عن يزيد بن صالح، عن خارجة، عَنْ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
ومن طريق الحسن بن سفيان رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/400) .
(6) أي: أخَذَهُ، والمراد: أخذه معاوية بن يحيى، عن عَبَّاد ابن كثير، عن أبي الزناد. وهذا من حذف المفعول للعلم به. انظر التعليق على المسألة رقم (24) .
(7) سيأتي في المسألة رقم (1870) قولُ أبي حاتم: «هَذَا حديثٌ مُنْكَرٌ، يَحْتملُ أَنْ يكون بين مُعَاوِيَة وَأَبِي الزِّنَاد: عبَّاد بْن كَثِير، وهو عندي الأطرابلسي» . وانظر المسألة رقم (1892) ففيها تفصيلٌ.
(3/537)
1068 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُسَيَّب بْنُ وَاضِحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزاري (2) ، عَنْ خَالِدٍ الحذَّاء، عن أبي قِلابة (3) ، عن عبد الله بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِم ٍ (4) يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمينَ يَكُونُوا (5) مِئَةً يَشْفَعونَ لَهُ، إِلا شُفِّعُوا فِيهِ؟
قال أبي: إنما هو (6) : عبد الله بن يزيد (7) ، عن عائِشَة (8) .
_________
(1) انظر المسألة رقم (1892) .
(2) هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث. وروايته ذكرها الدارقطني في"العلل" (397) .
(3) هو: عبد الله بن زيد الجَرْمي.
(4) في (ت) و (ف) : «ما من عبد من مسلم» .
(5) كذا في جميع النسخ، بحذف نون الرفع بلا ناصب ولا جازم، ولا نون توكيد ولا نون وقاية، والجادَّة: «يكونون» ، لكنَّ ما وقع في النُّسخ يحتمل وجهين:
الأوَّل: إمَّا أن يكون هناك سقطٌ، والأصل: «يبلغون أن يكونوا» - كما في بعض مصادر التخريج - فسقط قوله: «يبلغون أن» ، فبقي «يكونوا» بلا نون.
والثاني: إذا صحَّت الرواية بهذا، ولم يكن فيها سقط أو تصحيف، فإنَّ لها وجهًا صحيحًا في العربية، على لغة لبعض العرب يحذفون نون الرفع من المضارع بلا موجب؛ تخفيفًا، وهذا ثابتٌ في الكلام الفصيح نثرِهِ ونظمِهِ، وهي لغةٌ صحيحةٌ قليلة الاستعمال. وانظر الكلام عليها في المسألة رقم (1015) . ووقع في المسألة رقم (1803) : «يبلغون مئة» .
(6) قوله: «هو» سقط من (ت) و (ف) و (ك) .
(7) في (ف) : «زيد» .
(8) الحديث رواه الطيالسي في "مسنده" (1630) ، وأحمد في "المسند" (6/97 رقم 24657) من طريق شعبة، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قلابة، عن عبد الله بن يزيد، عن عائشة، به.
ورواه أحمد في "المسند" (6/32 رقم24038) ، ومسلم في "صحيحه" (947) ، والترمذي في "جامعه" (1029) ، والنسائي في "المجتبى" (1991 و1992) = = من طريق أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ عبد الله بن يزيد، عن عائشة، به.
قال الترمذي: «حديث عائشة حديث حسن صحيح، وقد أوقفه بعضهم ولم يرفعه» .
وذكر الدارقطني في "العلل" (5/91/ب) الخلاف في رفع هذا الحديث ووقفه، وقال: «ورفعُه صحيحٌ» .
وقال أيضًا في "العلل" (397) : «يرويه أبو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عن أبي قلابة، عن عبدلله ابن يزيد، عن علي، عن النبي (ص) ، وخالفه أصحابُ خالد الحذاء؛ رَوَوه عنه، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد، عن عائشة، عن النبي (ص) ، وهو الصَّواب» .
(3/538)
1069 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليدُ بْنُ مُسْلِمٍ (1) ، عَنْ شَيبان (2) ، عَنْ لَيْثٍ (3) ، عَنْ (4) عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ حَفْصَةَ ابْنَتِ (5) سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ سُلَيم (6) ، عَنْ رسول الله (ص) قَالَ: لِتَلِي (7)
غَسْلَ المَرأةِ أَوْلَى نِسَائِهَا بِهَا، فإنْ كَانَتْ ضَعيفَةً أو صَغيرَةً، وَلِيَتْهَا
_________
(1) روايته أخرجها البيهقي في "السنن الكبرى" (4/5) .
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/124 رقم 304) من طريق آدم بن أبي إياس، والحسن بن موسى الأشيب، كلاهما عن شيبان، به. وسيأتي ذكر رواية هاشم بن القاسم عن شيبان قريبًا.
(2) هو: ابن عبد الرحمن النحوي.
(3) هو: ابن أبي سُلَيم.
(4) في (ك) : «ابن» بدل: «عن» .
(5) في (ك) : «ابنة» ، وهو الجادَّة، والمثبت من بقيَّة النسخ، وهو صحيح في العربية. انظر التعليق على المسألة رقم (6) .
(6) في (أ) و (ش) : «أم سلمة» .
(7) كذا في جميع النسخ: «لتلي» بإثبات ياء في آخره، والقياس: «لِتَلِ» ؛ لأنه مضارع معتل الآخر مجزوم بلام الأمر، وفاعله: «أولى» ، وعلى ذلك جاءت الرواية في "المعجم الكبير" للطبراني: «وَلْيَلِ غَسْلَهَا أَوْلَى النِّساء بها» ، ومثله في "سنن البيهقي"، إلا أن فيها: «أَوْلَى الناس بها» . ويخرَّج ما في النسخ على وجهين:
الأول: أن المعتلَّ أُجريَ مُجرى الصحيح، بتقدير ضمة الرفع على الياء، ثم حذفها للجزم، فتكونُ علامةُ الجزم السكون؛ كالفعل الصحيح.
والثاني: أن الفعل مجزومٌ بحذف الياء التي هي لامُ الكلمة؛ لكنَّ هذه الياء التي في آخر الفعل نشأت عن إشباع كسرة اللام؛ فهي ياءٌ زائدة، لا أصليَّة.
وانظر تعليقنا على المسألة رقم (123) و (200) و (1025) .
(3/539)
امْرَأةٌ (1) مُسْلِمَةٌ وَرِعَةٌ، فَأَمِرِّي (2) بِبَطْنِهَا، فَامْسَحِيهِ مَسْحًا رَفيقًا، فَإنْ كَانَتْ حُبْلَى فَلا تُحَرِّكِيهَا، ثُمَّ خُذي كُرْسُفًا (3) ، فاَغْسِليهِ غَسْلاً حَسَنًا، ثُمَّ أدْخِلي يَدَكِ (4) مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ، فَامسَحِي سِفْلَتَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ مَسْحًا حَسَنًا قَبْلَ أَنْ تُوَضِّئيهَا، ثُمَّ وَضِّئيهَا بِماءٍ فيهِ سِدْرٌ، وَلْتُفْرِغِ المَاءَ امرَأةٌ قَائِمَةٌ لا تَلي شَيئًا غَيْرَهُ، حتَّى (5) تُنَقِّيَ السِّدْرَ وأَنتِ تَغْسِلِي (6) بِهِ، هَذَا بَيانُ وُضُوئِهَا، فَإذا فَرَغْتِ مِنْ (7) وُضُوئِهَا، فَأَمِرِّي (8)
بِغَسْلِ
_________
(1) في "المعجم الكبير" للطبراني: «فَلْتَلِهَا امْرَأةٌ» ، وفي "سنن البيهقي": «فلتغسِّلها امْرَأةٌ» .
(2) في (ت) و (ك) : «فآمري» . وفي "معجم الطبراني": «فليبدؤوا ببطنها، فليُمْسَح» ، وفي "سنن البيهقي": «فليُبْدأ ببطنها فليُمْسَح» . وفي هذه العبارة التفات من ضمير الغيبة إلى الخطاب، وانظر الكلام على الالتفات في التعليق على المسألة رقم (884) .
(3) الكُرْسُف: القُطْن. "المصباح المنير" (2/530) .
(4) في (ت) : «بيدك» ، وفي (ك) : «بيديك» .
(5) في (ت) و (ك) : «ثم» بدل: «حتى» .
(6) كذا في جميع النسخ بحذف نون الرفع بلا ناصب ولاجازم، ولا نون توكيد ولا نون وقاية، تخفيفًا، وهي لغة صحيحة تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (1015) . وفي "معجم الطبراني": «حتَّى تُنَقِّيَ بالسِّدرِ وأَنتِ تَغْسِلينَ» ، وهو الأصل، ولم ترد هذه الجملة في رواية البيهقي ولا في بقيَّة مصادر التخريج.
(7) قوله: «من» سقط من (ف) .
(8) كذا في جميع النسخ، وعند الطبراني: «فابدئي» ، وعند البيهقي: «وابدئي» ..
(3/540)
رَأسِهَا، فاغْسِليهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلاَ تَقْرَعي (1) رأسَهَا بِمُشْطٍ ... ، وذكرتُ حديثَ غُسْلِ الميِّت بِطُولِهِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ كَأَنَّهُ باطلٌ! يُشْبِهُ أَنْ يكونَ كَلامَ ابْنِ سِيرِينَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (2) : رَوَى هَذَا الحديثَ عن شَيبان (3) - سِوَى الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ - أَبُو النَّضْر هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ (4) .
وحدَّثنا أَبِي عَنْ سَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ العَسْكري (5) ، عن [عبد الرحيم] (6) بْنِ سُلَيمان، عَنْ (7) جُنَيد بْنِ أبي دَهْرَة (8) التَّيمي، عن عبد الملك بن أبي بَشير (9) .
_________
(1) في (ش) : «ولا تقرع» ، وفي (ت) : «ولا تفرغي» ، وعند الطبراني والبيهقي: «ولا تُسَرِّحي» ، ومعنى «لا تقرعي رأسها بمشط» أي: لا تسرِّحيها؛ يقال: قَرَعَ الشيءَ يَقْرَعُهُ قَرْعًا، أي: ضرَبَهُ. انظر: "المعجم الوسيط" (قرع) .
(2) في (ف) : «قلت» .
(3) في (أ) : «شعبان» ، وفي (ش) : «سفيان» .
(4) روايته أخرجها البيهقي في "السنن الكبرى" (4/4-5) .
(5) روايته أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (25/124 رقم304) .
(6) في جميع النسخ: «عبد الرحمن» ، والمثبت هو الصَّواب، كما في مصادر التخريج.
والمعروف بالرواية عن جنيد بن أبي دهرة: عبد الرحيم ابن سليمان، وهو الذي يروي عنه سهل بن عثمان العسكري؛ كما في "الجرح والتعديل" (2/527 رقم 2192) ، و"تهذيب الكمال" (18/36-38) .
(7) في (أ) و (ش) : «ابن» بدل: «عن» .
(8) بدال مهملة، مع هاء ساكنة. انظر "توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين (4/313) .
وقال الذهبي في ترجمته من "الميزان" (1/452) : «له حديثٌ في غسل الميت طويلٌ منكر؛ في ثاني حديث ابن السوَّاق» .
(9) المقصود هنا: بيانُ أنَّ ليث بن أبي سُلَيم لم ينفرد بالحديث، بل تابعه جُنيد بن أبي دهرة، عن عبد الملك ابن أبي بشير، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أم سُلَيم، به.
(3/541)
ورَوَى عن حَفْصَة ابْنَتِ (1) سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّة، عَنِ النبيِّ (ص) : أيُّوبُ (2) ، وخالدٌ الحذَّاء (3) ، وعاصمٌ الأحولُ (4) ، وهشامُ بْنُ حَسَّان (5) : أَنَّ إِحْدَى بنات النبيِّ (ص) تُوُفِّيَتْ ... كُلَيْماتٍ يَزِيدُ بعضُهم عَلَى بَعْضٍ، لَيْسَ مِنْ هَذَا الْمَتْنِ فِيهِ إِلا ذِكْرُ السِّدْرِ والكَافُور، و: اغْسِلِيها (6) وِتْرًا، وابْدَئي بمَيامِنِها، وَهَاهُنَا: ابْدَئي بِسِفْلَتِهَا (7) . والحديثُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّة، وَقَالَ هَاهُنَا (8) : عَنْ أُمِّ سُلَيم، وَلَيْسَ لأُمِّ سُلَيم عَنِ النبيِّ (ص) فِي غُسْلِ الميِّت شيءٌ.
1070 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُخَيَّس (9) بن تَميم
_________
(1) في (ك) : «ابنة» ، والمثبت من بقيَّة النسخ، وله وجه صحيحٌ في العربية. انظر التعليق على المسألة رقم (6) .
(2) هو: ابن أبي تميمة السَّخْتِياني. وروايته أخرجها البخاري في "صحيحه" (1254 و1260) ، ومسلم (939) .
(3) روايته أخرجها البخاري أيضًا (167 و1255 و1256) ، ومسلم (939) .
(4) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (5/85 رقم 20795) ، ومسلم (939) .
(5) روايته أخرجها البخاري (1263) ، ومسلم (939) .
(6) في (ش) : «واغسلنها» .
(7) في (ت) : «سفلتها» ، وفي (ك) : «بسفليها» ، والذي تقدَّم في هذا الحديث: «فامْسَحِي سِفْلَتَهَا» .
(8) بعده في (ف) : «ابدَئي بِسِفْلَتِهَا، والحديثُ عَنْ أُمِّ عَطِيَّة، وقال هاهنا» ، وهو تكرار بسبب انتقال النظر.
(9) كذا ضبطه ابن ماكولا في "الإكمال" (7/170) بضم الميم، وفتح الخاء المعجمة، بعدها ياء مشددة، وبعدها سين مهملة، وذكر أنه يقال في ضبطه أيضًا: «مِخْيَس» بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، وتخفيف الياء.
(3/542)
الأَشْجعي (1) ،
عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكيم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه (2) ؛ قَالَ: قال رسولُ الله (ص) : إنَّ الغَضَبَ يُفْسِدُ الإيمَانَ كَما يُفْسِدُ الصَّبِرُ (3) العَسَلَ. وَقَالَ: يَا مُعَاويةُ بنَ حَيْدَةَ، إن ِ (4) اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْقَى اللهَ وَأَنْتَ تُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ، فافْعَلْ؛ فَإنَّ اللهَ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ بِهِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ، ومُخَيَّسٌ مجهولٌ (5) .
1071 - وسألتُ (6) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَة بن
_________
(1) روايته أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (19/417 رقم 1007) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7941) ، وتمام في "فوائده" (1093/الروض البسام) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (52/27) - جميعهم من طريق هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُخَيَّس، به.
قال البيهقي: «قال أبو حازم [شيخ البيهقي] : تفرَّد بِهِ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُخَيَّس ابن تميم» .
ورواه الطبراني أيضًا (19/416 رقم 1005) من طريق هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ مُخَيَّس، به. بلفظ: «قال الله: أنا عِندَ ظنِّ عَبدي بي» . ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (23/80) من طريق شعيب بن أحمد بن عبد الحميد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زياد، عن بهز ابن حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه، به.
(2) هو: معاوية بن حَيْدَة.
(3) الصَّبِرُ: الدَّواءُ المُرُّ، بكسر الباء في الأشهر، وسكونُها للتخفيف لغةٌ قليلة. "المصباح المنير" (1/331) .
(4) في (ك) : «أنا» .
(5) وحكم عليه بالجهالة أيضًا في "الجرح والتعديل" (8/442 رقم2019) .
والحديث ضعفه العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (2849/تخريج أحاديث الإحياء) ، والألباني في "الضعيفة" (1918) .
(6) في هامش النسخة (أ) عند هذه المسألة حاشية غير واضحة.
(3/543)
هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أميَّة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: سمعتُ عامرَ بنَ رَبِيعَةَ يَقُولُ: سمعتُ رسول الله (ص) يَقُولُ: إذَا رَأَيْتُمُ الجِنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُجَاوِزَكُمْ، أَوْ تُوضَعَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ بَاطِلٌ - يَعْنِي (1) : بهذا الإِسْنَادَ (2) - وسعيدٌ ضعيفُ الْحَدِيثِ (3) .
1072 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ رَوَّاد ابن الجَرَّاح، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ (4) ، عَنْ محمَّد بْنِ محمَّد، عَنْ نَافِعٍ (5) ،
عَنْ أبي هريرة،
_________
(1) في (ك) : «بمعنى» .
(2) هذا احترازٌ جيد من ابن أبي حاتم؛ لأن الحديث رواه البخاري في "صحيحه" (1308) ، ومسلم (958) ، كلاهما من طريق الليث بن سعد، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن عامر بن ربيعة، به. ورواه مسلم أيضًا من طريق أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، وعبد الله بن عون، وابن جريج، جميعهم عن نافع، به.
وأخرجه البخاري أيضًا (1307) ، ومسلم في الموضع السابق، كلاهما من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عامر بن ربيعة، به.
(3) وكذا قال في "الجرح والتعديل" (4/67 رقم 281) ، وزاد: «منكر الحديث» .
(4) هو: عبد الرحمن بن عمرو. وروايته لم نجد من أخرجها على هذا الوجه، لكن ذكر الدارقطني في "العلل" (9/146 رقم 1683) أن عقبة بن علقمة رواه عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نافع؛ أن رجلاً أخبره عن أبي هريرة. وقال البابلتي: عن الأوزاعي، عن الزبيدي، عن نافع نحو هذا القول. وقال غيرهما: عن الأوزاعي؛ حدثني نافع، عن أبي هريرة موقوفًا. اهـ. وانظر التعليق التالي.
(5) هو: مولى ابن عمر كما سيأتي. وتقدم تخريج روايته من طريق الأوزاعي.
ورواه عنه أيضًا أيوب السختياني والإمام مالك.
أما رواية أيوب: فأخرجها الإمام أحمد في "مسنده" (2/488 رقم10332) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (16/32) ، كلاهما من طريق أيوب، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ (ص) .
وأما مالك: فأخرجه في "الموطأ" (1/243) عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفًا.
قال ابن عبد البر (16/31) : «هكذا روى هذا الحديث جمهور رواة الموطأ موقوفًا على أبي هريرة، وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مالك، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي (ص) ، لم يُتابَع على ذلك عن مالك، ولكنه مرفوع من غير رواية مالك، من حديث نافع، عن أبي هريرة، من طرق ثابتة، وهو محفوظ أيضًا من حديث الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عن أبي هريرة مرفوعًا» . اهـ.
وحديث الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عن أبي هريرة مرفوعًا؛ الذي أشار إليه ابن عبد البر: أخرجه البخاري في "صحيحه" (1315) ، ومسلم (944) .
وأخرجه مسلم أيضًا من طريق يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سهل، عن أبي هريرة. وذكر الدارقطني في "العلل" (1683) الاختلاف على الزهري في هذا الحديث، ثم قال: «وحديث سعيد بن المسيب وأبي أمامة بن سهل محفوظان، والباقي غير محفوظ عن الزهري» . اهـ.
(3/544)
عن النبيِّ (ص) قَالَ: أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ؛ فإنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُوا (1) عَلَيْهِ، أَوْ شَرٌّ تُلْقُوهُ (2) عَنْ رِقَابِكُمْ.
فقلت ُ لأَبِي: مَنْ محمدُ بْنُ مُحَمَّدٍ؟
قَالَ: لا أعرفُه، ونافعٌ هُوَ: مولى ابن عمر.
_________
(1) كذا، والجادَّةُ: «تُقَدِّمُونَ» ، بإثبات نون الرفع، لكنَّ ما في النسخ يتَّجِهُ على حذف النون تخفيفًا بغير ناصب ولاجازم، ولا نون توكيد ولا نون وقاية، وهي لغةٌ صحيحة سبق التعليق عليها في المسألة رقم (1015) .
هذا؛ وكانت الجادَّة أيضًا أن يقال: «تُقَدِّمُونَهَا عليه» ، أو «تُقَدِّمُونهَا إليه» ، لكنْ حُذِفَ هنا ضميرُ المفعول به، وهو مَنْوِيٌّ، وهذا جائز في العربية. انظر التعليق على المسألة رقم (24) .
(2) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: «تُلْقُونَهُ» بنون = = الرفع، وتخريجه على اللغة المذكورة في التعليق السابق، وقد جاء في مصادر التخريج بلفظ: «تَضَعُونَهُ» ، و «تَطْرحُونهُ» .
(3/545)
1073 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ (1) الوَهْبي (2) ، عَنِ إسماعيل ابن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْس بْنِ أبي حازم، عن عبد الله بن مسعود، عن النبيِّ (ص) قَالَ: إِذَا كَانَتْ مَنِيَّةُ (3) أَحَدِكُمْ بِأَرضٍ؛ قُيِّضَتْ (4) لَهُ الحَاجَةُ، فَيَعْمِدُ (5) إلَيْهَا، فَيَكونُ أقْصَى أَثَرٍ مِنْهُ، فَيُقْبَضُ فِيهَا، فَتَقُولُ الأرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ (6) : رَبِّ! هَذا مَا اسْتَوْدَعْتَني؟
قَالَ أَبِي: الكوفيُّون لا يرفَعونه.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (7) : هَذَا الحديثُ (8) معروفٌ بِعُمَرَ بْنِ عليِّ بْنِ مُقَدَّم (9) ، تفرَّد بِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَتَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ مُحَمَّدُ ابن خالد الوَهْبي (10) .
_________
(1) قوله: «رواه محمد بن خالد» ليس في (ف) .
(2) روايته أخرجها الحاكم في "المستدرك" (1/41-42 و367) .
(3) في (ف) : «ميتة» .
(4) أي: قُدِّرَتْ؛ يقال: قَيَّضَ الله له كذا، أي: قَدَّرَهُ. انظر "المصباح المنير" (2/521) .
(5) في (ك) : «فعمد» .
(6) من قوله: «فيكون أقصى ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) .
(7) في (ف) : «قلت» بدل: «قال أبو محمد» .
(8) قوله: «الحديث» سقط من (ك) .
(9) روايته أخرجها ابن ماجه (4263) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (392) ، والبزار في "مسنده" (1889) ، والحاكم (1/41) . قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرفعه إلا عمر بن علي المقدَّمي» .
(10) ذكر الدارقطني في "العلل" (848) هذا الحديث والاختلاف فيه، وقال: «رواه ابن عيينة ويحيى القطان وغيرهما موقوفًا، وهو الصَّواب» .
ورواية ابن عيينة أخرجها سعيد بن منصور في "سننه" (894) ، عنه، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن قيس، عن ابن مسعود موقوفًا. وانظر تخريج الحديث والاختلاف فيه في التعليق على الموضع السابق من "سنن سعيد بن منصور".
(3/546)
1074 - وسألتُ (1) أَبِي (2) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عمَّار (3) ،
عَنْ حمَّاد بن عبد الرحمن؛ قَالَ: حدَّثنا إِدْرِيسُ بْنُ صَبِيح الأَوْدي (4) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّب (5) ؛ قال: حضرتُ عبد الله بْنَ عُمَرَ فِي جِنازة، فلمَّا وضعها (6) قال (7) : باسمِ اللَّهِ، وَفِي سبيلِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رسولِ اللَّهِ. فلمَّا أخَذَ فِي تَسْوِيَةِ اللَّبِنِ عَلَى اللَّحْدِ، قَالَ (8) : اللَّهمَّ أَجِرْهُ مِنَ الشَّيطان، وَمِنْ عَذَابِ القَبر، وَمِنْ عَذَابِ النَّار. فلمَّا (9) سَوَّى الكَثِيبَ (10) عَلَيْهَا؛ قَامَ إِلَى جَانِبِ القَبر، ثُمَّ قال: اللَّهُمَّ جافِ الأرضَ
_________
(1) نقل ابن الملقن في "البدر المنير" (4/90/مخطوط) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/261) حكم أبي حاتم على هذا الحديث بالنكارة.
(2) قوله: «أبي» سقط من (ك) .
(3) روايته أخرجها ابن عدي في "الكامل" (2/241) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/55) .
ورواه ابن ماجه (1553) ، والطبراني في "الدعاء" (1210) عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ حماد بن عبد الرحمن؛ حدثنا إدريس الأَوْدِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، به هكذا لم يسمِّ إدريس.
(4) في (ك) : «الأزدي» .
(5) قوله: «عن سعيد بن المسيب» سقط من (ك) . وقوله: «عن سعيد بن» مكانه بياض في (ت) .
(6) في (ك) : «فلما وصلت إليه» .
(7) قوله: «قال» في مكانه بياض في (ت) و (ك) .
(8) قوله: «اللبن على اللحد قال» في مكانه بياض في (ت) و (ك) .
(9) قوله: «ومن عذاب النار فلما» في موضعه بياض في (ك) ، وقوله: «النار فلما» مطموس في (ت) ، وقوله: «من عذاب النار» ليس في (ف) .
(10) الكَثِيبُ: الرَّمْلُ المُسْتَطِيلُ المُحْدَودِب. "النهاية" (4/152) .
(3/547)
عن (1) جَنْبِها (2) ، وصَعِّد رُوحَها، ولَقِّها مِنْكَ رِضْوَانًا. قُلْتُ: يَا ابْنَ عُمَرَ! أَشَيْئًا (3) سمعتَه من رسول الله (ص) ، أَوْ شَيْئًا قُلْتَه مِنْ (4) رَأْيِكَ؟ قال (5) : إني (6) إِذَنْ لقادِرٌ عَلَى الْقَوْلِ! بَلْ شيءٌ سمعتُه من رسول الله (ص) ؟
قال أبي: الحديثُ مُنكَرٌ (7) .
_________
(1) قوله: «الأرض عن» في مكانه بياض في (ت) و (ك) .
(2) في (ك) : «جنبيها» .
(3) في (ك) : «أشيء» .
(4) في (ف) : «قلت من من» .
(5) قوله: «قال» سقط من (ك) .
(6) قوله: «إني» سقط من (ش) .
(7) لأنه تفرد به إدريس بن صبيح هذا، وقد قال عنه أبو حاتم في "الجرح والتعديل" (2/264 رقم 949) : «مجهول» .
وقال ابن عدي في الموضع السابق بعد روايته لهذا الحديث ولحديث آخر: «هكذا قال: " إدريس بن صبيح الأودي "! وانما هو: إدريس بن يزيد الأودي، وهذان الحديثان لا أعلم يرويهما غيرُ حماد بن عبد الرحمن هذا، وهو قليل الرواية» .
كذا ذهب ابن عدي إلى أن إدريس هو: ابن يزيد الأودي، وصوَّب ابن حجر في "التهذيب" (1/101) قول ابن عدي.
وقد فرق بينهما ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/263-264) فترجم لإدريس بن صبيح وقال: «رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، روى عنه حماد بن عبد الرحمن الكلبي، سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال: هو مجهول» .
وترجم لإدريس بن يزيد وقال: «ذكره أبي عن إسحاق ابن منصور الكوسج، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قال: إدريس بن يزيد الأودي: ثقة» .
وكذا فرق بينهما ابن حبان في "الثقات" (6/78) وقال في إدريس بن صبيح: «يُغرِب ويخطئ على قلَّته» .
والحديث رُوي من طرق عن ابن عمر، واختُلِف في رفعه ووقفه.
وذكر الدارقطني في "العلل" (4/60/أ-61/ب) الاختلاف فيه ورجَّح الوقف. وانظر تخريج الأخ ياسر فتحي لـ"الذكر والدعاء" للقحطاني (228) .
(3/548)
1075 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ (1) عمَّار (2) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاش؛ قَالَ: حدَّثنا سُلَيمان بْنِ سُلَيم، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطاء بْنِ يَسار، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري؛ قَالَ: قال رسولُ الله (ص) : إِنَّ اللَّهَ إِذَا ابْتَلَى عَبْدًا بِالبَلاءِ فِي الدُّنيا (3) ؛ بَعَثَ إليهِ مَلَكَيْنِ، فَقالَ لَهُما: انْظُرَا مَا يَقُولُ عَبْدي لِعُوَّادِهِ حِينَ يَعُودُونَهُ: فإنْ قَالَ خَيْرًا وَلَمْ يَشْكُو (4) إِلَيْهِمُ الَّذي بِهِ مِنَ البَلاءِ؛ قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ لِمَلائِكَتِهِ: أبْدِلُوا عَبْدي (5) لَحْمًا خَيْرًا (6) مِنْ لَحْمِهِ، ودَمًا خَيْرًا (7) مِنْ دَمِهِ، وأَخْبِرُوهُ أنِّي (8) إنْ أنَا قَبَضْتُهُ أدْخَلْتُهُ الجَنَّةَ، وإنْ أَنَا أطْلَقْتُهُ مِنْ وَثَاقِي فَلْيَسْتَأْنِفِ العَمَلَ؟
_________
(1) في (ك) : «عن» بدل: «ابن» .
(2) لم نقف على هذا الحديث من رواية هشام عن إسماعيل ابن عياش، لكنَّ الحديث رواه الطبراني في "مسند الشاميين" (1392) من طريق هشام بن عمار، قال: حدثني سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النبي (ص) . ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (9472) من طريق أبي صالح الحرَّاني؛ حدثنا ابن عياش، حدثني سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ زَيْدِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، به مرفوعًا. وقد نبَّه المحقق على أنه وقع في جميع نسخ "الشعب": «أبو عياش» ، ثم قال: «وهو خطأ فاحش» .
(3) قوله: «الدنيا» مطموس في (ت) و (ك) .
(4) رسمت في جميع النسخ: «لم يشكوا» ، بإثبات الواو بعدها ألف، أما إثبات الواو مع الجازم فله وجهان مشهوران في العربية، تقدَّم بيانهما في التعليق على المسألة رقم (228) ، وأما إثبات الألف مع واو الفعل فهذا قولُ الكُتَّاب المتقدِّمين، وتقدَّم التعليق عليه في المسألة (1025) .
(5) في (ك) : «لعبدي» .
(6) في (ت) : «خير» .
(7) في (ت) و (ف) و (ك) : «خير» .
(8) قوله: «أني» كتب في (ف) ، وضرب عليه الناسخ.
(3/549)
قال أبي: يَرْوُونه (1) مُرسَلً (2) .
_________
(1) في (ف) : «يرونه» ، لكن الواو مضمومة.
(2) كذا في جميع النسخ، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
والحديث رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ" (2/940) عَنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قال ... فذكره هكذا مرسلاً.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (5/47) : «هكذا رواه جماعة الرواة عن مالك مرسلاً، وقد أسنده عباد بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن أبي سعيد الخدري» ، ثم رواه بسنده إلى عباد بن كثير.
وذكر الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" = = (4/254) أن الدارقطني رواه في "غرائب مالك" من طريق علي بن محمد الزيادباذي، عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مالك، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة به مرفوعًا، ثم قال الدارقطني: «إنما هو في "الموطأ" بسند منقطع عن غير سهيل» .
وله طريق آخر عن أبي هريرة رواه الحاكم في "المستدرك" (1/348-349) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/375) ، وفي "شعب الإيمان" (9473) ، رواه من طريق علي بن المديني، عَنْ أَبِي بَكْر الحنفي، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عن سعيد ابن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله (ص) : «قال الله تعالى: إذا ابتَلَيتُ عبدي المؤمنَ ولم يَشكُني إلى عُوَّاده أطلَقتُه من إساري، ثم أبدلتُه لَحْمًا خَيْرًا مِنْ لَحْمِهِ، وَدَمًا خيرًا من دمه، ثم يَستأنفُ العملَ» .
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» .
وزعم ابن عمار الشهيد في "علل أحاديث في صحيح مسلم" رقم (29) أن مسلمًا أخرج هذا الحديث في "صحيحه" من طريق القواريري، عن أبي بكر الحنفي، ثم قال ابن عمار: «وهذا حديث منكر، وإنما رواه عاصم بن محمد عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، وعبد الله بن سعيد شديدُ الضعف؛ قال يحيى بن سعيد القطان: ما رأيت أحدًا أضعف من عبد الله بن سعيد المقبري. ورواه معاذ بن معاذ، عن عاصم بن محمد، عن عبد الله بن سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، وهو [حديث] يشبه أحاديثَ عبد الله بن سعيد» . اهـ. وانظر "شرح العلل" لابن رجب (2/768-769) .
(3/550)
1076 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الْوَلِيدِ بْنِ مسلِم، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ (2) ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأنصاري - رجلٍ من بني عبد الأَشْهَل - قَالَ: حدَّثني أَبِي: أَنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله (ص) يَقُولُ فِي الصَّلاة عَلَى الميِّت: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لأَوَّلِنا وآخِرِنَا، وحَيِّنَا ومَيِّتِنا، وشَاهِدِنَا وغَائِبِنَا، وذَكَرِنَا وأُنثَانَا، وصَغيرِنَا وكَبيرِنا.
قَالَ يَحْيَى: وَأَخْبَرَنِي أبو سَلَمة، عن النبيِّ (ص) بِمِثْلِ هَذَا، وَزَادَ فِيهِ: وَمَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإسْلامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإيمَان ِ؟
قَالَ أَبِي: أَبُو إِبْرَاهِيمَ: هُوَ مجهولٌ، هو وأبوه.
_________
(1) نقل الحافظ ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (1/230) بعض هذا النص بتصرف، وانظر المسألة رقم (1047) و (1058) .
(2) هو: عبد الرحمن بن عمرو. وروايته أخرجها: الترمذي في "جامعه" (1024) من طريق الهقل بن زياد، والنسائي في "الكبرى" (10923) من طريق المعافى ابن عمران، والطحاوي في "شرح المشكل" (969) ، والبيهقي (4/41) من طريق بشر ابن بكر، والطبراني في "الدعاء" (1067) من طريق يحيى البابلتي، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/41) من طريق الوليد ابن مَزْيَد، خمستهم عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، به مرفوعًا.
ورواه الإمام أحمد (4/170 رقم17543 و17544 و17545 و17547) من طريق أبان العطار، وهشام الدستوائي، وابن أبي شيبة في "المصنف" (11354) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2188) ، والنسائي في "المجتبى" (1986) ، و"الكبرى" (10924) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (970) ، والطبراني في "الدعاء" (1166) من طريق هشام الدستوائي، والطبراني في "الدعاء" (1068) من طريق محمد بن يعقوب، ثلاثتهم عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، به.
(3/551)
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (1) : وتَوهَّمَ بعضُ الناس أنه عبد الله بْنُ أَبِي قَتادة (2) ، وغَلِطَ؛ فإنَّ أَبَا قَتادة مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ رجُلٌ مِنْ بَنِي عبد الأَشْهَل (3) .
1077- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الوليد ابن مُسْلِم (4) ؛
قال:
_________
(1) في (ف) : «قلت» بدل: «قال أبو محمد» .
(2) رواه هكذا الإمام أحمد في "المسند" (4/170 رقم 17546) ، و (5/299 و308 رقم 22554 و22619) ، والنسائي في "الكبرى" (10925) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (966 و967) ، والطبراني في "الدعاء" (1171) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/41) جميعهم من طريق همام بن يحيى، يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عبد الله بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، به.
ونقل ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/204) عن ابن أبي شيبة قوله: «أبو إبراهيم هو: عبد الله بن أبي قتادة» .
(3) قال الترمذي في "جامعه" (1024) : «وسمعت = = محمدًا [يعني: البخاري] يقول: أصحُّ الروايات في هذا: حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه، وسألته عن اسم أبي إبراهيم؟ فلم يعرفه» .
وذكر الدارقطني في "العلل" (556) هذا الحديثَ واختلاف الرواة فيه على يحيى ابن أبي كثير، ثم قال: «ورواه غيرُ واحد من البصريين عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أبي إبراهيم الأنصاري، عن أبيه، عن النبي (ص) ، وهو الصَّحيح. وعن أبي سلمة مرسل، وهو الصَّحيح. وأبو إبراهيم قيل في الحديث: رجل من بني عبد الأشْهَل، ومن قال فيه: إن أبا إبراهيم عبدُالله بن أبي قتادة فقد وهم» .
(4) قوله: «مسلم» سقط من (أ) ، وسقط قوله: «رواه الوليد ابن مسلم» من (ف) ، وقوله: «ابن مسلم» ليس في (ت) و (ك) . ورواية الوليد بن مسلم هذه أخرجها ابن أبي حاتم نفسه في "تفسيره" (1/149 رقم1334) ، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (3/148 رقم 2184) .
ورواه البخاري في "تاريخه الكبير" (5/169) من طريق مخلد بن يزيد وأبي المغيرة عبد القدوس بن الحجَّاج، والطبري برقم (2183) من طريق رواد بن الجراح العسقلاني، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/433) من طريق الوليد بن مزيد البيروتي، جميعهم عن الأوزاعي، به.
(3/552)
حدَّثنا الأَوْزَاعِيُّ (1) ؛ قَالَ: حدَّثني (2) يَحْيَى (3) ؛ قال: حدَّثني عبد الله بْنُ أَبِي الفَضْل المَدِيني؛ قَالَ: حدَّثني أَبُو هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: أُتِيَ رسولُ الله (ص) بجِنازة يُصَلِّي عَلَيْهَا، فَقَالَ النَّاسُ: نِعْمَ الرَّجُلُ! فقال النبيُّ (ص) : وَجَبَتْ. قَالَ (4) : وأُتِيَ بجِنازة أُخرى، فَقَالُوا (5) : بِئْسَ الرَّجُلُ! فَقَالَ النبيُّ (ص) : وَجَبَتْ (6) ، فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: [ما] (7) قَوْلُكَ: وَجَبَتْ؟ فَقَالَ (8) : قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {لِتَكُونُوا ... } (9) ؟
قال أبي: عبد الله هَذَا مجهولٌ (10) .
1078 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (11) ،
عَنِ
_________
(1) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(2) في (أ) و (ش) : «حدثنا» .
(3) هو: ابن أبي كثير.
(4) قوله: «قال» ليس في (ف) .
(5) في (ف) : «فقالوا الناسُ» .
(6) من قوله: «قال وأتي بجنازة ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) .
(7) ما بين معقوفين زيادة من "تفسير ابن أبي حاتم"، وبعض مصادر التخريج.
(8) في (ك) : «قال» .
(9) الآية (143) من سورة البقرة.
(10) وكذا قال الذهبي في "الميزان" (4748) .
(11) روايته أخرجها أبو داود في "سننه" (3177) ، والبزار - كما في "تحفة المحتاج" لابن الملقن (2/20) -، والحاكم في "المستدرك" (1/355-356) ، وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/23) . قال ابن الملقن: «قال البزار: لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ إلا عن ثوبان بهذا الإسناد، وهو حسن الإسناد، ولا نعلم كلامه جاء به أحد غيره بإسناد متصل، وقد رواه عامر بن يساف، عن يحيى ابن أبي كثير مرسلاً، لم يقل: عن أبي سلمة ولا ثوبان، ومعمر - يعني راوي الأول - أثبت من عامر» .
ورواه الترمذي في "جامعه" (1012) ، وابن ماجه (1480) ، والبيهقي في الموضع السابق، جميعهم من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثوبان قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) في جِنازة، فرأى ناسًا رُكبانًا، فقال: «ألا تَسْتَحيون؟! إن ملائكةَ الله على أقدامهم وأنتُم على ظُهور الدَّواب» . قال الترمذي: «حديث ثوبان قد رُوي عنه موقوفًا؛ قال محمد [أي البخاري] : الموقوفُ منه أصحُّ» .
وأخرجه البيهقي من وجه آخر عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مريم، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثوبان موقوفًا عليه، ثم قال البيهقي: «هذا هو المحفوظ بهذا الإسناد، موقوف ... » ، ثم رواه من طريق آخر عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مريم، به مرفوعًا، ثم قال: «ورواه ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد موقوفًا عن ثوبان، وفي ذلك دلالة على أن الموقوف أصحُّ، وكذا قاله البخاري» .
(3/553)
مَعْمَر، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثير، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَن ثَوْبان، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ كَانَ فِي جِنازة، فأُتِيَ بدابَّةٍ، فَأَبى أَنْ يركبَها، فَلَمَّا انصرف أُتِيَ بدابَّة فركبَ، فقالوا لَهُ الَّذِي أَتَاهُ (1) بالدَّابة أوَّلاً: أُنْزِلَ فيَّ شيءٌ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ لَمْ أَكُنْ لأَِرْكَبَ والمَلائِكَةُ يَمْشُونَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ خطأٌ، لَيْسَ الحديثُ مِنْ حَدِيثِ أبي سَلَمة بن عبد الرحمن، وَأَبُو سَلَمة عَنْ ثَوْبان لا يَجِيءُ؛ إِنَّمَا هَذَا حديثٌ يَرْوِيهِ أَبُو سَلاَّم (2) ، عَنْ ثَوْبان، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيرٍ يَرْوِي عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلاَّم، عَنْ جدِّه أَبِي سَلاَّم (3) ، فيَحْتملُ أَنْ يكونَ أَخَذَهُ عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلاَّم، عَنْ ثَوْبان، عَنِ النبيِّ (ص) ، وأسقَطَ زَيْدًا مِنَ الوَسَط، أَوْ لم يحفَظ عنه.
_________
(1) كذا في جميع النسخ: «فقالوا له الذي أتاه ... » ولعل «الذي» بدلٌ من واو الجماعة في «قالوا» ، وهو بدلُ بعضٍ من كُلٍّ، والله تعالى أعلم. ولم ترد هذه العبارة في مصادر التخريج.
(2) هو: ممطور الحبشي.
(3) من قوله: «عَنْ ثَوْبَانَ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كثير ... » إلى هنا سقط من (ك) .
(3/554)
وَلا أَعْلَمُ رَوَى أَبُو سَلَمة عَنْ ثَوْبان إِلا حَدِيثًا يَرْوِيهِ أَبُو سَعْدٍ (1) البَقَّال (2) - وَهُوَ حديثٌ مُنكَرٌ - عَنْ أَبِي سَلَمة (3) ، عَنْ ثَوْبان، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ.
قَالَ أَبِي: وَأَبُو سَعْدٍ (4) البَقَّال لا أَعْلَمُ سمعَ مِنْ أَبِي سَلَمة، وَلا مِنْ أَبِي سَلاَّم، وَإِذَا رأيتَ الرَّجُلَ لا يَرْوِي عَنْهُ الثَّوريُّ - وأُراه قَالَ: وشُعبة - وَقَدْ أَدْرَكَاهُ، فَمَا ظنُّك بِهِ؟!
1079 - وسألتُ (5) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ حسن (6) بْن حَكَم (7) بن
_________
(1) في (ش) : «أبو سعيد» .
(2) هو: سعيد بن المَرْزُبان. وروايته هذه أخرجها الترمذي في "جامعه" (3389) من طريق عقبة بن خالد، والصيداوي في "معجم الشيوخ" (ص 296) من طريق عبد الرحمن الزجاج، والطبراني في "الدعاء" (304) من طريق عَلِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِيدِ، ثلاثتهم عن أبي سعد البقَّال، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ ح قال: قال رسول الله (ص) : «من قال حين يُمسي: رَضيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يرضيَه» . قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه» .
(3) في (أ) و (ش) : «منكر متصل عن أبي سلمة» ، لكن في (أ) جعل الناسخ الدائرة المنقوطة (_د.) للفصل بين قوله: «منكر» و «عن أبي سلمة» ، ثم ضرب عليها، وكتب فوقها «متصل» ، فإما أنه لَحَق، أو قصد إلغاءَ الفصل، والتنبيهَ على اتصال الكلام، وهذا الأقربُ، فإن كان كذلك فهو شاهدٌ على أن نسخة (ش) منقولة من (أ) ، والله أعلم.
(4) في (ش) : «وأبو سعيد» .
(5) نقل هذه المسألة ابن الملقن في "البدر المنير" (3/370-371/مخطوط) ، وانظر المسألة رقم (1093) .
(6) قوله: «حسن» كأنه في (ش) : «جبير» ، ثم صُوِّب.
(7) في (أ) : «حكيم» . وانظر "الجرح والتعديل" (3/7) .
(3/555)
طَهْمان (1) ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتوائي (2) ؛ قَالَ: أخبرني أبو عِصام (3) ، عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : خَيْرُ ثِيابِكُمُ البَياضُ، فَلْيَلْبَسْهَا أحياؤُكُمْ، وكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ جِدًّا، باطلٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
1080- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه عُبيد ابن إسحاق العطَّار (4) ؛ قال: ثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ (5) بْنِ عَقيل بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛ قَالَ: حدَّثني أَبِي: عبدُالله بْنُ مُحَمَّدٍ (6) ؛ قَالَ: حدَّثني جَابِرُ بن عبد الله؛ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النبيِّ (ص) جلوسٌ؛ إذ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ (7) : إنَّ فاطمةَ ابْنَتَ (8) أَسَد - أُمَّ عليٍّ وعَقيل وَجَعْفَرٍ- قد ماتت، فقال
_________
(1) روايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (5391) إلا أنه وقع عنده: «الحسين بن الحكم بن طهمان» . قال الطبراني: «لا يُروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به الحسين بن الحكم» .
ورواه البزار (2941/كشف الأستار) من طريق أشعث، عن الحسن - قال: وأظنه عَنْ أَنَسٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ص) فذكره. قال البزار: «لا نعلم أحدًا رواه عن أشعث عن الحسن، إلا منصور، وليس به بأس، وهو بصري، انتقل إلى واسِط، وأقام بها حتى مات» .
(2) هو: هشام بن أبي عبد الله.
(3) في (ك) : «أبو عاصم» ، وكذا في "البدر المنير". وهو: أبو عصام البصري، مشهور بكنيته، واسمه: خالد بن عبيد، وقيل: ثمامة. انظر "تهذيب الكمال" (34/87) .
(4) روايته أخرجها ابن شبة في "تاريخ المدينة" (1/124) .
(5) قوله: «بن محمد» سقط من (أ) و (ش) .
(6) في "تاريخ المدينة" زيادة: «قال: ولم يَدْعُه قطُّ إلا أباه وهو جدُّه» .
(7) قوله: «فقال» سقط من (ك) .
(8) في (ك) : «ابنة» ، والمثبت من بقيَّة النسخ، وهو صحيحٌ في العربية. انظر توجيهه في التعليق على المسألة رقم (6) .
(3/556)
النبيُّ (ص) : قُومُوا بِنَا إِلَى أُمِّي، فقُمنا كأنما على رؤوسِ مَنْ معه الطيرُ، [فلمَّا] (1) انْتَهَى (2) إِلَى الْبَابِ نَزَعَ قَمِيصَهُ، فَقَالَ: إِذَا غَسَّلْتُموهَا، فأَشْعِرُوهَا (3) تَحْتَ أَكْفَانِهَا (4) ، فَلَمَّا أَخْرَجُوهَا، جَعَلَ رسولُ الله (ص) مرَّةً يَحْمِلُ، ومرَّة يتأخَّر، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ، نَزَلَ فَتَمَعَّكَ (5)
باللَّحْدِ، وقال: أَدخِلوهَا عَلَى بِاسْم ِ اللهِ - أو اسْم ِ اللهِ (6) -، فَلَمَّا أَدْخَلُوهَا قَالَ: جَزَاكِ اللَّهُ مِنْ أُمٍّ ورَبِيبَةٍ خَيْرًا (7) ، فَنِعْمَ الأمُّ، ونِعْمَ الرَّبيبَةُ كُنْتِ لِي، قَالَ: قُلْنَا - أَوَ قِيلَ لَهُ -: يَا رسولَ اللَّهِ، لَقَدْ صَنَعْتَ شَيْئَيْنِ (8) مَا رَأَيْنَاكَ (9) صنعتَهُما! قَالَ: مَا هُوَ؟ ، قُلْنَا: فِي نَزْع ِ قَمِيصِكَ، وَفِي تَمَعُّكِكَ فِي الْقَبْرِ، قَالَ: أَمَّا قَمِيصِي: أَلاَّ تَمَسَّهَا (10) النَّارُ أبَدًا إِن شَاءَ اللهُ، وَأَمَّا تَمَعُّكِي في القَبْرِ:
_________
(1) في جميع النسخ: «فكأنما» ، والتصويب من الموضع السابق من "تاريخ المدينة".
(2) في (ف) : «أتتها» ، وهي مصحَّفة عن «انتهى» .
(3) قوله: «غسلتموها فأشعروها» مطموس في (ك) .
ومعنى «فأشعروها» : أي: اجعلوا قميصي شِعارَها. والشِّعار: الثَّوبُ الذي يلي الجَسدَ؛ لأنه يلي شَعرَه. انظر "النهاية" (2/479-480) .
(4) في (ت) و (ك) : «أكنافها» .
(5) قوله: «فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ نَزَلَ فتمعَّك» مطموس في (ك) .
ومعنى: تَمَعَّك باللَّحد: تمرَّغ في تُرابِه. انظر "النهاية" (4/343) .
(6) لفظ الجلالة ليس في (ف) .
(7) قوله: «جَزَاكِ اللَّهُ مِنْ أُمٍّ وَرَبِيبَةٍ خيرًا» مطموس في (ك) .
(8) في (ت) : «بشيئين» ، ويشبه أن تكون كذلك في (ك) .
(9) قوله: «ما رأيناك» مطموس في (ك) .
(10) كذا في جميع النسخ، وفي "تاريخ المدينة": «فأردت ألا تمسَّها» ، وهذا هو الجادَّة، ويشهد له أيضًا قوله آخر الحديث: «فَأَرَدتُّ أنْ يُوَسِّعَ» ، وما في النسخ يحتمل وجهين؛ إما أن يكون سقط قوله: «فأردتُّ» من المصنِّف أو النساخ، وإمَّا ألا يكون هناك سقط، لكنْ حذفتِ الفاءُ من جواب «أمَّا» ، وهو جائزٌ في الاختيار وسعة الكلام عند حُذَّاق النحويين؛ وقد تقدَّم التعليقُ عليه في المسألة رقم (637) .
(3/557)
فَأَرَدتُّ أنْ يُوَسِّعَ اللهُ عَلَيْهَا قَبْرَهَا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ جدًّا (1) .
1081 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَفَّان (2) ، عَنْ أَبِي عَوانة (3) ، عَنِ الأعمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: أَكْثَرُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ البَوْلِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ؛ يعني: مرفوعً (4) .
_________
(1) قال الشيخ الألباني في "الضعيفة" (5493) : «ضعيف جدًّا» .
(2) هو: ابن مسلم. والحديث عنده في "جزئه" (8/ب) ، ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1306) ، وأحمد في "مسنده" (2/388 و389 رقم 9033 و9059) ، وابن ماجه (348) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (5193) ، والآجري في "الشريعة" (853) ، والدارقطني في "السنن" (1/128) ، والإسماعيلي في "جمعه لحديث الأعمش" - كما في "الإمام" لابن دقيق العيد (3/389) -، والحاكم في "المستدرك" (1/183) ، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (120) . قال الدارقطني: «صحيح» .
ورواه أحمد (2/326 رقم 8331) ، والبزار في "مسنده" (220/ب/مسند أبي هريرة) ، والإسماعيلي في الموضع السابق، والآجري في "الشريعة" (852) ، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (2/14) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/412) ، كلهم من طريق يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي عوانة، به.
(3) هو: وضَّاح بن عبد الله اليَشكُري.
(4) كذا في جميع النسخ، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وتقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) . ونقل ابن الملقن في "البدر المنير" (1/351/مخطوط) هذا النص بتمامه، وقال: «يعني مرفوعًا» ، وانظر "إرشاد الفقيه" لابن كثير (1/57) .
قال البزار في الموضع السابق: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة، إلا أبو عوانة» . ونقل الترمذي في "العلل الكبير" (37) عن البخاري أنه قال: «هذا حديث صحيح» .
= ... وذكر الدارقطني في "العلل" (1518) رواية أبي عوانة هذه، ثم قال: «وخالفه ابن فضيل فوقفه، ويشبه أن يكون الموقوف أصح» .
(3/558)
1082 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَم بْنِ يَزِيدَ الأسيِّدِيّ (1) ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعَيب بْنِ الحَبْحاب، عَنْ أَنَسٍ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، فَإِنْ قَامَ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا (2) ، فَلَهُ قِيرَاطَان ِ؟
_________
(1) المثبت من (ت) ، وفي بقيَّة النسخ: «الأسدي» ، وما أثبتناه موافقٌ لما في "الجرح والتعديل" (9/345 رقم1538) ، و"تفسير ابن أبي حاتم" (8771) ، ومصدري التخريج التاليين.
ورواية أبي بكر بن مروان أخرجها أبو يعلى في "مسنده" (4169) عن عمر بن شَبة، عن أبي بكر بن مروان، به.
وأخرجها الخطيب في "تاريخ بغداد" (14/385) من طريق أبي علي الحسن بن علي المعمري، عن عمر بن شبة، عن أبي بكر بن مروان - وكان ثقة وفوق الثقة-، عن عبد الوارث، عن شعيب، عن أنس، به.
ثم نقل الخطيب عن أبي علي الحسن بن علي المعمري أنه قال: «هكذا قال هذا الشيخ! وأراه وَهِمَ فيه، وذلك أن عبيد الله بن عمر حدثنا؛ قال: حدثنا عبد الوارث، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ عثمان بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفًا. وقد رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ شعيب فقال: عن أبي الليث مولى كثير بن الصَّلت، عن أبي هريرة موقوفًا. ورواه عبد الكبير بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كثير مولى ابن الصَّلت، عن أبي هريرة ورفعه. قال أبو علي: وقد كتبت أنا عن أبي بكر الأسيدي هذا الذي رواه عن عبد الوارث؛ إلا أني لم أكتب هذا عنه» .
(2) قوله: «منها» ليس في (أ) و (ش) .
(3/559)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ؛ وأبي بَكرِ (1) ابنِ مَرْوان: كتبتُ عَنْهُ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
1083 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي بَزَّة (3) ، عَنْ مُؤَمَّل (4) ، عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ النَّاسِ يَبْلُغُونَ مِئَةً، فَيَشْفَعُونَ فِيهِ إِلاَّ شُفِّعُوا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ (5) .
1084 - وسألتُ (6) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ حمَّاد بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سعيد، عن محمد ابن يَحْيَى بْن (7) حَبَّان، عَنْ زَيْدِ (8) بن
_________
(1) كذا في جميع النسخ! عدا (ك) ، ففيها: «وأبو بكر» ، وهو الجادَّة، ولم يمنع من إثباته إلا أنها منقولة من (ت) التي وافقت بقيَّة النسخ. ومع ذلك فما أثبتناه من تلك النسخ له وجه في العربية، وهو حذف حرف الجر مع بقاء الاسم مجرورًا، والتقدير: «وكتبتُ عن أبي بكر ابن مروان كتبتُ عنه» ؛ حُذِفَ الفعلُ وحرفُ الجر، وبقي الاسم مجرورًا، وهذا قليلٌ في النثر، وإن كان كثيرًا في الشعر. انظر التعليق على ذلك في المسألة رقم (440) .
(2) انظر المسألة رقم (1068) .
(3) هو: أبو الحسن أحمد بن محمد بن نافع بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بزَّة. وروايته أخرجها الضياء المقدسي في "المختارة" (5/47 رقم 1661) .
(4) هو: ابن إسماعيل البصري.
(5) يعني بهذا الإسناد، وإلا فقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (947) من طريق شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ عَنْ أَنَسٍ ح، ومن رواية عبد الله بن يزيد، عن عائشة خ.
(6) تقدمت هذه المسألة برقم (460) .
(7) في (ك) : «عن» بدل: «ابن» .
(8) من قوله: «عن يحيى بن سعيد ... » إلى هنا سقط من (أ) و (ش) ، والمثبت من (ت) و (ف) و (ك) ، وهناك ضبَّة في هذا الموضع من (أ) ، وكتب في الهامش: «سقط» . وانظر الحديث في "مسند الحميدي" (815) ، و"المعجم الكبير" للطبراني (5/230) .
(3/560)
خَالِدٍ: أن رجلا ماتَ عَلَى عهد رسولِ الله (ص) ، فلم يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ لأصحابه: صَلُّوا ... ؟
قَالَ أَبِي: كَذَا رَوَاهُ حمَّاد بْنُ زيد!
وَرَوَاهُ جماعةٌ عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي عَمْرَة (1) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النبيِّ (ص) ... القصَّةَ؛ وَهُوَ الصَّحيحُ.
1085 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو سُفْيَانَ الحِمْيَري (3) ، عَنْ سُفْيَانَ بْن حُسَين، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَبِي أُمامَة بن سهل ابن حُنَيْف، عَنْ أَبِيهِ: أنَّ النبيَّ (ص) صلَّى عَلَى قَبْر؟
فَقَالَ: هَذَا خطأٌ، والصَّحيحُ: حديث يونس ابن يَزِيدَ وجماعةٍ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أبي أُمامَة، عن النبيِّ (ص) ، بلا «أبيه» .
1086 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُبَشِّر بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : إنَّ النَّفْسَ قَالَتْ: لا أخْرُجُ إِلاَّ وأَنَا كَارِهَةٌ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: الزُّهْري، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّة، عن النبيِّ (ص) ؛ وهو الصَّحيحُ.
_________
(1) هو: مولى زيد بن خالد الجهني.
(2) تقدمت هذه المسألة برقم (463) .
(3) هو: سعيد بن يحيى بن مهدي.
(3/561)
1087 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ زُفَر (1) ؛
قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ - وَلَيْسَ بالطَّحَّان (2) - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلان، عَنْ أَبِي الزُّبَير (3) ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: أُتِيَ رسولُ الله (ص) (4) بجِنازة رَجُل،
_________
(1) روايته أخرجها الترمذي في "جامعه" (3709) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1312) ، وابن عدي في "الكامل" (2/132) ، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة" (122) ، وخيثمة بن سليمان في "فضائل الصحابة"- كما في "اللآلئ المصنوعة" للسيوطي (1/315) -، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء" (58) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (77) ، وابن بشران في "الأمالي" (614) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (619) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (39/129 و130 و131) .
ورواه القطيعي في "زوائد فضائل الصحابة" (859) ، و"زوائد فضائل عثمان" (156) من طريق زافر بن سليمان، وابن الجوزي في "الموضوعات" (620) من طريق أحمد بن عمران، كلاهما عن محمد بن زياد، به.
(2) في (ك) : «بالطخان» . ووقع في رواية ابن شاهين وابن عساكر (39/131) : «محمد بن زياد الطحان» ، زاد ابن عساكر: «وليس هو محمد بن زياد صاحب ميمون ابن مهران» .
وقد رواه ابن عدي في ترجمة محمد بن زياد القرشي، وقال: «وهذا عن ابن عجلان بهذا الإسناد، ما رواه عن ابن عجلان غيرُ محمد بن زياد - هذا - القرشي، وليس هو بمعروف، وحدث به عن محمد بن زياد عثمانُ بن زفر وغيره، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره؛ فإنه لا يُعرَف إلا بهذا الحديث الواحد» .
وذهب الترمذي إلى أنه محمد بن زياد صاحب ميمون، فقال بعد روايته للحديث: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ومحمد بن زياد هذا هو صاحب ميمون بن مهران ضعيفٌ في الحديث جدًّا ... » .
وهذا ما رجَّحه ابن حجر في "اللسان" (5/171) حيث قال: «وعندي أنه اليشكري الطحان الميموني، فقد اتُّهِم بالكذب» .
(3) هو: محمد بن مسلم بن تَدْرُس.
(4) في (أ) و (ش) : «النبي (ص) » بدل: «رسول الله (ص) » .
(3/562)
فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا رسولَ اللَّهِ! مَا رَأَيْنَاكَ تَرَكْتَ (1) الصَّلاةَ عَلَى أحدٍ إلاَّ عَلَى هَذَا! قَالَ: إنَّهُ كَانَ يُبْغِضُ عثمانَ؛ أبْغَضَهُ اللهُ! ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ (2) .
1088 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمة (3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْد؛ قَالَ: خرَجَ النبيُّ (ص) فِي جِنازة رجُل مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا الذِّئْبُ مُفْتَرشٌ ذراعَيْه عَلَى الطريق، فقال النبيُّ (ص) : هَذَا أُوَيْسٌ (4) [يَسْتَفْرِضُ؛ فَافْرِضُوا] (5) لَهُ؟
_________
(1) في (ك) : «تترك» .
(2) الحديث حكم عليه ابن الجوزي بالوضع، فأورده في الموضع السابق من "الموضوعات"، ونقل كلام الأئمة في محمد بن زياد، وقال الذهبي في "الميزان" (3/553) في ترجمة محمد بن زياد القرشي: «وأتى بخبر موضوع» . وقال الألباني في "الضعيفة" (1967) : «موضوع» .
(3) روايته أخرجها الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/387) ، ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (6/40) .
(4) أُوَيْسٌ: اسم للذِّئب مُصغَّرًا، كما أنه اسمٌ له مكبَّرًا، أي: أَوْس. انظر "الحيوان" للجاحظ (1/198) ، و"حياة الحَيَوان الكبرى" للدَّميري (1/498) ، و"لسان العرب" (6/18) .
(5) في جميع النسخ: «يستقرض فاقرضوا» بالقاف في = = كلتيهما، وفي "المعرفة والتاريخ": «يستقرظني فاقرظوا» ، وصوَّبها المحقق: «يستفرضني فافرضوا» بالفاء. والتصويب من الموضع السابق من "دلائل النبوة" للبيهقي، و"البداية والنهاية" لابن كثير (9/29/دار هجر) .
ويؤكده: ما رواه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص319) من طريق الواقدي، عن رجل سمَّاه، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ... فذكره بنحوه وفيه: قال رسول الله (ص) : «هذا وافِدُ السِّباع إليكُم؛ فإن شئتُم أن تَفْرضُوا له شيئًا لا يَعْدُوه إلى غيره، وإن شئتُم تركتمُوه واحتَرَزتُم منه، فما أخذ فهو رِزقُه» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تطيب أنفسنا بشيء له، فأومأ إليه النبيُّ (ص) بأصابعه الثلاثة، أي: فخالسهم، فولَّى وله عَسَلان [أي: سرعة في مَشْيه] . اهـ.
ورواه أبو نعيم - كما في "البداية والنهاية" (9/30) - من طريق الأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عن رجل من مزينة أو جهينة ... فذكره بنحوه، وفيه: «هذه وفودُ الذِّئاب، جِئْنَكُم يسألْنَكُم لتفرِضُوا لهنَّ من قُوت طعامِكُم وتأمَنُوا على ما سِواه ... » ، الحديث.
(3/563)
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ إبراهيمُ بْنُ سعد، عن محمد ابن إسحاق، عن محمد ابن خَالِدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْد - أَوْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْد - عَنِ النبيِّ (ص) .
قلتُ لأَبِي: أيُّهما الصَّحيحُ؟
قَالَ: جَمِيعًا مُنكَرَينِ (1) ، وَمِنْ حَدِيثِ الزُّهْري، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْد مُنكَر، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ شيخٌ مجهولٌ (2) .
قلتُ: الحديثُ بأيِّهما (3) أشبهُ؟
قَالَ: لا أَدْرِي.
1089 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي فُدَيك (4) ، عن
_________
(1) كذا في جميع النسخ، والجادَّة «قال: جميعًا منكران» ، لكنَّ ما وقع في النسخ فيه ضبطان: أحدهما: بالألف الممالة المكتوبة ياءً «منكَرينِ» ، ولا تنطق إلا ألفًا ممالة. وثانيهما: بالياء الخالصة «منكَرَيْن» ، وعلى ذلك فتخرَّجُ تخريجين: الأول: بتقدير فعل ينصبُ مفعولين، إما فعل يقين كـ «أعدُّ» ، أو فعل ظنٍّ كـ «أحسَبُ» .
والثاني: بحمل الفعل «قال» على «ظنَّ» في نصب مفعولين في لغة بني سُلَيم.
وقد بسطنا القول على مثل هذا في تعليقنا على المسألة رقم (25) ، وانظر المسألة رقم (124) و (759) .
(2) وكذا قال أيضًا في "الجرح والتعديل" (7/242 رقم 1331) .
(3) في (ت) و (ك) : «بأيها» .
(4) هو: محمد بن إسماعيل. وروايته أخرجها البيهقي في "شعب الإيمان" (8833) ، وقال: «إسنادٌ غيرُ قوي» .
(3/564)
عبد الحميد بْنِ حَفْص، عَنْ مُوسَى بْنِ (1) عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ أَبِي هريرة: أنَّ (3) النبيِّ (ص) قَالَ: يُكْرَهُ الضَّحِكُ فِي مَوْضِعَيْنِ: عِنْدَ رُؤْيَةِ الجِنَازَةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ القِرْدِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ لَيْسَ (4) بِصَحِيحٍ.
1090 - وسألتُ (5) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ضَمْرَة (6) ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطاء، عَنْ ثُمامَة بْنِ النَّضْر بْنِ أَنَسٍ؛ قَالَ: كَانَ أنسٌ (7) إِذَا (8) شَهِدَ جِنازة الأَخِ مِنْ إِخْوَانِهِ؛ وقفَ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ أَنْ يُدفَن، فَيَقُولُ: جافِ (9) الأرضَ عن جُثَّتِه (10) ؟
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: ثُمامَة بن عبد الله بن أنس (11) .
_________
(1) قوله: «ابن» سقط من (ت) و (ك) .
(2) هو: عُلَيُّ بن رباح اللَّخْمي.
(3) قوله: «عن أبي هريرة أن» مطموس في (ك) .
(4) قوله: «حديث ليس» مطموس في (ك) .
(5) نقل هذه المسألة ابن الملقِّن في "البدر المنير" (4/102/مخطوط) .
(6) هو: ابن ربيعة.
(7) قوله: «كان أنس» مكرر في (ش) .
(8) قوله: «أنس إذا» مطموس في (ك) .
(9) أي: اللَّهم جافِ.
(10) وقع في "البدر المنير": «عن جنبيه» بدل: «عن جثته» .
(11) الحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (8824) من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أنس بن مالك: أنه كان يقول إذا وضع الميِّت في قبره: اللهم جافِ الأرضَ عن جنبيه، وصعِّد روحه، وتكفَّله، وتلقَّه منك برحمة.
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11701) من طريق وكيع، والطبراني في "الكبير" (1/244 رقم 687) من طريق هشام الدستوائي، كلاهما عن قتادة، عن أنس بنحوه هكذا ليس فيه واسطةٌ بين قتادة وأنس.
(3/565)
1091 - وسألتُ (1) أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مَكِّيٌّ (2) ، عَنْ (3) مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّ النبيَّ (ص) صلَّى عَلَى النَّجاشِي، فكَبَّر أَرْبَعًا؟
فَقَالَ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: مَالِكٌ (4) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ (ص) ؛ وَهِمَ فيه مَكِّيٌّ (5) .
_________
(1) تقدمت هذه المسألة برقم (1050) من طريق عَبْدة = = ابن سليمان، عن عبيد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر، وذكر أبو زرعة أن عَبْدة وَهِمَ فيه أيضًا.
(2) هو: ابن إبراهيم. وروايته أخرجها الخليلي في "الإرشاد" (1/275) من طريق ابن أبي حاتم؛ حدثنا محمد بن عمَّار بن الحارث، حدثنا مكي ... ، فذكره. وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1538) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (9/117 و13/117) ، وميسرة بن علي في "مشيخته"- كما في "التدوين" للقزويني (2/483) - وابن عساكر في"تاريخ دمشق" (60/240) ، جميعهم من طريق مكي، به.
(3) في (ك) : «بن» بدل: «عن» .
(4) روايته على هذا الوجه في "الموطأ" (1/226 رقم 532) . ومن طريقه أخرجه البخاري في "صحيحه" (1245) ، ومسلم (951) .
(5) روى الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (13/117) عن الحسين بن حبان: أنه سأل أبا زكريا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ حَدِيثٍ حدث به مَكِّيٌّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ (ص) صلَّى على النجاشي؟ فقال أبو زكريا: هذا باطل وكذب! قلت: وهذا الحديث؟ فقال: إن مكي بن إبراهيم رواه هكذا بالرَّي، هو جاءني من خراسان يريد الحج، فلما رجع من حجه سئل عنه؟ فأبى أن يحدِّث. اهـ.
وروى الخطيب أيضًا (9/117) عن إبراهيم الحربي أنه سئل عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: «مَا خلق الله من هذا شيئًا، لو كان من هذا شيءٌ كان في "الموطأ"» .
وقال الخليلي في الموضع السابق: «وهذا أخطأ فيه مكي من حفظه بالرَّي، قاله أبو زرعة الرازي، وصوابه: مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي (ص) » .
وقال الذهبي في "السير" (9/551) في ترجمة مكيٍّ: «تفرد بهذا، ثم رجع عنه؛ لما بان له أنه وهم، وأبى أن يحدث به، ثم وجَدَه في كتابه: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سعيد، عن أبي هريرة، وقال: هكذا في كتابي» .
ورواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/284) من طريق موسى بن هارون، حدثنا حباب بن جبلة الدقاق - وهو ثقة -، حدثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر: أن رسول الله (ص) كبَّر علي النجاشي أربعًا. قال الخطيب: «كذا روى هذا الحديث حباب بن جبلة وتابعه مكي بن إبراهيم، فرواه عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر، ثم رجع مكيٌّ عنه ورواه عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هريرة، وهو المحفوظ عن مالك» .
وذكر الدارقطني في "العلل" (4/108/أ) الاختلافَ في هذا الحديث وقال: «ورواه مالك بن أنس واختُلِف عنه، فرواه مكي بن إبراهيم البلخي، وحباب بن جبلة الدقاق، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر. والمعروف: عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هريرة» .
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (6/325) بعد أن ذكر رواية مكي وحباب: «وليس هذا الإسناد في الموطأ لهذا الحديث، ولا أعلم أحدًا حدَّث به هكذا عن مالك غيرهما» .
(3/566)
1092 - قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (1) سألتُ (2) أَبِي (3) عَن حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ المُبارك (4) ، عن عبد الرحمن بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْر (5) بن عُبَيدالله، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلاني (6) ، عَنْ واثِلَة بْنِ الأَسْقَع، عَنْ أَبِي مَرْثَد (7) الغَنَوِيّ، عن النبيِّ (ص) (8) .
_________
(1) قوله: «قال أبو محمد» من (ت) و (ك) فقط.
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «وسألت» بالواو.
(3) تقدمت هذه المسألة برقم (213) و (1029) .
(4) هو: عبد الله.
(5) في (ش) و (ك) : «بشر» .
(6) هو: عائذ الله بن عبد الله.
(7) أبو مرثد هذا: مشهور بكنيته، واسمه: كَنَّاز بن الحصين. انظر "توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين الدمشقي (7/342) .
(8) لم يذكر متن الحديث هنا، وذكره في المسألة رقم (213) و (1029) ، ولفظه: «لا تُصَلُّوا إِلَى القُبور، وَلا تَجلِسُوا عليها» .
(3/567)
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (1) : وابنُ المُبارك أدخلَ بَيْنَهُمَا أَبَا إِدْرِيسَ، فأيُّهما أصحُّ عِنْدَكَ؟
فَقَالَ: الصَّحيحُ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ دِمَشْقَ؛ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَبُو إِدْرِيسَ، وَقَدْ وَهِمَ ابنُ المُبارك فِي زِيَادَتِهِ (2) أَبَا إِدْرِيسَ؛ لأن بُسْر (3) بن عُبَيدالله رَوَى عَنْ واثِلَة ولَقِيَه، وَلا أعلمُ أَبَا إِدْرِيسَ رَوَى عَنْ واثِلَة شَيْئًا، وأهلُ الشَّام أضبطُ لِحَدِيثِهِمْ مِنَ الغُرباء.
1093 - وسألتُ (4) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ (5) عَبْدُ الرزَّاق (6) ،
عَنْ مَعْمَر، عَنْ أيُّوب (7) ، عَنْ أَبِي قِلابة (8) ، عَنْ أَبِي (9) المُهَلَّب (10) ، عن
_________
(1) في (ف) : «قلت» بدل: «قال أبو محمد» .
(2) في (ك) : «زيادة» .
(3) في (ش) : «بشر» بالشين المعجمة.
(4) ذكر ابن الملقن هذا النص في "البدر المنير" (3/370/مخطوط) بتصرُّف واختصار. وانظر المسألة رقم (1079) .
(5) قوله: «رواه» ليس في (ت) و (ف) و (ك) .
(6) هو: ابن همام الصَّنعاني، وروايته أخرجها في "المصنف" (6198) . ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (5/20-21 رقم 20235) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1315) ، والطبراني في "الكبير" (7/234 رقم6975) ، والحاكم في "المستدرك" (4/185) .
ورواه أحمد في "مسنده" (5/20-21 رقم 20235) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1314) ، والنسائي في "المجتبى" (1896 و5322) ، والطبراني في "الكبير" (7/234 رقم6976) ، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (597) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/403) كلهم من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أبي المُهلَّب، عن سَمُرة، به.
(7) هو: ابن أبي تميمة السَّخْتِياني.
(8) هو: عبد الله بن زيد الجَرْمي.
(9) في (ش) : «ابن» بدل: «أبي» .
(10) هو: الجَرْمي؛ عمُّ أبي قلابة، مشهور بكنيته، ومُختَلف في اسمه؛ قيل: عمرو، وقيل: عبد الرحمن، وقيل غير ذلك.
(3/568)
سَمُرة بْنِ جُنْدُب؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : عَلَيْكُمْ بِهَذا البَيَاضِ، فَلْيَلْبَسْهُ أَحْيَاؤُكُمْ، وكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ؛ فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ - أَوْ قَالَ: لِبَاسِكُمْ -؟
قَالَ أَبِي: لَمْ يُتابَعْ مَعْمَرٌ عَلَى تَوْصِيلِ (1) هَذَا الْحَدِيثِ (2) ؛ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ (3) عَنْ أَبِي قِلابة، عَنْ سَمُرَة، عن النبيِّ (ص) (4) .
1094 - وسألتُ (5) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد الرزَّاق (6) ، عن
_________
(1) قوله: «توصيل» مصدرٌ من: وصَّل الحديثَ يوصِّلُهُ توصيلاً، وهو في معنى: وَصَلَهُ يَصِلُهُ وَصْلاً. وهي لغةٌ فاشيةٌ في هذا الكتاب. انظر التعليق على المسألة رقم (163) .
(2) تقدَّم أن سعيد بن أبي عروبة تابع معمرًا على روايته؛ فإما أن تكون طريق سعيد لم تثبت عند أبي حاتم، أو أنه لم يقف عليها، والله أعلم.
(3) يعني: أيوب السَّختياني.
(4) الحديث رواه الإمام أحمد في "مسنده" (5/21 رقم 20236) ، والنسائي في "المجتبى" (5323) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/449) من طريق حماد بن زيد، وابن سعد (1/449) من طريق حماد بن سلمة، وأحمد (5/12 رقم 20140) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (11124) ، والنسائي في "الكبرى" (9643) من طريق ابن عُلَيَّة، والنسائي أيضًا من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي، والحاكم في "المستدرك" (4/185) من طريق ابن عيينة، والروياني في "مسنده" (795) ، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (598) من طريق عبد الوهَّاب الثقفي. ستتهم عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عن سمرة، به، ولم يذكروا أبا المهلب.
(5) نقل بعض هذا النص ابن دقيق العيد في "الإمام" (3/63) ، ونقل بعضه بتصرف ابن الملقن في "البدر المنير" (2/62/مخطوط) ، وانظر المسألة رقم (1035) و (1046) .
(6) هو: ابن همام الصَّنعاني. وروايته أخرجها في "المصنف" (6110) . ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/280 رقم7770) ، والإسماعيلي في "جمعه لحديث يحيى" كما في "الإمام" لابن دقيق العيد (3/63) .
(3/569)
مَعْمَر، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثير، عَنْ رجُلٍ يُقَالُ لَهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، فَلْيَغْتَسِلْ؟
قلتُ لأَبِي: مَنْ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا؟ وَهَلْ يُسَمَّى؟
قَالَ: لا يُسَمَّى (1) .
1095 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ (3) ، عَنْ مُحَمَّدِ بن حسن بْنِ عَطيَّة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه (4) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري؛ قال: لَعَنَ رسولُ الله (ص) النَّائِحَةَ والمُسْتَمِعَةَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطيَّة وَأَبُوهُ وجَدُّه ضعفاءُ الحديث.
_________
(1) سُئل الدارقطني في "العلل" (2245) عن هذا الحديث؟ فقال: «يرويه يحيى بن أبي كثير واختُلِف عنه: = = فرواه أَبَانٌ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ رجل من ليث، عن أبي إسحاق الدَّوسي، عن أبي هريرة، قال ذلك أبان العطار، وتابعه هشام الدَّستوائي. وقال معمر: عَنْ رجُلٍ يُقَالُ لَهُ: أَبُو إسحاق، عن أبي هريرة. وكذلك قال هدبة بن خالد، عن هشام، عَنْ يَحْيَى؛ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إسحاق، عن أبي هريرة. وخالفه محمد بن كثير، عن هشام، فقال: عن يحيى، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عن مولى لهم، عن أبي هريرة. والصَّحيح: قول أبان ومن تابعه» . اهـ.
(2) ذكر ابن الملقن في "البدر المنير" (4/114/مخطوط) بعض هذا النص، وانظر "التلخيص الحبير" (2/278) .
(3) روايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (3/65 رقم 11622) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (1/66) ، وأبو داود في "سننه" (3128) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/63) . قال البخاري بعد أن روى له هذا الحديثَ وحديثًا آخر: «ولم يصح حديثه» .
(4) هو: عطية بن سعد العَوْفي.
(3/570)
1096 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَبْدِ الرزَّاق (2) ،
عَنْ مَعْمَر، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ النبيَّ (ص) أخَذَ عَلَى النِّسَاءِ حِينَ بايَعَهُنَّ: ألاَّ يَنُحْنَ، فقُلْنَ: إنَّ نساءً أَسْعَدَتْنا (3) فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَفَنُسْعِدُهُنَّ (4) فِي الإِسْلامِ؟ فقال النبيُّ (ص) : لا إِسْعَادَ فِي الإِسْلامِ، وَلا شِغَارَ (5) فِي الإِسْلامِ، وَلا عَقْرَ (6) في الإِسْلامِ، وَلا
_________
(1) نقل قول أبي حاتم الضياء في "المختارة" (5/168) ، وابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (3/202) ، و "المحرر" (548) ، وابن الملقن في "البدر المنير" (4/170/مخطوط) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/315) .
(2) روايته أخرجها في "المصنف" (6690 و9829) .
ومن طريقه أخرجه: أحمد في "المسند" (3/197 رقم13032) ، وعبد بن حميد (1253/المنتخب) ، وابن حبان في "صحيحه" (3146) ، والضياء في "المختارة" (1785 و1786 و1787) . ورواه عبد الرزاق أيضًا (10434) عن معمر، عن ثابت وأبان، عن أنس، عن النبي (ص) ، به. ورواه من طريقه هكذا أحمد في "المسند" (3/165 رقم 12686) ، إلا أنه قال: عن معمر، عن ثابت وأبان وغير واحد، عن أنس: أن النبي (ص) . وأخرجه من طريقه مختصرًا: الترمذي في "جامعه" (1601) ، وأبو داود في "سننه" (3222) ، والنسائي في "المجتبى" (1852) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1895) ، والخطابي في "غريب الحديث" (1/368) ، والبيهقي في"السنن الكبرى" (4/62) .
(3) في (ت) : «أسعدنا» . وفي مصادر التخريج: «أسْعَدْنَنا» . والإسعادُ: هو إسعادُ النساء في المَناحات، تقومُ المرأة فتقومُ معها أُخرى من جاراتها فتساعدُها على النِّياحة. "النهاية" (2/366) .
(4) في (ت) و (ك) : «أفتسعدهن» .
(5) الشِّغارُ: نكاحٌ معروفٌ في الجاهلية؛ كان يقولُ الرجُل للرجُل: شاغِرْني، أي: زَوِّجْني أختَك أو بنتَك أو من تَلي أمرَها، حتى أزوِّجَكَ أُختي أو بِنتي أو مَنْ أَلي أمرَها، ولا يكونُ بينهما مَهْرٌ، ويكون بُضْعُ كُلِّ واحدةٍ منهما في مقابَلَة بُضْعِ الأُخرى. وقيل له: شِغارٌ؛ لارتفاع المَهْر بينهما. "النهاية" (2/482) .
(6) كانوا يَعْقرونَ الإبلَ على قبُور الموتى - أي: يَنحَرونَها - ويقولون: إنَّ صاحبَ القَبر كان يَعْقِرُ للأضياف أيام حياته، فُنكافِئُه بمثل صَنيعه بعد وَفاتِه. وأصلُ العَقْر: ضَرْبُ قوائم البعير أو الشَّاة بالسَّيف وهو قائمٌ. "النهاية" (3/271) .
(3/571)
جَلَبَ (1) ،
وَلا جَنَبَ (2) ، ومَنِ انْتَهَبَ (3) فَلَيْسَ مِنَّا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ جِدًّا (4) .
1097 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُحارِبي (5) ، عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنِ الفَضْل، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَس (6) ،
عَنْ عَطاء بْنِ أَبِي رَباح، عن ابن
_________
(1) الجَلَبُ يكونُ في شيئين: أحدُهما: في الزَّكاة، وهو: أن يَقْدَمَ المُصَدِّقُ على أهل الزَّكاة، فَينزلَ موضعًا، ثم يُرسلَ من يَجلِبُ إليه الأموالَ من أماكنِها؛ ليأخذَ صَدَقَتها، فنُهيَ عن ذلك، وأُمِرَ أن تُؤخَذَ صَدقاتُهم على مِياهِهم وأماكِنهم.
والثاني: أن يكونَ في السِّباق، وهو أن يَتْبَعَ الرجلُ فَرَسَه، فيزجُرَه ويَجْلِبَ عليه ويَصِيح؛ حثًّا له على الجَرْي، فنُهيَ عن ذلك. "النهاية" (1/281) .
(2) الجَنَبُ - بالتحريك - في السِّباق: أن يَجْنُبَ فرسًا إلى فَرسِه الذي يُسابِق عليه، فإذا فَتَرَ المركوبُ تَحَوَّلَ إلى المَجْنوب. وهو في الزَّكاة: أن ينزلَ العاملُ بأقصى مواضع أصحابِ الصَّدقة، ثم يأمرَ بالأموال أن تُجنَبَ إليه، أي: تُحضَرَ، فنُهوا عن ذلك. "النهاية" (1/303) .
(3) النَّهْبُ: الغارَةُ والسَّلْب. انظر "النهاية" (5/133) .
(4) قال الترمذي في "العلل الكبير" (482) : «سألت محمدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيث؟ فَقَالَ: لا أعرف هذا الحديث إِلا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، لا أعلم أحدًا رواه عن ثابت غير معمر، وربما قال عبد الرزاق في هذا الحديث: عن معمر، عن ثابت وأبان، عن أنس» .
وقال الدارقطني في "الأفراد" (ق 74/أطراف الغرائب) : «تفرَّد به معمر، عن ثابت، عنه، ولا أعلم رواه عنه غير عبد الرزاق» .
(5) هو: عبد الرحمن بن محمد.
(6) روايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (12/342 رقم13622) ، وابن عبد البر في "الاستذكار" (8/237) من طريق محمد بن الفضل - وهو متروك-، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عَنْ عَطَاءِ، عن ابن عمر، به.
ورواه الدارقطني في "سننه" (2/56) ، وتمام في "فوائده" (293/الروض البسام) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (713) من طريق محمد بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مثله.
ورواه أبو نعيم في "الحلية" (10/320) من طريق سويد بن عمر، عن سالم الأفطس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عمر، به.
ورواه الدارقطني في "سننه" (2/56) ، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (2/317) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (712) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به.
وعند أبي نعيم: «عن عطاء ونافع، عن ابن عمر» .
(3/572)
عُمَرَ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ (ص) : مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ، وَصَلُّوا وَراءَهُ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، لا أعلمُ لسالمٍ حديثً مُسنَدً (1) ؛ يَعْنِي: فِي هَذَا الْبَابِ (2) .
1098 - وسألتُ (3) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ثُمامَة البصري (4) ، عن
_________
(1) كذا في جميع النسخ، بحذف ألف تنوين النصب في اللفظتين، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/425) : «قال العقيلي: وليس في هذا المتن إسنادٌ يثبت.
وقال الدارقطني: ليس فيها ما يثبت إسناده. وسُئِل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث «صلُّوا خلفَ كلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ» ؟ فقال: ما سمعنا بهذا» . اهـ. وانظر "نصب الراية" (2/26-27) .
(3) بَوَّب البخاري في "صحيحه" (3/140/الفتح) بمتن هذا الحديث فقال: «بابٌ: الكَفَنُ من جميع المال» ، فعلَّق عليه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3/141) بقوله: «وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" من حديث جابر، وحكى عن أبيه أنه منكر» ، وانظر "تغليق التعليق" (2/464) .
(4) الظاهر أنه: ثمامة بن عبيدة العبدي، فهو بصري، ومعروفٌ بالرواية عن أبي الزبير. انظر "الجرح والتعديل" (2/467 رقم1899) ، و"التاريخ الكبير" (2/178 رقم 2120) .
(3/573)
أَبِي الزُّبَير (1) ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ (2) : الكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ المَالِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ.
1099 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ وكيعٌ (3) ، وَأَبُو داودَ الطَّيالِسيُّ (4) ، عَنِ الأسْوَد بْنِ شَيْبان، عَنْ بَحْر بْنِ مَرَّار (5) ، عَنْ جدِّه أَبِي بَكْرَة (6) ؛ قَالَ: كنتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ الله (ص) ، فَمَرَّ عَلَى قَبْرَينِ، فَقَالَ: إِنَّهُمَا يُعَذَّبَان ِ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِجَرِيدَةٍ ... ، وَذَكَرَ الحديثَ.
_________
(1) هو: محمد بن مسلم بن تَدْرُس.
(2) ظاهره: أن الحديث موقوفٌ على جابر ح؛ لكن قال الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (2/464) : «وقد رُوِّينا هذه الجملة حديثًا مرفوعًا من طريق أبي الزبير، عن جابر، واستنكره أبو حاتم الرازي» .
(3) هو: ابن الجراح. وروايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (1308) ، وأحمد في "المسند" (5/39 رقم20411) ، وابن ماجه في "سننه" (349) .
(4) هو: سليمان بن داود. وروايته أخرجها في "مسنده" (908) ، ومن طريقه أخرجها الطحاوي في "شرح المشكل" (5191) .
تنبيه: وقعت الرواية في الطبعة الهندية لـ"مسند الطيالسي" (867) هكذا: «عَنَ الأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ بحر بن مرَّار البكراوي، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ ... » ، هكذا بزيادة: عبد الرحمن بن أبي بكرة، وهو خطأ، وقد ذكرها عن أبي داود على الصَّواب: الدارقطنيُّ في "العلل" (1267) ، والطبرانيُّ في "الأوسط" (3747) تعليقًا.
(5) في (ف) و (ك) : «مران» . وهو: بحر بن مَرَّار بن عبد الرحمن ابن أبي بكرة. انظر "تهذيب الكمال" (4/14) .
(6) هو: نُفَيْع بن الحارث.
(3/574)
وَرَوَاهُ سُلَيمان بْنُ حَرْب، وَمُسْلِمُ بن إبراهيم (1) ،
وعبد الله بْنُ أَبِي بَكْرٍ العَتَكي (2) ، عَنِ الأسْوَد بْنِ شَيْبان، عَنْ بَحْر بن مَرَّار، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي بَكْرَة، عَنْ أَبِي بَكْرَة، عن النبيِّ (ص) ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا أصحُّ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ.
1100- وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ جَرير بن عبد الحميد (3) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ (4) ؛ قَالَ: قَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَير (5) : حدَّثني مَسْعُودُ بْنُ الحَكَم، عَنْ عليٍّ: أنَّ رسولَ الله (ص) كَانَ يقومُ فِي الجِنازَة، ثُمَّ جلس بَعْدُ؟
_________
(1) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (2/127) ، والبزار في "مسنده" (3636) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/154) ، وابن عدي في "الكامل" (2/55) ، والطبراني في "الأوسط" (3747) ، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (125) .
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن أبي بكرة إلا من هذا الطريق، وقد روي عن غير أبي بكرة هذا الكلام وهذا الفعل، فذكرنا كل حديث منها بلفظه في موضعه» .
وقال العقيلي: «وليس بمحفوظ من حديث أبي بكرة إلا عن بحر بن مرَّار هذا، وقد صحَّ من غير هذا الوجه» .
وقال الطبراني: «لا يُروى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بكرة إلا من حديث الأسود بن شيبان، ولم يجوِّده عن الأسود بن شيبان إلا مسلم بن إبراهيم» .
وذكر الدارقطني في "العلل" (1267) الاختلافَ في هذا الحديث، ثم قال: «والصَّواب قول من قال: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة» .
(2) روايته أخرجها ابن عدي في "الكامل" (2/56) .
(3) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (908) ، والمحاملي في "أماليه" (159) ، وعلقها الدارقطني في "العلل" (4/128) .
(4) هو: المقْبُري.
(5) من قوله: «ابن عبد الحميد ... » إلى هنا سقط من (ك) .
(3/575)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا حديثٌ وَهَمٌ؛ رَوَاهُ مَالِكٌ (1) ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ (2) ، وَعَائِذُ بْنُ حَبِيب (3) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ واقِد بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَير، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الحَكَم، عَنْ عليٍّ، عن (4) النبيِّ (ص) (5) .
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: إِلَى مَا (6) تذهبُ (7) ؟
_________
(1) روايته أخرجها في "الموطأ" (1/232) ، ومن طريقه أخرجه أبو داود (3175) .
(2) روايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (962) .
(3) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (11518) . ورواه مسلم في "صحيحه" (962) من طريق عبد الوهَّاب الثقفي وابن أبي زائدة، والحميدي في "مسنده" (51) من طريق ابن عيينة، وأبو يعلى في "مسنده" (273) من طريق يزيد بن هارون، أربعتهم عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ واقد، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ مسعود، عن علي به.
(4) قوله: «الحكم عن علي عن» مطموس في (ك) .
(5) سُئل الدارقطني في "العلل" (466) عَن هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: «هُوَ حديث يرويه يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عن علي، قال ذلك الليثُ بن سعد وعبد الوهَّاب الثقفي ويزيد بن هارون، وخالفهم جرير بن عبد الحميد، فرواه عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ مسعود بن الحكم، ووهم فيه جرير ... ، والصَّواب: قول الليث بن سعد ومن تابعه: عن يحيى، عن واقد بن عمرو» . اهـ.
(6) كذا في جميع النسخ: «إلى ما» بإثبات ألف «ما» الاستفهامية، مع دخول الجارّ عليها، والجادَّة: إلامَ، أو: إلى مَهْ. بحذف ألفها متصلة، أو منفصلة مع زيادة هاء السكت.
وما وقع في النسخ: صحيحٌ أيضًا وهي لغة حكاها الأخفش لكنها قليلة. وقد قرئ في الشواذِّ: {عَمَّا يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] بإثبات الألف وقفًا ووصلاً. انظر: "معجم القراءات" لعبد اللطيف الخطيب (10/259- سورة النبأ) . وانظر التعليق على المسألة رقم (2168) و (2434) .
(7) في (ك) : «يذهب» .
(3/576)
قَالَ: إِلَى الجُلوسِ فِي الجِنازَة (1) .
1101 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ اختُلِفَ (2) عَلَى مُوسَى (3) بْنِ عُقْبَة: فرواه عبد الرزَّاق (4) ، عَنِ ابْنِ جُرَيج (5) ، عَنْ مُوسَى ابن عُقْبَة، عَنْ قَيْس بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الحَكَم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عليٍّ، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ جَلَسَ فِي الجِنازَة بَعْدَ أَنْ كانَ يقومُ.
وَرَوَى إسماعيلُ بنُ عَيَّاش، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الحَكَم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النبيِّ (ص) (6) ؟
_________
(1) انظر المسألة التالية.
(2) أي: اختُلِفَ فيه.
(3) في (ت) و (ك) : «على بن موسى» .
(4) هو: ابن همام. وروايته أخرجها في "المصنف" (6312) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/28) .
(5) هو: عبد الملك بن عبد العزيز.
(6) لم نقف عليه بهذا الوجه من رواية إسماعيل بن عياش، وإنما رواه الخطيب في "الموضح" (1/403) من طريق إبراهيم بن العلاء الزَّبِيدِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ إسماعيل بن مسعود ابن الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طالب، عَنِ النَّبِيِّ (ص) .
ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/488) من طريق محمد بن جعفر - وهو ابن أبي كثير -، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2/223) ، والخطيب في "الموضح" (1/402) من طريق عبد الله - وهو ابن المبارك -، كلاهما عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ إسماعيل بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ علي، به.
وعدمُ ذكر «علي بن أبي طالب» في مسألتنا، لعله لاختلاف على إسماعيل بن عياش، فروي عنه بذكر «علي» كما في مصادر التخريج، وبعدم ذكره كما في مسألتنا. إلا أن يكون ذكرُه سقط من جميع النسخ، والله تعالى أعلم.
(3/577)
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: إسماعيلُ أصحُّ (1) .
1102 - وسمعتُ أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (2) ، عَنْ شُعْبة، عن عُيَينة بن عبد الرحمن بْنِ جَوْشَن، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: شَهِدتُّ جِنازَة ابن عبد الرحمن بْنِ سَمُرَة (3) ، فَجَعَلَ رجالٌ مِنْ مَوَالِيهِ وَأَهْلِهِ يَمْشُونَ أَمَامَ السَّرير (4) عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَيَقُولُونَ (5) : رُوَيدًا! بارَك اللهُ
_________
(1) في الحديث اختلافٌ آخر ذكره الدارقطني في "الأفراد" (50/ب/أطراف الغرائب) فقد أورد الحديث وقال عنه: غريب من حديث أبي مصعب المَديني عبد السلام ابن حفص، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ يوسف بن مسعود، عن أبيه. تفرَّد به أبو عامر العَقَدي، عن أبي مصعب.
وقال في موضع آخر: غريب من حديث يوسف بْنِ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أبيه. وغريب من حديث عُبَيدالله العُمَري عنه. تفرَّد به جنادة بن سلمة عنه. وانظر المسألة السابقة.
(2) روايته أخرجها أبو داود في "سننه" (3182) ، والحاكم في"المستدرك" (3/446) ، لكن جاءت روايته هكذا: «حدثنا شُعْبَةَ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرحمن، عن أبيه: أنه كان في جنازة عثمان بن أبي العاص، وكنا نمشي مشيًا خفيفًا، فلَحِقَنا أبو بكرة، فرفع سَوْطَه فقال: لَقَدْ رأيتُنا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله (ص) نرمُلُ رمَلاً.
كذا قال: في جنازة عثمان بن أبي العاص. ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/477) من طريق محمد بن جعفر المدائني، عن شعبة، عن عيينة، عن أبيه؛ قال: كُنَّا في جنازة عبد الرحمن بن سمرة أو عثمان بن أبي العاص ... ، الحديث.
قال البخاري في "التاريخ الأوسط" (1/127) : «وقال شعبة، عن عيينة، عن أبيه: جنازة عثمان بن أبي العاص، وعثمان وهمٌ» . اهـ. وسيأتي من رواية جماعة عن عيينة، وفيه: «في جنازة عبد الرحمن بن سَمُرة» وهو الصَّحيح.
(3) كذا في جميع النسخ: «ابن عبد الرحمن بن سَمُرة» ، وقد رواه أبو داود والحاكم - كما سبق - من طريق مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُعْبَةَ، وفيه: «في جنازة عثمان ابن أبي العاص» .
(4) في (ك) : «السرين» .
(5) في (ك) : «يقولون» بلا واو.
(3/578)
فيكُم، فَكَانُوا يَدِبُّون دَبِيبًا. فَلَحِقَنا عثمانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، فلمَّا رَأَى أُولَئِكَ وَمَا يصنعونَ؛ حَمَلَ عليهم بالسَّوْطِ، وقال: خَلُّوا (1) ! فَوَالَّذي كَرَّمَ (2) وجهَ أَبِي القاسم (ص) ! لَقَدْ رأيتُنا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله (ص) نكادُ نَرْمُلُ بِهَا رَمَلاً.
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: رَوَى هَذَا الحديثَ هُشَيمَ (3) ، ووَكيع (4) ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيالِسي (5) ، وسَعْدانُ بْنُ يَحْيَى (6) ، عَنْ عُيَينة بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ فِيهِ: فحَمَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرَة (7) ، بدلَ: عُثْمَانَ بن
_________
(1) في (ت) و (ك) : «كلوا» .
(2) في (ك) : «أكرم» .
(3) هو: ابن بشير. وروايته أخرجها أحمد في "المسند" (5/37 رقم 20388) ، والنسائي في "المجتبى" (1913) ، وابن حبان في "صحيحه" (3044) ، والحاكم في "المستدرك" (1/355) .
(4) روايته أخرجها أحمد في "المسند" (5/36 رقم 20375) ، والبزار (3695) .
(5) روايته أخرجها في "مسنده" (924) ، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/22) .
ورواه البخاري في "التاريخ الأوسط" (1/127) من طريق يزيد بن هارون، وأبو داود في "سننه" (3183) من طريق عيسى بن يونس، وأحمد في "المسند" (5/36 رقم 20375) من طريق يحيى القطان، وأبو داود (3183) ، والنسائي في "المجتبى" (1912) من طريق خالد بن الحارث، والنسائي (1913) ، وابن حبان في "صحيحه" (3043) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، والبزار في "مسنده" (3680) من طريق ابن أبي عدي، ستتهم عن عيينة، عن أبيه، عن أبي بكرة، به مطولاً ومختصرًا. ووقع عند البخاري وأبي داود والنسائي وابن حبان والبزار: «في جنازة عبد الرحمن بن سَمُرة» . قال البزار: «وهذا الحديث لا نحفظه عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد» .
(6) اسمه: سعيد بن يحيى بن صالح اللخمي، وسعدان لقبه.
(7) هو: نُفَيع بن الحارث.
(3/579)
أَبِي الْعَاصِ؛ وَهَذَا (1) أصحُّ.
1103 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ حدَّثَناه يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النَّيْسابوري، عن أحمد بن عبد الله بْنِ عليِّ بْنِ سُوَيد بْنِ مَنْجُوف (2) ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيالِسي، عَنْ هِشَامٍ (3) وعِمران (4) ، عَنْ قَتادة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أنَّ رسولَ اللَّهِ (ص) كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ نَجْرانيٍّ ورَيْطَتَيْنِ (5) ؟
فلمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ قَالَ (6) : أشُكُّ أَنَّهُ أَبان (7) ، أَوْ هِشَامٌ مَعَ عِمران.
فسمعتُ أَبِي وَأَبَا زرعة يقولان ِ: هَذَا غَلَطٌ؛ رَوَى معاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتادة، عن الحسن: أنَّ النبيَّ (ص) ؛ وهو الصَّحيحُ (8) .
_________
(1) في (ف) : «وهو» بدل: «وهذا» .
(2) في (ت) و (ك) : «منحرف» . وروايته أخرجها البزار في "مسنده" (812/كشف الأستار) عنه، به، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (6630) من طريق محمد بن أحمد الرقام، عنه، به. قال البزار: «لا نعلم رواه هكذا موصولاً إلا أبو داود، ورواه يزيد بن زُرَيع وغيره عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سعيد مرسلاً» .
(3) هو: ابن أبي عبد الله الدَّسْتَوائي.
(4) هو: ابن داوَر القَطَّان.
(5) الرَّيْطَةُ: المُلاءَةُ إذا كانت قطعةً واحدةً، ولم تكن لِفْقَيْن، والجمع: رِياط. انظر "لسان العرب" (7/307) ، و"المعجم العربي لأسماء الملابس" (ص202-203) .
(6) الظاهر أن القائل هو: يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى النيسابوري شيخ ابن أبي حاتم.
(7) يعني: ابن يزيد العطَّار.
(8) لم نقف على هذا الحديث من رواية هشام، عن قتادة، عن الحسن. وإنما أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2/284) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وهمام بن يحيى، وشعبة، وهشام الدَّسْتَوائي، كلهم عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب؛ قال: كُفِّن رسولُ الله (ص) في رَيْطَتَين وبُرْدٍ نَجْراني.
وسُئل الدارقطني في "العلل" (1374) عن هذا الحديث؟ فقال: «يرويه قتادة، واختُلِف عنه: فرواه محمد بن كثير، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ ابن المسيب، عن أبي هريرة، وكذلك رواه المَنْجوفي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ علي بن سويد، عن أبي داود، عن هشام وعمران القطان، عَن قتادة، عَن ابن المسيب، عن أبي هريرة. وغيرُه يرويه عن قتادة، عن ابن المسيب مرسلاً، وهو الصَّواب» .
(3/580)
1104 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابنُ لَهِيعَة (1) ، عَنْ بُكَير (2) بْنِ الأَشَجّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عن عائِشَة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: إِنَّ المَيِّتَ يُؤْذِيهِ فِي قَبْرِهِ مَا يُؤْذِيهِ فِي بَيْتِهِ (3) ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، الَّذِي يُشْبِهُ: حديثُ سعدِ بنِ سَعِيدٍ (4) ، عَنْ عَمْرَة (5) ، عَنْ عائِشَة، عن النبيِّ (ص) : كَسْرُ (6) عَظْمِ
_________
(1) هو: عبد الله.
(2) في (ش) : «بكر» .
وهو: بُكير بن عبد الله بن الأشج.
(3) قال العجلوني في "كشف الخفاء" (789) : «رواه الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعًا» .
(4) هو: الأنصاري، أخو يحيى بن سعيد. وروايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (6256) ، وأحمد في "المسند" (6/58 رقم 24308) ، وأبو داود (3207) ، وابن ماجه (1616) ، وابن عدي في "الكامل" (3/353) .
قال ابن عدي: «وهذا مَدارُه على سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عن عائشة، رواه ابن جريج والثوري وغيرهما» .
واختُلِف في رفع الحديث ووقفه. قال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/150) : «وغير مرفوع أكثر» . وأطال الدارقطني في "العلل" (5/101/ب-102/ب) في ذكر الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: «والصحيح: عن سعد بن سعيد، وعن حارثة - وليس بالقوي - عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النبي (ص) ، وعن يحيى بن سعيد موقوفًا، ويقال: إن يحيى بن سعيد أخذه عن أخيه سعد بن سعيد؛ بيَّن ذلك يعلى بن عبيد في روايته» . اهـ.
(5) هي: بنت عبد الرحمن.
(6) في (ف) : «كشر» .
(3/581)
المَيِّتِ مَيِّتًا كَكَسْرِهِ (1) وَهُوَ حَيٌّ، فَأَرَى أَنَّهُ دُلِّس لَهُ (2) هَذَا الإسنادُ؛ لأنَّ ابنَ لَهِيعَة لَمْ يسمعْ مِنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ.
_________
(1) في (ك) : «كسره» .
(2) أي: لابن لهيعة.
(3/582) 
=========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

2121-من 8 - من كتاب الجنائز ابن القيم

ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها 8 - من كتاب الجنائز 1- باب في الغسل من غسل الميت 62- (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ر...