الجمعة، 7 يناير 2022

21-يتبع ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها المبحث الثاني: ذكر مؤلفات ابن القَيِّم


ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها
المبحث الثاني: ذكر مؤلفات ابن القَيِّم

وأحاول في هذا المبحث حصر مؤلفات ابن القَيِّم رحمه الله، مع التعريف ببعضها، وذكر بعض الفوائد المتعلقة بها، وذلك كله على سبيل الاختصار والإيجاز، إلا فيما يحتاج الأمر فيه إلى زيادة بسطٍ وإيضاحٍ.
وقد قام الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - في هذا الجانب بجهد مشكور، فَحَرَّرَ ذلك تحريراً فائقاً، واستوعب الكلام على مؤلفات ابن القَيِّم رحمه الله، معتمداً في ذلك على المصادر التي ترجمته، وما ظفر به من زيادات على ذلك من خلال مطالعته لكتب ومؤلفات ابن القَيِّم نفسه، فأفاد في ذلك وأجاد1.
وسَأُسَجِّلُ ما وقفت عليه من هذه المؤلفات، منبهاً على ما تدعو إليه الحاجة في أثناء ذلك، مع عدم ذكر الكتب التي لم يظهر عندي دليل صريح على نسبتها لابن القَيِّم رحمه الله، مرتباً ذلك على حروف المعجم:
1- (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية) .
كذا سماه ابن القَيِّم - رحمه الله - في كتاب (الفوائد) 2 له، وسماه أيضاً: (اجتماع العساكر الإسلامية على غزو الفرقة الجهمية) وذلك في موضعين من كتاب (الصواعق المرسلة) 3.
__________
1 انظر: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص111 - 198) .
(ص6) .
(4/1254، 1305) .
(1/227)
وسماه ابن رجب: (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو الفرقة الجهمية) 1. والأمر في ذلك قريب، فكلها أسماء لكتاب واحد.
وموضوع الكتاب: إثبات علو الله - سبحانه - واستوائه على عرشه، وجمعُ الأدلة على ذلك: من الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، والتابعين، ومَنْ بعدهم، وبيانُ منهج أهل السنة في هذا الباب، والرد على من خالفهم من أهل التعطيل والتأويل. والكتاب مطبوع متداول.
2- (الاجتهاد والتقليد) .
وقد أشار ابن القَيِّم في (تهذيب السنن) 2، ولم يذكره أحدٌ من مترجميه.
قال الْمُعَلِّقُ على التهذيب: "لعله الطُّرُق الحُكْمِيَّة ... ". والذي يظهر - والله أعلم - أنه غيره.
ومن الجدير بالتنبيه هنا: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - عَقَد فصلاً في الكلام على التقليد في كتابه (إعلام الموقعين) ، ثم أعقبه بفصل آخر في الكلام على الاجتهاد وعدم جوازه مع وجود النص، وأطال في ذلك وتوسع، بحيث بَلَغَ كلامه في هذين الفصلين - الاجتهاد والتقليد - أكثر من مائة صفحة، مما يجعله يصلح أن يكون كتاباً مستقلاً في هذا الموضوع3، فهل أَفْرَدَهُ ابن القَيِّم من كتابه (إعلام الموقعين) ؟ الله أعلم.
__________
1 ذيل الطبقات: (2/450) .
(6/341) .
3 انظر: إعلام الموقعين: (2/187-294) .
(1/228)
3- (أحكام أهل الذمة) .
وهو مطبوع في مجلدين كبيرين بتحقيق الدكتور/ صبحي الصالح، ولم أر من مترجميه من العلماء السابقين من ذكره، وقد ذكره الشيخ بكر أبو زيد، وَوَثَّقَ نسبته لابن القَيِّم فضيلة المحقق.
4- (أسماء مؤلفات ابن تَيْمِيَّة) .
وهي رسالة مطبوعة بتحقيق الأستاذ/ صلاح الدين الْمُنَجِّد، ولم يذكرها أحدٌ - أيضاً - من مترجميه1.
وقد رتَّبَ فيها كتب شيخه على الفنون، ومع أنه ذكر منها قسماً كبيراً إلا أنه لم يستوعب كل مؤلفاته2.
5- (أصول التفسير) .
أشار إليه - رحمه الله - في (جلاء الأفهام) 3.
6- (الإعلام باتساع طرق الأحكام) .
ذكره ابن القَيِّم في (إغاثة اللهفان) 4 عند الكلام على الأخذ باللَّوثِ5 والعلامات الظاهرة في الحدود6، ولم يذكره أحدٌ من مترجميه.
__________
1 انظر كلام الدكتور بكر أبي زيد حول هذين الكتابين في (ص201، 208) من كتابه: (ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره، موارده) .
2 انظر مقدمة المحقق لهذه الرسالة.
(ص75) .
(2/119) .
5 اللوث: البينة الضعيفة غير الكاملة. (المصباح المنير 2/560) . وقال في (المعجم الوسيط) (مادة: لاث) : "شبه الدلالة على حدث من الأحداث، ولا يكون بينة تامة. يقال: لم يقم على اتهام فلان بالجناية إلا لوث".
6 وانظر: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 126) .
(1/229)
وفي كتابه (الطرق الحكمية) جملة من هذه الأحكام.
7- (إعلام الْمُوَقِّعِينَ عن رب العالمين) .
وهو من أشهر كتب ابن القَيِّم وَأَنْفَعِهَا، وقد طبع مراراً.
وقد ضمنه ذكر جملة من أعلام المفتين: من الصحابة، والتابعين ومن بعدهم، مع بيان أحكام كثيرة تتعلق بالقضاة والمفتين، وما يحتاجه الكثير منهم من إرشادات وتوجيهات، كما ذكر فيه جملة من الأصول والقواعد الفقهية، ثم خَتَمَهُ بذكر فتاوى إمام المفتين صلى الله عليه وسلم.
ولم يسم المؤلف كتابه هذا في مقدمته، ووقع عند الصَّفَدِي تسميته: (معالم الموقعين) 1، ولكن المشهور الأول.
وقد اختلف في ضبط همزة (اعلام) هل هي بالكسر أم بالفتح؟ وحاصل الكلام في ذلك: أن كلا الأمرين جائز، فبالكسر بمعنى: الإخبار، وبالفتح جمع (علم) إلا أن الكسر هو الأكثر شهرة2.
8- (إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان) .
هكذا سمى المؤلف هذه الرسالة في (مدارج السالكين) كما أفاده الشيخ بكر أبو زيد3.
وقد طُبعت هذه الرسالة باسم: (إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان) ، وقد يسميها بعضهم (الإغاثة الصغرى) تفرقة بينها وبين كتابه الكبير، وهو:
__________
1 الوافي بالوفيات: (2/271) .
2 انظر: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (127 - 130) .
3 انظر: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 134) .
(1/230)
9- (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) .
وقد نص المؤلف على تسميته بذلك في مقدمته1، وسماه أكثر المترجمين له: (مصائد الشيطان) 2، وقال ابن العمَّاد في شطره الثاني: ( ... من مكايد الشيطان) 3.
وهو من أجَلِّ كتب ابن القَيِّم رحمه الله، بَيَّنَ فيه أقسام القلوب، وأسباب حياتها، وما يكون من أمراضها، وطرق علاجها، ثم ختمه بذكر جملة من المكائد التي يكيد بها الشيطان لابن آدم، وأشار إلى أن ذلك هو مقصود الكتاب الذي وَضَعَهُ من أجله والكتاب مطبوعٌ متداول.
10- (اقتضاء الذكر بحصول الخير ودفع الشر) .
ذكره الصَّفَدِي4، ولم أقف على معرفة شيء من أخباره.
11- (الأمالي المكية) .
ذكره ابن القَيِّم رحمه الله في (بدائع الفوائد) 5، ولم يشر إليه أحدٌ من مترجميه، ولعله من الكتب التي أملاها أثناء مقامه بمكة.
12- (أمثال القرآن) .
ذكره جماعة من مترجميه6.
__________
1 إغاثة اللهفان: (1/6) .
2 انظر: ذيل طبقات ابن رجب: (2/450) ، والدرر الكامنة: (4/22) ، والبدر الطالع: (2/144) .
3 شذرات الذهب: (6/170) .
4 الوافي بالوفيات: (2/272) .
(2/15) .
6 انظر: ذيل طبقات ابن رجب: (2/450) ، والشذرات: (6/170) .
(1/231)
وقد طُبع الكتاب أكثر من طبعة، لعل آخرها تلك التي حققها إبراهيم بن محمد، ونشرت سنة 1406هـ باسم: (الأمثال في القرآن الكريم) ، وقد اعتمدت هذه الطبعة والتي قبلها على أربع نسخ خطية، واعتمد المحقق الأخير كثيراً على الطبعتين السابقتين1.
وقد كان ابن القَيِّم - رحمه الله - ذكر جملة من هذه الأمثال في كتابه (إعلام الموقعين) 2، وعند مقابلتي بين هذه الرسالة المطبوعة وبين ما جاء في (إعلام الموقعين) : وجدت تطابقاً كاملاً بينهما، فعلمت أن هذه الرسالة مُسْتَلَّةٌ من هذا الكتاب، فقد جاء في أولها: "قال شيخنا رحمه الله: وقع في القرآن أمثال…" فيكون قد جَرَّدَها أحد تلاميذ ابن القَيِّم، وربما وقع ذلك في حياته رحمه الله، فالله أعلم.
وفي ذكر قدماء المترجمين لها ضمن مؤلفاته ما يؤكد أنها فُصِلَت قديماً، وأُفْرِدَت عن الأصل.
13- (بدائع الفوائد) .
وهو من كتب ابن القَيِّم المشهورة، وذكره بهذا الاسم عامة من تَرْجَمَ له.
وقال عنه السيوطي: "وهو كثير الفوائد، أكثره مسائل نَحْوِيَّة"3. ومع ذلك فالكتاب يحتوي على جملة كبيرة من الفوائد العامة في سائر الفنون، وقد طُبع الكتاب عدة طبعات.
__________
1 انظر: مقدمة المحقق: (ص5) .
(1 / 150 - 190) .
3 بغية الوعاة: (1/63) .
(1/232)
14- (بطلان الكيمياء من أربعين وجهاً) .
أشار إليه ابن القَيِّم - رحمه الله - في (مفتاح دار السعادة) ، كما أفاده الشيخ بكر أبو زيد1. وذكره بهذا الاسم: ابن رجب، قال: "مجلد"2.
15- (بيان الاستدلال على بطلانِ اشتراط مُحَلِّلِ السِّبَاقِ والنِّضَالِ) .
ذكره ابن القَيِّم بهذا الاسم في (إعلام الموقعين) 3. وسماه بذلك الصَّفَدِي4 دون كلمة "اشتراط".
وسماه ابن رجب: (بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل) 5، وقد وَهِمَ البعض فعدهما كتابين6.
وقد تقدم ذكر ما جرى له من مِحَنٍ بسبب رأيه في هذه المسألة7.
__________
1 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 136) .
2 ذيل الطبقات: (2/450) .
(4/22) .
4 الوافي بالوفيات: (2/272) .
5 ذيل الطبقات: (2/449) .
6 انظر: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 136 - 137) .
7 انظر ص: (128) .
(1/233)
16- (التبيان في أقسام القرآن) .
وقد سماه ابن القَيِّم بهذا الاسم1، وسماه أيضاً: (أَيْمَان القرآن) 2، وبهذا الاسم الأخير ذكره مترجموه3، وهما اسمان لكتاب واحد.
وقد جمع فيه ابن القَيِّم - رحمه الله - ما ورد في القرآن بمعنى القسم والأيمان، مع الكلام عليها4، وقد طُبع الكتاب باسم: (التبيان…) .
17- (التَّحْبِيرُ لِمَا يِحِلُّ وَيحرمُ مِن لِبَاسِ الْحَرِير) .
ذكره ابن القَيِّم - رحمه الله - في (زاد المعاد) في موضعين منه5، ووقع في الموضع الأول منهما تصحيف طباعي؛ إذ جاء فيه: (التخيير…) والصواب الأول، كما ذكره غير واحد من مترجميه.
وقد سماه ابن رجب6 - ومن تبعه-7: (التحرير فيما يحل ويحرم من لباس الحرير) . وسماه الصَّفَدِي: (التحبير فيما يحل ويحرم لبسه من الحرير) 8.
__________
1 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 138) .
2 الجواب الكافي: (ص 74) . طبعة/ يوسف بديوي.
3 انظر: ذيل الطبقات: (2/450) ، وطبقات المفسرين: (2/93) .
4 وانظر: كشف الظنون: (ص 341) .
(3/488) ، (4/78) .
6 ذيل الطبقات: (2/450) .
7 انظر: طبقات المفسرين - للداودي: (2/93) .
8 الوافي بالوفيات: (2/272) .
(1/234)
18- (التحفة الْمَكِّيَّة) .
ذكره ابن القَيِّم - رحمه الله - في (بدائع الفوائد) 1 في مواضع منه بهذا الاسم، وذكره أكثر مترجميه2.
وابن القَيِّم - رحمه الله - يعزو كثيراً في (بدائع الفوائد) إلى كتاب آخر باسم: (الفتح المكي) ولعله هو نفسه (التحفة) ؟ وقد عدهما الشيخ بكر أبو زيد كتابين، فالله أعلم.
19- (تُحْفَةُ الْمَوْدُودِ بِأَحكامِ الْمَولُود) .
وقد سماه المؤلف بهذا الاسم في مقدمته3، وهو من كتب ابن القَيِّم المشهورة المفيدة الجامعة في بابها، فقد ضَمَّنَه مسائل وأحكام مهمة تتعلق بالطفل منذ ولادته.
والكتاب مطبوع متداول.
20- (تحفة النازلين بجوار رب العالمين) .
ذكره المؤلف في كتابه (مدارج السالكين) 4، وذكره بهذا الاسم: صِدِّيق حسن5.
ولعله من الكتب التي صنفها أثناء مجاورته بمكة؟
__________
(1/119) ، (2/62، 89، 211)
2 انظر: ذيل طبقات ابن رجب: (2/450) ، وطبقات المفسرين: (2/93) .
3 تحفة المودود: (ص6) .
4 انظر: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص141) .
5 التاج المكلل: (ص419) .
(1/235)
21- (التعليق على الأحكام) .
ذكره ابن القَيِّم في (جلاء الأفهام) 1 بهذا الاسم، وهل هو تعليق على كتاب بعينه (كأحكام عبد الحق) التي ينقل ابن القَيِّم كثيراً عنها، أم أنه غير مُقَيَّدٍ بكتاب؟ الله أعلم.
22- (تفسير الفاتحة) .
ذكره جماعة من مترجمي ابن القَيِّم2 رحمه الله، قال الصفدي: "مجلد كبير" وقد ذكر الشيخ بكر أبو زيد أن الكتاب بهذا الاسم منتخب من (مدارج السالكين) 3، ولكن ذِكْر الصَّفَدِي له ووصفه بأنه مجلد كبير، يشير إلى أنه ربما كان كتاباً مستقلاً، ولو كان هو نفسه فإنه يكون قد أُفْرِد أو انْتُخِبَ قديماً.
- (تفسير المعوذتين) : انظر ما يأتي باسم: (الرسالة الشافية …) .
23- (تفضيل مكة على المدينة) .
ذكره أكثر المترجمين لابن القَيِّم بهذا الاسم4، قال ابن رجب: "مجلد".
وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن ابن القَيِّم - رحمه الله - تناول
__________
(ص77) .
2 انظر: الوافي بالوفيات: (2/272) ، وبغية الوعاة: (1/63) ، وطبقات المفسرين: (2/93) .
3 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص143) .
4 انظر: ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) ، وطبقات المفسرين: (2/93) ، والشذرات: (6/170) .
(1/236)
الكلام على فضل مكة في (زاد المعاد) 1، فذكر وجوهاً كثيرة لتفضيلها على غيرها من الأماكن والبقاع.
24- (تهذيب مختصر سنن أبي داود) .
وستأتي له دراسة مفصلة إن شاء الله2.
25- (الجامع بين السنن والآثار) .
ذكره ابن القَيِّم - رحمه الله - في (بدائع الفوائد) 3، كما أرشد إلى ذلك الشيخ بكر أبو زيد4. ولم يذكره أحدٌ من مترجميه، ولم أقف على شيء من أخباره.
ووصفه ابن القَيِّم - رحمه الله - بأنه كتاب كبير، والظاهر أنه خاص بالأحكام الفقهية مع أدلتها من الأحاديث والآثار، يتضح ذلك من النص الوارد عنه؛ فإنه قال عند الكلام على المسح على الجبيرة: "وقد ذكرت في الكتاب الكبير الجامع بين السنن والآثار من قال بذلك من السلف، وذكرت الآثار عنهم بذلك".
26- (جَلاءُ الأفهامِ في الصَّلاةِ والسَّلامِ عَلى خَيْرِ الأَنَامِ) .
كذا سماه ابن القَيِّم في المقدمة5، وسماه مرة في (زاد المعاد) 6:
__________
(1 / 46 - 54) .
2 انظر ص: (290 - 299) .
(4/68) .
4 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص145) .
5 جلاء الأفهام: (ص3) .
(1/87) .
(1/237)
(جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام…) . وسماه فيه أيضاً: (كتاب الصلاة والسلام عليه) 1 صلى الله عليه وسلم.
ووقع عند الصَّفَدِي: (حلي الأفهام…) 2. ولعله تصحيف.
وهذا الكتاب من كتب ابن القَيِّم النفيسة في بابها، وقد أثنى عليه في خطبته فقال: "وهو كتاب فردٌ في معناه، لم يسبق إلى مثله في كثرة فوائده، وغَزَارَتِهَا"3.
وقد أثنى عليه الحافظ السخاوي رحمه الله، فإنه قد عدَّ خمسة كتب مصنفة في الباب، خامسها: (جلاء الأفهام) ، ثم قال: "وأما الخامس فهو جليل في معناه… وبالجملة: فأحسنها وأكثرها فوائد خامسها"4.
ولعل مما زاد في قيمة الكتاب: اهتمام المؤلف فيه بالناحية الحديثية، ونقد المرويات، وبيان الصحيح من الضعيف.
27- (جوابات عابدي الصُّلْبَان، وأن ما هم عليه دين الشيطان) .
ذكره جماعة من مترجميه5، ولم أقف على شيء من أخباره، ولعله المشهور بـ (هداية الحيارى) ، أو له به تعلق؛ فإن موضوعهما واحد كما يظهر من التسمية، وإن زاد في (هداية الحيارى) ذكر اليهود.
ولعل ما يؤكد هذه العلاقة بينهما: أن أحداً من مترجميه لم يذكر
__________
1 زاد المعاد: (1/93) .
2 الوافي بالوفيات: (2/272) .
3 جلاء الأفهام: (ص3) .
4 القول البديع: (ص258 - 259) .
5 انظر: ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) ، وطبقات المفسرين: (2/93) ، وغيرهم.
(1/238)
كتاب (هداية الحيارى) وذكروا الآخر كما مرَّ، فلينظر في ذلك؟!
28- (الجواب الكافي لمن سأل عن ثمرة الدعاء إذا كان ما قدر واقع) .
ذكره الشوكاني1.
29- (الجواب عن علل أحاديث الفطر بالحجامة) .
ذكره ابن القَيِّم - رحمه الله - في (تهذيب السنن) 2، فقال: "وقد ذكرت عللها، والأجوبة عنها في مصنف مفرد".
- (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) : انظر ما يأتي باسم: (الداء والدواء) .
30- (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) .
هكذا سماه مؤلفه في مقدمته3، وسماه مرة: (صفة الجنة) 4، وذكره مرة بالاسمين معاً، فقال: (… صفة الجنة حادي الأرواح) 5.
وتسميته بـ (صفة الجنة) تسمية له بموضوعه، وأشار إلى الاسمين ابن رجب - رحمه الله - فقال: (حادي الأرواح إلى…وهو كتاب: صفة الجنة) 6.
__________
1 البدر الطالع: (2/144) .
(3/248) .
3 حادي الأرواح: (ص30) .
4 الصواعق المرسلة: (4/1332) .
5 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (148) .
6 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
(1/239)
وهو كتاب نافع ممتع في بابه، "إذا نظر فيه الناظر زاده إيماناً، وجلَّى عليه الجنة حتى كأنه يشاهدها عياناً، فهو مثير ساكن العزمات إلى روضات الجنات، وباعث الهمم العَلِيَّاتِ إلى العيشِ في تلك الغرفات"1.
- (حرمة السماع) : انظر ما يأتي باسم: (كشف الغطاء…) .
31- (الحامل: هل تحيض أم لا؟) .
ذكره ابن القَيِّم في (تهذيب السنن) 2، فقال: "وقد أفردت لمسألة الحامل: هل تحيض أم لا؟ مصنفاً مفرداً".
32- (حكم إغمام هلال رمضان) .
ذكره من مترجميه: ابن رجب3، وعنه: الداودي4، وابن العماد5.
ومن الجدير بالتنبيه هنا: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - قد بسط الكلام على هذه المسألة في (زاد المعاد) 6.
33- (حكم تارك الصلاة) .
ذكره بهذا الاسم: ابن رجب وقال: "مجلد"7.
__________
1 كذا وصفه مؤلفه رحمه الله، انظره: (ص29 - 30) .
(3/109) .
3 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
4 طبقات المفسرين: (2/93) .
5 الشذرات: (6/170) .
(2/39 - 49) .
7 ذيل الطبقات: (2/450) .
(1/240)
وقد طُبع الكتاب عدة مرات، ولعل من آخر طبعاته: تلك التي حققها تيسير زعيتر، ونشرت سنة 1405هـ، باسم: (الصلاة وحكم تاركها) .
ولم يشر المؤلف إلى اسم الكتاب في مقدمته، فهو عبارة عن جواب لعشرة أسئلة تتعلق بالصلاة.
34- (حكم تفضيل بعض الأولاد على بعض في العَطِيَّة) .
ذكر في (تهذيب السنن) 1 أنه أفرد في هذه المسألة مُصَنَّفًا.
35- (الداء والدواء) .
ذكره بهذا الاسم جماعة من مترجميه2. قال ابن رجب: "مجلد".
ولم ينص ابن القَيِّم على اسمه في المقدمة، كما هي العادة في الكتب التي تكون جواباً لسؤال أو أسئلة، وقد اشتهر بهذه التسمية التي ربما أُخِذت من موضوع الكتاب؛ فقد سُئِل عن رجل أصيب بداء، ولم يستطع دفعه بكل طريق؟ فأخذ - رحمه الله - في الكلام على: أن لكل داء دواء، وأن ذلك يعم أدواء البدن، والروح، والقلب.
وللكتاب اسم آخر وهو: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ، وقد نُشرت بعض طبعات الكتاب بهذا الاسم، ووقفتُ على طبعة للكتاب، بتحقيق الأستاذ/ يوسف بديوي سنة 1410هـ أثبت
__________
(5/193) وانظر: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص151) .
2 انظر: ذيل الطبقات: (2/450) ، وطبقات المفسرين: (2/93) ، والبدر الطالع: (2/144) .
(1/241)
على غلاف الكتاب الاسمين معاً، مع إشارته إلى أن العنوان الذي وجده على غلاف المخطوطة هو: (الداء والدواء) 1.
ثم طُبع الكتاب مؤخراً في عام 1417هـ بتحقيق الأخ الفاضل/ علي بن حسن بن عبد الحميد، واختار له اسم: (الداء والدواء) مشيراً إلى أن الاسمين واردان، وأنهما اسمان لكتاب واحد، إلا أن الذي اختاره هو الأظهر2. فإذا تقرر ذلك، فإن مَنْ عدَّ هذا الكتاب باسميه كتابين، فقد وَهِمَ في ذلك.
والكتاب من أحسن ما كُتب في بيان كثير من أمراض القلوب، وطرق علاجها.
36- (رسالة إلى بعض إخوانه) .
وهو كتاب أرسله ابن القَيِّم - رحمه الله - إلى بعض إخوانه، قال في أوله: "الله المسؤول المرجو الإجابة: أن يحسن إلى الأخ في الدنيا والآخرة …".
وفي هذه الرسالة توجيهات نافعة، ونصائح غالية تنفع المسلم في دينه ودنياه وآخرته.
وقد طُبعت هذه الرسالة باسم: (الطريق إلى الهداية) ، ثم طُبعت باسم (رسالة إلى كل مسلم) بتعليق الدكتور/ أسامة عبد العظيم
__________
1 الدار والدواء: (ص13) حاشية 1.
2 مقدمة الطبعة المشار إليها: (ص2 - 3) .
(1/242)
سنة1404هـ واعتمد فيها على نسخة خَطِّيَّة محفوظة بدار الكتب المصرية برقم (13مجاميع) 1.
- (رسالة في الأحاديث الموضوعة) . انظر ما يأتي باسم: (فوائد في الكلام على حديث الغمامة …) .
37- (الرِّسَالة التَّبُوكِيَّة) .
وهي بعضُ كِتَابٍ سَيَّرَه من تبوك سنة 733هـ، وتضمن الكلام على تفسير قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} الآية [المائدة: 3] .
وقد طُبعت الرسالة عدة طبعات باسم (الرسالة التبوكية) ، وسميت في إحدى طبعاتها: (تحفة الأحباب في تفسير قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} . وطبعت باسم: (زاد المهاجر إلى ربه) .
ولعلها قد أُفردت من الكتاب المذكور، فإنه قد جاء في أولها: "قال الشيخ ... ابن قَيِّم الجوزية ... في كتابه الذي سيَّره من تبوك ... بعد كلام له سبق: أحمد الله بمحامده ... "2.
38- (الرسالة الْحَلَبِيَّة في الطريقة الْمُحَمَّدِيَّة) .
__________
1 رسالة إلى كل مسلم: (ص4) .
2 الرسالة التبوكية: (ص10) .
(1/243)
ذكرها بهذا الاسم جماعة من مترجميه1، وسماها السيوطي2: (نظم الرسالة الحلبية ... ) . وأشار الشيخ بكر أبو زيد إلى أنها نَظْمٌ3.
39- (الرسالة الشافية في أسرار المعوذتين) .
ذكرها بهذا الاسم الصَّفَدِي4، ولعلها المطبوعة باسم (تفسير المعوذتين) .
وهذه الأخيرة هي جزء من كتاب (بدائع الفوائد) 5 وقد جاء في إحدى طبعات الرسالة6: أنها قوبلت على نسختين خطيتين، مما يؤكد أنها رسالة مستقلة من قديم كما ذكر الصَّفَدِي.
40- (رفع اليدين في الصلاة) .
ذكره أكثر المترجمين لابن القَيِّم7، قال الصَّفَدِي: "سِفْرٌ متوسطٌ".
وذكر الشيخ بكر أبو زيد: أن نسخة خطية منه توجد في المكتبة السعودية بالرياض، مخرومة الأول، برقم (82-609) 8.
__________
1 انظر: الوافي بالوفيات: (2/272) ، وطبقات المفسرين: (2/93) .
2 بغية الوعاة: (1/63) .
3 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص155) .
4 الوافي بالوفيات: (2/272) .
(2/198 - 276) .
6 تفسير المعوذتين، الطبعة المنيرية بالقاهرة.
7 انظر: الوافي بالوفيات: (2/271) ، وذيل طبقات الحنابلة: (2/450) ، والدرر الكامنة: (4/22) .
8 ابن قَيِّم الجوزية- حياته وآثاره: (ص157) .
(1/244)
41- (روضة الْمُحِبِّين وَنزهةُ الْمُشْتَاقِين) .
وهو من كتب ابن القَيِّم المشهورة السائرة، وقد سماه بهذا في مقدمة الكتاب1.
وهو يشتمل على "ذكر أقسام المحبة، وأحكامها، ومتعلقاتها، وصحيحها، وفاسدها، وآفاتها، وغوائلها، وأسبابها، وموانعها ... "2.
وقد ذكره ضمن مؤلفاته أكثر المترجمين له وسماه ابن رجب: (نزهة المشتاقين وروضة المحبين) 3، وقد طُبع عدة مرات.
42- (الرُّوح) .
وهو من كتبه المشهورة، وقد ذكره عدد ممن ترجم لابن القَيِّم ضمن مؤلفاته4، وذكره ابن حجر في (فتح الباري) 5 ناقلاً عنه.
وقد ثار كلام حول عدم صحة نسبة هذا الكتاب لابن القَيِّم، ولكن الواقع يؤكد صحة هذه النسبة، والأدلة متوافرة على إثبات ذلك، وقد أفاض الشيخ بكر أبو زيد في هذا البحث، وأثبت بأدلة عديدة صحة هذه النسبة، فأفاد وأجاد6.
__________
1 روضة المحبين: (ص28) .
2 روضة المحبين: (ص28 - 29) .
3 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
4 انظر: الدرر الكامنة: (4/22) ، وبغية الوعاة: (1/63) ، والشذرات: (6/170) .
(3/239) .
6 انظر: ابن قَيِّم الجوزية- حياته وآثاره: (158 - 161) .
(1/245)
43- (الروح والنفس) .
وهو غير الكتاب الماضي ذكره؛ فإنه قد نصَّ عليه في كتابه (الروح) ، فقال عند كلامه على أن الروح ذاتٌ قائمة بنفسها: "وعلى هذا أكثر من مائة دليل، قد ذكرناها في كتابنا الكبير في (معرفة الروح والنفس) ... "1. وهذا ظاهرٌ في أنه كتاب آخر أكبر من الماضي، وأنه أَلَّفَه قبل تأليف (الروح) ، فربما كان أصلاً لكتاب (الروح) ومنه اختصره؟ والله أعلم.
ولم يذكر هذا الكتاب الكبير أحدٌ ممن ترجم له.
44- (زاد المسافرين إلى منازلِ السعداءِ في هَدي خاتم الأنبياء) .
ذكره من مترجميه: ابن رجب2، وتبعه: الداودي3، وابن العماد4، وقال ابن رجب: "مجلد".
ولم أقف على شيء من أخباره، ولكن يبدو عنوانه مطابقاً لعنوان كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) وذلك بالمقابلة بين شطري العنوان في كلا الكتابين، فهل يدل ذلك على وجود علاقة بين الكتابين؟ الله أعلم.
45- (زَادُ الْمَعَادِ فِي هَدْيِ خَيْرِ الْعِبَادِ) .
وهو ذاك الكتاب الجليل، الذي ذاع صيتُهُ، وطار ذكره في الآفاق،
__________
1 الروح: (ص51) .
2 ذيل طبقات الحنابلة: (2/449) .
3 طبقات المفسرين: (2/92) .
4 الشذرات: (6/169) .
(1/246)
وانتفع به القاصي والداني، مع الثناء عليه والاعتراف بجلالته من الموافق والمخالف على السواء.
قال الحافظ ابن رجب: "وهو كتاب عظيم جداً"1.
ويشير ابن القَيِّم نفسه إلى أهمية الكتاب فيقول في أوله: "وهذه كلمات يسيرة لا يستغني عن معرفتها من له أدنى هِمَّة إلى معرفة نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم، وسيرته وهَدْيِه"2.
ويعدُّ هذا الكتاب موسوعة شاملة لكثير من علوم الشريعة، وبخاصة: الفقه وأحكامه، والسيرة النبوية ووقائعها.
وقد يسميه بعضهم: (الهدى) 3 اختصاراً، وسماه الحافظ ابن حجر- وهو كثير النقل عنه في شرح البخاري-: (الهدي النبوي) 4، وسماه بذلك السخاوي أيضاً5.
وقد طُبع الكتاب مراراً، ولعل من أحسن طبعاته تلك التي طُبعت أخيراً في خمس مجلدات، بتحقيق عبد القادر وشعيب الأرنؤوط.
46- (شرح أسماءِ الكتابِ العزيزِ) .
كذا سماه ابن رجب، وقال: "مجلد"6. وسماه غيره: (تفسير أسماء القرآن) 7.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة: (2/449) .
2 زاد المعاد: (1/70) .
3 انظر: الدرر الكامنة: (4/22) ، والبدر الطالع: (2/144) .
4 فتح الباري: (11/133) .
5 الإعلان بالتوبيخ: (ص537) .
6 ذيل طبقات الحنابلة: (2/449) .
7 الوافي بالوفيات: (2/272) ، وبغية الوعاة: (1/63) .
(1/247)
47- (شرح الأسماء الحسنى) .
ذكره ضمن مؤلفاته: ابن رجب1، وتبعه: الداودي2، وابن العماد3.
48- (شفاءُ العَلِيلِ في مسائلِ القضاء والقدر والحكمة والتعليل) .
وقد سماه بذلك مؤلفه في مقدمة الكتاب4، وقد تناول فيه: ما ورد في القضاء والقدر، والإيمان والرضى به، والرد على "القَدَرِيَّةَ" الذين يقولون: لا قدر والأمر أُنُفٌ، "والْجَبْرِيَّة" الذين ينفون فعل العبد وقدرته واختياره، كما تناول إثبات حكمة الله سبحانه فيما خَلَق وأمَرَ.
وذكره ابن حجر5، والشوكاني6 باسم: (القضاء والقدر) ، تسميةً له بموضوعه، والكتاب مطبوع متداول.
49- (الصراط المستقيم في أحكام أهل الجحيم) .
ذكره ضمن مؤلفاته: ابن رجب7، والداودي8، وابن العماد9. قال ابن رجب: "مجلدان".
- (الصلاة) : انظر ما تقدم باسم: (حكم تارك الصلاة) .
__________
1 ذيل الطبقات: (2/450) .
2 طبقات المفسرين: (2/93) .
3 الشذرات: (6/170) .
4 شفاء العليل: (ص7) .
5 الدرر الكامنة: (4/22) .
6 البدر الطالع: (2/144) .
7 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
8 طبقات المفسرين: (2/93) .
9 الشذرات: (6/170) .
(1/248)
50- (الصَّواعق الْمُرْسلة على الْجَهْمِيَّةِ والْمُعَطِّلة) .
كذا سماه ابن القَيِّم رحمه الله في (مدارج السالكين) 1، وكذا سماه: ابن حجر2، وابن العماد3، والشوكاني4. وقال ابن رجب5، والداودي6: (الصواعق المنزلة ... ) . وورد بغير هذين الاسمين.
وهذا الكتاب يُعَدُّ موسوعة جامعةً في تقرير عقيدة السلف في الأسماء والصفات، والرد على أهل التعطيل والتأويل، وتَظْهَرُ فيه براعة ابن القَيِّم، وسعة علمه، وقُوَّة حُجَّتِهِ، وطُول نَفَسِه، مع حسن الترتيب والتنظيم، وغزارة الفوائد.
وقد كان هذا الكتاب إلى عهد قريب لا يُعرف إلا مختصره، لمحمد ابن نصر الموصلي، حتى منَّ الله - وله الحمد - بإخراج مجلد يمثل ثلث ما وُجد من أصله، وذلك بتحقيق فضيلة شيخنا الدكتور/ علي بن محمد ناصر فقيهي، والدكتور/ أحمد عطية الغامدي، عام 1406هـ. وطبع ذلك بعنوان: (الصواعق المنزلة ... ) . ثم طبع الموجود من الأصل كاملاً بتحقيق الدكتور/ على بن محمد الدخيل الله، سنة 1408هـ في أربعة مجلدات، تمثل النصف الأول من الكتاب تقريباً، إذ إن النصف الثاني من
__________
(3/369) .
2 الدرر الكامنة: (4/22) .
3 الشذرات: (6/169) .
4 البدر الطالع: (2/144) .
5 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
6 طبقات المفسرين: (2/93) .
(1/249)
الكتاب يعد في حكم المفقود1، وقد نال به المحقق درجة (الدكتوراه) من كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالرياض، بالمملكة العربية السعودية، وقد اختار له عنوان: (الصواعق المرسلة ... ) مرجحًا ذلك على غيره2.
51- (الطاعون) .
ذكره ابن رجب، وقال: "مجلد لطيف"3.
وقد عقد المؤلف - رحمه الله - فصلاً في الكلام على الطاعون، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في علاجه والاحتراز منه، وذلك في كتابه (زاد المعاد) 4.
52- (طريقُ الْهِجْرَتَيْنِ وبَابُ السَّعَادَتين) .
هكذا سماه ابن القَيِّم - رحمه الله - في مقدمته5، وأشار إليه في بعض مؤلفاته باسم: (سفر الهجرتين) ، وسماه في بعضها: (سفر الهجرتين وطريق السعادتين) 6. وبهذه الأسماء ذكره مترجموه.
ويُوَضِّحُ ابن القَيِّم في هذا الكتاب النافع: الطريق الذي ينبغي أن يسلكه العبد في كل وقت، والذي يكون له في هجرتان:
__________
1 انظر مقدمة المحقق للكتاب: (ص129) عند الكلام على وصف النسخ الخطية.
2 مقدمة الصواعق: (1/77 - 78) .
3 ذيل الطبقات: (2/450) .
(4/37 - 45) .
5 طريق الهجرتين: (ص9) .
6 انظر: ابن قَيِّم الجوزية- حياته وآثاره: (ص 170 - 171) .
(1/250)
- هجرة إلى الله: بالطلب، والمحبة، والعبودية، والإنابة، والتوكل…
- وهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم: بموافقة شرعه في الحركات والسَّكَنَات.
وأن سلوك هاتين الهجرتين سيأخذ بيد العبد إلى ولوج باب السعادتين: سعادة الدنيا باتِّبَاع هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم، وسعادة الآخرة بدخول جنات النعيم، ففي هاتين الهجرتين: سعادة الدارين.
والكتاب مطبوع متداول.
53- (الطُّرُقُ الْحُكْمِيَّة في السِّياسَة الشَّرعية) .
ذكره ابن رجب مختصراً باسم: (الطرق الحكمية) 1. وقد جاء اسمه على غلاف إحدى مخطوطاته: (الفِرَاسَةُ الْمَرْضِيَّة في أحكامِ السِّيَاسَةِ الشرعية) 2. وهذا العنوان متفق مع ما جاء في مطلع الكتاب من الكلام على الحكم بالفراسة والقرائن، وأحكام ذلك.
وقد وضع الشيخ محمد حامد الفقي الاسمين كليهما على غلاف طبعته للكتاب، فاصلاً بينهما بـ (أو) .
54- (عِدَةُ الصَّابرين وذخيرةُ الشَّاكرين) .
سماه المؤلف بذلك في مقدمته3، وذكره ابن رجب4،
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
2 مقدمة الشيخ محمد الفقي للكتاب: (ص9 - 10) .
3 عدة الصابرين: (ص26) . طبعة الخشت.
4 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
(1/251)
والداودي1، وابن العِمَاد2 مختصراً، فقالوا: (عدة الصابرين) .
تنبيه: ذكر الشيخ بكر أبو زيد ضمن مؤلفات ابن القَيِّم كتاباً بعنوان: (الصبر والسكن) ، وعزاه إلى (كشف الظنون) ، ومحمد الفقي في مقدمة (إغاثة اللهفان) ، وغيرهما3.
وأقول: يظهر لي أن في هذا الكلام خطأً من وجهين:
- الأول: أن صوابه (الصبر والشكر) بالشين المعجمة، والراء المهملة، وليس: (السكن) ، وقد وقع على الصواب في (كشف الظنون) 4 الذي عزاه إليه الشيخ، أما عند الشيخ الفقي: فهو كما نقل الشيخ بكر: (الصبر والسكن) 5.
- الثاني: أن هذا الكتاب - والله أعلم - هو نفسه كتاب (عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين) ، الذي يتناول موضوعي: الصبر والشكر، فيكون من سماه (الصبر والشكر) اختصر العنوان الكبير معبراً عنه بموضوعه، كما وقع هذا لكثير من كتب ابن القَيِّم.
ولعل مما يؤكد ذلك: أنه لم يذكر أحدٌ ممن ترجم لابن القَيِّم كتاباً له بعنوان (الصبر والشكر) ؟ فالله أعلم بحقيقة الحال.
__________
1 طبقات المفسرين: (2/93) .
2 الشذرات: (6/170) .
3 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص167) .
(ص 1432) .
5 مقدمة إغاثة اللهفان: (1/24) .
(1/252)
55- (عَقدُ مُحْكَمِ الإخاءِ بين الكلمِ الطَّيِّبِ والعملِ الصالحِ المرفوع إلى رب السماء) .
ذكره ضمن كتبه: ابن رجب1، والداودي2، وابن العماد3.
وقد سماه الشيخ بكر أبو زيد: (عقد محكم الأحباء ... ) بالحاء المهملة، بعدها باء موحدة4، ولعله تابع في ذلك ما وقع في (ذيل الطبقات) لابن رجب؛ فإنه جاء عنده هكذا، ووقع عند ابن العماد (عقد محكم الأحقاء …) !
وكلاهما - والله أعلم - تصحيفٌ، والصواب: (الإخاء) كما وقع عند الداودي، من: آخى بين الشيئين، إخاءً، ومؤاخاةً، ويكون المعنى: (عقد أوثق الإخاء ... ) ، والله أعلم.
ثم هل لهذا الكتاب صلة بالآتي باسم: (الكلم الطيب والعمل الصالح) ؟ فإن هذا الكتاب قد عقد إخاءً محكماً بين هذين، فالله أعلم.
56- (الفتحُ القُدْسِيُّ) .
أشار إليه ابن القَيِّم في (بدائع الفوائد) 5 بهذا الاسم، وذكره كذلك: ابن رجب6 ضمن مؤلفاته.
__________
1 ذيل الطبقات: (2/449) .
2 طبقات المفسرين: (2/92) .
3 الشذرات: (6/169) .
4 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص174) .
(2/211) .
6 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
(1/253)
57- (الفرق بين الخلة والمحبة ومناظرة الخليل لقومه) .
ذكره ابن رجب، وقال: "مجلد"1.
وله - رحمه الله - كلام في معنى الخلَّة، والفرق بينها وبين المحبة في كتابه: (روضة المحبين) 2.
58- (الفُروسِية الشَّرْعِيَّة) .
أشار إليه ابن القَيِّم - رحمه الله - في (إعلام الموقعين) 3، ووصفه بأنه كبير، فقال عند كلامه على مسألة محلل السباق: "وقد ذكرناها في كتابنا الكبير في (الفروسية الشرعية) ، وذكرنا فيه وفي (بيان الاستدلال على بطلان اشتراط محلل السباق والنضال) بيان بطلانه من أكثر من خمسين وجهاً، وبَيَّنَّا ضعف الحديث الذي احتج به من اشترطه…".
وذكره الصَّفَدِي باسم: (الفروسية المحمدية) 4.
وقد طُبع لابن القَيِّم كتاب باسم (الفروسية) من قديم في سنة 1360هـ، ثم طبع أخيراً طبعة أخرى في سنة 1410هـ بتحقيق محمد نظام الدين.
وقد قال ابن القَيِّم في خطبة هذا المطبوع: "… وهذا مختصر في الفروسية الشرعية النبوية"5.
__________
1 ذيل الطبقات: (2/450) .
(ص 63 - 65) .
(4 / 22) .
4 الوافي بالوفيات: (2/272) .
5 الفروسية: (ص2) .
(1/254)
وقد ذهب الشيخ بكر أبو زيد إلى القول بأن هذا المطبوع هو مختصر من المسمى (بالفروسية الشرعية) ، وعَدَّهُمَا كتابين1. وربما استند في ذلك إلى قول ابن القَيِّم في خطبة المطبوع: "هذا مختصر …" وقوله في النص السابق: " ... كتابنا الكبير في الفروسية الشرعية".
والذي يظهر لي - والله أعلم - أن هذا المطبوع هو الكتاب الكبير لابن القَيِّم في الفروسية، وليس مختصراً من غيره، وربما يُسْتَأنس في ذلك ببعض الأدلة، منها:
- أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا ليس على طريقة المختصرات والتهذيبات، بل إنه - رحمه الله - تناول فيه أكثر المسائل بنوع بسطٍ واستقصاء، عارضاً أقوال الأئمة في كل مسألة، مع بيان الراجح بالدليل، بل إنه أودعه فوائد شتى في علوم الحديث، والجرح والتعديل، وشروط الأئمة في كتبهم وغير ذلك، ولذلك فقد وقع في طبعته الأخيرة في سبع وعشرين وثلاثمائة صحيفة.
- أنه لم يُشِر في هذا المطبوع - ولو مرة واحدة- إلى هذا الأصل الذي اختصر منه هذا الكتاب، وعادة ابن القَيِّم - كما مرَّ - الإحالة على الكتب المؤلفة في الموضوع نفسه، وبخاصة في القضايا التي فيها بسط أكثر.
وإنني الآن أتساءل: إذا كان بحث المحلل لم يوفه ابن القَيِّم نصيبه من البحث في هذا المطبوع، فلماذا لم يُحِلْ فيه على (الفروسية الكبير) كما أحال في (إعلام الموقعين) ومر نقله قبل قليل؟
__________
1 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 176) .
(1/255)
- لم يُشِر أحدٌ من محققي الطبعتين إلى أن هذا مختصر، وأن له أصلاً كبيراً، ومثل هذا لا يفوتهما في الغالب، مع عنايتهما بالكتاب.
- أن التسمية التي نص عليها المؤلف في (إعلام الموقعين) - والتي حملها الشيخ بكر أبو زيد على الكبير - هي بعينها التسمية الواردة في هذا المطبوع، حيث قال في تسميته: (الفروسية الشرعية النبوية) .
- أن قوله فيه: "هذا مختصر ... " لا يلزم منه أنه اختصره من غيره، بل يمكن حَمْلُه على أنه صَنَّفَهُ على هذه الصفة المختصرة ابتداءً، فكأنه يقول: هذا كتاب مختصر جمعته في الفروسية، بل لو كان مختصراً من غيره للزمه التنبيه في هذا المقام على أنه اختصره من كذا.
- ويظهر: أن قوله "… ذَكَرْنَاهَا في كتابنا الكبير" ليس في مقابلة كتاب صغير في الفروسية، بل لعله قصد - والله أعلم - المقابلة بين (الفروسية) ، وبين كتابه (بيان الاستدلال) ؛ بدليل ذكره معه في السياق نفسه كما مضى؛ فإن (بيان الاستدلال) يُمَثِّل فصلاً من فصول كتاب (الفروسية) وهو الفصل الخاص بالكلام على إبطال أدلة المشترطين للتحليل، فصار (الفروسية) بهذا الاعتبار كبيراً بالنسبة لـ (بيان الاستدلال) . وهذا كقوله - رحمه الله - في (إغاثة اللهفان) 1 في الرد على أصحاب النجوم: "وقد أَشْبَعْنا الرد على هؤلاء في كتابنا الكبير المسمى: بالمفتاح". فهل يقول قائل: إنه صَنَّفَ كتابين باسم (مفتاح دار السعادة) أحدهما كبير والآخر صغير؟
__________
(2/125) .
(1/256)
- أن ما أشار إليه في النص السالف: من بيان فساد اشترط المحلل من خمسين وجهاً، موجود في المطبوع الذي بين أيدينا؛ فإنه قد ذكر فيه ما يقرب من أربعين وجهاً في ذلك1، وكذلك بَيَّنَ ضَعْفَ الحديثِ الْمُشَارِ إليه بِتَوَسُّعٍ2.
فهذا ما بدا لي في هذا الموضوع، والأمر - مع ذلك - محل نظر وبحث، فإن وُجد دليل صريح على وجود أصل ومختصر لابن القَيِّم في هذا الموضوع، فإننا لا نملك إلا التسليم والإذعان.
5- (فَضلُ العِلْمِ وأَهْلِهِ)
أشار إليه المؤلف في (طريق الهجرتين) 3 بهذا الاسم، كما أرشد إلى ذلك الشيخ بكر أبو زيد4، ولعله هو نفسه المذكور عند ابن رجب باسم: (فضل العلماء) 5، وقال الداودي (فضل العلم) 6.
60- (فوائدُ في الكلامِ على حديثِ الغَمَامةِ، وحديث الغَزَالةِ، والضَّبِّ، وغيره) .
ستأتي له دراسة مستقلة مع ذكر الأدلة على صحة نسبته لابن القَيِّم إن شاء الله7.
__________
1 الفروسية: (ص21 - 37) .
2 الفروسية: (ص37 - 53) .
(ص 619) .
4 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 178) .
5 ذيل الطبقات: (2/450) .
6 طبقات المفسرين: (2/93) .
7 انظر: (ص 310 - 319) .
(1/257)
61- (الفوائد) .
لم يذكره أحد من مترجمي ابن القَيِّم، والظاهر أنه مجموع على طريقة الأمالي، فلم تُذْكَرْ له مقدمة ولا خطبة.
وهو من كتبه النافعة جداً، حيث اشتمل على جملة من الفوائد المتنوعة: في التوحيد، والتفسير، والزهد والرقاق -وهذا هو الغالب عليه- والمواعظ والحِكَمِ وغير ذلك.
تنبيه: ذكر الدكتور/ عبد الله جار النبي1 - عند ذكره كتاب الفوائد-: أن ابن القَيِّم نصَّ عليه في كتابه: (اجتماع الجيوش الإسلامية) . وهذا وهم، والصوابُ: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - قد نصَّ على كتابه (اجتماع الجيوش) في كتابه (الفوائد) 2 فانعكست القضية عند الأخ.
62- (قُرَّةُ عيونِ الْمُحِبِّين، وروضةُ قلوبِ العارفين) .
ذكره الشيخ بكر أبو زيد3، وأفاد أن ابن القَيِّم ذكره في (مدارج السالكين) .
63- (الكافية الشافية في النحو) .
ذكره صاحب (كشف الظنون) 4، وأكد الشيخ بكر أبو زيد نِسْبَتَهَا لابن القَيِّم، ورَدَّ على من خَطَّأَ حاجي خليفة في ذلك5.
__________
1 ابن القَيِّم وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف: (ص111) .
2 انظره: (ص6) .
3 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص179) .
(ص1369) .
5 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 180) .
(1/258)
64- (الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية) . نظم.
وبهذا الاسم ذكرها المؤلف في مقدمتها، وكذا سماها الصَّفَدِي1. واكتفى السيوطي بقوله: (الكافية الشافية) 2.
أما ابن رجب3، والداودي4: فَسَمَّيَاهَا: (الشافية الكافية في الانتصار …) قال ابن رجب: "وهي القصيدة النونية في السنة، مجلد". وقد اشتهرت بين أهل العلم وطلابه: (بالقصيدة النونية) .
ووقع عند ابن حجر: (الكافية في الانتصار ... ) 5. قال: "تبلغ ستة آلاف بيت". قال الشيخ بكر أبو زيد: "وقد قمت بعدِّ أبياتها فتحرر لي: أن عدد أبياتها هي (5949) ، أي: ستة آلاف إلا واحداً وخمسين بيتاً"6.
وقد نَظَمَ ابن القَيِّم هذه القصيدة في الدفاع عن عقيدة السلف، والرد على أهل الزيغ والانحراف: من الْمُعَطِّلَة، والْجَهْمِيَّةِ، والرافضة، وغيرهم، ببراهين قويَّة وأدلة ساطعة، وهي مطبوعة منتشرة.
65- (الكبائر) .
ذكره ابن رجب، وقال: "مجلد"7.
__________
1 الوافي بالوفيات: (2/272) .
2 بغية الوعاة: (1/63) .
3 ذيل الطبقات: (2/450) .
4 طبقات المفسرين: (2/93) .
5 الدرر الكامنة: (4/22) .
6 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 182) .
7 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
(1/259)
66- (كشف الغطاء عن حكم سماع الغناء) .
ذكره الصَّفَدِي بهذا الاسم1، وذكر له حاجي خليفة كتاباً باسم: (حرمة السماع) 2.
وقد طُبع أخيراً كتاب لابن القَيِّم باسم: (الكلام على مسألة السماع) في مجلد كبير، بتحقيق/راشد بن عبد العزيز الحمد سنة 1409هـ، وهو عبارة عن سؤال حول السماع، أجاب عنه ابن القَيِّم رحمه الله.
والذي يظهر أن هذا هو كتاب ابن القَيِّم في السماع، الذي أشار إليه مرة في (إغاثة اللهفان) 3 بقوله: "وقد ذكرنا شُبَهَ الْمُغَنِّين والْمَفْتُونِين بالسماع الشيطاني، ونَقَضْنَاها… في كتابنا الكبير في السماع". ويكون هو نفسه المسمى بـ (كشف الغطاء…) .
أما تسميته بـ (الكلام على مسألة السماع) ، فلعلها من وضع المحقق، وذلك بالنظر إلى ما جاء في أول جوابه من قوله: "الحمد لله، الكلام في هذه المسألة …".
67- (الكَلِمُ الطَّيِّبُ والعَمَلُ الصَّالِحُ) .
ذكره ابن القَيِّم بهذا الاسم في (طريق الهجرتين) 4، فقال: "وقد
__________
1 الوافي بالوفيات: (2/272) .
2 كشف الظنون: (ص650) . وتوجد منه نسخة بقسم المخطوطات، بالجامعة الإسلامية برقم (1263) ، مصورة عن الأسكوريال بأسبانيا، تقع في (78) ورقة.
(1/267) .
(ص 73) .
(1/260)
ذكرنا في كتاب (الكلم الطيب والعمل الصالح) من فوائد الذكر: استجلاب ذكر الله سبحانه لعبده، وذكرنا قريباً من مائة فائدة تتعلق بالذكر…".
وسماه بذلك ابن رجب، وقال: "مجلد لطيف"1.
وهذا الكتاب هو نفسه المطبوع المشهور باسم: (الوَابِلُ الصَّيِّبُ من الكَلِمِ الطَّيِّبِ) . وقد نصَّ المؤلف على هذه التسمية أيضاً، فقال في (مدارج السالكين) 2 - عند كلامه على فوائد الذكر-: "وقد ذكرنا في الذكر نحو مائة فائدة في كتابنا (الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب) وذكرنا هناك أسرار الذكر…". وهي عَيْنُهُا عبارته الماضية قبل قليل عن (الكلم الطيب ... ) .
68- (اللَّمْحَة في الرَّدِّ على ابن طلحة) .
ذكره الشيخ بكر أبو زيد3 تبعاً للمناوي في (فيض القدير) 4.
ولم أرَ من ذكره ممن ترجم لابن القَيِّم رحمه الله.
69- (مَدَارِجُ السَّالِكِين بين مَنَازِلِ إيَّاك نَعْبدُ وإياك نَسْتَعِين) .
وقد طُبع هذا الكتاب مراراً واشتهر بهذا الاسم، ولم يُشِر ابن القَيِّم إلى تسميته في المقدمة.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة: (2/450) .
(2/448) .
3 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 187) .
(1/116) .
(1/261)
وذكره ابن رجب باسم: (مراحل السائرين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين) 1. ثم قال: "وهو شرح (منازل السائرين) لشيخ الإسلام الأنصاري2، كتاب جليل القدر".
وسماه ابن حجر3، والشوكاني4 بموضوعه، فقالا: (شرح منازل السائرين) فكلها أسماء لكتاب واحد.
وهو - رحمه الله - في هذا الكتاب يرد على جميع طوائف أهل البدع والضلال، وذلك من خلال الكلام على (فاتحة الكتاب) ، ومَاتَضَمَّنَتْهُ من منازل السائرين، ومقامات العارفين5. وهو مع ذلك كثيراً ما يَتَعَقَّبُ الهروي أثناء شرحه، حيث كان يرى أن الهروي له طريقة في السلوك مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة؛ إذ إنه "لا يُقَدِّمُ على الفَنَاء شيئاً، ويراه الغاية التي يشعر بها السالكون"6.
70- (المسائل الطرابلسية) .
ذكرها ابن رجب، وقال: "ثلاث مجلدات"7.
__________
1 ذيل طبقات الحنابلة: (2/449) .
2 هو: أبو إسماعيل، عبد الله بن محمد بن علي بن محمد الأنصاري الهروي، من ذرية أبي أيوب الأنصاري، صاحب (ذم الكلام) وغيره، توفي سنة 481هـ.
له ترجمة في: سير أعلام النبلاء: (18/503) ، والتذكرة: (3/1183) .
3 الدرر الكامنة: (4/22) .
4 البدر الطالع: (2/144) .
5 انظر: مدارج السالكين: (1/12) .
6 انظر: ابن القَيِّم وجهوده في الدفاع عن عقيدة السلف: (ص117 - 118) .
7 ذيل الطبقات: (2/450) .
(1/262)
71- (معاني الأدوات والحروف) .
ذكره الصَّفَدِي1، والسيوطي2 وغيرهما.
72- (مفتاحُ دارِ السَّعادة، ومنشورُ ولاية أهل العِلْمِ والإرادة) .
كذا سماه مؤلفه في مقدمته3، وسماه مرة: (المفتاح) 4.
وذكر جماعة من المترجمين لابن القَيِّم الشطر الأول من اسمه، وهو (مفتاح دار السعادة) 5.
وقد خَتَمَهُ المؤلف - رحمه الله - بذكر ما احتواه واشتمل عليه من فوائد وموضوعات6. والكتاب مطبوع عدة طبعات7.
73- (الْمَنَارُ الْمُنِيفُ في الصَّحِيحِ والضَّعِيفِ) .
ستأتي له دراسة مستقلة إن شاء الله8.
74- (الْمَوْرِدُ الصَّافِي والظِّلُّ الضَّافِي) .
أشار إليه ابن القَيِّم بهذا الاسم في (طريق الهجرتين) 9، وذكر أنه
__________
1 الوافي بالوفيات: (2/272) .
2 بغية الوعاة: (1/63) .
3 مفتاح دار السعادة: (1/47) .
4 الصواعق المرسلة: (4/1450) .
5 انظر: الوافي بالوفيات: (2/271) ، وذيل الطبقات: (2/450) ، والدرر الكامنة: (4/22) .
6 مفتاح دار السعادة: (2/273) .
7 أحسنها طبعة بتحقيق الأخ الفاضل/ علي بن حسن بن علي، في ثلاثة مجلدات سنة 1416هـ.
8 انظر ص: (300) .
(ص 103) .
(1/263)
كتاب كبير في المحبة. وهذا الكتاب الكبير في المحبة: أشار إليه مرة في (مدارج السالكين) 1 دون أن يُسَمِّيه.
وسماه الشيخ بكر أبو زيد: (المورد الصافي والظل الوافي) 2 تبعاً لصاحب (هدية العارفين) ، فلعله تصحيف، والله أعلم.
75- (مولد النبي صلى الله عليه وسلم) .
ذكره الشوكاني3، وصِدِّيق حسن4.
76- (نَقْدُ الْمُنْقُول، والمحكُّ الْمُمَيِّزُ بين المقبول والمردود) .
ذكره ابن رجب بهذا الاسم، وقال: "مجلد"5.
ولعل لهذا الكتاب علاقة بـ (المنار المنيف) والله أعلم.
77- (نِكَاحُ الْمُحْرِم) .
ذكره ابن رجب، وقال: "مجلد"6.
78- (نورُ الْمُؤْمِنِ وَحَيَاتُهُ) .
ذكره ابن رجب، وقال: "مجلد"7.
__________
(3/20) .
2 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص194) .
3 البدر الطالع: (2/144) .
4 التاج المكلل: (ص419) .
5 ذيل الطبقات: (2/449) .
6 ذيل الطبقات: (2/450) .
7 ذيل الطبقات: (2/450) .
(1/264)
- (الوابل الصيب من الكلم الطيب) : انظر ما تقدم باسم: (الكلم الطيب والعمل الصالح) .
79- (هِدَايَة الْحَيَارَى فِي أجْوِبَة اليهودِ والنَّصارى) .
كذا سماه المؤلف في مقدمته1، وانظر ما تقدم باسم: (جوابات عابدي الصُّلْبان) .
وبعد، فهذا ما وقفت عليه من مؤلفات لابن القَيِّم رحمه الله، ويحسنُ التنبيه على أمر مهم، يلحظه الناظر الْمُدَقِّقُ في هذه القائمة، وهو: وقوع شيء من التكرار في بعض مؤلفات ابن القَيِّم، وذلك نتيجة لعدِّ الكتاب الواحد كتابين كما مرت أمثلة لذلك، ولعل ذلك يرجع لأمور أهمها:
- تسمية ابن القَيِّم الكتاب الواحد باسمين، أو يذكره مرة باسمه ومرة بموضوعه، ووقع ذلك من بعض المترجمين له أيضاً.
- إفراد بعض البحوث من مؤلفات ابن القَيِّم - إما قديماً أو حديثاً - ثم تطبع هذه المفردات مستقلة بأسماء خاصة بها، فيأتي بعض الناس فيعدُّ هذا المفرد كتاباً آخر.
وقد نَبَّه الشيخ بكر أبو زيد إلى أسباب أخرى وراء ذلك، فلتراجع2.
__________
(ص 11) .
2 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص 111 - 112) .
(1/265)

=======


( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها
المبحث الثالث: مَصَادِرُ ابن القَيِّم في مؤلفاته
من المهم - عند تناول مؤلفات ابن القَيِّم - أن نتعرف على المصادر التي اعتمدها في كتبه، ونقل عنها في بحوثه؛ فإن نظرةً فاحصةً في قائمة مصادره تبرز لنا أهم الخصائص التي تميز حياة ابن القَيِّم العلمية وكتاباته.
ويمكننا أن نتناول في هذا المبحث المتعلق بالمصادر المسائل الآتية:
المسألة الأولى: منهجه في النقل عن المصادر، وأهم الخصائص المميزة لمصادره.
يمكن تحديد المعالم الأساسية لمنهج ابن القَيِّم في تعامله مع المصادر، وأهم السمات التي تميزت بها مصادره فيما يلي:
أولاً: وفرة مصادره وكثرتها، إذ بلغت مصادره في كتاب واحد- وهو (زاد المعاد) -: ثمانين ومائة مصدر تقريباً1، أما عدد المصادر التي وردت في مجلد واحد من (الصواعق المرسلة) فقد بلغت حوالي مائة كتاب2.
ثانياً: تنوع مصادره رحمه الله، وشمولها فنون عديدة، وما ذلك إلا لتنوع معارفه، وتصنيفه في أكثر من فنٍّ كما مضى.
__________
1 استفدت ذلك من خلال حصر الكتب الواردة في فهرس المصادر الذي صنعه الأستاذ/ محمد أديب الجادر لزاد المعاد. (انظر ص 455 - 471) .
2 انظر مقدمة محقق (الصواعق المرسلة) : (1/84) .
(1/267)
ثالثاً: اعتماده في كل فن على أشهر وأهم وأجود ما كُتِبَ وصُنِّفَ فيه، يلحظ ذلك كل من تعامل مع كتبه، أو طالع قائمة مصادره.
رابعاً: لم يكتف ابن القَيِّم - رحمه الله - في نقل مادته العلمية بالمصادر المكتوبة فقط، بل رُبَّمَا دَوَّنَ بعض المعلومات بطريق المشافهة والسماع.
فيقول مرة: "سألت شيخنا عن سماع يزيد بن عبد الله عن أبي هريرة؟ "1. ويقول مرة أخرى: "قُرئَ على شيخنا أبي الحجاج الحافظ في (التهذيب) وأنا أسمع"2.
خامساً: من المصادر التي اعتمد عليها ابن القَيِّم في تسجيل معلوماته أيضاً: المشاهدة والملاحظة والتجارب الشخصية، كما مضت الإشارة إلى شيء من ذلك عند الكلام على منهجِهِ في التأليف3.
سادساً: حِرْصُهُ - رحمه الله - على توثيق ما يَنْقُلُه من معلومات من هذه المصادر، حتى إنه ليراجع للكتاب الواحد عدة نسخ عندما يقتضي الأمر ذلك.
قال مرة في حديث: "وهذا في جميع نسخ كتاب النسائي هكذا"4. ويقول في حديث آخر: "هذا الذي في رواية اللؤلؤي عن أبي داود، وفي رواية ابن داسة عنه ... "5.
__________
1 جلاء الأفهام: (ص 18) .
2 زاد المعاد: (5/709) .
3 انظر ص: (218) .
4 زاد المعاد: (5/511) .
5 الصلاة: (ص161) .
(1/268)
سابعاً: قد يُسَمِّى بعض المصادر بغير ما اشتهرت وعُرِفَت به، فيقول في (سنن أبي داود) : "وقال أبو داود في مسنده"1. ومرة يقول: "رواه أبو داود في صحيحه"2. وكذا قال للدارمي مرة: "قال الدارمي في صحيحه"3. وقال مرة: "رواه ابن الجارود في مسنده"4. وقال عن كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة: "اختلاف الحديث"5.
وهذا وإن كان قليلاً في كلام ابن القَيِّم رحمه الله، إلا أن فيه نظراً؛ وذلك من الناحية الفَنِّيَّة الصناعية، وكذا من ناحية احتمال وقوع بعض اللبس للناظر في ذلك، وإن كان قد دَرَجَ عليه كثير من أهل العلم في مؤلفاتهم.
ثامناً: يختصر ابن القَيِّم - رحمه الله - في كثير من الأحيان اسم المصدر، أو يشير إليه بموضوعه، الأمر الذي يحتاج من الناظر في كتبه إلى دراية بالكتب ومؤلفيها وموضوعاتها؛ وذلك ليمكنه معرفة الكتاب المقصود.
ومن الأمثلة لما جاء عنه في ذلك: قوله: "روى الدارمي في النقض"6 ويقصد به كتاب (النقض على بشر المريسي) . وقال مرة:
__________
1 حادي الأرواح: (ص 125) .
2 حادي الأرواح: (ص361) .
3 إعلام الموقعين: (1/379) .
4 تهذيب السنن: (4/374) .
5 زاد المعاد: (4/150) .
6 اجتماع الجيوش الإسلامية: (ص133) .
(1/269)
"قول الإمام أبي القاسم الطبري اللالكائي… في كتابه في السنة"1. واسم كتابه كاملاً: (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) . وقال مرة: "وقال أبو حاتم البُسْتِي في كتاب الضعفاء"2 واسم الكتاب كاملاً: (المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين) ، وهذا الصنيع اشتهر - أيضاً - عند كثير من الأئمة، يفعلونه اختصاراً.
تاسعاً: لم يلتزم ابن القَيِّم بذكر اسم المصدر الذي ينقل عنه دائماً، بل إنه كثيراً ما يُسَمِّي الشخص الذي ينقل عنه دون تعيين اسم كتابه، وسيأتي ذكر طرف من ذلك عند الكلام على منهجه في التخريج.
ومن أمثلة ذلك أيضاً: قوله: "قال محمد بن عثمان الحافظ"3. وقوله مرة: "قال الحازمي"4. وقوله: "قال الرازي"5. وهذا كثير منه، ومعلوم أن هذا قد يؤدي إلى صعوبة الوصول إلى المصدر المقصود، وبخاصة إذا كان الْمُؤَلِّفُ المشار إليه له أكثر من كتاب في الفن، كالذهبي مثلاً؛ فإن له عدة كتب في الرجال.
كما أنه - رحمه الله - رُبَّمَا نقل بعض الفوائد دون تعيين اسم المصدر أو المؤلف.
على أن ابن القَيِّم قد يكون معذوراً في ذلك؛ إذا قد عُرِفَ بالدقة
__________
1 اجتماع الجيوش الإسلامية: (ص 121) .
2 الفروسية: (ص44) .
3 جلاء الأفهام: (ص18) .
4 تهذيب السنن: (1/134) .
5 زاد المعاد: (2/145) .
(1/270)
في النقل، مع بسط مسائله وشدة تحريرها، بحيث إنه - رحمه الله - لم يُبْقِ للقارئ والمطالع حاجةً للرجوع إلى أصوله التي نقل عنها، على أن هذا الصنيع - أيضاً - عُرِف عن كثير من الأئمة الأعلام في مصنفاتهم وتواليفهم.
عاشراً: عِنَايَتُه - رحمه الله - بالمصادر التي تَتَّصِلَ بموضوعه اتصالاً مباشراً، وإِكْثَارُهُ من النقل عنها، بحيث تكون هي المصادر الأساسية لذلك الموضوع.
فتجده في (جلاء الأفهام) - الذي يتناول فيه موضوع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ من النقل عن كتاب: (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) 1 لإسماعيل بن إسحاق، حتى إنه قد ينقل عنه باباً بكامله2. وينقل فيه أيضاً عن كتاب: (الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) لأبي الشيخ3، ولابن أبي عاصم أيضاً4، وغيرهم.
وكذا الحال في سائر كتبه، فإنه يُعنى في المقام الأول بالمصادر المصنفة في موضوع كتابه، أو التي لها به صلة مباشرة.
حادي عشر: ربما يلجأُ ابن القَيِّم - رحمه الله - إلى تقويم بعض المصادر التي ينقل منها، وإبداء رأيه فيها، وسيأتي الكلام على ذلك بأوسع من هذا.
__________
1 انظر مثلاً: جلاء الأفهام: (ص205، 213، 232، 243، 245، 258، 260) .
2 جلاء الأفهام: (ص 57 - 63) .
3 جلاء الأفهام: (ص 229، 237، 244) .
4 جلاء الأفهام: (ص234) .
(1/271)
تلك أبرز الملاحظات حولَ منهج ابن القَيِّم في الاستفادة من المصادر والنقل عنها، وبيان بعض الخصائص المميزة لبعض هذه المصادر.
المسألة الثانية: تقويم ابن القَيِّم لبعض مصادره، وإبداء رأيه فيها.
لم يكن ابن القَيِّم - رحمه الله - وهو يستفيد من هذا العدد الهائل من المصادر المتنوعة، مُجَرَّدَ ناقلٍ فحسب، وإنما بَرَزَتْ في بعض الأحيان شخصيته المتميزة وهو يُبْدي رأيه في بعض هذه المصادر: بمدحها والثناء عليها تارةً، وتارةً أخرى ببيانِ عيوبها وبعض المآخذ عليها، وتارةً ثالثة بالتعريف بها أو ذكر بعض المعلومات التوضيحية عنها، أو الفوائد المتعلقة بها.
فمن الكتب التي مَدَحها وأَثْنَى عليها:
1- (سنن أبي داود) :
قال ابن القَيِّم رحمه الله: "لما كان سنن أبي داود ... من الإسلام بالموضع الذي خصه الله به، بحيث صار حَكَمَاً بين أهل الإسلام ... فإنه جَمَعَ شَمْلَ أحاديث الأحكام، وَرَتَّبَهَا أحسن ترتيب ونظمها أحسن نظام، مع انتقائها أحسن انتقاء، واطِّرَاحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء"1.
ولعل قوله رحمه الله باطراح أبي داود أحاديث المجروحين والضعفاء، يُحْمل على الغالب؛ فقد وُجِدَ بَعْضُهُم في كتابه.
__________
1 تهذيب السنن: (1/8) .
(1/272)
2- (الأحاديث الجِيَادُ الْمُخْتَارَة) : للضياء المقدسي (ت643هـ) .
قال ابن القَيِّم: "… التي هي أصح من صحيح الحاكم"1.
3- (المعرفة والتاريخ) ليعقوب بن سفيان الفسوي (ت277هـ) .
قال ابن القَيِّم: "وهو كتاب جليل، غزير العلم، جمُّ الفوائد"2.
4- (تفسير البغوي) للحسن بن مسعود البغوي (ت516هـ) .
قال ابن القَيِّم: "… الذي هو شَجَىً3 في حُلُوق الْجَهْمِيَّة والْمُعَطِّلَة"4. وقال أيضاً: "… الذي اجتمعت الأمة على تلقِّي تفسيره بالقبول، وقراءته على رؤوس الأشهاد من غير نكير"5.
5- (غريب الحديث) لأبي عبيد القاسم بن سلاَّم (ت224هـ) .
قال ابن القَيِّم: "الذي هو لمن بعده من كتب الغريب إمام"6.
6- (السنة) : وهو (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) . لأبي القاسم اللالكائي.
__________
1 الصواعق المرسلة: (2/626) ، وإغاثة اللهفان: (1/287) .
2 إعلام الموقعين: (3/83) .
3 الشَّجَا: ما اعترض في حَلْق الإنسان والدابة من عظم أو عود أو غيرهما، وقد شَجِيَ، يَشْجَى، شجاً. (لسان العرب ص: 2203) .
4 إجتماع الجيوش الإسلامية: (ص122) .
5 المصدر السابق: (ص165) .
6 أحكام أهل الذمة: (2/524) .
(1/273)
قال ابن القَيِّم: "وهو من أجلِّ الكتب"1.
7- (الرد على الجهمية) :
8- (النقض على بشر المريسي) : كلاهما لعثمان بن سعيد الدارمي.
قال ابن القَيِّم رحمه الله: "وكتاباه من أَجَلِّ الكتب الْمَصَنَّفَةِ في السنة وَأَنْفَعِهَا، وينبغي لكل طالب سُنَّةٍ مراده الوقوفُ على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كِتَابَيْهِ، وكان شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة -رحمه الله- يُوصي بهذين الكتابين أشد الوصية، ويعظمهما جداً"2.
9- (فرع الصفات في تقريع نفاة الصفات) : لأبي العباس المظفري.
قال ابن القَيِّم: "وهو - على صِغَرِ حجمه - كتابٌ جليلٌ، غزير العلم"3.
10- (أقسام اللَّذَّات) : لفخر الدين الرازي.
قال ابن القَيِّم: "وهو كتاب مفيد"4.
__________
1 اجتماع الجيوش الإسلامية: (ص121) .
2 المصدر السابق: (ص143) .
3 المصدر السابق: (ص196) .
4 المصدر السابق: (ص194) .
(1/274)
ومن الكتب التي انتقدها وبيَّنَ بعض المآخذ عليها:
1- (سنن ابن ماجه) :
قال ابن القَيِّم في حديث: «من مات مريضاً مات شهيداً": "من أفراد ابن ماجه، وفي أفرادِهِ غَرَائبُ ومُنْكَراتٌ"1. ونقل كلاماً في هذا المعنى عن شيخيه: ابن تَيْمِيَّة، والمزي2.
2- (المستدرك) : للحاكم.
قال يرد على الحاكم في حكمه على حديث بأنه على شرط سلم وليس هو كذلك: "وهذا وأمثاله هو الذي شَانَ كِتَابَهُ وَوَضَعَهُ، وجعل تَصْحِيحَهُ دون تحسين غيره"3.
3- (حقائق التفسير) : لأبي عبد الرحمن السُّلمي (ت 412هـ) .
قال ابن القَيِّم: "… التفاسير المستنكرة المستكرهة، التي قُصِدَ بها الإغراب والإتيان بخلاف ما يَتَعَارَفُهُ النَّاس؛ كَحَقَائِق السُّلَمي وغيره، مما لو تُتُبِّعَ وبُيِّنَ بُطلانه، لجاءَ عِدَّة أسفار كِبَار"4.
ومن المصادر التي ذكر معلومات تعريفية إيضاحية عنها:
1- (مسند الإمام أحمد) :
قال رحمه الله: "الإمام أحمد لم يشترط في مسنده الصحيح ولا
__________
1 الروح: (ص110) .
2 زاد المعاد: (1/435) .
3 المنار المنيف: (ص21) .
4 الصواعق المرسلة: (2/696) .
(1/275)
التزمه، وفي مسنده عِدَّة أحاديث سُئِل هو عنها، فَضَعَّفَهَا بعينها وأَنْكَرَهَا"1.
2- (الكامل في ضعفاء الرجال) : لأبي أحمد بن عَدِيّ (ت365هـ) .
قال ابن القَيِّم رحمه الله: "وهو إنما يذكر فيه غالباً الأحاديث التي أُنْكِرَت على من يذكر ترجمته"2.
3- (خصائص المسند) : لأبي موسى المديني.
قال: "وقد صَنَّفَ الحافظ أبو موسى المديني كتاباً ذكر فيه فضائل المسند وخَصَائِصَهُ"3.
4- (جامع الأصول) : لابن الأثير الجزري (ت606هـ) .
قال ابن القَيِّم: "رزين بن معاوية صاحب (تجريد الصحاح) … وعلى كتابه التجريد اعتمد صاحب (جامع الأصول") 4.
وبعد، فهذه أمثلة لِمَا جاء عن ابن القَيِّم - رحمه الله - من كلام في تقويم مصادره والتعريف بها، وفي هذه الأمثلة تظهر شخصيته المتميزة، وأثرها في نقد مصادره - سلباً أو إيجاباً - نقداً مفيداً بنَّاءً، مما يجعل لهذه الأقوال وزنها في التعريف بهذه المصادر، والوقوف على مكانتها وقيمتها.
__________
1 الفروسية: (ص46) .
2 الفروسية: (ص51) .
3 الفروسية: (ص49) .
4 مختصر الصواعق: (2/368) .
(1/276)
ويؤكد هذا النقد - في الوقت ذاته - حقيقة أخرى، وهي: يقظة ابن القَيِّم وهو يستفيد من هذه المصادر، ومعرفته بأحوالها، وتمييزه بين غَثِّهَا وسمينها.
المسألة الثالثة: في ذكر مصادر ابن القَيِّم الحديثية.
وبعد أن استعرضنا منهج ابن القَيِّم في الاستفادة من مصادره، والنقل عنها، رأيت أن أسوق جملة من هذه المصادر، مع الإشارة إلى أبرز استفادته منها في مؤلفاته ما أمكن، وذلك لتكون أمثلة واقعيةً وتطبيقاً عملياً لما تقدم من الكلام على مصادره وسماتها.
وقد كنت جمعت كل ما رأيته من ذلك في كتب ابن القَيِّم المختلفة، إلا أنني لَمَّا وقفت على كتاب الشيخ بكر أبي زيد -حفظه الله-: (موارد ابن القَيِّم في كتبه) التي بلغت عنده (569) كتاباً، رأيت أن اقتصر من ذلك على ذكر أهم مصادره وأبرزها في الحديث وعلومه فقط؛ إذ إن ذلك ألصق بموضوع هذا البحث، ومن أراد الزيادة على ذلك فعليه بكتاب الشيخ بكر آنف الذكر.
وقد شجَّعني على المضي في ذكر ذلك أنني وجدت بعض المصادر التي وقفت عليها غير موجودة في قائمة الشيخ بكر أبي زيد.
وسأُعْرِضُ في هذه القائمة عن ذكر الكتب التي يكثر ورودها عند ابن القَيِّم؛ كالكتب الستة وغيرها من الدواوين المشهورة؛ وذلك تجنباً للإطالة؛ إذ ليس القصد من ذلك الاستقصاء والحصر، وإنما القصد عرض نماذج تكون أمثلة لما وراءها، ومنبئة عن مثيلاتها، وأسوق ذلك كله مرتباً على حروف الهجاء.
(1/277)
1- (الأحاديث الجِيَادُ المختارةُ) للضياء المقدسي:
إغاثة اللهفان: (1/287) ، تهذيب السنن: (7/337) ، مختصر الصواعق: (2/404) . وذكرها باسم: (المختارة) .
2- (اختلاف الحديث) للشافعي:
زاد المعاد: (1/379) ، (2/156) .
3- (الأدب المفرد) للبخاري:
تحفة المودود: (132) ، مدارج السالكين: (2/167) .
4- (الأذكار) للنووي:
جلاء الأفهام: (260) .
5- (الإرشاد) للخليلي:
المنار المنيف: (116) .
6- (الاستيعاب) لابن عبد البر:
اجتماع الجيوش: (64) ، جلاء الأفهام: (244) - وسماه فيه: الصحابة - تحفة المودود: (104) .
7- (الأطراف) لأبي القاسم ابن عساكر: وهو أطراف السنن الأربعة.
زاد المعاد: (5/276، 627) ، تهذيب السنن: (3/313) .
8- (الأفراد) للدارقطني:
زاد المعاد: (1/383) ، (4/60) .
9- (بيان الوهم والإيهام) لابن القطان:
زاد المعاد: (2/276) ، تهذيب السنن: (1/356) .
(1/278)
10- (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة: ذكره باسم: (اختلاف الحديث) .
زاد المعاد: (4/150) ، مفتاح دار السعادة: (2/264) .
11- (التاريخ) لابن أبي خيثمة:
زاد المعاد: (5/15) ، تهذيب السنن: (3/401) ، (7/114) ، الفروسية: (41) .
12- (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي:
اجتماع الجيوش الإسلامية: (209) ، شفاء العليل: (428) ، الجواب الكافي: (335) ، مفتاح دار السعادة: (1/165) .
13- (التاريخ الكبير) للبخاري:
تهذيب السنن: (1/136، 363) ، (2/292، 376) ، (3/134) ، زاد المعاد: (3/508) ، (5/626) ، جلاء الأفهام: (12) ، المنار المنيف: (85) ، تحفة المودود: (120، 225) ، الطرق الحكمية: (234) .
14- (تجريد الصحاح) لرزين بن معاوية العبدري:
زاد المعاد: (1/491) .
15- (الترغيب والترهيب) لأبي موسى المديني:
الروح: (110) .
16- (التقاسيم والأنواع) : وهو (صحيح ابن حبان) :
ذكره بهذا الاسم في: عدة الصابرين: (166) . ونقل عنه في غيره كثيراً.
(1/279)
17- (التمهيد) لابن عبد البر:
اجتماع الجيوش الإسلامية: (75، 76) ، زاد المعاد: (5/360) ، الروح: (112) ، الفروسية: (11/42) ، جلاء الأفهام: (180) ، مختصر الصواعق: (2/310) ، تهذيب السنن: (7/102، 116) .
18- (التمييز) للإمام مسلم:
تهذيب السنن: (2/284) .
19- (تهذيب الآثار) لابن جرير الطبري:
زاد المعاد: (4/368) ، الفروسية: (70) .
20- (تهذيب الكمال) : للمزي:
زاد المعاد: (5/709، 722) ، جلاء الأفهام: (12، 34) ، الفروسية: (3) .
21- (الثقات) لابن حبان:
جلاء الأفهام: (12، 20) ، زاد المعاد: (5/680، 681) ، مختصر الصواعق: (2/404) .
22- (الثَّقَفِيَّات) لأبي العباس الثقفي:
اجتماع الجيوش: (60) ، جلاء الأفهام: (36) ، هداية الحيارى: (127) .
23- (الجامع) لابن وهب:
مفتاح دار السعادة: (2/236) .
24- (الجامع) لسفيان الثوري:
زاد المعاد: (2/311) ، تهذيب السنن: (6/324) .
(1/280)
25- (الجامع) لمعمر:
زاد المعاد: (3/21) .
26- (الجامعُ لذكرِ أَئِمَّةِ الأمصار الْمُزَكِّين لرواة الأخبار) للحاكم:
بدائع الفوائد: (3/195) .
27- (جزء الحسن بن أحمد بن نفيل) :
جلاء الأفهام: (17) .
28- (الجمع بين الصحيحين) لعبد الحق:
حادي الأرواح: (358) .
29- (حديث الحسن بن علي الجوهري) :
زاد المعاد: (4/258) .
30- (حلية الأولياء) لأبي نعيم:
الجواب الكافي: (68) .
31- (الخلافيات) للبيهقي:
المنار المنيف: (138) .
32- (الدعوات الكبير) للبيهقي:
الوابل الصيب: (192، 202) .
33- (الذكر) للفريابي:
الوابل الصيب: (202) .
34- (السنن) لابن أبي حاتم1:
الصلاة: (25، 47) .
__________
1 ذُكِرَ أنه صنف (مسنداً) في ألف جزء.
(1/281)
35- (السنن) للأثرم:
زاد المعاد: (1/227) ، (2/170، 188، 194) ، إعلام الموقعين: (3/55) ، إغاثة اللهفان: (1/140، 141، 270) .
36- (السنن الكبرى) للنسائي:
زاد المعاد: (1/303) ، (2/331، 389) ، (5/677) ، الوابل الصيب: (143) ، بدائع الفوائد: (4/101) .
37- (سنن حرملة) :
زاد المعاد: (1/510) .
38- (الشمائل) للترمذي:
زاد المعاد: (4/307) .
39- (صحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) :
عدة الصابرين: (64، 98) .
40- (الضعفاء) للعقيلي:
عدة الصابرين: (204) .
41- (الضعفاء) لابن الجوزي:
الجواب الكافي: (367) .
42- (الضعفاء) للذهبي:
زاد المعاد: (2/131) .
43- (الطبقات الكبرى) لابن سعد:
زاد المعاد: (3/28، 409) ، جلاء الأفهام: (6، 264) ، الفوائد: (150) ، هداية الحيارى: (89) .
(1/282)
44- (طبقات أصحاب الشافعي) للعباداني:
زاد المعاد: (5/182) .
45- (علل حديث الزهري) : للذهلي، المعروف بالزهريات:
تهذيب السنن: (1/107، 392) .
46- (العلل) لعبد الله بن الإمام أحمد:
تهذيب السنن: (1/124) ، مفتاح دار السعادة: (1/169) .
47- (العلل) للخلاَّل:
مفتاح دار السعادة: (1/164) .
48- (العلل) للترمذي:
زاد المعاد: (2/385) ، تهذيب السنن: (1/80، 137) ، (3/134) ، (5/232) ، إعلام الموقعين: (2/352) ، الصلاة: (108) ، إغاثة اللهفان: (1/270) وغير ذلك.
49- (علل الحديث) لابن أبي حاتم:
جلاء الأفهام: (34) ، تهذيب السنن: (1/110، 368) ، بدائع الفوائد: (3/197) ، الفروسية: (41) .
50- (العلل) للدارقطني:
جلاء الأفهام: (6، 187) ، تهذيب السنن: (1/26، 184) ، الفروسية: (50) .
51- (العلل المتناهية) لابن الجوزي:
إغاثة اللهفان: (1/315) .
52- (علوم الحديث) للحاكم. وهو: (معرفة علوم الحديث) :
زاد المعاد: (5/434) ، تهذيب السنن: (7/107، 294) ، اجتماع الجيوش الإسلامية: (117) .
(1/283)
53- (علوم الحديث) لابن الصلاح:
رسالة الموضوعات: (ق 47/أ) .
54- (غرائب مالك) للدارقطني:
روضة المحبين: (100) .
55- (غريب الحديث) لأبي عبيد القاسم بن سلاَّم:
تهذيب السنن: (3/426) ، أحكام أهل الذمة: (2/524) .
56- (غريب الحديث) للخطَّابي:
زاد المعاد: (4/173) .
57- (الغَيْلانِيَّاتِ) وهو (الفوائد المنتخبة العوالي عن الشيوخ الثقات) لأبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي:
زاد المعاد: (4/339، 404) ، اجتماع الجيوش الإسلامية: (210) ، إعلام الموقعين: (2/334) .
58- (الفصلُ للوَصْلِ الْمُدْرِجِ في النقل) للخطيب البغدادي:
تهذيب السنن: (5/399) ، جلاء الأفهام: (188) .
59- (فوائد أبي بكر بن عاصم) :
تهذيب السنن: (6/21) .
60- (فوائد أبي سعيد القاص) :
جلاء الأفهام: (18) .
61- (فوائد أبي الفرج الثقفي) لأبي الخير بن حمدان:
مختصر الصواعق: (2/380) .
62- (الفوائد) لِتَمَّام:
مختصر الصواعق: (2/405) .
(1/284)
63- (الكامل في ضعفاء الرجال) لابن عدي:
زاد المعاد: (2/415) ، (4/258، 277) ، (5/754) ، الجواب الكافي: (366) ، روضة المحبين: (121) ، الفروسية: (51) ، إعلام الموقعين: (4/167) .
64- (الكفاية في علم الرواية) للخطيب البغدادي:
اجتماع الجيوش الإسلامية: (95) .
65- (المترجم) لأبي إسحاق الجوزجاني:
الفروسية: (20، 39) .
66- (المراسيل) لأبي داود:
زاد المعاد: (1/232) ، (2/332) ، (4/300، 333) ، تهذيب السنن: (3/437) ، الفروسية: (33) ، الطرق الحكمية: (325) ، مختصر الصواعق: (1/89) .
67- (المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين) لابن حبان:
الفروسية: (44) وسماه: الضعفاء.
68- (المستخرج) للبرقاني:
أحكام أهل الذمة: (2/633) ، حادي الأرواح: (427) ، طريق الهجرتين: (681) .
69- (مسند إسحاق بن راهويه) :
شفاء العليل: (18) ، طريق الهجرتين: (690) .
70- (مسند بقي بن مخلد) :
المنار المنيف: (122) ، زاد المعاد: (1/446) ، (2/388) .
(1/285)
71- (مسند الحارث بن أبي أسامة) :
زاد المعاد: (1/411) ، (4/260) ، عدة الصابرين: (166) ، روضة المحبين: (428) ، المنار المنيف: (147) .
72- (مسند الحسن بن سفيان) :
تهذيب السنن: (7/110) ، زاد المعاد: (1/369) .
73- (مسند الحمَّاني) يحيى بن عبد الحميد الحماني:
المنار المنيف: (147) .
74- (مسند الروياني) :
جلاء الأفهام: (47) .
75- (مسند السَرَّاج) محمد بن إسحاق:
روضة المحبين: (113) .
76- (مسند ابن أبي شيبة) :
زاد المعاد: (4/180) ، جلاء الأفهام: (15) .
77- (مسند عبد بن حميد) :
الروح: (108) ، جلاء الأفهام: (6) .
78- (مسند علي) للنسائي:
جلاء الأفهام: (12) .
79- (مسند عمر) للإسماعيلي:
جلاء الأفهام: (27، 28) ، الطرق الحكمية: (17) .
80- (مسند ابن منيع) :
جلاء الأفهام: (53) .
(1/286)
81- (مسند يعقوب بن سفيان) :
روضة المحبين: (431) ، الطرق الحكمية: (67، 68) .
82- (مسند أبي مسلم الليثي) :
روضة المحبين: (374) .
83- (مصنف وكيع) :
زاد المعاد: (4/257) ، (5/440، 602) .
84- (المعجم) لأبي نعيم:
مفتاح دار السعادة: (1/120) .
85- (معرفة السنن والآثار) للبيهقي:
الروح: (187) ، زاد المعاد: (1/379) .
86- (معرفة الصحابة) لأبي نعيم:
زاد المعاد (3/672) .
87- (معرفة الصحابة) لابن منده:
جلاء الأفهام: (11) ، تهذيب السنن: (1/361) .
88- (المعرفة والتاريخ) ليعقوب بن سفيان الفَسَوِي:
إعلام الموقعين: (3/83) ، الطرق الحكمية: (64) .
89- (المغني في الضعفاء) للذهبي:
رسالة الموضوعات: (ق51/أ) .
90- (الموضوعات) لابن الجوزي:
المنار المنيف: (63) ، عدة الصابرين: (204) ، زاد المعاد: (4/277) .
91- (موطأ القعنبي) :
الفروسية: (29) .
(1/287)
92- (موطأ يحيى بن بكير) :
جلاء الأفهام: (205) .
93- (الناسخ والمنسوخ) لأبي جعفر النَّحَّاس:
زاد المعاد: (5/670) ، إعلام الموقعين: (2/70) .
94- (الناسخ والمنسوخ) : لابن العربي المعافري المالكي:
تهذيب السنن: (3/128) .
95- (الناسخ والمنسوخ) : للأثرم:
إغاثة اللهفان: (1/189) .
96- (الناسخ والمنسوخ) لأبي عبيد:
الطرق الحكمية: (192) .
97- (الناسخ والمنسوخ) : لأبي داود:
بدائع الفوائد: (4/170) .
98- (النهاية في غريب الحديث) لابن الأثير:
زاد المعاد: (1/161) .
وبعد، فهذه أهم المصادر الحديثية التي وقفت عليها، مما أودعه ابن القيم - رحمه الله - في كتبه، مستفيداً منها وناقلاً عنها.
(1/288)

========


( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها
المبحث الرابع: دراسةُ بعض مؤلفات ابن القَيِّم
لقد وقع اختياري على بعض كتبه الحديثية لتقديم صورة واقعية عن منهج ابن القَيِّم في مؤلفاته الحديثية بصورة خاصة، بعد أن استعرضت منهجه في مؤلفاته على وجه العموم.
والكتب التي تشملها هذه الدراسة هي:
1- (تهذيب سنن أبي داود) .
2- (المنار المنيف في الصحيح والضعيف) .
3- (رسالة فيها فوائد حديثية) .
(1/289)
أولاً: (تهذيب سنن أبي داود)
1- تسمية الكتاب:
لم ينص ابن القَيِّم - رحمه الله - في مقدمة الكتاب على تسميته كما هو الحال في بعض كتبه، ولكنه سماه في كتابه: (زاد المعاد) 1، فقال عند كلامه على نوم الجُنُب دون أن يمس ماءً: "وقد أشبعنا الكلام عليه في كتاب: تهذيب سنن أبي داود، وإيضاح علله ومشكلاته".
وقد وافق ابن القَيِّم على هذه التسمية من مترجميه: الصَّفَدِي رحمه الله، فذكر هذا الاسم بحروفه2.
أما ابن رجب رحمه الله، فقد سَمَّاه: (تهذيب سنن أبي داود، وإيضاح مشكلاته، والكلام على ما فيه من الأحاديث المعلولة) 3. وتبعه على ذلك: الداودي4، وابن العماد5.
وهذه التسمية وإن اختلفت عن تسمية المؤلف، إلا أنها لا تبعد عنها كثيراً، وقد راعى ابن رجب في إطلاقها موضوع الكتاب، كما نصَّ عليه ابن القَيِّم في خطبته.
وقد سَمَّاه ابن القَيِّم في مناسبة أخرى تسمية مختصرة، فقال:
__________
(1/154) .
2 الوافي بالوفيات: (2/271) .
3 ذيل طبقات الحنابلة: (2/449) .
4 طبقات المفسرين: (2/92) .
5 الشذرات: (6/169) .
(1/290)
(تهذيب السنن) 1، وبهذه التسمية عُرِف الكتاب واشتهر.
ومما سبق يتبين: أن ما ذكره الشيخ بكر أبو زيد2 من اتفاق جميع المترجمين لابن القَيِّم على اسم واحد للكتاب- وهو ما ذكره ابن رجب - غير صحيح، فقد تقدم أن الصَّفَدِي خالف في ذلك، وجاءت تسميته موافقة لتسمية ابن القَيِّم.
2- موضوع الكتاب:
الكتاب في الأصل: تهذيب لمختصر المنذري لسنن أبي داود، وإلى هذا أشار ابن القَيِّم - رحمه الله - في خطبته، فقال: "وكان الإمام ... المنذري - رحمه الله تعالى - قد أحسن في اختصاره وتهذيبه، وعزوِ أحاديثه، وإيضاح علله وتقريبه … جعلتُ كتابَهُ أفضلَ الزادِ، واتخذته ذخيرةً ليوم المعاد، فَهَذَّبْتُهُ نحو ما هَذَّبَ هو به الأصل"3.
ولكن: هل كان كتاب ابن القَيِّم مجرد اختصار وتهذيب لكتاب المنذري؟
إن الدارس لحياة ابن القَيِّم العلمية، والباحث في أعماله التأليفية، لا يجد للمهذبات والمختصرات مكاناً بين كتبه؛ إذ إن ابن القَيِّم كان عنده الجديد الذي يرغب في تقديمه، فقد كان - رحمه الله - بحراً لا ساحل له، ولانهاية لعطائه وفوائده الغزيرة، فَلِمَ يشتغل مثله بالمختصرات والتهذيبات؟
__________
1 بدائع الفوائد: (2/177) .
2 ابن قيم الجوزية - حياته وآثاره: (ص144) .
3 تهذيب السنن: (1/9) .
(1/291)
فالناظر في كتابه (تهذيب السنن) يدرك لأول وهلة: أنه وإن كان يصدق عليه وصف الاختصار، إلا أنه في الحقيقة ليس إلا موسوعة من موسوعات ابن القَيِّم العلمية: في الحديث وعلومه، والفقه وأحكامه، وقد أشار - رحمه الله - في خطبته إلى ذلك، فقال: " ... وزدت عليه - يعني كتاب المنذري - من: الكلام على عللٍ سكت عنها أو لم يكملها، والتعرض إلى تصحيح أحاديث لم يُصَحِّحْها، والكلام على متون مُشْكِلَةٍ لم يفتح مُقْفَلَهَا، وزيادة أحاديث صالحة في الباب لم يُشر إليها، وبسطت الكلام على مواضع جليلة لعل الناظر المجتهد لا يجدها في كتاب سواه، فهي جديرة بأن تُثْنَى عليها الخناصر، ويُعَضُّ عليها بالنواجذ"1.
فهكذا يُحَدِّدُ ابن القَيِّم موضوع كتابه، ويصف ما أودعه من علوم بين طيَّاته، وعلى هذا فإنَّ تسمية المؤلف للكتاب - التي مر ذكرها عنه - مطابقةٌ تماماً لموضوع كتابه، فهو: تهذيب، وشرح، وبيانٌ، وتعقب، واستدراك، وغير ذلك.
3- منهج المؤلف في الكتاب:
إن الحديث عن منهج ابن القَيِّم في هذا الكتاب قد تقدم ذكره عند الكلام على المنهج التأليفي العام لابن القَيِّم في كتبه، كما سيأتي شيء من ذلك - أيضاً - عند الحديث على منهجه في شرح الحديث والاستنباط منه، إلا أنه - مع ذلك - يمكن الإشارة إلى بعض الملاحظات التي يَتَمَيَّزُ بها هذا الكتاب عن غيره من مؤلفاته، مع إبراز النقاط التي نصَّ عليها في خطبة كتابه، فمن ذلك:
__________
1 تهذيب السنن: (1/9 - 10) .
(1/292)
أولاً: الحكم على الحديث وبيان علله التي سَكَتَ عنها المنذري أو لم يُكَمِّلها.
فتارةً يحكم على الحديث الذي سكت المنذري عن الحكم عليه وبيان علته، فقد سكتَ المنذري عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ السِّجل كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم ". فقال ابن القَيِّم: "سمعت شيخنا أبا العباس بن تيمية يقول: هذا الحديث موضوع ... "1.
وتارةً يُورِدُ ما أُعلَّ به الحديث الذي سَكَتَ عنه المنذري، للجواب عن هذه العلل وإثبات صحة الحديث، وهذا كثير في كتابه؛ فقد سكت المنذري عن حديث أنس رضي الله عنه في تخليل اللحية، فنقل ابنُ القَيِّم إعلال ابن حزم وابن القطَّان له، ثم رد عليهما بقوله: "وفي هذا التعليل نظر"2. ثم أخذ في الجواب عن ذلك.
وذكر إعلالَ ابن حزم لحديث عائشة - رضي الله عنها - في اعتزال النبي لهن وهن حُيّض - وقد سكت عنه المنذري - ثم قال: "وما ذكره ضعيف ... فالحديث غير ساقط"3.
وذكر إعلالَ ابن القطان حديث زينب بنت أبي سلمة في المرأة ترى ما يَرِيبُهَا بعد الطهر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما هو عِرْقٌ". ثم قال: "وهذا تعليل فاسد …"4.
__________
1 تهذيب السنن: (4/196) .
2 تهذيب السنن: (3/107) .
3 تهذيب السنن: (1/177) .
4 تهذيب السنن: (1/189) .
(1/293)
والأمثلة على ذلك كثيرة، فحين يكون الحديث مُتَكَلَّماً فيه ويسكت المنذري عن بيان ذلك، نجده يذكر ما أُعِلَّ به الحديث، والجواب عنه وردَّ عِلَّتِهِ، هذا بالإضافة إلى ما سكت عنه المنذري وهو معلول حقاً، كما تقدم مثاله.
وأما ما ذكر المنذري بعض علله ولم يكمل باقيها، فمثاله: أن المنذري ذَكَرَ بعض ما أُعِلَّ به حديث ميراثِ ابن الملاعنة، وترك بعضها، فقال ابن القَيِّم: "وأُعِلَّ أيضاً: بعبد الواحد بن عبد الله بن بسر النَّصْرِيِّ، راويه عن واثلة، قال ابن أبي حاتم: … لا يُحْتَجُّ به"1.
ثانياً: الكلام على المتون الْمُشْكِلَةِ.
فكثيراً ما كان ابن القَيِّم - رحمه الله - يَعْمَدُ إلى بعض الأحاديث الْمُشْكِلَةِ، فيحاول دفع إِشْكَالاتِهَا، وإزالة غُمُوضِهَا وإِبْهَامِهَا.
فمن ذلك: ما جاء في حديث عليّ رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه رشَّ رجليه بالماء وهما في النعلين، قال ابن القَيِّم: "هذا من الأحاديث الْمُشْكِلَةِ جِداً، وقد اختلفتْ مَسَالك الناس في دفع إِشْكَالِه…". ثم ذكر سبعة من هذه المسالك، وبين رأيه هو2.
ثالثاً: زيادة أحاديث في الباب لم يُشر المنذري إليها.
وقد فَعَلَ ابن القَيِّم رحمه الله هذا كثيراً، فيقول: وفي الباب حديث فلان. وقد يتوسع في ذلك فيذكر كل من روى أحاديث الباب، مع
__________
1 تهذيب السنن: (4/177) .
2 تهذيب السنن: (1/95 - 98) ، وانظر أمثلة أخرى في: (3/179) ، (4/102) .
(1/294)
قيامه- في بعض الأحيان - بتخريجها، والكلام على طرقها1.
وستأتي الإشارة إلى شيء من ذلك - أيضاً - عند الكلام على منهجه في التخريج.
رابعاً: زيادة بعض الأبواب مما لم يرد في (سنن أبي داود) .
ولم يكتف ابن القَيِّم - رحمه الله - بزيادة أحاديث في بعض الأبواب، بل قام بزيادة بعض الأبواب التي لم ترد في (سنن أبي دود) ، مما رأى أن الأمر يستدعي إثباتها، مع إدخالها في المكان الملائم لها، وإيراد جملة من الأحاديث تحتها، فمن ذلك:
أنه زاد في كتاب "الديات" - بعد قول أبي داود: باب فيمن تَطَبَّبَ بغير علم - بابين:
- أحدهما: باب لا يُقْتَصُّ من الجرح قبل الاندمال.
- والثاني: باب من اطلع في بيت قومٍ بغير إذنهم.
ثم قال رحمه الله: "ولم يَذْكُرْ أبو داود هذا الباب ولا الذي قبله، ولا أَحَادِيْثَهُمَا، فذكرناهما للحاجة، والله أعلم"2.
خامساً: بسط الكلام على بعض المسائل، والتوسع في بحثها.
ففي كثير من المواطن نجد أن ابن القَيِّم يتوسع في الكلام: إما
__________
1 انظر أمثلة لذلك في تهذيب السنن: (1/133) ، (5/99، 229، 317) ، (7/3، 60، 135) .
2 تهذيب السنن: (6/379 - 380) .
(1/295)
بشرح حديث وبيان معانيه، كما في حديث تلبية النبي صلى الله عليه وسلم 1، أو مناقشة علله، كما في حديث القلتين2، أو ذكر مذاهب العلماء في مسألة، وأدلة كل فريق، وبيان الراجح من ذلك، وهذا كثير جداً في كتابه3، أو ذكر ما تَضَمَّنَتْهُ أحاديثُ الباب من أحكام، وما اشتملت عليه من فوائد4.
سادساً: تَعَقُّبُ المنذري في بعض المسائل.
وأكثر هذه التعقبات إنما وَقَعَتْ في القضايا الحديثية، وما يتعلق بها:
- فتارةً يرد إعلال المنذري حديثاً، ويجيب عن ذلك مُبَيِّنَاً ثبوت الحديث، وعدم صحة ما أُعِلَّ به5.
- وتارةً يُعِلُّ المنذري حديثاً، فيرى ابن القَيِّم أنَّ له عِلَّةً أقوى من التي ذكر المنذري6.
- وتارةً يردُّ عليه وهْمَهُ في تخريج بعض الأحاديث7.
- وتارة يتعقب المنذري في تعقبه لأبي داود8.
__________
1 تهذيب السنن: (2/335 - 340) .
2 تهذيب السنن: (1/56 - 74) .
3 انظر: تهذيب السنن: (2/308، 320، 345، 382) ، (4/96، 138) ، (5/111، 297) ، (6/336) .
4 تهذيب السنن: (2/344) ، (5/144) .
5 انظر: تهذيب السنن: (1/128، 148) ، (4/170، 315) ، (5/222) ، (7/94) .
6 تهذيب السنن: (2/316) .
7 تهذيب السنن: (5/419 - 420) .
8 تهذيب السنن: (3/134) .
(1/296)
- ويشتد تعقبه للمنذري إذا رآه يسكت عما لا ينبغي السكوت على مثله، ففي حديث عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم - اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال «قال ابن القَيِّم رحمه الله: "لم يتكلم المنذري على هذا الحديث، وهو وهم ... "1.
إلى غير ذلك من الأمور التي تعقب فيها المنذري.
4- قيمة الكتاب:
من خلال ما تقدم من عرض لموضوع الكتاب، وبيان لمنهج ابن القَيِّم فيه، يمكن لنا أن نقول: إن هذا الكتاب يعد موسوعة حديثية جامعة، يجد المطالع فيها:
1- شرح الأحاديث وتوضيح معانيها.
2- استنباط أحكامها واستخراج فقهها.
3- حلَّ مُشْكِلاتِها وفتح مُقْفَلاتها.
4- التوفيق بين ما ظاهره التعارض منها.
5- الكلام على عللها، وبيان صحيحها وضعيفها.
6- مع جمع أحاديث بعض الأبواب واستيفاء ما ورد فيها.
إلى غير ذلك من الفوائد التي يجدها الناظر منثورة في ثنايا هذا الكتاب وبين صفحاته.
5- طبعات الكتاب:
اشتهر الكتاب بتلك الطبعة التي وقعت في ثمانية مجلدات، حيث
__________
1 تهذيب السنن: (2/423) .
(1/297)
طُبعَ معه في هذه المجلدات: (مختصر سنن أبي داود) للمنذري و (معالم السنن) للخطابي، وجاء (تهذيب) ابن القَيِّم في ذيل الصفحة.
وقد حقق هذه الطبعة الشيخ/ محمد حامد الفقي، وشَارَكَهُ في الأجزاء الثلاثة الأولى منها: العلامة المحدث/ أحمد محمد شاكر رحمه الله، وكان الفراغ من طبعه في سنة 1369هـ.
وهذه الطبعة - مع ما بُذِلَ فيها من جهد - فإنها مليئة بالأخطاء والتصحيفات، مع شيء من السقط لبعض الكلمات في بعض الأحيان القليلة، ولذلك فإن على المراجع لهذا الكتاب أن يكون يقظاً لمثل ذلك:
ومن الأمثلة لتلك الأخطاء والتصحيفات:
- ابن خزيمة (1/183) صوابه: ابن حزم.
- يحيى بن سعيد (1/29) صوابه: بجير بن سعيد.
- أخيه عبد ربه (3/309) صوابه: أخيه يحيى.
- عن سعيد (3/312) صوابه: عن شعبة.
- المقبري (3/312) صوابه: المقرئ.
- الخزاعي (3/309) صوابه: الحراني.
- محمد المنكدر (3/313) صوابه: محمد بن المنكدر.
- حسين بن عبد الله (4/30) صوابه: حيي بن عبد الله.
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً.
كما أن من الأمور التي ينبغي التنبيهُ عليها: أن كتاب ابن القَيِّم لم يكن منفصلاً بالشكل الذي هو عليه الآن، وإنما كان على شكل تعليقات
(1/298)
على كلام المنذري مختلطة معه، ولا يمكن تمييزها عنها وفصلها إلا بالمقابلة الدقيقة بين كتاب ابن القَيِّم ومختصر المنذري لتمييز الزيادات.
وقد قام بتجريد كلام ابن القَيِّم: محمد بن أحمد المسعودي، وتَرَكَ بعضاً من كلام ابن القَيِّم، حيث يقول: "ولست أدَّعي الإحاطة بجميع ما كتبه، بل الغالب والأكثر، وقد سقط منه القليل جداً لتعذركتابته، فعساه زاد لفظة أو لفظات في أثناء الكلام، فلم يُمْكِنُنِي إفرادها لاتصالها بكلام كتبه المنذري"1.
وجاء في آخر النسخة - أيضاً - قول ابن القَيِّم رحمه الله: "وَقَعَ الفراغ منه في الحِجْر - حجر إسماعيل شرَّفَه الله تعالى - تحت الْمِيْزَاب - ميزابِ الرَّحمة في بيت الله - آخر شوال، سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة (732هـ) وكان ابتداؤه في رجب من السنة المذكورة"2. فيكون قد عَلَّقَه في مدة أربعة أشهر.
كما أن للكتاب طبعة قديمة في دهلي بالهند، سنة 1891هـ، في (154) صفحة3. والظاهر أن هذه الطبعة اقتصر فيها على تهذيب ابن القيم وحده، ولم أتمكن من الوقوف عليها.
__________
1 انظر ما جاء في آخر (تهذيب السنن) : (8/119 - 120) .
2 تهذيب السنن: (8/122) .
3 معجم ما طبع من كتب السنة (ص 94 - 95) .
(1/299)
ثانياً: (الْمَنَارُ الْمُنِيفُ في الصَّحِيح والضَّعِيفِ) :
1- تسمية الكتاب:
لم ينص ابن القَيِّم على اسم لهذا الكتاب في مقدمته، كعادته فيما يؤلفه إجابة على سؤال أو فتوى، ولم أر - أيضاً - تَسْمِيَتَهُ له ولا إشارته إليه في شيء من كتبه الأخرى.
أما الذين ترجموا لابن القَيِّم وسردوا مؤلفاته: فلم يذكر أحدٌ منهم كتاباً له باسم: (المنار المنيف) ، ولكن ذكر بعضهم كتاباً له باسم: (نَقْدُ الْمَنْقُول والْمَحَكُّ المميز بين المردُودِ والْمَقْبُولِ) كما تقدم الكلام على ذلك عند سرد مؤلفاته، وذكرت هناك: أن هذا الكتاب لعله هو نفسه (المنار المنيف) ؛ وذلك لمطابقة هذه التسمية- (نقد المنقول…) - للمادة الموجودة في (المنار) .
فلعل هذا الاسم هو الذي عُرفَ به قديماً، ثم عُرفَ بعد باسم (المنار المنيف) ، وبخاصة أنه قد طُبع مرةً باسم: (نقد المنقول أو المنار ... ) مما يؤكد وجود تلك العلاقة بين الكتابين، فالله أعلم.
وآخر طبعة للكتاب نشرت باسم: (المنار المنيف في الصحيح والضعيف) بتحقيق الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني، وإعداد وإخراج الأخ منصور السِّماري وذلك سنة 1419هـ. وبهذا الاسم ذكره السيوطي ونقل عنه في رسالة له باسم (الأوج في خبر عوج) 1، مما
__________
1 انظر: (الحاوي في الفتاوى) للسيوطي: (2/341) .
(1/300)
يؤكد أن هذا الاسم هو الذي اشتهر به الكتاب وعُرِفَ أخيراً1.
2- موضوع الكتاب:
يشتمل هذا الكتاب على إجابة ابن القَيِّم - رحمه الله - على ثلاثة أسئلة سُئل عنها، وهذه الأسئلة على ترتيب ورودها في الكتاب على النحو التالي:
السؤال الأول: ويشتمل على أربع مسائل، وهي:
1- السؤال عن حديث "صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك" وكيف يكون هذا التَّضْعِيفُ؟
2- وقوله في حديث جويرية: "لقد قلتُ بَعْدَكِ أربعَ كلمات، لو وُزِنَت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن".
3- وحديث "صيام ثلاثة أيام من كل شهر يقوم مقام صيام الشهر".
4- وحديث: "من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله ... ".
وقد قام ابن القَيِّم - رحمه الله - بالجواب عن هذا السؤال بمسائله الأربع، فبين حال هذه الأحاديث، مع ذكر جملة من الفوائد المتعلقة بها، وبخاصة: الكلام على تفاضل الأعمال وتفاوت درجاتها، وتفاوت قبولها تبعاً لذلك2.
__________
1 وينظر حول تسمية الكتاب: ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (192 - 194) ، ومقدمة المنار المنيف: (ص15 من طبعة أبي غدة) .
2 انظر: المنار المنيف: (ص19 - 43) .
(1/301)
السؤال الثاني: وهو لبُّ الكتاب، فقد سُئل ابن القَيِّم رحمه الله: هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن يُنْظَرَ في إسناده؟
وقد أخذ ابن القَيِّم - رحمه الله - في الجواب عن هذا السؤال - بعد أن بَيَّنَ أَهَمِّيَتَه وعظمَ شأنه - فذكر جملة من الضوابط والقواعد التي يمكن من خلالها معرفة ذلك، مع إيراد جملة من الأمثلة من الأحاديث الموضوعة تحت كل قاعدة. وقد ذَكَرَ ضمن ذلك جملةً من الأحكام الكُلِّيَّةِ الجامعة، كقوله: الأحاديث الواردة في ذلك كلها كذب، أو: لا يصح منها شيء، ونحو ذلك.
وهذا هو أهم أبواب الكتاب وأكبرها، وأكثرها فوائد1.
السؤال الثالث: عن حديث "لا مهدي إلا عيسى بن مريم"، وكيف يأتلف مع أحاديث المهدي وخروجه؟ وما وجه الجمع بينهما؟ وهل في المهدي حديث أم لا؟
فأخذ في الجواب عن ذلك، وذكر الأحاديث المتواترة في ذكر المهدي وأخباره، وقَسَّمَ الأحاديث الواردة في المهدي أربعة أقسام: صحاحٌ، وحسانٌ، وغرائب، وموضوعة. وأقوال العلماء في المهدي، وذكَرَ من خَرَجَ من الكَذَّابِيْن ممن ادَّعى أنه المهدي.
ومن هذا العرض يتضح لنا: أن هذا الكتاب يتضمن الكلام على جملة من الأحاديث، وبيان صحيحها من ضعيفها، وإزالة الإشكالات عن بعضها، والتوفيق بين ما يبدو متعارضاً منها، مع اشتماله بصورة أكبر على
__________
1 انظر: المنار المنيف: (ص43 - 141) .
(1/302)
مباحث مهمة في الأحاديث الموضوعة، وجملة من القواعد والضوابط لمعرفة الحديث الموضوع بالنظر إلى متنه دون إسناده.
ولا يخلو الكتاب - مع ذلك كُلِّهِ - من جملة من الفوائد والتعليقات، والشروح والإيضاحات، التي لا يخلو منها كتابٌ من كتب ابن القَيِّم رحمه الله.
3- سبب تأليف الكتاب:
ذكر الشيخ أبو غدة في سبب تأليف هذا الكتاب: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - أَلَّفَهُ إجابةً لسائل سأله: (هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط …؟) فجاء هذا الكتاب جواباً على هذا السؤال، وأنه أضاف إلى هذا الجواب جوابين لسؤالين آخرين1.
ولا أدري ما وجه هذا الكلام من الشيخ أبي غدة؟ وما وجه حصره سبب تأليف الكتاب في أنه جواب هذا السؤال بالذات؟ وما دليله على ذلك؟
فالذي أمامنا: أن الكتاب جوابٌ للأسئلة الثلاثة السابقة مجتمعة، وعلى الترتيب الذي بَيَّنَّا، فما وجه تخصيص السؤال الثاني من بينها بأنه سبب تأليف الكتاب؟ لا سيما وقد توسط هذا السؤال الكتاب، وجاء معطوفاً على السؤال الأول بقوله: "وسُئِلْتُ…"؟!.
4- منهج المؤلف في الكتاب:
لا يختلف المنهج العام لابن القَيِّم في هذا الكتاب كثيراً عن منهجه
__________
1 مقدمة المحقق للمنار المنيف: (ص10 - 11) .
(1/303)
في بقية مؤلفاته، من حيث طريقة تناوله للمسائل الحديثية والفقهية وغيرها، ومع ذلك: فإن الفصل الخاص بالأحاديث الموضوعة وضوابط تمييزها هو الذي يحتاج إلى تسجيل بعض الملاحظات حول منهجه فيه، فمن ذلك:
أولاً: يذكرُ ابن القَيِّم - رحمه الله - الضابطَ أو الْمِعْيَار الذي يُعْرَفُ به كون الحديث موضوعاً، ثم يذكر أمثلة لذلك من الأحاديث الموضوعة.
وقد أدخلَ ابن القَيِّم ضمن هذه الضوابط: أحكاماً كُلِّيَّةً جامعةً، كقوله أثناء سرد هذه الضوابط: "ومنها: أحاديثُ العقل، كُلُّهَا كَذِبٌ…"1 وقوله: "ومنها: الأحاديث التي يُذْكر فيها الخَضِرُ وحياته، كلها كذب ... "2. وقوله: "ومنها: أحاديث صلوات الأيام والليالي…كل أحاديثها كذب"3. وغير ذلك.
فهل هذه الأحكام الكُلِّيَّة الجامعة تدخل ضمن تلك القواعد التي يُسْتَدلُّ بها على وضع الحديث؟ الذي أراه أن بينهما فرقاً، فهذه قواعدُ تعينُ الناظر على معرفة كون الحديث ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أحسن تطبيقها، أما هذه الأحكام الكلية على أحاديثِ أبوابٍ بعينها: فإنها من تطبيقاتِ هذه القواعدِ، ولا يصلُ إليها الشخصُ إلا بعدَ بحثٍ ودرسٍ لأحاديث ذلك الباب وجمعها.
__________
1 المنار المنيف: (ص66) .
2 المنار المنيف: (ص67) .
3 المنار المنيف: (ص95) .
(1/304)
ولذلك أرى - والله أعلم - أن هذه الأحكام والضوابط الجامعة لا مكان لها بين هذه القواعد التي يُعرف بها كون الحديث موضوعاً.
ويدلُّ على ذلك: أنه بعد سرده لهذه القواعد والضوابط قال: "فصل في ذكر جوامع وضوابط كلية في هذا الباب…"1 ثم أخذ في إصدار تلك الأحكام الكلية على أبواب بعينها: أنه لا يصح فيها شيء، فبدأ بأحاديث الحَمَام، ثم أحاديث اتخاذ الدجاج، ثم أحاديث ذم الأولاد ... إلى آخر هذه الأحكام الكلية؛ لذا أرى أن ما ذكره من هذه الأحكام الجامعة أثناء ذكر القواعد: مكانه الصحيح ضمن هذه الفصول التي عقدها لهذا الغرض، والله أعلم.
ثانياً: قد يذكرُ ابن القَيِّم أثناء سرده الأحاديث الموضوعة: الشخص الْمُتَّهَمَ بوضعه، مع بيان حاله، وكلام العلماء فيه. وقد يذكر فِرْقَةً أو طائفة متهمة بوضع حديث ما، كقوله في حديث فضل العدس: "ويشبه أن يكون هذا الحديث من وضع الذين اختاروه على الْمَنِّ والسلوى، أو أشباههم"2. وقوله في بعض الأحاديث الموضوعة في فضائل علي: "كما يَزْعُمُ أَكْذَبُ الطوائف…"3 يعني الرافضة.
ثالثاً: قد يُبَيِّنُ - رحمه الله - أثناء سرد أحاديث الباب: أن أمثل شيء جاء فيه كذا، ولا يعني بذلك صحة هذا الأمثل دائماً، ولكنَّ ذلك قد يكون من باب: أصح الضعيفين، فمن ذلك:
__________
1 المنار المنيف: (ص 106) .
2 المنار المنيف: (ص 52) .
3 المنار المنيف: (ص 57) .
(1/305)
- قوله في الأحاديث الواردة في الصخرة ببيت المقدس - بعد أن حكمَ بوضعها-: "وأرفع شيء في الصخرة: أنها كانت قِبْلَةَ اليهود، وهي في المكان كيوم السبت في الزمان، أبدل الله بها هذه الأمة الْمُحَمَّدِيَّةَ الكعبة البيت الحرام"1.
- وقال في الأحاديث الواردة في يوم عاشوراء: "وأمثل ما فيها: مَنْ وسَّعَ على عياله يوم عاشوراء، وسَّعَ الله عليه سائر سَنَتِهِ. قال الإمام أحمد: "لا يصح هذا الحديث"2.
- وقال في أحاديث الأَبْدَالِ والأقطابِ والأَغْواثِ: "وأقرب ما فيها: لا تَسُبُّوا أهل الشام؛ فإن فيهم البدلاء… ذكره أحمد، ولا يصح أيضاً؛ فإنه منقطع"3.
رابعاً: يُصْدِرُ ابن القَيِّم - كما سبق بيانه - أحكاماً كلية جامعة في بعض الأبواب، فيقول: "كلُّ حديثٍ في الصخرة فهو كذب مفترى"4. ونحو ذلك من الأمثلة الكثيرة التي احتلت جزءاً كبيراً من كتابه.
وقد يستثني من هذه الأحكام الكلية بعض الأحاديث، كقوله: "أحاديث فضائل الدِّيكِ كُلُّهَا كذب، إلا حديثاً واحداً: إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله فصله"5.
__________
1 المنار المنيف: (ص 88) .
2 المنار المنيف: (ص 112) .
3 المنار المنيف: (ص 136) .
4 المنار المنيف: (ص 87) .
5 المنار المنيف: (ص 130) .
(1/306)
ولكنَّ بعض هذه الأحكام التي أصدرها ابن القَيِّم - رحمه الله - لا تُسَلَّم له؛ إذ إن بعض الأبواب التي أطلق القول بعدمِ صحة أيِّ حديثٍ فيها، قد وُجِدَ فيها بعض الأحاديث على خلاف ذلك، وأنها تُستثنى من الحكم بالكذب أو الوضع. وقد نبَّه محقق الكتاب على شيء من ذلك1، ولكن تلك الملاحظات الطفيفة لا تُقَلِّلُ من شأن الكتاب بحال، وبخاصة إذا قُورنت بغزارة الفوائد التي احتواها هذا الكتاب.
5- أصل الكتاب:
ذهب الشيخ أبو غدة في مقدمة تحقيقه للكتاب إلى أن (المنار المنيف) مختصر من كتاب (الموضوعات) لابن الجوزي، فقال: "وهذا الكتاب اللطيف الحجم، الغزير العلم… اختصر فيه الإمام ابن القَيِّم كتابَ الإمام أبي الفرج بن الجوزي المسمى: (الموضوعات) ، وأحسن الاختصار وأجاده…"! 2.
كذا قال الشيخ، وأرى أنَّ هذه دعوى لا دليل عليها، وذلك لما يلي:
- أن كتاب (المنار المنيف) ليس كتاباً مصنفاً في الأحاديث الموضوعة فحسب، ولكنه اشتمل - إلى جانب ذلك - على فصول أخرى في بيان الصحيح والضعيف، وغير ذلك كما مضى، ولذلك فإن هذا الكتاب لا يمكنُ إدراجه بجملته ضمنَ الكتب المصنفة في جمع الأحاديث الموضوعة، فضلاً عن عَدِّهِ اختصاراً لكتاب ابن الجوزي.
__________
1 انظر مثلاً: (ص56، 60، 65، 87) .
2 المنار المنيف: (ص 11 - 12) .
(1/307)
- أنَّ الكتاب جوابٌ لأسئلة طُرحت على ابن القَيِّم كما تقدم، مما يجعله بعيداً عن أن يكون متعلقاً بكتاب آخر.
- لم ينص ابن القَيِّم على اختصاره هذه الفوائد والأجوبة من كتاب ما، وما يمنعُ ابن القَيِّم - رحمه الله - من النص على ذلك إن كان واقعاً.
- لم أقف على من ذكر ذلك غير أبي غدة، بل ذكروا من مختصري كتاب ابن الجوزي: السفاريني، والسيوطي، وعلي بن أحمد الفاسي1.
- يوجد تفاوتٌ كبيرٌ بين الكتابين: في المنهج والأسلوب، والمادة والمحتوى، وفي الترتيب والعرض.
- لابن القَيِّم في (المنار المنيف) مصادره الخاصة به، التي أضاف منها مادةً لا يمكن وجودها في (موضوعات) ابن الجوزي، كالنقل عن شيخيه: ابن تَيْمِيَّة، والمزي، وغير ذلك من المصادر.
- كما أن لابن القَيِّم في الكتاب أسلوبه المتميز المعروف، الذي تَظْهرُ فيه شخصيته النقدية واضحةً، مع الشرح والتحليل لبعض القضايا، التي لا يُوجد منها شيء في (الموضوعات) .
فهذا ما ظهر لي في هذه القضية، وأنه لا يوجد دليلٌ - صريح أو غير صريحٍ - على أن ابن القَيِّم قد اختصر (الموضوعات) لابن الجوزي في كتابه هذا، فإن كان الشيخ يقصد بذلك: أن ابن القَيِّم استفاد من كتاب
__________
1 انظر: الرسالة المستطرفة: (ص 112-113) .
(1/308)
ابن الجوزي كثيراً في باب الموضوعات، وأنه - كما عَبَّر الشيخ - "قد استخلص من الأبواب التي ساقها ابن الجوزي ضوابط وأمارات تدل على الحديث الموضوع"1: فإن الأمر قد يكونُ مقبولاً شيئاً ما، أما أن يكون مجرد اختصار له: فلا، والله أعلم.
6- قيمة الكتاب:
من خِلال العَرْضِ المتقدم يَتَبَيَّنُ لنا: أن هذا الكتاب يُعَدُّ مرجعاً مهماً في مجال نقد المتن، وذلك بما اشتمل عليه من ضوابط وقواعد تعين على تمييز الحديث الموضوع من خلال النظر إلى متنه دون إسناده.
هذا بالإضافة إلى ما تضمنه من أحكام حديثية: بالصحة، والحسن، والضعف، والكلام على الكثير من الرواة جرحاً وتعديلاً، إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يُستغنى عنها، والتي لا يخلو منها كتاب من كتب العلامة ابن القَيِّم رحمه الله.
__________
1 المنار المنيف: (ص 12) .
(1/309)
ثالثاً: (فوائد في الكلام على حديث الغَمَامَةِ وحديث الغَزالةِ والضَّبِّ وغيره)
1- اسم هذه الرسالة:
وردت هذه الرسالة بهذه التسمية في (فهرس مخطوطات المكتبة الظاهرية) 1 للشيخ الألباني، وأفاد أنها من محفوظات المكتبة الظاهرية، تحت رقم عام 5485 (ق100/1 - 117/2) .
وهذه التسمية: لعلَّ الشيخ الألباني أخَذَها من موضوع الرسالة؛ فإنها تبدأ بالكلام على أحاديث الغمامة، والغزالة، والضب، والناقة، وغيرها.
ووقفت على نسخة منها مصورة عن النسخة الظاهرية، ومحفوظة بمكتبة المخطوطات، بالجامعة الإسلامية، بالمدينة النبوية، ضمن مجموع برقم (1010) م 148. وجاء عنوانها في هذه المصورة: (فائدةُ على بعض الأحاديثِ الْمُشْتَهِرَة) .
ووقفت على صورة منها - أيضاً - في مكتبة فضيلة شيخنا العلامة حماد الأنصاري رحمه الله، وكُتِبَ عليها -ولعله خط الشيخ حماد-: (رسالة لابن القَيِّم في الموضوعات) .
ومن هذا العرض يتبين: أن هذه الرسالة لم يسمها مؤلفها، ولا أحد ممن ذكر مؤلفاته من مترجميه، وقد وَضَعَ لها بعض الواقفين عليها
__________
(ص100) .
(1/310)
أسماء بحسب ما رأى كل واحدٍ منهم أنه يناسب موضوعها، ولعل أقرب الأسماء إلى موضوعها: تسميتها بأنها (رسالة في الموضوعات) لما سيأتي بيانه.
2- وصف الرسالة:
تقع الرسالة في حوالي تسع عشرة (19) ورقة ذات صفحتين. وقد كُتِبَتْ بخط نسخي واضح وجيد، وهي مصححة، ومقابلة كما يتضح من بعض التعليقات والتصحيحات في حواشيها.
ويبدو أنها جاءت ضمن مجموعة من الفوائد جمعها شخص في الأحاديث الموضوعة خاصة؛ فقد جاء فيها - في الورقة الأولى وبالخط نفسه -: "فائدة أخرى من غير مختصر الأباطيل". ثم قال بعد ذلك:
"فائدة أخرى من كلام الشيخ الإمام العالم، مفتي المسلمين، ناصر السنة المحمدية، أبي عبد الله، شمس الدين، محمد بن أبي بكر بن أيوب، الزرعي الحنبلي تغمده الله برحمته آمين، قال: الحمد لله، أما حديث الغمامة…"1.
3- موضوع الرسالة:
الرسالة - كما يظهرُ من كلام ابن القَيِّم في أولها - عبارةٌ عن جواب عن جملة من الأحاديث، سُئِل عنها فأخذ في الكلام عليها، وبيان حالها. وأغلبها من الأحاديث المنكرة والموضوعة كما سيأتي.
__________
(ق1/أ)
(1/311)
- فقد بدأها بالكلام على حديث الغمامة التي أَظَلَّتْ النبي صلى الله عليه وسلم في سفره إلى الشام مع عمه أبي طالب وهو صغير.
- ثم حديث الغزالة التي كَلَّمَتْ النبي صلى الله عليه وسلم.
- ثم حديث الضَّبِّ الذي نطق بالوحدانية بين يديه صلى الله عليه وسلم.
- ثم حديث الناقة التي نَطَقَتْ عنده.
- وكذا حماره يعفور وتكليمه إياه، مع بيان نكارة بعض هذه الأحاديث وكذب بعضها الآخر.
ويُلاحظُ وحدة الموضوع الذي يجمع هذه الأحاديث الخمسة، وهو إثبات بعضِ المعجزات للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أفاض ابن القَيِّم في الكلام عليها، فاستغرق ذلك قريباً من نصف الرسالة.
- ثم ذكر بعد ذلك جملةً من الأحاديث الموضوعة: كأحاديث حياة الخضر، وحديث عوج بن عنق، وأحاديث فضائل السور، وصلوات الأيام والليالي والأسبوع وغير ذلك، وهذه يقرب تناوله لها وكلامه عليها من كلامه في (المنار المنيف) .
- ثم انتقل إلى الكلام على جملة من الأحاديث المتعلقة بالمساجد، فذكر تحت ذلك عدة فصول، منها:
- فصل في تعاهد النعل عند دخول المسجد.
- فصل أنه لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد.
- فصل في الامتناع عن حضور المسجد لأجل البرد.
- فصل في اتخاذ المسجد بيتاً.
(1/312)
إلى آخر هذه الفصول المتعلقة بالمساجد، ثم عقد بعد ذلك فصلاً في الصلاة في السفينة.
وقد بَيَّن في كلِّ فصلٍ من هذه الفصول نكارةَ بعضِ الأحاديثِ الواردة فيها، وكَذِبِ بعضها، مع بيانِ ثبوتِ أصلٍ لأكثر هذه الأحاديث من جهات أخرى صحيحة.
ومن هذا الْعَرْضِ يتضح أنَّ موضوعَ الرسالة: هو الكلامُ على جملة من الأحاديث الضعيفة، والمنكرة، والموضوعة، وبيان حالها تفصيلاً.
4- نسبة هذه الرسالة لابن القَيِّم:
سبقت الإشارة إلى أن هذه الرسالة لم يَذْكُرْهَا أحدٌ من الذين ترجموا لابن القَيِّم، ولم أقف - كذلك - على أَيَّةِ إشارة من ابن القَيِّم إليها.
وقد تَوَقَّفَ الشيخ بكر أبو زيد في نسبة هذه الرسالة لابن القَيِّم، وكان سبب ذلك عنده:
- أن ابن القَيِّم كثير النقل فيها عن الذهبي، ووصفه مرةً بأنه شيخه، مع أن الذهبي - كما يرى الشيخ بكر - تلميذ لابن القَيِّم، ومن ثمَّ فإنَّ نَمَطَ الرسالة غريب على مسلك ابن القَيِّم في التأليف.
- وأنه لم ينكشف له من أسباب التوثيق ما يقضي بنسبتها لابن القَيِّم1.
__________
1 ابن قَيِّم الجوزية - حياته وآثاره: (ص178 - 179) .
(1/313)
وأقول وبالله التوفيق:
أما القول بأن الذهبي تلميذ لابن القَيِّم: فقد تقدم الجواب عن ذلك وبيانه عند الكلام على شيوخ ابن القَيِّم، وأن الأدلة تثبت تلمذة ابن القَيِّم للذهبي1.
وأما أسباب التوثيق التي تؤكد نسبة هذه الرسالة لابن القَيِّم: فقد انكشف لي بعض ذلك، فمن هذه الأدلة:
أولاً: نقل ابن القَيِّم كثيراً في أثناء هذه الرسالة عن شيخه ابن تَيْمِيَّة رحمه الله، وبأسلوبه المعهود في ذلك، فمن ذلك:
قوله: "وسمعت شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّة…"2.
وقوله: "سمعت شيخنا أبا العباس بن تَيْمِيَّة …"3.
وقوله: "سمعت شيخنا ابن تَيْمِيَّة - رحمه الله - يقول…"4.
إلى غير ذلك من المواضع العديدة التي نَقَلَ فيها عن شيخه شيخ الإسلام5.
ثانياً: وجود تطابق كبير بين هذه الرسالة وبين سائر كتب ابن القَيِّم من حيث: أسلوبه في الكتابة والتعبير، ومنهجه في البحث والمناقشة للقضايا، وطريقة عرضها وتحليلها.
__________
1 انظر ص: (155) .
2 رسالة الموضوعات: (ق9/أ) .
3 رسالة الموضوعات: (ق9/ب) .
4 رسالة الموضوعات: (ق12/ب) .
5 انظر من ذلك: (ق8/أ، 10/ب، 13/أ) .
(1/314)
يلمس ذلك كله من له خبرة ومعرفة بأسلوب ابن القَيِّم وطريقته في الكتابة والتأليف، وقد وافقني على ذلك بعض من طالَعَ الرسالة واستفاد منها.
ثالثاً: وجودُ تطابقٍ كامل بين كلامه على بعض القضايا التي تناولها في هذه الرسالة، وكلامه على القضايا نفسها في كتبه الأخرى، ومن أمثلة ذلك:
1- أنه تناول في هذه الرسالة قضية وقوع الغلط والوهم من الثقة أحياناً، وأن إخراج أصحاب الصحيح لهذا الثقة فيما لم يخطئ فيه، لا يجعل ما أخطأ فيه على شرطهما1.
وقد تناول القضية بعينها في كتابه (الفروسية) 2، فتطابق كلامُهُ في الكتابين إلى حدٍّ كبير.
2- أنه تناوَلَ - عند كلامه على حديث الغمامة - قضية ردِّ أبي طالب النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة لَمَّا نصحه بذلك بحيرى الراهب، وما جاء في الترمذي في هذه القصة: وأرسل معه أبو بكر بلالاً رضي الله عنه، وأنَّ ذلك من الغَلَطِ الظَّاهِرِ في هذه القصة3.
وقد تناول القضية بعينها ونَبِّهَ على هذا الغلط في كتابه (زاد المعاد) 4، وبالطريقة نفسها، بشيء من الاختصار.
__________
1 رسالة الموضوعات: (ق4/أ) .
(ص45) .
3 رسالة الموضوعات: (ق2/أ) .
(1/76) .
(1/315)
رابعاً: يُلاحظُ - أيضاً - وجودُ تطابقٍ كبيرٍ بين مَصَادِرِ ابنِ القَيِّم في هذه الرسالة، وطريقة نقله منها، وتعامله معها، وبين مصادره في سائر كتبه، وليُنْظَرْ - على سبيل المثال - قوله في هذه الرسالة: "روينا في الغيلانيات"1، وقد استعمل الطريقة نفسها في النقل عن هذا الكتاب في (اجتماع الجيوش الإسلامية) 2 فقد وجدت فيه العبارة بحروفها.
خامساً: وجودُ تطابقٍ تَامٍّ بين كلام ابن القَيِّم وطريقة معالجته لجملة من الأحاديث الموضوعة في هذه الرسالة، وكلامه على الأحاديث نفسها في كتابه (المنار المنيف) ، فمن ذلك:
1- الكلام على الأحاديث الواردة في حياة الخضر، فقد تطابق كلامه في الكتابين في عدة نقاط، منها على سبيل المثال:
- قوله: "قال شيخ الإسلام: لو كان الخَضِرُ حياً لوجب عليه أن يَتَّبِعَ النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون معه، ويجاهد الكفار معه، ولا يتخلف عنه…"3.
- وقوله: "سُئِلَ محمد بن إسماعيل البخاري عن الخضر وإلياس، هل هما في الأحياء؟ فقال: وكيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو على ظهر الأرض أحد" "4.
2- الكلام على حديث عوج بن عنق الطويل، فقد تطابق كلامه في الكتابين في عدة نقاط، منها:
__________
1 رسالة الموضوعات: (ق16/أ) .
(ص 210) .
3 رسالة الموضوعات: (ق9/أ) ، وقارن مع (المنار المنيف) : (ص68) .
4 رسالة الموضوعات: (ق8/ب) ، وقارن مع (المنار المنيف) : (ص67 - 68) .
(1/316)
- قوله: "وأظنه من وضع زنادقة اليهود الذين غَرَضُهم السخرية من أتباع الرسل"1.
- وقوله: "والعجب ممن يخفى عليه كذبُ هذا الحديث وبطلانه، كيف يرويه ويذكره في تفسيره أصدق الكلام، حتى قال الثعلبي ... "2.
3- أحاديث فضائل السور، فقد تطابق كثير من كلامه عنها في الكتابين فمن ذلك:
- قوله: "والذي صحَّ في فضائل القرآن من السور: حديث فضل الفاتحة، وسورة البقرة، وآل عمران، وسورة الإخلاص، والمعوذتين"3.
وبالجملة، فالتشابه كبير بين الكتابين: في المادة، وفي الأسلوب وطريقة العرض، يتضح ذلك بأدنى مقارنة بينهما، الأمر الذي يؤكد - بدون شك - صحة نسبة هذه الرسالة لابن القَيِّم.
سادساً: ما جاء في مطلع الرسالة من التصريح بذكر ابن القَيِّم، ونسبة هذه الفوائد إليه، فإن ذلك إذا ضُمَّتْ إليه الأدلة السابقة: أكدت صدقه وثبوته.
تلك بعض الأدلة التي ظهرت لي، مما يُسْتأنس به في تأكيد صحة نسبة هذه الرسالة لابن القَيِّم رحمه الله.
__________
1 رسالة الموضوعات: (ق9/ب) ، وقارن مع (المنار المنيف) : (ص 78) .
2 رسالة الموضوعات: (ق9/ب) ، وقارن مع (المنار المنيف) : (ص77) .
3 رسالة الموضوعات: (ق12/أ) ، وقارن مع (المنار المنيف) : (ص 113) .
(1/317)
5- منهجه في هذه الرسالة:
لا يكاد يختلف منهج ابن القَيِّم - كما سبق التنبيه - في هذه الرسالة، عن منهجه العام في كتبه الأخرى، وبخاصة الكتب ذات الطابع الحديثي، وكذا كتبه الأخرى التي تخللتها بعض المباحث الحديثية.
وقد تَمَيَّزَ منهجه في هذه الرسالة: بالتوسع في دراسة بعض الأحاديث، وتفصيل القول في بيان عللها، ومناقشتها، وذكر أقوال العلماء في ذلك كله، وبخاصة الأحاديث الخمسة التي وقعت في أول الرسالة.
6- قيمة هذه الرسالة:
تُعَدُّ هذه الرسالة دُرَّةً من دُرَرِ ابن القَيِّم النفيسة، فهي تحوي جملة من الأحكام الحديثية: بالضعف، والنكارة، والوضع، وفي بعض الأحيان: بالصحة، سواء ما كان من كلامه، أو من كلامٍ نَقَلَهُ عن غيره من علماء أعلام.
وتظهر فيها شخصية ابن القَيِّم المتميزة في تعليقات له قَيِّمَةٍ ومفيدةٍ في خلال أبحاثه، وكما هي عَادَتُهُ في سائر كتبه.
وبذلك تنضمُّ هذه الرسالة إلى قائمة مؤلفات ابن القَيِّم وبحوثه النافعة في خدمة الحديث النبوي وعلومه، وتَمْيِيز صحيحه من سقيمه، وسليمه من معلوله، وصدقه من مكذوبه1.
__________
1 وقد طُبِعَت هذه الرسالة مؤخراً بعد تقديم أطروحتي هذه، وكتابتي هذه السطور، بتحقيق الأخوين الفاضلين: مشهور بن حسن آل سلمان، وإياد بن عبد اللطيف القيسي، في سنة 1416هـ، وصدرت عن دار ابن الجوزي، بالمملكة العربية السعودية، وهي طبعة جيدة معتنىً بها.
(1/318)
وبعدُ، فهذه أهم مؤلفات ابن القَيِّم الحديثية التي رأيت أن أُبْرِزَها وأتوسع في الكلام عليها وأنا أتحدث عن حياة ابن القَيِّم التأليفية، ومنهجه في ذلك، وما تَرَكَهُ من مؤلفات، وبالله التوفيق.
(1/319)  يتبع ----
==================================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

2121-من 8 - من كتاب الجنائز ابن القيم

ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها 8 - من كتاب الجنائز 1- باب في الغسل من غسل الميت 62- (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ر...