الجمعة، 7 يناير 2022

12-ج 5.علل الحديث لابن أبي حاتم عِلَلُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي البُيُوعِ


علل الحديث لابن أبي حاتم
عِلَلُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي البُيُوعِ

1105 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عِكْرمة بْنُ عمَّار (2) ،
عَنْ يَحْيَى بن أبي كَثِير، عن عبد الله بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: الرِّبَا بِضْعٌ (3) وَسَبْعُونَ بَابًا (4) ؟
_________
(1) انظر المسألة الآتية برقم (1132) و (1136) و (1159) و (1170) .
(2) روايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (5/95) ، والعقيلي في "الضعفاء" (2/257) ، والبيهقي في "الشعب" (5133) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1224 و1225) جميعهم من طريق عبد الله بن زياد، عن عكرمة، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة به هكذا، ليس فيه ذكر لعبد الله بن زيد، ولم نعرف عبد الله بن زيد في هذه الطبقة، ولكن هناك عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، فهو الذي يروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويروي عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ؛ كما في "الجرح والتعديل" (5/195) ، و"تهذيب الكمال" للمزي (16/318-319) .
قال البخاري عقب روايته للحديث: «عبد الله بن زياد منكر الحديث» .
ورواه ابن عدي في "الكامل" (5/275) ، والبيهقي في "الشعب" (5132) من طريق عفيف بن سالم، عن عكرمة، مثله.
قال البيهقي: «غريب بهذا الإسناد، وإنما يعرف بعبد الله ابن زياد، عن عكرمة. وعبد الله بن زياد منكر الحديث» .
ورواه ابن الجارود في "المنتقى" (647) من طريق النضر بن محمد، عن عكرمة، مثله.
ورواه العقيلي في "الضعفاء" (2/258) من طريق أحمد بن إسحاق، عن عكرمة، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن عبد الله بن سلام، موقوفًا عليه.
(3) قوله: «بضع» ليس في مصادر التخريج.
(4) كذا في جميع النسخ: «بضع وسبعون بابًا» بلا تاء في "البضع"، ومثلُه في "المصنَّف" لابن أبي شيبة (22006) ، و"السنة" لعبد الله ابن الإمام أحمد (1/366 رقم791 ج) ، و"السنة" للمروزي (ص164 و165 رقم209 و210) ، و"مسند البزار" (5/318 رقم1935) ، و"المعجم الكبير" للطبراني (9/321 رقم9608) ، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (5/74) ، و"الموضوعات" لابن الجوزي (1231) ، والجادَّة: = = «بضعةٌ وسبعون بابًا» بالتاء في «بضعة» كما جاء عند عبد الرزاق في "المصنف" (15346 و15347) ؛ وذلك لأن المعدود - وهو قوله: «بابًا» - مذكَّر، ولفظ «البضع» ، وهو مابين الثلاث إلى التسع: حكمُه تذكيرًا وتأنيثًا - في الإفراد والتركيب والعطف - حُكْمُ «تِسْعٍ» و «تِسْعة» ، وهو المخالفة بين العدد والمعدود، تقول: بِضْعُ سنين، وبضعةُ أعوام، وبضعَ عشرةَ امرأةً، وبِضْعَةَ عَشَرَ رجلاً، وبِضْعٌ وعشرون سنةً، وبِضْعَةٌ وسبعون عامًا.
لكنَّ اللفظَ الوارد وهو قوله: «الربا بِضْعٌ وسبعون بابًا» - وإن خالف الجادَّة - فإنَّ له وجهًا صحيحًا في العربيَّة، وهو حملُ «الباب» على معنى «الشُّعْبة» أو «الخَصْلة» أو «البابة» ، كأنَّه قال: «الربا بضعٌ وسبعون شعبةً» ، وهذا عند أهل اللغة من الحمل على المعنى بتأنيث المذكَّر، وقد أوضحناه في التعليق على المسألة رقم (81) .
(3/583)
قَالَ أَبِي (1) : رَوَاهُ الأوزاعيُّ (2) ، عَنْ يحيى ابن أَبِي كَثير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قولَهُ: إنَّ الرِّبا بضعٌ (3) وَسَبْعُونَ بَابًا.
قَالَ أَبِي: هَذَا أشبَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1106 - وسألتُ (4) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ فُلَيح (5) ، عَنْ سُهَيل (6) ،
_________
(1) قوله: «أبي» ليس في (ت) و (ك) .
(2) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(3) كذا في جميع النسخ، والجادَّة: بضعة، لكنَّ لِمَا في النسخ وجهًا في العربيَّة تقدَّم بيانُهُ قبل قليل.
(4) ستأتي هذه المسألة برقم (1131) .
(5) هو: ابن سليمان. وروايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (3142) .
ورواه أحمد في "مسنده" (3/47 رقم 11430 و11431) من طريق فُلَيْحٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي سعيد الخدري به.
وذكر محققو "المسند" أنه وقع في بعض النسخ: «أبو هريرة» بدل: «أبي سعيد» ، وأورده ابن حجر في "أطراف المسند" (6/344) في مسند أبي سعيد الخدري فقط، والله أعلم.
(6) هو: ابن أبي صالح ذكوان السَّمَّان.
(3/584)
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ (ص) : الذَّهَبُ بالذَّهَبِ ... ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ يعقوبُ الإِسْكَنْدَراني (1) ، عَنْ سُهَيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
وَرَوَاهُ ابنُ عُيَينة (2) ،
ومحمدُ بنُ مُسْلِمٍ (3) ، عَنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ،
_________
(1) هو: يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القاري الإسكندراني.
وروايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (1584) ، وأحمد في "مسنده" (3/9 رقم 11062) ، والطحاوي في "شرح المعاني" (4/67) ، وفي "شرح المشكل" (617) .
ورواه الطيالسي في "مسنده" (2295) من طريق وهيب ابن خالد، وأحمد في "مسنده" (3/47 رقم 11429) ، والخطيب في "الموضح" (1/463) من طريق عبد العزيز بن مسلم، كلاهما عن سهيل، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سعيد، به.
(2) روايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (14546) ، وأحمد في "المسند" (5/200 رقم 21750) .
ورواه عبد الرزاق أيضًا مقرونًا بالرواية السابقة من طريق معمر، عن عمرو بن دينار، به.
ورواه مسلم في "صحيحه" (1596) من طريق سفيان بن عيينة، بلفظ: «الدِّينارُ بالدِّينار، والدِّرهمُ بالدِّرهم ... » الحديث.
ورواه البخاري في "صحيحه" (2178 و2179) من طريق ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي سعيد - موقوفًا -، قَالَ: الدِّينارُ بالدِّينار، والدِّرهمُ بالدِّرهم.
(3) هو: الطائفي، وروايته أخرجها ابن عبد البر في "التمهيد" (2/244) بلفظ: «الدِّينارُ بالدِّينار ... » ، الحديث.
ورواه الطبراني في "الكبير" (6/38 رقم 5447) وفي "الأوسط" (4144) ، والدارقطني في "الأفراد" (ق278/أ/أطراف الغرائب) من طريق عبد الملك بن ميسرة، ورواه الطبراني في "الكبير" أيضًا (1/174 رقم 443) من طريق عبد العزيز بن رفيع، كلاهما عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سعيد، عن النبيِّ (ص) به.
قال الطبراني في "الأوسط": «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ عبد الملك بن ميسرة إلا أبو خالد، ولا رواه عن أبي خالد إلا عبد السلام، تفرَّد به عبد المؤمن وأبو غسان النَّهدي» .
وقال الدارقطني: «غريبٌ من حديث عبد الملك بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، تفرَّد به أبو خالد الدالاني يزيد ابن عبد الرحمن عنه، ولم يروه عنه غير عبد السلام، تفرَّد به محمد بن سعيد الأصبهاني» .
(3/585)
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سعيد، عن النبيِّ (ص) ؛ تابَعُوا يعقوبَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ وَهَذَا الصَّحيحُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (1) .
1107 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِي (3) ، عن أبيه (4) ، عن عُبَيدالله بن عمر، عن نافعٍ وعبدِالله بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قال: نهى رسولُ الله (ص) عَنْ (5) بَيْع الوَلاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ؟
قال أبي: نافعٌ أَخَذَهُ عن عبد الله بن دينار؛ هذا (6) الحديثَ،
_________
(1) قال الدارقطني في "العلل" (1930) : «يرويه سهيل بن أبي صالح، وقد اختُلِف عنه؛ فرواه فُلَيح بن سليمان، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة، وغيره يرويه عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي سعيد، وهو الصَّواب» .
(2) انظر المسألة رقم (1130) و (1645) .
(3) روايته أخرجها أبو عوانة في "مسنده" (3/238/المعرفة) ، والدارقطني في "الأفراد" (ق 191/ب/أطراف الغرائب) ، والخطيب في "الفصل" (1/579) ، وفي "تاريخه" (5/116) ، ثم قال الدارقطني: «لا نعلم رواه عن يحيى الأموي، عن عبيد الله، عن نافع وعبد الله ابن دينار، غير ابنه سعيد، ورواه علي بن عاصم، عن عبيد الله بن عمر، عنهما أيضًا، وتفرَّد به عنه أحمد بن عبيد بن ناصح» .
(4) هو: يحيى بن سعيد.
(5) قوله: « (ص) عن» مطموس في (ك) .
(6) اسمُ الإشارةِ بدلٌ من ضمير النصب في «أخذه» ، وهذا من باب إبدال الاسم الظاهر من ضمير الغائب؛ وهذا جائزٌ اتفاقًا عند النحويين. وقد تقدَّم التعليقُ على ذلك في المسألة رقم (159) .
(3/586)
ولكنْ هَكَذَا قَالَ!
1108 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حاتِمُ بنُ إسماعيل (2) ،
عن جَهْضَم بن عبد الله اليَمَامي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ البَاهِلي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنْ أبي سعيد: أنَّ النبيَّ (ص) نَهَى عَنْ شِرَاءِ (3) مَا فِي بُطُونِ الأنعامِ حتى تَضَعَ، وعمَّا في ضُروعِها
_________
(1) نقل هذا النص الزيلعي في "نصب الراية" (4/15) ، ونقل ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (2/10) كلام أبي حاتم عن محمد بن إبراهيم، وانظر المسألة التالية.
(2) روايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (20499) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (1/23) ، والترمذي في "جامعه" (1563) ، وابن ماجه في "السنن" (2196) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1093) ، والدارقطني في "السنن" (3/15) . قال الترمذي: «حديث غريب» .
ورواه أحمد في "المسند" (3/42 رقم 11377) من طريق أبي سعيد عبد الرحمن بن عبد الله البصري، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/338) من طريق محمد بن سنان، كلاهما عن جَهْضَم، به.
وسيأتي في المسألة التالية من رواية رجل مبهم عن جهضم.
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (14375 و 14923) فقال: أخبرنا يحيى بن العلاء، عن جَهْضَم بن عبد الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زيد، عَنْ شهر، عن أبي سعيد الخدري، به هكذا بإسقاط محمد بن إبراهيم.
وتصحَّف «جهضم» في الموضع الأول منه إلى: «حفصة» ، وتصحَّف «محمد بن زيد» في الموضع الثاني منه إلى «محمد بن يزيد» .
ورواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" - كما في "نصب الراية" (4/15) - فقال: أخبرنا سويد بن عبد العزيز الدمشقي، ثنا جعفر بن الحارث أبو الأشهب الواسطي؛ حدثني من سمع مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبي سعيد الخدري، به.
(3) في (ت) و (ش) : «شِرَى» ، وهو مصدرٌ كالشِّرَاءِ؛ قال في "مختار الصحاح" (ص301) : «الشِّرَاءُ يُمَدُّ ويُقْصَرُ؛ وقد شَرَى الشيْءَ يَشْرِيهِ شِرًى وشِرَاءً: إذا باعه وإذا اشتراه أيضًا، وهو من الأضداد» . اهـ. وانظر "الصحاح" (6/2391) .
(3/587)
إِلا بِكَيْلٍ، وَعَنْ شِراءِ (1) العَبْدِ الآبِقِ (2) ، وَعَنْ شِرَاء (*) المَغانمِ حَتَّى تُقْسَمَ، وَعَنْ شِرَاءِ (*) الصَّدَقاتِ حَتَّى تُقْبَضَ، وَعَنْ ضَرْبة الغائِص (3) .
قلتُ لأَبِي: مَنْ محمدٌ هَذَا؟
قَالَ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ؛ شيخٌ مجهولٌ (4) .
1109 - وسألتُ (5) أَبِي فقلتُ: رَوَى بَقِيَّة (6) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ (7) ، عَنْ جَهْضَم (8) ، عن ابنِ عبد الله (9) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ محمد
_________
(1) في (ت) و (ش) و (ف) : «شِرَى» .
(2) العبدُ الآبِقُ: الهارِبُ من سيِّده، ويقال: أبَقَ العبدُ يأبِقُ أَبْقًا، من باب «ضَرَب» على الأكثر، ويأتي من بابَي «تَعِبَ» و «قَتَل» في لغة. انظر "المصباح المنير" (1/2) .
(*) ... في (ت) و (ش) و (ف) و (ك) : «شِرَى» .
(3) في (ت) : «الغايض» ، وفي (ك) : «القابض» .
وضَرْبة الغائِصِ: هي أن يقول له: أغوصُ في البحر غَوْصَةً بكذا، فما أخرجتُه فهو لك. وإنما نهى عنه؛ لأنه غَرَرٌ. "النهاية" (3/395) .
(4) وكذا قال في "الجرح والتعديل" (7/184 رقم1045) .
(5) انظر المسألة السابقة.
(6) هو: ابن الوليد.
(7) هو: ابن عياش كما سيأتي.
(8) في (أ) و (ش) و (ف) : «عن إسماعيل بن جهضم» .
(9) في (ت) و (ف) و (ك) : «عن أبي عبد الله» ، والظاهر أن «عن» زائدة، وصوابه: «جهضم بن عبد الله» ؛ كما في المسألة السابقة، وجوابِ أبي حاتم في ختام هذه المسألة.
(3/588)
بْنِ يَزِيدَ (1) ، عَنْ شَهْر، عَنْ أبي سعيد؛ قال: نهى النبيُّ (ص) (2) ... ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ: إسماعيلُ بنُ عَيَّاش، عَنْ رَجُلٍ، عن جَهْضَم بن عبد الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ شيخٍ مَجْهُولٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ شَهْر، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عن النبيِّ (ص) .
1110 - وسألتُ (3) أَبِي عَنْ حديثٍ حَدَّثَنَا (4) المَسْرُوقيُّ (5) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْر العَبْدي، عَنْ سُفْيان الثَّوْري، عَنْ عبد الله بن عَطاء، عن ميمون
_________
(1) كذا في جميع النسخ، وصوابه - فيما يظهر -: «زيد» ؛ كما في المسألة السابقة، وجوابِ أبي حاتم في ختام هذه المسألة.
(2) أي: عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الأنعام حتى تضع ... إلخ الحديث السَّابق.
(3) ستأتي هذه المسألة برقم (1662) .
(4) أي: حدَّثَناهُ، أو حدَّثنا به. وهو من باب حذف العائد في جملة النعت. انظر التعليق على المسألة رقم (253) .
(5) هو: موسى بن عبد الرحمن، وقد تابعه عبد الله بن محمد الجعفي، وروايته أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (8/447) .
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (6/28) إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(3/589)
بْنِ مِهْران، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - في قوله عزَّ وجلَّ: ُ؟ ژ} (ص) { «» ف ِ {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (1) - قَالَ: تجارةُ الأَمِيرِ فِيهِ؟
قَالَ أَبِي: كَذَا رَوَاهُ! وَهُوَ خطأٌ؛ إنما هو: عبد الله بْنُ عَطَاء، عَنْ مِهْران أَبِي (2) صَفْوان، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لَيْسَ هو مِنْ حديث ميمون ابن مِهْران (3) .
1111 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَن حديثٍ رَوَاهُ قَبِيصَةُ (4) ،
عَنْ الثَّوْري، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلاَ يَبِيعُهُ (5) حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ؟
_________
(1) الآية (25) من سورة الحج.
(2) كُتب فوقها في (ف) : «ابن» .
(3) الغريب أن ابن أبي حاتم ذكر في "الجرح والتعديل" (8/301 رقم 1387) أنه سأل أبا زرعة عن مهران أبي صفوان؟ فقال: «لا أعرفُه إِلا فِي هَذَا الحديث: "من أراد الحجَّ، فليتَعَجَّل"» . اهـ.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود في "سننه" (1732) من طريق الحسن بن عمرو، عَنْ مِهْرَانَ أَبِي صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (ص) : «من أراد الحج، فليتعجل» .
(4) هو: ابن عُقْبَة. ولم نقف على روايته على هذا الوجه. وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (11/10 رقم 10871) فقال: حدثنا حفص بن عمر بن الصبَّاح الرَّقِّي، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به مرفوعًا، وهو الوجه الذي رجَّحه أبو حاتم وأبو زرعة.
ورواه الطبراني أيضًا (11/136 رقم 11392) فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الحضرمي؛ ثنا أبو كريب؛ ثنا قبيصة بن عقبة، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ، عن ابن عباس، به.
ورواه الدارقطني في "الأفراد" (150/ب/أطراف الغرائب) وقال: «تفرَّد به أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي، وما سمعناه إلا منه عن عمرو بن علي، عن ابن مهدي، عن الثوري، عن عمرو، عن عطاء وطاوس، عن ابن عباس. ورواه مسعر، وهو غريب من حديثه تفرَّد به بكر بن عبد الرحمن القاضي عنه ... » .
(5) في (ش) : «فلا يَبِعْهُ» ، وهو موافق لما في "المعجم الكبير" للطبراني، وهو لفظُ البخاريِّ في "صحيحه" (2126 و2133 و2136) ، ومسلم في "صحيحه" (1525 و1526 و1528) ، وأكثر كتب الحديث، وقوله: «فَلاَ يَبِيعُهُ» أثبتناه من بقية النسخ، وهو موافق لمواضع كثيرة من"مسند أحمد"، و"تاريخ أصبهان" لأبي نعيم، و"طبقات المحدِّثين بأصبهان"، و"شرح مشكل الآثار"، وغيرها من كتب الحديث.
= ... فاللفظان على ذلك ثابتان في الرواية، وهما صحيحان في العربية؛ فقوله: «لا يَبِعْهُ» ، «لا» فيه ناهية، والفعل مجزومٌ بها، وقولُه: «لا يَبِيعُهُ» ، «لا» فيه نافيةٌ بمعنى النَّهي، والفعل بعدها مرفوعٌ، وهو أبلغ من النهي الخالص، وقد علقنا على ذلك في المسألة رقم (331) ، وانظر مثل ذلك في المسألة رقم (1120) و (1154) .
(3/590)
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ (1) ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النبيِّ (ص) .
1112 - قال (2) : أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بْنُ أَبِي حاتِم؛ قَالَ (3) : حدَّثنا أَبُو زُرْعَةَ؛ قَالَ: حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ جَوَّاس؛ قَالَ: حدَّثنا الأَشْجَعي (4) ، عن الثَّوْري، عن مُحارِب ابن دِثَار، عن جابر بن عبد الله؛ قَالَ: كَانَ لِي عَلَى النبيِّ (ص) دَيْنٌ، فَقَضَاني وزَادَني، ودخلْتُ المسجدَ، فقال لي: صَلِّي (5) رَكْعَتَين.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: تَوَهَّمْتُ أَنْ يكونَ أخذَهُ (6) عَنْ مِسْعَرٍ (7) .
_________
(1) من هذا الوجه الذي رجَّحه أبو حاتم وأبو زرعة أخرجه البخاري في "صحيحه" (2135) ، ومسلم في "صحيحه" (1525) .
(2) تقدمت هذه المسألة برقم (266) ، وانظر المسألة رقم (1123) .
(3) من قوله: «قال أخبرنا أبو محمد ... » إلى هنا ليس في (ت) و (ك) ، وفيه بدلاً منه: «قال أبو محمد» .
(4) هو: عبيد الله بن عبد الرحمن.
(5) كذا في جميع النسخ: «صَلِّي» بإثبات الياء في آخره، والجادة: «صَلِّ» بحذف الياء، ويخرَّج ما في النسخ على وجهين، ذكرناهما في التعليق على المسألة رقم (228) .
(6) يعني: سفيان الثوري كما هو مبيَّن في التعليق على المسألة رقم (266) .
(7) يعني: ابن كِدام. وروايته تقدم تخريجها في المسألة رقم (266) .
(3/591)
1113 - وسمعتُ (1) أَبِي يَقُولُ: حدَّثنا عليٌّ الطَّنَافِسيُّ (2) ؛ قَالَ: حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ (3) ؛
قَالَ: حدَّثنا الأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - مَرْفُوعٌ (4) -: الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ ومَحْلُوبٌ، رفَعَهُ (5) مَرَّةً، ثُمَّ تَرَكَ بَعدُ الرَّفعَ، فَكَانَ يَقِفُهُ (6) .
_________
(1) ذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "التلخيص" (3/83 رقم1242) ، ثم قال: «قال ابن أبي حاتم: قال أبي: رفعه مرَّة، ثم ترك الرَّفعَ بعد» .
(2) هو: علي بن محمد بن إسحاق بن أبي شدَّاد.
(3) هو: محمد بن خازم الضَّرير. وروايته أخرجها ابن عدي في "الكامل" (1/274) ، والدارقطني في "الأفراد" (ق 320/ب/أطراف الغرائب) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (6/184) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/38) كلهم من طريق إبراهيم بن مُجَشِّر، عن أبي معاوية به.
قال ابن عدي: «وهذا الحديث لا أعلمه يرفعه عن أبي معاوية غير إبراهيم بن مجشر هذا» .
وقال الدارقطني: «تفرَّد به إبراهيم بن مجشر، عن أبي معاوية، عنه مرفوعًا» .
وقال الخطيب: «تفرَّد برواية هذا الحديث عن أبي معاوية مرفوعًا: إبراهيم بن مجشر، ورفعه أيضًا أبو عوانة، عن الأعمش. ورواه غيره عن أبي معاوية موقوفًا لم يذكر فيه النبيَّ (ص) ، وكذلك رواه سفيان الثوري وهشيم ومحمد بن فضيل وجرير بن عبد الحميد، عن الأعمش موقوفًا، وهو المحفوظ من حديثه» .
(4) كذا، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وانظرها في المسألة رقم (34) .
(5) أي: علي الطنافسي، ويحتمل أن يكون المراد: أبو معاوية.
(6) الحديث رواه البزار في "مسنده" (ق 221/ب/مسند أبي هريرة) ، والدارقطني في "السنن" (3/34) من طريق يحيى بن حماد، والحاكم في "المستدرك" (2/58) من طريق سليمان بن حرب وشيبان، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/38) من طريق شيبان، ثلاثتهم عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، به مرفوعًا.
قال البزار: «وهذا الحديثُ لا نعلم أحدًا رفعه إلا أبو عوانة، ولا نعلم أحدًا رفعه عن أبي عوانة إلا يحيى بن حماد وشيبان» .
وقال الحاكم: «وهذا إسناد صحيح على شرط الشَّيخين ولم يخرجاه؛ لإجماع الثوري وشعبة على توقيفه عن الأعمش، وأنا على أصلي [الذي] أصَّلته في قَبول الزيادة من الثقة» .
وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (3/19) : «هذا الإسناد صحيح؛ وإن كان غير مخرج في شيء = = من الكتب الستة، والأشبه أن يكون موفوفًا» .
ورواه ابن عدي في "الكامل" (7/273) من طريق يزيد ابن عطاء، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة مرفوعًا، ثم ذكر أن الأصل في الحديث أنه موقوف وأنه رواه عن الأعمش: أبو عوانة وعيسى بن يونس وأبو معاوية وشعبة والثوري مرفوعًا وموقوفًا، ثم قال: «والأصح هو الموقوف» .
ورواه ابن عدي في "الكامل" (2/345) فقال: حدثنا الحسن بن عثمان، عن خليفة بن خياط وحفص بن عمر الرازي قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وعن الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي هريرة، عن النبي (ص) به.
قال ابن عدي: «وهذا عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي (ص) مسندًا منكرًا جدًّا [كذا!] وبخاصة إذا رواه عنه ابن مهدي، وعن ابن مهدي خليفة وحفص بن عمر، والبلاء من الحسن ابن عثمان» .
ورواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/229) فقال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأَحْمُسِيُّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبي هريرة، موقوفًا.
قال وكيع: «والله! ما أرى سمعه إبراهيم من أبي هريرة» .
ورواه أبو نعيم في "الحلية" (5/45) من طريق خلاد الصفار، عن منصور، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة مرفوعًا، ثم قال أبو نعيم: «غريب من حديث منصور وأبي صالح! لم نكتبه إلا من هذا الوجه» .
ورواه وكيع في "نسخته" (16) - وعنه ابن أبي شيبة في "المصنف" (36144) -، والشافعي في "الأم" (4/338 رقم1613) عن ابن عيينة، وعبد الرزاق في "المصنف" (15066) عن معمر، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (282) من طريق عيسى بن يونس، والبيهقي (6/38) من طريق شعبة، خمستهم (وكيع وابن عيينة ومعمر وعيسى وشعبة) عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة موقوفًا.
وعرض الدارقطني في "العلل" (1903) الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: «وهو المحفوظ عن الأعمش» ؛ أي: الوقف.
(3/592)
1114 - وسمعتُ (1) أَبِي يَقُولُ: طَلْقُ بْنُ غَنَّام: هُوَ (2) ابنُ عمِّ حَفْص بْنِ غِيَاث، وَهُوَ كَاتِبُ (3) حَفْص بْنِ غِياث، رَوَى (4) حَدِيثًا مُنكرًا عَنْ شَرِيكٍ (5) وقيسٍ (6) ، عَنْ أَبِي حَصِين (7) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (8) ، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) : أَدِّي (9) الأَمَانَةَ إلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ.
_________
(1) نقل بعضَ هذا النص بتصرف ابن عبد الهادي في "المحرر" (933) ، والذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/345) ، وابن الملقن في "البدر المنير" (5/25/ب) ، وذكر السخاوي في "المقاصد" (ص31 رقم48) أن أبا حاتم قال عن هذا الحديث: «منكر» .
(2) في (ف) : «وهو» .
(3) في (ك) : «كانت» .
(4) أي: طلق بن غنام. وروايته أخرجها الدارمي في "مسنده" (2639) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (4/360) ، وأبو داود في "سننه" (3535) ، والترمذي في "جامعه" (1264) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1831) ، والطبراني في "الأوسط" (3595) ، والدارقطني في "السنن" (3/35) ، والحاكم في "المستدرك" (2/46) ، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (1/269) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/271) ، وتمام في "الفوائد" (707/الروض البسام) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/592 رقم 973) .
(5) هو: ابن عبد الله النَّخَعي.
(6) هو: ابن الربيع.
(7) هو: عثمان بن عاصم.
(8) هو: ذكوان السَّمَّان.
(9) كذا في جميع النسخ: «أدِّي» بإثبات الياء في آخره، ومثله في مطبوع "بغية الطلب، في تاريخ حلب" (5/2308) ، والجادَّة أن يقال: «أَدِّ» بحذف الياء التي هي لامُ الفعل؛ لأنَّه أمرٌ لمذكَّر، وعلى الجادَّة ورَدَ في مصادر التخريج؛ لكنَّ ما وقع في الأصول الخطية له وجهان من العربية، تقدَّم بيانهما في التعليق على المسألة رقم (228) ، وانظر مِثلَهُ في المسألة رقم (266) و (1112) .
(3/594)
قَالَ أَبِي: وَلَمْ يَروِ هَذَا الحديثَ غيرُهُ (1) .
1115 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو نُعَيم (3) ، عَنْ سُفْيان (4) ، عَنْ حَنْظَلة (5) ، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: المِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ المَدِينَةِ، والوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ.
وَرَوَاهُ أَبُو أحمدَ الزُّبَيري (6) ،
عَنْ سُفْيان، عن حَنْظَلة، عن
_________
(1) قال الترمذي في الموضع السابق: «حديث حسن غريب» . وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ أبي حَصين إلا شريك وقيس، تفرَّد به طلق» .
وقال البيهقي: «وحديث أبي حَصين تفرَّد به عنه شريك القاضي وقيس بن الربيع، وقيس ضعيف، وشريك لم يَحتجَّ به أكثر أهل العلم بالحديث؛ وإنما ذكره مسلم بن الحجاج في الشواهد» . وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/210) : «قال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت، وقال ابن الجوزي: لا يصحُّ من جميع طرقه، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: هذا حديث باطلٌ لا أعرفه من وجه يصحُّ» .
(2) نقل بعض هذا النص ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (2/19) ، وابن الملقن في "البدر المنير" (4/199/مخطوط) .
(3) هو: الفضل بن دُكَيْن. وروايته أخرجها أبو داود في "سننه" (3340) ، والنسائي في "المجتبى" (2520 و4594) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (803) ، والطبراني في "الكبير" (12/300 رقم 13449) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/20) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/31) . قال أبو نعيم: «غريبٌ من حديث طاوس وحنظلة، ولا أعلم رواه عنه متصلاً إلا الثوري» . وانظر "تنقيح التحقيق" (2/524) .
(4) هو: الثوري.
(5) هو: ابن أبي سفيان بن عبد الرحمن.
(6) هو: محمد بن عبد الله بن الزُّبَير. وروايته أخرجها البزار في "مسنده" (1262/ كشف الأستار) ، وابن حبان في "صحيحه" (3283) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/31) .
قال البزار: «لا نعلم أحدًا أسنده إلا حنظلة عن طاوس، ولا نعلم رواه إلا الثوري، وقال الفريابي: عن الثوري، عَنْ حْنَظَلَةَ، عَنْ طاوُس، عَنِ ابن عمر، وحنظلة ثقة، واختلفوا على الثوري، فقال أبو أحمد: عن الثوري، عَنْ حْنَظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابن عباس، ولم يروه غير الثوري، وحنظلة صالح الحديث» .
(3/595)
طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ أَبِي: أَخْطَأَ أَبُو نُعَيم فِي هَذَا الْحَدِيثِ، والصَّحيحُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ (1) ؛ قَالَ (2) : حدَّثني (3) أَبِي؛ قَالَ: حدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلَيٍّ الجَهْضَمي؛ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو أَحْمَدَ: أَخْطَأَ أَبُو نُعَيم فِيمَا قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ (4) .
_________
(1) هو: ابن أبي حاتم.
(2) قوله: «أخبرنا أبو محمد قال» من (ت) و (ك) فقط.
(3) في (أ) و (ش) و (ف) : «وحدَّثني» بالواو.
(4) بل وافق أبا نعيم على روايته من مسند ابن عمر: أبو المنذر إسماعيل بن عمر الواسطي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وقبيصة بن عُقْبَة.
أما رواية إسماعيل بن عمر: فأخرجها أبو عبيد في "الأموال" (ص518 رقم1607) ، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (2063) .
وأما رواية محمد بن يوسف الفريابي: فأشار إليها أبو داود عقب إخراجه رواية أبي نعيم الفضل بن دُكَين برقم (3340) ، والبزار كما سبق، وأخرجها الفاكهي في "أخبار مكة" (1917) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1252) .
وأما رواية قبيصة بن عُقْبَة: فأخرجها البيهقي في "سننه" (4/170) .
ولذا رجَّح أهل العلم رواية أبي نعيم ومن وافقه على رواية أبي أحمد الزبيري، فقال أبو داود في "سننه" (4/117/ط. عوَّامة) : «وكذا رواه الفريابي وأبو أحمد عن سفيان، وافقهما في المتن، وقال أبو أحمد - وأخطأ -: عن ابن عباس، مكان ابن عمر» .
وأخرج البيهقي الحديث في "سننه" (6/31) من طريق الطبراني، ثم نقل عنه أنه قال: «هكذا رواه أبو أحمد، فقال: عن ابن عباس، فخالف أبا نعيم في لفظ الحديث، والصَّواب: ما رواه أبو نعيم بالإسناد واللفظ» .
ونقل ابن الملقن في "البدر المنير" (4/199/مخطوط) عن الدارقطني قوله في "العلل": «الصحيح حديث ابن عمر» . وقال ابن كثير في "الإرشاد" (2/19) : «والصَّواب حديث ابن عمر» .
ولم نجد من وافق أبا حاتم على هذا الترجيح، وانظر "التلخيص الحبير" (2/337 رقم853) ، و"إرواء الغليل" (1342) .
(3/596)
1116 - قال أبومحمد (1) : سمعتُ (2) أَبِي وحدَّثنا بحديثٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ الرَّمْلي، عَنْ مُؤَمَّل بن إسماعيل، عن عبد العزيز بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ شُمَيْط (3) بْنِ عَجْلان (4) ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: زُهَيْر، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ رَجُلا مِنْ أهلِ الصُّفَّةِ مَاتَ وَتَرَكَ متاعًا، فباع النبيُّ (ص)
_________
(1) قوله: «قال أبو محمد» من (ت) و (ك) فقط.
(2) في (أ) و (ش) و (ف) : «وسمعتُ» بالواو.
(3) في (ش) : «سميط» .
(4) الحديث أخرجه الطيالسي في " مسنده" (2260) قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيط قال: حدثني أبي وعمي، = = عن أبي بكر، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) باعَ فيمَنْ يزيد حِلْسًا وقَعْبًا وقال: «مَنْ يَشْتَري؟» فقال رجلٌ: بدِرْهَم. فقال النبيُّ (ص) : «مَنْ يَزيدُ؟» . وعَمُّ عبيد الله ابن شُميط هو: الأخضر بن عَجْلان؛ كما قال البخاري في "التاريخ الكبير" (2/66) .
وأخرجه الطيالسي أيضًا (2259) فقال: حدثنا عبيد الله ابن شُميط؛ قال: سمعتُ أبا بكر الحَنَفي يحدِّث أبي وعمي، عن أنس: أن النبيَّ (ص) قال: «إن المسألةَ لا تَحِلُّ إلا لإحدى ثلاثٍ: غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أو فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أو دَم ٍ مُوجِعٍ» .
وأخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد في "المسند" (3/126 رقم12278) من طريق عبد الصَّمد بن عبد الوارث، عن عبيد الله بن شُميط.
وهذا جزءٌ من حديث هذه المسألة كما سيأتي في التخريج.
(3/597)
مَتاعَهُ (1) فِيمَنْ يَزِيدُ (2) .
قَالَ أَبِي: زهيرٌ هَذَا هُوَ: أَبُو بكرٍ الحَنَفيُّ (3) ، ووَهِمَ مُؤَمَّلٌ فِي لَفْظِ متن هذا الحديث (4) .
_________
(1) قوله: «متاعه» سقط من (ك) .
(2) سيأتي الحديث بتمامه في التعليق آخر المسألة.
(3) وهو: بصري، اسمه: عبد الله، انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (16/338) .
(4) الحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/114 رقم12134) من طريق يحيى القطَّان، والبخاري في "التاريخ" (2/66) عن عون بن عمارة، وأبو داود في "سننه" (1641) ، وابن ماجه في "سننه" (2198) ، وابن الجارود في "المنتقى" (569) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/19) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، وابن عبد البر في "التمهيد" (18/329) من طريق عيسى بن يونس، والترمذي في "جامعه" (1218) من طريق عبيد الله بن شُميط، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (305/بغية الباحث) عن روح بن عبادة، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/25) من طريق عبد الوهَّاب بن عطاء، سبعتهم عن الأخضر بن عَجْلان؛ حدثني أبو بكر الحنفي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك: أَنَّ رجلاً من الأنصار أتى النبيَّ (ص) فشكا إليه الحاجَة، فقال له النبيُّ (ص) : «ما عِندَكَ شيءٌ؟» فأتاه بحِلْس وقَدَح، فقال النبيُّ (ص) : «مَنْ يَشتَري هذا؟» فقال رجل: أنا آخذُهما بدرهم، قال: «مَن يزيدُ على درهم؟» فسكت القومُ، فقال: «مَن يزيدُ على درهم؟» فقال رجل: أنا آخذُهما بدرهمين، قال: «هُما لك» ، ثم قال: «إن المسألةَ لا تحِلُّ إلا لأحدِ ثلاثٍ: ذي دَم ٍ مُوجعٍ، أو غُرْمٍ مُفْظعٍ، أو فَقْرٍ مُدْقِعٍ» . واللفظ للإمام أحمد.
قال الترمذي: «هذا حديث حسنٌ، لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عَجْلان» .
وقال البخاري في أبي بكر الحنفي: «لا يصحُّ حديثه» . نقله الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (2/462) .
وخالفهم جميعًا المعتمر بن سليمان فرواه عن الأخضر، عَنْ أَبِي بَكْر الحنفي، عَنْ أنس، عن رجل من الأنصار، به.
وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" (312) . قال الترمذي: «سألت محمدًا [يعني البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: الأخضر بن عَجْلان ثقة، وأبو بكر الحنفي الذي روى عن أنس اسمه عبد الله» . وانظر "بيان الوهم والإيهام" (5/57 رقم2297) .
(3/598)
1117 - وسمعتُ أَبِي وحدَّثنا عَنْ إِسْحَاقَ ابن بُهْلُول الأَنْبارِي، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عليِّ بْنِ عَاصِمٍ (1) ، عَنِ الأوزاعيِّ، عَنْ واصِل (2) ، عَنْ أَبِي قِلابَة (3) : أَنَّهُ كَانَ لا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَستَقرِضَ الرجلُ الخُبْزَ مِنَ الجِيران؛ أَوْ قَالَ: الرَّغِيفَ.
قَالَ أَبِي: الحسنُ بْنُ عليِّ بْنِ عَاصِمٍ مَاتَ قَدِيمًا (4) ، لَمْ يُدرِكْه (5) ، وَهُوَ (6) شيخٌ. وَهَذَا الحديثُ لا أَدْرِي كَيْفَ هُوَ! واصِلٌ، عَنْ أَبِي قِلابَة لا يَجِيء، وَلا أعلمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا (7) عَنِ الأوزاعيِّ غَيْرَهُ.
_________
(1) روايته أخرجها الإمام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" (3572) - ومن طريقه الخطيب في "تاريخه" (7/363) - عن الحسن بن علي، به.
ورواه بحشل في "تاريخ واسط" (ص146) من طريق علي بن سليمان، عن الحسن بن علي، به.
(2) هو: ابن أبي جميل الشَّامي.
(3) هو: عبد الله بن زيد الجَرْمي.
(4) في (ك) : «فدعا» بدل: «قديمًا» .
والحسن بن علي بن عاصم الواسطي هذا مات في حياة أبيه كما قال ابن حبان في "الثقات" (8/170) ، والفضل بن سهل ويحيى بن أبي طالب كما في "تاريخ بغداد" للخطيب (7/363) . وأبوه توفي سنة (201 هـ) كما في "تهذيب الكمال" (20/519) .
(5) يعني: أن إسحاق بن بُهلول لم يدرك الحسنَ بْنِ عَلَيِّ بْنِ عَاصِمٍ. وإسحاقُ كانت ولادته سنة أربع وستين ومئة كما في "سير أعلام النبلاء" (12/489) . ولكن إسحاق توبع كما تقدم.
(6) أي: الحسن بن علي.
(7) قوله: «هذا» سقط من (ك) .
(3/599)
1118 - وسألتُ (1)
أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة (2) ، عَنِ حمَّاد (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (4) ، عَنْ أَبِي سعيد الخُدْري، عن النبيِّ (ص) : أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُسْتَأجَرَ الأَجِيرُ حتى يَعْلَمَ أَجْرَهُ.
قلتُ (5) : وَرَوَاهُ الثَّوْريُّ (6) عَنْ حمَّاد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْقُوفٌ (7) ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: الصَّحيحُ موقوفٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ لأنَّ الثَّوريَّ أحفظُ.
1119 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة، عَنِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عمَّنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَهَى رسولُ الله (ص) عَنْ بَيْعَتَينِ وَلِبْسَتَيْن؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ ابنُ جُرَيج (8) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاء بْنِ
_________
(1) نقل هذا النص بتمامه الزيلعي في "نصب الراية" (4/131) ، ونقل بعضه ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (2/81) ، لكن جعله من قول أبي حاتم وأبي زرعة!
وستأتي هذه المسألة برقم (2835) .
(2) روايته أخرجها الإمام أحمد (3/59 رقم 11565) ، وأبو داود في "المراسيل" (181) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/120) .
(3) هو: ابن أبي سليمان.
(4) هو: ابن يزيد النخعي.
(5) قوله: «قلت» من (ف) فقط.
(6) ورواه شعبةُ أيضًا، وروايته أخرجها النسائي في "المجتبى" (3857) . وانظر "إرواء الغليل" (1490) .
(7) كذا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، انظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(8) هو: عبد الملك بن عبد العزيز. وروايته أخرجها البخاري (1993) ، ومسلم (1511) .
(3/600)
مِيناء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ (1) : يُنْهَى (2) عَنْ بَيْعَتَينِ.
وَرَوَاهُ مَعقِلُ بن عُبَيدالله، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاء، عَنْ أَبِي هريرةَ؛ قَالَ: نهى رسولُ الله (ص) ... .
قَالَ أَبِي: وكُلُّها صحيحٌ؛ ضَبَطَ (3) ابنُ جُرَيج؛ هو (4) : عَطاء بْنُ مِينَاء.
1120 - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ (5) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو (6) الْوَلِيدِ (7) ، عَنْ أَبِي الأَحْوَص (8) ، عَنْ سِمَاك (9) ، عَنْ عِكْرمة، عَنِ ابْنِ عباس، عن النبيِّ (ص) : لا يَبِيعُ (10) حَاضِرٌ لِبَادٍ؟
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خطأٌ (11) ، أَخْطَأَ فِيهِ أَبُو الْوَلِيدِ؛ إِنَّمَا هُوَ: أنَّ
_________
(1) قوله: «قال» سقط من (ك) .
(2) كذا لفظه أيضًا عند البخاري، ولفظه عند مسلم: «نَهى عن بَيْعَتَين» ، فهو مرفوع إلى النبي (ص) ؛ كما هو مقرر في علم الحديث.
(3) قوله: «ضبط» ليس في (ش) .
(4) أي: المبهم في رواية حماد بن سلمة.
(5) في (ك) : «سألت أبي» .
(6) قوله: «أبو» سقط من جميع النسخ، عدا (أ) فإنه أُلحق فيها، وسيأتي على الصَّواب.
(7) هو: هشام بن عبد الملك الطيالسي.
(8) هو: سلاَّم بن سُلَيم.
(9) هو: ابن حرب.
(10) كذا في جميع النسخ، ومثله في بعض مصادر التخريج، وجاء في بعضها أيضًا بلفظ: «لا يَبِعْ» ، واللفظان محفوظان في كثير من كتب الحديث كالصحيحين وغيرهما، كلاهما صحيح فصيح في العربية. أما قوله: «لا يَبِعْ» ، فوجهه أنَّ «لا» ناهية في اللفظ والمعنى، والفعلُ بعدها مجزومٌ بها، وأمَّا: «لا يَبِيعُ» ، فمتجه على أنَّ «لا» نافيةٌ في اللفظ، ناهية في المعنى، والمضارعُ بعدها مرفوعٌ، وهذا أبلغ من النهي الخالص. انظر بيان ذلك في التعليق على المسألة رقم (331) ، وانظر مثل ذلك في المسألة رقم (1111) و (1154) .
(11) يعني: من هذا الطريق؛ وإلا فالحديث رواه البخاري في "صحيحه" (2158) ، ومسلم (1521) كلاهما من طريق عبد الله بن طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عباس، به.
(3/601)
النبيَّ (ص) قَالَ: لا تَسْتَقْبِلُوا السُّوقَ، وَلاَ تُحَفِّلُوا (1)
(2) .
1121 - وسمعتُ أَبِي وَذَكَرَ حديثَ جابرٍ: أنَّ النبيَّ (ص) اشْتَرَى مِنْ جابرٍ بَعِيرًا، واشترَطَ رُكوبَها (3) .
فَقَالَ: حديثُ هُشَيْمٍ (4) ، عَنْ سَيَّار (5) ، عَنْ أَبِي هُبَيْرة يَحْيَى بن
_________
(1) في (ك) : «تحعلوا» .
والمراد: لا تُحَفِّلوا الشَّاة، أي: لا تتركوا حَلْبَها حتى يجتمعَ اللبنُ في ضَرْعها. انظر "المصباح المنير" (1/142) . فالمُحَفَّلة: هي الشَّاةُ، أو البقرةُ، أو النَّاقةُ، لا يَحْلُبُها صاحبها أيامًا، حتى يجتمعَ لبنُها في ضَرْعِها، فإذا احْتَلَبها المُشتري حَسِبها غَزِيرةً، فزادَ في ثمنها، ثم يظهرُ له بعد ذلك نقصُ لبنها عن أيام تَحْفِيلِها. سُمِّيت مُحَفَّلة؛ لأن اللَّبَنَ حُفِّل في ضَرْعها، أي: جُمع. انظر "النهاية" (1/409) . وانظر كلام الترمذي عقب إخراجه للحديث برقم (1268) .
(2) الحديث رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (36239) عن شيخه أبي الأحوص باللفظ الذي رجَّحه أبو زرعة. وأخرجه الترمذي في "جامعه" (1268) من طريق هناد ابن السَّري، والطحاوي في "شرح المعاني" (4/7) من طريق يوسف بن عدي وأسد، وأبو يعلى في "مسنده" (2356) من طريق خلف بن هشام، والطبراني في "الكبير" (11/232 رقم 11774) من طريق مسدَّد وعاصم بن علي، جميعهم عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ (ص) ، به.
قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» .
(3) وفيه أيضًا قول النبيِّ (ص) لجابر في قصة زواجه: «فهلاَّ جاريةً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك!» .
(4) هو: ابن بشير الواسطي. وروايته أخرجها الإمام أحمد في "مسنده" (3/303 رقم 14251) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1965 و2125) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (4410) ، والطبراني في "الأوسط" (1144) .
قال الطبراني: «لم يروه عن سيار أبي الحكم إلا هشيم» .
ورواه البخاري في "صحيحه" (5079) ، ومسلم عقب الحديث (1466) من طريق هشيم، عن سيَّار، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) بقصة زواج جابر، وقول النبي (ص) له: «فهلاَّ جاريةً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك!» .
(5) هو: أبو الحكم العَنَزي.
(3/602)
عَبَّاد، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) : صحيحٌ.
1122 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ قَتَادة (1) ،
وحمَّادُ بنُ سَلَمة (2) ، عَنْ عِكْرمَة بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابن عمر، عن النبيِّ (ص) (3) قَالَ: مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ (4) ، فَثَمَرَتُها (5) لِلْبَائِعِ؛ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ؟
قَالَ أَبِي: كنتُ أستَحْسِنُ هَذَا الحديثَ مِنْ ذِي (6) الطَّريقِ، حَتَّى رأيتُ مِنْ حديثِ بعضِ الثِّقَات (7) : عَنْ عِكْرمَة بْنِ خالد، عن الزُّهْري،
_________
(1) روايته أخرجها الترمذي في "العلل الكبير" (325) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/325) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وابن عدي في "الكامل" (2/213) من طريق الحكم بن عبد الملك، كلاهما عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عمر، به.
قال البيهقي: «وهذا منقطع، وقد روي عَنْ هِشَامٍ الدَّستوائي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبي (ص) ، وكأنه أراد حديث الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ» .
(2) روايته أخرجها الإمام أحمد في "مسنده" (2/30 رقم 4852) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/26) . ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (14621) ، والنسائي في "الكبرى" (4993) من طريق مطر الوراق، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابن عمر، به.
(3) قوله: «عن النبي (ص) » سقط من (ف) .
(4) أي: لُقِّحَتْ. انظر "النهاية" (1/13) .
(5) في (ك) : «فتمرتها» .
(6) كذا في (ت) و (ك) ، وفي بقية النسخ: «ذى» بإهمال الياء.
و «ذي» هنا: اسمُ إشارةٍ لمؤنَّث، والطريق يؤنَّث في لغة أهل الحجاز، فكأنه قال: من هذه الطريق. وانظر في تأنيث «الطريق» وتذكيره: "المصباح المنير"، وغيره من المعاجم (ط ر ق) .
(7) رواه الترمذي في "العلل الكبير" (326) ، والنسائي في "الكبرى" (4994) من طريق معاذ بْن هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الزهري، عن ابن عمر، به. قال الترمذي: «سألت محمدًا [يعني البخاري] عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقُلْتُ لَهُ: حديث الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن النبي (ص) : " من باع عبدًا ... ". وقال نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عمر، أيهما أصحُّ؟ قال: إن نافعًا يخالف سالمًا في أحاديث، وهذا من تلك الأحاديث، روى سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) . وقال نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عمر؛ كأنه رأى الحديثين صحيحين، أنه يحتمل عنهما جميعًا» .
(3/603)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: فَإِذَا الحديثُ قَدْ عَادَ إِلَى الزُّهْري، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ (ص) (1) .
1123 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَوْن، عَنِ ابْنِ عُيَينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاء (3) ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: قَضاني رسولُ الله (ص) وزادَني؟
قَالَ أَبِي: كَذَا حدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَوْن، وأحسَبُه قَدْ غَلِطَ؛ إِنَّمَا يُرْوَى هَذَا الحديثُ عَنْ مِسْعَر (4) ، عَنْ مُحَارب بْنِ دِثَار، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
_________
(1) من قوله: «قال أبي فإذا الحديث ... » إلى هنا سقط من (ف) ؛ بسبب انتقال بصر الناسخ. ومقصود أبي حاتم: أن الحديث عاد إلى هذه الطريق الصَّحيحة المعروفة، التي أخرجها البخاري (2379) ، ومسلم (1543) .
(2) انظر المسألتين المتقدِّمتين برقم (266) و (1112) .
(3) هو: ابن أبي رباح. والحديث رواه البخاري في "صحيحه" (2309) من طريق ابن جريج، عن عطاء ابن أبي رباح وغيره، يزيد بعضهم على بعض، ولم يبلغه كلهم؛ رجلٌ واحد منهم عن جابر، فذكر الحديث بطوله، وفيه قصة بيع جابر جمله للنبي (ص) .
(4) هو: ابن كدام. وروايته تقدم تخريجها في المسألة رقم (266) .
(3/604)
قَالَ أَبِي: وَلا يُعْرَف هَذَا الحديثُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، وَلا يَحْتملُ أَنْ يكونَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ (1) .
1124 - وسألتُ (2) أبي عن حديثِ نَصْرِ ابن عَلَيٍّ (3) ، عَنْ سُلَيمان بْنِ سُلَيم، عن جابر ابن يَزِيدَ (4) ، عَنْ سُفْيان الزَّيَّات، عَنِ الرَّبيع بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ النبيَّ (ص) اسْتَسْلَفَ مِنْ رجلٍ مِنَ الْيَهُودِ شَيْئًا إِلَى المَيْسَرَة، فَقَالَ اليهوديُّ: وَهَلْ لمحمدٍ مِنْ مَيْسَرَة؟ فأتيتُ النبيَّ (ص) فأخبرتُهُ، فَقَالَ: كَذَبَ اليَهُودِيُّ! أَنَا خَيْرُ مَنْ بَايَعَ (5) ، لَأَنْ يَلْبَسَ الرَّجُلُ ثَوْبًا مِنْ رِقَاعٍ شَتَّى؛ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ فِي أَمَانَتِهِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ (6) ،
وسُلَيمانُ وسُفْيانُ مجهولان ِ.
_________
(1) أي: لا يعرف هذا الحديث من طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ، عَنْ جَابِرٍ، وَلا يُحْتَمَلُ أَنْ يكون عن جابر من هذا الطريق.
(2) نقل بعض هذا النص الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (3/55-56) ، و"التلخيص الحبير" (1229) بتصرف، وانظر المسألة الآتية برقم (1924) .
(3) روايته أخرجها عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص34) .
(4) وليس هو بالجعفي. قاله ابن حجر في الموضع السابق من "لسان الميزان".
(5) في (ك) : «مايع» ، وهو خطأ.
(6) الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند" (3/243-244 رقم 13559) فقال: حدثنا محمد بن يزيد، حدثنا أبو سلمة صاحب الطعام، أخبرني جابر بن يزيد - وليس بجابر الجعفي - عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أنس بن مالك به.
ومن طريق أحمد رواه الخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص59) .
قال الحافظ ابن حجر في "اللسان" (3/56) : «ولم يذكر بين الربيع وجابر أحدًا، فتبيَّن انقطاع روايته» . ورواه البزار في "مسنده" (1305/كشف الأستار) ، والطبراني في "الأوسط" (1476) ، وابن عدي في "الكامل" (1/401) من طريق أَسِيد الجمال، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسِ، به.
وليس في رواية ابن عدي نسبة عاصم بأنه «الأحول» .
قال البزار: «لا نعلم رواه عن عاصم، عن أنس إلا أبو بكر» .
وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ عاصم إلا أبو بكر، تفرد به أَسِيد» .
وقال ابن عدي: «وهذا الحديث بهذا الإسناد أيضًا لا أعلم يرويه عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ غيرُ أَسِيد بن زيد، وعاصم المذكور في الإسناد: عاصم بن بهدلة؛ ليس هو عاصم الأحول» .
(3/605)
1125 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُؤَمَّل بن إسماعيل (1) ، عن عبد الله العُمَري، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، عن النبيِّ (ص) : نَهَى عَنْ بيعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُقْبَضَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
1126- وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه عبد الصَّمد بن عبد الوارث (2) ،
_________
(1) لم نقف على روايته على هذا الوجه، ولكن رواه الطبراني في "الأوسط" (6718) من طريق هشام بن عمار، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ حكيم بن حزام اشترى طعامَ الرِّزق، فباعه قبل أن يقبضَه، فنهاه عمر، وقال: = = «أما إن النبيَّ (ص) نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُقبضَ، فردَّ إليه رأس ماله» .
قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ نافع إلا عبد الله بن عمر، ولا عن عبد الله بن عمر إلا مؤمل، تفرَّد به هشام بن عمار» .
ولم نقف على هذا الحديث في "مجمع البحرين في زوائد المعجمين" للهيثمي، فهذا مما يقوِّي أنه عن ابن عمر؛ لأنه رواه البخاري في "صحيحه" (2126) ، ومسلم في "صحيحه" (1526) من طريق مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، عن النبي (ص) ، به.
(2) روايته أخرجها البزار في "مسنده" (ق 8/أ/مسند أنس) ، و (1324/كشف الأستار) ، والطبراني في "الصغير" (681) ، والدارقطني في "الأفراد" (ق69/أطراف الغرائب) . قال البزار بعد أن ذكر له حديثًا آخر أيضًا: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أنس من هذا الطريق، ولا نعلم أسند بُديل عن أنس إلا هذين الحديثين» .
وقال الطبراني: «لم يروه عن بُديل بن مَيْسَرة إلا الحسن، تفرَّد به عبد الصمد» .
وقال الدارقطني: «تفرَّد به الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُديل، عنه» .
(3/606)
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُدَيْل (1) ، عَنْ أَنَسٍ (2) ، عَنِ النبيِّ (ص) قال: خَصْلَتَان ِ لا يَحِلُّ مَنْعُهُمَا: المَاءُ وَالنَّارُ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ (3) .
1127- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُوَيْدٌ أَبُو حاتِم (4) ، عَنْ قَتادة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله؛ قال: ليس بين الأب ِ وبين ابنِهِ رِبًا (5) ؟
_________
(1) هو: ابن مَيْسَرة العُقيلي.
(2) في (ف) : «عن بديل، عن أبيه، عن أنس» .
(3) نقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (3/143 رقم 1338) كلام أبي حاتم مختصرًا.
(4) هو: سويد بن إبراهيم الجَحْدَري.
(5) رسمت في جميع النسخ هكذا: «ربوا» بواوٍ بعدها ألفٌ، وهو رسم قديم للكُتَّاب درَجَ عليه بعضُ كَتَبَةِ الحديث كما وقع هنا. وهو موافق لرسم المصحف العثماني، وقد ذكر العلماء أن الرِّبَا: مقصورٌ، وهو من رَبَا يَرْبُو، فيكتبُ بالألف وتثنيتُهُ: رِبَوَان، واختار الكوفيون كَتْبَهُ وتثنيته بالياء؛ الرِّبَى، والرِّبَيَان؛ لكسر أوَّله، وغلَّطهم البصريُّون. وكَتْبُهُ في المصحف بالواو، قيل: لأنَّ أصله الواو، وقال الفراء: «إنما كتبوه بالواو؛ لأنَّ أهل الحجاز تعلَّموا الكتابة من أهل الحيرة، ولغتهم: الرِّبَوْا، فعلَّموهم صورة الخطِّ على لغتهم، فأخذوه كذلك عنهم، وكذلك قرأها أبو سماك العدوي: «الرِّبَوْا» بالواو، وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة بسبب كسرة الراء، وقرأ الباقون بالتفخيم لفتحة الباء، واليومَ أنت فيه بالخيار: إن شئت كتبته بالواو على ما في المصحف موافقةً له، وإن شئت بالياء، وإن شئت بالألف» . اهـ. وقد نقل ذلك عن الفراء الثعلبيُّ في "تفسيره" (2/281) ، والنووي في "المجموع شرح المهذَّب" (9/374) وغيرهما، وفي "اللباب" للعكبري (2/488) ، قال: «الربوا: تكتب بالواو؛ لئلاَّ تشتبه بـ «الزِّنَا» . اهـ.
وأما كتابة ألف بعد الواو: فقد قال القلقشندي في "صبح الأعشى" (3/204) : «وجمعوا في "الربا" بين العوض والمعوَّض منه، فكتبوه بواوٍ وألفٍ بعدها، على هذه الصورة «الربوا» . اهـ، وفي "تفسير النسفي" (1/133) قال: «زيدتِ الألفُ بعدها تشبيهًا بواو الجمع» . وانظر "همع الهوامع" (3/527) ، و"الكليات" لأبي البقاء الكفوي (ص 24 و555) ، و"صبح الأعشى" (3/177) ، و"المطالع النصرية" للهوريني (ص138) ، و"معجم القراءات" (1/401/سورة البقرة/275) .
(3/607)
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: قَتادة، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ؛ كَذَا يَرْوِيهِ الدَّسْتوائي (1) .
1128 - وسألتُُ (2) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ المبارك (3) ، عن ثَوْر
_________
(1) هو: هشام بن أبي عبد الله. وروايته أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (20036) عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد؛ قال: «ليس بين العَبد وبين سَيِّده ربًا» . ورواه ابن أبي شيبة أيضًا (20039) من طريق سعيد، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد والحسن؛ قالا: «ليس بين العَبد وبين سيِّده رِبًا» .
(2) ستأتي هذه المسألة برقم (1164) .
(3) هو: عبد الله. وروايته أخرجها الإسماعيلي في "مستخرجه" - كما في "فتح الباري" لابن حجر (4/345) -، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/32) من طريق أبي الربيع الزهراني، عن ابن المبارك، به.
وقد خولف أبو الربيع: فأخرجه الإمام أحمد في = = "المسند" (4/131 رقم 17177) ، والبيهقي في "سننه" (6/31) ، من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بن معدان، عن المقدام، به، ولم يذكر جبيرَ بن نفير.
وعبد الرحمن بن مهدي أوثقُ من أبي الربيع الزهراني، فروايته أرجحُ من روايته، فيكون الصواب في رواية ابن المبارك: حذف جبير بن نفير من الإسناد، ويؤيِّد ذلك: أن الوليد بن مسلم ويحيى بن حمزة رَوَيا الحديث عن ثور بن يزيد، ولم يذكرا جبير بن نفير:
فأمَّا رواية الوليد بن مسلم: فأخرجها البخاري في "صحيحه" (2128) .
وأما رواية يحيى بن حمزة: فأخرجها أبو نعيم في "الحلية" (5/217) ، والبيهقي في "سننه" (6/32) . وكذا رواه بَحير بْنِ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بن معدان، إلا أنه زاد في الإسناد أبا أيوب كما سيأتي.
(3/608)
بن يزيد، عن خالد ابن مَعْدان، عَنْ جُبَير بْنِ نُفَير، عَنِ المِقْدام بْنِ مَعْدِي كَرِب، عن النبيِّ (ص) قَالَ (1) : كِيلُوا طَعامَكُمْ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ (2) ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ بَقِيَّة (3) ، عَنْ [بَحِير] (4) بْنِ سَعْدٍ (5) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان (6) ، عَنِ المِقْدام، عن النبيِّ (ص) ؛ ولا يُدْخِلُ بينهما جُبَيْرَ
_________
(1) قوله: «قال» سقط من (ك) .
(2) قوله: «فيه» ليس في (ت) و (ك) .
(3) هو: ابن الوليد. ولم نقف على رواية بقية للحديث على هذا الوجه، والمعروف عنه روايته بزيادة أبي أيوب الأنصاري في "سنده".
فالحديث رواه أحمد في "المسند" (5/414 رقم 23508 و23509) ، وابن ماجه في "سننه" (2232) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (4/121 رقم 3859) ، وفي "مسند الشاميين" (1129) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (697) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/32) ، جميعهم من طريق بَقِيَّةُ، عَنْ بَحير، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ، عَنِ أبي أيوب الأنصاري، به.
وتابع بقيةَ إسماعيلُ بن عياش، وستأتي روايته في المسألة رقم (1164) .
وذكر الدارقطني في "العلل" الخلاف على خالد بن معدان في زيادة أبي أيوب أو حذفها، فقال: «يرويه بَحير بن سعد وثور بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ معدان، واختُلِف فيه: فقال بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ: عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ، عَنِ أبي أيوب، قاله عنه بقية وإسماعيل بن عياش. وخالفه ثور بن يزيد فرواه عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ المقدام، عن النبي (ص) ، لم يذكر أبا أيوب فيه، قال ذلك ابن المبارك ويحيى بن حمزة عنه، والقول قول بَحير بن سعد؛ لأنه زاد» . اهـ.
(4) تصحَّف في جميع النسخ إلى: «يحيى» ، وكُتِبَ في هامش النسخة (أ) بخط مغاير: «الصواب: بحير بن سعد» . وسيأتي على الصَّواب في المسألة رقم (1164) ، وانظر "تهذيب الكمال" (4/20) .
(5) في (ش) : «سعيد» ، ثم صوِّبت.
(6) في (ت) و (ك) : «سعدان» بدل: «معدان» .
(3/609)
ابنَ نُفَير (1) .
قلتُ لأَبِي (2) : أيُّهما الصَّحيحُ؟
قَالَ: حديثُ ثَوْرِ بنِ يَزِيد (3) ؛ حيثُ زَادَ رَجُلا (4) .
1129 - وسألتُ (5) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بن عَبَّاد (6) ، عن عبد العزيز الدَّرَاوَرْدي (7) ، عَنْ حُمَيد (8) ، عَنْ أَنَسٍ: أنَّ النبيَّ (ص) قَالَ: إِنْ لَمْ يُثَمِّرْهَا اللهُ، فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟! ؟
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ كلامُ أَنَسٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: كَذَا يَرْوِيهِ الدَّرَاوَرْدي ومَالِكُ بْنُ أنس (9)
_________
(1) انظر الكلام على هذه الطريق في المسألة رقم (1164) .
(2) قوله: «لأبي» من (ف) فقط.
(3) قوله: «بن يزيد» ليس في (ت) و (ف) و (ك) ، وفي هامش (أ) - تعليقًا على هذا الموضع - ما نصُّه: «الصواب: بحير بن سعد» ؛ يعني: بدل «ثور بن يزيد» ، والرجل الذي زاده بحير بن سعد هو أبو أيوب، لكنه لم يَرِد له ذكر في جميع النسخ، مع أن الصَّواب إثباته كما سبق!!
ومع ذلك فليس هذا هو مراد أبي حاتم، بل مراده ترجيح رواية من رواه بزيادة جبير بن نفير، وهي رواية ثور بن يزيد هنا، وأكد ذلك أيضًا في المسألة رقم (1164) .
(4) في هذا التَّرجيح نظر يتضح من تخريج الطرق السابقة! وقد خالف البخاريُّ أبا حاتم، فأخرج الحديث في "صحيحه" - كما سبق - من الطريق الناقصة.
(5) انظر المسألة رقم (1139) و (1414) .
(6) روايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (1555) .
(7) هو: عبد العزيز بن محمد.
(8) هو: ابن أبي حُمَيد الطَّويل.
(9) روايته عنده في "الموطأ" (2/618) ، ومن طريقه أخرجه البخاري في "صحيحه" (2198) ، ومسلم في "صحيحه" (1555) .
(*) ... كذا في جميع النسخ، بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد تقدم التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(3/610)
مَرْفُوعٌ (*) ، وَالنَّاسُ يَرْوونَهُ مَوْقُوفٌ (*) مِنْ كلام أنس (1) .
_________
(1) يعني: آخرَ الحديث، وهو الجزءُ الذي ذكره المصنِّف هنا.
والحديث أخرجه البخاري (2198) ، ومسلم (1555) ، ولفظه بتمامه: أن رسول الله (ص) نهى عن بيع الثِّمار حتى تُزْهِيَ، فقيل له: وما تُزهي؟ قال: حتَّى تَحْمَرَّ. ثم ذكر اللفظ المذكور هنا، فمنهم من ذكره مرفوعًا، ومنهم من وقفه على أنس.
قال الدارقطني في "التتبع" (198) : «وقد خالف مالكًا جماعةٌ، منهم: إسماعيل بن جعفر وابن المبارك وهشيم ومروان ويزيد بن هارون وغيرهم؛ قالوا فيه: قال أنس: أرأيتَ إن منع الله الثَّمرة؟ وأخرجا أيضًا حديث إسماعيل بن جعفر، عن حميد، وقد فصل كلام أنس من كلام النبي (ص) » . اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في "مقدمة الفتح" (ص 360) : «سبق الدارقطنيَّ إلى دعوى الإدراج في هذا الحديث: أبو حاتم وأبو زرعة الرَّازيان، وابن خزيمة، وغير واحد من أئمة الحديث كما أوضحته في كتابي "تقريب المنهج بترتيب المدرج"، وحكيتُ فيه عن ابن خزيمة أنه قال: رأيت أنس بن مالك في المنام، فأخبرني أنه مرفوع، وأن معتمر بن سليمان رواه عن حميد مدرجًا، لكن قال في آخره: لا أدري أنسٌ قال: بم يستحلُّ؟ أو حدَّث به عن النبي (ص) ؟ والأمر في مثل هذا قريب» . اهـ.
وقال في "الفتح" (4/398-399) : «قوله: "فقال رسول الله (ص) : أرأيتَ إذا منعَ الله الثَّمرة ... " الحديث: هكذا صرَّح مالك برفع هذه الجملة، وتابعه محمد بن عباد، عن الدَّراوَرْدي، عن حميد؛ مقتصرًا على هذه الجملة الأخيرة، وجزم الدارقطني وغيرُ واحد من الحفاظ بأنه أخطأ فيه، وبذلك جزم ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه وأبي زرعة. والخطأ في رواية عبد العزيز من محمد بن عباد، فقد رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ الدَّراوَرْدي كرواية إسماعيل بن جعفر الآتي ذكرُها، ورواه معتمر بن سليمان وبشر بن المفضل عن حميد، فقال فيه: " قال: أفرأيتَ ... " إلخ. قال: فلا أدري أنسٌ قال: بم يستحلُّ؟ أو حدَّث به عن النبي (ص) ؟ أخرجه الخطيب في "المدرج". ورواه إسماعيل بن جعفر، عن حميد، فعطفه على كلام أنس في تفسير قوله: " تزهي"، وظاهره الوقف. وأخرجه الجوزقي من طريق يزيد بن هارون، والخطيب من طريق أبي خالد الأحمر؛ كلاهما عن حميد بلفظ: "قال أنس: أرأيتَ إن منعَ الله الثَّمرة " الحديث. ورواه ابن المبارك وهشيم كما تقدم آنفًا عن حميد، فلم يذكرا هذا القدر المُختَلَف فيه، وتابعهما جماعةٌ من أصحاب حميد عنه على ذلك. قلت: وليس في جميع ما تقدَّم ما يمنع أن يكونَ التفسير مرفوعًا؛ لأن مع الذي رفعه زيادةٌ على ما عند الذي وقفه، وليس في رواية الذي وقفه ما ينفي قول من رفعه. وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر ما يُقَوِّي رواية الرفع في حديث أنس، ولفظه: " قال رسول الله (ص) : لو بعتَ من أخيك ثمرًا، فأصابته عاهة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ "» .
ثم إن ابن حجر عكس ذلك في "التلخيص الحبير" (1215) فقال - بعد أن ذكر الحديث -: «وقد بيّنت في "المدرج" أن هذه الجملة موقوفة من قول أنس، وأن رفعها وهمٌ، وبيانها عند مسلم» . اهـ.
وانظر "الفصل للوصل" للخطيب البغدادي (1/172-177) ، فإنه ذكر الحديث، ورجح الوقف، وحكم على رواية مالك بالوهم.
(3/611)
1130 - وسألتُ (1) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ عِياض (2) ، عن عُبَيدالله (3) ، عن نافعٍ وعبد اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّ النبيَّ (ص) نَهَى عَنْ بَيْعِ الوَلاَء وَعَنْ هِبَتِهِ؟
فَقَالا: هَذَا خطأٌ؛ وَهِمَ فِيهِ أَبُو ضَمْرَة (4) ، الناسُ يَقُولُونَ: عُبَيدالله، عن عبد الله بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن النبيِّ (ص) ، ويَرْوُونَ (5) عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر- موقوفً (6) -: الوَلاءُ لُحْمَةٌ (7) ؛ وهذا هو الصَّحيحُ.
_________
(1) انظر المسألة المتقدمة برقم (1107) ، والآتية برقم (1645) .
(2) روايته أخرجها أبو عوانة في "مسنده" (3/238/المعرفة) .
(3) هو: ابن عمر العُمَري.
(4) هو: أنس بن عياض.
(5) في (ت) و (ف) و (ك) : «وَيَرْوُن» .
(6) كذا بحذف ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، انظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(7) قال الفيومي في "المصباح المنير" (ص 551) : اللُّحْمَةُ بالضمِّ: القَرابَةُ، والفتحُ لغةٌ.
(3/612)
1131 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ فُلَيح (2) ، عَنْ سُهَيل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ... ، الحديثَ؟
قَالَ أَبِي: حدَّثنا قُتَيبة (4) ، عَنْ يعقوبَ الإِسكَنْدَراني (5) ، عَنْ سُهَيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: هَذَا أشبهُ وأصَحُّ (6) ، وكان يحيى ابن مَعِينٍ [حَمَلَ] (7) عَلَى فُلَيح وَعَلَى أَبِي أُوَيس، وَكَانَ يعقوبُ الإِسكَنْدَرانيُّ مِن أَهْلِ المدينةِ، سَكَنَ الإسكَنْدَرِيَّةَ.
وممَّا (8) يقوِّي حديثَ ذَى (9) : ما رواه عبدُالسَّلام (10) ، عن
_________
(1) تقدمت هذه المسألة برقم (1106) .
(2) هو: ابن سليمان.
(3) هو: ذَكوان السَّمَّان.
(4) هو: ابن سعيد. وروايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (1584) .
(5) هو: يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد القاري الإسكندراني.
(6) وهذا الذي صوَّبه الدارقطني في "العلل" (1930) أيضًا.
(7) في جميع النسخ: «عمل» ، والتصويب اجتهاد منا، وابن معين كان يحمل على فليح وأبي أويس - واسمه: عبد الله بن عبد الله بن أويس- ويضعِّفُهما. كما في "تهذيب الكمال" (23/319-321) .
(8) في (ك) : «مما» بلا واو.
(9) كذا في (أ) و (ف) بلا نقط، وفي بقية النسخ: «ذي» بالياء المنقوطة، والجادَّة «ذا» ، والمراد: حديثُ هذا، لكنْ نقل سيبويه إمالة «ذا» الإشارية؛ ولذلك تُكْتَبُ بالياء «ذى» ، ولا تُنْطَقُ إلا ألفًا ممالة. انظر التعليق على قوله: «من ذا الوجه» في المسألة رقم (124) .
(10) هو: ابن حرب. وروايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (6/38 رقم 5447) ، و"الأوسط" (4144) ، والدارقطني في "الأفراد" (278/أ/أطراف الغرائب) . قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ عبد الملك بن ميسرة إلا أبو خالد، ولا رواه عن أبي خالد إلا عبد السلام، تفرَّد به عبد المؤمن وأبو غسان النهدي» . وقال الدارقطني: «غريب من حديث عبد الملك بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، تفرد به أبو خالد الدالاني يزيد ابن عبد الرحمن عنه، ولم يروه عنه غير عبد السلام، تفرَّد به محمد بن سعيد الأصبهاني» .
(3/613)
الدَّالاني (1) ، عن عبد الملك بْنِ مَيْسَرة، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
1132 - وسمعتُ (2) أَبِي وذكر حَدِيثًا رَوَاهُ فُضَيل بْنُ عِياض، عَنْ لَيْث (3) ، عَنِ المُغِيرَة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: الرِّبَا (4) سبعونَ بابًا، أدناها (5) أَنْ يَنكِحَ (6) الرَّجُلُ أُمَّهُ.
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: لَيْث، عَنْ أَبِي المُغيرَة - وَاسْمُهُ زِيَادٌ (7) - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
1133 - وسألتُ (8) أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ ابنُ أبي ذِئْب (9) ،
عن
_________
(1) هو: أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن.
(2) انظر المسألة المتقدمة برقم (1105) ، والآتية برقم (1136) و (1159) و (1170) .
(3) هو: ابن أبي سُلَيم.
(4) كذا في (ش) ، وفي بقيَّة النسخ: «الربوا» ، وهو رسمٌ قديمٌ درَجَ عليه بعضُ الكَتَبَةِ كما وقع هنا. وانظر التعليق على ذلك في المسألة رقم (1127) .
(5) قوله: «أدناها» سقط من (ك) .
(6) كذا في جميع النسخ! والمعروف: «أدناها مثل أن ينكح» .
(7) ذكر في "الجرح والتعديل" (3/543 رقم 2457) أن اسمه: زياد بن المغيرة وكنيته: أبو المغيرة.
(8) ستأتي هذه المسألة برقم (1566) ، مجيبًا عنها أبو حاتم وأبو زرعة.
(9) هو: محمد بن عبد الرحمن. ولم نقف على روايته من هذا الوجه، لكنْ أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (17111 و17112) من طريق عبد الوهَّاب ومن طريق أبي بكر بن عبد الله وغيره، وأبو عبيد في "الأموال" (288) من طريق يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/37) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (1/262) من طريق عبد الله بن وَهْب، جميعهم عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، = = عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عن أسلم مولى عمر، عن عمر، به. ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (24091) هكذا: حدثنا ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن القاسم، عن أسلم، به من قوله.
وابن أبي شيبة لا أظنُّه سمع من ابن أبي ذئب، فلعلَّ في الإسناد سقطًا - والله أعلم - وانظر "مسند الفاروق" لابن كثير (1/137) .
(3/614)
الزُّهْري، عن القاسم ابن مُحَمَّدٍ، عَنْ رجُلٍ سمَّاه، عَنْ عُمَرَ؛ قَالَ: لا بأسَ عَلَى امرئٍ (1) ابتاعَ مِنْ أَهْلِ الكتابِ (2) خَلًّا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تعمَّدوا إفسادَه (*) ، حَتَّى يكونَ اللهُ هُوَ أفسَدَه (*) ؟
فقال (3) أَبِي: كَذَا رَوَاهُ ابنُ أَبِي ذِئْب! وَلا أحسَبُهُ إِلا وَهُوَ وَهَمٌ؛ يُشْبِهُ كلامَ الزُّهْري، حَتَّى رأيتُ مِن رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ (4) ،
عن
_________
(1) في (أ) و (ش) و (ك) : «امر» .
(2) في (ك) : «للكتاب» .
(*) ... كذا في جميع النسخ: «إفساده» و «أفسده» ، والضمير في ظاهره يعود إلى «الخَل» ، لكن هذا الحديث مختصر، وورد في المسألة رقم (1566) ومصادر التخريج أطولَ من هذا، وفيه «إفسادها» و «أفسدها» ، والضمير المؤنث يعود إلى الخمر، ومعنى: «تعمَّدوا إفسادها» ، أي: تعمَّدوا معالجتها- كما في "سنن البيهقي"- والمراد: أن الله تعالى إذا أفسَدَ الخمر وصارتْ خَلًّا طَهُرَتْ، وإذا أفسدها الآدميُّ بالاستعجال لم تطهُر.
وعلى ذلك فقوله: «إفساده» و «أفسده» إنْ لم يكن تصحيفًا، فإنه يمكن تخريجه على أنَّ أصلَهُ: «إفسادها» و «أفسدها» ، وحُذِفت ألفُ «ها» ، ونقلتْ فتحةُ الهاء إلى ما قبلها، وهذه لغةُ طيِّئ ولَخْم، يقولون في «بِهَا» : بَهْ، وفي «فِيْهَا» : فِيَهْ. وقد تكلمنا على هذه اللغة في التعليق على المسألة رقم (235) .
(3) في (ك) : «قال» .
(4) هو: عبد الله. ولم نجد روايته على هذا الوجه، لكن قال أبو عبيد في "الأموال" (289) : «وحدثني يحيى ابن سعيد، عن عبد الله بن المبارك أنه كان يقول في خلِّ التمر مثل ذلك» ؛ يعني مثل قول عمر المذكور في المسألة.
وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (1/262) من طريق عبد الله بن وَهْب، عن يونس، عن الزهري أنه كان يقول ... فذكره من قول الزهري.
(3/615)
يُونُسَ (1) ، عَنِ الزُّهْري (2) هَذَا الكلامَ بِلا إِسْنَادٍ، فتيَقَّنْتُ أنَّ حديثَ ابْنِ أَبِي ذِئْب خطأٌ، والناسُ يَرْوُون عَنِ الزُّهْري (3) ، عَنِ القاسمِ، [عن أسلَمَ] (4) ، عَنْ عُمَرَ، كَلامًا فِي الطِّلَى (5) ؛ لَيْسَ فِيهِ شيءٌ مِن هَذَا.
1134 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُْسلِم بْنُ خَالِدٍ (6) ،
عَنْ عليِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكانة، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَين، عَنْ عِكْرمَة، عَنِ ابْنِ عبَّاس: أنَّ النبيَّ (ص) لمَّا أَمرَ بِإِخْرَاجِ بَنِي النَّضِير؛ جَاءَهُ ناسٌ مِنهُم، فَقَالُوا: يَا رسولَ اللَّهِ، إنَّك أَمَرْتَ بِإِخْرَاجِنَا، وَلَنَا عَلَى النَّاس دُيُونٌ، فَقَالَ النبيُّ (ص) : فَضَعُوا، وتَعَجَّلُوا؟
_________
(1) هو: ابن يزيد الأَيلي.
(2) من قوله: «حتى رأيت ... » إلى هنا سقط من (ف) ؛ لانتقال النظر.
(3) روايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (17116) ، والنسائي في "الكبرى" (6859) كلاهما من طريق معمر، عنه، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أسلم مولى عمر؛ قال: قدمنا الجابِيَةَ مع عمر، فأُتِينا بطلاء وهو مثل عقيدةِ الرُّبِّ، إنما يُخاض بالمخوض، فقال عمر: إن في هذا الشراب ما انتهى إلينا. وانظر "الموطَّأ" (2/847 رقم 1545) . وانظر المسألة رقم (1581) .
(4) في جميع النسخ: «وآخر» ، والتصويب من المسألة رقم (1566) ، ومصادر التخريج.
(5) الطِّلَى: لغةٌ في الطِّلاء، وأصلُ الطِّلاء: الشَّرابُ المطبوخ من عصير العِنَب، وهو الرُّبُّ، ثم أُطلِق على النَّبيذ المُسْكِر المطبوخ؛ لأنهم يُسمُّونه: طِلاءً؛ تحرُّجًا من أن يُسَمُّوه خمرًا. انظر "النهاية" (3/137) .
(6) هو: المخزومي المعروف بالزِّنْجي. وروايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (6755) من طريق هشام بن عمار، عنه، به. قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنِ عَلَيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكانة إلا مسلم بن خالد» .
ورواه الدارقطني في "السنن" (3/46) ، والحاكم في "المستدرك" (2/52) ، والبيهقي في" السنن الكبرى" (6/28) من طريق عبد العزيز بن يحيى، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ محمد بن عَلَيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس، به. وأخرجه البيهقي في" السنن" (6/28) من طريق الحاكم السابقة، ومن طريق الحكم بن موسى، عن مسلم بن خالد، به كسابقه.
ورواه الطبراني في "الأوسط" (817) ، والدارقطني في (3/46) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ علي بن محمد، يذكر عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به. ورواه العقيلي في "الضعفاء" (3/251/القلعجي) و (3/972/السلفي) من طريق عبيد الله ابن عمر القواريري، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ علي بن أبي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عباس، به. قال العقيلي: «علي بن أبي محمد، عن عكرمة: مجهول = = بالنقل، حديثه محفوظ» . وانظر "لسان الميزان" (4/262) .
ورواه الدارقطني في "السنن" (3/46) من طريق عفيف ابن سالم، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عباس، به. قال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف فيه: «اضطرب في إسناده مسلم بن خالد، وهو سيِّئ الحفظ، ضعيف. مسلم بن خالد ثقة؛ إلا أنه سيِّئ الحفظ، وقد اضطرب في هذا الحديث» .
وقول الدارقطني: «ثقة» أي: في دينه وعدالته، و «سيِّئ الحفظ» أي: في ضبطه.
(3/616)
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيج (1) ، عَنِ ابْنِ رُكانَة (2) ، عَنْ عِكرمَة: أنَّ النبيَّ (ص) ... لَمْ يذكُر: داودَ بْنَ الحُصَين، ولم يذْكُر: ابنَ عباس.
_________
(1) هو: عبد الملك بن عبد العزيز.
ولم نقف على روايته على هذا الوجه، لكن الحديث رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيِّ في "مسنده" (1441/المطالب العالية) ، فقال: حدثنا هشام بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ؛ أخبرني محمد بن عَلَيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكانة؛ أن محمد بن عمر بن علي أخبره: أن اليهود حين أمر رسول الله (ص) بإجلائهم قالوا: إن لنا ديونًا! قال: «فخذوا وضعوا» . قال ابن جريج: وأُخبرت بمثل ذلك عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أبي عبد الله الأشهلي، عن النبي (ص) .
(2) ظاهر السياق هنا: أن ابن ركانة هذا هو علي بن يزيد ابن ركانة المذكور أول المسألة، وتقدم في تخريج رواية ابن جريج أنه يرويه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَليّ بْن يزيد بن ركانة.
(3/617)
قَالَ أَبِي: لا (1) يمكنُ أَنْ يكونَ مِثلُ هذا الحديث مُتَّصِلً (2) .
1135 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه أبو شَيخ عبد الله بْنُ مَرْوَانَ الحَرَّاني (3) ، وعُبَيدٌ العطَّار (4) ، عَنْ زُهَير (5) ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ المُعتَمِر، عَنْ رِبْعِيّ (6) ، عَنْ حُذَيفة؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : تَلَقَّتِ المَلائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَال (7) :
كُنْتَ تَعْمَلُ مِنَ الخَيْرِ
_________
(1) في (ك) : «ولا» بالواو.
(2) كذا في جميع النسخ بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد سبق التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(3) روايته أخرجها أبو عوانة في "صحيحه" (3/346 رقم5240/ط. دار المعرفة) . وأخرجه البخاري في "صحيحه" (2077) ، ومسلم (1560) كلاهما من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، عن زهير، به.
(4) هو: عُبَيد بن إسحاق.
(5) هو: ابن معاوية.
(6) هو: ابن حِراش.
(7) القائل هو الله سبحانه، ويدل عليه: رواية مسلم للحديث في الموضع السابق من "صحيحه" من طريق سعد بن طارق، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: أُتيَ اللهُ بعبدٍ من عباده آتاهُ الله مالاً، فقال له: ماذا عملتَ في الدُّنيا؟ ... الحديثَ.
ويَحتملُ أن يكونَ القائلُ الملائكة، ويدلُّ عليه رواية البخاري ومسلم للحديث - كما سبق - من طريق أحمد ابن عبد الله بن يونس، عن زهير، به، وفيها: «فقالوا» بدل: «فقال» ؛ وعلى هذا: فيجوزُ في الفعل وجهان من الضبط: إمَّا فتحُ اللام: «فقالَ» ، وإمَّا ضمُّها: «فقالُ» :
أمَّا فَتْحُ اللام: فيخرَّج على أنَّ فاعل الفعل ضميرٌ يعود إلى «الملائكة» باعتبار المفرد، والمراد: فقال هو، أي: المَلَكُ؛ وهذا من الحمل على المعنى بإفراد الجمع، وتجد مثل ذلك في تخريج النووي لحديث مسلم (192) ، وهو قولُهُ (ص) : «فأحمدُهُ بمحامِدَ لا أَقْدِرُ عليه الآن، يُلْهمنيه اللهُ» ، «عليه» ، أي: على الحمد؛ وكذلك تخريجُ ابن حجر لحديث البخاري (2155) ، وهو قولُهُ (ص) : «ما بالُ أُناسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ الله» ، وهذا لفظ البخاري، والمراد: ليس شرطٌ منها في كتاب الله، انظر "شرح النووي على مسلم" (3/62) ، و"فتح الباري" (1/551) ، و"عقود الزبرجد" (1/121) . وانظر نحو ذلك في المسألة رقم (224) و (378) و (388) و (1310) و (1796) و (2011) و (2098) ، وانظر للحمل على المعنى بإفراد الجمع: "الخصائص" لابن جنِّي (1/236-237) و (2/419-420) و (3/314-315) ، و"الإنصاف" لابن الأنباري (2/510-511) .
وأمَّا «قالُ» بضم اللام: فيخرَّج على لغة هوازن وعُلْيا قيس في الاجتزاء بالحركات عن حروف المد؛ والأصلُ هنا: «فقالُوا» ، ثم حذفت واو الجماعة = = اكتفاءً بالضمة على اللام، وقد تكلَّمنا على هذه اللغة في التعليق على المسألة رقم (679) .
(3/618)
شَيْءً (1) ؟ قَالَ: لا، قَال (2) : تَذَكَّرْ (3) ، قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ ... ؟
قَالَ أَبِي: أمَّا مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ: فَمَوْقُوفٌ (4) أشبهُ (5) ، والحديثُ فِي الأَصْلِ مرفوعٌ.
_________
(1) كذا في جميع النسخ بحذف ألف تنوين النصب، على لغة ربيعة، وقد سبق التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) في (ت) و (ك) : «فقال» .
(3) في (أ) و (ش) : «أتذكر» .
(4) كذا في جميع النسخ، والتقدير: فهو أشبَهُ موقوفًا، لكنْ حذفت ألف تنوين النصب من قوله: «موقوف» على لغة ربيعة، وقد سبق التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(5) لم نجده من طريق منصور بن المعتمر إلا مرفوعًا، وقد أخرجه مسلم في الموضع السابق من طريق نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ ربعي بن حراش؛ قال: اجتمع حذيفة وأبو مسعود، فقال حذيفة: رجلٌ لقيَ ربَّه ... ، فذكر الحديث موقوفًا عليه، فقال أبو مسعود: هكذا سمعتُ رسول الله (ص) يقول.
فحذيفة هنا يخبر بأمر لا مجالَ للرأي فيه، ويصدقه أبو مسعود، وينسبُ ذلك للنبي (ص) ، ويرويه رواة آخرون عن ربعي عن حذيفة مرفوعًا، فهذا كله يدلُّ على أن الحديث مرفوع في الأصل كما قال أبو حاتم.
وقد رواه مسلم أيضًا من طريق سعد بن طارق، عن ربعي، عن حذيفة، به موقوفًا عليه كرواية نعيم بن أبي هند، وفي آخره: فقال عقبة بن عامر الجهني وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعناه من في رسول الله (ص) .
(3/619)
1136 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الفِرْيابي (2) ، عن عمر ابن راشِد، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بن (3) عبد الله بْنِ (4) أَبِي طَلْحَة، عَنِ البَرَاء، عن النبيِّ (ص) قال: الرِّبَا اثْنَان ِ وسَبْعُونَ [بَابًا] (5) ، أَدْنَاهَا مِثْلُ إتْيَان ِ الرَّجُلِ أُمَّهُ؟
قَالَ أَبِي: هُوَ مُرسَلٌ؛ لم يُدرِكْ (6) يحيى ابنُ إِسْحَاقَ البراءَ، وَلا أَدْرَكَ والدُهُ البَرَاءَ (7) .
_________
(1) انظر المسألة المتقدمة برقم (1105) و (1132) ، والآتية برقم (1159) و (1170) .
(2) هو: محمد بن يوسف. وروايته أخرجها ابن أبي حاتم في "المراسيل" (916) ، فقال: حدثنا أبي؛ ثنا محمد ابن خلف العسقلاني، ثنا الفريابي ... فذكرها.
(3) في (أ) و (ش) : «عن» بدل: «بن» .
(4) في (ف) : «عن» بدل: «بن» .
(5) ما بين المعقوفين سقط من جميع النسخ، والمثبت من الموضع السابق من "المراسيل" ومن المسألة رقم (1105) و (1132) ، والآتية برقم (1159) و (1170) .
(6) في (ك) : «لم يذكر» ، وجاء على الصَّواب في زيادة مكررة أشار الناسخ إلى حذفها.
(7) كذا جاءت العبارة هنا، وقريب منها قوله في الموضع السابق من "المراسيل": «هُوَ مُرْسَلٌ؛ لَمْ يُدْرِكْ يَحْيَى ولا إسحاقُ البَرَاءَ بنَ عازب» ، وكذا جاء في "جامع التحصيل" (ص 296-297) ، و"تحفة التحصيل" (ص562) نقلاً عن أبي حاتم. والحديث أخرجه الطبراني في "الأوسط" (7151) من طريق معاوية بن هشام؛ نا عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَحْيَى بن أبي كثير، عن إسحاق بن عبد الله بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب، به. ثم قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ يحيى ابن أبي كثير إلا عمر بن راشد، ولا رواه عن عمر بن راشد إلا معاوية بن هشام، ولا يروى عن البراء إلا بهذا الإسناد» . ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (15345) فقال: أخبرنا عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ من الأنصار، عن النبي (ص) .
فإما أن يكون في الحديث اختلافٌ على عمر بن راشد في ذكر يحيى بن أبي كثير وإسقاطه كما اختُلِف عليه في ذكر الصحابي، أو تكون رواية ابن أبي حاتم تصحَّف فيها «عن» إلى «ابن» ، ويكون صوابه: «عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ» ، والله أعلم.
وتقدم في المسألة رقم (1105) أن عكرمة بن عمار روى الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير، عن عبد الله بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة. وذكرنا في التخريج رواية من رواه بإسقاط عبد الله بن زيد.
(3/620)
1137 - وسمعتُ (1) أَبِي وحدَّثنا عَنْ حَرْمَلَة (2) ، عَنِ ابْنِ وَهْب (3) ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَة (4) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيب، عَنِ ابْنِ شِهَاب (5) ، عَنْ أنس: أَنَّ النبيَّ (ص) نَهَى عَنْ أَجْرِ عَسْبِ الفَحْلِ (6) .
_________
(1) ستأتي هذه المسألة برقم (2836) . ونقل هذا النص العيني في "عمدة القاري" (2/105) ، ونقل بعضه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (3/24) بتصرف.
(2) هو: ابن يحيى التُّجيبي.
(3) هو: عبد الله.
(4) روايته بهذا اللفظ ذكرها ابن طاهر في "أطراف = = الغرائب" للدارقطني (ق 90/أ) ، ولم يذكر من الراوي عن ابن لهيعة، وذكر عن الدارقطني أنه قال: «تفرَّد به ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي حبيب، عنه» .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/145 رقم 12477) ، وأبو يعلى في "مسنده" (3592) ، كلاهما من طريق حسن بن موسى الأشيب، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بن أبي حبيب وعقيل، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ: أن رسول الله (ص) نهى أن يبيع الرجل فِحْلَةَ فرسه. وبهذا اللفظ ذكره ابن طاهر في "أطراف الغرائب" أيضًا (ق 87/ب) ، ونقل عن الدارقطني قوله: «تفرَّد به ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي حبيب، عنه، وَقَفَه الليث، ورفعه ابن لهيعة عن يزيد» .
وذكر ابن طاهر أيضًا في الموضع نفسه أن الدارقطني راوه من طريق عبد الله بن يوسف، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَن عقيل، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنّ رسول الله (ص) نهى عن عَسْب الفحل. ونقل عن الدارقطني قوله: «تفرَّد به عبد الله بن يوسف، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَن عقيل بهذا اللفظ» .
(5) هو: الزهري.
(6) عَسْبُ الفَحْلِ: ماؤُه؛ فرسًا كان أو بعيرًا، أو غيرهما، وعَسْبُه أيضًا: ضِرَابه. "النهاية" (3/234) .
وقال الفيومي في "المصباح المنير" (ص 408) : عَسَبَ الفَحْلُ الناقةَ عَسْبًا - من باب ضَرَبَ -: طَرَقَها، وعَسَبْتُ الرجلَ عَسْبًا: أعطيتُه الكراءَ على الضِّراب، ونُهيَ عن عَسْبِ الفحل: وهو على حذف مضاف، والأصل: عن كِراءِ عَسْبِ الفحل؛ لأن ثمرتَهُ المقصودةَ غيرُ معلومة؛ فإنه قد يُلقِحُ، وقد لا يُلقِحُ، فهو غَرَر، وقيل: المراد: الضِّرابُ نفسه، وهو ضعيف؛ فإنَّ تناسُلَ الحَيَوان مطلوبٌ لذاته لمصالح العباد؛ فلا يكونُ النهيُ لذاتِهِ دفعًا للتناقض بل لأمرٍ خارج. اهـ.
(3/621)
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ كَلامِ أَنَسٍ، ويزيدُ لَمْ يسمعْ مِنَ الزُّهْري؛ إِنَّمَا كتَبَ إِلَيْهِ.
1138 - وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أيُّوب، عن عُبَيدالله بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد (1) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّ النبيَّ (ص) نَهَى عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ (2) ، وَعَنْ بيع الحَصَى (3) ؟
قَالا: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: أَبُو الزِّناد، عَنِ الأَعْرَج (4) ، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) (5)
قَالَ أَبِي: وَأَبُو الزِّنَاد (6) لَمْ يسمعْ مِنَ ابْنِ عُمَرَ شَيْئًا.
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: مَا مَعْنَى بيع الحَصَاة؟
_________
(1) هو: عبد الله بن ذكوان.
(2) في (ت) و (ك) : «الغرور» .
(3) كذا في جميع النسخ! وفي آخر السؤال: «بيع الحَصَاة» ، وهو الموافق لرواية الحديث المعروفة.
(4) هو: عبد الرحمن بن هرمز.
(5) رواه على هذا الوجه مسلم في "صحيحه" (1513) من طرق عن عبيد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، به.
(6) من قوله: «عن الأعرج ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) ؛ بسبب انتقال النظر.
(3/622)
قَالَ: إِذَا رُمِيَ (1) بِهَا، وَقَعَ البيعُ.
1139 - وسمعتُ أَبِي وَذَكَرَ حديثَ ابْنِ لَهِيعَة (2) ، عَنْ أَبِي الزُّبَير (3) ، عن جابر: أنَّ النبيَّ (ص) زَجَرَ عَنِ الخَرْصِ (4) ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أُهْلِكَ الثَّمَرُ (5) ، أَيَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟! .
قَالَ أَبِي: مَا أَدْرِي مَا هَذَا! أَبُو الزُّبَير (6) يحدِّث عَنْ جَابِرٍ: أنَّ النبيَّ (ص) بعَثَ عبدَالله ابنَ رَوَاحة إلى خَيْبَرَ يَخْرِصُ (7) .
_________
(1) في جميع النسخ بُنِيَ الفعل لما لم يُسَمَّ فاعله، ما عدا (ف) ففيها: «رمى» بلا ضم على الراء، وبلا نقط للياء.
(2) هو: عبد الله. وروايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (3/394 رقم15239) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/41) .
(3) هو: محمد بن مسلم بن تَدْرُس.
(4) في (ك) : «الحوض» .
والخَرْصُ: حَزْرُ ما على النَّخْلة من الرُّطَب تمرًا، وما على الكَرْمَة من العِنَب زبيبًا، وهو من الظَّنِّ؛ لأن الحَزْرَ: إنما هو تقديرٌ بظَنٍّ. انظر "النهاية" (2/22) .
(5) في (أ) و (ش) و (ف) : «التمر» بالمثناة الفوقية.
(6) روايته على هذا الوجه أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (7205) عن ابن جريج؛ أخبرني أبو الزبير، عن جابر، به.
ومن طريق عبد الرزاق رواه الإمام أحمد في "المسند (3/296 رقم14161) ، وأبو داود في "سننه" (3415) .
(7) لعلَّه أنكر قوله: «زَجَرَ عن الخَرْص» ، وإلا فبقية الحديث أخرجها مسلم في "صحيحه" (1554) = = من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ؛ أنه سمع جابر ابن عبد الله يقول: قال رسول الله (ص) : «لو بِعْتَ من أخيك ثَمَرًا، فأصابتهُ جائِحَةٌ، فلا يحلُّ لك أن تأخذَ منه شيئًا، بِمَ تأخذُ مالَ أخيك بغير حقٍّ؟!» .
وفي بعض طرقه تصريحُ ابن جريج بالسَّماع.
وتقدم الحديث في المسألة رقم (1129) عن أنس ح.
(3/623)
قَالَ أَبِي: مَعْنَاهُ عِنْدِي: أنَّ خَرْصَ (1) الجَائِحَةِ (2) : أنْ يَبِيعَ (3) الرجُلُ الثَّمَرَ (4) قَبْلَ أَنْ يُخْرَصَ، فتُصِيبَهُ الآفَةُ.
1140- وسألتُ (5) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يزيدُ بْنُ أَبِي (6) حَبِيب (7) ، عَنْ عَطَاء (8) ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ النبيِّ (ص) قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ بَيْعَ الخَنَازِيرِ وَالمَيْتَةِ وَالأَصْنَامِ، فَقَالَ رجُلٌ: فَمَا تَرَى فِي شُحُومِ المَيْتَةِ يُدَّهَنُ بِهَا؟ فَقَالَ: لعَنَ اللهُ اليَهُودَ ... ، الحديثَ (9) .
قلتُ (10) : وَرَوَاهُ أَيْضًا حاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (11) ، عن عبد الحميد بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الوليد بن عَبَدَة (12) ،
_________
(1) في (ك) : «حرض» .
(2) الجائِحَةُ: الآفَةُ التي تُهلِكُ الثِّمارَ والأموالَ، وتَستَأْصِلُها، وكلُّ مُصيبَة عظيمة وفتنة مُبِيرَةٍ: جَائِحَةٌ. انظر "النهاية" (1/311-312) .
(3) في (ك) : «بيع» .
(4) في (ش) و (ف) : «التمر» ، ولم تنقط في (ك) .
(5) ذكر ابن رجب في "جامع العلوم" (ص769) بعض هذا النص، وكذا ابن حجر في "فتح الباري" (4/424) .
(6) قوله: «أبي» سقط من (ف) .
(7) روايته أخرجها البخاري في "صحيحه" (2236) ، ومسلم (1581) من طريق اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ، به. ورواه البخاري تعليقًا بإثر الحديث (2236) ، ومسلم (1581) من طريق الضحاك بن مخلد، عن عبد الحميد بن جعفر؛ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ؛ قال: كتب إليَّ عطاء: أنه سمع جابر بن عبد الله ... فذكره.
(8) هو: ابن أبي رَباح.
(9) تتمته: «إن الله عز وجل لما حرَّم عليهم شحومها؛ أجملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه» .
(10) قوله: «قلت:» من (ف) فقط.
(11) ذكر الحافظ ابن حجر في"فتح الباري" (4/424) أن رواية حاتم بن إسماعيل شاذة.
(12) نقل ابن ماكولا في "الإكمال" (6/29) عن الدارقطني قوله: «اختُلِف على يزيد في اسمه، فقيل: عمرو بن الوليد بن عبدة، وقيل: الوليد بن عبدة» .
وعمرو بن الوليد هذا معروف بحديث الكوبة والغبيراء الآتي ذكره، وقد ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/266 رقم1471) ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، ثم ترجم له فيمن اسمه الوليد (9/11 رقم49) ، ولكن وقع هناك: «الوليد بن عبيدة» ، ثم قال ابن أبي حاتم: «مولى عمرو بن العاص، روى عن عبد الله بن عمرو حديثًا منكرًا» ، ثم قال: «سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول» .
(3/624)
عن عبد الله بن عمرو، عن النبيِّ (ص) ؛ مثلَهُ (1) .
قلتُ: فأيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ أَبِي: حديثُ يزيدَ بنِ أَبِي حَبِيب، عَنْ عَطَاء: هُوَ (2) مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ (3) ، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِرٍ (4) ، عَنِ النبيِّ (ص) .
_________
(1) متن هذا الحديث يختلف عن متن الحديث الذي رواه الإمام أحمد في "المسند" (2/171 رقم6591) ، وفي "الأشربة" (211) حيث قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد ابن أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الوليد بن عبدة، عن عبد الله بن عمرو؛ قال: سمعتُ رسول الله (ص) يَقُولُ: «إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ حرَّم الخمر، والمَيسِر، والكُوبَة، والغُبَيراء، وكلُّ مُسكِر حرامٌ» .
ورواه أبو داود في "سننه" (3685) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بن أبي حبيب، عن الوليد بن عبدة، عن عبد الله بن عمرو باللفظ السابق.
ونقل المزي في "تهذيب الكمال" (31/45) عن أبي سعيد بن يونس قوله: «وليد بن عبدة مولى عمرو بن العاص: روى عنه يزيد بن أبي حبيب، والحديث معلول، ويقال: عمرو بن الوليد بن عبدة» .
وقال الذهبي في "الميزان" (4/341) : «والخبر معلول في الكوبة والغبيراء» .
(2) أي: رُوِيَ أيضًا.
(3) أخرج روايته أبو يعلى في "مسنده" (2209) من طريق يزيد بن هارون، وحمزة السهمي في"تاريخ جرجان" (ص 451-452) من طريق عبد الوارث بن سعيد، كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عطاء، عن جابر، به.
(4) قوله: «عن جابر» سقط من (ك) .
(3/625)
وَلا أعلمُ يزيدَ بنَ أَبِي حَبيب سمعَ مِنْ عَطاءٍ شَيْئًا (1) .
وَلا أعلمُ أَحَدًا مِنَ المِصْريِّين رَوَى هَذَا الحديثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيب، عَنْ عَمْرِو بن الوليد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبيِّ (ص) .
فإن كان (2) عبدُالحميد سمعَه وحفِظَه، فَإِنَّ محلَّه الصِّدق (3) .
1141- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبَّاس الخَلاَّل (4) ، عَنْ سُلَيمان بْنِ عبد الرحمن (5) ؛
قَالَ: حدَّثنا بِشر بْنُ عَون؛ قال: حدَّثنا بَكَّار ابن تَمِيمٍ، عَنْ مَكْحول، عَنْ واثِلَة بْنِ الأَسْقَع؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : عِبَادَ اللهِ، لاَ تَمْنَعُوا فَضْلَ مَاءٍ وَلا نَارٍ وَلا كَلَأٍ؛
_________
(1) يدل عليه رواية مسلم للحديث - كما سبق - ففيها يقول يزيد بن أبي حبيب: «كتب إليَّ عطاء: أنه سمع جابر بن عبد الله» ، ولذا قال ابن رجب في شرح الحديث الخامس والأربعين من "جامع العلوم والحكم" (ص769) - بعد أن ذكر الحديث-: «هذا الحديث خرجاه في الصحيحين من حَدِيث يزيد بْن أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ. وفي رواية لمسلم: أن يزيد قال: كتب إليّ عطاء، فذكره. ولهذا قال أبو حاتم الرازي: لا أَعْلَمُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ سمع من عطاء شيئًا؛ يعني: أنه إنما يروي عنه كتابه» . وكذا قال ابن حجر في "فتح الباري" (4/424) .
(2) من قوله: «عَنْ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عبد الله ... » إلى هنا سقط من (ك) .
(3) في هامش نسخة (أ) حاشية بخط مغاير، نصها: «قد رواه أبو عاصم، عن عبد الحميد بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي حبيب؛ قال: كتب إليَّ عطاء عن جابر بهذا الحديث. فوافق رواية الكثير عن ... » ثم كلام غير واضح.
(4) هو: عباس بن الوليد.
(5) أخرج روايته الطبراني في "الكبير" (22/61 رقم145) ، وفي "مسند الشاميين" (3394) من طريق الوليد بن حماد، عنه، به.
ورواه تمام في "فوائده" (709/الروض البسام) - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (33/221) - من طريق سليمان بن سلمة، عن عبد الله بن معاوية بن شمعلة القرشي - وكان ثقة - عن أيوب بن مدرك الحنفي، عن مكحول، عن واثلة به.
(3/626)
فَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَهُمْ (1) مَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (2) ، وَقُوَّةً لِلْمُسْتَمْتِعِينَ (3) ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ (4) .
1142 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بَقِيَّة (5) ، عَنِ ابْنِ ثَوْبان (6) ، عَنْ أَبِيهِ، عن طاوُس، عن عبد الله بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ بَاعَ سَرْجًا، فَنَدِمَ (7) المُبتاعُ (8) ، فَرَدَّه، ورَدَّ مَعَهُ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَوْ باعَهُ لعلَّه كَانَ يَخْسَرُ فِيهِ أكثرَ مِنْ ذَلِكَ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: ابنُ ثَوْبان، عَنْ لَيْث، عن طاوُس (9) .
_________
(1) أي: جعل الماء والنار والكلأ، والجادَّة أن يقال: جعلها أو جعلهنَّ، لكنَّه هنا وضع ضمير العقلاء «هم» في موضع غير العقلاء؛ للملابسة والمشاكلة اللفظية مع قوله: «للمقوين» ، و «للمستمتعين» ؛ فإنهما جمعان للعقلاء، وقد تقدَّم التعليق على مثل ذلك في المسألة رقم (1063) .
(2) أي: منفعةً للمُسافرين إذا نزلوا بالأرض القِيِّ؛ وهي القَفْر؛ يقال: أَقْوَى الرجلُ: إذا نزلَ بِالقَوَاء من الأرض، وكذا: إذا نَفِدَ زادُهُ. انظر "لسان العرب" (15/210) ، و"تفسير القرطبي" (17/191) في تفسيره لقوله تعالى: [الواقِعَة: 73] {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} .
(3) في (ش) : «للمستمعين» .
(4) سيأتي في المسألة رقم (2678) حديثٌ بهذا الإسناد، إلا أن صحابيَّه هو أبو أمامة ح، وقال عنه أبو حاتم هناك: «هَذَا حَدِيثٌ كَذِبٌ، وَبِشْرٌ وَبَكَّارٌ مجهولان» .
(5) هو: ابن الوليد.
(6) هو: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.
(7) في (ت) و (ش) و (ك) : «فقدم» .
(8) في (ش) : «المتاع» ، غير أنَّ التاء مهملة.
(9) لم نقف على روايته من هذا الوجه. ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (14822) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/331) كلاهما من طريق الثوري، عن ليث، عن مجاهد، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ رجل باع سرجًا ... فذكره.
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (20417) من طريق الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ في رجل اشترى بعيرًا فأراد أن يردَّه ويردَّ معه درهمًا، فقال: لا بأس به.
(3/627)
1143 - وسألتُ أَبِي (1) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِير بْنِ دِينَارٍ (2) ، عَنِ اليَمَان بْنِ عَدِيٍّ الحَضْرَمي، عَنِ الزُّبَيدي (3) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قال النبيُّ (ص) : أَيُّمَا امْرِئٍ أَفْلَسَ وَعِنْدَهُ مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِعَيْنِ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا؛ فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ. وَأَيُّمَا امْرِئٍ مَاتَ (4) وعِنْدَه مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ (5) يَقْتَضِ (6) ؛ فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ؟
_________
(1) ستأتي هذه المسألة مطوَّلة برقم (1162) ، وانظر المسألة رقم (1179) .
(2) أخرج روايته ابن ماجه في "سننه" (2361) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (1737) ، وفي "الأوسط" (8254) ، والدارقطني في "سننه" (3/30) و (4/230) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/48) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (8/409) .
قال الطبراني في "الأوسط": «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزهري عن أبي سلمة إلا الزبيدي، ولا عن الزبيدي إلا اليمان بن عدي، تفرد به عمرو بن عثمان» . وضعفه البيهقي. وقال ابن عبد البر: «ليس هذا الحديث محفوظًا من رواية أبي سلمة، وإنما هو معروف لأبي بكر بن عبد الرحمن» .
(3) هو: محمد بن الوليد.
(4) في (ك) : «مالى» .
(5) قوله: «لم» سقط من (أ) و (ش) .
(6) في (ك) : «يقبض» .
(3/628)
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: الزُّهْري (1) ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمن: أنَّ النبيَّ (ص) . واليَمَانُ هَذَا شيخٌ ضعيفُ الْحَدِيثِ.
1144 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بَقِيَّة (2) ، عن زُرْعَة بن عبد الله الزُّبَيدي، عَنْ عِمْران بْنِ أَبِي الفَضْل، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر؛ قال: قيل: يارسولَ اللَّهِ، مَا يَجْمُلُ (3) بِالْعَرَبِ مِنَ التِّجَارة؟ قال: بَيْعُ
_________
(1) روايته على هذا الوجه أخرجها الإمام مالك في "الموطأ" (2/678) ، ومن طريقه عبد الرزاق في "المصنف" (15158) ، وأبو داود في "سننه" (3520) ، والطحاوي في "شرح المعاني" (4/166) . وأخرجها أبو داود في "سننه" (3521) ، وفي "المراسيل" (173) ، والطحاوي في "شرح المعاني" (4/165) من طريق يونس ابن يزيد، كلاهما (مالك ويونس) عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن عبد الرحمن، عن النبي (ص) به.
قال أبو داود: «حديث مالك أصح» . ونقل ابن الجارود في "المنتقى" (633) عن محمد بن يحيى الذهلي قوله: «رواه مالك وصالح بن كيسان ويونس عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ؛ مطلقٌ عن رسول الله (ص) ، وهم أولى بالحديث» . وقال الدارقطني في "السنن" (3/30) : «ولا يثبت هذا عن الزهري مسندًا؛ وإنما هو مرسل» .
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (8/406) بعد أن ذكر رواية مالك: «هكذا هو في جميع الموطآت التي رأينا، وكذلك رواه جميع الرواة عن مالك - فيما علمنا - مرسلاً؛ إلا عبد الرزاق، فإنه رواه عن مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبي بكر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) فأسنده، وقد اختُلِف في ذلك عن عبد الرزاق» .
والحديث رواه البخاري (2402) ، ومسلم (1559) من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) قال: «من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره» .
(2) هو: ابن الوليد. وروايته أخرجها ابن عدي في "الكامل" (5/95) ، وابن حبان في "المجروحين" (2/124) .
(3) في (ك) : «ما تحمل» .
(3/629)
الإِبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، قيل: يارسولَ اللَّهِ، فَمَا يَجْمُلُ بالمَوَالِي؟ قَالَ: بَيْعُ البَزِّ (1) ، وَإِقَامَةُ الحَوانِيتِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ، وزُرعَةُ وعِمْرانُ جَمِيعًا ضَعِيفَينِ (2) .
وسألتُ أَبِي فقلتُ لَهُ: فإنَّ إسماعيلَ بْنَ عَيَّاش رَوَى هَذَا الحديثَ، عَنْ عِمْران بْنِ أَبِي الفَضْل، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النبيِّ (ص) : أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَا يَحسُنُ بِالْعَرَبِ مِنَ التِّجَارة؟ قَالَ: الإِبِلُ، قِيلَ: فَمَا يَحْسُن بِالْمَوَالِي مِنَ التِّجَارة (3) ؟ قَالَ: البَزُّ (4) وَالخَزُّ؟
قَالَ أبي: وهذا الحديثُ باطلٌ موضوعٌ؛ وكأَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِمْران.
1145 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَر؛ قَالَ: حدَّثني
_________
(1) في (أ) و (ش) : «البر» بالراء.
(2) قال ابن عدي في "الكامل" (5/95) - بعد أن ذكر لعمران هذا الحديث وحديثًا آخر -: «وهذان الحديثان بهذا الإسناد منكران، وإنما يرويهما بقية، عن زرعة بن عبد الله، وزرعةُ غيرُ معروف» . وقوله: «ضعيفين» كذا في جميع النسخ، والجادة: «ضعيفان» ؛ بالألف؛ لأنَّه خبر المبتدأ، لكن ما في النسخ يخرَّج على وجهين:
الأول: أنَّه خبر المبتدأ، وهو مرفوع بالألف، لكنَّها كتبت ياءً للإمالة، وسببُ إمالة الألف هنا: كسرةُ النون بعدها، ووقوعُ الياء قبلها مفصولةً عنها بحرف واحد، ولا تُنطق هذه الياء إلا ألفًا ممالة. وانظر التعليق على المسألة رقم (25) و (124) .
= ... والثاني: أنه حالٌ منصوب بالياء سدَّ مسدَّ الخبر، والتقدير: وزُرعَةُ وعِمرانُ ثَبَتَا جميعًا ضَعِيفَيْنِ، حُذف الخبر فأغنى عنه الحال، وقام مقامه؛ وعليه فياء «ضعيفَيْنِ» ياءٌ خالصة. وانظر لذلك التعليق على المسألة رقم (827) .
(3) قوله: «من التجارة» ليس في (ك) .
(4) في (ش) و (ف) : «البر» بالراء.
(3/630)
الأوزاعيُّ (1) ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ ثَوْبان؛ قَالَ: حَدَّثَنِي مَكْحول، عَنْ أَبِي قَتادة (2) ؛ قَالَ: كَانَ عثمانُ يَشْتَرِي الطَّعامَ ويبيعُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ (3) ، فقال له رسولُ الله (ص) : إِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ، وَإِذَا بِعْتَ فَكِلْ (4) ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ (5) .
1146- وسألتُ أَبِي عن حديثٍ رواه عَمْرو ابن عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِير بْنِ دِينَارٍ (6) ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: حدَّثنا أَبُو غسَّان مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّف، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عن جابر بن عبد الله؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : رَحِمَ اللهُ عَبْدًا إِذا باعَ سَمْحًا، إِذا اقْتَضَى سَمْحًا، إِذا
_________
(1) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(2) هو: الحارث بن رِبْعِيّ.
(3) في (أ) و (ش) : «يقتضيه» .
(4) نقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4/345) تفسير ابن التين لهذا الحديث، فقال: قوله: «إذا بِعْتَ فَكِلْ» أي: فأوفِ. «وإذا ابتَعْتَ فاكتَلْ» أي: فاستَوفِ. والمعنى: أنه أعطى أو أخذ لا يزيدُ ولا يَنقُصُ، أي: لا لكَ، ولا عليكَ. اهـ.
(5) نقل الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (3/240) هذه المسألة بتمامها، ثم قال: «قلت: رواته ثقاتٌ، إلا أن مكحولاً لم يسمع من أبي قتادة، وبمجموع هذه الطرق يُعرَف أن للحديث أصلاً» .
وكان قد أورد الحديثَ قبل ذلك من طرق ضعيفة.
(6) روايته أخرجها ابن ماجه في "سننه" (2203) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (10741) . ورواه البخاري في "صحيحه" (2076) ، وابن ماجه في "صحيحه" (4903) ، والطبراني في "الأوسط" (4708) ثلاثتهم من طريق عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي غسان، به. قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ محمد بن المنكدر إلا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مطرِّف» . وذكر ابن طاهر في "أطراف الغرائب" (ق113/أ) أن الدارقطني رواه من طريق أبي غسان، عن محمد بن المنكدر، ثم قال الدارقطني: «تفرد به أبو غسان محمد ابن مطرف، عنه» .
(3/631)
اشْتَرَى سَمْحًا؟
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله (1) ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ؟
قَالَ أَبِي: وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُنكَران (2) .
1147 - قلتُ (3) لأَبِي في حديث محمد ابْنِ المُنْكَدر، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: غَفَرَ اللهُ لِرَجُلٍ كانَ قَبْلَكُمْ سَهْلاً إِذا باعَ، سَهْلاً إِذا اشْتَرَى، سَهْلاً إِذا قَضَى، سَهْلاً إِذا اقْتَضَى.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن الحَنْظَلي (4) ؛ قَالَ: حدَّثنا عباسٌ الدُّورِيُّ (5) ، عن عبد الوهَّاب ابن عَطَاء، عَنْ إِسْرَائِيلَ (6) ، عَنْ زَيْدِ بن
_________
(1) أخرج هذه الرواية البخاري في "صحيحه" (6021) ، والطبراني في "الصغير" (673) ، والدارقطني في "الأفراد" (113/أ/أطراف الغرائب) ثلاثتهم من طريق عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي غسان، به. قال الدارقطني: «تفرَّد به عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي غسان، عنه» ؛ أي: عن محمد بن المنكدر.
(2) لم تنته المسألة هنا، وانظر التعليق التالي.
(3) هذه المسألة تابعةٌ للمسألة السابقة، ومِنْ تتمَّتها، وجعلنا لها رقمًا خاصًّا؛ محافظةً على ترقيم طبعة الشيخ محب الدين الخطيب.
(4) هو: ابن أبي حاتم.
(5) هو: عباس بن محمد. وروايته أخرجها الترمذي في "جامعه" (1320) ، وفي "العلل الكبير" (350) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (10742) ، وفي "السنن الكبرى" (5/357-358) . قال الترمذي في"جامعه": «حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه» . وقال في "العلل الكبير": «سألت محمدًا عَن هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: هُوَ حديث حسن» . ورواه الإمام أحمد في "المسند" (3/340 رقم 14658) فقال: حدثنا عبد الوهَّاب بن عطاء ... فذكره.
(6) هو: ابن يونس.
(3/632)
عَطاء ابن السَّائب، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنكَدر، عن جابر، عن النبيِّ (ص) ؟
فَقَالَ أَبِي: هُوَ عِنْدِي مُنكَرٌ؛ رَوَاهُ بعضُ الثِّقات عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنكَدر؛ قَالَ: بلغَني أنَّ النبيَّ (ص) قال ... ولم يذكُرْ جَابِر (1) .
1148 - وسألتُ أَبِي عَن حديثٍ رَوَاهُ ابْنُ مُصَفًّى (2) ، عَنْ بَقِيَّة (3) ، عَنْ عُمَرَ بْنِ المُغِيرَة (4) ، عَنِ ابْنُ أَبِي عَروبة (5) ، عَنْ قَتادة، عَن جَابِر بْن زَيْدٍ (6) ، عَنِ قَبِيصَة بْنِ ذُؤَيب، عَنْ عُبادَة بن الصَّامِت، عن النبيِّ (ص) قَالَ: لا بَأْسَ بِالقَمْحِ بِالشَّعِيرِ، اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ (7) ؟
_________
(1) كذا، وهو مفعولُ «يذكُر» ؛ وقد حذفت منه ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، وقد سبق التعليق عليها في المسألة رقم (34) .
(2) هو: محمد. وروايته أخرجها الطبراني في "مسند الشاميين" (2132) .
(3) هو: ابن الوليد.
(4) في "مسند الشاميين": «عمر بن الوليد» .
(5) هو: سعيد.
(6) في "مسند الشاميين": «جابر بن زيد، عن أبي الشعثاء، عن قبيصة» وهو خطأ؛ فجابر بن زيد هو أبو الشعثاء الأزدي.
(7) قوله: «اثنين بواحد» يتخرَّج على وجهين:
الأوَّل: أنَّه بدلٌ من «القمح» بَدَلَ الاشتمال، تقديره: لا بأسَ ببيع اثنين من القمح بواحدٍ من الشعير؛ فيكون موضعُهُ جَرًّا.
والثاني: أن ينصب على الحال، وهذا من المواضع التي تجيء فيها الحالُ جامدةً مؤولة بالمشتق، والتقدير: لا بأسَ ببيع القمح بالشعير، مُسَعَّرًا كلُّ اثنين من القمح بواحدٍ من الشعير. انظر: "إعراب الحديث النبوي" للعكبري (ص111-112) ، و"عقود الزبرجد" (1/283) ، وانظر تفصيل الكلام على الحال الجامدة في "شروح ألفية ابن مالك" (باب الحال) .
(3/633)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنْكَرٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ: قَتَادة (1) ، عَنْ أَبِي قِلاَبة (2) ، عَنْ أَبِي الأَشْعَث الصَّنْعاني (3) ، عن عُبَادَة، عن النبيِّ (ص) .
1149 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبد المجيد بن عبد العزيز ابن أَبِي رَوَّاد، عَنْ مَعْمَر (4) ،
عَنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِير، عَنْ عِكْرمَة، عن
_________
(1) هو: ابن دِعامة. وروايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (516) من طريق سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ به. قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ قتادة إلا سعيدُ بن بشير» .
(2) هو: عبد الله بن زيد الجَرْمي.
(3) هو: شَراحيل بن آدَة.
(4) هو: ابن راشد. وروايته أخرجها الترمذي في "العلل الكبير" (319) من طريق محمد بن حميد المعمري، وابن الجارود في "المنتقى" (610) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (6/40) ، والطبراني في "الكبير" (11/280 رقم11996) ، و"الأوسط" (5031) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/288) من طريق إبراهيم بن طهمان، ثلاثتهم عن معمر، به.
ورواه عبد الرزاق وسفيان الثوري عن معمر واختلف عليهما:
فأما عبد الرزاق: فرواه عنه الدبري في "المصنف" (14133) عن معمر، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس، به. ورواه ابن الجارود في "المنتقى" (609) من طريق محمد بن يحيى، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى، عن عكرمة مرسلاً.
وأما الثوري: فرواه ابن حبان في "صحيحه" (5028) من طريق أبي داود الحفري، والطحاوي (4/60) من طريق أبي أحمد الزبيري، والدارقطني في "سننه" (3/71) من طريق أبي أحمد الزبيري وعبد الملك الذماري، ثلاثتهم عن الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به.
ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" (5/289) من طريق الفريابي، عن الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى، عن عكرمة مرسلاً.
= ... ونقل ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (2/522) ابن التركماني في "الجوهر النقي" (5/289) عن البزار أنه قال في رواية معمر المتصلة: «ليس في هذا الباب حديث أجلُّ إسنادًا منه» .
(3/634)
ابن عبَّاس: أنَّ النبيَّ (ص) نَهَى عَنْ بَيْعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ (1) نَسِيئَةً.
قَالَ أَبِي: الصَّحيحُ: عَنْ عِكْرمَة (2) : أنَّ النبيَّ (ص) ... مُرسَل (3) .
1150 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الفِرْيابي (4) ، عَنِ ابْنِ (5) ثَوبْان (6) ؛ قَالَ: حدَّثني أَبُو حازمٍ المَدِيني (7) ، عمَّنْ سَمِعَ كعبَ بنَ عَمْرٍو يقول: قال رسولُ الله (ص) : مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَو وَضَعَ لَهُ؛ أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ؟
_________
(1) قوله: «بالحيوان» سقط من (ف) .
(2) أخرج هذه الرواية ابن الجارود في "المنتقى" (609) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عبد الرزاق، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/289) من طريق الفريابي، عن الثوري، كلاهما (الثوري وعبد الرزاق) عن معمر، عن يحيى، عن عكرمة به مرسلاً. وذكر البيهقي أن عبد الأعلى رواه عن معمر كذلك، وأن علي بن المبارك رواه عن يحيى، عن عكرمة مرسلاً أيضًا.
(3) قال الترمذي في "العلل الكبير" (319) : «سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: قد روى داود بن عبد الرحمن العطار، عن معمر هذا، وقال: عن ابن عباس، وقال الناس: عن عكرمة، عن النبي (ص) مرسلاً. فوهَّن محمد هذا الحديث» . وقال الشافعي في "الأم" (7/340) : «هذا غير ثابت عن رسول الله (ص) » . وروى البيهقي في "السنن الكبرى" (5/289) بإسناده إلى ابن خزيمة أنه قال: «الصحيح عند أهل المعرفة بالحديث: هذا الخبرُ مرسلٌ ليس بمتصل» .
وقال البيهقي بعد أن ذكر رواية من رواه عن معمر متصلاً: «وكلُّ ذلك وهمٌ، والصحيح عن معمر، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النبي (ص) مرسلاً» .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/57) : «رجال إسناده ثقات؛ إلا أن الحفَّاظ رجَّحوا إرساله» .
وقوله «مرسل» يجوز فيه الرفع والنصب. وانظر التعليق على المسألة رقم (85) .
(4) هو: محمد بن يوسف.
(5) في (ك) : «عن أبي» .
(6) هو: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.
(7) لعله: سلمة بن دينار.
(3/635)
قَالَ أَبِي: كعبُ بْنُ عَمْرٍو: هُوَ (1) أَبُو اليَسَر، ومَنْ سَمِعَ «كعبَ بنَ عَمْرٍو» يَحْتَمِلُ: حَنْظَلَةَ بنَ قَيْسٍ الزُّرَقيَّ (2) ، أَوْ عُبادَةَ (3) بنَ الوليدِ بنِ عُبادَةَ بنِ الصَّامت (4) .
1151 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو تَقِيٍّ هشامُ بْنُ عبد الملك (5) ، عَنْ بَقِيَّة (6) ؛ قَالَ: حدَّثني ثَوْر بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : إِنَّ أَطْيَبَ الكَسْبِ كَسْبُ التُّجَّارِ؛ الَّذِينَ إِذَا حَدَّثُوا لَمْ يَكْذِبُوا، وَإِذَا اؤْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا، وَإِذَا وَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا، وَإِذَا اشْتَرَوْا لَمْ يَذُمُّوا، وَإِذَا بَاعُوا لَمْ يُطْرُوا، وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَمْطُلُوا، وَإِذَا كَانَ لَهُمْ لَمْ يُعَسِّرُوا (7) ؟
_________
(1) في (ك) : «وهو» .
(2) أخرج روايته الإمام أحمد في "المسند" (3/427 رقم15520) ، وابن ماجه في "سننه" (2419) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3/458) ، والطبراني في "الكبير" (19/167 رقم376) ، والبيهقي في"السنن الكبرى" (6/27-28) جميعهم من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن حنظلة بن قيس، عن أبي اليَسَر، به.
(3) في (أ) و (ش) : «أو عُمارَة» ، وهو تصحيف. انظر "تهذيب الكمال" (14/198) .
(4) روايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (3006) من طريق يعقوب بن مجاهد أبي حَزْرة، عن عبادة بن الوليد، عن أبي اليَسَر به في حديث طويل.
وانظر الاختلاف في هذا الحديث في "العلل" للدارقطني (1202) .
(5) أخرج روايته ابن عدي في "الكامل" (2/103) ، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (ج2/ق 2/ب/الأصل الثاني والعشرون والمئة) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4513) ، والأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (796) .
(6) هو: ابن الوليد.
(7) قال المناوي في "فيض القدير" (2/425) : «لَمْ يُعَسِّرُوا، أي: لم يُضَيِّقوا أو يُشَدِّدوا» .
(3/636)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ، وَلَمْ يَضْبِطْ أَبُو تَقِيٍّ، عَنْ بَقِيَّة، وَكَانَ بَقِيَّةُ لا يَذْكُرُ (1) الخبرَ (2) فِي مِثل هَذَا (3) .
1152- وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عمَّار، عَنْ مَرْوان بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَفْص (5) بْنِ عُمَرَ الثَّقَفي، عن أبيه (6) ، عن
_________
(1) في (ك) : «لم يذكر» .
(2) أي: كان بقيةُ لا يذكر تصريحَهُ بالسَّماع من ثَور في هذا الحديث؛ وإنما يرويه بالعنعنة، وهو مدلِّس، ورواه أبو تقيٍّ، عن بقية بذكر التصريح بالسَّماع، وغَلِطَ عليه في ذلك. وانظر نحو هذه العبارة في المسألة رقم (725) .
(3) ذكر البرذعي في "سؤالاته" (ص583-586) عدَّة أحاديث من رواية ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عن معاذ ابن جبل، ومنها هذا الحديث، وذكر أن أبا زرعة قال: «كلُّها مناكير» . قال البرذعي: لم يقرأها عليَّ، وأمرني فضَربتُ عليها.
(4) في هامش النسخة (أ) عند هذه المسألة حاشية غير واضحة.
(5) في (ف) : «جعفر» بدل: «حفص» .
(6) هو: عمر بن بَيان كما سيأتي. وروايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (735) ، والحميدي في "مسنده" (778) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (21612) ، وأحمد في "مسنده" (4/253 رقم 18214) ، والدارمي في "مسنده" (2147) ، وأبو داود في "سننه" (3489) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (608) ، والطبراني في "الكبير" (20/379 رقم 844) ، و"الأوسط" (8532) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/12) ، جميعهم من طريق طعمة ابن عمرو الجعفري، عن عمر بن بَيان، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المغيرة، عَنْ أبيه به.
قال الطبراني: «لا يُروى هذا الحديث عن المغيرة إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به طعمة ابن عمرو» .
تنبيه: تصحَّف في مطبوع "المعجم الأوسط" للطبراني «طعمة بن عمرو» إلى: «طلحة بن عمرو» ، وتصحَّف «عمر بن بيان» إلى: «عمرو بن دينار» ، والتصويب من "المعجم الكبير"، ومصادر التخريج.
(3/637)
عُرْوَة بْنِ المُغيرَة، عَنْ أَبِيهِ (1) ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) : مَنْ تَجَرَ بِالخَمْرِ، فَلْيُشَقِّصِ (2) الخَنَازِيرَ؟
ثُمَّ قَالَ أَبِي: حَفْصُ بْنُ عُمَرَ هَذَا: هُوَ ابنُ بَيَان، وحَفْصٌ مجهولٌ، وَأَبُوهُ معروفٌ (3) .
1153 - وَسَأَلْتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ المُعَافَى بن عِمْران الحِمْصي الظِّهْري (5) ، عن ابن لَهِيعَة (6) ، عن عُبَيدالله بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رسولُ الله (ص) عن ثَمَنِ الكَلْبِ وإنْ كان ضارِيًا (7) ؟
_________
(1) أي: المغيرة بن شعبة.
(2) أي: فليقطِّعها قِطَعًا، ويُفَصِّلها أعضاءً، كما تُفَصَّلُ الشَّاةُ إذا بيعَ لحمُها. والمعنى: من استحلَّ بيع الخمر فليستَحِلَّ بيع الخنزير؛ فإنَّهما في التَّحريم سواءٌ. "النهاية" (2/490) .
(3) كذا قال أيضًا في ترجمة حفص بن عمر بن بَيان من "الجرح والتعديل" (3/180 رقم777) ، وفي "العلل ومعرفة الرجال" (2/7) وسأل عبد الله ابن الإمام أحمد أباه: مَنْ عمر بن بَيان؟ فقال: «لا أعرفه» .
(4) في هامش النسخة (أ) عند هذه المسألة حاشية غير واضحة. وقد نقل هذا النص العيني في "عمدة القاري" (12/57) ، ونقل بعضه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/427) .
(5) بكسر الظاء المعجمة، وسكون الهاء. "التقريب" (6746) .
(6) هو: عبد الله. وروايته أخرجها الطحاوي في "شرح المعاني" (4/52) من طريق عمرو بن خالد وعثمان بن صالح، كلاهما عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوَانَ بن سليم، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به هكذا بزيادة: «صفوان بن سليم» .
(7) في (ك) : «ضاربًا» . ومعناه: أي كلبًا معوَّدًا بالصَّيد؛ يقال: ضَرِيَ الكلبُ، وأَضْراه صاحبُهُ، أي: عَوَّده، وأغراه به، ويُجمع على ضَوارٍ. انظر "النهاية" (3/86) .
(3/638)
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكرٌ (1) .
1154 - وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُلَيمان بن عُبَيدالله الرَّقِّيُّ (3) ،
عن عُبَيدالله بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أبي أُنَيسة، عن
_________
(1) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/427) : «سنده ضعيف» .
وقول أبي حاتم عن هذا الحديث: «منكر» : يعني بهذا السياق، وأما النهي عن ثمن الكلب فثابت في الصحيحين. فقد أخرج البخاري (2237) ، ومسلم (1567) من حديث أبي مسعود الأنصاري ح: أن رسول الله (ص) نهى عن ثمن الكلب، مهر البَغيّ، وحُلوان الكاهن.
(2) نقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/38) بعض هذا النص بتصرُّف.
(3) أخرج روايته ابن الجارود في "المنتقى" (575) ، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" كما في "إتحاف المهرة" (11/543 رقم14588) .
وأخرجه البزار في "مسنده" (623) ، والطبراني في "الأوسط" (2561) كلاهما من طريق محمد بن عبد الله العَرْزمي، عن الحكم بن عتيبة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (2780/إتحاف الخيرة) من طريق حَفْصِ بْنِ غياث، عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الرحمن بن أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ علي، به هكذا بإسقاط عبد الرحمن بن أبي ليلى من الإسناد، وهذا - فيما يظهر - من سوء حفظ محمد الراوي عن الحكم.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/97 رقم760) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ الحكم، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلَيٍّ بن أبي طالب، به. وذكر الدارقطني في "العلل" (3/272-273) أن خالد بن عبد الله - وهو الطحّان - رواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ كذلك، ثم قال الدارقطني: «وسعيد لم يسمع من الحكم شيئًا» .
ورواه عبد الوهاب بن عطاء بن سعيد، واختُلِف على عبد الوهاب:
فأخرجه البزار في "مسنده" (624) ، والبيهقي في "السنن" (9/127) ، كلاهما من طريق الحسن بن محمد الزعفراني، عن عبد الوهاب، عن سعيد، به مثل رواية غندر وخالد بن عبد الله.
وخالفه الإمام أحمد فرواه في "المسند" (1/126-127 رقم1045) عن عبد الوهاب بن عطاء، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ الحكم، به.
قال البزار بعد أن رواه في الموضع السابق: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى إلا محمد بن عبيد الله، وسعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئًا، وروى هذا الحديث غير الحسن بن محمد، عن عبد الوهاب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن رجل، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى» . اهـ.
والإمام أحمد أوثق من الزعفراني فروايته أرجح، وقد تابعه محمد بن سوّار وعبد الأعلى كما ذكر الدارقطني في الموضع السابق، ويؤكده أن سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم كما قال الدارقطني والبزار.
وقد أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" - كما في "نصب الراية" (4/26) - من طريق محمد بن سواء، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن رجل، عن الحكم كذلك.
ورواه آخرون - ذكرهم الدارقطني (3/274-275) - عن عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة بدل «سعيد» ، ثم رجح الدارقطني رواية من رواه عن عبد الوهاب، عن سعيد بقوله: «وهو المحفوظ» .
(3/639)
الحَكَم (1) ، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عليٍّ؛ قال: أمرني رسولُ الله (ص) أنْ أبيعَ غُلامَيْنِ أخَوَيْنِ، فبعتُهما وَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا، فذكَرْتُ ذَلِكَ للنبيِّ (ص) فقال: أَدْرِكْهُمَا فَارْتَجِعْهُمَا، وَلاَ تَبِيعُهُمَا (2) إِلاَّ جَمِيعًا؟
_________
(1) هو: ابن عُتَيْبَةَ.
(2) كذا في جميع النسخ، والجادَّة «لا تَبِعْهُمَا» كما في بعض مصادر التخريج وغيرها من كتب الحديث، ولم تذكر هذه العبارة في أكثر المصادر. وكلا اللفظين صحيحان فصيحان في العربية.
وقولُه: «لا تَبِيعُهُمَا» ، مُتَّجهٌ على أن تكون «لا» نافيةً في اللفظ، ناهية في المعنى، والفعل بعدها مرفوعٌ، وتسمَّى هذه الجملة: خبريةً لفظًا، إنشائيةً معنًى. وانظر إيضاح ذلك في التعليق على المسألة رقم (331) . وانظر مثله في المسألة رقم (1111) و (1120) .
(3/640)
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: الحَكَمُ (1) ،
عن ميمون ابن أبي شَبِيب، عن عليٍّ (2) ، عن النبيِّ (ص) .
1155 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عُبَيدالله بْنُ مُوسَى (3) ، عَنْ أَبِي عُمَرَ (4) الطَّحَّان (5) ، عَنْ مُسْلِم بْنِ مِخْراق (6) ، عن حُذَيفة؛ قال:
_________
(1) رواه عن الحكم على هذا الوجه ثلاثة، وهم:
1 - الحجاج بن أرطاة، وروايته أخرجها الطيالسي في "مسنده" (181) ، وأحمد في "المسند" (1/102 رقم800) ، والترمذي (1284) ، وابن ماجه (2249) ، والدارقطني في "سننه" (3/66 رقم250) . وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب» .
2 - يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، وروايته أخرجها أبو داود في"سننه" (2696) ، والدارقطني في الموضع السابق برقم (251) ، والحاكم في "المستدرك" (2/55) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (9/126) . قال أبو داود: «ميمون لم يدرك عليًّا، قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثمانون» .
3 - أبو مريم عبد الغفار بن القاسم، وروايته ورواية حجاج والدالاني ذكرها الدارقطني في "العلل" (3/273-274) عقب ذكره لرواية من رواه عَن الحكم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلَيٍّ، ثم قال: «ولا يمتنع أن يكون الحكم سمعه منهما جميعًا، فرواه مرة عن هذا، ومرة عن هذا» .
(2) قوله: «عن علي» سقط من (ف) .
(3) أخرج روايته البخاري في "التاريخ الكبير" (7/123) تعليقًا بلفظ: «من غشَّ المسلمينَ فليس منَّا» .
ورواه الطبراني في"الأوسط" (993) من طريق قيس بن الربيع، عن فضيل بن جرير، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) : «من غشَّنا فليس منَّا» .
(4) في (ك) : «عن ابن عمر» .
(5) هو: فضيل بن جرير. ووقع في "التاريخ الكبير" للبخاري (7/122) : «أبو عمران الطَّحان» .
(6) هو: مولى حذيفة بن اليمان.
(3/641)
قال النبيُّ (ص) : مَنِ احْتَكَرَ طَعَامَ المُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ مِنَّا؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ كَمَا حدَّثنا أَبُو نُعَيم (1) ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الطَّحَّان، عن مُسلِم ابن مِخْراق: أنَّ النبيَّ (ص) ... مُرسَلً (2) ؛ وَلَمْ يذكُرْ حُذَيْفةَ.
1156 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ كَثِير ابن هِشَامٍ (3) ، عَنْ كُلْثوم بْنِ جَوْشَن، عَنْ أيُّوبَ السَّخْتِياني، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: قَالَ رسولُ الله (ص) : التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَميِنُ المُسْلِمُ مَعَ الشُّهَداءِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ لا أصلَ لَهُ، وكُلْثومٌ ضعيفُ الْحَدِيثِ.
1157 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو (4) هارونَ البَكَّاءُ (5) ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَة، عَنْ بُكَير (6) ، عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى دَوْسٍ، عن عثمان ابن عفَّان ح، عن النبيِّ (ص) قَالَ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، والدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، ومِثْلً بِمِثْلٍ (7) ، وَزْنًا بِوَزْنٍ.
_________
(1) هو: الفضل بن دُكَين.
(2) قوله: «مرسل» يجوز فيه الرفع والنصب. انظر التعليق على المسألة رقم (85) .
(3) أخرج روايته ابن ماجه في "سننه" (2139) ، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" (215) ، وابن حبان في "المجروحين" (2/230) ، والطبراني في "الأوسط" (7394) ، والدارقطني في "السنن" (3/7) ، والحاكم في "المستدرك" (2/6) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/266) .
(4) قوله: «أبو» سقط من (ك) .
(5) هو: موسى بن محمد.
(6) هو: ابن عبد الله الأَشَجّ.
(7) كذا في جميع النسخ، ولم نقف عليه بهذا اللفظ في أي من مصادر التخريج، والذي في "مسند أبي عوانة": «الذَّهبُ بالذَّهب، والفضةُ بالفضةِ مِثْلاً بِمثْلٍ» ، فإن لم يكن ما وقع عندنا في النسخ محرَّفًا، فيتوجَّهُ على أنَّ الأصل: «ومِثْلاً بِمثْلٍ» ، ثم حُذفت ألف تنوين النصب على لغة ربيعة، انظر التعليق على المسألة رقم (34) .
(3/642)
وَعَنِ ابْنِ لَهِيعَة (1) ،
عَنْ بُكَير، عن (2) سالم بن عبد الله، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مثلَهُ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: سالمٌ مولى النَّصْرِيِّين (3) .
_________
(1) هو: عبد الله. ولم نقف على روايته من هذا الوجه، وقد رواه أبو عوانة في "صحيحه" (3/373/المعرفة) من طريق مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ قال: سمعت سالم أبا عبد الله مولى شداد يزعم أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدِّث عن رسول الله (ص) ... فذكره. ورواه البخاري في "الكنى" (1/48) تعليقًا، وعبد الغني بن سعيد الأزدي في "أوهام الحاكم" (ص 103) كلاهما من طريق الليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله؛ أن شيخًا من أهل المدينة يقال له: أبو عبد الله حدّثه، عن أبي سعيد الخدري ... فذكره.
وأبو عبد الله هذا ذكره في الموضع السابق، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9/400) ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً.
وذهب الأزدي في "أوهام الحاكم" (ص 86) إلى أن أبا عبد الله هذا هو سالم نفسه حيث قال: «والصَّواب من ذلك: أن سالمًا مولى شداد هو مولى شداد بن الهاد، وهو المَديني، وهو سالم مولى النَّصريين بالنون، وهو سالم مولى دَوْس، وهو سالم سَبَلان، وهو سالم أبو عبد الله الذي يروي عنه بُكَير بن الأشج فيكنيه ولا يسمِّيه في حديث الصَّرف الذي رواه الليث ابن سعد، وفي رواية مخرمة ابنه يسميه ويكنيه، وهو سالم مولى بن أوس بن الحَدَثان» .
(2) قوله: «عن» تصحف في (أ) و (ش) إلى: «بن» .
(3) في (ف) : «البصريين» .
وسالم مولى النَّصْريين: هو ابن عبد الله سَبَلان، وهو سالم مولى شدّاد بن الهاد، وهو سالم مولى مالك = = ابن أوس بن الحَدَثان النّصْري، وهو سالم مولى المَهْري، وهو سالم أبو عبد الله الدَّوْسي، وهو سالم مولى دَوْس. انظر "تهذيب الكمال" (10/154) .
وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن يريان ذلك أيضًا؛ فقد ترجم عبد الرحمن بن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/184 رقم 798) لسالم بن عبد الله، وقال: «هو سَبَلان، يكنى أبا عبد الله، مولى ابن شدَّاد النَّصْري، وهو مولى دَوْس ... » إلخ، ثم قال: «سمعت أبي يقول ذلك» .
فإذا كان الأمر هكذا، فما الذي رآه أبو حاتم خطأً، وصوَّبه بقوله: «إِنَّمَا هُوَ سَالِمٌ مَوْلَى النَّصريين» ؟
جوابه - فيما يظهر - منحصر في ثلاثة أمور:
1 - أن يكون رأي أبي حاتم هنا لا يتفق مع رأيه فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل"، فهو هنا يفرق بين سالم بن عبد الله وسالم مولى النصريين.
2 - أن يكون في النص سقط أحدث هذا الإشكال.
3 - أن يكون «سالم بن عبد الله» المذكور في الشطر الثاني من السؤال هو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فعدَّه أبو حاتم خطأً، وصوابه: سالم مولى النَّصريين، أو مولى دَوْس ... أو غير ذلك مما قيل في اسمه.
فقد أخرج الإمام أحمد في "المسند" (3/82) ، والبخاري في "صحيحه" (2176) كلاهما من طريق سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر: أنه لقي أبا سعيد الخدري، فقال: يا أبا سعيد، ما هذا الذي تحدِّث عن رسول الله (ص) ؟ فقال أبو سعيد: سمعتُ رسول الله (ص) يقول: «الذَّهبُ بالذَّهب مِثْلاً بِمثْل، والوَرِقُ بالوَرِق مِثْلاً بِمثْل» .
وقد اختصرنا متن الحديث، وفيه قصَّة انظرها إن شئت في الموضعَين المشار إليهما، وانظر معها "فتح الباري" لدفع إشكالٍ وقع فيها.
هذا، ولم يتعرض أبو حاتم هنا للاختلاف في صحابيِّ الحديث: أهو عثمان أو أبو سعيد رضي الله عنهما!
(3/643)
1158- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ أَبُو بدرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ (1) ،
_________
(1) أخرج روايته أبوداود في "سننه" (3468) من طريق محمد بن عيسى، والترمذي في "العلل الكبير" رقم (346) من طريق إبراهيم بن سعيد، وابن ماجه في "سننه" (2283) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، والدارقطني في "سننه" (3/45) من طريق الحسن بن عرفة، وإبراهيم بن سعيد، وعلي بن الحسين، وأبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، والبيهقي في "سننه" (6/30) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، وذكر الدارقطني أنه ساقه بسياق علي بن الحسين. وقد رواه ابن ماجه أيضًا فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سعيد - وهو الأشج - حدثنا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ زِيَادِ بن خيثمة، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ به. ولم يذكر سعدًا. وهذه المخالفة - فيما يظهر - من الأشج، ولا يؤثر عليه كون الدارقطني رواه من طريقه بإثبات سعد الطائي؛ لأنه قرنه مع آخرين، وساق الحديث بسياق أحدهم، وهو علي بن الحسين. قال الترمذي: «وهذا حديث شجاع ابن الوليد لا أعرف هذا الحديث مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وهو حديث حسن» . وانظر "إرواء الغليل" (1375) .
(3/644)
عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمة، عَنْ سَعْدٍ الطَّائِيِّ (1) ، عَنْ عَطِيَّة (2) ، عَنْ أبي سعيد، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ أَسْلَمَ (3) فِي شَيْءٍ، فَلا يَصْرِفْهُ إِلى غَيْرِه (4) ؟
قَالَ أَبِي: إِنَّمَا هُوَ: سعدٌ (5) الطَّائيُّ، عَنْ عَطِيَّة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قولَهُ (6) .
_________
(1) هو: أبو مجاهد.
(2) هو: ابن سعد العَوْفي.
(3) أي: من باع بيع السَّلَم، وهو مثل السَّلَف، وزنًا ومعنًى. انظر "المصباح المنير" (ص286) .
(4) قال في "فيض القدير" (6/61) : «أي: لا يستبدل عنه وإن عَزَّ أو عُدِم. وإذا امتنع الاستبدالُ عنه، امتنع بيعُه من غيره قبل القَبْض» . وعلَّق عليه محققُ المطبوع بقوله: «معناه: أن يُسْلِفَ مثلاً في بُرٍّ، فيعطيه المُستَلِفُ غيرَه من جنسٍ آخرَ، فلا يجوزُ له أن يأخذَه» .
(5) في (ف) : «سعيد» .
(6) لم نقف عليه من طريق عطية عن ابن عباس. وقد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (20844) فقال: حدثنا ابن نمير، عن حجاج - وهو ابن أرطاة - عن عطية، عَنِ ابْنَ عُمَرَ؛ قَالَ: لا بأس بالسَّلَم، ولا تَصْرِفْهُ إلى غيره، ولا تَبِعْهُ حتى تَقبِضَه.
(3/645)
1159 - وسألتُ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ الحُبَاب، عَنْ عِمْران بْنِ أَنَسٍ (2) ؛ قَالَ: سمعتُ ابنَ أَبِي مُلَيْكَة (3) يَقُولُ: سمعتُ عائِشَةَ تقول: قال رسولُ الله (ص) : إِنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ رِبًا (4) أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ سَبْعَةٍ وَثَلاثِينَ (5)
زَنْيَةً؟
_________
(1) انظر المسألة المتقدمة برقم (1105) و (1132) و (1136) ، والمسألة الآتية برقم (1170) .
(2) أخرج روايته البخاري في "التاريخ الكبير" (6/423) تعليقًا، والعقيلي في "الضعفاء" (3/296) من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح، عنه. ومن طريق العقيلي رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1232) . قال العقيلي في عمران بن أنس: «لا يُتابَعُ على حديثه» . وقال: «وهذا يُروى من غير هذا الوجه مرسلاً، = = والإسناد فيه من طريق ليِّنة» . ونقل البيهقي في"الشعب" (10/140) عن البخاري قوله في عمران: «لا يُتابَع عليه» .
(3) هو: عبد الله بن عُبَيدالله.
(4) المثبت من (ش) ، وهو الموافق للرسم الإملائي الحديث، وفي بقيَّة النسخ: «ربوا» ، وهي كتابة قديمة دَرَجَ عليها بعض الكَتَبَةِ، وهي مُتَّفقة مع رسم المصحف العثماني. وتقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (1127) .
(5) في (ك) : «وثلاثون» . وقوله: «من سبعة» كذا جاء في جميع النسخ بالتاء في العدد مع أن المعدود مؤنَّث. وفي بعض مصادر التخريج جاء بلفظ: «سبعة» بالتاء، وفي أخرى بلفظ: «ستة» بالتاء أيضًا، وفي بعضها بلفظ: «ست» بلا تاء، وفي أخرى بلفظ: «ثلاثة» بالتاء، وفي غيرها بلفظ: «ثلاث» بلا تاء.
والجادَّة فيها كلِّها أن تكون بلا تاء؛ لأنَّ الأعداد من الثلاثة إلى التسعة تخالف المعدود تذكيرًا وتأنيثًا، والمعدود هنا قوله: «زَنْية» ، وهو لفظٌ مؤنَّث، ولكن ما وردَ مختومًا بالتاء - وهو «سبعة» و «ستة» و «ثلاثة» - له وجهٌ صحيحٌ في العربيَّة، وهو الحمل على المعنى؛ بأن تُحْمَل «الزَّنْية» على معنًى مُذكَّرٍ؛ كأنَّه قال: «أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ سَبْعَةٍ وَثَلاثِينَ فِعْلاً من أفعال الزِّنا والفاحشة» . وانظر التعليق على المسألة رقم (270) .
(3/646)
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ (1) ؛ رَوَاهُ الثَّوْري (2)
وغيرُه، عن عبد العزيز بن
_________
(1) قوله: «خطأ» سقط من (أ) و (ش) .
(2) روايته أخرجها عبد الرزاق في "المصنف" (15349) عنه، وأخرجها ابن أبي شيبة في"المصنف" (21991) من طريق وكيع، والدارقطني في "السنن" (3/16) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، وأبو القاسم البغوي - ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (27/418-419) -، والبيهقي في "الشعب" (5128) من طريق حماد بن أسامة،، جميعهم عن الثوري به.
قال الدارقطني: «وهذا أصحُّ من المرفوع» ، وكذا صوَّبه أبو القاسم البغوي.
ورواه الإمام أحمد في "المسند" (5/225 رقم 21958) فقال: حدثنا وكيع؛ حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بْنِ رُفَيْعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مليكة، عن حنظلة بن راهب، عن كعب، به. ومن طريق الإمام أحمد رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (27/419) ، وقال: قوله: «عن حنظلة» : وهم، وحنظلة قتل قبل أن يسلم كعب، وإنما هو عبد الله بن حنظلة. اهـ.
ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1233) من طريق الإمام أحمد، ووقع عنده: «ابن حنظلة» ، وكلمة «ابن» لم ترد في نسخ "المسند" جميعها؛ كما نبَّه على ذلك محققو "المسند"، وكذا عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/117) إلى "المسند" من طريق حنظلة عن كعب وقال: «ذكر الحسيني أن حنظلةَ هذا غسيل الملائكة، فإن كان كذلك فقد قُتِل بأُحُد فكيف يروي عن كعب! وإن كان غيره فلم أعرفه، والظاهر أنه ابنه عبد الله بن حنظلة وسقط من الأصل» .
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (15348) من طريق بكَّار بن عبد الله بن وائل، والعقيلي في "الضعفاء" (2/258) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1234) من طريق ابن جريج، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ عبد الله بن حنظلة، عن كعب، به.
ورواه أحمد في"المسند" (5/225 رقم21957) ، والبزار في "المسند" (3381) ، والدارقطني في "السنن" (3/16) من طريق أيوب السختياني، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2759) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/91) ، والطبراني في "الأوسط" (2682) ، والدارقطني في "السنن" (3/16) ، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (1346/ترجمة عبد الله بن حنظلة) من طريق ليث بن أبي سليم، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ عبد الله بن حنظلة، عن النبي (ص) ، به.
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي (ص) إلا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، وقد رواه بعضهم عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ رجل، عن عبد الله بن حنظلة» .
وقال الطبراني: «لَمْ يَرو هَذَا الحديثَ عَنِ ليث إلا عبيد الله» . وانظر "القول المسدد" لابن حجر (الحديث الثاني عشر) .
(3/647)
رُفَيْع، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عن عبد الله بْنِ حَنْظَلَة، عَنْ كَعْبٍ (1) ، قَوْلَهُ.
1160 - وسمعتُ أَبِي وحدَّثنا عَنْ هِشَامِ ابن عمَّار (2) ؛ قَالَ: حدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (3) ، عَنْ سُهَيْل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، عَنْ أَبِي قَتَادة (5) ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ (6) : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنَجِّيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَأَنْ يُظِلَّهُ تَحْتَ ظِلِّ العَرْشِ؛ فَلْيُنْظِرْ مُعْسِرًا (7) .
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ كذبٌ؛ قَدْ أُدْخِلَ عَلَى هِشَامٍ.
1161 - وسألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الفِرْيابي (8) ، عَنْ
_________
(1) هو: كعب الأحبار ح.
(2) أخرج روايته الطبراني في "الأوسط" (4592) ، وفيه: «عن أبي قتادة وجابر» ، وقال: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ سهيل بن أبي صالح إلا إسماعيل بن عياش» .
(3) قوله: «ابن عيَّاش» ليس في (ف) .
(4) هو: ذكوان السَّمّان.
(5) هو: الحارث بن رِبْعِيّ.
(6) قوله: «قال» سقط من (ك) .
(7) قال الفيومي في "المصباح المنير" (ص315 -ن ظ ر) : «أَنْظَرْتُ الَّديْنَ، بالألف: أَخَّرْتُهُ، والنَّظِرَةُ، مِثْلُ كَلِمَة بالكسر: اسمٌ منه، وفي التنزيل: [البَقَرَة: 280] {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ، أي: فتأخيرٌ، ونَظَرْتُهُ الدَّيْنَ ثلاثيًّا: لغةٌ» . اهـ.
(8) هو: محمد بن يوسف. وروايته أخرجها الدارقطني في "العلل" (11/222) .
(3/648)
الثَّوْري، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَار، عَنْ أبي هريرة، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً (1) ، فَهُوَ بالخِيَارِ ... ، الحديثَ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا وَهَمٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: مُوسَى ابن يَسَار (2) .
قِيلَ لأَبِي زُرْعَةَ: الوَهَمُ مِمَّن هُوَ؟
قَالَ: إمَّا مِنَ الفِرْيابي، وإمَّا مِنَ الثَّوْري.
1162 - وسألتُ (3) أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ اليَمَان بْنُ عَدِيّ، عَنِ الزُّبَيدي (4) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَبِي سَلَمة، عن أبي هريرة،
_________
(1) المُصَرَّاةُ: الناقةُ، أو البقرةُ، أو الشَّاة، يُصَرَّى اللَّبنُ في ضَرْعِها، أي: يُجْمَع ويُحبَس.
وفسَّر الشافعيُّ المُصَرَّاةَ بقوله: هي التي تُصَرُّ أخْلافُها، ولا تُحلَبُ أيامًا، حتى يجتمعَ اللبنُ في ضَرْعِها، فإذا حلبها المشتري استَغْزَرَها.
وإنما نهى عنه؛ لأنه خِداعٌ وغِشٌّ. "النهاية" (3/27) .
(2) أخرجه على هذا الوجه أحمد في "المسند" (2/463) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ومسلم في "صحيحه" (1524) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/18) من طريق القعنبي، والنسائي في "المجتبى" (4488) من طريق عبد الله بن الحارث، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/18) من طريق عبد الله بن وَهْب وعبد الله بن نافع، جميعهم عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبي (ص) . ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (14862) فقال: أخبرنا داود بن قيس، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أبي هريرة به موقوفًا عليه.
(3) تقدمت هذه المسألة برقم (1143) ، وستأتي من وجه آخر برقم (1179) .
(4) المثبت من (ف) ، وهو الصَّواب كما في المسألة رقم (1143) ، وفي بقيَّة النسخ: «الزبيري» . والزبيدي هذا اسمه: محمد بن الوليد.
(3/649)
عن النبيِّ (ص) (1) قَالَ: إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ ... ؟
فَقَالا: هَذَا خطأٌ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَوَاهُ إسماعيلُ بْنُ عَيَّاش (2) ،
عَنِ الزُّبَيْدِيِّ وَمُوسَى بنِ عُقْبَة، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أبي بكر بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قلتُ: فإنَّ بَقِيَّة (3) يحدِّث عن الزُّبَيدي؟
_________
(1) قوله: «عن النبي (ص) » سقط من (أ) .
(2) أخرج روايته أبو داود في "سننه" (3522) - ومن طريقه البيهقي في"السنن الكبرى" (6/47) -، وأخرجها ابن الجارود في "المنتقى" (632) ، والدارقطني في "السنن" (3/30) ، كلهم من طريق عبد الله بن عبد الجبار، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بكر بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) .
ورواه ابن الجارود في "المنتقى" (633) ، والدارقطني في "السنن" (3/29) من طريق هشام بن عمار، والعقيلي في "الضعفاء" (1/89) ، والبيهقي في"السنن الكبرى" (6/47) من طريق عبد الله بن عبد الجبار، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ موسى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أبي بكر بن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) . قال الدارقطني: «رواه إسماعيل ابن عياش مُضطرِب الحديث، ولا يثبتُ هذا عن الزهري مسندًا، وإنما هو مرسل» .
وقال البيهقي: «إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عن الزهري موصولاً لا يصحُّ» .
وانظر "العلل" للدارقطني (2199) ، و"التمهيد" لابن عبد البر (8/407-409) .
ورواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (11/296) من طريق أبي قرصافة محمد بن عبد الوهاب العسقلاني، = = عن آدم بن أبي إياس، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبي هريرة: أن النبي (ص) قال: «من باع سلعة لم يكن قبض من ثمنها شيئًا فهي له، فان كان قد قبض من ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء» . لكن محمد بن عبد الوهاب العسقلاني لم نجد من ترجم له.
(3) هو: ابن الوليد.
(3/650)
فَقَالَ: مَا هَذَا مِنْ حديثِ بَقِيَّةَ أَصْلا! مَنْ رَوَى (1) هَذَا الحديثَ عَنْ بَقِيَّة؟
قلتُ: نُعَيْمُ بْنُ حمَّاد.
قَالَ: رَوَى نُعَيْمُ بنُ حمَّاد عَنْ بَقِيَّةَ أحاديثَ ليستْ مِن حَدِيثِ بَقِيَّة أَصْلا، مَا أعلمُ رَوَى هَذَا الحديثَ غَيْر (2) إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاش (3) .
قَالَ أَبِي: رَوَى نُعَيْمُ بنُ حمَّاد هَذَا الحديثَ (4) عَنْ بَقِيَّة، فَقَالَ فيه: عن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ وَلَمْ يُتابَعْ نُعَيْمٌ عَلَيْهِ.
وَقَالا: الصَّحيحُ عِنْدَنَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْري: عَنْ أَبِي بكر بن عبد الرحمن، عن النبيِّ (ص) ، مُرسَلً (5) .
_________
(1) في (ك) : «روام» .
(2) قوله: «غير» يجوز فيه النصب والرفع، وقد تقدم تخريج ذلك في التعليق على نحوه في المسألة رقم (308/أ) وانظر التعليق على المسألة (68) .
(3) يعني: من الثقات، وإلا فقد رواه اليمان بن عدي كما في أول المسألة، وتقدم في المسألة (1143) أن اليمان ضعيف الحديث، وتقدم في التخريج أن محمد بن عبد الوهاب العسقلاني رواه عن آدم بن أبي إياس، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عقبة، عن الزهري، لكن لم نجد من ترجم لمحمد بن عبد الوهاب.
(4) من قوله: «الحديث غير إسماعيل ... » إلى هنا سقط من (ف) ؛ بسبب انتقال بصر الناسخ.
(5) هذا بالنسبة لطريق الزهري، وتقدم في التعليق على المسألة (1143) أن البخاري ومسلمًا أخرجاه من طريق عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
وقوله «مرسل» يجوز فيه النصب والرفع. انظر التعليق على المسألة رقم (85) .
(3/651)
1163- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عمرو النَّاقد، عن عبد الله بْنِ سُلَيم، عَنْ بَقِيَّة (1) ، عَنْ سُلَيمان بْنِ سُلَيم الأَنْصَارِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسان، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قال: سُئِلَ النبيُّ (ص) (2) عَنْ رجُلٍ استأجرَ أَجِيرًا يَحْفِرُ له؟ فقال رسولُ الله (ص) ... (3) ؟
قال أبي: هذا الحديثُ باطلٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: سعيدٌ: أنَّ النبيَّ (ص) .... مُرسَلً (4) . وسُلَيمانُ بنُ سُلَيم: هُوَ سُلَيمان بْنُ أَرْقَم.
قلتُ: فَمَا حالُ عبد الله بْنِ سُلَيْم؟
قَالَ: شيخٌ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ (5) .
1164 - وسألتُ (6) أَبِي عَنْ حديثٍ رواه إسماعيل بن عَيَّاش (7) ،
_________
(1) هو: ابن الوليد. وروايته أخرجها ابن أبي عاصم في"الديات" (ص85) من طريق محمد بن مصفى، وابن عدي في "الكامل" (3/255) من طريق محمد بن مصفى وكثير بن عبيد، كلاهما عن بقية، به.
قال ابن عدي: «وهذا عن صالح بن كيسان يرويه سليمان بن أرقم، وعنه بقية» .
(2) قوله: «النبي (ص) » سقط من (ت) و (ك) .
(3) ولفظه بتمامه: سُئل رسول الله (ص) عن رجُلٍ استأجر رجلاً يحفر له بئرًا، فخرَّ عليه فمات؟ فقال رسول الله (ص) : «ليس الضمان كالعين» .
(4) قوله «مرسل» تقدم التعليق على مثله في المسألة السابقة.
(5) أخرج هذا النص الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" (2/126) من طريق المصنف، إلا أنه لم يذكر قوله: «فقال رسول الله (ص) » .
(6) تقدمت هذه المسألة برقم (1128) .
(7) روايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (5/414 رقم 23510) ، والطبراني في "الكبير" (4/121 رقم 3859) ، وفي "مسند الشاميين" (1129) ، وابن عدي في "الكامل" (1/296) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/217) .
وتابع إسماعيلَ بن عياش على روايته هكذا: بقيةُ بن الوليد، وتقدمت روايته في المسألة رقم (1128) ، لكن ليس فيها: «عن أبي أيوب» ، وعلقنا عليها هناك: بأن المعروف من رواية بقية بزيادة أبي أيوب.
(3/652)
عَنْ بَحِير (1) بْنِ سَعْدٍ (2) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عَنِ المِقْدام بْنِ مَعْدِي كَرِب (3) ، عَنْ أَبِي أيُّوب، عن النبيِّ (ص) قَالَ: كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ (4) لَكُمْ فِيهِ؟
قَالَ أَبِي: رَوَاهُ ثَور بن يزيد، عن (5) خالد ابن مَعْدان، عَنْ جُبَير ابن نُفَير، عن [المِقْدَام ابنِ مَعْدِي كَرِبَ] (6) ، عن النبيِّ (ص) .
قَالَ أَبِي: وَهُوَ أشبهُ بالصَّواب (7) .
1165- وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عبدُالكريم بن عبد الكريم (8)
_________
(1) قوله: «بحير» تصحَّف في (ت) و (ف) و (ك) إلى: «يحيى» .
(2) في (ش) : «سعيد» ، وكأنه صُوِّب.
(3) في (أ) : «ابن معدي ابن كرب» .
(4) في (ت) و (ف) : «ليبارك» ، وفي (ك) : «ليباركوا» .
(5) في (ك) : «بن» بدل: «عن» .
(6) في جميع النسخ: «أبي أيوب» ، وتقدمت رواية ثور بن يزيد هذه في المسألة رقم (1128) ، وفيها: «المقدام ابن معدي كرب» بدل: «أبي أيوب» ، وخرَّجنا روايته هناك؛ لكنَّنا لم نجد في شيء من طرق الحديث روايته هكذا عن أبي أيوب. والله أعلم.
(7) يعني: لأنَّه زاد رجلاً وهو «جبير بن نفير» ، كما تقدَّم في كلام أبي حاتم في المسألة رقم (1128) ، وتقدم في التخريج هناك ما يدلُّ على أن رواية من أسقط من الإسناد جبير بن نفير هي الأشبه بالصَّواب، وهو الذي رجَّحه البخاري.
(8) في (ت) و (ك) : «رواه عبد الكريم بن الناجي» .
(3/653)
النَّاجِي (1) ،
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِم (2) ، عَنِ الحُسَين بْنِ واقِد، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَة (3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ حَبَسَ العِنَبَ أَيَّامَ القِطَافِ لِيَبِيعَ (4) مِنْ يَهُودِيٍّ أَو نَصْرَانِيٍّ؛ كَانَ لَهُ مِنَ اللهِ مَقْت؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ كذبٌ باطلٌ.
_________
(1) كذا في النسخ، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/62) فقال: «عبد الكريم بن عبد الكريم التاجر» . ووقع عند ابن حبان في "المجروحين" (1/236) : «عبد الكريم بن عبد الله السُّكَّري» . وفي "الأوسط" للطبراني (5356) : «عبد الكريم بن أبي عبد الكريم» ، وكذا عند البيهقي في "الشعب" (5230) وزاد: «السُّكَّري» ، وفي (5231) : «المروزي» بدل: «السكري» ، وفي "تاريخ جرجان" للسَّهمي (390) : «عبد الكريم بن عبد الكريم البزاز الجرجاني المعروف بعَبْدَك، هو الذي ينسب إليه خان عبدك بباب الخندق» .
وروايته أخرجها ابن حبان في "المجروحين" (1/236) - ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1126) - من طريق محمد بن عبد الله بن الجنيد، والطبراني في "الأوسط" (5356) من طريق أحمد بن منصور المروزي، والبيهقي في "الشعب" (5230 و5231) من طريق إبراهيم بن محمد بن يزيد السكري وأحمد بن منصور المروزي، ثلاثتهم عن عبد الكريم، به.
قال الطبراني: «لَمْ يُروَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ بريدة إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به أحمد بن منصور المروزي» .
وقال ابن حبان: «هَذَا حديثٌ لا أَصْلَ لَهُ عن حسين بن واقد» .
ورواه السهمي في "تاريخ جرجان" (390) من طريق عبد الله بن مهدي، عن عبد الكريم بن عبد الكريم، عن الحسن بن مسلم التاجر، حدثنا الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده، عن عمر، عن النبي (ص) .
(2) هو: الواسطي.
(3) هو: عبد الله. وفي (ك) : «عن أبي بريدة» .
(4) المثبت من (ت) وهو الجادَّة، وفي بقيَّة النسخ: «لِيَبِعَ» ؛ وهو من الاجتزاء بالكسرة عن الياء. انظر بيان ذلك في التعليق على المسألة رقم (679) .
وقوله: «مقت» في آخر الحديث يحتمل أن يكون منصوبًا أو مرفوعًا:
أما النصب: فعلى أنَّه خبر «كان» ، والتقدير: كان هو [أي حبسُهُ العنب لهذا القصد] مَقْتًا له من الله، إلا أن ألف تنوين النصب حذفتْ من «مقت» على لغة ربيعة. وقد تقدَّم التعليق عليها في المسألة رقم (34) . وفي هذا يعود الضميرُ - الذي هو اسم «كان» - إلى المصدر المفهوم من الفعل «حَبَسَ» . انظر التعليق على المسألة رقم (400) و (2011) .
وأمَّا الرفع: فعلى أنَّه اسم لـ «كان» ، أو فاعل لها، والتقدير: كان مقتٌ له من الله لأجل هذا.
(3/654)
قلتُ: تَعْرِفُ عبدَالكريم هَذَا؟
قَالَ: لا.
قلتُ: فتَعْرِفُ الحسنَ بْنَ مُسْلِمٍ (1) ؟
قَالَ: لا، ولكنْ تَدُلُّ (2) روايتُهُم عَلَى الكَذِب (3) .
1166 - وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ زُهَير (5) ، عن جابر (6) ، عن (7) عبد الله بن ذَكْوان؛ قال: رأيتُ عبد الله ابن عُمَرَ يَشْتَرِي بيعَ المُجَازَفَة (8) ، وَيَقُولُ: قَالَ لِي عُمَرُ: إِذَا ابتَعْتَ
_________
(1) قال الذهبي في ترجمته في "الميزان" (1/523) : «أتى بخبر موضوع في الخمر» .
(2) في (ت) : «يدل» .
(3) وذكر نحو هذا في "الجرح والتعديل" (3/36-37) ، و (6/62) ، وانظر "لسان الميزان" (3/80) ، و (5/54) .
(4) في هامش النسخة (أ) حاشية بخط مغاير، نصها: «رواه ابن إسحاق، عن أبي الزناد، عن عبيد بن حنين، عن عمر ... » ثم كلام غير واضح.
(5) هو: ابن معاوية.
(6) هو: ابن يزيد الجعفي.
(7) في (ف) : «بن» بدل: «عن» .
(8) المُجازَفَةُ والجِزَافُ - بتثليث الجيم-: بيعُ الشَّيء لا يُعلمَ كيلُه ولا وزنُه. انظر "المصباح المنير" (ص99) .
(3/655)
مَتَاعًا فضَمَمْتَهُ إليكَ؛ فذلكَ قَبْضُهُ (1) .
قال أبي: عبد الله بْنُ ذَكْوان: هُوَ أَبُو الزِّنَاد، وَلَمْ (2) يَرَ ابنَ عُمَرَ، وَبَيْنَهُمَا عُبَيد بْنُ حُنَين.
1167 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حمَّاد بْنُ سَلَمة (3) ،
عن
_________
(1) المثبت من (ف) ، وفي بقية النسخ: «بذلك قَبَضْتَهُ» ، ولعل ما أثبتناه أوفق بالسياق، وحتى لا يخلو جواب «إذا» من الفاء!
(2) في (ف) : «لم» بلا واو.
(3) روايته أخرجها أبو داود في "سننه" (3357) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/60) ، والدارقطني في "سننه" (3/70) ، والحاكم في "المستدرك" (2/56-57) من طريق أبي عمر حفص بن عمر الحوضي، ورواه الطحاوي أيضًا من طريق الخطيب ابن ناصح، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/287) من طريق عبد الواحد بن غياث، ورواه أبو القاسم البغوي كما في "تنقيح التحقيق" (2/520) - ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (21/584) - من طريق عبد الأعلى بن حماد، أربعتهم عن حماد بن سلمة، به.
وخالفهم عفان بن مسلم الصفَّار - كما في "الإكمال" لابن ماكولا (2/421-422) ، و"نصب الراية" (4/47) - فرواه عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أبي سفيان، عن عمرو بن حَريش، عن عبد الله بن عمرو، به، والظاهر أن «ابن» متصحفة عن «عن» ، فيكون صوابه: «مسلم عن أبي سفيان» .
ورواه أحمد في "مسنده" (2/171 و216 رقم6593 و7025) من طريق إبراهيم بن سعد وجرير بن حازم، والدارقطني في "السنن" (3/69) من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن ابن إسحاق، عن أبي سفيان، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عمرو بن حَريش، عن عبد الله بن عمرو، به.
ورواه ابن عبد البر في "الاستذكار" (20/87) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، عن أبي سفيان بن مسلم، عن مسلم بن كثير، عن عمرو ابن حَريش، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وذكر عثمان بن سعيد الدارمي في "تاريخه" رقم (734) أنه سأل ابن معين فقال: «قلت: مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي سفيان: ما حالُ أبي سفيان هذا؟ فقال ثقة مشهور. قلت: عن مسلم بن كثير، عن عمرو ابن حَريش الزبيدي؟ فقال: هذا حديث مشهور» .
وقال البيهقي في "السنن الكبرى" (5/287) : «اختلفوا على محمد بن إسحاق في إسناده، وحماد بن سلمة أحسنُهم سياقة له» .
وقال ابن حجر في "فتح الباري" (4/419) : «إسناده قوي» . وضعفه ابن حزم في "المحلى" (9/107) ، وابن القطان كما في "نصب الراية" (4/47) . وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري (6/323) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/193) ، و"تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (2/520) ، و"تعجيل المنفعة" (2/254/ترجمة مسلم بن جبير) .
(3/656)
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيب، عَنْ مُسْلِم بْنِ جُبَير، عَنْ أَبِي سُفْيان، عن [عمرو] (1) بن حَرِيش؛ قال: قلتُ لعبد الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: إنَّا بأرضٍ لَيْسَ (2) بِهَا ذَهَبٌ وَلا فِضَّةٌ، أفأبيعُ البقرةَ بالبقرتَيْنِ، والشَّاةَ بالشَّاتَين، والبعيرَ بالبَعِيرَين إِلَى أجَلٍ؟ فقال: أَمَرَني رسولُ الله (ص) أنْ أُجَهِّزَ جَيْشًا، فنَفِدَتِ الإبِلُ، قلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ، نَفِدَتِ الإبِلُ، فَقَالَ: خُذْ فِي قِلاصِ (3) الصَّدَقَةِ، فجَعَلْتُ آخُذُ البعيرَ بالبَعِيرَيْنِ إِلَى إبِلِ الصَّدَقَة؟
قلتُ لأَبِي: مَنْ مُسلِمُ بْنُ جُبَير؟
قَالَ: هو مِصريٌّ.
_________
(1) كذا في (ش) وهو الصواب، ولكنها منسوخة من (أ) ، وفي بقيَّة النسخ: «عمر» ، وهو تصحيف. انظر "الجرح والتعديل" (6/227) ، و"التقريب" (5045) .
(2) في (ك) : «وليس» بالواو.
(3) القِلاَصُ: جمعُ قَلوصٍ؛ وهي النَّاقةُ الشَّابَّة. انظر "النهاية" (4/100) .
(3/657)
قلتُ: فَأَبُو سُفْيان مَنْ هُوَ؟
قَالَ: هُوَ الشَّامي، إنْ لَمْ يَكُنِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ - رَجُلٍ مِن أَهْلِ الشَّام - عن بَحِير (1) بْنِ رَيْسان (2) ، عَنْ عُبادَة؛ فِي الصَّلاة بَيْنَ التَّراويح (3) ؛ قَالَ: لا أَدْرِي مَنْ هُوَ!
1168 - وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بُهْلُول بْنُ عُبَيد (5) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعي، عَنِ الْحَارِثِ (6) ، عَنْ عليٍّ؛ قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله (ص) : أَيُّ الأعمالِ أَزْكَى؟ قَالَ: كَسْبُ المَرْءِ بِيَدِهِ، وكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ؟
_________
(1) بفتح الباء الموحدة، وكسر الحاء المهملة. انظر "تصحيفات المحدثين" للعسكري (2/682) ، و"الإكمال" لابن ماكولا (1/196-197) ، و"توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين (1/349) .
(2) في (ش) : «يحيى بن يسار» ، وفي (ف) : «بحير بن ريسار» .
(3) الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7729) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2/137 رقم1961) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/155) ، ثلاثتهم من طريق يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ؛ قَالَ: حدثنا أبو سُفْيَانَ - رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ-، عن بحير ابن ريسان، عن عبادة بن الصامت: أنه وجد ناسًا كانوا يصلون في رمضان بعدما يتروح الإمام، وأنه نهاهم فلم ينتهوا، وأنه ضربهم. ونقل ابن عدي في "الكامل" (2/56) عن البخاري أنه قال في بَحير بن رَيسان: «لا يُتابع على حديثه» ، وكذا قال العقيلي، ونقله عن البخاري.
(4) أشار إلى هذه المسألة ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/5-6) . وانظر المسألة رقم (1172) .
(5) روايته أخرجها ابن عدي في "الكامل" (2/65) ، والدارقطني في "الأفراد" (38/أ/أطراف الغرائب) ، والبيهقي في "الشعب" (1182) .
(6) هو: ابن عبد الله الأعور.
(3/658)
قَالَ أَبِي: هَذَا الحديثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ باطلٌ، بُهْلُولٌ ذاهبُ الْحَدِيثِ (1) .
1169 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابنُ أَبِي عُمَرَ (2) ، عَنِ ابْنِ عُيَينة (3) ، عَنِ ابْنِ عَجْلان (4) ، عَنْ عِيَاض (5) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النبيِّ (ص) : أنَّ رَجُلا أُصِيبَ فِي حائطٍ له، فقال له النبيُّ (ص) : خُذُوا مَا وَجَدتُّمْ، لَيْسَ لَكُمْ غَيْرُهُ؟
قَالَ أَبِي: لَيْسَ هَذَا مِن حديثِ ابنِ عَجْلان؛ إِنَّمَا رَوَاهُ بُكَير بْنُ الأَشَجِّ (6) ، عَنْ عِيَاض، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النبيِّ (ص) .
1170 - وسُئِلَ (7) أَبُو زُرْعَةَ (8) عَنْ حديثٍ رواه محمد بن رافع
_________
(1) قال ابن عدي في الموضع السابق: «ولبُهلول هذا غيرُ ما ذكرت من الحديث قليل، وأحاديثه عمَّن روى عنه فيه نظر. وحديثه عن أبي إسحاق أنكر منه عن غيره، وإنما ذكرته لأبيِّن أن أحاديثَه ليس مما يتابعه الثقات عليها؛ إذ لم أر لمن تكلَّم في الرجال فيه كلامًا» . وقال الدارقطني: «تفرَّد به بُهلول بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي إسحاق، عنه» . وانظر "السلسلة الضعيفة" للشيخ ناصر الدين الألباني _ح (2745) .
(2) هو: محمد بن يحيى.
(3) هو: سفيان. وروايته ذكرها أبو عوانة في "صحيحه" (3/336/المعرفة) .
(4) هو: محمد.
(5) هو: ابن عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح.
(6) روايته أخرجها مسلم في "صحيحه" (1556) ولفظها: أُصِيبَ رجلٌ في عهدِ رسول الله (ص) في ثمارٍ ابتاعَها، فكثُر دَينُه، فقال رسولُ الله (ص) : «تَصدَّقوا علَيه» ، فتصَدَّق الناسُ عليه، فلم يبلُغ ذلك وفاءَ دينه، فقال رسول الله (ص) لغُرمائه: «وخُذُوا مَا وَجَدتُّم، ليسَ لكُم إلا ذلك» .
(7) انظر المسألة المتقدِّمة برقم (1105) و (1132) و (1136) و (1159) .
(8) في (أ) : «أبا زرعة» .
(3/659)
النَّيْسابوري (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الصَّنْعاني، عَنِ النُّعْمان - يَعْنِي: ابنَ الزُّبَير - عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عباس، عن النبيِّ (ص) قَالَ: الرِّبَا (2) نَيِّفٌ (3) وَسَبْعُونَ بَابًا (4) ، أَهْوَنُ بَابٍ مِنَ الرِّبَا: مِثْلُ مَنْ أَتَى أُمَّهُ (5) فِيِ الإِسْلامِ، وَدِرْهَمُ رِبًا أَشَدُّ مِنْ خَمْسٍ وَثَلاَثِيِنَ زَنيَةً، وَأَشَدُّ الرِّبَا - أَوْ أَرْبَى (6) الرِّبَا، أَوْ أَخْبَثُ الرِّبَا -: انْتِهَاكُ عِرْضِ المُسْلِمِ، أَو انْتِهَاكُ حُرْمَتِهِ؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا حديثٌ مُنكرٌ.
1171 - وسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ غُنْدَر (7) ، عَنْ شُعْبة،
_________
(1) روايته أخرجها البيهقي في "شعب الإيمان" (6289) من طريق يعقوب بن سفيان الفسوي، عن محمد بن رافع، به.
(2) رسمت هذه الكلمة في كل المواضع؛ في بعض النسخ: «الربا» ، وهو موافق للرسم الإملائي الحديث. وفي = = بعضها: «الربوا» وهو رسم قديم لبعض الكتبة، وهو مُتَّفِق مع رسم المصحف، وقد تقدَّم التعليق على ذلك في المسألة رقم (1127) .
(3) النَّيِّفُ: من واحد إلى ثلاث في قول بعضهم؛ ويقال: نيَّف فلانٌ على الستين ونحوها: إذا زاد عليها، وكُلُّ ما زاد على العِقْد: فهو نيِّف. انظر "لسان العرب" (9/342) .
(4) في (ت) و (ك) : «باب» .
(5) في (ك) : «مه» .
(6) المثبت من (ت) و (ك) ، وفي (ش) : «وأربى» بالواو، وفي (أ) : «وأربوا» ، وفي (ف) : «أو أربوا» ، وانظر التعليق على المسألة رقم (1127) .
(7) هو: محمد بن جعفر. وروايته أخرجها أحمد في "مسنده" (1/240 رقم 2145) ، والنسائي في "المجتبى" (4622) ، والبغوي في "الجعديات" (1207) . ومن طريقه الإمام أحمد والبغوي أخرجه الضياء في "المختارة" (10/61 و62 رقم 52 و54) . قال البغوي: «هكذا حدَّث بهذا الحديث مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ ... » . وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" (316) من طريق عمرو بن محمد بن أبي رزين، عن شعبة بالإسناد السابق. وأخرجه البغوي في "الجعديات" (1208) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (8/432) من طريق عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عمر، به.
(3/660)
عن أيُّوب (1) ، عن سعيد ابن جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ النبيِّ (ص) ؛ أَنَّهُ قَالَ فِي بَيْعِ حَبَلِ
_________
(1) هو: ابن أبي تميمة السَّختياني.
(3/661)
الحَبَلَة (1) : رِبًا؟
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَهِمَ شُعْبة عِنْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ إِنَّمَا هُوَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير (2) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن النبيِّ (ص) ؛ فِي بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَة (3) ؛ وَهُوَ الصَّحيحُ (4) .
1172 - وسألتُ (5) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ قُدَامة بْنُ شِهاب المَازِني (6) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ وَبَرَة (7) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قال: سُئِلَ رسولُ الله (ص) عَنْ أَطْيَبِ الكَسْبِ؟ قَالَ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ؟
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ، وقُدامةُ ليس بقويٍّ.
_________
(1) قال ابن الأثير: «حَبَل الحَبَلَة» الحَبَل بالتحريك: مصدر سُمِّي به المَحْمول، كما سُمِّي بالحَمْل، وإنما دخَلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه، فالحَبَلُ الأوَّل: يُراد به ما في بُطون النُّوق من الحَمْل، والثاني: حَبَلُ الذي في بُطون النُّوق؛ وإنما نُهِيَ عنه لمَعْنَيين: أحدُهما: أنه غَرَرٌ وبَيْعُ شيء لم يُخْلَقْ بَعْدُ، وهو أن بيعَ ما سوفَ يحمِلُهُ الجَنينُ الذي في بَطْنِ النَّاقة- على تقدير أن تكونَ أُنثى- فهو بيعُ نِتَاج النتاج.
وقيل: أراد بِحَبَل الحَبَلَة: أن يبيعَهُ إلى أجلٍ يُنْتَج فيه الحَمْل الذي في بَطن النَّاقة، فهو أجَلٌ مجهولٌ، ولا يَصحُّ. "النهاية" (1/334) . وما ذكره أخيرًا هو المعنى الثاني للنهي عنه. وانظر "فتح الباري" (4/358) .
وقوله: «ربًا» مثبت من (ش) مع أنها منسوخة من (أ) ، وهو الموافق للرسم الإملائي الحديث، وفي (أ) و (ف) : «ربوا» ، وهو ضمن السقط الواقع في (ت) و (ك) ، وانظر التعليق على المسألة رقم (1127) .
(2) روايته على هذا الوجه أخرجها الحميدي في "مسنده" (706) ، وأحمد في "مسنده" (2/11 رقم4582) ، والنسائي في "المجتبى" (4623) ، وابن ماجه في "سننه" (2197) ، والبغوي في "الجعديات" (1212) ، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (11461) جميعهم من طريق سفيان بن عيينة.
وأخرجه البغوي أيضًا (1212) من طريق معمر ووُهَيب، ثلاثتهم عن أيوب السَّختياني، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عمر، به.
وأخرجه البغوي أيضًا (1213) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5653) من طريق حماد بن سلمة، والمروزي في "السنة" (226-227) ، وابن حبان في "صحيحه" (4946) ، والبيهقي في "المعرفة" (11461) من طريق إسماعيل بن عليَّة، كلاهما عن أيوب، عن نافع وسعيد، عن ابن عمر، به.
(3) من قوله: «ربا قال أبو زرعة ... » إلى هنا سقط من (ت) و (ك) ؛ لانتقال النظر.
(4) قال البخاري - كما في "العلل الكبير" للترمذي (317) -: «حديث أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عمر أصحُّ» .
(5) نقل القزويني في "التدوين" (1/449) حكم أبي حاتم على الحديث هكذا: «قال ابن أبي حاتم: قال أبي: الحديث منكر، وقدامة ليس بقوي» . وأشار إلى هذه المسألة الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (3/5-6) . وانظر المسألة رقم (1168) .
(6) روايته أخرجها الطبراني في "الأوسط" (2140) ، والدارقطني في "الأفراد" (3454/أطراف الغرائب/العلمية) والإسماعيلي في "معجم شيوخه" رقم (274) ، والصيداوي في "معجم شيوخه" (377) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (37/397) ، والذهبي في "السير" (18/376) جميعهم من طريق الحسن بن عرفة، عن قدامة، به. قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ إسماعيل إلا قدامة، تفرد به الحسن بن عرفة» . وقال الدارقطني: «تفرَّد به قُدَامَةُ بْنُ شِهَابٍ الْمَازِنِيُّ، عَنْ إسماعيل بن أبي خالد، وتفرد به عنه (في الأصل: عن!!) الحسن» .
(7) هو: ابن عبد الرحمن المُسْلي.
(3/662)
1173 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يزيدُ ابن عَبْدِ ربِّه، عَنْ بَقِيَّة (1) ،
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحول وسُلَيْمَانَ بنِ مُوسَى، عَنْ واثِلَةَ بنِ الأَسْقَع؛ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ (ص) يَقُولُ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ، لَمْ يَزَلْ (2) فِي مَقْتٍ مِنَ اللهِ (3) ، أَوْ قَالَ: لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تَلْعَنُهُ؟
فَقَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكرٌ، ومعاويةُ بْنُ يَحْيَى هُوَ الصَّدَفِيُّ.
1174 - وسألتُ (4) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يزيدُ بْنُ هارون (5) ،
عن
_________
(1) هو: ابن الوليد. وروايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (22/65 رقم 157) ، و"مسند الشاميين" (1511 و3406) من طريق موسى بن أيوب، ثنا بقية ... فذكره عن مكحول وحدَه، ولم يذكر معه سليمان.
ورواه ابن ماجه في "سننه" (2247) فقال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك؛ حدثنا بَقِيَّةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَكْحُولٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عن واثلة، به هكذا ليس فيه «العلاء بن الحارث» . ورواه الطبراني في "الكبير" (22/54 رقم 129) فقال: حدثنا أحمد ابن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، ثنا عبد الوهاب بن الضحاك؛ ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بن يحيى، عن يحيى بن الْعَلاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عن واثلة، به. كذا وقع عنده: «يحيى بن العلاء بن الحارث» !
قال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (2/553) بعد أن ذكره من رواية ابن ماجه: «إسناده ضعيف» .
(2) قوله: «لم يزل» سقط من (ك) .
(3) في (ش) : «في مقتِ الله» .
(4) نقل هذا النص الزيلعي في "نصب الراية" (4/262) ، ونقل بعضه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/30) ، وفي "الدراية" (2/234) .
(5) روايته أخرجها أحمد في "مسنده" (2/33 رقم4880) عنه، ومن طريق أحمد أخرجه ابن حجر في "القول المسدد" (ص 7) .
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5746) من طريق زهير، وابن عدي في "الكامل" (1/409) من طريق محمد بن المثنى، والطبراني في "الأوسط" (8426) من طريق سعيد بن عبد الحميد الواسطي، وأبو نعيم في "الحلية" (6/100-101) من طريق أحمد بن عبد الرحمن الواسطي، خمستهم عن يزيد بن هارون، به. قال الطبراني: «لا يُروى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به أبو الزاهرية» .
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (20389) عن يزيد ابن هارون، عن أصبغ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرَّة، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به هكذا ليس فيه: «أبو بشر» ، ولعله سقط من الطباعة أو الناسخ؛ فقد عزاه الزيلعي في "نصب الراية" (4/262) إلى ابن أبي شيبة بمثل رواية الجماعة عن يزيد بن هارون.
ورواه الفاكهي في "أخبار مكة" (1772) فقال: حدثنا أبو بشر وعبد الجبار بن العلاء، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ أصبغ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الزاهرية، عن جبير ابن نفير، عن ابن عمر، به.
ورواه البزار في "مسنده" (1311/كشف الأستار) فقال: حدثنا عمرو بن علي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ أصبغ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الزاهرية، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابن عمر، به.
قال البزار: «لا نعلمه عن النبي (ص) إلا من هذا الوجه» .
ورواه الحاكم في "المستدرك" (2/11-12) من طريق عمرو بن الحصين، عَنْ أَصْبَغَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرَّة،، عَنْ ابن عمر، به.
= ... وذكر الزيلعي في الموضع السابق من "نصب الراية" أن الدارقطني رواه في "غرائب مالك" من طريق أصبغ به.
(3/663)
أَصْبَغ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي بِشْر (1) ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّة (2) ، عَنْ كَثِير بْنِ مُرَّة، عَنِ ابْنِ عمر، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ، واللهُ مِنْه بَرِيءٌ، وَأَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ (3) ظَلَّ (4)
_________
(1) في (ت) و (ك) : «أبي يسر» . وأبو بشر هذا هو: الأُمْلوكي.
(2) هو: حُدَير بن كُرَيب.
(3) العَرْصَةُ: كلُّ موضع واسع لا بناءَ فيه. انظر "النهاية" (3/208) .
(4) في (ف) : «ضلَّ» .
(3/664)
فِي نَادِيهِمُ (1) امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللهِ (2) ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ (3) ، وَأَبُو بِشْر لا أعرفُهُ.
1175 - وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ (4) وحدَّثنا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى (5) ، عَنْ هُشَيم (6) ، عَنْ سُفْيان بْن حُسَين، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سالم (7) ، عن
_________
(1) النادي: مُجتَمَع القَومِ وأهلِ المَجلِس، فيقعُ على المَجلِس وأهلِه. انظر "النهاية" (5/36) .
(2) لفظ الجلالة ليس في (أ) و (ش) .
(3) قال ابن حزم في "المحلى" (9/64) : «وهذا لا يصح؛ لأن أصبغ بن زيد وكثير بن مرة مجهولان» .
وقال ابن حجر في "القول المسدد" (ص 7) بعد أن ذكر أن ابن الجوزي وأبا حفص عمر بن بدر الموصلي حكما عليه بالوضع: «وفي كونه موضوعًا نظر؛ فإن أحمد وابن معين والنسائي وثقوا أصبغ، وقد أورد الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" هذا الحديث من طريق أصبغ» . وقال أيضًا في "فتح الباري" (4/348) : «في إسناده مقال» .
(4) في (ف) : «أبي زرعة» ، ويبدو أنها صُوِّبت في الهامش، ولكن لم يظهر في التصوير.
(5) في جميع النسخ: «إبراهيم بن أبي موسى» ، ولم نجد في هذه الطبقة من يقال له: «إبراهيم بن أبي موسى» ، والمعروف: إبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي أبو إسحاق الرازي، الذي يقال له: الفرَّاء الصغير، من كبار شيوخ أبي زرعة الرَّازي. انظر "الجرح والتعديل" (2/37) ، و"تهذيب الكمال" (2/219) .
(6) هو: ابن بشير الواسطي. وروايته أخرجها النسائي في "الكبرى" (4990) من طريق العلاء بن هلال الباهلي، والبزار في "مسنده" (112) ، والدارقطني في "العلل" (2/51) من طريق الحسن بن عرفة، كلاهما عن هشيم، به.
ورواه الدارقطني في "الأفراد" (24/ب/أطراف الغرائب) من طريق هشيم به وقال: «تفرَّد به هُشَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عن الزهري، عنه [أي: عن سالم] أسنده عن عمر» . ورواه عبد بن حميد في "المنتخب" (722) فقال: أخبرنا يزيد بن هارون، سُفْيَانَ بْن حسين، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن النبي (ص) ، به، فجعله من مسند ابن عمر.
(7) هو: ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
(3/665)
أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخطَّاب، عن النبيِّ (ص) أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ (1) : لَيْسَ هَذَا الحديثُ بمحفوظٍ (2) ؛ والصَّحيحُ: سالمٌ (3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبيِّ (ص) .
1176 - وسمعتُ أَبِي يَقُولُ فِي حديثٍ رواه ابن جُرَيج (4) ،
عن
_________
(1) قوله: «أبو زرعة» ليس في (أ) و (ش) .
(2) قال البزار في "مسنده" (112) : «وهذا الحديث لا نعلم أحدًا قال فيه: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَن عُمَر، عَنِ النَّبِيِّ (ص) إلا سفيان بن حسين، وأخطأ فيه، والحفاظ يروونه عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابن عمر، عن النبي (ص) ، وهو الصَّواب» .
(3) رواية سالم بن عبد الله بن عمر على هذا الوجه أخرجها البخاري في "صحيحه" (2379) ، ومسلم في "صحيحه" (1543) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (1543) من طريق يونس بن يزيد وسفيان بن عيينة، وأحمد في "مسنده" (2/82 رقم5540) ، والنسائي في "الكبرى" (4992) من طريق معمر بن راشد، أربعتهم عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابن عمر، عن النبي (ص) .
ونقل الترمذي في "جامعه" (1244) عن البخاري قوله: «حديث الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن النبي (ص) أصحُّ ما جاء في هذا الباب» . وانظر "العلل" للدارقطني (102) .
(4) هو: عبد الملك بن عبد العزيز. وروايته أخرجها الدارقطني في "السنن" (4/219) ، وفي "المؤتلف والمختلف" (3/1437) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/133) من طريق روح بن عبادة، وأبو عبيد في "غريب الحديث" (2/222) من طريق = = حجاج الأعور، وابن حزم في "المحلى" (8/132) من طريق ابن وَهْب، ثلاثتهم عن ابن جريج، به.
ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في "التحقيق" (2/385) .
ورواه الحربي في "غريب الحديث" (3/915) من طريق ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ صُدَيق بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْرٍ، عَنْ النبي (ص) ، ولم يذكر أباه.
ورواه العسكري في "تصحيفات المحدثين" (1/334) من طريق سعيد بن سالم الْقَدَّاحُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ صُديق بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النبي (ص) .
ورواه الدارقطني في "السنن" (4/219) من طريق أبي بكر بن أبي سبرة، عن ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ صُدَيق بْنِ موسى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) .
قال الدارقطني في "العلل" (81) : «يرويه أبو بكر بن أبي سبرة، عن ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ صُدَيق بْنِ موسى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بكر، عن أبيه، وهو وهمٌ، والمحفوظ عن ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ صُدَيق بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بن حزم، عن أبيه مرسلاً عن النبي (ص) . رواه ابن وَهْب وروح وحجاج وغيرهم» . وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (3/537) : «هذا حديثٌ لا يثبتُ وهو مرسل» .
(3/666)
صُدَيْقِ (1) بنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ قال: قال رسولُ الله (ص) لا تَعْضِيَةَ (2) فِي المِيرَاثِ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ المَالُ ذَا مَنٍّ.
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا محمدُ بن أبي بكر ابن عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَلَيْسَ لأَبِيهِ صُحْبَة.
قال أبو محمد (3) : وقد (4) غَلِطَ جماعةٌ صنَّفوا "مُسْنَدَ أَبِي بكر"،
_________
(1) بضم الصاد المهملة، وفتح الدال المهملة المخففة. انظر "توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين الدمشقي (5/419) .
(2) التَّعْضِيَةُ في الأصل: التفريق، والمعنى هنا: أن يموتَ الرَّجُلُ ويدَعَ شيئًا إن قُسِمَ بين وَرَثَتِه استَضَرُّوا أو بعضُهم، كالجَوْهَرة والطَّيْلَسان والحمَّام ونحو ذلك. انظر "النهاية" (3/256) .
(3) في (ف) : «وقلت» بدل: «قال أبو محمد» .
(4) في (ت) و (ك) : «قد» بلا واو، وفي (ش) : «فقد» .
(3/667)
فظنُّوا أنَّ هذا محمدُ ابن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق، فأدخَلُوهُ (1) فِيهِ، مِنهُم: محمدُ بنُ عَوْفٍ الحِمْصيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الهِسِنْجانيُّ، وغيرُهما.
1177- وسألتُ (2) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ بَقِيَّة (3) ،
عَنْ أَبِي وَهْبٍ الأَسَدي، عَنْ أيُّوب (4) ، عَنِ ابْنِ سِيرين (5) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: نَهَى
_________
(1) في (ك) : «فأدخلوا» .
(2) أشار الحافظ ابن حجر في"التلخيص" (3/33) إلى هذه المسألة. وانظر المسألة الآتية برقم (1957) .
(3) هو: ابن الوليد. ولم نقف على روايته لهذا الحديث، لكن تابعه لُوَيْن محمد بن سليمان فرواه في "جزئه" (13) عن عبيد الله بن عمرو الرقي، به بلفظ: أن النبي (ص) نهى أن تتلقى الجلب. قال: فإن تلقاه متلقٍّ فصاحبه فيها بالخيار إذا دخل السوق.
ورواه أحمد في "مسنده" (2/403 رقم 9236) من طريق أحمد بن عبد الملك، والترمذي في "جامعه" (1221) من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، وأبو داود في "سننه" (3437) من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، وأبو يعلى في "مسنده" (6078) من طريق عيسى بن سالم، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/9) من طريق يوسف بن عدي، والطبراني في "الأوسط" (6362) من طريق عمرو بن خالد، جميعهم عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن أيوب، به نحو رواية لوين.
ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في "السنن" (5/348) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (13/323) و (18/188) .
قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب من حديث أيوب» . وقال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ أيوب إلا عبيد الله بن عمرو» .
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (14879) - ومن طريقه ابن الجارود في "المنتقى" (571) - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به. نحو رواية لوين. ورواه مسلم في "صحيحه" (1519) من طريق هشام القردوسي، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هريرة به. نحو رواية لوين أيضًا.
(4) هو: ابن أبي تميمة السَّختياني.
(5) هو: محمد.
(3/668)
رسولُ الله (ص) عَنْ تَلَقِّي الجَلَبِ (1) ، فإنِ اشْتَرَاهُ مُشْتَرٍ فإنَّ صاحبَ السِّلْعَة بالخِيار - إِذَا دخلَ المِصْرَ - مَا بينَهُ وبينَ نِصْفِ النَّهَار؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: لَيْسَ فِي شيءٍ مِنَ الْحَدِيثِ: «إِذَا دخلَ المِصْرَ فإنَّ صاحبَهُ بالخِيار مَا بينَهُ وبينَ نِصْفِ النَّهار» (2) ، وَأَبُو وَهْبٍ: هُوَ عُبَيدالله (3) بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّي.
1178 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ (4) عَمْرو بْن عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثير بْنِ دِينَارٍ (5) ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبِيدة، عن عبد الله بن عثمان ابْنِ خُثَيم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ رسولَ الله (ص) أَتَى جَمَاعَةً مِنَ التُّجَّار فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ بَاعِثُكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إلاَّ مَنْ صَدَقَ وَوَصَلَ، وَأَدَّى الأَمَانَةَ؟
_________
(1) قال الفيومي: الجَلَب بفتحتين: فَعَل بمعنى مفعول، وهو: ما تجلبُهُ من بلد إلى بلد. "المصباح المنير" (ص104، ج ل ب) .
والمرادُ بتلقِّي الجَلَب: خروج التجار لتلقِّي الركبان الآتين من خارج البلد قبل دخولهم؛ ليشتروا منهم ما جلَبوه معهم من أمتعة وبضائع. وقد نهى النبيُّ (ص) عن ذلك حتى يدخلَ الرُّكبانُ البلدَ، ويحضُروا السوقَ، ويعرفوا الأسعارَ. انظر شرح النووي لصحيح مسلم (10/162-163) .
(2) من قوله: «فسمعت أبي ... » إلى هنا سقط من (أ) و (ش) ؛ لانتقال النظر.
(3) في (ك) : «عبد الله» .
(4) قوله: «رواه» ليس في (ف) .
(5) روايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (2/54 رقم12499) . ورواه الطبري في "تهذيب الآثار" (96/مسند علي) من طريق عبد الله بن عبد الجبار، وابن حبان في "المجروحين" (1/225) من طريق إسحاق ابن راهويه، كلاهما عن الحارث بن عبيدة، به. قال ابن حبان: «وهذا ليس له أصل صحيحٌ يرجع إليه» .
(3/669)
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا يَرْوِيهِ ابنُ خُثَيم (1) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيد بْنِ رِفَاعَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النبيِّ (ص) .
1179 - وسمعتُ (2) أَبَا زُرْعَةَ وحدَّثنا عَنِ الرَّبِيعِ بْن يَحْيَى، عَنْ شُعْبة (3) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: إِذَا أَفلَسَ الرَّجُلُ، فوَجَدَ رجُلٌ مَتاعَهُ بِعَيْنهِ، فهو أحقُّ به.
_________
(1) روايته على هذا الوجه رواها عنه معمر في "الجامع" (2099/مصنف عبد الرزاق) . ومن طريق معمر أخرجه الطبراني في "الكبير" (5/45 رقم4539) .
وأخرجه الترمذي في "جامعه" (1210) ، والطبراني في "الكبير" (5/44 رقم 4541 و4543) من طريق بشر بن المفضل، وابن ماجه في "سننه" (2146) ، والطبري في "تهذيب الآثار" (92/مسند علي) من طريق يحيى بن سلم الطائفي، والدارمي في "مسنده" (2580) ، والطبري (93 و94/مسند علي) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (2083) ، والطبراني في "الكبير" (5/44 رقم 4540) من طريق سفيان الثوري، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1974) ، والطبري (95/مسند علي) ، وابن حبان في "صحيحه" (4910) ، والطبراني في "الكبير" (5/44 رقم 4542) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، والطبري (95/مسند علي) من طريق مسلم بن خالد، والطبراني في "الكبير" (5/44 رقم 4541) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، والحاكم في "المستدرك" (2/6) - ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (5/266) - من طريق إسماعيل بن زكريا، جميعهم عن عبد الله بن خثيم، به. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» .
(2) انظر ما تقدم في المسألة رقم (1143) و (1162) .
(3) ذكر روايته على هذا الوجه الدارقطني في "العلل" (11/167) . وذكر أنه رواه شعبة أيضًا فقال: حدثني وَرْقَاءَ، عَنْ عَمَرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) ، به.
وذكر الدارقطني أيضًا أنه رواه هشيم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ رجل، عن أبي هريرة، موقوفًا.
(3/670)
وحدَّثنا (1) أَبُو زُرْعَةَ، عَنِ الحُمَيْدي (2) ، عَنْ سُفْيان (3) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى المَخْزومي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) .
فسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: قَصَّر بِهِ شُعْبة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (4) : وحدَّثنا بِحَدِيثِ الحُمَيدي عَلَى إثْرِ حديثِ شُعبة، فحدَّثنا بِهِ مِنْ حفظِهِ.
_________
(1) في (أ) و (ش) : «قال: وحدَّثنا» .
(2) هو: عبد الله بن الزبير. وروايته أخرجها في "مسنده" (1065) .
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (15164) ، وأحمد في "مسنده" (2/249 رقم7390) كلاهما عن سفيان ابن عيينة، به.
وأخرجه الباغندي في "مسند عمر بن عبد العزيز" (33 و41) من طريق علي بن المديني وبيان المخزومي، كلاهما عن سفيان، به.
ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (15162) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عمرو بن دينار، به.
ومن طريق عبد الرزاق رواه عبد بن حميد في "مسنده" (1441) ، وابن حبان في "صحيحه" (5038) ، والبغوي في "الجعديات" (966) ، والدارقطني في = = "السنن" (3/30) و (4/229) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/46) ، وفي "المعرفة" (3635) .
ورواه عبد الرزاق (15163) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عمرو بن دينار، به.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (8/410) : «وحديثُ التفليس هذا من رواية الحجازيين والبصريين حديثٌ صحيحٌ عند أهل النقل ثابت ... » . وانظر "العلل" للدارقطني (2199) .
(3) هو: ابن عيينة.
(4) قوله: «قال أبو محمد» ليس في (ف) .
(3/671)
1180 - وسُئِلَ (1) أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سُفْيانُ وإسرائيلُ (2) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (3) ، فاختَلَفا (4) : عن أبي إسحاق، عن عبد الله بْنِ حَلاَّم (5) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عن النبيِّ (ص) : إذَا رَأَى أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ (6) ؛ فَلْيَقُمْ إِلَى أَهْلِهِ؛ فإنَّ مَعَ أَهْلِهِ مِثْلَ الَّذِي مَعَهَا.
ورفَعَهُ إسرائيلُ (7) ،
وأوقفَهُ سُفْيانُ (8) وَلَمْ يرفَعْهُ؟
_________
(1) ذكر المصنف هذه المسألة هنا في كتاب البيوع، وهي من مسائل النكاح، ولعلَّ المصنِّف ذكرها هنا في "البيوع"؛ إشارةً إلى الأدب الذي ينبغي على المسلم مراعاتُهُ إذا رأى النساء في الأسواق، والله أعلم. وقد أورَدَ المصنف هذه المسألة في النكاح برقم (1238) ، لكن من حديث أنس.
(2) هو: ابن يونس.
(3) هو: عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(4) في جميع النسخ: «فاختلفا، فقال سفيان الثَّوري» ، ولم يذكر أبو حاتم للثوري إلا روايةَ الوَقْف، ورجَّحها - في جوابه - على رواية إسرائيل المرفوعة، فلعلَّ هذه الزيادة سَهْوٌ في نسخة المصنِّف أو نسخةِ مَنْ أخذ عنه، وإلا فإنَّ إثباتها يتنافى مع سياق المسألة وجوابِ أبي حاتم عليها، والله أعلم.
(5) في (ش) : «سلام» .
(6) قوله: «فأعجبته» سقط من (ك) .
(7) لإسرائيل في هذا الحديث إسنادان: أحدهما: إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أبي عبد الرحمن السلمي، عن النبي (ص) مرسلاً. أخرجه الخطيب في "الفصل" (2/915) . وقد تابعه على هذا الوجه الثوري كما سيأتي.
والثاني: الإسناد الذي حكاه المصنف هنا: إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عبد الله بن حلاَّم، عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا. أخرجه الخطيب أيضًا (2/915-916) .
وهذا الذي خالفه الثوري فيه؛ حيث رواه موقوفًا كما سيأتي.
(8) أخرج روايته ابن أبي شيبة في "المصنف" (17195) من طريق وكيع وعبد الرحمن بن مهدي، والدارقطني في "العلل" (5/198) - ومن طريقه الخطيب في "الفصل" (2/918) - من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكَين، والخطيب في "الفصل" أيضًا (2/917-918) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن كثير العبدي، خمستهم عن سفيان الثوري، به موقوفًا.
لكنْ خالفهم قبيصة بن عقبة ومعاوية بن هشام، فروياه عن الثوري مرفوعًا:
أما رواية قبيصة: فأخرجها الدارمي في "سننه" (2261) ، والدارقطني في "العلل" (197-198) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5053) ، والخطيب في "الفصل" (2/916) .
وأما رواية معاوية بن هشام: فأخرجها الدارقطني في "العلل" (5/198) ، ومن طريقه الخطيب في "الفصل" (2/917) .
وقبيصة ومعاوية متكلم في حفظهما، وبالأخص في روايتهما عن الثوري، وقد خالفهما أوثق أصحاب الثوري - كما سبق - فوقفوه.
وللثوري في هذا الحديث إسناد آخر وافقه فيه إسرائيل - كما سبق - وهو: روايته للحديث عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن السلمي، عن النبي (ص) مرسلاً. أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (17194) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، والدارقطني في "العلل" (5/198) - ومن طريقه الخطيب في "الفصل" (2/917) - من طريق معاوية بن هشام، والخطيب في "الفصل" أيضًا (916-919) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأبي نعيم الفضل بن دُكَين، وقبيصة.
(3/672)
فسمعتُ (1) أَبِي يَقُولُ: سُفْيان أحفَظُ مِن إِسْرَائِيلَ، والحديثُ هُوَ موقوفٌ (2) .
_________
(1) قوله: «فسمعت» سقط من (ك) .
(2) ذكر هذا الاختلاف الدارقطني في "العلل" (817) ، وقال: «والموقوف عن الثوري أصح» . وذكر الخطيب في "الفصل" (2/914) رواية من رواه عن الثوري مرفوعًا، ومن رواه عنه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن السلمي، عن النبي (ص) مرسلاً، ثم قال: «وهاتان الروايتان عن سفيان توافقان رواية عبيد الله بن موسى، عَنْ إسرائيل. ورواه محمد بن كثير العبدي، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حلاَّم، عَنِ عبد الله بن مسعود من قوله موقوفًا غير مرفوع. ورواه أبو نعيم ويحيى بن القطان، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن النبي (ص) » . اهـ.
وقد صحَّ متن الحديث مرفوعًا إلى النبي (ص) من حديث جابر بن عبد الله ذ عند مسلم في "صحيحه" (1403) ، والله أعلم.
(3/673)
1181 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ابنُ وَهْب (1) ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَة (2) ، عَنْ دَرَّاج (3) ، عَنِ ابْنِ حُجَيرة (4) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله (ص) أنه قال: {رِجَالٌ ... } (5) ، قال (6) : هُمُ الَّذِينَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ؟
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ (7) : هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ، ودَرَّاجٌ فِي حَدِيثِهِ صَنْعَةٌ (8) .
1182 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ حاتِم بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الأَوْزاعي (9) ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سَالِمٍ (10) ، عَنْ أَبِيهِ، عن النبيِّ (ص) :
_________
(1) هو: عبد الله. وروايته أخرجها ابن أبي حاتم في "تفسيره" (14645) . وأخرجه ابن أبي حاتم أيضًا من طريق يحيى بن إسحاق، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" (205) من طريق المعلى بن منصور، كلاهما عن ابن لهيعة، به.
(2) هو: عبد الله.
(3) هو: ابن سَمْعان.
(4) هو: عبد الرحمن.
(5) الآية (37) من سورة النور.
(6) قوله: «قال» ليس في (أ) و (ت) و (ك) .
(7) قوله: «يقول» من (ف) فقط.
(8) نقل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/442) عن أبيه أنه قال: «دراج في حديثه صنعةٌ» . قال الشيخ المعلِّمي _ح في تعليقه على "الجرح والتعديل" (3/311) : «يعني: أنه يتصرَّف فيه، ولا يأتي به على الوجه» . وانظر "شفاء العليل، بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل" (ص165) لأبي الحسن مصطفى بن إسماعيل.
(9) هو: عبد الرحمن بن عمرو.
(10) هو: ابن عبد الله بن عمر.
(3/674)
مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ (1) [حَيًّا] (2) مَجْمُوعًا، فَهُوَ مِنْ مَالِ المُشْتَرِي؟
فَقَالَ (3) أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: الزُّهْري (4) ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ
_________
(1) الصَّفْقةُ: البيع، وفي حديث ابن مسعود: صفقتان في صفقةٍ ربا، أراد: بيعتان في بيعة. "النهاية" (3/38) .
(2) في جميع النسخ: «جَمًّا» ، وهو تصحيف، والتصويب من مصادر التخريج.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4/352) : قوله: «وقال ابن عمر: ما أدركَتِ الصَّفْقَة» ، أي: العقد، «حيًّا» ، أي: بمهملة، وتحتانيَّة مثقَّلة، «مجموعًا» ، أي: لم يتغيَّر عن حالته، «فهو من المُبْتاع» ، أي: من المُشتَري.
والمعنى: أن ما كان من متاعٍ أو دابة عند العقد موجودًا سالمًا، ثم هلك بعد ذلك عند البائع، فهو من ضمان المشتري.
هذا وقد اختلف العلماءُ فيمن باع عبدًا واحتبسَهُ بالثمن، فهلك في يد البائع، قبل أن يأتي المشتري بالثمن، فمنهم من قال: هو على البائع، ومنهم من قال: هو على المشتري. والأصلُ في ذلك: اشتراط القبض في صحة البيع، فمن اشترطه في كل شيء جعله من ضمان البائع، ومن لم يشترطه جعله من ضمان المشتري، والله أعلم.
انظر الموضع السابق من "الفتح".
(3) في (ت) و (ف) و (ك) : «قال» .
(4) روايته على هذا الوجه أخرجها ابن وهب في "جامعه" - كما في "تغليق التعليق" (3/242-243) - عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عبد الله، عن أبيه، موقوفًا. ومن طريق ابن وَهْب رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/16) ، وابن القاسم في "المدونة الكبرى" (10/306) ، وابن حزم في "المحلى" (8/365) .
ورواه الطحاوي في الموضع السابق أيضًا من طريق = = بشر بن بكر، والدارقطني في "السنن" (3/53-54) - ومن طريقه ابن حجر في "تغليق التعليق" (3/242) - من طريق الوليد بن مسلم، وأبو جعفر بن البختري في "فوائده" رقم (510) - ومن طريقه ابن حجر في "تغليق التعليق" (3/243) - من طريق محمد بن كثير. ثلاثتهم عن الأوزاعي، عن الزهري، به، بمثل رواية يونس بن يزيد. وصححه ابن حزم في "المحلى" (8/383 و396) ، وقال ابن حجر في "تغليق التعليق" (3/243) : «هذا موقوفٌ صحيحُ الإسناد» .
(3/675)
عبد الله، عَنْ أَبِيهِ (1) .
1183 - وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ (2) رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَة (3) ، عَنِ بُكَير بن عبد الله بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر، عن النبيِّ (ص) قَالَ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ، وَلَهُ مَالٌ؛ فَمَالُهُ لَهُ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ المُعْتِقُ؟
قَالَ أَبِي: هَذَا خطأٌ؛ إِنَّمَا هُوَ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ؛ فَمَالُهُ لِلْبَائِع (4) . وإنما رواه عُبَيدالله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَير، وَلا أعلمُ ابنَ لَهِيعَة سَمِعَ مِنْ بُكَير (5) ، وَلَيْسَ هَذَا الحديثُ عِنْدَ لَيْثٍ أَيْضًا (6) ؛ إِنَّمَا رَوَاهُ عُبَيدالله (7) بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ (8) ، عَنْ بُكَير، عن نافع، عن ابن
_________
(1) يعني: موقوفًا عليه، كما تقدَّم في التخريج.
(2) قوله: «أبي عن حديث» سقط من (ف) .
(3) هو: عبد الله. وروايته على هذا الوجه أخرجها الدارقطني في "سننه" (4/134) من طريق عمرو بن خالد، عنه به.
وأخرجه أبو داود في "سننه" (3962) ، والدارقطني في الموضع السابق، كلاهما من طريق عبد الله بْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عن عبيد الله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرٍ بن عبد الله بن الأشج، عن نافع، به هكذا بزيادة: عبيد الله بن أبي جعفر.
(4) انظر ما تقدم في المسألة رقم (1175) .
(5) ويؤكده: أن عبد الله بن وهب رواه - كما سبق - عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرٍ.
(6) لعله يعني: ليس عند ليث عن بكير؛ لأن الليث رواه عن عبيد الله بن أبي جعفر كما سيأتي.
(7) في (ش) : «عبد الله» .
(8) أخرج روايته أبو عبيد في "الأموال" (1342) ، وأبو داود في "سننه" (3962) ، والنسائي في "الكبرى" (4981) ، والطبراني في "الأوسط" (8730) ، والدارقطني في "السنن" (4/133-134) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/325) ، جميعهم من طريق الليث بن سعد، عن عبيد الله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرٍ، به. وتقدمت رواية ابن وهب للحديث عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرٍ.
قال الطبراني بعد أن ذكر عدة أحاديث لليث: «لم يرو هذه الأحاديث عن عبيد الله بن أبي جعفر إلا الليث» . وقال ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (2/555) بعد أن ذكره من طريق النسائي وابن ماجه: «رواته ثقات» .
(3/676)
عمر، عن النبيِّ (ص) : مَنْ بَاعَ عَبْدًا ... .
1184 - وسُئِلَ أَبِي عَنْ حديثِ الحسنِ (1) ، عَنْ (2) سَمُرَة (3) ،
والحسنِ، عَنْ (4) عُقْبَة بْنِ عَامِرٍ (5) ،
عن النبيِّ (ص) قال: عُهْدَةُ
_________
(1) هو: البصري.
(2) في (ت) و (ك) : «بن» بدل: «عن» .
(3) الحديث رواه بهذا اللفظ ابن ماجه في "سننه" (2244) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (6092) ، والطبراني في "الكبير" (7/210 رقم6874) ثلاثتهم من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ وحده، به.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (950) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به كرواية سعيد، إلا أنه قال: «عُهدَةُ الرَّقيق أربعٌ» . وقد روي الحديث من طريق سعيد وهشام، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عقبة بن عامر كما سيأتي.
(4) قوله: «عن» سقط من (ك) .
(5) أخرج رواية عقبة هذه: الإمام أحمد في "المسند" (4/143 رقم17292) ، وابن ماجه (2245) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6089) ، والحاكم في "المستدرك" (2/21) ، جميعهم من طريق هشيم بن بشير، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ الحسن البصري، عن عقبة، به، وقال: «أربع» بدل: «ثلاثًا» .
ورواه ابن عدي في "الكامل" (7/39) من طريق نصر ابن حماد الوراق، عن شعبة، عن يونس بن عبيد وقتادة، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامر، به بلفظ: «عهدة الرقيق ثلاثة أيام» .
قال ابن عدي: «وهذا من حديث شعبة عن يونس بن عبيد أغربُ منه من حديث قتادة، عن الحسن؛ فان حديث قتادة قد رواه غيرُ شعبة، وغيرُ نصر عن = = شعبة، عن يونس، ولا أعرفه إلا من حديث نصر عن شعبة» .
وأخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (4/152 رقم 17385) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عن عقبة، به كسابقه.
وأخرجه الدارمي في "مسنده" (2593) ، وأبو داود في "سننه" (3506) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (6090) ، ثلاثتهم من طريق أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، عَنْ قتادة، به كسابقه.
وأخرجه الدارمي في "مسنده" (2594) من طريق يزيد ابن هارون، وأبو داود في "سننه" (3506) ، من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (609) من طريق الخصيب بن ناصح، ثلاثتهم عن هَمَّام بْن يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، به كسابقه، إلا أن الخصيب ذكره بلفظ: «لا عهدة بعد أربع» .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (36315) ، وأحمد في "مسنده" (4/152 رقم17384) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (6088) ، والحاكم في "المستدرك" (2/21) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/323) ، جميعهم من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قتادة، به.
وأخرجه أحمد في "مسنده" (4/150 رقم17358) ، والروياني في "مسنده" (191) ، والحاكم في "المستدرك" (2/21-22) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/323) ، جميعهم من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به بلفظ: «عُهدَةُ الرَّقيق أربعُ ليالٍ» .
وفي رواية الحاكم: «قتادة عن عقبة» ، قال ابن حجر في "إتحاف المهرة" (11/213) : «ولم يذكر الحسن، وقال [أي الحاكم] : هو مرسل؛ لأن الحسن لم يسمع من عقبة» !
ورواه الطبراني في "الأوسط" (8331) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص399) من طريق أبي المقدام هشام بن زياد، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي (ص) قال: «لا عُهدَة بعد أربعة أيام ... » .
قال الطبراني: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الحديثَ عَنِ الحسن، عن أبي هريرة، إلا هشام بن زياد» . وقال الدارقطني في "العلل" (10/261) : «وأبو المقدام ضعيف الحديث» .
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (36316) فقال: حدثنا ابْنُ عليَّة، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الحسن قال: قال النبي (ص) : «لا عُهدَةَ فوق أربعَ» .
(3/677)
الرَّقِيقِ.............................
(3/678)
ثَلاثًا (1) (2) ؟
قَالَ أَبِي: لَيْسَ هَذَا الحديثُ عِنْدِي بِصَحِيحٍ (3) ؛ وَهَذَا عِنْدِي مُرسَلٌ (4) .
_________
(1) كذا في جميع النسخ بنصب «ثلاثًا» ، والرواية في مصادر التخريج بالرفع على الإخبار، وهو الجادَّةُ، ووجهُ ما هاهنا: أن يكونَ من باب حذف الخبر وسدِّ ظرف الزمان مَسدَّه؛ كقول امرئ القيس: «اليومَ خَمْرٌ، وغدًا أَمْرٌ» ، وكقولك: الصيامُ غدًا، والتقدير هنا: عُهْدَةُ الرَّقِيقِ مستقرَّةٌ ثَلاثًا، أي: ثلاثَ ليال -كما في بعض المصادر- ثم حذف الخبر، واستغني بالظرف عنه. وانظر في حذف الخبر وسَدِّ شيءٍ مسدَّهُ المسألة رقم (827) .
(2) في رواية الحاكم: قال سعيد: فقلت لقتادة: كيف يكون هذا؟ قال: إذ أوجد المشتري عيبًا بالسِّلعة فإنه يردُّها في تلك الأيام، ولا يُسأل البيِّنة، فإذا مضت عليه أيام فليس له أن يردَّها إلا ببينةِ أنه اشتراها وذلك العيبُ بها، والا فيمينُ البائع أنه لم يبعه وبه داء. وانظر "لسان العرب" (3/312) (ع هـ د) .
(3) نقل ابن الجوزي في "التحقيق" (2/182) عن الإمام أحمد قوله: «ليس فيه حديثٌ صحيح، ولا يثبت حديث العُهدَة» . وقال ابن حزم في "المحلى" (8/380) : «أما الحديثان فساقطان؛ لأن الحسن لم يسمع من عقبة ابن عامر شيئًا قطُّ، ولا سمع من سمرة إلا حديثَ العقيقة فصارا منقطعين، ولا حجَّة في منقطع» .
(4) لأن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديثَ العقيقة كما تقدم، واختُلِف في حديثين أو ثلاثة غيره، بل ذهب ابن معين إلى أنه لم يلقَ سمرة؛ حكاه ابن أبي حاتم في "المراسيل" (96) . وأما عقبةُ بن عامر فقد نقل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/41) عن أبيه قوله: «ولم يصحَّ له السماعُ من جندب، ولا من معقل ابن يسار، ولا من عِمران بن حصين، ولا من ابن عمر، ولا من عُقبة بن عامر، ولا من أبي هريرة» .
(3/679)
1185 - وسمعتُ (1) أَبِي وَذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ ابنُ وَهْب (2) ،
عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ واللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُرْوَة بْنِ الزُّبَير، عن عبد الله بْنِ الزُّبَير، عَنِ الزُّبَير بْنِ العَوَّام: أَنَّهُ خاصمَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ - قَدْ شَهِدَ بَدرًا مَعَ رسول الله (ص) (3) - إلى رسول الله (ص) في شِرَاجِ (4)
_________
(1) انظر المسألة الآتية برقم (1774) .
(2) هو: عبد الله. وروايته أخرجها الطبري في "تفسيره" (9912) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/993) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (632) من طريق يونس بن عبد الأعلى، والنسائي في "المجتبى" (5407) من طريق يونس بن عبد الأعلى والحارث بن مسكين، وابن منده في "الإيمان" (253) ، وابن = = الجارود في "المنتقى" (1021) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ وَهْب، عَنْ يُونُسَ والليث، عَنِ ابْن شِهَابٍ الزُّهْرِيّ، عَنْ عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير، به.
ورواه الحاكم في "المستدرك" (3/364) من طريق محمد بن عبد الله بْنِ مُسْلِمِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزبير، به هكذا كما رواه ابن وهب سابقًا.
وذكر الدارقطني في "العلل" (4/229) أن أحمد بن صالح وحرملة بن يحيى روياه عَنِ ابْنِ وَهْب، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ؛ أَنَّ الزبير خاصم رجلاً ... هكذا عن عروة مرسلاً.
وذكر الدارقطني أيضًا أن شبيب بن سعيد رواه عن يونس مثل رواية أحمد بن صالح وحرملة عن ابن وَهْب.
ونقل الترمذي في"العلل الكبير" (374) عن البخاري قوله: «وكأن حديث يونس، عن الزهري مدرج، وكلُّ شيء عن ابن وَهْب مدرجٌ فليس بصحيح» .
(3) ذكر في المسألة رقم (1774) أنَّه حاطب بن أبي بلتعة، لكن الحديث مرسل.
(4) الشِّرَاجُ: جمع شَرْجَة، وهي: مَسِيلُ الماء من الحَرَّة إلى السَّهْل. "النهاية" (2/456) . وبعضهم يحذف الهاء من المفرد ويقول: شَرْجٌ. انظر "المصباح المنير" (ص308) . والحَرَّةُ: هي الأرضُ ذات الحِجارة السُّود. والحَرَّة المقصودة هنا: أرضٌ بظاهر المدينة بها حجارة سودٌ كثيرة. "النهاية" (1/365) .
(3/680)
الحَرَّة، كَانَا يَسْقِيَان بِهِ - كلَيْهِمَا (1)
- النَّخْلَ. فقال [الأنصاريُّ] (2) : سَرِّحِ (3) الماءَ يَمُرَّ، فأَبى عَلَيْهِ، فقال رسولُ الله (ص) : اسْقِ يَا زُبَيْرُ! ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ، فغَضِبَ الأنصاريُّ وَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابنَ عَمَّتِكَ (4) ؟! فَتَلَوَّن وجهُ رَسُولِ الله (ص) ؛ قال: يَا زُبَيْرُ!
_________
(1) كذا في جميع النسخ: «كليهما» ، وهي توكيدٌ معنوي لألف المثنَّى في «كانا» ، أو «يسقيان» ، فالجادَّة أن يكون مرفوعًا بالألف: «كلاهما» إتباعًا لمحلِّ ألف المثنَّى، وبالألف جاء في مصادر التخريج، غيرَ أن ما وقع في النسخ الخطيَّة صحيحٌ أيضًا في العربية، وله أوجه ثلاثة:
الأول: الرفع على التوكيد، والأصل: «كلاهما» لكنْ أميلت الألفُ نحو الياء؛ فكُتِبَت ياءً، ولا تنطق إلا ألفًا ممالة: «كِلَيهُمَا» ، وسببُ إمالة الألف هنا: كسرة الكاف قبلها مفصولة عنها بحرف واحد. وانظر للإمالة التعليق على المسألة رقم (25) ، و (124) .
والثاني: النَّصْبُ مفعولاً به لفعل محذوف، والتقدير: «أعني كِلَيْهِمَا» ، ويقرأ بالياء الخالصة.
وهذان الوجهان ذكر مثلهما النوويُّ في "شرح مسلم" (1/41-42) ؛ في نحو قوله: «حدثنا فلانٌ وفلانٌ كِلَيهما عن فلان» .
والوجه الثالث: الجَرُّ على المجاورة للمجرور قبله، وهو الضمير في قوله: «بهِ» ، وهو على ذلك توكيدٌ مرفوعٌ، لكنه جاء بالياء الخالصة للمجاورة، ومن شواهد العربية على جرِّ التوكيد المعنويِّ لمجاورة المجرور: قول أبي الغَرِيب الأعرابي [من البسيط] :
يا صاحِ بَلِّغْ ذَوِي الزَّوجاتِ كُلِّهِمُ
أنْ ليسَ وَصْلٌ إذا انحَلَّتْ عُرى الذَّنَبِ
قال ابن هشام: «كُلِّهم» توكيدٌ لـ «ذَوِي» ، لا للزَّوْجات، وإلا لقال: «كُلِّهِنَّ» ، و «ذوي» : منصوبٌ على المفعولية، وكان حَقُّ «كلهم» النصبَ، ولكنَّه خُفِضَ لمُجاورة المخفوض. "شرح شذور الذهب" (ص346) .
(2) كذا في (ك) ، وهو الصواب، مع أنها منسوخةٌ من (ت) ! وفي بقيَّة النسخ: «للأنصاري» ، وهو خطأٌ؛ انظر مصادر التخريج.
(3) في (ت) و (ك) : «سرج» .
(4) في (ك) : «عمك» .
(3/681)
اسْقِ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ الجَدْرَ (1) ، واستَوْفَى (2) رسولُ اللَّهِ (ص) للزُّبَير حَقَّهُ ... وَذَكَرَ الحديثَ.
فسمعتُ أَبِي يَقُولُ: أخطأَ ابنُ وَهْب (3) فِي هَذَا الْحَدِيثِ؛ اللَّيْثُ لا يَقُولُ: عَنِ الزُّبَير.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (4) : إِنَّمَا يَقُولُ اللَّيْثُ (5) : عَنِ الزُّهْري، عن عُرْوَة؛ أنَّ عبد الله بْنَ الزُّبَير حدَّثه: أنَّ رَجُلا من الأنصار خاصَمَ الزُّبَير ...
_________
(1) أي: حتَّى يبلغَ الماءُ الجَدْرَ.
قال الفيومي: الجَدْرُ لغةٌ في الجِدار، وجمعُهُ: جُدْران. وقوله في الحديث: «اسق أرضَكَ حتى يبلغَ الماءُ الجَدْرَ» : قال الأزهري: المرادُ به ما رُفِعَ من أعضادِ الأرضِ يُمْسِكُ الماءَ، تشبيهًا بجِدار الحائط. وقال السُّهَيلي: والجَدْرُ: الحاجزُ يحبسُ الماءَ، وجمعه: ُجدور. "المصباح المنير" (ص 93) .
وقال ابن الأثير: الجَدْرُ: هو هاهنا: المُسَنَّاة، وهو ما رُفِعَ حولَ المزرعة كالجِدار، وقيل: هو لغةٌ في الجِدَار، وقيل: هوأصل الجِدار. ويروى: الجُدُر بالضم؛ جمعُ جِدار. ويُروى بالذال. "النهاية" (1/246) .
(2) في (ت) و (ك) : «واستوعى» . وكذا وقع في رواية = = الطبري في "تفسيره" (9912) : «استوعى» . قال الطبري: «والصَّواب: استوعب» . قال الشيخ محمود شاكر في تعليقه عليه: الظاهر أن قول أبي جعفر: «والصَّواب: استوعب» إنما عنى به صواب الرواية في هذا الخبر بهذا الإسناد، ولا أظن أبا جعفر ينكر «استوعى» أن تكون صحيحة، فإن «استوعى» بمعنى: استوعب الحقَّ واستوفاه؛ عربيٌّ صحيح لا شكَّ فيه. اهـ.
(3) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/35) : «وكأن ابن وَهْب حمل رواية الليث على رواية يونس، وإلا فرواية الليث ليس فيها ذكر الزبير» . اهـ.
وقد روي الحديث - كما سبق - عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ وليس فيه ذكر للزبير ولا لعبد الله بن الزبير ذ.
(4) في (ف) : «قلت» بدل: «قال أبو محمد» .
(5) أخرج رواية الليث على هذا الوجه البخاري في "صحيحه" (2359) من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي، ومسلم في "صحيحه" (2357) ، وابن ماجه في "سننه" (15 و2480) من طريق محمد بن رمح، ومسلم في "صحيحه" (2357) ، والترمذي في "جامعه" (1363 و5416) ، والنسائي في "المجتبى" (5416) من طريق قتيبة بن سعيد، وأحمد في "مسنده" (4/4 رقم 16116) ، وأبو يعلى في "مسنده" (6814) من طريق هاشم بن القاسم، وعبد بن حميد في "المنتخب" (519) ، وأبو داود في "سننه" (3637) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (706) ، والبزار في "مسنده" (3/184) ، وابن حبان في "صحيحه" (24) من طريق أبي الوليد الطيالسي، والطَّحاوي في "شرح المشكل" (633) ، والطبراني (260) ، والحاكم في "المدخل إلى الصحيح" (1/130-131) من طريق عبد الله بن صالح، والطَّحاوي في "شرح المشكل" (634) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي (ص) " (70) من طريق ابن المبارك، والطبراني (260) من طريق شعيب ابن يحيى التجيبي وعبد الله بن عبد الحكم، والحاكم في "المدخل إلى الصحيح" (1/130-131) ، والبيهقي (10/106) من طريق يحيى بن بكير، والحاكم في "المدخل إلى الصحيح" (1/130-131) من طريق أحمد بن يونس، والبيهقي (6/153) من طريق بشر بن عمر الزهراني، جميعهم عن اللَّيْثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزبير ... الحديث.
(3/682)
وَأَبُو بِشْر (1) ،
عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُرْوَة؛ أنَّ الزُّبَير كَانَ يحدِّث: أَنَّهُ خاصَمَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ ... .
_________
(1) هو: شعيب بن أبي حمزة. وروايته أخرجها أحمد في "مسنده" (1/165-166 رقم 1419) ، و"البخاري في "صحيحه" (2708) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (707) ، والشاشي في "مسنده" (47) .
ورواه البخاري في "صحيحه" (2361 و4585) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (705) ، وابن منده في "الإيمان" (254) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/153) ، و (10/106) من طريق معمر بن راشد، والبخاري (2362) ، والبيهقي (6/154) من طريق ابن جريج، ويحيى بن آدم في "الخراج" (337) ، والطبري في "تفسيره" (9913) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق ومحمد بن أبي عتيق وعمر بن سعيد- كما في "العلل" للدارقطني (4/229) - خمستهم عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبير: أن الزبير خاصم رجلاً.
قال الدارقطني في "العلل" (4/229) : «وهو المحفوظ عن الزهري» .
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (5/35) : «وإنما صحَّحه البخاري مع هذا الاختلاف اعتمادًا على صحة سماع عروة من أبيه، وعلى صحة سماع عبد الله بن الزبير من النبي (ص) ، فكيفما دار فهو على ثقة، ثم الحديث ورد في شيء يتعلق بالزبير، فداعية ولده متوفرة على ضبطه» .
(3/683) 
-------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

2121-من 8 - من كتاب الجنائز ابن القيم

ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها 8 - من كتاب الجنائز 1- باب في الغسل من غسل الميت 62- (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ر...